الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
شَيْءٌ} [الشورى 11/ 42]، {عالِمُ الْغَيْبِ وَالشَّهادَةِ} [الأنعام 73/ 6 ومواضع أخرى]، {إِنَّ اللهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَالْإِحْسانِ} [النحل 90/ 16]، {وَأَوْفُوا بِعَهْدِ اللهِ إِذا عاهَدْتُمْ} [النحل 91/ 16]، {وَشاوِرْهُمْ فِي الْأَمْرِ} [آل عمران 159/ 3]، {وَجَزاءُ سَيِّئَةٍ سَيِّئَةٌ مِثْلُها} [الشورى 40/ 42]، {وَلا تَزِرُ وازِرَةٌ وِزْرَ أُخْرى} [الأنعام 164/ 6 ومواضع أخرى]، {وَتَعاوَنُوا عَلَى الْبِرِّ وَالتَّقْوى، وَلا تَعاوَنُوا عَلَى الْإِثْمِ وَالْعُدْوانِ} [المائدة 2/ 5].
وأما إتمامه في ظهوره: فبإعلاء كلمته وتفوقه على كل الأديان، وتوافقه مع المصالح العامة، وانسجامه مع التطور، ووسطيته وتوازن المصالح الخاصة والعامة فيه.
ثم نصّ الله تعالى على حالة الضرورة التي هي استثناء من الأحكام العامة، فذكر أن المحرمات السابقة حرام على جميع المسلمين في كلّ الأحوال، إلا المضطر، الذي حمل قهرا على تناول شيء من الحرام، أو الضار، فمن اضطر في حال مجاعة إلى أكل شيء مما ذكر من المحرمات، غير متجانف لإثم أي غير مائل إلى حرام لذاته، ولا راغب في التمتع بما يوجب الإثم، فله أن يتناول شيئا منها ليدفع الضرورة والضرر وبقدر الضرورة، لا للتلذذ ولا لتجاوز الحدود التي يحتاج إليها لسدّ الرّمق، فإن الله غفور لمثله يغفر لمتناول الحرام، رحيم بخلقه حيث أباح لهم ما يدفع الضرر بما هو محرّم.
وقوله تعالى: {غَيْرَ مُتَجانِفٍ لِإِثْمٍ} بمنزلة قوله في سورة البقرة: {غَيْرَ باغٍ وَلا عادٍ} [173/ 2].
فقه الحياة أو الأحكام:
أرشدت الآية إلى الأحكام الآتية:
1 -
تحريم الميتة وما في حكمها (المنخنقة، والموقوذة، والمتردية،
والنطيحة، وما أكل السبع منه، والمذبوحة على النصب: حجارة حول الكعبة، وما أهل لغير الله به: ذكر اسم غير الله عليه).
2 -
حرمة الدّم ولحم الخنزير.
3 -
إباحة البهيمة المذكاة، والتي أدركت وفيها حياة مستقرة فذبحت وهي المنخنقة والموقوذة والمتردية والنطيحة وما أكل السبع منه وما أهل لغير الله به.
4 -
إباحة المحرمات المذكورة عند الاضطرار إليها لدفع الضرر.
5 -
الضرورة مقيّدة بقيدين: الأول-أن يقصد بالتناول دفع الضرر فقط.
والثاني-ألا يتجاوز ما يسدّ الرّمق؛ لأن الضرورة تقدر بقدرها. فإن قصد التّلذذ، أو تجاوز مقدار الضرورة وقع في الحرام.
والتذكية (الذبح الشرعي) تعمل في البهيمة الصحيحة والمريضة، فيجوز تذكية المريضة ولو أشرفت على الموت إذا كان فيها بقية حياة.
ويرى الجمهور أن ذكاة الأم تؤثر في الجنين لما
أخرجه الدارقطني من حديث أبي سعيد الخدري وأبي هريرة وعلي وعبد الله بن مسعود رضي الله عنهم عن النّبي صلى الله عليه وسلم قال: «ذكاة الجنين ذكاة أمه» ، و
في رواية أخرى: «ذكاة الجنين ذكاة أمّه، أشعر أو لم يشعر» .
ويرى أبو حنيفة: أنه إذا خرج الجنين من بطن أمه ميتا، لم يحل أكله؛ لأن ذكاة نفس لا تكون ذكاة نفسين.
وأجمعوا على أن الجنين إذا خرج حيّا أن ذكاة أمّه ليست بذكاة له.
وآلة الذكاة عند الجمهور: كل ما أفرى الأوداج وأنهر الدم، فهو من آلات الذكاة ما خلا السّنّ والعظم، وعلى هذا تواترت الآثار. والسّن والظفر المنهي عنهما في التذكية: هما غير المنزوعين؛ لأن ذلك يصير خنقا؛ فأما المنزوعان فإذا
فريا الأوداج فجائز الذكاة بهما. وحرم قوم (إبراهيم النخعي والحسن البصري والليث بن سعد والشافعي) السّن والظفر والعظم على كل حال؛ منزوعة أو غير منزوعة.
أما المقطوع فمختلف فيه:
قال مالك: لا تصح الذكاة إلا بقطع الحلقوم والودجين.
وقال الشافعي: يصح بقطع الحلقوم والمري، ولا يحتاج إلى الودجين؛ لأنهما مجرى الطعام والشراب الذي لا يكون معهما حياة، وهو الغرض من الموت.
ومالك وغيره كأبي حنيفة اعتبروا الموت على وجه يطيب معه اللحم، ويفترق فيه الحلال-وهو اللحم-من الحرام الذي يخرج بقطع الأوداج، وعليه يدلّ
حديث رافع بن خديج في قوله المتفق على صحته فيما رواه الجماعة: «ما أنهر الدّم» وهذا الرأي أوجه.
واختلفوا فيما إذا كان الذبح فوق الغلصمة (جوزة الحلق) وبقيت مع البدن، فقال الشافعي: تؤكل؛ لأن المقصود قد حصل. وقال مالك: لا تؤكل.
واختلفوا أيضا فيمن رفع يده قبل تمام الذكاة ثم رجع على الفور، وأكمل الذكاة فقيل: يجزئه، وقيل: لا يجزئه، والأول أصح؛ لأنه جرحها ثم ذكاها بعد وحياتها مستجمعة فيها.
والمستحب أن يكون الذابح ممن ترضي حاله ويطيق الذبح، سواء كان ذكرا أو أنثى، بالغا أو غير بالغ، مسلما أو كتابيّا، لكن ذبح المسلم أفضل من ذبح الكتابي.
وما استوحش من الإنسي أو وقع في البئر، لا تكون ذكاته إلا بين الحلق واللّبة، على سنة الذبح، في رأي المالكية. وأجاز أبو حنيفة والشافعي ذبحه أو طعنة في أي مكان من الجسم،
لقوله صلى الله عليه وسلم فيما رواه الجماعة عن رافع بن خديج: