الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
تحفظات على استخدام المدخل الأيديولوجي:
يعتمد هذا المدخل على الفرض القائل بأن العقائد هي دليل العمل، وإن كان هذا لا يعني أن جميع المشاكل قد انتهت؛ إذ الواقع أنه تظل هناك بعض التحفظات التي تستلزم توخي الحرص والحذر في الدراسة، نذكر منها ما يلي:
- تتسم المعتقدات التي تتكون منها الأيديولوجية بأنها ليست دقيقة دائما، وإنما على العكس من ذلك فإنها غالبا ما تكون مبهمة وقابلة للتشكيل بطرق مختلفة حسب اختلاف العصر، والأشخاص المؤمنين بها.
- قد يكون مفهوم شخص ما للأيديولوجية التي يعتنقها في طريقه إلى التغير. هنا يتعين معرفة وقياس مدى التغير وسببه، والاتجاه الذي يسير فيه.
- قد يفسر الأفراد الأيديولوجية التي يؤمنون بها تفسيرات متعددة قد تنتهي بالاتفاق أو قد تنحرف عن مفهومها ومسارها. وتبدو أهمية ذلك عندما تكون الأيديولوجية دليلا تسترشد به حركة سياسية ما حيث يصبح للاتفاق، أو الاختلاف في التفسير مغزى خاص.
ويعتبر تاريخ الأديان، والأيديولوجيات السياسية مجالا خصبا لمثل تلك الدراسات، حيث يدعي كل حزب أو تكتل أو فريق أن مفهومه للدين أو المذهب هو المفهوم الوحيد الصحيح، وما عداه مروق عن تعاليم السماء أو انحراف عن الخط السليم للمذهب السياسي، مع ما يتبع ذلك من انقسامات وظهور فرق جديدة، وحجج مضادة قد يصل الصراع بينها إلى حد القطيعة، أو اللجوء إلى العنف.
- لا يقتصر الغموض فقط على الأيديولوجيات نفسها وقابليتها للتفسير بطرق متعددة، وإنما ينسحب أيضا على الأوضاع التي تطبق فيها من حيث ما قد يشوبها من ارتباك وخلط. مثال ذلك وجهة النظر الماركسية التي ترى أن الأحداث التاريخية تتعرض لحركات مد، وجزر ثوري.
لمواجهة ذلك يخطط الماركسيون بوضع إستراتيجيات معينة لمواجهة الأوضاع التي تسودها حالة من المد الثوري، كما يضعون إستراتيجيات أخرى لمواجهة أوضاع الجزر الثوري. لكن يثور الخلاف حول المعايير التي استخدمت للحكم على أوضاع ما بأنها تمثل حالة من المد أو الجزر الثوري، ومدى إمكانية الاعتماد على تلك المعايير، وهو ما تعكسه الآراء المتباينة للماركسيين أنفسهم حول الموضوع.
لهذا يتحتم على غير الماركسيين الذين يحاولون استخدام الأيديولوجية كمدخل للتفسير، أو التنبؤ أن يهتموا ليس فقط بالطريقة التي يفسر بها الماركسيون -باتجاهاتهم المتعددة- المذهب الماركسي، وإنما أن يهتموا أيضا بطريقة تعريفهم للوضع والخلفية اللذين يتم فيهما تطبيق ذلك المذهب.
- قد تظهر مشكلة أخرى نتيجة انتماء الشخص لأيديولوجيات متعارضة، مثلا الليبرالية أو الماركسية من جانب علاوة على القومية. ورغم أن تلك الأيديولوجيات قد تتفق من عدة أوجه، إلا أنه من المؤكد أن تظهر بعض المتناقضات خلال الممارسة اليومية مما يدفع الفرد بشكل ما إلى الاختيار بينها. في تلك الحالة، يجب أن يشمل تفسير سلوك ما، أو التنبؤ به تفسيرا -أو تنبؤا أيضا- بالاختيارات التي تمت بين الأيديولوجيات التي تتنافس على ولاء الفرد.
- قد يكون من المستحسن تجنب الافتراض الذي يرى أن الاعتبارات الأيديولوجية تؤثر وتتحكم في كل الأفعال. فمشاعر الطموح، والرغبات الشخصية مثلا ليست لها طبيعة أيديولوجية ومع ذلك فهي تحل أحيانا محل الأيديولوجية في التأثير على سلوك الفرد لدرجة أن الدوافع الشخصية للأشخاص الذين يحتلون مراكز سياسية حساسة قد تكون لها أهمية كبيرة في تشكيل سير الأحداث. أي: إنه مع الاعتراف بأن معرفة الأيديولوجية، أو الأيديولوجيات