المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

كانوا يأتون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهّدونهم - التفسير المنير - الزحيلي - جـ ٥

[وهبة الزحيلي]

فهرس الكتاب

- ‌حرمة الزواج بالمتزوجات وإباحة الزواج بغير المحارم بشرط المهر

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌الثالث:

- ‌الرابع:

- ‌الخامس:

- ‌وهل يحد من دخل بامرأة في نكاح المتعة

- ‌السادس:

- ‌السابع:

- ‌شروط الزواج بالأمة وعقوبة فاحشتها

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أسباب الأحكام الشرعية السابقة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحريم أكل المال بالباطل ومنع الاعتداء وإباحة التعامل بالتراضي

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء اجتناب الكبائر

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌النهي عن التمني (الحسد) وسؤال الله تعالى من فضله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إعطاء كل وارث حقه من التركة

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قوامة الرجال على النساء وطرق تسوية النزاع بين الزوجين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأولى-الصالحات:

- ‌الثانية-الناشزات:

- ‌1 - الوعظ والإرشاد إذا أثّر في نفوسهنّ:

- ‌2 - الهجر والإعراض في المضجع (المرقد):

- ‌3 - الضرب غير المبرّح:

- ‌وهل العقوبات السابقة مشروعة على الترتيب أو لا

- ‌4 - التحكيم:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أخلاق القرآنعبادة الله وحده والإحسان للوالدين والأقارب والجيرانوالتحذير من الإنفاق رياء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب نزول الآية (37):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الترغيب في امتثال الأوامر والتحذير من المخالفة والعصيان

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌تحريم الصلاة حال السكر وكون التيمم عند فقد الماء

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أعمال اليهود وتصرفاتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أمر أهل الكتاب بالإيمان بالقرآن وتهديدهم باللعنة

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌ما يغفره الله تعالى وما لا يغفره

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌نماذج أخرى من أعمال أهل الكتاب والجزاء عليها

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (49):

- ‌نزول الآية (51):

- ‌نزول الآية (54):

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌عقاب الكافرين وثواب المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌منهاج الحكم الإسلاميأداء الأمانات والحقوق إلى أهلها والحكم بالعدلوإطاعة الله والرسول وولاة الأمور

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (58):

- ‌نزول الآية (59):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مزاعم المنافقين ومواقفهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌فرضية طاعة الرسول صلى الله عليه وسلم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حب الوطن والتزام أوامر الله والرسول

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌قه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء طاعة الله والرسول

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قواعد القتال في الإسلام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أحوال الناس حين فرضية القتال

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌طاعة الرسول طاعة لله وتدبّر القرآن وكونه من عند الله

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌إذاعة الأخبار من غير اعتماد على مصدر صحيح

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التحريض على الجهاد

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشفاعة الحسنة ورد التحية وإثبات البعث والتوحيد

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌أوصاف المنافقين ومراوغتهم ومحاولتهم تكفير المسلمينوكيفية معاملتهم

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (88):

- ‌سبب نزول الآية (90):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌الأول:

- ‌الثاني:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌جزاء القتل الخطأ والقتل العمد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (92):

- ‌نزول الآية (93):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌القتل العمد:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الحرص على السّلام والتّثبّت في الأحكام

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌التفاضل بين المجاهدين والقاعدين عن الجهاد

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌هجرة المستضعفين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (97):

- ‌سبب نزول الآية (100):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌قصر الصلاة في السفر وصلاة الخوف

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (101):

- ‌نزول الآية (102):

- ‌نزول الآية: {وَلا جُناحَ عَلَيْكُمْ إِنْ كانَ بِكُمْ

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌صلاة الخوف:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صلاة الخوف في المغرب:

- ‌الصلاة حال اشتباك القتال:

- ‌صلاة الطالب والمطلوب:

- ‌أخذ الحذر وحمل السلاح:

- ‌الحث على القتال بعدم التفكير في الآلاموانتظار إحدى الحسنيين

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌القضاء بالحق والعدل المطلق

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌حالات النجوى الخيّرة وعقاب معاداة الرسول واتباع غيرسبيل المؤمنين (الإجماع)

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌الشرك وعاقبته والشيطان وشرورهوجزاء الإيمان والعمل الصالح

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌استحقاق الجنة ليس بالأمانيوالعبرة في الجزاء بالعمل شرا أو خيرا

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌رعاية اليتامى والصلح بين الزوجين بسبب النشوزوالعدل بين النساء

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌نزول الآية (127):

- ‌سبب نزول الآية (128):

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فالحالة الأولى:

- ‌والحالة الثانية:

- ‌والحالة الثالثة:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌لله حقيقة الملك في الكون وكمال القدرة والمشيئةوثواب الدّنيا والآخرة للمجاهد

- ‌الإعراب:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌العدل في القضاء والشهادة بحقوالإيمان بالله والرسول والكتب السماوية

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌سبب النزول:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌صفات المنافقين وجزاؤهم ومواقفهم من المؤمنين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

- ‌مواقف أخرى للمنافقين وعقابهم والنهي عن موالاة الكافرين

- ‌الإعراب:

- ‌البلاغة:

- ‌المفردات اللغوية:

- ‌المناسبة:

- ‌التفسير والبيان:

- ‌فقه الحياة أو الأحكام:

الفصل: كانوا يأتون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهّدونهم

كانوا يأتون أصحاب رسول الله صلى الله عليه وسلم يزهّدونهم في نفقة أموالهم في الدين، ويخوفونهم الفقر، ويقولون لهم: لا تدرون ما يكون، فأنزل الله تعالى:

{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبُخْلِ} .

وقال أكثر المفسرين: نزلت في اليهود كتموا صفة محمد صلى الله عليه وسلم ولم يبيّنوها للناس، وهم يجدونها مكتوبة عندهم في كتبهم. وقال الكلبي: هم اليهود بخلوا أن يصدقوا من أتاهم صفة محمد صلى الله عليه وسلم ونعته في كتابهم.

وقال مجاهد: الآيات الثلاث إلى قوله: {عَلِيماً} نزلت في اليهود.

وقال ابن عباس وابن زيد: نزلت في جماعة من اليهود كانوا يأتون رجالا من الأنصار يخالطونهم وينصحونهم ويقولون: لا تنفقوا أموالكم، فإنا نخشى عليكم الفقر، فأنزل الله تعالى:{الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبُخْلِ} .

‌المناسبة:

الآيات السابقة من أول السورة في تنظيم روابط الأسرة، كاختبار اليتامى، والحجر على السفهاء، وكيفية معاملة النساء بالإحسان مع رقابة الله، وناسب هنا التذكير ببعض الحقوق العامة وتقوية رابطة القرابة والجوار والصداقة وترشيد الإنفاق بأن يكون بإخلاص لله تعالى لا رياء وسمعة. وقد صدّر هذا الإرشاد بالأمر بعبادة الله؛ لأنها الأساس.

‌التفسير والبيان:

بعد أن أرشد الله تعالى الزوجين إلى المعاملة الحسنة وأمر الحكام بإزالة أسباب الخصومة، أرشد الناس جميعا إلى بعض خصال الخير والإحسان، ودلّهم على أنواع من الأخلاق الحسنة في معاملة بعضهم بعضا، وهي ثلاثة عشر نوعا بين مأمور به ومنهي عنه.

ص: 64

1 -

عبادة الله وحده: العبادة: المبالغة في الخضوع لله تعالى، وذلك بفعل ما أمر الله به، وترك ما نهى عنه، سواء في أفعال القلوب أو أفعال الجوارح (الأعضاء) فإنه هو الخالق الرّازق المنعم المتفضّل على خلقه، لذا كان هو المستحق منهم أن يوحدوه ولا يشركوا به شيئا من مخلوقاته.

2 -

عدم الشرك به شيئا: والإشراك ضدّ التوحيد، وهو عطف خاص على عام.

ويذكر هذان الأمران عادة معا، كما

قال النبي صلى الله عليه وسلم لمعاذ بن جبل فيما رواه أحمد والشيخان والترمذي وابن ماجه: «هل تدري ما حق الله على العباد؟» قال: الله ورسوله أعلم، قال:«أن يعبدوه ولا يشركوا به شيئا» ثم قال:

«أتدري ما حق العباد على الله إذا فعلوا ذلك؟ قال: أن لا يعذبهم» .

وقدم في هذه الآية ما يتعلق بحقه تعالى لأمرين:

الأول-العبادة والإخلاص أساس الدين، وبدونه لا يقبل الله من العبد عملا ما.

الثاني-الإيماء إلى أهمية الأمور الآتية بعدها، وإن تعلقت بحقوق العباد.

والإشراك أنواع مختلفة:

منها: ما ذكره الله تعالى عن مشركي العرب من عبادة الأصنام باتخاذهم وسطاء إلى الله فقال: {وَيَعْبُدُونَ مِنْ دُونِ اللهِ ما لا يَضُرُّهُمْ وَلا يَنْفَعُهُمْ وَيَقُولُونَ: هؤُلاءِ شُفَعاؤُنا عِنْدَ اللهِ، قُلْ: أَتُنَبِّئُونَ اللهَ بِما لا يَعْلَمُ فِي السَّماواتِ وَلا فِي الْأَرْضِ، سُبْحانَهُ وَتَعالى عَمّا يُشْرِكُونَ} [يونس 18/ 10] وقوله حكاية عنهم:

{ما نَعْبُدُهُمْ إِلاّ لِيُقَرِّبُونا إِلَى اللهِ زُلْفى} [الزمر 3/ 39].

ومنها: ما ذكره الله عن النصارى من أنهم عبدوا المسيح عليه السلام،

ص: 65

فقال: {اِتَّخَذُوا أَحْبارَهُمْ وَرُهْبانَهُمْ أَرْباباً مِنْ دُونِ اللهِ، وَالْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ، وَما أُمِرُوا إِلاّ لِيَعْبُدُوا إِلهاً واحِداً، لا إِلهَ إِلاّ هُوَ، سُبْحانَهُ عَمّا يُشْرِكُونَ} [التوبة 31/ 9].

3 -

الإحسان إلى الوالدين: قرن الله تعالى الأمر ببر الوالدين بعبادته وتوحيده في مواضع كثيرة من القرآن، كهذه الآية، وآية:{وَقَضى رَبُّكَ أَلاّ تَعْبُدُوا إِلاّ إِيّاهُ وَبِالْوالِدَيْنِ إِحْساناً} [الإسراء 23/ 17] وآية: {أَنِ اشْكُرْ لِي وَلِوالِدَيْكَ إِلَيَّ الْمَصِيرُ} [لقمان 14/ 31].

وبر الوالدين: طاعتهما في معروف والقيام بخدمتهما، والسعي في تحصيل مطالبهما والبعد عن كل ما يؤذيهما؛ لأنهما السبب الظاهر في وجود الأولاد، وتربيتهم بالرحمة والإخلاص. قال ابن العربي: بر الوالدين ركن من أركان الدين في المفروضات، وبرهما يكون في الأقوال والأعمال، أما في الأقوال فكما قال الله تعالى:{فَلا تَقُلْ لَهُما أُفٍّ وَلا تَنْهَرْهُما} [الإسراء 23/ 17] فإن لهما حق الرحم المطلقة، وحق القرابة الخاصة

(1)

.

4 -

الإحسان إلى القرابة: وهو صلة الرحم كالأخ والأخت والعم والخال وأبنائهم، وذلك بمودتهم ومواساتهم، على نحو ما ذكر في أول السورة:{وَاتَّقُوا اللهَ الَّذِي تَسائَلُونَ بِهِ وَالْأَرْحامَ} [الآية 1]. وذلك يؤدي إلى ترابط الأسرة وتقوية معنوياتها وتساندها، فيقوى المجتمع، وتتقدم الدولة.

5 -

الإحسان إلى اليتامى: وصى الله تعالى بهذا في أول السورة وفي غيرها؛ لأن اليتيم فقد الناصر والمعين وهو الأب. قال ابن عباس: يرفق بهم ويربيهم، وإن كان وصيا فليبالغ في حفظ أموالهم.

(1)

أحكام القرآن: 428/ 1

ص: 66

6 -

الإحسان إلى المساكين: وهم المحتاجون الذين لا يجدون ما يكفيهم، والإحسان إليهم بالتصدق عليهم أو بردهم ردا جميلا، كما قال تعالى:{وَأَمَّا السّائِلَ فَلا تَنْهَرْ} [الضحى 10/ 93]. وهذا يحقق مبدأ التكافل الاجتماعي في الإسلام.

7 -

الإحسان إلى الجار ذي القربى: وهو القريب في المكان أو بالنسب أو بالدين. والإحسان إلى الجيران يحقق مبدأ التعاون والتواصل والتوادد والشعور بالسعادة.

8 -

الإحسان إلى الجار الجنب: وهو الذي بعد جواره أو لم يكن ذا قرابة.

وقد حث الإسلام على الإحسان في معاملة الجار ولو غير مسلم،

فقد عاد النبي صلى الله عليه وسلم ابن جاره اليهودي،

وذبح ابن عمر شاة، فجعل يقول لغلامه:

أهديت لجارنا اليهودي، أهديت لجارنا اليهودي؟ سمعت رسول الله صلى الله عليه وسلم يقول فيما رواه البيهقي عن عائشة:«ما زال جبريل يوصيني بالجار حتى ظننت أنه سيورّثه»

وأخرج الشيخان أنه صلى الله عليه وسلم قال: «من كان يؤمن بالله واليوم الآخر فليكرم جاره» .

وتحديد الجوار متروك إلى العرف، وحدده الحسن البصري بأربعين جارا من كل جانب من الجوانب الأربعة.

وإكرام الجار له مظاهر عديدة منها مواساته إن كان فقيرا، ومنها حسن العشرة وكف الأذى عنه، ومنها إرسال الهدايا إليه، ودعوته إلى الطعام، وزيارته وعيادته ونحو ذلك. قال ابن العربي: حرمة الجار عظيمة في الجاهلية والإسلام، معقولة، مشروعة مروءة وديانة

(1)

. ومن الإحسان إلى الجار

الحديث الصحيح في الموطأ: «لا يمنعن أحدكم جاره أن يغرز خشبة في جداره» .

(1)

أحكام القرآن: 429/ 1

ص: 67

9 -

الإحسان إلى الصاحب بالجنب: وهو الرفيق بنحو مؤقت، كالتعلم والسفر والصناعة، والجلوس في مسجد أو مجلس. وقيل عن علي: إنه الزوجة أو المرأة.

10 -

الإحسان إلى ابن السبيل: وهو المسافر المنقطع عن ماله، أو الضيف.

والإحسان إليه بمساعدته للوصول إلى بلده أو غرضه.

11 -

الإحسان إلى ما ملكت أيمانكم: أي الأرقاء من العبيد والإماء. وقد أوصى النبي صلى الله عليه وسلم بهم في مرض موته، في آخر وصاياه،

أخرج أحمد والبيهقي عن أنس قال: «كانت عامة وصية رسول الله صلى الله عليه وسلم حين حضره الموت: الصلاة وما ملكت أيمانكم» .

وروى الشيخان عنه صلى الله عليه وسلم قال: «هم إخوانكم وخولكم، جعلهم الله تحت أيديكم، فمن كان أخوه تحت يده فليطعمه مما يأكل، وليلبسه مما يلبس، ولا تكلفوهم من العمل ما يغلبهم، فإن كلفتموهم فأعينوهم عليه» والإحسان إليهم يكون أيضا بإعتاقهم أو بمساعدتهم على تحرير رقابهم.

13، 12 - تحريم الاختيال والتفاخر: المختال: هو المتكبر الذي تظهر آثار الكبر في حركاته وأفعاله. والفخور: المتكبر الذي تظهر آثار الكبر في أقواله.

والمختال الفخور مبغوض عند الله لاحتقاره حقوق الناس وتشبهه بصفات الإله، وهو لا يعبد الله حقا إذ لا خشوع عنده، ولا يحسن إلى الوالدين والأقارب والجيران والأصدقاء.

ومعنى قوله تعالى: {إِنَّ اللهَ لا يُحِبُّ مَنْ كانَ مُخْتالاً فَخُوراً} أي أنه يعاقبه على خيلائه وفخره. وقد نهى الله تعالى عن الكبر والخيلاء في آية أخرى هي: {وَلا تَمْشِ فِي الْأَرْضِ مَرَحاً، إِنَّكَ لَنْ تَخْرِقَ الْأَرْضَ، وَلَنْ تَبْلُغَ الْجِبالَ طُولاً} [الإسراء 37/ 17].

وليس من الكبر: الوقار في غير غلظة، وعزة النفس مع الأدب، وتحسين

ص: 68

البيت والمركوب والهيئة واللباس، بدليل

ما روى أبو داود والترمذي عن ابن مسعود قال: قال رسول الله صلى الله عليه وسلم: «لا يدخل الجنة من كان في قلبه مثقال ذرة من كبر، فقال رجل: إن الرجل يحب أن يكون ثوبه حسنا، ونعله حسنة. فقال صلى الله عليه وسلم: إن الله جميل يحب الجمال، الكبر: بطر الحق وغمط الناس

(1)

».

ثم بيّن الله تعالى أوصاف المختال الفخور بقوله: {الَّذِينَ يَبْخَلُونَ وَيَأْمُرُونَ النّاسَ بِالْبُخْلِ، وَيَكْتُمُونَ ما آتاهُمُ اللهُ مِنْ فَضْلِهِ} أي أنه تعالى يذم الذين يبخلون بأموالهم أن ينفقوها فيما أمرهم الله به من بر الوالدين والإحسان إلى الأقارب واليتامى والمساكين والجيران ونحوهم، ولا يدفعون حق الله فيها، ويأمرون الناس بالبخل أيضا، ويكتمون أفضال الله عليهم، فالبخيل جحود لنعمة الله ولا تظهر عليه آثارها في مأكل أو ملبس أو إعطاء وبذل، كما قال تعالى:{إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ، وَإِنَّهُ عَلى ذلِكَ لَشَهِيدٌ} [العاديات 6/ 100 - 7] أي شهيد بحاله وشمائله.

وذم النبي صلى الله عليه وسلم أيضا البخل فقال: «وأي داء أدوأ من البخل؟»

وقال فيما رواه أبو داود والحاكم عن ابن عمرو: «إياكم والشح، فإنه هلك من كان قبلكم بالبخل، أمرهم بالبخل فبخلوا، وأمرهم بالقطيعة فقطعوا، وأمرهم بالفجور ففجروا» .

ولكل هذه الخصال القبيحة في البخلاء توعدهم الله بالعقوبة بقوله:

{وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ}

{عَذاباً أَلِيماً} أي وهيأنا لهؤلاء بكبرهم وبخلهم وعدم شكرهم عذابا يهينهم ويذلهم، إنه عذاب جامع بين الألم والذل، جزاء على فعلهم، وسماهم الله كفارا إشعارا بأن هذه أخلاق الكفار لا المؤمنين؛ ولأن الكفر: هو الستر

(1)

بطر الحق: رده استخفافا وترفعا، وغمط الناس: احتقارهم وازدراؤهم

ص: 69

والتغطية، والبخيل يستر نعمة الله عليه ويكتمها ويجحدها فهو كافر لنعمة الله عليه.

وفي الحديث الذي رواه الترمذي والحاكم عن ابن عمرو: «إن الله تعالى يحب أن يرى أثر نعمته على عبده»

وفي الدعاء النبوي: «واجعلنا شاكرين لنعمتك، مثنين بها عليك، قابليها، وأتممها علينا» .

وقد حمل بعض السلف هذه الآية على بخل اليهود بإظهار العلم الذي عندهم من صفة محمد صلى الله عليه وسلم وكتمانهم إياها، ولهذا قال تعالى:{وَأَعْتَدْنا لِلْكافِرِينَ عَذاباً مُهِيناً} .

وعلى كل حال: أهل الفخر والخيلاء فريقان: فريق يبخلون ويكتمون فضل الله عليهم، وهم من سبق، وفريق آخر ذكرهم القرآن بعدئذ وهم الذين ينفقون أموالهم مرائين الناس، أي يقصدون رؤية الناس لهم فيعظمونهم ويحمدونهم.

وبعد أن ذكر الله الممسكين المذمومين وهم البخلاء، ذكر الباذلين الذين يقصدون بإعطائهم السمعة وأن يمدحوا بالكرم، ولا يريدون به وجه الله، فيبذلون المال لا شكرا لله على نعمه، ولا اعترافا لعباده بحق. هؤلاء الذين قال الله عنهم:{وَالَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ رِئاءَ النّاسِ} [النساء 38/ 4].

جاء في الحديث الثابت: «الثلاثة الذين هم أول من تسجر بهم النار: وهم العالم والغازي والمنفق، والمراءون بأعمالهم، يقول صاحب المال: ما تركت من شيء تحب أن ينفق فيه إلا أنفقت في سبيلك، فيقول الله: كذبت، إنما أردت أن يقال: جواد، فقد قيل» أي فقد أخذت جزاءك في الدنيا، وهو الذي أردت بفعلك.

وهؤلاء المراءون لا يؤمنون حقا بالله ولا باليوم الآخر، أي إنما حملهم على صنيعهم القبيح وعدولهم عن فعل الطاعة على وجهها الصحيح: الشيطان، فإنه

ص: 70