الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المفردات اللغوية:
{وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النّارِ} واذكر يا محمد وقت تخاصم الكفار في النار، والمحاجّة: المجادلة والتخاصم بين اثنين فأكثر. {إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً} أتباعا جمع تابع، كخدم جمع خادم. {مُغْنُونَ} دافعون أو حاملون. {نَصِيباً} جزءا وقسطا، أي فهل أنتم حاملون عنّا جزءا من العذاب أو دافعون جزءا؟ {إِنّا كُلٌّ فِيها} نحن وأنتم، فكيف نغني عنكم؟ ولو قدرنا لأغنينا عن أنفسنا. {إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ} فأدخل المؤمنين الجنة، والكافرين النار. و {حَكَمَ} قضى، ولا معقّب لحكمه. {لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ} هم القوّام بتعذيب أهل النار، جمع خازن. {يَوْماً مِنَ الْعَذابِ} قدر يوم {مِنَ الْعَذابِ} شيئا من العذاب. {قالُوا} أي الخزنة تهكّما. {بِالْبَيِّناتِ} بالمعجزات الظاهرات. {قالُوا: بَلى} أقروا بإرسال الرسل، لكنهم كفروا بهم. {قالُوا: فَادْعُوا} قال الخزنة لأهل النار: فادعوا أنتم، فإنه لم يؤذن لنا في الدعاء لأمثالكم، وإننا لا نشفع للكافرين، وفيه إقناط من الإجابة، فقال تعالى حاكيا ما أخبروهم به:{وَما دُعاءُ الْكافِرِينَ إِلاّ فِي ضَلالٍ} خسار وضياع وانعدام.
المناسبة:
هذا ابتداء قصة لا تختص بآل فرعون، فبعد أن أوضح الله تعالى أحوال النار في عظة مؤمن آل فرعون، ذكر تعالى عقيبها قصة المناظرة والجدل التي تجري بين الرؤساء والأتباع من أهل النار.
التفسير والبيان:
{وَإِذْ يَتَحاجُّونَ فِي النّارِ، فَيَقُولُ الضُّعَفاءُ لِلَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا: إِنّا كُنّا لَكُمْ تَبَعاً، فَهَلْ أَنْتُمْ مُغْنُونَ عَنّا نَصِيباً مِنَ النّارِ} أي واذكر أيها الرسول لقومك للعظة والعبرة وقت تخاصم الكفار أهل النار وهم فيها، ومنهم فرعون وقومه، فيقول الضعفاء الأتباع للرؤساء والسادة والقادة الذين استكبروا عن اتّباع
الأنبياء، ومكروا لصدّ الناس عن الإيمان: إنا كنّا تابعين لكم، وقد أطعناكم فيما دعوتمونا إليه في الدنيا من الكفر والضلال، ودخلنا النار بسبب اتّباعكم، فهل تدفعون عنّا قسطا أو جزءا من العذاب، أو تتحملونه عنّا؟ فأجابهم الرؤساء بما حكاه تعالى:
{قالَ الَّذِينَ اسْتَكْبَرُوا: إِنّا كُلٌّ فِيها، إِنَّ اللهَ قَدْ حَكَمَ بَيْنَ الْعِبادِ} أي قال المستكبرون للمستضعفين: إنا نحن وأنتم جميعا في جهنم، فكيف نغني عنكم؟ فلو قدرنا على دفع شيء من العذاب لدفعناه عن أنفسنا، إن الله قضى قضاءه العادل المبرم بين العباد، بأن فريقا في الجنة، وفريقا في السعير، وقسم بيننا العذاب بقدر ما يستحقه كلّ منّا، كما قال تعالى:{قالَ: لِكُلٍّ ضِعْفٌ وَلكِنْ لا تَعْلَمُونَ} [الأعراف 38/ 7].
ولما يئسوا من السادة اتّجهوا إلى خزنة جهنم يطلبون منهم الدعاء، فقال تعالى:
{وَقالَ الَّذِينَ فِي النّارِ لِخَزَنَةِ جَهَنَّمَ: اُدْعُوا رَبَّكُمْ يُخَفِّفْ عَنّا يَوْماً مِنَ الْعَذابِ} أي وقال أهل النار من الأمم الكافرة لسدنة جهنم وقوّامها (وهم الملائكة القائمون عليها لتعذيب أهل النار): ادعوا الله ربّكم لعله أن يخفف عنا مقدار يوم من العذاب، بأن تشفعوا لنا عند الله تعالى لتخفيف يسير، وذلك لما علموا أن الله عز وجل لا يستجيب منهم، ولا يستمع لدعائهم.
فردّت الخزنة عليهم موبّخين ملزمين لهم الحجة، كما قال تعالى:
{قالُوا: أَوَلَمْ تَكُ تَأْتِيكُمْ رُسُلُكُمْ بِالْبَيِّناتِ} ؟ قالت الخزنة لأهل النار:
أو ما جاءتكم الرسل في الدنيا بالحجج والأدلة الواضحة على توحيد الله، والتحذير من سوء العاقبة؟! {أَلَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَيُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا} [الزمر 71/ 39].