الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الأجر فحقّ أداؤه، كما قال تعالى:{عَطاءً غَيْرَ مَجْذُوذٍ} [هود 108/ 11]، وقال سبحانه:{إِلاَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَعَمِلُوا الصّالِحاتِ لَهُمْ أَجْرٌ غَيْرُ مَمْنُونٍ} [الانشقاق 25/ 84]. قال السّدّي: نزلت في الزّمنى والمرضى والهرمى إذا ضعفوا عن الطاعة، كتب لهم من الأجر كأصحّ ما كانوا يعملون فيه.
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآيات إلى ما يأتي:
1 -
وصف الله تعالى القرآن في مطلع هذه السورة بصفات عشر: هي كونه تنزيلا، وكون ذلك التنزيل من الرحمن الرحيم، وكونه كتابا، وفصّلت آياته، وكونه قرآنا، وكونه عربيا، ولقوم يعلمون ليفهموا منه المراد، وبشيرا، ونذيرا، وكونهم معرضين عنه لا يسمعون ولا يلتفتون إليه.
2 -
ذهب أكثر المتكلمين إلى أنه يجب على المكلّف تنزيل ألفاظ القرآن على المعاني التي هي موضوعة لها بحسب اللغة العربية، وحملها على معان أخر بغير هذا الطريق باطل قطعا.
3 -
ليس في القرآن الكريم لفظ غير عربي، وهذا ردّ على من قال: اشتمل القرآن على سائر اللغات، مثل {إِسْتَبْرَقٍ} و {سِجِّيلٍ} من اللغة الفارسية، و {كَمِشْكاةٍ} من لغة الحبشة، و {بِالْقِسْطاسِ} من لغة الروم.
4 -
إن ألفاظ الإيمان والكفر والصلاة والزكاة والصوم والحج هي ألفاظ عربية لغوية، لا شرعية، وإنما خصصها الشرع ببعض أنواع مسمياتها، فالإيمان مثلا خصصه الشرع بنوع معين من التصديق، والصلاة خصصها الشرع بنوع معين من الدعاء، وهكذا البواقي، لقوله تعالى السابق:{قُرْآناً عَرَبِيًّا} وقوله المتقدم: {وَما أَرْسَلْنا مِنْ رَسُولٍ إِلاّ بِلِسانِ قَوْمِهِ} .
5 -
إن وصف القرآن بكونه {عَرَبِيًّا} في معرض المدح والتعظيم دليل على أن لغة العرب أفضل اللغات.
6 -
دلّ قوله تعالى: {لِقَوْمٍ يَعْلَمُونَ} على أنه لا يجوز أن يحصل في القرآن شيء غير معلوم، لأن المعنى: إنما جعلناه عربيا ليصير معلوما.
7 -
دلّ قوله تعالى: {فَأَعْرَضَ أَكْثَرُهُمْ فَهُمْ لا يَسْمَعُونَ} على أن الهادي من هداه الله، وأن الضّال من أضلّه الله. وهذا بعد اختيار أصل الهداية وأصل الكفر والضّلال، فليس المعنى: هو الجبر على الهداية أو الجبر على الضّلالة، فإن المشركين أعرضوا عن القرآن بعد توافر موجبات ثلاثة للإيمان، وهي: كون القرآن نازلا من عند الله الرّحمن الرّحيم، وكونه عربيا، وكونه بشيرا ونذيرا.
8 -
دلّت آية: {وَقالُوا: قُلُوبُنا فِي أَكِنَّةٍ.} . الآية على أن الكفار كانوا في غاية النّفرة والمباعدة عن القرآن باختيارهم وتصريحهم.
9 -
لا يختلف النّبيّ ص وغيره من الأنبياء عن سائر الناس إلا بإنزال الوحي عليهم، فهم بشر عاديون كسائر البشر، لكن اصطفاهم ربّهم للنّبوة والرسالة وتبليغ وحيه إلى الناس.
10 -
إن مناط السعادة تعظيم أمر الله، والشفقة على خلق الله، ولقد أخلّ المشركون بالأمرين معا، فكانوا أشقياء، فهم لم يعظموا الله بتوحيده، ولم يخلصوا العبادة والطاعة، ولم يبادروا إلى الاستغفار من الشرك، ولم يرحموا عباد الله بمنعهم الزكاة، ولم ينفقوا في الطاعة، ولم يستقيموا على أمر الله، وأنكروا البعث والحشر والحساب والجزاء. وفيه دلالة على أن الكافر يعذب بكفره مع منع وجوب الزكاة عليه، فإنه تعالى ألحق الوعيد الشديد له على أمرين: كونه مشركا، وأنه لا يؤتي الزكاة، فدلّ على أن لعدم إيتاء الزكاة من المشرك تأثيرا عظيما في زيادة الوعيد.