الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
قولان للشافعي رحمه الله: «أحدهما» -لا يحل كما في السهم؛ لأن كلا منهما ميت بغير جرح، فهو وقيذ «والثاني» -أنه يحل؛ لأنه حكم بإباحة ما صاده الكلب، ولم يستفصل، فدل على إباحة ما ذكر.
7 - المتردية:
هي التي تقع من شاهق أو مكان عال كجبل أو سطح، أو تهوي في بئر، فتموت بذلك، فلا تحل كالميتة لا يحل أكلها بدون تذكية، فإن عقرت في البئر في أي مكان حلت للضرورة.
8 - النطيحة:
أي المنطوحة، وهي التي نطحتها غيرها فماتت، وإن جرحها القرن وخرج منها الدم. وحكمها كالميتة حرام لا تؤكل شرعا.
9 - ما أكل السبع:
وهي التي تقتل بسبب اعتداء حيوان مفترس كالأسد والذئب والنمر والفهد ونحوها، فتموت بسبب أكله بعضها أو جرحه لها، فلا يحل أكلها بالإجماع وإن كان قد سال منها الدم ولو من مذبحها، وكان بعض عرب الجاهلية يأكلون ما بقي من السباع، ولكن الطباع السليمة تأنف ذلك. ويلاحظ أن في الكلام إضمارا، أي وما أكل منه السبع؛ لأن ما أكله السبع قد فني.
ثم استثنى تعالى المذبوح شرعا من جميع ما تقدم من المحرمات غير الميتة والدم والخنزير أي ما يمكن عوده عليه مما انعقد سبب موته، فأمكن تداركه بذكاة وفيه حياة مستقرة، فقال:{إِلاّ ما ذَكَّيْتُمْ} أي إلا ما أدركتموه حيا فذكيتموه على النحو الشرعي، وذلك يعود على قوله تعالى:{وَالْمُنْخَنِقَةُ وَالْمَوْقُوذَةُ وَالْمُتَرَدِّيَةُ وَالنَّطِيحَةُ وَما أَكَلَ السَّبُعُ} وكذا ما أهل لغير الله به، فما أدرك حيا منها فذبح
أكل، والحياة تعرف بأن يطرف بعينه أو يحرك ذنبه.
قال علي كرم الله وجهه:
إذا أدركت ذكاة الموقوذة والمتردية والنطيحة، وهي تحرك يدا أو رجلا، فكلها.
والصحيح من قول مالك وهو المذكور في الموطأ أنه إن كان ذبح البهيمة ونفسها يجري وهي تضطرب فليأكل.
أما الميتة والدم ولحم الخنزير فلا تحل أصلا، ولو بذكاة.
والخلاصة: إن غلب على الظن أن الحيوان يعيش مع ما أصابه، كانت الذكاة محللة له، أما إن غلب على الظن أنه يهلك بما حصل، فاختلفوا: فقال الحنفية، والشافعية في مشهور المذهب: تعمل فيه الذكاة، ما دام فيه أمارة على الحياة، من تحريك عين أو ذنب أو رجل. وقال قوم منهم مالك في وجه عنه:
لا تعمل فيه الذكاة.
ومنشأ الاختلاف: هل الاستثناء متصل أو منقطع؟ فمن رأى وهم الجمهور أنه متصل أخرج من الجنس بعض ما تناوله اللفظ، فما قبل الاستثناء حرام، وما بعده خرج منه، فيكون حلالا. ويؤيد كون الاستثناء متصلا إجماع العلماء على أن الذكاة تحلل ما يغلب على الظن أنه يعيش، ولا يجعل الاستثناء منقطعا إلا بدليل يجب التسليم له.
ومن رأى أن الاستثناء منقطع، رأى أنه لا تأثير للاستثناء في الجملة المتقدمة، وكأنه قال: ما ذكيتموه من غير الحيوانات المتقدمة فهو حلال؛ لأن التحريم إنما يتعلق بهذه الحيوانات بعد الموت، وهي بعد الموت لا تذكى، فيكون الاستثناء منقطعا. وأجيب عن ذلك بأن الاستثناء متصل باعتبار ظاهر الحلال، فإن ظاهر هذه الحيوانات أنها تموت بما أصيبت به، فتكون حراما بحسب الظاهر، إلا ما أدرك حيا وذكي، فإنه يكون حلالا.