المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌فقه الحياة أو الأحكام: - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٥

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌حرمة الزواج بالمتزوجات وإباحة الزواج بغير المحارم بشرط المهر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌وهل يحد من دخل بامرأة في نكاح المتعة

- ‌السادس:

- ‌السابع:

- ‌شروط الزواج بالأمة وعقوبة فاحشتها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب الأحكام الشرعية السابقة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحريم أكل المال بالباطل ومنع الاعتداء وإباحة التعامل بالتراضي

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء اجتناب الكبائر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النهي عن التمني (الحسد) وسؤال الله تعالى من فضله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إعطاء كل وارث حقه من التركة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قوامة الرجال على النساء وطرق تسوية النزاع بين الزوجين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأولى-الصالحات:

- ‌الثانية-الناشزات:

- ‌1 - الوعظ والإرشاد إذا أثّر في نفوسهنّ:

- ‌2 - الهجر والإعراض في المضجع (المرقد):

- ‌3 - الضرب غير المبرّح:

- ‌وهل العقوبات السابقة مشروعة على الترتيب أو لا

- ‌4 - التحكيم:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أخلاق القرآنعبادة الله وحده والإحسان للوالدين والأقارب والجيرانوالتحذير من الإنفاق رياء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (37):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب في امتثال الأوامر والتحذير من المخالفة والعصيان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحريم الصلاة حال السكر وكون التيمم عند فقد الماء

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أعمال اليهود وتصرفاتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أمر أهل الكتاب بالإيمان بالقرآن وتهديدهم باللعنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ما يغفره الله تعالى وما لا يغفره

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نماذج أخرى من أعمال أهل الكتاب والجزاء عليها

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (49):

- ‌نزول الآية (51):

- ‌نزول الآية (54):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقاب الكافرين وثواب المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌منهاج الحكم الإسلاميأداء الأمانات والحقوق إلى أهلها والحكم بالعدلوإطاعة الله والرسول وولاة الأمور

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (58):

- ‌نزول الآية (59):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مزاعم المنافقين ومواقفهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حب الوطن والتزام أوامر الله والرسول

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌قه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء طاعة الله والرسول

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قواعد القتال في الإسلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الناس حين فرضية القتال

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طاعة الرسول طاعة لله وتدبّر القرآن وكونه من عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إذاعة الأخبار من غير اعتماد على مصدر صحيح

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التحريض على الجهاد

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشفاعة الحسنة ورد التحية وإثبات البعث والتوحيد

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أوصاف المنافقين ومراوغتهم ومحاولتهم تكفير المسلمينوكيفية معاملتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (88):

- ‌سبب نزول الآية (90):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء القتل الخطأ والقتل العمد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (92):

- ‌نزول الآية (93):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌القتل العمد:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحرص على السّلام والتّثبّت في الأحكام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التفاضل بين المجاهدين والقاعدين عن الجهاد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌هجرة المستضعفين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (97):

- ‌سبب نزول الآية (100):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصر الصلاة في السفر وصلاة الخوف

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (101):

- ‌نزول الآية (102):

- ‌نزول الآية: {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌صلاة الخوف:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صلاة الخوف في المغرب:

- ‌الصلاة حال اشتباك القتال:

- ‌صلاة الطالب والمطلوب:

- ‌أخذ الحذر وحمل السلاح:

- ‌الحث على القتال بعدم التفكير في الآلاموانتظار إحدى الحسنيين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القضاء بالحق والعدل المطلق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حالات النجوى الخيّرة وعقاب معاداة الرسول واتباع غيرسبيل المؤمنين (الإجماع)

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشرك وعاقبته والشيطان وشرورهوجزاء الإيمان والعمل الصالح

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌استحقاق الجنة ليس بالأمانيوالعبرة في الجزاء بالعمل شرا أو خيرا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رعاية اليتامى والصلح بين الزوجين بسبب النشوزوالعدل بين النساء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (127):

- ‌سبب نزول الآية (128):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فالحالة الأولى:

- ‌والحالة الثانية:

- ‌والحالة الثالثة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌لله حقيقة الملك في الكون وكمال القدرة والمشيئةوثواب الدّنيا والآخرة للمجاهد

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العدل في القضاء والشهادة بحقوالإيمان بالله والرسول والكتب السماوية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفات المنافقين وجزاؤهم ومواقفهم من المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مواقف أخرى للمنافقين وعقابهم والنهي عن موالاة الكافرين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: ‌فقه الحياة أو الأحكام:

‌فقه الحياة أو الأحكام:

تضمنت الآية أحكاما عديدة هي:

1 -

حرمة الصلاة حال السكر من الخمر وغيره، وذلك قبل تحريم الخمر تحريما باتا قاطعا، فقد كان شرب المسكر مباحا في أول الإسلام حتى ينتهي بصاحبه إلى السكر.

2 -

السبب في تحريم المسكر في الصلاة هو إدراك معاني التلاوة والأدعية والأذكار الموجودة في الصلاة، وهذا معنى قوله تعالى:{حَتّى تَعْلَمُوا ما تَقُولُونَ} أي حتى تعلموه متيقنين فيه من غير غلط، والسكران لا يعلم ما يقول.

وأراد بعض المفسرين أن يفهم من هذه الآية وجوب القراءة في الصلاة؛ لأنها تنهى عن قرب الصلاة في حال السكر حتى يعلم المصلي ما يقول، فلا بد من أن يكون الذي يقول شيئا يمنع منه السكر، ولا شيء سوى القراءة. ولكن وجوب القراءة في الصلاة له دليل آخر غير هذا، ومعنى النهي هنا: لا تصلوا حتى تكونوا على درجة من العلم والفهم تمكنكم من مناجاة الله والوقوف بين يدي ملك الملوك.

واستنبط عثمان رضي الله عنه من الآية: أن السكران لا يلزم طلاقه. وهو مروي عن ابن عباس وطاوس وعطاء والقاسم وربيعة، وهو قول الليث وجماعة من الشافعية، واختاره الطحاوي قائلا: أجمع العلماء على أن طلاق المعتوه لا يجوز، والسكران معتوه كالموسوس معتوه بالوسواس.

وقال الجمهور: طلاق السكران نافذ، وأفعاله وعقوده كلها ثابتة كأفعال الصاحي، واستثنى أبو حنيفة الردة، فإنه إذا ارتد لا تبين منه امرأته إلا استحسانا.

ص: 84

3 -

تحرم الصلاة حال الجنابة بإنزال مني أو جماع. ويجب الغسل بالتقاء الختانين،

لما أخرجه مسلم عن عائشة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: «إذا جلس بين شعبها الأربع ومسّ الختان الختان، فقد وجب الغسل»

وفي الصحيحين من حديث أبي هريرة عن النبي صلى الله عليه وسلم قال: إذا قعد بين شعبها الأربع ثم جهدها فقد وجب عليه الغسل» زاد مسلم: «وإن لم ينزل» . وأجمع التابعون ومن بعدهم على الأخذ

بحديث: «إذا التقى الختانان

».

4 -

لا يصح لأحد أن يقرب الصلاة وهو جنب إلا بعد الاغتسال، إلا المسافر فإنه يتيمم؛ لأن الغالب في الماء أنه لا يعدم في الحضر؛ فالحاضر يغتسل لوجود الماء، والمسافر يتيمم إذا لم يجده، ولا يدخل المسافر الجنب المسجد إلا بعد أن يتيمم في رأي الحنفية.

ورخص الإمامان مالك والشافعي في دخول الجنب المسجد؛

لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الأئمة الستة عن أبي هريرة: «إن المؤمن لا ينجس» ويؤيده أن الصحابة الذين كانت أبواب دورهم شارعة في المسجد، إذا أجنب أحدهم اضطر إلى المرور في المسجد.

وقال أحمد وإسحاق في الجنب: إذا توضأ لا بأس أن يجلس في المسجد، عملا بما كان يفعله بعض الصحابة.

ويمنع الجنب عند المالكية وغيرهم من قراءة القرآن غالبا إلا الآيات اليسيرة للتعوذ،

لما أخرجه ابن ماجه عن عمر قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يقرأ الجنب والحائض شيئا من القرآن» .

5 -

نهى الله سبحانه وتعالى عن الصلاة إلا بعد الاغتسال، والاغتسال:

معنى معقول يعبر به عن إمرار اليد مع الماء على المغسول. ولا بد أن يتدلك الجنب في اغتساله في المشهور من مذهب مالك؛ لأن هذا هو المعقول من لفظ الغسل؛

ص: 85

لأن الاغتسال في اللغة هو الافتعال، ومن لم يمرّ يديه فلم يفعل غير صب الماء لا يسميه أهل اللسان العربي غاسلا، بل يسمونه صابّا للماء ومنغمسا فيه، ويؤكده الأثر

عن النبي صلى الله عليه وسلم أنه قال: «تحت كل شعرة جنابة، فاغسلوا الشعر، وأنقوا البشرة»

(1)

وإنقاؤه: لا يكون إلا بتتبعه. قال ابن العربي: «حتى تغتسلوا» اقتضى هذا عموم إمرار الماء على البدن كله باتفاق، وهذا لا يتأتى إلا بالدلك.

وقال الجمهور: يجزئ الجنب صبّ الماء والانغماس فيه إذا أسبغ وعمّ، وإن لم يتدلك، على مقتضى حديث ميمونة وعائشة في غسل النبي صلى الله عليه وسلم، رواهما الأئمة،

وأن النبي صلى الله عليه وسلم كان يفيض الماء على جسده.

وهل يخلل الجنب لحيته؟

روايتان عن مالك: رواية ابن القاسم عنه:

ليس عليه ذلك،

وقال ابن عبد الحكم: ذلك هو أحب إلينا؛ لأن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يخلل شعره في غسل الجنابة.

وأوجب الحنفية والحنابلة المضمضة والاستنشاق في الغسل، لقوله تعالى:

{حَتَّى تَغْتَسِلُوا} ؛ ولأنهما من جملة الوجه، وحكمهما حكم ظاهر الوجه كالخد والجبين، فمن تركهما وصلّى، أعاد كمن ترك لمعة

(2)

، ومن تركهما في وضوئه فلا إعادة عليه. وأضاف الحنابلة: هما فرض أيضا في الوضوء؛ لقوله تعالى:

{فَاغْسِلُوا وُجُوهَكُمْ}

ولأن النبي صلى الله عليه وسلم لم يترك المضمضة والاستنشاق في وضوئه ولا في غسله من الجنابة.

وقال مالك والشافعي: ليستا بفرض لا في الجنابة ولا في الوضوء؛ لأنهما باطنان كداخل الجسد؛

لأن النبي صلى الله عليه وسلم فعل المضمضة ولم يأمر بها، وأفعاله مندوب إليها ليست بواجبة إلا بدليل.

(1)

حديث ضعيف.

(2)

اللمعة: الموضع لا يصيبه الماء.

ص: 86

وأما قدر الماء الذي يغتسل به:

فروى مالك عن عائشة رضي الله عنها أن رسول الله صلى الله عليه وسلم كان يغتسل من إناء هو الفرق من الجنابة. والفرق ثلاثة آصع، والصاع 2751 غم.

وعن أنس قال: كان النبي صلى الله عليه وسلم يتوضأ بالمدّ، ويغتسل بالصاع

(1)

إلى خمسة أمداد، والمد 675 غم، والصاع أربعة أمداد. وهذه الأحاديث تدل على استحباب تقليل الماء من غير كيل ولا وزن، يأخذ منه الإنسان بقدر ما يكفي، ولا يكثر منه، فإن الإكثار منه سرف، والسّرف مذموم.

6 -

إباحة التيمم لفقد الماء، أو للمرض، أو للسفر، لقوله تعالى:{وَإِنْ كُنْتُمْ مَرْضى.} . [النساء 43/ 4] ويؤيده آية: {وَما جَعَلَ عَلَيْكُمْ فِي الدِّينِ مِنْ حَرَجٍ} [الحج 78/ 22] وآية: {وَلا تَقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ} [النساء 29/ 4] وتيمم عمرو بن العاص لما خاف أن يهلك من شدة البرد، ولم يأمره صلى الله عليه وسلم بغسل ولا إعادة.

والمرض الذي يباح له التيمم على الصحيح من قول الشافعي: هو الذي يخاف فيه فوت الروح، أو فوات بعض الأعضاء لو استعمل الماء، أو خاف طول المرض.

والسفر المبيح للتيمم: هو الطويل أو القصير عند عدم الماء، ولا يشترط أن يكون مما تقصر فيه الصلاة في رأي الجمهور. وقال قوم: لا يتيمم إلا في سفر تقصر فيه الصلاة.

وذهب المالكية وأبو حنيفة ومحمد إلى أن التيمم في الحضر والسفر جائز. وقال الشافعي: لا يجوز للحاضر الصحيح أن يتيمم إلا أن يخاف التلف. فإن عدم الماء في الحضر مع خوف فوات الوقت، تيمم الصحيح والسقيم وصلّى ثم أعاد.

وقال أبو يوسف وزفر: لا يجوز التيمم في الحضر لا لمرض ولا لخوف الوقت.

ص: 87

ودليل جواز التيمم في الحضر إذا خاف فوات الصلاة إن ذهب إلى الماء:

القرآن: {أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ} أي أن المقيم إذا عدم الماء تيمم.

والسنة:

وهو ما رواه البخاري عن أبي الجهيم بن الحارث بن الصّمة الأنصاري قال: أقبل النبي صلى الله عليه وسلم من نحو «بئر جمل

(1)

» فلقيه رجل، فسلّم عليه، فلم يردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام.

وأخرجه مسلم وليس فيه لفظ «بئر» .

7 -

هل الحدث يبيح التيمم في الحضر؟ قيل: إنه يبيح لآية {أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ} : و «أو» بمعنى الواو، أي إن كنتم مرضى أو على سفر، وجاء أحد منكم من الغائط فتيمموا، فالسبب الموجب للتيمم على هذا هو الحديث، لا المرض والسفر، فدل على جواز التيمم في الحضر، كما تقدم بيانه.

قال القرطبي: والصحيح في «أو» أنها على بابها عند أهل النظر، أي أنها للتخيير، فلأو معناها، وللواو معناها، وهناك حذف، والمعنى: وإن كنتم مرضى مرضا لا تقدرون فيه على مسّ الماء أو على سفر، ولم تجدوا ماء، واحتجتم إلى الماء

(2)

.

وقوله: {أَوْ جاءَ أَحَدٌ مِنْكُمْ مِنَ الْغائِطِ} كنى بذلك عن التغوط وهو الحدث الأصغر.

8 -

ملامسة النساء: كناية عن الجماع

(3)

في رأي الحنفية، فالجنب يتيمم، واللامس بيده لا ينقض وضوءه، بدليل

ما رواه الدارقطني عن عائشة أن رسول الله صلى الله عليه وسلم قبّل بعض نسائه، ثم خرج إلى الصلاة ولم يتوضأ. والمراد بها عند الشافعي: لمس بشرة المرأة باليد أو بغيرها من أعضاء الجسد، فمن لمس بشرة امرأة

(1)

بئر جمل: موضع بقرب المدينة.

(2)

تفسير القرطبي: 220/ 5

(3)

قال ابن عباس: إن الله تعالى حيي كريم يعفّ، كنى باللمس عن الجماع.

ص: 88

نقض طهره، ويتيمم إن فقد الماء. وقال مالك وأحمد وإسحاق: الملامس بالجماع يتيمم، والملامس باليد يتيمم إذا التذّ، فإذا لمسها بغير شهوة فلا وضوء، وهو مقتضى الآية. وأما حديث عائشة فهو مرسل. وتكون الآية مبينة حكمين:

الحدث والجنابة عند عدم الماء، وسبب الحدث: المجيء من الغائط، وسبب الجنابة: الملامسة. ولا مانع من حمل اللفظ «الملامسة» على الجماع واللمس، وإفادة الحكمين.

9 -

إن طلب الماء للمسافر شرط في صحة التيمم عند مالك والشافعي وأحمد، وليس بشرط عند أبي حنيفة.

والمقصود بوجود الماء: أن يجد منه ما يكفيه لطهارته، فإن وجد أقل من كفايته تيمم ولم يستعمل ما وجد منه، وهذا قول أكثر العلماء.

وأجاز أبو حنيفة الوضوء بالماء المتغير كماء الباقلاء وماء الورد، لقوله تعالى:

{فَلَمْ تَجِدُوا ماءً} فقال: هذا نفي في نكرة، فيعم لغة، فيكون مفيدا جواز الوضوء بالماء المتغير وغير المتغير؛ لإطلاق اسم الماء عليه.

وأجمع العلماء على أن الوضوء والاغتسال لا يجوز بشيء من الأشربة سوى النبيذ عند عدم الماء.

والماء الذي يبيح عدمه التيمم: هو الطاهر المطهر الباقي على أوصاف خلقته.

10 -

قوله تعالى: {فَتَيَمَّمُوا} : يدل على مشروعية التيمم، وهو من خصائص هذه الأمة،

قال صلى الله عليه وسلم: «فضّلنا على الناس بثلاث: جعلت لنا الأرض كلها مسجدا، وجعلت تربتها لنا طهورا إذا لم نجد الماء»

(1)

الحديث. والتيمم

(1)

أخرجه أحمد ومسلم والنسائي عن حذيفة.

ص: 89

شرعا: مسح الوجه واليدين بالتراب، لقوله تعالى:{فَتَيَمَّمُوا صَعِيداً طَيِّباً} أي اقصدوا.

ويلزم التيمم كل مكلف لزمته الصلاة إذا عدم الماء، ودخل وقت الصلاة.

وقال أبو حنيفة وصاحباه والمزني صاحب الشافعي: يجوز قبله؛ لأن طلب الماء عندهم ليس بشرط قياسا على النافلة، فلما جاز التيمم للنافلة دون طلب الماء، جاز أيضا للفريضة، واستدلوا

بقوله عليه الصلاة والسلام لأبي ذرّ عند أبي داود والنسائي والترمذي: «الصعيد الطيب وضوء المسلم، ولو لم يجد الماء عشر حجج» . فسمى عليه السلام الصعيد وضوءا كما يسمى الماء، فحكمه إذن حكم الماء. ودليل المالكية والشافعية والحنابلة قوله تعالى:{فَلَمْ تَجِدُوا ماءً} ولا يقال: لم يجد الماء إلا لمن طلب ولم يجد.

وأجمع العلماء على أن التيمم لا يرفع الجنابة ولا الحدث، وأن المتيمم لهما إذا وجد الماء، عاد جنبا كما كان أو محدثا؛

لقوله عليه الصلاة والسلام لأبي ذرّ:

«إذا وجدت الماء فأمسّه جلدك» .

وأجمعوا على أن من تيمم ثم وجد الماء قبل الدخول في الصلاة بطل تيممه، وعليه استعمال الماء. والجمهور على أن من تيمم وصلّى وفرغ من صلاته، وقد كان اجتهد في طلبه الماء، ولم يكن في رحله: أن صلاته تامة؛ لأنه أدى فرضه كما أمر، فغير جائز أن توجب عليه الإعادة بغير حجة،

لما أخرجه أبو داود عن أبي سعيد الخدري قال: خرج رجلان في سفر، فحضرت الصلاة، وليس معهما ماء، فتيمما صعيدا طيبا فصليا، ثم وجدا الماء في الوقت، فأعاد أحدهما الصلاة بالوضوء، ولم يعد الآخر، ثم أتيا رسول الله صلى الله عليه وسلم، فذكرا ذلك له، فقال للذي لم يعد:«أصبت السنة وأجزأتك صلاتك» وقال للذي توضأ وأعاد: «لك الأجر مرتين» .

ص: 90

واختلف العلماء إذا وجد الماء بعد دخوله في الصلاة؛ فقال مالك والشافعي: ليس عليه قطع الصلاة واستعمال الماء، وليتمّ صلاته، وليتوضأ لما يستقبل؛ لقوله تعالى:{وَلا تُبْطِلُوا أَعْمالَكُمْ} وقد اتفق الجميع على جواز الدخول في الصلاة بالتيمم عند عدم الماء، ومن شرع في صوم عن كفارة ظهار أو قتل، ثم وجد رقبة لا يلغى صومه ولا يعود إلى الرقبة.

وقال أبو حنيفة وأحمد والمزني: يقطع ويتوضأ ويستأنف الصلاة لوجود الماء. وحجتهم أن التيمم لما بطل بوجود الماء قبل الصلاة، فكذلك يبطل ما بقي منها، وإذا بطل بعضها بطل كلها؛ لإجماع العلماء على أن المعتدة بالشهور لا يبقى عليها إلا أقلها ثم تحيض أنها تستقبل عدتها بالحيض، ومثل ذلك الذي يطرأ عليه الماء وهو في الصلاة.

واختلفوا: هل يصلّى بالتيمم صلوات أو يلزم التيمم لكل صلاة فرض ونفل؟ فقال مالك والشافعي: لكل فريضة؛ لأن عليه أن يبتغي الماء لكل صلاة، فمن ابتغى الماء فلم يجده فإنه يتيمم.

وقال أبو حنيفة وداود الظاهري: يصلي ما شاء بتيمم واحد ما لم يحدث؛ لأنه طاهر، ما لم يجد الماء، وليس عليه طلب الماء إذا يئس منه.

وهل يجوز التيمم قبل دخول الوقت؟ الشافعي ومالك: لا يجوزانه؛ لأنه لما قال الله تعالى: {فَلَمْ تَجِدُوا ماءً فَتَيَمَّمُوا} ظهر منه تعلق أجزاء التيمم بالحاجة، ولا حاجة قبل الوقت، وعلى هذا فلا يصلّي الشخص فرضين بتيمم واحد. وأجاز أبو حنيفة التيمم قبل دخول الوقت؛ لأن طلب الماء عنده ليس بشرط.

11 -

الصعيد الطيب: الصعيد: وجه الأرض، كان عليه تراب أو لم يكن.

والطيب: الطاهر وقيل: الحلال. وبناء عليه قال مالك وأبو حنيفة: يتيمم بوجه الأرض كله، ترابا كان أو رملا أو حجارة أو معدنا أو سبخة.

ص: 91

وقال الشافعي وأبو يوسف: الصعيد: التراب المنبت، وهو الطيب، قال تعالى:{وَالْبَلَدُ الطَّيِّبُ يَخْرُجُ نَباتُهُ بِإِذْنِ رَبِّهِ} [الأعراف 58/ 7] فلا يجوز التيمم عندهما على غيره. قال الشافعي: لا يقع الصعيد إلا على تراب ذي غبار.

واشترط الشافعي: أن يعلق التراب باليد، ويتيمم به نقلا إلى أعضاء التيمم، كالماء ينقل إلى أعضاء الوضوء.

وأجمع العلماء على أن يتيمم الرجل على تراب منبت طاهر منقول إلى العضو الممسوح لا مغصوب، وعلى أنه لا يتيمم على الذهب الصّرف والفضة والياقوت والزّمرّد والأطعمة كالخبز واللحم وغيرهما أو على النجاسات. واختلف في غير هذا كالمعادن، فأجازه مالك وغيره، ومنعه الشافعي وغيره.

ويجوز عند مالك التيمم على الحشيش إذا كان دون الأرض، وفي المدونة والمبسوط جواز التيمم على الثلج، وفي غيرهما منعه. والجمهور على منع التيمم على العود، وجمهور المالكية أجازوا التيمم على التراب المنقول من طين أو غيره، وعند المالكية قولان في التيمم على ما طبخ كالجص والاجرّ، وعلى الجدار، قال القرطبي: والصحيح الجواز على الجدار،

لحديث أبي جهيم بن الحارث بن الصّمّة الأنصاري الذي أخرجه البخاري، قال: أقبل رسول الله صلى الله عليه وسلم من نحو بئر جمل (موضع قرب المدينة) فلقيه رجل فسلم عليه، فلم يردّ عليه النبي صلى الله عليه وسلم حتى أقبل على الجدار، فمسح بوجهه ويديه، ثم رد عليه السلام. وهو دليل على صحة التيمم بغير التراب كما يقول مالك ومن وافقه.

وقال الثوري وأحمد: يجوز التيمم بغبار اللّبد. وأجاز أبو حنيفة التيمم بالكحل والزّرنيخ والنّورة والجص والجوهر المسحوق.

12 -

كيفية التيمم: دل قوله تعالى: {فَامْسَحُوا بِوُجُوهِكُمْ وَأَيْدِيكُمْ مِنْهُ} على أن محل التيمم: الوجه واليدان، وقوله {مِنْهُ} يدل في رأي الشافعي على

ص: 92