الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فقه الحياة أو الأحكام:
في الآيات دلالات على أحكام جوهرية في العقيدة هي:
1 -
التغالي في الأمور ممنوع شرعا، فقد تغالى اليهود في عيسى حتى قذفوا مريم، وتغالى النصارى فيه حتى جعلوه ربا، وأول عبارة في الإنجيل هي:
«هذا كتاب إلهنا وربنا يسوع المسيح» فالإفراط والتقصير كله سيئة وكفر، ولذا
ورد في صحيح البخاري عنه عليه الصلاة والسلام: «لا تطروني
(1)
كما أطرت النصارى عيسى، وقولوا: عبد الله ورسوله».
2 -
قوله تعالى: {إِنَّمَا الْمَسِيحُ عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ رَسُولُ اللهِ وَكَلِمَتُهُ} فيه إشارة إلى ثلاثة أحكام:
الأول-قوله: {عِيسَى ابْنُ مَرْيَمَ} دل على أن من كان منسوبا بوالدته كيف يكون إلها، وحق الإله أن يكون قديما لا محدثا.
الثاني-لم يذكر الله عز وجل امرأة وسمّاها باسمها في كتابه إلا مريم ابنة عمران، فإنه ذكر اسمها في نحو من ثلاثين موضعا لحكمة: هي ترسيخ صفة العبودية لها، ومجاراة عادة العرب في ذكر الإماء بأسمائهن، أما الحرائر فكانوا يصونون أسماءهنّ عن الذكر والتصريح بها، لئلا تبتذل أسماؤهنّ.
الثالث-اعتقاد أن عيسى عليه السلام لا أب له واجب، فإذا تكرر اسمه منسوبا للأم استشعرت القلوب نفي الأب عنه، وتنزيه الأم الطاهرة عن مقالة اليهود وقذفهم لها بالزنى.
3 -
كان لعيسى أربعة أسماء: المسيح، وعيسى، وكلمة، وروح. والمراد بالكلمة: أنه وجد بكلمة {لكِنْ} التكوينية، فكان بشرا من غير أب. والمراد
(1)
الإطراء: مجاوزة الحد في المدح والكذب فيه.
بقوله {وَرُوحٌ مِنْهُ} : أنه وجد بنفخة جبريل عليه السلام، ويسمى النفخ في كلام العرب روحا؛ فإن الروح والريح متقاربان، والنفخ ريح يخرج من الروح. والمراد من قوله {مِنْهُ} التشريف والتفضيل، لا أنه جزء أو بعض من الله، فكلّ الخلائق من روح الله، كما يقال: هذه نعمة من الله، والمراد كون تلك النعمة كاملة شريفة. ويقال: هذا روح من الله أي من خلقه.
وقد وقع النصارى في الخطأ والضلال حينما قالوا: عيسى جزء من الله؛ لأنه روح من الله.
4 -
الإيمان بأن الله إله واحد خالق المسيح ومرسلة، وبأن الرّسل ومنهم عيسى عبيد لله: هو الواجب الذي لا محيد عنه، وهو الحق الذي تقبله العقول الرشيدة، فلا يصح جعل عيسى إلها.
5 -
يحرم القول بتعدد الآلهة أو بأن الآلهة ثلاثة، قال ابن عباس: يريد بالتثليث: الله تعالى وصاحبته وابنه. والنصارى مجمعون على التثليث ويقولون: إن الله جوهر واحد، وله ثلاثة أقانيم، فيجعلون كلّ أقنوم إلها، ويعنون بالأقانيم: الوجود والحياة والعلم. والسائد أنهم يعبرون عن الأقانيم بالأب والابن وروح القدس، فيعنون بالأب: الوجود، وبالروح: الحياة، وبالابن:
المسيح. ومحصول كلامهم كما تقدّم يؤول إلى القول بأن عيسى إله، بسبب ما كان يظهر على يديه من المعجزات وخوارق العادات، وذلك خارج عن مقدور البشر، فيكون المقتدر عليها متصفا بالألوهية.
وليس أدلّ على إسقاط صفة الألوهية عنه: أنه لو كان إلها لخلص نفسه من أعدائه، ودفع شرّهم، ولم يمكّنهم من صلبه، كما يزعمون.
6 -
الانتهاء عن القول بالتثليث هو الخير المحض، وهو الصواب؛ لأن الله إله واحد، منزّه عن أن يكون له ولد، بل له ما في السموات وما في الأرض، والملكية