الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
البلاغة:
{فَكَيْفَ إِذا جِئْنا} السؤال عن المعلوم لتقريع السامع وتوبيخه.
المفردات اللغوية:
{لا يَظْلِمُ} الظلم: النقص وتجاوز الحد، أي لا ينقص أحدا من حسناته ولا يزيد في سيئاته. {مِثْقالَ} أصله المقدار الذي له ثقل مهما قل، ثم أطلق على المعيار المخصوص للذهب وغيره (المثقال العجمي: 4، 80 غم) والمراد به هنا وزن {ذَرَّةٍ} أصغر ما يدرك من الأجسام، والذرة في العلم الحديث: الجزء الذي لا يتجزأ، ومن الذرات: الهباء: وهو ما يرى في شعاع الشمس الداخل من نافذة. {يُضاعِفْها} من عشر إلى أكثر من سبعمائة. {مِنْ لَدُنْهُ} من عنده.
{بِشَهِيدٍ} هو نبي الأمة. {لَوْ تُسَوّى بِهِمُ الْأَرْضُ} أي لو أن تتسوى بهم الأرض بأن يكونوا ترابا مثلها لعظم الهول، كما في آية أخرى:{وَيَقُولُ الْكافِرُ: يا لَيْتَنِي كُنْتُ تُراباً} . {وَلا يَكْتُمُونَ اللهَ حَدِيثاً} مما عملوه، وفي وقت آخر يكذبون ويقولون:{وَاللهِ رَبِّنا ما كُنّا مُشْرِكِينَ} والحديث: الكلام.
المناسبة:
موضوع هذه الآيات الترغيب من الله تعالى في امتثال المأمورات والتحذير من المنهيات الواردة في الآيات السابقة، ونظيرها قوله تعالى:{فَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ خَيْراً يَرَهُ، وَمَنْ يَعْمَلْ مِثْقالَ ذَرَّةٍ شَرًّا يَرَهُ} [الزلزلة 7/ 99 - 8].
التفسير والبيان:
يخبر الله تعالى أنه لا يظلم أحدا من خلقه يوم القيامة مثقال حبة خردل ولا مثقال ذرة، بل يوفيها له ويضاعفها له إن كانت حسنة، كما قال تعالى:
{وَنَضَعُ الْمَوازِينَ الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ فَلا تُظْلَمُ نَفْسٌ شَيْئاً، وَإِنْ كانَ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ أَتَيْنا بِها وَكَفى بِنا حاسِبِينَ} [الأنبياء 47/ 21] وقال تعالى مخبرا عن لقمان أنه قال: {يا بُنَيَّ إِنَّها إِنْ تَكُ مِثْقالَ حَبَّةٍ مِنْ خَرْدَلٍ، فَتَكُنْ فِي صَخْرَةٍ أَوْ فِي السَّماواتِ أَوْ فِي الْأَرْضِ يَأْتِ بِهَا اللهُ، إِنَّ اللهَ لَطِيفٌ خَبِيرٌ} [لقمان 16/ 31].
وفي الصحيحين عن أبي سعيد الخدري عن رسول الله صلى الله عليه وسلم في حديث الشفاعة الطويل، وفيه:«فيقول الله عز وجل: ارجعوا، فمن وجدتم في قلبه مثقال حبة خردل من إيمان، فأخرجوه من النار»
وفي لفظ: «أدنى أدنى أدنى مثقال ذرة من إيمان، فأخرجوه من النار» فيخرجون خلقا كثيرا، ثم يقول أبو سعيد:
اقرءوا إن شئتم: {إِنَّ اللهَ لا يَظْلِمُ مِثْقالَ ذَرَّةٍ..} . الآية.
ومعنى الآية: أنه تعالى لا ينقص أحدا من أجر عمله شيئا مهما قل، ولا يعاقب أحدا على شيء مهما كان بغير حق؛ لأن الظلم نقص، والله تعالى متصف بكل كمال، منزّه عن كل نقص.
فمن اقترف سيئة بعد أن زوده الله بالعقل والتقدير والميزان، كان هو الظالم لنفسه:{وَما رَبُّكَ بِظَلاّمٍ لِلْعَبِيدِ} [فصلت 46/ 41].
ومع أنه تعالى لا ينقص أحدا من أجر عمله ولو مثقال ذرة، يضاعف ثواب الحسنة إلى عشر أمثالها، إلى سبعمائة ضعف، إلى أضعاف كثيرة، أما السيئة فلا تضاعف، ويجزى بمثلها فقط، كما في آية أخرى:{مَنْ جاءَ بِالْحَسَنَةِ فَلَهُ عَشْرُ أَمْثالِها، وَمَنْ جاءَ بِالسَّيِّئَةِ فَلا يُجْزى إِلاّ مِثْلَها، وَهُمْ لا يُظْلَمُونَ} [الأنعام 160/ 6].
{وَيُؤْتِ مِنْ لَدُنْهُ أَجْراً عَظِيماً} أي إنه تعالى لا يكتفي بمضاعفة حسنات المحسن، بل يعطيه أجرا من غير مقابل له من الأعمال، فهو واسع الفضل كثير الإحسان. والأجر العظيم: الجنة، نسأل الله الرضا والجنة.
وإذا كان هذا هو نظام الثواب، فيتعجب الخالق من بعض الناس قائلا:
فكيف يصنع هؤلاء الكفرة من اليهود وغيرهم إذا جئنا من كل أمة بشاهد يشهد عليهم بما فعلوا وهو نبيهم، كقوله تعالى:{وَكُنْتُ عَلَيْهِمْ شَهِيداً ما دُمْتُ فِيهِمْ} [المائدة 117/ 5]. وجئنا بك يا محمد على هؤلاء المكذبين شهيدا.
عن ابن