الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
جميع ما يأمر به وينهى عنه، مشكور من جميع خلقه على كثرة نعمه وأفضاله، وأجلها بحق: تنزيل هذا الكتاب، فهو النعمة العظمى والرحمة الكبرى، الذي بيّن للناس طريق الهداية، وعرفهم محذرا سبيل الغواية والضلالة.
ثم سلّى الله تعالى رسوله ص على ما يناله من أذى المشركين وطعنهم في كتابه وتكذيبهم لرسالته، وأمره بالصبر والثبات على دعوته، فقال:
{ما يُقالُ لَكَ إِلاّ ما قَدْ قِيلَ لِلرُّسُلِ مِنْ قَبْلِكَ، إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ} أي ما يقال لك من هؤلاء الكفار المشركين من وصفك بالسحر والكذب والجنون إلا مثل ما قيل للرسل من قبلك، فإن قومهم كانوا يقولون لهم مثلما يقول لك هؤلاء، فكما كذبت كذّبوا، وكما صبروا على أذى قومهم لهم، فاصبر أنت على أذى قومك لك، وإن ربك لغفار لمن تاب إليه، ومعاقب بعقاب مؤلم لمن استمر على كفره، وأصر على طغيانه وعناده، ومات كافرا ولم يتب.
ونظير الآية كثير مثل: {كَذلِكَ ما أَتَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ مِنْ رَسُولٍ إِلاّ قالُوا: ساحِرٌ أَوْ مَجْنُونٌ} [الذاريات 39/ 51].
وأخرج ابن أبي حاتم عن سعيد بن المسيّب قال: لما نزلت هذه الآية:
{إِنَّ رَبَّكَ لَذُو مَغْفِرَةٍ}
قال رسول الله ص: «لولا عفو الله وتجاوزه ما هنا أحدا العيش، ولولا وعيده وعقابه لا تكل كل أحد» .
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
أورد تعالى تهديدات أربعة متعاقبة في هذه الآيات، فقال: {إِنَّ
الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا.}. {أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ.} . {اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمّا جاءَهُمْ
…
}.
2 -
هدد الله تعالى أولا الملحد في آيات القرآن، وهو المنحرف عن الحق إلى الباطل فقال: ليس القرآن من عند الله، أو هو شعر أو سحر، وحاول الصد عن سماعه بالتصفيق والتصفير واللغو والغناء، وبدّل الكلام ووضعه في غير موضعه.
موضعه.
3 -
الغرض من قوله: {أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ.} . التنبيه على أن الذين يلحدون في آيات الله، يلقون في النار، والذين يؤمنون بآيات الله يأتون آمنين يوم القيامة. وهذا هو التهديد الثاني.
4 -
والتهديد الثالث: {اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ} أي بعد ما علمتم أن الملحد الكافر والمؤمن لا يستويان، فلا بد لكم من الجزاء، فمن اختار لنفسه طريق الكفر عوقب بالنار، ومن اختار منهج الإيمان جوزي بالجنة.
5 -
والتهديد الرابع: {إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمّا جاءَهُمْ.} . أي إن الذين جحدوا بالقرآن وكونه منزلا من عند الله تعالى يجازون بكفرهم، لأن القرآن اشتمل على جميع ما يحتاج إليه الناس من العقائد الصحيحة، والشرائع المحكمة، والأحكام الصالحة لكل زمان ومكان.
6 -
ذكر الله تعالى هنا للقرآن الكريم أوصافا ثلاثة هي:
أولا-إنه كتاب عزيز منيع الجانب، لا نظير له، ولا يطعن فيه، ولا يعارضه أحد، كريم على الله تعالى، محفوظ من الله سبحانه.
ثانيا-لا يكذبه شيء مما أنزل الله من قبل من الكتب المتقدمة كالتوراة والإنجيل والزبور، ولا يجيء كتاب من بعده يكذبه، ولا يستطيع أحد أن يزيد