الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قَبْلِكَ} أي إلا مثل ما قال لهم كفار قومهم {لَذُو مَغْفِرَةٍ} للمؤمنين {وَذُو عِقابٍ أَلِيمٍ} مؤلم للكافرين أعداء الله والمؤمنين.
سبب النزول:
نزول الآية (40):
{أَفَمَنْ يُلْقى.} .: أخرج ابن المنذر عن بشير بن فتح قال: نزلت هذه الآية في أبي جهل وعمار بن ياسر: {أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ} ؟
المناسبة:
بعد الأمر بالدعوة إلى دين الله تعالى، وبيان أسلوب الدعوة بذكر دلائل التوحيد والعدل وصحة البعث والقيامة، هدد الله تعالى من ينازع في تلك الآيات والدلائل، ويحاول إلقاء الشبهات فيها. ثم نوّه بوصف القرآن، وسلّى نبيه ص على آلامه من تكذيب قومه، وأمره بأن يصبر على أذاهم، وألا يضيق قلبه بإعراضهم عن رسالته، فتلك عادة الأمم مع الأنبياء والرسل.
التفسير والبيان:
{إِنَّ الَّذِينَ يُلْحِدُونَ فِي آياتِنا لا يَخْفَوْنَ عَلَيْنا} أي إن الذين يميلون عن الحق، فيضعون الكلام في غير موضعه، ويحرّفون كلام الله تعالى وآياته الدالة على قدرته وحكمته، لا يخفون علينا، بل نحن نعلمهم، فنجازيهم بما يعملون بالعقوبة والنكال.
وفي هذا تهديد شديد ووعيد أكيد، يقتضي الحذر والخوف.
ونوع الجزاء هو:
{أَفَمَنْ يُلْقى فِي النّارِ خَيْرٌ أَمْ مَنْ يَأْتِي آمِناً يَوْمَ الْقِيامَةِ} ؟ أي هل يستوي من يلقى في النار قسرا وقهرا لإلحاده بالآيات وتكذيبه للرسول ص، ومن يكون آمنا يوم القيامة من العذاب؟ وهذا استفهام بمعنى التقرير، والمراد أن الملحدين في الآيات يلقون في النار، وأن المؤمنين بها يأتون يوم القيامة، فاحكموا أيها العقلاء أيّ الحالين أفضل؟! ثم أكد التهديد للكفرة بقوله تعالى:
{اِعْمَلُوا ما شِئْتُمْ، إِنَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ} اعملوا أي شيء تريدون فعله من خير أو شر، فإن الله عالم بكم، وبصير بأعمالكم، ومجازيكم بحسب ما تعملون، إن خيرا فخير، وإن شرا فشر، وهذا وعيد وتهديد، صرف فيه الأمر إلى التهديد، قال الزجاج: لفظ {اِعْمَلُوا} لفظ الأمر، ومعناه الوعيد.
ثم أبان صفة أولئك الملحدين وجزاءهم فقال وهو أيضا تهديد:
{إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا بِالذِّكْرِ لَمّا جاءَهُمْ} أي إن الذين كفروا بالقرآن لما جاءهم، وكذبوا به، معذبون هالكون يجازون بكفرهم.
ثم أشاد بأوصاف ثلاثة للقرآن تنبيها للأنظار والعقول، فقال:
{وَإِنَّهُ لَكِتابٌ عَزِيزٌ، لا يَأْتِيهِ الْباطِلُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَلا مِنْ خَلْفِهِ، تَنْزِيلٌ مِنْ حَكِيمٍ حَمِيدٍ} أي وإن القرآن الذي يلحدون فيه عزيز عن المعارضة أو الطعن، منيع عن كل عيب، لا يتأتى لأحد أن يأتي بمثله، وليس لأحد أن يبطله من جميع جوانبه، ولا يكذبه كتاب سابق قبله، ولا لاحق بعده، محفوظ من النقص والزيادة، كما قال تعالى:{إِنّا نَحْنُ نَزَّلْنَا الذِّكْرَ، وَإِنّا لَهُ لَحافِظُونَ} [الحجر 9/ 15]، وإنه تنزيل من حكيم في أقواله وأفعاله، محمود في