الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[حديث لقيط بن عامر الجهني وفيه فوائد]
وَأَمَّا حَدِيثُ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ، فَقَالَ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ: كَتَبَ إِلَى الْإِبْرَاهِيمِ بْنِ حَمْزَةَ بْنِ مُصْعَبِ بْنِ الزُّبَيْرِ: كَتَبْتُ إِلَيْهِ بِهَذَا الْحَدِيثِ فَحَدَّثَ بِهِ عَنِّي، قَالَ حَدَّثَنِي عَبْدُ الرَّحْمَنِ بْنُ الْمُغِيرَةِ الْحَزْمِيُّ عَنْ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ عَيَّاشٍ عَنْ دَلْهَمِ بْنِ الْأَسْوَدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ حَاطِبِ بْنِ عَاصِمِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ عَنْ جَدِّهِ عَنْ عَمِّهِ لَقِيطِ بْنِ عَامِرٍ الْعُقَيْلِيِّ ح قَالَ دَلْهَمُ وَحَدَّثَنِيهِ أَبِي عَنْ عَاصِمِ بْنِ لَقِيطٍ «أَنَّ لَقِيطًا وَفَدَ إِلَى النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ صَاحِبٌ لَهُ يُقَالُ لَهُ نَهِيكُ بْنُ عَاصِمِ بْنِ مَالِكِ بْنِ الْمُنْتَفِقِ قَالَ لَقِيطٌ فَخَرَجْتُ أَنَا وَصَاحِبِي حَتَّى قَدِمْنَا عَلَى رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم حِينَ انْصَرَفَ مِنْ صَلَاةِ الْغَدَاةِ فَقَامَ فِي النَّاسِ خَطِيبًا فَقَالَ: أَيُّهَا النَّاسُ أَلَا إِنِّي قَدْ خَبَوْتُ لَكُمْ صَوْتِي مُنْذُ أَرْبَعَةِ أَيَّامٍ لِأَسْمَعَكُمْ، أَلَا فَهَلْ مِنَ امْرِئٍ بَعَثَهُ قَوْمُهُ فَقَالُوا لَهُ: اعْلَمْ لَنَا مَا يَقُولُ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم؟ أَلَا ثُمَّ لَعَلَّهُ أَنْ يُلْهِيَهُ حَدِيثُ نَفْسِهِ أَوْ حَدِيثُ صَاحِبِهِ، أَوْ يُلْهِيَهِ الضَّلَالُ، أَلَا إِنِّي مَسْئُولٌ هَلْ بَلَّغْتُ، أَلَا اسْمَعُوا تَعِيشُوا، أَلَا اجْلِسُوا أَلَا اجْلِسُوا، قَالَ فَجَلَسَ النَّاسُ وَقُمْتُ أَنَا وَصَاحِبِي، حَتَّى إِذَا فَرَغَ لَنَا فُؤَادُهُ وَبَصَرُهُ قُلْنَا يَا رَسُولَ اللَّهِ، مَا عِنْدَكَ عِلْمُ الْغَيْبِ؟ فَضَحِكَ لَعَمْرُ اللَّهُ وَهَزَّ رَأْسَهُ وَعَلِمَ أَنِّي أَبْتَغِي سَقْطَةً، فَقَالَ: ضَنَّ رَبُّكَ بِمَفَاتِيحِ خَمْسٍ مِنَ الْغَيْبِ لَا يَعْلَمُهَا إِلَّا اللَّهُ تَعَالَى، وَأَشَارَ بِيَدِهِ قُلْتُ: وَمَا هُنَّ؟ قَالَ: عِلْمُ الْمَنِيَّةِ، قَدْ عَلِمَ مَتَى مَنِيَّةُ أَحَدِكُمْ وَلَا تَعْلَمُونَهُ، وَعَلِمَ مَا فِي الْغَدِ مَا أَنْتَ طَاعِمٌ غَدًا وَلَا تَعْلَمُهُ، وَعَلِمَ يَوْمَ الْغَيْثِ يُشْرِفُ عَلَيْكُمْ آزِلِينَ مُشْفِقِينَ فَيَظَلُّ يَضْحَكُ، قَدْ عَلِمَ أَنَّ غَوْثَكُمْ إِلَى قَرِيبٍ، قَالَ لَقِيطٌ: لَنْ نَعْدِمَ مِنْ رَبٍّ يَضْحَكُ خَيْرًا، وَعَلِمَ يَوْمَ السَّاعَةِ، قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، عَلِّمْنَا مِمَّا تَعَلَّمُ النَّاسُ وَمِمَّا تَعْلَمُ، فَأَنَا فِي قَبِيلٍ لَا يُصَدِّقُ تَصْدِيقَنَا أَحَدٌ مِنْ مَذْحِجٍ الَّتِي تَرْبُو عَلَيْنَا وَخَثْعَمَ الَّتِي تُوَالِينَا وَعَشِيرَتُنَا الَّتِي نَحْنُ مِنْهَا: قَالَ تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ ثُمَّ يُتَوَفَّى نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم ثُمَّ تَلْبَثُونَ مَا لَبِثْتُمْ ثُمَّ تُبْعَثُ الصَّائِحَةُ، لَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا تَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا شَيْئًا إِلَّا مَاتَ، وَالْمَلَائِكَةُ الَّذِينَ مَعَ رَبِّكَ عز وجل، فَأَصْبَحَ رَبُّكَ عز وجل يَطُوفُ فِي الْأَرْضِ، وَخَلَتْ عَلَيْهِ الْبِلَادُ، فَأَرْسَلَ رَبُّكَ السَّمَاءَ بِهَضْبٍ مِنْ عِنْدِ الْعَرْشِ، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ لَا تَدَعُ عَلَى ظَهْرِهَا مَصْرَعَ قَتِيلٍ وَلَا مَدْفِنَ مَيِّتٍ إِلَّا شَقَّتِ الْقَبْرَ عَنْهُ حَتَّى تَخْلُقَهُ مِنْ عِنْدِ رَأْسِهِ فَيَسْتَوِي جَالِسًا، فَيَقُولُ رَبُّكَ مَهْيَمْ لِمَا كَانَ فِيهِ يَقُولُ: يَا رَبِّ أَمْسِ الْيَوْمَ وَلِعَهْدِهِ بِالْحَيَاةِ يَحْسَبُهُ حَدِيثًا بِأَهْلِهِ، فَقُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يَجْمَعُنَا بَعْدَمَا تُمَزِّقُنَا الرِّيَاحُ وَالْبِلَى وَالسِّبَاعُ؟ قَالَ أُنْبِئُكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي آلَاءِ الْأَرْضِ أَشْرَفْتَ عَلَيْهَا وَهِيَ مُدِرَّةٌ بَالِيَةٌ، فَقُلْتَ لَا تَحْيَا أَبَدًا، ثُمَّ أَرْسَلَ رَبُّكَ عَلَيْهَا السَّمَاءَ فَلَمْ تَلْبَثْ عَنْكَ إِلَّا أَيَّامًا حَتَّى أَشْرَفْتَ عَلَيْهَا
وَهِيَ مَشْرَبَةٌ وَاحِدَةٌ وَلِعَمْرُ إِلَهِكَ لَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى أَنْ يَجْمَعَكُمْ مِنَ الْمَاءِ عَلَى أَنْ يَجْمَعَ نَبَاتَ الْأَرْضِ فَتَخْرُجُونَ مِنَ الْأَصْوَاءِ وَمِنْ مَصَارِعِكُمْ فَتَنْظُرُونَ إِلَيْهِ وَيَنْظُرُ إِلَيْكُمْ " قَلَتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: وَنَحْنُ مِلْؤُ الْأَرْضِ وَهُوَ شَخْصٌ وَاحِدٌ يَنْظُرُ إِلَيْنَا وَنَنْظُرُ إِلَيْهِ؟ قَالَ: " أُنْبِئُكَ بِمِثْلِ ذَلِكَ فِي آلَاءِ اللَّهِ، الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ آيَةٌ مِنْهُ صَغِيرَةٌ تَرَوْنَهُمَا وَيَرَيَانِكُمْ فِي سَاعَةٍ وَاحِدَةٍ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ لَهُوَ أَقْدَرُ عَلَى أَنْ يَرَاكُمْ وَتَرَوْنَهُ مِنْهُمَا، عَلَى أَنْ تَرَوْنَهُمَا وَيَرَيَانِكُمْ لَا تُضَارُّونَ فِي رُؤْيَتِهِمَا "، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ فَمَا يَفْعَلُ بِنَا رَبُّنَا إِذَا لَقِينَاهُ؟ قَالَ: " تُعْرَضُونَ عَلَيْهِ بَادِيَةً لَهُ صَفَحَاتُكُمْ لَا تَخْفَى عَلَيْهِ مِنْكُمْ خَافِيَةٌ، فَيَأْخُذُ عز وجل بِيَدِهِ غُرْفَةً مِنَ الْمَاءِ فَيَنْضَحُ بِهَا قِبَلَكُمْ، فَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا يُخْطِئُ وَجْهَ أَحَدِكُمْ مِنْهَا قَطْرَةٌ، فَأَمَّا الْمُسْلِمُ فَتَدَعُ وَجْهَهُ مِثْلَ الرَّبْطَةِ الْبَيْضَاءِ، وَأَمَّا الْكَافِرُ فَتَخْطِمُهُ بِمِثْلِ الْحَمِيمِ الْأَسْوَدِ، أَلَا ثُمَّ يَنْصَرِفُ نَبِيُّكُمْ صلى الله عليه وسلم وَيُفَرَّقُ عَلَى أَثَرِهِ الصَّالِحُونَ فَيَسْلُكُونَ جِسْرًا مِنَ النَّارِ، فَيَطَأُ أَحَدُكُمُ الْجَمْرَ وَيَقُولُ حِسْ، فَيَقُولُ اللَّهُ عز وجل: أَوَانُهُ، فَتَطَّلِعُونَ عَلَى حَوْضِ الرَّسُولِ صلى الله عليه وسلم عَلَى ظَمَأٍ وَاللَّهُ نَاهِلُهُ قَطُّ رَأَيْتُهَا، وَلَعَمْرُ إِلَهِكَ مَا يَبْسُطُ وَاحِدٌ مِنْكُمْ يَدَهُ إِلَّا وَقَعَ عَلَيْهَا قَدَحٌ يُطَهِّرُهُ مِنَ الطَّرَفِ وَالْبَوْلِ وَالْأَذَى، وَتُحْبَسُ الشَّمْسُ وَالْقَمَرُ فَلَا تَرَوْنَ وَاحِدًا مِنْهُمَا "، قَالَ قُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ فَبِمَ نُبْصِرُ؟ قَالَ: " بِمِثْلِ بَصَرِكَ سَاعَتَكَ هَذِهِ، وَذَلِكَ مَعَ طُلُوعِ الشَّمْسِ فِي يَوْمٍ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ ثُمَّ وَاجَهَتْهُ الْجِبَالُ "، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: فِيمَ نُجْزَى مِنْ سَيِّئَاتِنَا؟ قَالَ: " الْحَسَنَةُ بِعَشْرِ أَمْثَالِهَا، وَالسَّيِّئَةُ بِمِثْلِهَا إِلَّا أَنْ يَغْفِرَ "، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، إِمَّا الْجَنَّةُ وَإِمَّا النَّارُ قَالَ: " لَعَمْرُ إِلَهِكَ وَإِنَّ لِلنَّارِ سَبْعَةَ أَبْوَابٍ، مَا مِنْهَا بَابَانِ إِلَّا يَسِيرُ الرَّاكِبُ بَيْنَهُمَا مَسِيرَةَ سَبْعِينَ عَامًا "، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَعَلَى مَا نَطَّلِعُ فِي الْجَنَّةِ؟ قَالَ: " عَلَى أَنْهَارٍ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى وَأَنْهَارٍ مِنْ كَأْسٍ مَا بِهَا مِنْ صُدَاعٍ وَلَا نَدَامَةٍ، وَأَنْهَارٍ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ، وَمَاءٌ غَيْرُ آسِنٍ، وَفَاكِهَةٌ كَثِيرَةٌ، لَعَمْرُ إِلَهِكَ مِمَّا تَعْلَمُونَ وَخَيْرٌ مِنْ مِثْلِهِ مَعَهُ وَأَزْوَاجٌ مُطَهَّرَةٌ "، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ وَلَنَا فِيهَا أَزْوَاجٌ مُصْلِحَاتٌ؟ قَالَ: " الصَّالِحَاتُ لِلصَّالِحِينَ تَلِذُّونَهُنَّ مِثْلَ لَذَّاتِكُمْ فِي الدُّنْيَا وَيَلِذُّونَكُمْ غَيْرَ أَنْ لَا تَوَالُدَ "، قَالَ لَقِيطٌ: قُلْتُ أَقْصَى مَا نَحْنُ بَالِغُونَ وَمُنْتَهُونَ إِلَيْهِ، قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ عَلَامَ نُبَايِعُكَ؟ قَالَ فَبَسَطَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ وَقَالَ: " عَلَى إِقَامِ الصَّلَاةِ وَإِيتَاءِ الزَّكَاةِ وَزِيَالِ الشِّرْكِ وَأَنْ لَا تُشْرِكْ بِاللَّهِ إِلَى غَيْرِهِ، قَالَ قُلْتُ وَإِنَّ لَنَا مَا بَيْنَ الْمَشْرِقِ وَالْمَغْرِبِ، فَقَبَضَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم يَدَهُ وَبَسَطَ أَصَابِعَهُ وَظَنَّ أَنِّي مُشْتَرِطٌ شَيْئًا لَا يُعْطِينِيهِ، قَالَ قُلْتُ: نَحِلُّ مِنْهَا حَيْثُ شِئْنَا وَلَا يَجْنِي عَلَى امْرِئٍ إِلَّا نَفْسُهُ؟ فَبَسَطَ يَدَهُ وَقَالَ: " ذَلِكَ لَكَ تَحِلُّ
حَيْثُ شِئْتَ وَلَا يَجْنِي عَلَيْكَ إِلَّا نَفْسُكَ "، فَانْصَرَفْنَا وَقَالَ: " هَا إِنَّ ذَيْنِ هَا إِنَّ ذَيْنِ، لَعَمْرُ إِلَهِكَ إِنْ حَدَثَتْ، أَلَا إِنَّهُمْ إِنِ اتَّقَى اللَّهَ فِي الْأُولَى وَالْآخِرَةَ "، فَقَالَ لَهُ كَعْبُ بْنُ الْحَدَادِيَةِ أَحَدُ بَنِي بَكْرِ بْنِ كِلَابٍ: مَنْ هُمْ يَا رَسُولَ اللَّهِ، قَالَ: " بَنِي الْمُنْتَفِقِ أَهْلُ ذَلِكَ، قَالَ: فَانْصَرَفْنَا وَأَقْبَلْتُ عَلَيْهِ فَقُلْتُ: يَا رَسُولَ اللَّهِ، هَلْ لِأَحَدٍ مِمَّا مَضَى مِنْ خَيْرٍ فِي جَاهِلِيَّتِهِمْ، قَالَ فَقَالَ رَجُلٌ مِنْ عَرْضِ قُرَيْشٍ: وَاللَّهِ إِنَّ أَبَاكَ الْمُنْتَفِقَ لَفِي النَّارِ، فَلَكَأَنَّهُ وَقَعَ حَرٌّ بَيْنَ جِلْدِي وَوَجْهِي مِمَّا قَالَ لِأَبِي عَلَى رُءُوسِ النَّاسِ، فَهَمَمْتُ أَنْ أَقُولَ: وَأَبُوكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ فَإِذَا الْأُخْرَى أَجْمَلُ، فَقُلْتُ وَأَهْلَكَ يَا رَسُولَ اللَّهِ؟ قَالَ:" وَأَهْلِي لَعَمْرُ اللَّهِ مَا أَتَيْتَ عَلَيْهِ مِنْ قَبْرِ عَامِرِيٍّ أَوْ قُرَشِيٍّ مِنْ مُشْرِكٍ فَقُلْ أَرْسَلَنِي إِلَيْكَ مُحَمَّدٌ يُبَشِّرُكَ بِمَا يَسُوءُكَ تُجَرُّ عَلَى وَجْهِكَ وَبَطْنِكَ فِي النَّارِ "، قَالَ قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ: مَا فَعَلَ بِهِمْ ذَلِكَ وَقَدْ كَانُوا عَلَى عَمَلٍ لَا يُحْسِنُونَ إِلَّا إِيَّاهُ، وَكَانُوا يَحْسَبُونَهُمْ مُصْلِحِينَ، قَالَ:" ذَلِكَ بِأَنَّ اللَّهَ عز وجل بَعَثَ فِي آخِرِ سَبْعِ أُمَمٍ نَبِيًّا، فَمَنْ عَصَى نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الضَّالِينَ، وَمَنْ أَطَاعَ نَبِيَّهُ كَانَ مِنَ الْمُهْتَدِينَ» ".
هَذَا حَدِيثٌ كَبِيرٌ مَشْهُورٌ، جَلَالَةُ النُّبُوَّةِ بَادِيَةٌ عَلَى صَفَحَاتِهِ تُنَادِي عَلَيْهِ بِالصِّدْقِ، صَحَّحَهُ بَعْضُ الْحُفَّاظِ، حَكَاهُ شَيْخُ الْإِسْلَامِ الْأَنْصَارِيُّ، وَلَا يُعْرَفُ إِلَّا مِنْ حَدِيثِ أَبِي الْقَاسِمِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ بْنِ الْمُغِيرَةِ بْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ الْمَدَنِيِّ، ثُمَّ مِنْ رِوَايَةِ إِبْرَاهِيمَ بْنِ حَمْزَةَ الزُّبَيْرِيِّ الْمَدَنِيِّ عَنْهُ، وَهُمَا مِنْ كِبَارِ عُلَمَاءِ الْمَدِينَةِ، ثِقَتَانِ مُحْتَجٌّ بِهِمَا فِي الصَّحِيحِ، احْتَجَّ بِهِمَا الْبُخَارِيُّ فِي مَوَاضِعَ مِنْ صَحِيحِهِ وَرَوَى هَذَا الْحَدِيثَ أَئِمَّةُ الْحَدِيثِ فِي كُتُبِهِمْ، مِنْهُمْ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ الْإِمَامِ أَحْمَدَ، وَأَبُو بَكْرِ بْنُ عَمْرِو بْنِ أَبِي عَاصِمٍ وَأَبُو الْقَاسِمِ سُلَيْمَانُ بْنُ أَحْمَدَ الطَّبَرَانِيُّ، وَأَبُو مُحَمَّدٍ عَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ جَعْفَرٍ أَبُو الشَّيْخِ الْأَصْبَهَانِيُّ الْحَافِظُ، وَأَبُو عَبْدِ اللَّهِ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ بْنِ مَنْدَهْ، وَأَبُو بَكْرٍ أَحْمَدُ بْنُ مُوسَى ابْنُ مَرْدَوَيْهِ، وَأَبُو نُعَيْمٍ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ اللَّهِ الْأَصْبَهَانِيُّ، وَخَلْقٌ سِوَاهُمْ، رَوَوْهُ فِي السُّنَّةِ وَقَابَلُوهُ بِالْقَبُولِ وَتَلَقَّوْهُ بِالتَّصْدِيقِ وَالتَّسْلِيمِ.
قَالَ الْحَافِظُ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ مَنْدَهْ: رَوَى هَذَا الْحَدِيثَ مُحَمَّدُ بْنُ إِسْحَاقَ الصَّنْعَانِيُّ وَعَبْدُ اللَّهِ بْنُ أَحْمَدَ بْنِ حَنْبَلٍ وَغَيْرُهُمَا، وَقَرَؤُهُ بِالْعِرَاقِ بِجَمْعِ الْعُلَمَاءِ وَأَهْلِ الدِّينِ، وَلَمْ يُنْكِرْهُ أَحَدٌ مِنْهُمْ، وَلَمْ يُتَكَلَّمْ فِي إِسْنَادِهِ، وَكَذَلِكَ رَوَاهُ أَبُو زُرْعَةَ وَأَبُو حَاتِمٍ عَلَى سَبِيلِ الْقَبُولِ.
وَقَالَ أَبُو الْخَيْرِ عَبْدُ الرَّحِيمِ مُحَمَّدُ بْنُ الْحَسَنِ بْنِ مُحَمَّدِ بْنِ حَمْدَانَ بَعْدَ أَنْ أَخْرَجَهُ فِي فَوَائِدِ أَبِي الْفَرَجِ الثَّقَفِيِّ: هَذَا حَدِيثٌ كَبِيرٌ ثَابِتٌ حَسَنٌ مَشْهُورٌ، وَقَدْ رَوَى مِنْهُ الْإِمَامُ أَحْمَدُ فِي مُسْنَدِهِ فَصْلَ: الضَّحِكِ، وَرَوَى مِنْهُ فَصْلَ: الرُّؤْيَةِ، وَرَوَى مِنْهُ فَصْلَ: فَأَيْنَ مَنْ مَضَى مِنْ أَهْلِكَ، وَرَوَى مِنْهُ: قُلْتُ يَا رَسُولَ اللَّهِ كَيْفَ يُحْمَلُ الْمَوْتَى، لَكِنْ بِغَيْرِ هَذَا الْإِسْنَادِ، وَابْنُهُ سَاقَهُ بِكَمَالِهِ فِي مُسْنَدِ أَبِيهِ وَفِي السُّنَّةِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ ابْنِ عُمَرَ فَرَوَاهُ خَلَّادُ بْنُ يَحْيَى، حَدَّثَنَا عَبْدُ الْوَهَّابِ عَنْ مُجَاهِدٍ عَنْ عُمَرَ قَالَ: كُنْتُ جَالِسًا عِنْدَ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم فَجَاءَ رَجُلَانِ أَحَدُهُمَا أَنْصَارِيٌّ وَالْآخَرُ ثَقَفِيٌّ، فَذَكَرَ الْحَدِيثَ وَفِيهِ:" «إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ لِلْمَلَائِكَةِ هَؤُلَاءِ عِبَادِي جَاءُونِي شُعْثًا غُبْرًا مِنْ كُلِّ فَجٍّ عَمِيقٍ، اشْهَدُوا أَنِّي قَدْ غَفَرْتُ لَهُمْ ذُنُوبَهُمْ» " وَرَوَاهُ طَلْحَةُ بْنُ مُصَرِّفٍ عَنْ مُجَاهِدٍ بِهِ.
وَأَمَّا حَدِيثُ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عَبَّاسٍ: فَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ عُمَرَ عَنْ زَيْدِ بْنِ أَبِي أُنَيْسَةَ عَنْ طَارِقٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ قَالَ: سَمِعْتُ ابْنَ عَبَّاسٍ يَقُولُ: «إِنَّ اللَّهَ تَعَالَى يَنْزِلُ فِي شَهْرِ رَمَضَانَ إِذَا ذَهَبَ الثُّلُثُ الْأَوَّلُ مِنَ اللَّيْلِ هَبَطَ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا ثُمَّ قَالَ: هَلْ مِنْ سَائِلٍ يُعْطَى، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ يُغْفَرُ لَهُ، هَلْ مِنْ تَائِبٍ يُتَابُ عَلَيْهِ» ، رَوَاهُ عَلِيُّ بْنُ مَعْبَدٍ عَنْ عُبَيْدِ اللَّهِ وَرَوَى عُبَيْدُ اللَّهِ بْنُ مُوسَى، قَالَ ابْنُ أَبِي لَيْلَى عَنِ الْمِنْهَالِ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ «عَنِ ابْنِ عَبَّاسٍ فِي قَوْلِهِ تَعَالَى:{يُثَبِّتُ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا بِالْقَوْلِ الثَّابِتِ فِي الْحَيَاةِ الدُّنْيَا} [إبراهيم: 27] قَالَ: يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فِي شَهْرِ رَمَضَانَ يُدَبِّرُ أَمْرَ السَّنَةِ، فَيَمْحُو مَا يَشَاءُ غَيْرَ الشَّقَاوَةِ وَالسَّعَادَةِ، وَالْمَوْتِ وَالْحَيَاةِ» ، وَإِسْنَادُهُ حَسَنٌ، وَقَالَ أَبُو الزُّبَيْرِ عَنْ طَاوُسٍ:«سُئِلَ ابْنُ عَبَّاسٍ عَنْ لَيْلَةِ الْحَصْبَةِ فَقَالَ: إِنَّ اللَّهَ يَهْبِطُ لَيْلَةَ الْحَصْبَةِ عَلَى حِرَاءَ» ، وَذَكَرَ عُبَيْدُ اللَّهِ ابْنُ مُوسَى، حَدَّثَنَا إِسْرَائِيلُ عَنِ السُّدِّيِّ عَنْ يَحْيَى بْنِ سَعِيدٍ عَنْ سَعِيدِ بْنِ جُبَيْرٍ «عَنِ ابْنِ
عَبَّاسٍ قَالَ: " كَانَ النِّدَاءُ مِنَ السَّمَاءِ، وَكَانَ الرَّبُّ تَعَالَى فِي السَّمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ كَلَّمَ مُوسَى» " ذَكَرَهُ الْخَلَّالُ فِي السُّنَّةِ.
وَفِي كِتَابِ السُّنَّةِ لِلْخَلَّالِ عَنِ الْوَلِيدِ بْنِ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ أَبِي رَبَاحٍ عَنْ زِيَادٍ الْبَهْزِيِّ: بَيْنَمَا هُوَ يُحَدِّثُ إِنَّ اللَّهَ يَنْزِلُ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَقَالَ عَطَاءٌ، مَنْ هَذَا الْمُحَدِّثُ؟ قُلْتُ هُوَ زِيَادٌ الْبَهْزِيُّ، قَالَ سُبْحَانَ اللَّهِ، لَقَدْ طَوَّلَ هَذَا عَلَى النَّاسِ لَيْلَةً وَاحِدَةً فِي السَّنَةِ، أَحْسَبُهُ قَالَ «حَدَّثَنَا ابْنُ عَبَّاسٍ قَالَ: يَنْزِلُ اللَّهُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا ثُلُثَ اللَّيْلِ الْأَوْسَطِ، فَيَقُولُ مَنْ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ وَمَنْ يَسْأَلُنِي فَأُعْطِيهِ، وَيَتْرُكُ أَهْلَ الْحِقْدِ لِحِقْدِهِمْ» .
وَأَمَّا حَدِيثُ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ فَرَوَاهُ مُوسَى بْنُ عُقْبَةَ عَنْ إِسْحَاقَ بْنِ يَحْيَى عَنْ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم «وَيَنْزِلُ اللَّهُ كُلَّ لَيْلَةٍ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا حِينَ يَبْقَى ثُلُثُ اللَّيْلِ الْآخَرِ فَيَقُولُ: " أَلَا عَبْدٌ يَدْعُونِي فَأَسْتَجِيبُ لَهُ، أَلَا ظَالِمٌ لِنَفْسِهِ يَدْعُونِي فَأَقْبَلُهُ، فَيَكُونُ كَذَلِكَ إِلَى مَطْلَعِ الصُّبْحِ وَيَعْلُو عَلَى كُرْسِيِّهِ» "، وَإِسْحَاقُ هَذَا هُوَ إِسْحَاقُ بْنُ يَحْيَى بْنِ الْوَلِيدِ بْنِ عُبَادَةَ.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَسْمَاءَ بِنْتِ يَزِيدَ فَرَوَاهُ أَبُو أَحْمَدَ الْعَسَّالُ فِي كِتَابِ السُّنَّةِ مِنْ حَدِيثِ أَبَانَ بْنِ أَبِي عَيَّاشٍ عَنْ شَهْرِ بْنِ حَوْشَبٍ عَنْهَا قَالَتْ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «يَهْبِطُ الرَّبُّ تَعَالَى مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى الْمَقَامِ الَّذِي هُوَ قَائِمَةٌ، ثُمَّ يَخْرُجُ عُنُقٌ مِنَ النَّارِ، فَيُظِلُّ الْخَلَائِقَ كُلَّهُمْ، فَيَقُولُ أَمَرْتُ، كُلَّ جَبَّارٍ عَنِيدٍ، وَمَنْ زَعَمَ أَنَّهُ عَزِيزٌ كَرِيمٌ، وَمَنْ دَعَا مَعَ اللَّهِ إِلَهًا آخَرَ» ".
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي الْخَطَّابِ فَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ سَعْدٍ فِي الطَّبَقَاتِ: حَدَّثَنَا أَبُو نُعَيْمٍ حَدَّثَنَا
إِسْرَائِيلُ حَدَّثَنِي ثُوَيْرٌ قَالَ: سَمِعْتُ رَجُلًا مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم يُقَالُ لَهُ أَبُو الْخَطَّابِ وَسُئِلَ عَنِ الْوِتْرِ فَقَالَ: «أَحَبُّ الْوِتْرِ نِصْفُ اللَّيْلِ، فَإِنَّ اللَّهَ يَهْبِطُ مِنَ السَّمَاءِ السَّابِعَةِ إِلَى السَّمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ مُذْنِبٍ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ، هَلْ مِنْ دَاعٍ، حَتَّى إِذَا طَلَعَ الْفَجْرُ ارْتَفَعَ» .
وَأَمَّا حَدِيثُ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ السُّلَمِيِّ فَرَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ مَنْدَهْ مِنْ حَدِيثِ عُثْمَانَ التَّيْمِيِّ عَنْ عَبْدِ الْحَمِيدِ بْنِ سَلَمَةَ عَنْ أَبِيهِ عَنْ عُمَرَ بْنِ عَامِرٍ السُّلَمِيِّ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم " «إِذَا ذَهَبَ ثُلُثُ اللَّيْلِ، أَوْ قَالَ نِصْفُ اللَّيْلِ، يَنْزِلُ اللَّهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَقُولُ: هَلْ مِنْ عَانٍ فَأَفُكُّهُ، هَلْ مِنْ سَائِلٍ فَأُعْطِيهِ، هَلْ مِنْ دَاعٍ فَأَسْتَجِيبُ لَهُ، هَلْ مِنْ مُسْتَغْفِرٍ فَأَغْفِرُ لَهُ، حَتَّى يُصَلَّى الصُّبْحُ» ".
وَأَمَّا حَدِيثُ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ فَرَوَاهُ حُمَيْدُ بْنُ زَنْجَوَيْهِ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ نُسَيٍّ عَنْ كَثِيرِ بْنِ مُرَّةَ عَنْ عَوْفِ بْنِ مَالِكٍ عَنْ رَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «إِنَّ اللَّهَ يَطَّلِعُ إِلَى خَلْقِهِ لَيْلَةَ النِّصْفِ فَيَغْفِرُ لِلْمُؤْمِنِينَ» . . . " الْحَدِيثَ، وَضَمَّنَ يَطَّلِعُ مَعْنَى يَدْنُو وَيَنْزِلُ فَعَدَّاهُ بِإِلَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي أُمَامَةَ: جَعْفَرُ بْنُ الزُّبَيْرِ عَنِ الْقَاسِمِ عَنْ أَبِي أُمَامَةَ قَالَ: قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم: " «إِذَا كَانَ لَيْلَةَ النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ هَبَطَ اللَّهُ إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فَيَغْفِرُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا لِكَافِرٍ وَمُشَاحِنٍ» " رَوَاهُ مُحَمَّدُ بْنُ الْفَضْلِ الْبُخَارِيُّ عَنْ مَكِّيِّ بْنِ إِبْرَاهِيمَ عَنْ جَعْفَرٍ، وَقَالَ الْفِرْيَابِيُّ حَدَّثَنَا ابْنُ عَمَّارٍ، ثَنَا صَدَقَةُ بْنُ خَالِدٍ، ثَنَا عُثْمَانُ بْنُ أَبِي عَاتِكَةَ، حَدَّثَنَا «سُلَيْمَانُ بْنُ حَبِيبٍ الْمَجَازِيُّ قَالَ: دَخَلْنَا عَلَى أَبِي أُمَامَةَ بِحِمْصٍ فَقَالَ: إِنَّ هَذَا الْمَجْلِسَ مِنْ بَلَاغِ اللَّهِ إِيَّاكُمْ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَدْ بَلَّغَ مَا أُرْسِلَ بِهِ، وَأَنْتُمْ فَبَلِّغُوا عَنَّا، إِيَّاكُمْ وَالظُّلْمَ، فَإِنَّ اللَّهَ يَجْلِسُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ عَلَى الْقَنْطَرَةِ الْوُسْطَى بَيْنَ الْجَنَّةِ وَالنَّارِ، ثُمَّ يَعْزِلُ فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي، لَا يُجَاوِرُنِي الْيَوْمَ ظُلْمُ ظَالِمٍ» .
وَأَمَّا حَدِيثُ ثَوْبَانَ فَقَالَ الطَّبَرَانِيُّ فِي مُعْجَمِهِ: حَدَّثَنَا أَحْمَدُ بْنُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى بْنِ حَمْزَةَ حَدَّثَنَا إِسْحَاقُ بْنُ إِبْرَاهِيمَ أَبُو النَّصْرِ حَدَّثَنَا يَزِيدُ بْنُ رَبِيعَةَ حَدَّثَنَا أَبُو الْأَشْعَثِ عَنْ ثَوْبَانَ عَنِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: " «يُقْبِلُ الْجَبَّارُ تبارك وتعالى يَوْمَ الْقِيَامَةِ فَيَثْنِي رِجْلَهُ عَلَى الْجِسْرِ فَيَقُولُ: وَعِزَّتِي وَجَلَالِي لَا يُجَاوِرُنِي الْيَوْمَ ظُلْمُ ظَالِمٍ، فَيُنْصِفُ الْخَلْقَ بَعْضَهُمْ مِنْ بَعْضٍ، حَتَّى إِنَّهُ لَيُنْصِفُ الشَّاةَ الْجَمَّاءَ مِنَ الْقَرْنَاءِ تَنْطَحُهَا نَطْحَةً» " وَقَدْ جَاءَ الْمَعْنَى تَفْسِيرًا لِقَوْلِهِ تَعَالَى: {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] فَرَوَى الْبَيْهَقِيُّ مِنْ حَدِيثِ الْأَعْمَشِ عَنْ سَالِمِ بْنِ أَبِي الْجَعْدِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ مَسْعُودٍ {إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] وَقَالَ: مِنْ وَرَاءِ الصِّرَاطِ ثَلَاثَةُ جُسُورٍ: جِسْرٌ عَلَيْهِ الْأَمَانَةُ، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّحِمُ، وَجِسْرٌ عَلَيْهِ الرَّبُّ تبارك وتعالى.
وَذَكَرَ ابْنُ جَرِيرٍ فِي تَفْسِيرِهِ عَنْ جُوَيْبِرٍ عَنِ الضَّحَّاكِ فِي هَذِهِ الْآيَةِ، قَالَ:«إِذَا كَانَ يَوْمُ الْقِيَامَةِ يَأْمُرُ اللَّهُ بِكُرْسِيِّهِ فَيُوضَعُ عَلَى النَّارِ فَيَسْتَوِي عَلَيْهِ ثُمَّ يَقُولُ: وَعِزَّتِي لَا يُجَاوِرُنِي الْيَوْمَ ذُو مَظْلَمَةٍ» ، وَذَكَرَ عُمَرُ بْنُ قَيْسٍ قَالَ: بَلَغَنِي أَنَّ عَلَى جَهَنَّمَ ثَلَاثَ قَنَاطِرَ: قَنْطَرَةٌ عَلَيْهَا الرَّحِمُ إِذَا مَرُّوا بِهَا تَقُولُ: يَا رَبِّ هَذَا وَاصِلٌ يَا رَبِّ هَذَا قَاطِعٌ، وَقَنْطَرَةٌ عَلَيْهَا الرَّبُّ تَعَالَى:{إِنَّ رَبَّكَ لَبِالْمِرْصَادِ} [الفجر: 14] وَذَكَرَ عَنْ سُفْيَانَ فِي هَذِهِ الْآيَةِ: عَلَى جَهَنَّمَ ثَلَاثُ قَنَاطِرَ: قَنْطَرَةٌ فِيهَا الْأَمَانَةُ، وَقَنْطَرَةٌ فِيهَا الرَّبُّ تَعَالَى.
وَأَمَّا حَدِيثُ أَبِي مُوسَى الْأَشْعَرِيِّ فَرَوَاهُ ابْنُ لَهِيعَةَ عَنِ الزُّبَيْرِ بْنِ سُلَيْمٍ عَنِ الضَّحَّاكِ ابْنِ عَبْدِ الرَّحْمَنِ يَعْنِي ابْنَ عَزَبٍ عَنْ أَبِيهِ قَالَ: سَمِعْتُ أَبَا مُوسَى يَقُولُ: سَمِعْتُ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم يَقُولُ: " «يَنْزِلُ رَبُّنَا إِلَى سَمَاءِ الدُّنْيَا فِي النِّصْفِ مِنْ شَعْبَانَ فَيَغْفِرُ لِأَهْلِ الْأَرْضِ إِلَّا مُشْرِكًا أَوْ مُشَاحِنًا» ".