الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الفصل الثامن: الفروض والنظريات
مدخل
…
الفصل الثامن: الفروض والنظريات
إذا كانت لدينا مشكلة أو ظاهرة سياسية ما وطرح بشأنها سؤال لتوضيحها، فإن "الفرض" Hypothesis هو الإجابة المقترحة على هذا السؤال. ويصلح الفرض في إقامة علاقة بين الأحداث الهامة، كما يساعد على اختيار الأحداث التي ستخضع للمشاهدة، وبذلك يسهم في كشف خطوات وإجراءات البحث.
بعد تجميع تلك الأحداث، يلعب الفرض دورا حيويا في عملية تفسيرها وبيان مغزاها، وفي حالة التحقق من صحته سواء بطريقة تجريبية أو بشكل منطقي، فإن الفرض يمكن أن يمثل عاملا محتملا في سلسلة الخطوات المؤدية إلى بناء النظرية.
اعتمدت مداخل البحث أعلاه على مصادر متعددة تناولنا منها العلوم الأكاديمية والظواهر والقوى السياسية، ووجدنا أن كل تلك المداخل تزود الدارس بمعايير وضوابط عامة لانتقاء الموضوعات، أو المشاكل التي يبحثها واختيار المعلومات المرتبطة بها. كلها إذًا تعكس أو تقترح مفهوما لما يجب اعتباره عاما في أية محاولة لفهم مسار الأحداث السياسية والتنبؤ بها أو السيطرة عليها. أي: إنها تشير بشكل عام إلى أفكار ومعلومات يفترض أنها هامة، وذات مغزى بالنسبة لموضوع الدراسة.
إن الفرق بين ما سبق، وبين الفروض التفسيرية والنظريات السببية التي قد تستخدم كمداخل للبحث، هو فرق كمي وليس كيفيا، حيث إن كل المداخل
تعكس أو تقترح مفاهيم بما يعتبر هاما، وإن كانت الفروض تقوم بذلك بشكل أكثر وضوحا.
فبينما يقتصر المدخل المرتبط بأحد العلوم الأكاديمية على الإشارة إلى حقل البحث والمعلومات المختلفة المرتبطة به، فإن المدخل الذي يجد تعبيرا عنه في فرض، أو نظرية يشير إلى نوع أكثر تحديدا من المعلومات، وإلى طريقة محددة في ترتيبها.
يمكن إعطاء مثال على الحالة الأولى بالمقولة التي تذهب إلى أن أسباب الحرب إما أن تكون اقتصادية، أو نفسية حيث نلاحظ أن الإشارة واضحة إلى معلومات ترتبط بعلوم أكاديمية. في الحالة الثانية نجد مقولة أخرى تذهب إلى أن الرأسمالية على وجه التحديد هي التي تسبب الحرب.
هذه المقولة المحددة تساعد على توجيه الاهتمام بقدر أوضح إلى موضوع بعينه، واختيار المعلومات اللازمة للدراسة. بمعنى أن النظرية السببية، أو الفرض العام يطبق على ما قد يطرأ من حالات محددة1.
ولا بد من التنويه بأنه رغم وجود علاقة بين بعض الاعتبارات التي سنذكرها فيما يلي، وبين مثيلاتها التي تم تناولها في إطار العلوم الأكاديمية كالجغرافيا والاقتصاد، فإن اختلافات ستتكشف عند الدراسة. ويمكن تجميع الفروض التفسيرية والنظريات السببية -إذا اعتبرت مداخل للبحث السياسي- في عدة فئات وفقا لمدى التركيز النسبي على التأثيرات البيئية، أو الاعتبارات الأيديولوجية.
1 lbid.، pp. 163، 164، M. Grawitz، Methodes Des Sciences Sociales، op. cit.، pp. 39l ff.