الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وأرسى معالم الهداية وأوضح طريق العبادة الصحيحة لله تعالى، ووضع أسس الأخلاق وأنظمة الحياة الرشيدة في السياسة والحرب والسلم والاقتصاد والاجتماع وعلوم الكون، فكان ذلك أيضا بالإضافة إلى السيرة الذاتية للنبي برهانا على كون هذا الدين هو دين الحق الذي لا معدل عنه ولا مثيل له.
وترتب عليه أن الذين آمنوا بالله، وتمسكوا واعتصموا بالقرآن أو الإسلام، واتبعوا نوره، فيدخلهم الله في رحمته، ويعمهم بفضله في الدنيا والآخرة، أي يرحمهم فيدخلهم الجنة ويزيدهم ثوابا ورفعا بالقرآن، قال ابن عباس: الرحمة:
الجنة، والفضل: ما يتفضل به عليهم مما لا عين رأت ولا أذن سمعت ولا خطر على قلب بشر
(1)
.
ويهديهم طريقا قويما يوصلهم إلى إحراز السعادة في الدنيا بالعزة والكرامة واتباع طريق السلامة في الاعتقاد والعمل، وفي الآخرة بالجنة والرضوان، أي يوفقهم إلى ذلك، ولا توفيق ولا هداية خاصة بغير الاعتصام بالقرآن المجيد واتباع سنة المصطفى عليه الصلاة والسلام.
روى الترمذي عن علي بن أبي طالب مرفوعا: «القرآن: صراط الله المستقيم، وحبل الله المتين» .
فقه الحياة أو الأحكام:
البرهان العظيم من الله لعباده هو محمد صلى الله عليه وسلم، وسمي برهانا؛ لأن معه البرهان وهو المعجزة أو الحجة، فإن المعجزات حجته صلى الله عليه وسلم.
والنور المبين: هو القرآن الكريم، وسمي نورا؛ لأن به تتبين الأحكام، ويهتدى به من الضلالة، فهو نور مبين أي واضح بيّن.
فمن آمن بالله واعتصم بالقرآن عن معاصيه، والعصمة: الامتناع، فاز بالجنة
(1)
التفسير الكبير للرازي: 120/ 11
والرضوان، وحظي بالفضل الإلهي العظيم في الدنيا والآخرة.
ودل قوله تعالى: {وَفَضْلٍ} على أنه تعالى يتفضل على عباده بثوابه من غير مقابل؛ إذ لو كان في مقابلة العمل لما كان فضلا.
قال الرازي: الرحمة والفضل محمولان على ما في الجنة من المنفعة والتعظيم، وأما الهداية فالمراد منها السعادات الحاصلة بتجلي أنوار عالم القدس والكبرياء في الأرواح البشرية، وهذا هو السعادة الروحانية. وأخر ذكرها عن القسمين الأولين تنبيها على أن البهجة الروحانية أشرف من اللذات الجسمانية
(1)
.
والهداية في القرآن نوعان: هداية عامة وهداية خاصة.
أما الهداية العامة: فهي كما في قوله تعالى: {وَهَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ} [البلد:
10/ 90] أي طريقي السعادة والشقاوة، والخير والشر، وهذه تشمل هداية الحواس الظاهرة والباطنة، وهداية العقل، وهداية الدين.
وأما الهداية الخاصة: فهي مثل: {أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللهُ، فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ} [الأنعام 90/ 6] ومثل {اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} [الفاتحة 6/ 1]. هذه الهداية ليست الدلالة العامة كما سبق، وإنما هي الإعانة والتوفيق للسير في طريق الخير والنجاة مع الدلالة. ولما كان الإنسان عرضة للخطأ والضلال في فهم الدين وفي استعمال الحواس والعقل، كان محتاجا إلى المعونة الخاصة، فأمرنا الله بطلبها منه في قوله تعالى:{اِهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ} .
(1)
تفسير الرازي: 120/ 11