الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
تضمنت الآيات طائفة من الأحكام:
1 -
تفويض الحكم إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليقضي بين الناس بالحق والعدل حسبما علّمه الله وأوحى إليه، سواء بالنص الصريح أو بالاجتهاد والرأي المعتمد على أصول التشريع.
2 -
تأنيب طعمة بن أبيرق ومن آزره من قومه، وكانوا ثلاثة إخوة: بشر وبشير ومبشّر، وأسير بن عروة ابن عمّ لهم؛ لأنهم تعاونوا معه على الباطل لتبرئته من تهمة السرقة: سرقة أدراع وطعام من رفاعة بن زيد في الليل، ومحاولة إلصاق التهمة بيهودي اسمه: زيد بن السمين.
3 -
القانون الذي يحكم به: هو {بِما أَراكَ اللهُ} معناه على قوانين الشرع؛ إما بوحي ونصّ، أو بنظر جار على سنن الوحي. وهذا أصل في القياس، وهو يدل على جواز الاجتهاد للنبي صلى الله عليه وسلم، وعلى أنه في رأي القرطبي إذا رأى شيئا أصاب؛ لأن الله تعالى أراه ذلك، وقد ضمن الله تعالى لأنبيائه العصمة؛ فأما أحدنا إذا رأى شيئا فلا قطع فيما رآه.
4 -
دل قوله تعالى: {وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً} على أن النيابة أو الوكالة عن المبطل والمتهم في الخصومة لا تجوز، فلا يجوز لأحد أن يخاصم عن أحد إلا بعد أن يعلم أنه محقّ، وقد نهى الله عز وجل في هذه الآية رسوله عن معاضدة أهل التهم والدفاع عنهم بما يقوله خصمهم من الحجة.
5 -
قال العلماء: لا ينبغي إذا ظهر للمسلمين نفاق قوم أن يجادل فريق منهم فريقا عنهم، ليحموهم ويدافعوا عنهم؛ فإن هذا قد وقع على عهد النبي صلى الله عليه وسلم، وفيهم نزل قوله تعالى:{وَلا تَكُنْ لِلْخائِنِينَ خَصِيماً} وقوله: {وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ} .
والخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم، والمراد منه الذين كانوا يفعلونه من المسلمين، بدليل ما ذكر بعده:{ها أَنْتُمْ هؤُلاءِ جادَلْتُمْ عَنْهُمْ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا} ولأن النبي صلى الله عليه وسلم كان حكما فيما بينهم، ولذلك كان يعتذر إليه ولا يعتذر هو إلى غيره، فدل على أن القصد لغيره.
6 -
قوله تعالى: {وَاسْتَغْفِرِ اللهَ} دل على أن الأنبياء صلوات الله عليهم قد يؤمرون بالاستغفار مما ليس ذنبا، كالهمّ بتقديم الدفوع عن بني أبيرق ومعاقبة اليهودي بقطع يده، وهو دفاع وعمل بالظاهر لاعتقاده براءتهم. وهذا من قبيل «حسنات الأبرار سيئات المقربين» .
وقيل: الأمر بالاستغفار للمذنبين من أمتك والمتخاصمين بالباطل، وقيل:
هو أمر بالاستغفار على طريق التسبيح، كالرجل يقول: أستغفر الله، على وجه التسبيح من غير أن يقصد توبة من ذنب. وقيل: الخطاب للنبي صلى الله عليه وسلم والمراد بنو أبيرق، كقوله تعالى:{يا أَيُّهَا النَّبِيُّ اتَّقِ اللهَ} [الأحزاب 1/ 33]، {فَإِنْ كُنْتَ فِي شَكٍّ} [يونس 94/ 10].
7 -
قوله تعالى: {وَلا تُجادِلْ عَنِ الَّذِينَ يَخْتانُونَ أَنْفُسَهُمْ} نهي صريح عن الدفاع عن الخونة، أي لا تحاجج عن الذين يخونون أنفسهم. والمجادلة:
المخاصمة. والله لا يرضى عن الخائن أو الخوّان-الذي هو من صيغ المبالغة؛ لعظم قدر تلك الخيانة.
8 -
الإنسان قاصر النظر، محدود التفكير، سطحي المواقف: فتراه إذا حاول ارتكاب ذنب يستتر ويستحي من الناس، ولا يستتر ولا يستحي من الله، والله أحق أن نخشاه وأن نستحي منه؛ لأن المصير إليه، وبيده وحده الجزاء.
9 -
الحقائق تنكشف بنحو واضح قاطع يوم القيامة في عالم الحساب بين
يدي الله: فإذا جادل الوكيل بالخصومة (المحامي) لتبرئة المتهم في الحياة الدنيا، فمن الذي يستطيع المرافعة والدفاع والجدال عن أهل الباطل يوم القيامة؟ وهو استفهام معناه الإنكار والتوبيخ.
ومن يكون وكيلا عليهم، أي قائما بتدبير أمورهم؟ فالله تعالى قائم بتدبير خلقه، ولا أحد لهم يقوم بأمرهم إذا أخذهم الله بعذابه وأدخلهم النار.
10 -
باب التوبة للعصاة والمذنبين مفتوح: لقوله تعالى: {وَمَنْ يَعْمَلْ سُوءاً أَوْ يَظْلِمْ نَفْسَهُ، ثُمَّ يَسْتَغْفِرِ اللهَ، يَجِدِ اللهَ غَفُوراً رَحِيماً} قال ابن عباس:
عرض الله التوبة على بني أبيرق بهذه الآية.
11 -
وبال الذنب وعاقبته على المذنب نفسه: لقوله تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ إِثْماً} -أي ذنبا- {فَإِنَّما يَكْسِبُهُ عَلى نَفْسِهِ} أي عاقبته عائدة عليه، وضرره راجع إليه؛ لأنه المتضرر في الحقيقة في الدنيا بالتعرض للمصائب، وفي الآخرة لعذاب جهنم.
والكسب: ما يجرّ به الإنسان إلى نفسه نفعا أو يدفع عنه به ضررا. ولهذا لا يسمى فعل الرب تعالى كسبا.
11 -
البهتان جريمة عظمي: وهو إلقاء التهمة واختلاق الكذب على البريء، أو هو أن تستقبل أخاك بأن تقذفه بذنب وهو منه بريء.
قال تعالى: {وَمَنْ يَكْسِبْ خَطِيئَةً أَوْ إِثْماً، ثُمَّ يَرْمِ بِهِ بَرِيئاً، فَقَدِ احْتَمَلَ بُهْتاناً وَإِثْماً مُبِيناً} فيه تشبيه، إذ الذنوب ثقل ووزر، فهي كالمحمولات. وقد قال تعالى:{وَلَيَحْمِلُنَّ أَثْقالَهُمْ وَأَثْقالاً مَعَ أَثْقالِهِمْ} [العنكبوت 13/ 29].
قال الطبري: إنما فرق بين الخطيئة والإثم: أن الخطيئة تكون عن عمد وعن غير عمد، والإثم لا يكون إلا عن عمد.