الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ومن تقيه السيئات يوم القيامة، فقد رحمته من عذابك، وأدخلته جنتك، وهذا هو الفوز الساحق الأكبر الذي لا فوز أفضل منه.
وفائدة استغفار الملائكة للمؤمنين التائبين الصالحين الموعودين المغفرة وعدا لا خلف فيه: زيادة الكرامة والثواب.
فقه الحياة أو الأحكام:
يفهم من الآيات ما يأتي:
1 -
أخبر الله تعالى عن الملائكة حملة العرش بثلاثة أشياء: التسبيح المقرون بالتحميد، والإيمان الكامل بالله تعالى وحده لا شريك له، والاستغفار للمؤمنين شفقة عليهم. ويلاحظ أنه قدم التسبيح والتحميد على الاستغفار، لأن التعظيم لأمر الله مقدم على الشفقة على خلق الله.
والتسبيح: تنزيه الله تعالى عما لا يليق، والتحميد: الاعتراف بأنه هو المنعم على الإطلاق، والأول إشارة إلى الجلال، والثاني إشارة إلى الإكرام، كما قال تعالى:{تَبارَكَ اسْمُ رَبِّكَ ذِي الْجَلالِ وَالْإِكْرامِ} [الرحمن 78/ 55].
والعرش أعظم المخلوقات، نؤمن به، وندع أمر وصفه لله عز وجل. لكن يجب تنزيه الله عن التحديد والتجسيم والتكييف والحصر في مكان معين.
2 -
احتج كثير من العلماء بهذه الآية: {الَّذِينَ يَحْمِلُونَ الْعَرْشَ.} . في إثبات أن الملك أفضل من البشر، لأن الملائكة لما فرغوا من الثناء على الله والتقديس، اشتغلوا بالاستغفار لغيرهم، وهم المؤمنون. وهذا يدل على أنهم مستغنون عن الاستغفار لأنفسهم، وإلا لبدؤوا بأنفسهم قبل غيرهم، بدليل
قوله ص: فيما رواه النسائي عن جابر «ابدأ بنفسك» وقوله تعالى لنبيه: {فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللهُ، وَاسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَلِلْمُؤْمِنِينَ وَالْمُؤْمِناتِ} [محمد 19/ 47] فأمر محمدا ص أن يستغفر لنفسه، ثم لغيره.
3 -
تدل هذه الآية أيضا على حصول الشفاعة من الملائكة للمذنبين، لأن الاستغفار طلب المغفرة، والمغفرة لا تذكر إلا في إسقاط العقاب، أما طلب النفع الزائد وهو زيادة الثواب للمؤمنين، فإنه لا يسمى استغفارا.
4 -
قال أهل التحقيق: إن هذه الشفاعة الصادرة عن الملائكة في حق البشر تجري مجرى اعتذار عن زلة سبقت.
5 -
إن الدعاء في أكثر الأحوال يبدأ بلفظ «ربنا» كما فعل الملائكة في دعائهم: {رَبَّنا وَسِعْتَ.} . {رَبَّنا وَأَدْخِلْهُمْ.} . ومن أرضى الدعاء: أن ينادي العبد ربه بقوله: «يا رب» .
6 -
السنة في الدعاء: أن يبدأ فيه بالثناء على الله تعالى، ثم يذكر الدعاء عقيبه، بدليل هذه الآية، فإن الملائكة لما عزموا على الدعاء والاستغفار للمؤمنين، بدؤوا بالثناء، فقالوا:{رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} وكذلك بدأ إبراهيم الخليل بالثناء أولا على الله الهادي، الرزاق، الشافي، المحيي، الغفار، ثم قال:{رَبِّ هَبْ لِي حُكْماً وَأَلْحِقْنِي بِالصّالِحِينَ} [الشعراء 78/ 26 - 83]. والعقل والأدب يدلان أيضا على هذا الترتيب.
7 -
وصف الملائكة الله تعالى في ثنائهم بقولهم: {رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} بثلاث صفات: الربوبية والرحمة والعلم، والربوبية إشارة إلى الإيجاد والإبداع، والرحمة إشارة إلى أن جانب الخير والرحمة والإحسان راجح على جانب الضر، وأنه تعالى خلق الخلق للرحمة والخير، لا للإضرار والشر.
8 -
قوله سبحانه: {رَبَّنا وَسِعْتَ كُلَّ شَيْءٍ رَحْمَةً وَعِلْماً} دليل على كونه سبحانه عالما بجميع المعلومات التي لا نهاية لها من الكليات والجزئيات.
9 -
اشتمل دعاء الملائكة على الخير كله وعلى أشياء كثيرة للمؤمنين وهي: