الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
10 -
{هُوَ الْحَيُّ لا إِلهَ إِلاّ هُوَ، فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ} أي إن هذا الرب المدبر المتصرف في الكون هو الحي حياة ذاتية، الباقي الذي لا يفنى، الأول والآخر والظاهر والباطن، المنفرد بالألوهية، فلا تصلح الألوهية لسواه، فاعبدوه مخلصين له الطاعة والعبادة، موحدين له، مقرين بأنه لا إله إلا هو.
وهو سبحانه المستحق الحمد والثناء والشكر على نعمه، فقال آمرا ومعلما عباده:
{الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} أي إنه صاحب الحمد، المستحق الشكر والثناء، رب العالمين من الملائكة والإنس والجن. والجملة خبر فيها إضمار أمر، أي ادعوه واحمدوه.
روى ابن جرير عن ابن عباس قال: «من قال: لا إله إلا الله، فليقل على أثرها: الحمد لله رب العالمين» ثم قرأ هذه الآية: {فَادْعُوهُ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ، الْحَمْدُ لِلّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ} .
وروى أحمد ومسلم وأبو داود والنسائي عن عبد الله بن الزبير قال: كان رسول الله ص يقول في دبر كل صلاة: «لا إله إلا الله وحده لا شريك له، له الملك وله الحمد، وهو على كل شيء قدير، لا حول ولا قوة إلا بالله، لا إله إلا الله، ولا نعبد إلا إياه، له النعمة وله الفضل، وله الثناء الحسن، لا إله إلا الله مخلصين له الدين، ولو كره الكافرون» .
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
إثبات البعث والاحتجاج على منكريه، فإن خلق السموات والأرض أكبر وأعظم من إعادة خلق الناس، والقادر على الأكبر قادر على الأصغر، ولكن أكثر الناس لا يعلمون ذلك.
2 -
لا تساوي إطلاقا بين المؤمن والكافر والضال والمهتدي، والذي يعمل الصالحات والذي يعمل السيئات، كما لا تساوي بين البصير والأعمى، ولكن لا تذكر ولا اتعاظ ولا اعتبار.
3 -
إن الساعة آتية لا ريب فيها، فكما أن القيامة ممكنة الوجود، فهي واقعة فعلا وحادثة حتما، ولكن أكثر الناس لا يصدقون بذلك، وعندها يبين الفرق ما بين الطائع والعاصي.
4 -
لا ينتفع أحد في يوم القيامة الذي هو حق وصدق إلا بطاعة الله تعالى، وأشرف أنواع الطاعات: الدعاء والتضرع، جاء في الحديث المتقدم:«الدعاء هو العبادة» فما على الناس إلا توحيد الله وعبادته، والله-تفضلا وكرما-يتقبل العبادة ويغفر للعابدين. جاء في الحديث عن أنس بن مالك فيما رواه الترمذي وابن حبان:«ليسأل أحدكم ربه حاجته كلها، حتى يسأله شسع نعله إذا انقطع» . والشسع: زمام النعل.
5 -
من إحسان الله العظيم أنه ذكر الوعيد الشديد على ترك الدعاء، في قوله تعالى:{إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ} .
6 -
الله خلق الليل للسكن والراحة، وخلق النهار مضيئا لإبصار الحوائج فيه والتصرف في طلب المعايش، والله ذو الفضل العظيم على عباده، ولكن أكثر الناس لا يشكرون فضله وإنعامه.
7 -
الأدلة على وحدانية الله وقدرته بيّنة واضحة، فهو الله المربي والمدبر، وخالق كل شيء، والواحد الأحد، فمن العجب كيف ينصرف الناس عن الإيمان بعد توافر أدلته؟ وكما يصرف هؤلاء عن الحق مع قيام الدليل عليه يصرف عن الحق الجاحدون بآيات الله تعالى.