الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المقدمات:
مقدمة الطبعة الثانية:
يتوخى الإنسان من إرساء العلوم الجديدة، ومناهج وطرق البحث زيادة قدرته على تفسير الظواهر الاجتماعية أو الطبيعية المحيطة به، ثم الانطلاق من هذا التفسير إلى محاولة التنبؤ بما قد يحدث، ثم التحكم في الظواهر والأحداث المتوقعة بقدر الإمكان. ولا تقتصر محاولة الاستفادة من هذه الأساليب العلمية على العالم أو المفكر، وإنما تلتزم بها بالدرجة الأولى الأجهزة المتخصصة في الدول المتقدمة، ممثلة في مجموعات البحوث في وزارات الخارجية والاقتصاد والدفاع والإعلام، وكذلك في أجهزة البحوث والرصد بالصحف الكبرى والأحزاب الجماهيرية. ويجب التحذير سلفا من مغبَّة المبالغة وسوء التقدير؛ إذ إن جميع مناهج وطرق البحث دون استثناء -ورغم أهميتها القصوى علميا وحياتيا- ليست عصا سحرية، وإنما تأتي في الواقع في المرتبة الثانية بالنسبة للقدرات العقلية الخلاقة للإنسان الذي تتوقف عليه أولا، وأخيرا إمكانيات نجاح البحث، أو الكتابة السياسية. معنى ذلك أن كل ما نهدف إليه من تدريب على تلك المناهج والطرق إنما ينحصر في ترتيب الذهن، وتعلم أساليب التفكير العلمي المنطقي، والتزوّد بالأدوات الضرورية التي قد تساعد على زيادة فرص التوفيق في طرح الأسئلة الملائمة للموضوع المطروح، والاختيار الرشيد بين المناهج والطرق المناسبة.
ونريد التشديد على أن التركيز في الإطار التالي سيكون على المناهج
والطرق العلمية المعروفة. أما التقسيم الأيديولوجي لتلك المناهج والطرق، فينطلق من أن تطبيق أي منهج أو طريقة نادرا ما يخلو من ارتباط بقيم، أو توجهات أيديولوجية معينة صريحة أو ضمنية، خاصة وأن المناهج والطرق التي نحن بصدد دراستها تتعلق بالعلوم السياسية.
تشتمل هذه الطبعة على العرض التحليلي لمنهج المفكر العربي الكبير عبد الرحمن بن خلدون. وهي تتناول بعض الجوانب الهامة المتعلقة بمنهج البحث الإسلامي، بصفته نقطة الانطلاق بالنسبة لابن خلدون ولغيره من المفكرين والعلماء المسلمين؛ ذلك أن ابن خلدون لم ينطلق من فراغ، وإنما استفاد من الجهود الخلاقة لمن سبقوه من هؤلاء الفقهاء والمفكرين الذين تخلوا قبله عن المنهج القياسي لأرسطو. وأخيرا هناك استقصاء لمدى امتداد التأثير الإغريقي إلى الفكر الإسلامي بصفة عامة، وما إذا كان منهج أرسطو قد أثر بدوره على البحوث الطبيعية، والاجتماعية للمفكرين المسلمين. وفيما عدا ذلك، فإن بقية تحليل وشرح المداخل والمناهج يظل كما ورد بالطبعة الأولى.
والله ولي التوفيق.
د. محمد محمود ربيع
الكويت 1986