الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هـ - أدلة الشريعة اللفظية لا تستغني عن معرفة المقاصد الشرعية
إن الكلام لم يكن في لغة من لغات البشر، ولا كان نوعٌ من أنواعه وأساليبه في اللغة الواحدة بالذي يكفي في الدلالة على مراد اللافظ دلالةً لا تحتمل شكاً في مقصده من لفظه، أعني: الدلالة المعبّر عنها بالنص الذي يفيد معنى لا يحتمل غيره (1)، ولكن تفاوت
(1) تقرير هذه الحقيقة من غير احتراز يصبح معها الدليل اللفظي محتملاً لأزيد من معنى، فلا يقطع بإرادة المعنى الواحد منه. وذلك ما ذهب إليه أهل الأهواء، حين أرادوا أن يشكّكوا في مدلولات النصوص من الكتاب والسنة بما أذاعوا من الاحتمالات العشرة العدمية. وهي: عدم الاشتراك المعنوي، وعدم المجاز، وعدم النقل إلى معنى شرعي، وعدم النقل إلى معنى عادي عرفي، وعدم الإضمار، وعدم التخصيص للعموم، وعدم التقييد للمطلق، وعدم الناسخ، وعدم التقديم والتأخير، وعدم المعارض العقلي. وبهذا تتعطل أحكام الشريعة إذا كان الدليل مجرداً غير مقترن بما يبين المراد منه كالتصاريف القولية.
أما إذا اقترنت الأدلة اللفظية (النصيّة) بما تكشف علوم اللغة والبلاغة عن المراد منها فإن المباني تتَّضِح، ولا يكون فيها بإذن الله إيهام ولا لبس.
وقد أكد المؤلف هذا المعنى بما ساقه بعدُ من قوله: وبذلك لم يستغنِ المتكلمون والسامعون
…
وقال الإسنوي: صحح الإمام في المحصول والآمدي في الأحكام =
دلالة ألفاظ اللغات، ودلالة أنواع كلام اللغة الواحدة تفاوتاً في تطرّق الاحتمال إلى المراد بذلك الكلام. فبعض أنواع الكلام يتطرّقه احتمالٌ أكثر ممَّا يتطرق إلى بعض آخر، وبعضُ المتكلمين أقدر على نصب العلامات في كلامه على مراده منه من بعض آخر. ومن هنا وُصف بعضُ المتكلّمين بالفصاحة والبلاغة.
على أن حظ السامعين للكلام في مقدار الاستفادة منه متفاوت أيضاً؛ بحسب تفاوت أذهانهم، وممارستهم لأساليب لغة ذلك الكلام، ولأساليب صنف المتكلم بذلك الكلام.
وبذلك لم يستغنِ المتكلمون والسامعون عن أن تحف بالكلام ملامحُ من سياق الكلام، ومقام الخطاب، ومبيّناتٌ من البساط، لتتظافر تلك الأشياءُ الحافة بالكلام على إزالة احتمالاتٍ كانت تعرض للسامع في مراد المتكلم من كلامه. ولذلك تجدُ الكلامَ الذي شافه به المتكلم سامعيه أوضح دلالة على مراده من الكلام الذي بَلَّغَه عنه مبلَّغ، وتجد الكلامَ المكتوب أكثرَ احتمالاتٍ من الكلام المبلّغ بلفظه
= أن الإجماع ظني. وبناء على ذلك فقد ورد في منتهى السول قول الإسنوي: أما السنة فالآحاد منها لا تفيد إلا الظن، وأما المتواتر فهو كالقرآن متنه قطعي ودلالته ظنية لتوقفه على نفي الاحتمالات العشرة، ونفيها ما ثبت إلا بالأصل، والأصل يفيد الظن فقط. منتهى السول: 1/ 41. ويزيد المؤلف تأكيداً لرأيه هذا بقوله في هذا الفصل: يخطئ الفقهاء حين يقتصرون في استنباط الأحكام على اعتصار الألفاظ وتوجيه آرائهم إلى اللفظ مقتنعين به، وإنّ أدق مقام في الدلالة وأحوجه إلى الاستعانة عليها مقام التشريع، وأن التابعين كانوا يتبصّرون من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم لدفع الاحتمالات ومعرفة ما يستنبط من العلل تبعاً لمعرفة الحكم والمقاصد. 79 - 86.
بله المشافه به؛ من أجل فقده دلالة السياق وملامح المتكلّم والمبلّغ، وإن كان هو أضبط من جهة انتفاء التحريف والسهو والتصرف في التعبير عن المعنى عند سوء الفهم (1).
ومن هنا يقصر بعض العلماء ويتوحّل في خَضخاض من الأغلاط حين يقتصر في استنباط أحكام الشريعة على اعتصار الألفاظ، ويوجّه رأيه إلى اللفظ مقتنعاً به، فلا يزال يقلَّبه ويحلّله ويأمل أن يستخرج لُبَّه. ويهمل ما قدمناه من الاستعانة بما يحفَ بالكلام من حافات القرائن والاصطلاحات والسياق. وإنّ أدق مقام في الدلالة وأحوجه إلى الاستعانة عليها مقام التشريع.
وفي هذا العمل تتفاوت مراتب الفقهاء، وترى جميعهم لم يستغنوا عن استقصاء تصرّفات الرسول صلى الله عليه وسلم ولا على استنباط العلل، وكانوا في عصر التابعين وتابعيهم يشدّون الرحال إلى المدينة ليتبصّروا من آثار الرسول صلى الله عليه وسلم وأعماله وعمل الصحابة ومن صحبهم من التابعين. هنالك يتبيّن لهم ما يدفع عنهم احتمالات كثيرة في دلالات الألفاظ، وليتضح لهم ما يستنبط من العلل تبعاً لمعرفة الحكم والمقاصد. وفي هذا المقام ظهر تقصير الظاهرية وبعض المحدّثين المقتصرين في التَفَقُّه على الأخبار (2).
(1) أسقط المؤلف بعد مراجعته للطبعة الأولى من كتابه مقاصد الشريعة الفقرة التي أثبتها إثر هذا فيها وهي التي أولها: وإذا كان التضلع في معرفة خصائص كلام العرب .... ، وقبل قوله في بداية الفقرة الموالية: ومن هنا يقصر بعض العلماء. وهذا ما وقفت عليه بنفسي في نسخته المصححة. وهي بين يدي. ق (1) 24، بـ (2)27.
(2)
استبدل المؤلف بكلمة "الآثار" الواردة في الطبعة الأولى لكتابه، كلمة "الأخبار" كما هو وارد هنا. وحذف نحو عشرة أسطر هي ما بين "الآثار بل الأخبار" وقوله بعدُ:"ولله درّ البخاري": ق (1) 25، بـ (2)28. وسقط =
ولله درُّ البخاري إذ ترجم في كتاب الاعتصام من صحيحه بقوله: باب ما ذكَر النبي صلى الله عليه وسلم وحضّ على اتفاق أهل العلم، وما أجمع عليه الحَرَمان مكة والمدينة، وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار ومصلّى النبي والمنبر والقبر (1). ثمّ أخرج
= من الطبعة الثانية التي اعتمدناها ما أثبته المؤلف في ط (1) ثم حذفه وهو قوله: وظهر بطلان ما روي عن الشافعي من أنه قال: إذا صح الحديث عن رسول الله فهو مذهبي، إذ مثل هذا لا يصدر من عالم مجتهد. وشواهد أقوال الشافعي في مذهبه تقضي بأن هذا الكلام مكذوب أو محرّف عليه، إلا أن يكون أراد من الصحة تمام الدلالة أي إذا تعضد بما شرحناه وسَلَم من المعارضة بما حذرنا منه. وحينئذ يكون قوله هذا يؤول إلى معنى: إذا رأيتم مذهبي فاعلموا أنه الحديث الصحيح. وكذا ما نقله الشاطبي في كتاب الاعتصام عن أحمد بن حنبل من أنه قال: إن الحديث الضعيف خير من القياس. وهذا لا يستقيم لأنه إن كان به ما في القياس من احتمال الخطأ، فإن في الحديث الضعيف احتمال الكذب. وهذا احتمال له أثر أقوى في زوال الثقة بالحديث الضعيف من أثر احتمال الخطأ في القياس فنجزم أن أحمد بن حنبل قد حُرّف عليه هذا القول. ط (1). الاستقامة:25.
(1)
انظر 90 كتاب الاعتصام بالكتاب والسنة، 16 باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحضّ على اتفاق أهل العلم وما اجتمع عليه الحرمان مكة والمدينة وما كان بها من مشاهد النبي صلى الله عليه وسلم والمهاجرين والأنصار، ومصلى النبي صلى الله عليه وسلم والمنبر والقبر. خَ: 8/ 151.
وفي فتح الباري نقل عن الكرماني - في باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحضّ على اتفاق أهل العلم -: في بعض الروايات: (وما حض عليه من اتفاق) وهو من باب تنازع العاملين. وهما: ذكر وحض
…
قال - أي الكرماني -: الإجماع هو اتفاق أهل الحل والعقد، أي المجتهدين من أمة محمد صلى الله عليه وسلم على أمر من الأمور الدينية، واتفاقُ مجتهدي الحرمين دون غيرهم ليس بإجماع عند الجمهور. وقال مالك: إجماع أهل المدينة حجّة. قال: =
حديث عاصم قال: "قلت لأنس بن مالك: أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: "لا حلف في الإسلام" (1)؟ قال أنس: قد حالف النبي بين قريش
= وعبارة البخاري مشعرة بأن اتفاق أهل الحرمين كليهما إجماع. قلت: لعله أراد الترجيح به لا دعوى الإجماع. وإذا قال مالك ومن تبعه في الرأي بإجماع أهل المدينة وحدها، فهم قائلون به إذا وافقهم أهل مكة بطريق الأَولى. ونقل ابن التين عن سحنون اعتبار إجماع أهل مكة مع أهل المدينة، حتى لو اتفقوا كلهم، وخالفهم ابن عباس في شيء لم يعدّ إجماعاً. وهو مبني على أن ندرة المخالف تؤثر في ثبوت الإجماع. الفتح: 13/ 306.
وفي نهاية شرح الباب من الكتاب نقل ابن حجر عن ابن بطال عن المهلب قال: غرض البخاري بهذا الباب وأحاديثه تفضيل المدينة بما خصّها الله به من معالم الدين
…
وإنما المراد هنا تقدم أهلها في العلم على غيرهم. فإن كان المراد من ذلك تقديمهم في بعض الأعصار، وهو العصر الذي كان فيه النبي صلى الله عليه وسلم مقيماً بها فيه، والعصر الذي بعده من قبل أن يتفرق الصحابة في الأمصار، فلا شك في تقديم العصرين المذكورين على غيرهما. الفتح: 13/ 312.
(1)
الحديث: "لا حلف في الإسلام، وأيّما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدّة". انظر 39 كتاب الكفالة، 2 باب قول الله تعالى:{وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ} ، ح 3، وهو حديث عاصم هذا بلفظه خَ: 3/ 57؛ وفي 71 كتاب الآداب، 67 باب الإخاء والحلف، ح 2. خَ: 7/ 92؛ 90 كتاب الاعتصام، 16 باب ما ذكر النبي صلى الله عليه وسلم وحض على اتفاق أهل العلم، ح 18. الحديث عن عاصم الأحول عن أنس، وتمامه: "وقَنَتَ شهراً يدعو على أحياء من بني سُلَيم". خَ: 8/ 154؛ انظر 44 كتاب فضائل الصحابة، 55 باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه رضي الله عنهم. ح 204، 205. مَ: 2/ 1960 - 1961؛ انظر 13 كتاب الفرائض، 17 باب في الحلف، ح 2926. دَ: 3/ 338 - 339.
ورد الحديث بألفاظ متقاربة، وهناك أحاديث أخرى بمعناه. ويظهر أن =
والأنصار في داري التي بالمدينة. يشير إلى إبطال الحديث المروي عن أم سلمة وعن جبير بن مطعم وعن ابن عباس. أخرجه أحمد والطبراني وابن حبان وأبو داود (1). وفيه ما يحرر مقدار الاعتبار
= الحلف المنفي في الأحاديث هو خصوص حلف التوارث والحلف على ما منع الشرع منه. وأما ما يدل عليه عَجْزُ الحديث من الأحلاف التي تجوز في الإسلام ولا يزيدها الدين إلا ثباتاً وتأكيداً كالمؤاخاة في الإسلام والمحالفة على طاعة الله، والتناصر في الدين، والتعاون على البر والتقوى، وإقامة الحق، فهذا باقٍ لم يُنْسَخ. قاله النووي. شرح مسلم: 16/ 81 - 82.
(1)
وفي فتح الباري: كأن عاصماً يشير بذلك إلى ما رواه سعد بن إبراهيم بن عبد الرحمن بن عوف عن أبيه عن جبير بن مطعم مرفوعاً: "لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدة" أخرجه مسلم.
ولهذا الحديث طرق. منها: عن أم سلمة مثله، أخرجه عمر بن شبة في كتاب مكة عن أبيه، وعن عمرو بن شعيب عن أبيه عن جده
…
وورد عن قيس بن عاصم أنه سأل رسول الله صلى الله عليه وسلم عن الحلف، فقال:"لا حلف في الإسلام، ولكن تمسّكوا بحلف الجاهلية" أخرجه أحمد، وعمر بن شبة واللفظ له.
ومنها: عن ابن عباس رفعه: "ما كان من حلف في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شِدَّة وحدّة". أخرجه عمر بن شبة واللفظ له، وأخرجه أحمد، وصححه ابن حبان. كما ورد الحديث في المراسيل: مرسل الشعبي، رفعه:"لا حلف في الإسلام، وفي الجاهلية مشدود". ومرسل عدي بن ثابت قال: "أرادت الأوس أن تحالف سلمان فقال رسول الله صلى الله عليه وسلم
…
" مثل حديث قيس بن عاصم، أخرجه عمر بن شبة. ابن حجر. الفتح: 4/ 473؛ ابن حبان. الاحسان بترتيب صحيح ابن حبان: 7/ 26، 453.
انظر الحديث عن طريق جبير بن مطعم 44 كتاب فضائل الصحابة، 50 باب مؤاخاة النبي صلى الله عليه وسلم بين أصحابه، ح 206. مَ: 2/ 1961؛ وعنه انظر 13 =
. . . . . . . . . . . . . . . . . . . . .
= كتاب الفرائض، 17 باب في الحلف ح 2925. دَ: 3/ 338؛ وانظر حَم: 4/ 83؛ والطبراني في المعجم الكبير: 2/ 143، 1580، 149، 1597. وأخرجه عن طريق ابن عباس: في 17 كتاب السير، 81 باب لا حلف في الإسلام، ح 2529 دَي: 2/ 558. وكذا الطبراني. المعجم الكبير: 11/ 281، 11740. وانظر عن عبد الله بن عمر. حَم: 2/ 180، 205، 207، 213، 215؛ وعن قيس بن عاصم. حَم: 5/ 61؛ وعن أنس. حَم: 3/ 162.
وقد تناولت آيتانِ في كتاب الله موضوع الحلف: الأولى قوله سبحانه: {وَلِكُلٍّ جَعَلْنَا مَوَالِيَ مِمَّا تَرَكَ الْوَالِدَانِ وَالْأَقْرَبُونَ وَالَّذِينَ عَقَدَتْ أَيْمَانُكُمْ فَآتُوهُمْ نَصِيبَهُمْ إِنَّ اللَّهَ كَانَ عَلَى كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدًا} النساء: 33، والثانية قوله عز وجل:{وَالَّذِينَ آمَنُوا مِنْ بَعْدُ وَهَاجَرُوا وَجَاهَدُوا مَعَكُمْ فَأُولَئِكَ مِنْكُمْ وَأُولُو الْأَرْحَامِ بَعْضُهُمْ أَوْلَى بِبَعْضٍ فِي كِتَابِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيمٌ} الأنفال: 75. وتعرضت السنة له أيضاً في أحاديث كثيرة منها حديث جبير بن مطعم وحديث أنس السابقان. والحلف في الجاهلية كالإخاء في الإسلام. والفاصل بين الزمنين إما نزول آية النساء، وإما نزول آية الأنفال، وقال بعضهم: هو الهجرة، وقال آخر: هو وقعة الحديبية. وهذا الوجه الأخير هو رأي عمر بن الخطاب، وهو المقدَّم والأقوى. ابن حجر الفتح: 4/ 472.
كان الناس في الجاهلية يتحالفون فيما بينهم، فيتعاقدون ويتعاهدون بقولهم:"ثأري ثأرك وحربي حربك وسلمي سلمك، وترِثني وأرِثك، وتطلب بي وأطلب بك، وتعقل عني وأعقل عنك". ومن أحلاف الجاهلية حلف الأحابش، وحلف قريش وأزد وثقيف ودوس، وحلف المطيبين، وحلف الفضول.
والحديث النافي لوقوع الحلف في الإسلام حديث جبير: "لا حلف في الإسلام، وأيما حلف كان في الجاهلية لم يزده الإسلام إلا شدّة". والحديث المثبت لوقوعه في الإسلام حديث عاصم: "قال: قلت لأنس: =
بمذاهب الصحابة فيما طريقه النقل والعمل. فقد كانوا يسألون رسول الله إذا عرضت لهم الاحتمالات، وكانوا يشاهدون من الأحوال ما يبصرّهم بمقصد الشارع.
= أبلغك أن النبي صلى الله عليه وسلم قال: لا حلف في الإسلام؟ قال أنس: قد حالف النبي صلى الله عليه وسلم قريش والأنصار في بيتي بالمدينة". قال الطبري: ما استدلّ به أنس على إثبات الحلف لا ينافي حديث جبير بن مطعم في نفيه، فإن الإخاء المذكور كان في أول الهجرة وكانوا يتوارثون به، ثم نسخ من ذلك الميراث وبقي ما لم يبطله القرآن. ابن حجر. الفتح: 4/ 473.
والفرق بني الحلفين - الحلف في الجاهلية والحلف في الإسلام - مرده قول عكرمة: كان الرجل يحالف الرجل ليس بينهما نسب، فيرث أحدهما الآخر. وبمثله في الإسلام من الموارثة مثل الذي كان لهم في الجاهلية. وعن سعيد بن جبير:"كان الرجل يعاقد الرجل فيرثه". وعاقد أبو بكر رضي الله عنه مولى فورثه. وكان للمولى السدس في تركة الميت أقرته الآية. قاله ابن عباس والحسن وقتادة وابن جبير. ولعل مرادهم أن المسلمين جعلوا للمولى السدس وصية، لأن أهل الجاهلية لم تكن عندهم موازين معيّنة. ثم نسخ ذلك بما فرض الله من الفرائض لذوي الأرحام والقرابات. الطبري: 8/ 274 - 275.