المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السّدّي قال: التقى - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٥

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌حرمة الزواج بالمتزوجات وإباحة الزواج بغير المحارم بشرط المهر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌وهل يحد من دخل بامرأة في نكاح المتعة

- ‌السادس:

- ‌السابع:

- ‌شروط الزواج بالأمة وعقوبة فاحشتها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب الأحكام الشرعية السابقة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحريم أكل المال بالباطل ومنع الاعتداء وإباحة التعامل بالتراضي

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء اجتناب الكبائر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النهي عن التمني (الحسد) وسؤال الله تعالى من فضله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إعطاء كل وارث حقه من التركة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قوامة الرجال على النساء وطرق تسوية النزاع بين الزوجين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأولى-الصالحات:

- ‌الثانية-الناشزات:

- ‌1 - الوعظ والإرشاد إذا أثّر في نفوسهنّ:

- ‌2 - الهجر والإعراض في المضجع (المرقد):

- ‌3 - الضرب غير المبرّح:

- ‌وهل العقوبات السابقة مشروعة على الترتيب أو لا

- ‌4 - التحكيم:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أخلاق القرآنعبادة الله وحده والإحسان للوالدين والأقارب والجيرانوالتحذير من الإنفاق رياء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (37):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب في امتثال الأوامر والتحذير من المخالفة والعصيان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحريم الصلاة حال السكر وكون التيمم عند فقد الماء

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أعمال اليهود وتصرفاتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أمر أهل الكتاب بالإيمان بالقرآن وتهديدهم باللعنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ما يغفره الله تعالى وما لا يغفره

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نماذج أخرى من أعمال أهل الكتاب والجزاء عليها

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (49):

- ‌نزول الآية (51):

- ‌نزول الآية (54):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقاب الكافرين وثواب المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌منهاج الحكم الإسلاميأداء الأمانات والحقوق إلى أهلها والحكم بالعدلوإطاعة الله والرسول وولاة الأمور

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (58):

- ‌نزول الآية (59):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مزاعم المنافقين ومواقفهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حب الوطن والتزام أوامر الله والرسول

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌قه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء طاعة الله والرسول

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قواعد القتال في الإسلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الناس حين فرضية القتال

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طاعة الرسول طاعة لله وتدبّر القرآن وكونه من عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إذاعة الأخبار من غير اعتماد على مصدر صحيح

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التحريض على الجهاد

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشفاعة الحسنة ورد التحية وإثبات البعث والتوحيد

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أوصاف المنافقين ومراوغتهم ومحاولتهم تكفير المسلمينوكيفية معاملتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (88):

- ‌سبب نزول الآية (90):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء القتل الخطأ والقتل العمد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (92):

- ‌نزول الآية (93):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌القتل العمد:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحرص على السّلام والتّثبّت في الأحكام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التفاضل بين المجاهدين والقاعدين عن الجهاد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌هجرة المستضعفين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (97):

- ‌سبب نزول الآية (100):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصر الصلاة في السفر وصلاة الخوف

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (101):

- ‌نزول الآية (102):

- ‌نزول الآية: {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌صلاة الخوف:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صلاة الخوف في المغرب:

- ‌الصلاة حال اشتباك القتال:

- ‌صلاة الطالب والمطلوب:

- ‌أخذ الحذر وحمل السلاح:

- ‌الحث على القتال بعدم التفكير في الآلاموانتظار إحدى الحسنيين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القضاء بالحق والعدل المطلق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حالات النجوى الخيّرة وعقاب معاداة الرسول واتباع غيرسبيل المؤمنين (الإجماع)

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشرك وعاقبته والشيطان وشرورهوجزاء الإيمان والعمل الصالح

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌استحقاق الجنة ليس بالأمانيوالعبرة في الجزاء بالعمل شرا أو خيرا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رعاية اليتامى والصلح بين الزوجين بسبب النشوزوالعدل بين النساء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (127):

- ‌سبب نزول الآية (128):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فالحالة الأولى:

- ‌والحالة الثانية:

- ‌والحالة الثالثة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌لله حقيقة الملك في الكون وكمال القدرة والمشيئةوثواب الدّنيا والآخرة للمجاهد

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العدل في القضاء والشهادة بحقوالإيمان بالله والرسول والكتب السماوية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفات المنافقين وجزاؤهم ومواقفهم من المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مواقف أخرى للمنافقين وعقابهم والنهي عن موالاة الكافرين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السّدّي قال: التقى

أخرج ابن جرير وابن أبي حاتم عن السّدّي قال: التقى ناس من المسلمين واليهود والنصارى، فقال اليهود للمسلمين: نحن خير منكم، ديننا قبل دينكم، وكتابنا قبل كتابكم، ونبينا قبل نبيكم، ونحن على دين إبراهيم، ولن يدخل الجنة إلا من كان هودا. وقالت النصارى مثل ذلك، فقال المسلمون: كتابنا بعد كتابكم، ونبينا بعد نبيكم، وقد أمرتم أن تتبعونا وتتركوا أمركم، فنحن خير منكم، نحن على دين إبراهيم وإسماعيل وإسحاق، ولن يدخل الجنة إلا من كان على ديننا، فأنزل الله:{لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ} الآية فأفلج الله حجة المسلمين على من ناوأهم من أهل الأديان الأخرى. وذكر مثله عن قتادة.

‌التفسير والبيان:

ليس الأمر منوطا بالأماني منكم أيها المسلمون، ولا أنتم أهل الكتاب، ولكن الجزاء منوط بالعمل، فليس لكم ولا لهم النجاة بمجرد التمني، بل العبرة بطاعة الله عز وجل واتباع ما شرعه على ألسنة الرسل الكرام، أخرج ابن أبي شيبة عن الحسن موقوفا:«ليس الإيمان التمني، لكن ما وقر في القلب، وصدّقه العمل» وقال الحسن: «إن قوما غرّتهم المغفرة، فخرجوا من الدنيا وهم مملوؤون بالذنوب، ولو صدقوا لأحسنوا العمل» .

فمن يعمل سوءا يلق جزاءه؛ لأن الجزاء أثر للعمل، مثل قوله تعالى:

{وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة 8/ 99]، روى الإمام أحمد عن أبي بكر بن زهير قال: أخبرت أن أبا بكر رضي الله عنه قال: يا رسول الله، كيف الفلاح بعد هذه الآية:{لَيْسَ بِأَمانِيِّكُمْ وَلا أَمانِيِّ أَهْلِ الْكِتابِ، مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} فكل سوء عملنا جزينا به؛

فقال النبي صلى الله عليه وسلم: «غفر الله لك يا أبا بكر، ألست تمرض، ألست تنصب-تتعب، ألست تحزن، ألست تصيبك اللأواء-الشدة؟» قال: بلى، قال:«فهو مما تجزون به» .

ص: 285

وروى سعيد بن منصور وأحمد ومسلم والترمذي والنسائي عن أبي هريرة قال: لما نزلت: {مَنْ يَعْمَلْ سُوءاً يُجْزَ بِهِ} شق ذلك على المسلمين، فقال لهم رسول الله صلى الله عليه وسلم:«سددوا وقاربوا، فإن في كل ما يصاب به المسلم كفارة، حتى الشوكة يشاكها، والنكبة ينكبها» .

هذا الحديث وأمثاله يدل على أن الأمراض والبلايا والمصائب في الدنيا، وهمومها ومخاوفها، يكفر الله بها الخطايا.

ومن يعمل السوء لا يجد له غير الله وليا يتولى أمره ويدفع الجزاء عنه، ولا نصيرا ينصره وينقذه مما يحلّ به، وإنما المدار على الإيمان والأعمال، لا على الأماني والأحلام.

وفي مقابل ذلك ومن أجل المقارنة والعدل: من يعمل صالحا يصلح به نفسه، سواء كان العامل ذكرا أو أنثى، وهو صادق الإيمان، فأولئك العاملون المؤمنون بالله واليوم الآخر، يدخلون الجنة، ولا يظلمون شيئا من أجور الأعمال، ولو كان العمل تافها قليلا جدا كالنقير.

فسبيل الجنة والسعادة هو العمل الصالح مع الإيمان، وطريق النار هو العمل السيء، ولا ينفع الافتخار بالانتساب إلى ملة أو فئة أو نبي، من غير اتباع لشرع الله ودينه.

ثم أردف الله تعالى بذكر درجات الكمال فقال: لا أحد أحسن دينا ممن أسلم قلبه مخلصا لله وحده، ولم يتجه إلى غيره في دعاء ولا رجاء، وجعل نفسه سالمة لله لا تعرف لها ربا ولا معبودا سواه، وقد عبر عن توجه القلب والقصد بإسلام الوجه؛ لأن الوجه مرآة لما في القلب، وهو مع هذا الإخلاص القلبي والإيمان الذاتي الكامل، محسن للعمل أي عامل للحسنات، تارك للسيئات، متصف بفضائل الأخلاق والخصال، ومتبع ملة إبراهيم في حنيفيته بالميل عن الشرك

ص: 286

والتبرؤ من الوثنية وأهلها، ملتزم الدين الحق وهو دين الإسلام، كما قال تعالى:

{وَإِذْ قالَ إِبْراهِيمُ لِأَبِيهِ وَقَوْمِهِ: إِنَّنِي بَراءٌ مِمّا تَعْبُدُونَ، إِلاَّ الَّذِي فَطَرَنِي فَإِنَّهُ سَيَهْدِينِ، وَجَعَلَها كَلِمَةً باقِيَةً فِي عَقِبِهِ، لَعَلَّهُمْ يَرْجِعُونَ} [الزخرف 26/ 43 - 27] وقال: {بَلْ مِلَّةَ إِبْراهِيمَ حَنِيفاً وَما كانَ مِنَ الْمُشْرِكِينَ} [البقرة 135/ 2].

{وَاتَّخَذَ اللهُ إِبْراهِيمَ خَلِيلاً} جملة اعتراضية مجاز، مفادها أن الله اصطفى إبراهيم واختصه بكرامة تشبه كرامة الخليل عند خليله، ومن كانت له هذه المنزلة من الزلفى عند الله بأن اتخذه خليلا، كان جديرا بأن تتبع ملته وطريقته.

أي أن الله امتن على إبراهيم بسلامة الفطرة والاعتقاد، وقوة العقل وصفاء الروح، وكمال المعرفة بالله، وشدة العزيمة وعلو الهمة في محاربة الوثنية والشرك، حتى صار من أولي العزم، فهو خليل الرحمن، عدو الشيطان.

ثم ذكر الله تعالى ما هو العلة والدافع على الطاعة فقال:

جميع ما في السموات والأرض ملك الله وعبيده وخلقه وهو المتصرف في جميع ذلك، لا رادّ لما قضى، ولا معقّب لما حكم، ولا يسأل عما يفعل لعظمته وقدرته وعدله وحكمته ولطفه ورحمته، وعلمه محيط مع القدرة كل شيء، ونافذ في جميع ذلك، لا تخفى عليه خافية من عباده، ولا يعزب عن علمه مثقال ذرة في السموات ولا في الأرض، ولا أصغر من ذلك ولا أكبر، ومن كان عالما بأعمال عباده فهو مجازيهم على خيرها وشرها، فعليهم أن يختاروا لأنفسهم ما هو أصلح لها.

فهذه الآية متصلة بذكر العمال الصالحين والطالحين، والمعنى: أن له ملك السموات والأرض، فطاعته واجبة عليهم، فهو تعالى مستحق التوجه إليه في كل شيء، حتى من إبراهيم الخليل وغيره من الأنبياء، لما يتصف به من القدرة الشاملة على الكون وإنجاز ما وعد وأوعد.

ص: 287