الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
التفسير والبيان:
يخبر الله تعالى عن هول يوم القيامة وما فيه من الآيات العظيمة الباهرة الدالة على كمال القدرة وتمام العظمة الإلهية، فيقول:
{وَنُفِخَ فِي الصُّورِ، فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَمَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاّ مَنْ شاءَ اللهُ، ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى، فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ} أي هذه هي النفخة الأولى للموت، حيث ينفخ إسرافيل في الصور الذي هو بوق أو قرن، فيموت من الفزع وشدة الصوت أهل السموات والأرض، والصعق: الموت في الحال.
إلا من شاء الله ألا يموت حينئذ كجبرائيل وميكائيل وإسرافيل نفسه الذين يموتون بعد ذلك. قال قتادة: لا ندري من هم؟.
ثم ينفخ فيه نفخة أخرى للبعث من القبور، فيقوم الخلق كلهم أحياء على أرجلهم ينظرون أهوال القيامة وما يقال لهم أو ينتظرون ما يفعل بهم، بعد أن كانوا عظاما ورفاتا، كما قال تعالى:{فَإِنَّما هِيَ زَجْرَةٌ واحِدَةٌ، فَإِذا هُمْ بِالسّاهِرَةِ} [النازعات 13/ 79 - 14] وقال سبحانه: {يَوْمَ يَدْعُوكُمْ، فَتَسْتَجِيبُونَ بِحَمْدِهِ، وَتَظُنُّونَ إِنْ لَبِثْتُمْ إِلاّ قَلِيلاً} [الإسراء 52/ 17] وقال جل وعلا: {وَمِنْ آياتِهِ أَنْ تَقُومَ السَّماءُ وَالْأَرْضُ بِأَمْرِهِ، ثُمَّ إِذا دَعاكُمْ دَعْوَةً مِنَ الْأَرْضِ، إِذا أَنْتُمْ تَخْرُجُونَ} [الروم 25/ 30].
ثم ذكر الله تعالى بعض أحوال يوم القيامة:
1 -
{وَأَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها} أي أضاءت أرض المحشر وأنارت بتجلي الحق جل وعلا للخلائق لفصل القضاء، وبما أقامه الله من العدل بين أهلها، وما قضى به من الحق بين عباده.
2 -
{وَوُضِعَ الْكِتابُ} أي وضعت كتب وصحائف أعمال بني آدم بين
يدي أصحابها، إما باليمين وإما بالشمال، كما قال تعالى:{وَكُلَّ إِنسانٍ أَلْزَمْناهُ طائِرَهُ فِي عُنُقِهِ، وَنُخْرِجُ لَهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ كِتاباً يَلْقاهُ مَنْشُوراً} [الإسراء 13/ 17] وقال سبحانه: {مالِ هذَا الْكِتابِ لا يُغادِرُ صَغِيرَةً وَلا كَبِيرَةً إِلاّ أَحْصاها} [الكهف 49/ 18].
3 -
4: {وَجِيءَ بِالنَّبِيِّينَ وَالشُّهَداءِ} أي وجيء بالأنبياء إلى الموقف، ليسألوا عما أجابتهم به أممهم، كما قال تعالى:{فَكَيْفَ إِذا جِئْنا مِنْ كُلِّ أُمَّةٍ بِشَهِيدٍ، وَجِئْنا بِكَ عَلى هؤُلاءِ شَهِيداً} [النساء 41/ 4] وجيء أيضا بالشهود الذين يشهدون على الأمم من الملائكة الحفظة التي تقيد أعمال العباد كما قال تعالى:
{وَجاءَتْ كُلُّ نَفْسٍ مَعَها سائِقٌ وَشَهِيدٌ} [ق 21/ 50] والسائق: يسوق للحساب، والشهيد يشهد عليها، وكذا من أمة محمد ص الذين يشهدون على الأمم بما بلغتهم به رسلهم، كما قال تعالى:{وَكَذلِكَ جَعَلْناكُمْ أُمَّةً وَسَطاً لِتَكُونُوا شُهَداءَ عَلَى النّاسِ} [البقرة 143/ 2].
وكذلك يجاء بالشهداء المؤمنين الذين استشهدوا في سبيل الله، فيشهدون يوم القيامة بالبلاغ على من بلّغوه، فكذّب بالحق.
وبعد فصل الخصومات، بيّن تعالى أنه يوصل إلى كل شخص حقه، فقال معبرا عن هذا المعنى بأربع عبارات:
1 -
{وَقُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ} أي وقضي بين العباد بالعدل والصدق.
2 -
{وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} أي لا ينقصون من ثوابهم، ولا يزاد في عقابهم، ويكون جزاؤهم على قدر أعمالهم، كما قال تعالى:{وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ، فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، أَتَيْنا بِها، وَكَفى بِنا حاسِبِينَ} [الأنبياء 47/ 21] وقال سبحانه: {إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ، وَإِنْ تَكُ حَسَنَةً يُضاعِفْها، وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} [النساء 40/ 4]