المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع الخصومات لذي الهيئات] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ٥

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[تَنْبِيه رَهْنِ الدَّارِ الْغَائِبَة وَالشَّيْءِ الْغَائِبِ]

- ‌[فَرْعٌ رَاهِنُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ يَسْقُطُ عَنْهُ ضَمَانُهُ]

- ‌[فَرْعٌ رَهَنَهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ رَهْنًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَقَبَضَهُ]

- ‌[وَقَعَ الرَّهْنُ فَاسِدًا بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا]

- ‌[حُلُول الْأَجَل]

- ‌[فَرْعٌ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ كِرَاء الدَّارَ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ أَوْ الْعَبْدَ الْكَثِيرَ الْخَرَاجِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ أُجْرَةً عَلَى تَوَلِّيهِ]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ الرَّهْنُ مُصْحَفًا أَوْ كُتُبًا وَقَرَأَ فِيهَا الرَّاهِنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ دُونَ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ]

- ‌[فَرْعَانِ الْأَوَّلُ حَوْزُ الْقَيِّمِ بِأُمُورِ الرَّهْنِ وَالْمُتَصَرِّفِ فِي مَالِهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَتَى تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي الرَّهْن]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اخْتِلَاف الْمُفْلِس مَعَ غُرَمَائِهِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ إذَا تَتَطَوَّع بِالرَّهْنِ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ]

- ‌[هَلْ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّ الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَأَخْذُ الرَّهْنِ]

- ‌[إذَا اُسْتُحِقَّ الرَّاهِن الرَّهْنُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌[بَاعَهُ عَلَى رَهْنٍ مَضْمُونٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ سَمَّى لَهُ رَهْنًا ثُمَّ بَاعَهُ]

- ‌[تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فَبَاعَ الرَّهْنَ أَوْ وَهَبَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ هَلْ يَتَوَقَّفُ بَيْعُ الْحَاكِمِ عَلَى إثْبَاتِ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي سَوَّمَهُ قِيمَةُ مِثْلِهِ]

- ‌[الْمُرْتَهِنَ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ ثُمَّ أَثْبَتَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ قَضَاهُ]

- ‌[إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ إلَّا بِجُعْلٍ]

- ‌[فُرُوعٌ يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى الْإِبَاقِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدَ الرَّهْنَ]

- ‌[بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الرَّاهِنِ فَسَأَلَهُ الْمُشْتَرِي دَفْعَ الرَّهْنِ إلَيْهِ]

- ‌[ادَّعَيْت دَيْنًا فَأَعْطَاهُ بِهِ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَاعَ عِنْدَك ثُمَّ تَصَادَقْتُمَا عَلَى بُطْلَانِ دَعْوَاه]

- ‌[إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ رَدَّ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ وَقَبَضَ الدَّيْنَ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ]

- ‌[فَرْعٌ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ أَوْ ثَمَرَةَ النَّخْلِ رَهْنٌ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ]

- ‌[تَنْبِيه اخْتَلَفَا أَيْ الرَّاهِن وَالْمُرْتَهِن عِنْدَ الْقَاضِي فِي أَيِّ الْحَقَّيْنِ يَبْدَأُ بِالْقَضَاءِ]

- ‌[فُرُوعٌ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ كَذَا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ قَبَضَتْهُ مُبْهَمًا]

- ‌[كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ عَشَرَةٌ وَلِرَجُلٍ آخَرَ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَوَكَّلَا مَنْ يَقْضِي مِنْهُ الْعِشْرِينَ فَاقْتَضَى عَشَرَةً]

- ‌[بَابٌ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ]

- ‌[فَرْعٌ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَزَعَمَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ الْغَرِيمَ يُرِيدُ السَّفَرَ وَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ الْتَزَمَ لِإِنْسَانٍ أَنَّهُ إنْ سَافَرَ فَلَهُ عَلَيْهِ كَذَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ وَغَابَ الْمَالُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ لَا أُرِيدُ حُلُولَ عُرُوضِي]

- ‌[فَرْعٌ طَلَبَ الْوَارِثُ تَأْخِيرَهُ لِلْأَجَلِ بِحَمِيلٍ مَلِيءٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا قَامَ لِلْمَيِّتِ أَوْ الْمُفْلِسِ شَاهِدٌ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الْغُرَمَاءَ يَحْلِفُونَ مَعَ شَاهِدِهِمْ وَيَسْتَحِقُّونَ حُقُوقَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ ادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَأَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً عَلَى دَارٍ أَوْ عَرْصَةٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ]

- ‌[فَرْعٌ بَيْعُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ قِسْمَتِهِمْ]

- ‌[فَرْعٌ مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَقَسَمَ وَرَثَتُهُ مِيرَاثَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ أَيْ الغريم]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى أَيْ مِنْ سِجْنه الْإِمَام هَلْ يَخْرُجُ لِيَسْمَعَهَا]

- ‌[فَرْعٌ حُبِسَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ فِي دَيْنٍ فَأَقَرَّ الْمَحْبُوسُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَجَّرَ نَفْسَهُ]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَخْرُجَ إلَى بَلَدٍ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ فَأَقَامَ رَجُلٌ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِدَيْنٍ]

- ‌[فَرْعٌ قُيِّمَ عَلَى الْمُفْلِسِ فَوَجَدَ بَعْضُ النَّاسِ سِلْعَةً لَهُ فَأَرَادَ أَخْذَهَا فَخَاصَمَهُ الْمُفْلِسُ]

- ‌[فَرْعٌ حَيْثُ يَكُونُ الْبَائِعُ أَحَقَّ بِسِلْعَتِهِ هَلْ يُفْتَقَرُ أَخْذُهَا إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[طَلَبَ الْمُصَالِحُ أَخْذَ الْوَثِيقَةِ الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا]

- ‌[أَبَى الَّذِي بِيَدِهِ الْوَثِيقَةُ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[بَابٌ الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِلْإِفَاقَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ أَسْبَابُ الْحَجَر]

- ‌[تَنْبِيهٌ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَتْ عَمَّةُ صَبِيَّةٍ تَزَوَّجَتْ ابْنَةُ أَخِي قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَالَ وَلِيُّهَا زَوَّجْتُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَقَعَ عَقْدٌ عَلَى يَتِيمَةٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رِضَاهَا وَاعْتِرَافِهَا بِالْبُلُوغِ فَلَمَّا دَخَلَتْ أَنْكَرَتْ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ وَتَصَرَّفَ السَّفِيهُ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ الْقَاضِي تَرِكَةً قَبْلَ ثُبُوتِ مُوجِبَاتِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعْتَقَ عَبْدَ ابْنِهِ الَّذِي هُوَ فِي وِلَايَتِهِ وَحِجْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ رَجُلٌ بِعِتْقِ عَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْكَبِيرِ وَهُوَ ذُو مَالٍ فَحَنِثَ فِيهِمْ]

- ‌[مَسْأَلَة تَصَدَّقَ عَلَى مَحْجُورٍ بِمَالٍ وَشَرَطَ فِي صَدَقَتِهِ أَنْ يُتْرَكَ بِيَدِ الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[تَنْبِيه الصُّلْحُ عَلَى الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَرْعٌ صَالَحَ عَلَى عَبْدٍ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ سَرَقَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ صُلْحُ الْفُضُولِيِّ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا كَانَ الصُّلْحُ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ وَأَرَادَ نَقْضَهُ وَالرُّجُوعَ إلَى الْخُصُومَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا أَشْهَدَ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ أَنَّهُ أَسْقَطَ الِاسْتِرْعَاءَ]

- ‌[بَاب شَرْطُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارُهُ]

- ‌[تَنْبِيه إحَالَةُ الْقَطْعِ]

- ‌[فَرْعٌ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحَالَةِ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ بَعْدَ الْإِحَالَةِ لِلْمُحِيلِ]

- ‌[تَنْبِيه بَاعَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ]

- ‌[بَاب الضَّمَانُ]

- ‌[مَسْأَلَة كَيْفِيَّة الضَّمَان]

- ‌[الْحَمَالَةَ بِالْمَالِ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ لِغَرِيمِهِ إنْ عَجَّلْت لِي مِنْ حَقِّي كَذَا وَكَذَا فَبَقِيَّتُهُ مَوْضُوعَةٌ عَنْك]

- ‌[فَرْعٌ تَكَفَّلَ بِوَجْهِ رَجُلٍ فَغَابَ الرَّجُلُ فَأَخَذَ بِهِ الْكَفِيلُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ بَاعَ مَوْلًى وَأَخَذ حَمِيلًا بِالثَّمَنِ فَرَدَّ ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَأَسْقَطَهُ عَنْ الْمَوْلَى]

- ‌[الفرع الثَّانِي نَصْرَانِيّ تَحْمِل عَنْ نَصْرَانِيّ سلفا فِي خَمْر أَوْ خِنْزِير ثُمَّ أسلم وَأَعْدَم الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقّ]

- ‌[الفرع الثَّالِث حَمَالَةُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[الفرع الرَّابِع أبرأ الْحَمِيل ثُمَّ ادَّعَى كَرَاهَة ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُبَارَأَةُ بِضَمَانِ الْأَبِ]

- ‌[بَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ]

- ‌[اسْتَعَارَ أَحَد الشَّرِيكَيْنِ مَا يَحْمِل عَلَيْهِ طَعَام فَحَمَلَ عَلَيْهِ شَرِيكه]

- ‌[فَرْعٌ الشَّرِيك يَقُولُ لِصَاحِبِهِ اُقْعُدْ فِي هَذَا الْحَانُوتِ تَبِيعُ فِيهِ وَأَنَا آخُذُ الْمَتَاعَ بِوَجْهِي وَالضَّمَانُ عَلَيَّ وَعَلَيْك]

- ‌[فُرُوعٌ إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا]

- ‌[فَرْعٌ إصْلَاح أَحَد الشَّرِيكَيْنِ الشَّيْء الْمُشْتَرَك إذَا تلف بِدُونِ إِذْن الشَّرِيك]

- ‌[فَرْعٌ طَلَب أَحَد الشركين الْبَيْع فِي الْأَشْيَاء الَّتِي لَا تنقسم]

- ‌[فَرْعَانِ أَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ دَاخِلَ دَارِهِ وَلِجَارِهِ حَائِطٌ فِيهَا]

- ‌[فَرْعَانِ تَصْرِف أَحَد الشَّرِيكَيْنِ فِي شيئ بِدُونِ إِذْن شَرِيكه]

- ‌[فَرْعٌ لِقَوْمٍ فِنَاءٌ وَغَابُوا عَنْهُ وَاُتُّخِذَ مَقْبَرَةً]

- ‌[فَرْعٌ اقْتِطَاعُ شَيْءٍ مِنْ الْأَفْنِيَةِ وَالتَّحْوِيزِ عَلَيْهِ بِبِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ أَحْدَثَ عَلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا وَعَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ]

- ‌[فَرْعٌ أَحْدَثَ مِنْ الْبُنْيَانِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِيهِ بِالضَّرَرِ فَقَامَ جَارُهُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ أُحْدِثَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي]

- ‌[فَتْح الْبَابَ فِي السِّكَّة النَّافِذَةِ]

- ‌[فَرْعٌ غَرَسَ فِي فِنَاءِ رَجُلٍ وَرْدًا وَاسْتَغَلَّهُ فَقَامَ صَاحِبُ الْفِنَاءِ يَطْلُبُ زَوَالَ الْوَرْدِ وَقِيمَةَ مَا اغْتَلَّ]

- ‌[فَصْلُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْخَصْمَيْنِ إذَا فَرَغَا مِنْ الْخُصُومَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَمْرٍ وَأَرَادَا أَنْ يُثْبِتَاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ]

- ‌[فَرْعٌ الْإِعْذَارُ إلَى الْمُوَكِّلِ]

- ‌[فَرْعٌ عَزْل الْوَكِيل]

- ‌[فَرْعٌ الْخُصُومَاتِ لِذِي الْهَيْئَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ قَبَضَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِ مُوَكِّلِهِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ بَاعَ مِنْ بَعْضِ وَلَدِهِ دَارًا أَوْ مِلْكًا وَذَكَرَ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ الْيَمِينُ إذَا حَقَّقَ الطَّالِبُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابٌ الْإِيدَاعُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ أَرْكَان الْوَدِيعَة]

- ‌[فَرْعٌ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِمَا لَا يَجُوزُ خَلْطُهَا بِهِ]

- ‌[فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَ الْوَدِيعَةَ وَهِيَ عَرَضٌ]

- ‌[بَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ وَالْغَصْبُ بَيْنَ الْكَافِرِينَ كَالْغَصْبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا كَانَ طَعَامٌ أَوْ غَيْرُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَغَصَبَ مِنْهُ ظَالِمٌ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا]

- ‌[مَسْأَلَةُ مَنْ اسْتَهْلَكَ فَرْدَ خُفٍّ لِرَجُلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ شَجَرَةِ غَيْرِهِ غَرْسًا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَائِدَة جَمَاعَةٍ وَرِثُوا دَارًا كَبِيرَةً بَعْضُهَا عَامِرٌ وَبَعْضُهَا خَرَابٌ وَبَعْضهمْ غَائِب]

- ‌[مَسْأَلَة اعْتَرَفَ مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ الْمَشْهُودُ أَنْ يَأْخُذَ حَمِيلًا عَلَى مَنْ بَاعَ ذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ بَلَدٍ كَثُرَ فِيهِ بَيْعُ الْأَحْرَارِ]

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ السُّلْطَانُ الرَّهْنَ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الرَّهْنَ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الشِّرَاءِ اشْهَدُوا أَنَّى أَخَذَتْ بِشُفْعَتِي ثُمَّ رَجَعَ]

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ شِقْصًا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَالشَّفِيعُ مُسْلِمٌ]

- ‌[فَرْعٌ مَا بِيعَ بِعَيْنٍ فَدُفِعَ عَنْهُ عَرْضٌ وَعَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَرْضٍ فَاخْتَلَفَ الْمُبْتَاعُ مَعَ الشَّفِيعِ فِي قِيمَتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى شِقْصًا فَصَالَحَ أَحَدَ الشُّفَعَاءِ عَلَى تَسْلِيمِ الشُّفْعَة فِي مَغِيبِ شُرَكَائِهِ ثُمَّ قَدِمُوا وَأَخَذُوا شُفْعَتَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَا تَنْقَطِعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ لِرَجُلٍ غَائِبٍ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا بَاعَ بَعْضٌ حِصَّتَهُ لَمْ يَأْخُذْ مَعَ الشَّرِيكِ بِالشُّفْعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ تُنَازِع الْوَرَثَة فِي حِصَصهمْ وادعاء بَعْضهمْ الشِّرَاء]

- ‌[مَسْأَلَةٌ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِنَفْسِهِ طَائِفَةً بِعَيْنِهَا]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قِسْمَةِ الْحَبْسِ]

- ‌[فَرْعٌ اتَّفَقَ الْجِيرَانُ عَلَى أَنْ يَحْرُسَ لَهُمْ جَنَّاتِهِمْ أَوْ كُرُومَهُمْ فَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الأندار إذَا جَمَعَتْهُمْ السُّيُولُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الْخَلْطِ]

- ‌[فَرْعٌ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَامَ شَرِيكُهُ يَطْلُبُ بَيْعَ نَصِيبِهِ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ إخْلَاءَ الدَّارِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْآخَرُ تُقْسَمُ وَأَنَا فِيهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَخْرَجَ وَلَدُ الْمَيِّتِ كِتَابًا بِخَطِّ الْمَيِّتِ أَنَّهُ صَارَ لَهُ رَبْعٌ مِنْ التَّرِكَة بَعْد التَّقْسِيم وَطَلَبَ الْقِيَامَ]

- ‌[فَرْعٌ فَلَوْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ عَقَارًا وَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعَ مَا خَصَّهُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ لَهُ]

- ‌[فَرْعٌ قَسْمُ الْوَصِيِّ عَلَى يَتِيمِهِ بِالسَّهْمِ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُعْرِيَ مِنْ الْحَائِطِ]

- ‌[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ رَبِّ الْمَالِ وَدَوَابِّهِ فِي غَيْرِ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ ثَوْبًا لِخَيَّاطٍ فَقَالَ لَا أَخِيطُهُ إلَّا بِدِرْهَمَيْنِ وَقَالَ رَبُّهُ لَا أَخِيطُهُ إلَّا بِدِرْهَمٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَكَرِيَةِ الدُّورِ]

- ‌[فَرْعٌ خَرَجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ لِاقْتِضَائِهِ دُونَ إذْنِ صَاحِبِهِ فَاقْتَضَاهُ أَوْ بَعْضَهُ وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبِهِ]

- ‌[فَرْعٌ آجَرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ]

- ‌[فَرْعٌ عَقْدُ الْحَاضِنَةِ عَلَى مَحْضُونِهَا]

- ‌[فَرْعٌ اسْتِئْجَارُ الْأَعْزَبِ الْمَرْأَةَ لِتَخْدُمَهُ فِي بَيْتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ اسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ]

- ‌[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْأَبَوَيْنِ إنْ سَافَرَا أَخْذُ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَدْفَعَا إلَى الظِّئْرِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ شَرَطَ رَبُّ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنَّهُ لَا يُكْرِيهَا لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ كِرَاءِ الثَّوْبِ]

- ‌[فَرْعٌ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الشِّعْرِ وَالنَّوْحِ]

- ‌[فَرْعٌ أَخْذَ الْأُجْرَةِ وَالْجُعْلِ عَلَى ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ]

- ‌[فَرْعٌ غَصَبَ النَّصْرَانِيُّ سَفِينَةَ مُسْلِمٍ لِمُسْلِمٍ وَحَمَلَ فِيهَا الْخَمْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لُزُومُ أُجْرَة الْمِثْلِ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى الرَّاعِي أَنَّ بَعْضَ الْغَنَمِ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الصَّانِعُ هَذَا مَتَاعُ فُلَانٍ وَقَالَ فُلَانٌ لَيْسَ هُوَ لِي]

- ‌[فَرْعٌ أَصَابَ الْأَجِيرَ فِي الْبِنَاءِ مَطَرٌ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ مَنَعَهُ مِنْ الْبِنَاءِ فِي وَقْت الْمَطَر]

- ‌[فَصْلٌ كِرَاءُ الدَّوَابِّ]

- ‌[فَصَلِّ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارٌ غَائِبَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَابٌ صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا]

- ‌[مَسْأَلَة الْآبِقُ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ وَنَفَقَتُهُ تَسْتَغْرِقُ الْجُعْلَ الَّذِي جُعِلَ عَلَيْهِ]

الفصل: ‌[فرع الخصومات لذي الهيئات]

ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ صَاحِبِ الذَّخِيرَةِ يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ بِالدَّفْعِ لِلْوَكِيلِ الْفَاسِقِ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ: قَبَضْت (فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: قَالَ ابْنُ زَرْبٍ: إذَا وَقَعَ التَّوْكِيلُ عِنْدَ حَاكِمٍ، وَصَرَّحَ الْمُوَكِّلُ فِي التَّوْكِيلِ بِاسْمِ الْحَاكِمِ لَمْ يَكُنْ لَهُ التَّكَلُّمُ عِنْدَ حَاكِمٍ غَيْرِهِ وَإِنْ كَانَ التَّوْكِيلُ مُجْمَلًا، فَلَهُ أَنْ يُخَاصِمَهُ حَيْثُ شَاءَ انْتَهَى.

[فَرْعٌ عَزْل الْوَكِيل]

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَمَنْ عَزَلَ وَكِيلَهُ فَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يَتَوَكَّلَ لِخَصْمِهِ فَأَبَى الْأَوَّلُ لِمَا اطَّلَعَ عَلَيْهِ مِنْ عَوْرَاتِهِ وَوُجُوهِ خُصُومَاتِهِ، فَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ قَوْلُهُ، وَيَتَوَكَّلُ لَهُ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِغْنَاءِ انْتَهَى. زَادَ فِي شَرْحِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَيَنْبَغِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْ الْوَكَالَةِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَعَدُوِّهِ وَلَا يُوَكَّلُ عَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَلَا تَجُوزُ الْوَكَالَةُ عَلَى الْمُتَّهَمِ يَدَّعِي الْبَاطِلَ وَلَا الْمُجَادَلَةَ عَنْهُ قَالَ ابْنُ الْعَرَبِيِّ فِي أَحْكَامِ الْقُرْآنِ: فِي قَوْله تَعَالَى {وَلا تَكُنْ لِلْخَائِنِينَ خَصِيمًا} [النساء: 105] إنَّ النِّيَابَةَ عَنْ الْمُبْطِلِ الْمُتَّهَمِ فِي الْخُصُومَةِ لَا تَجُوزُ بِدَلِيلِ قَوْله تَعَالَى لِرَسُولِ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم {وَاسْتَغْفِرِ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ كَانَ غَفُورًا رَحِيمًا} [النساء: 106] انْتَهَى. وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَيَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ عَلَى الْخُصُومَةِ أَنْ يَتَحَفَّظَ بِدِينِهِ وَأَنْ لَا يَتَوَكَّلَ إلَّا فِي مَطْلَبٍ يَقْبَلُ فِيهِ يَقِينُهُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ فِيهِ عَلَى حَقٍّ فَقَدْ جَاءَ فِي جَامِعِ السُّنَنِ عَنْ عَبْدِ اللَّهِ بْنِ عُمَرَ أَنَّهُ قَالَ: مَنْ حَالَتْ شَفَاعَتُهُ دُونَ حَدٍّ مِنْ حُدُودِ اللَّهِ فَقَدْ ضَادَّ اللَّهَ فِي أَمْرِهِ وَمَنْ تَوَكَّلَ فِي خُصُومَةٍ لَا عِلْمَ لَهُ بِهَا لَمْ يَزَلْ فِي مَعْصِيَةِ اللَّهِ حَتَّى يَنْزِعَ عَنْ عَلِيٍّ رضي الله عنه أَنَّهُ وَكَّلَ عَبْدَ اللَّهِ بْنَ جَعْفَرٍ عَلَى الْخُصُومَةِ وَقَالَ إنَّ لِلْخُصُومَةِ قَحْمًا يَعْنِي اقْتِحَامَ الْمَهَالِكِ فِي الِاحْتِجَاجِ بِمَا لَا يَصْلُحُ عِنْدَ شِدَّةِ الْخِصَامِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ الْخُصُومَاتِ لِذِي الْهَيْئَاتِ]

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَكَرِهَ مَالِكٌ لِذِي الْهَيْئَاتِ الْخُصُومَاتِ قَالَ مَالِكٌ: كَانَ الْقَاسِمُ بْنُ مُحَمَّدٍ يَكْرَهُ لِنَفْسِهِ الْخُصُومَةَ وَيَتَنَزَّهُ عَنْهَا وَكَانَ إذَا نَازَعَهُ أَحَدٌ فِي شَيْءٍ قَالَ لَهُ: إنْ كَانَ هَذَا الشَّيْءُ لِي فَهُوَ لَكَ وَإِنْ كَانَ لَك فَلَا تَحْمَدْنِي عَلَيْهِ قَالَ: وَكَانَ سَعِيدُ بْنُ الْمُسَيِّبِ إذَا كَانَ بَيْنَهُ وَبَيْنَ رَجُلٍ شَيْءٌ لَمْ يُخَاصِمْهُ وَكَانَ يَقُولُ الْمَوْعِدُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ قَالَ مَالِكٌ: مَنْ عَلِمَ أَنَّ يَوْمَ الْقِيَامَةِ يُحَاسَبُ فِيهِ عَلَى الصَّغِيرِ وَالْكَبِيرِ وَيَعْلَمُ أَنَّ النَّاسَ يُوَفَّوْنَ حُقُوقَهُمْ وَأَنَّ اللَّهَ عز وجل لَا يَخْفَى عَلَيْهِ شَيْءٌ فَلْيَطِبْ بِذَلِكَ نَفْسًا فَإِنَّ الْأَمْرَ أَسْرَعُ مِنْ ذَلِكَ وَمَا بَيْنَك وَبَيْنَ الدُّنْيَا وَمَا فِيهَا إلَّا خُرُوجَ رُوحِكَ حَتَّى تَنْسَى ذَلِكَ كُلَّهُ حَتَّى كَأَنَّك مَا كُنْتَ فِيهِ وَلَا عَرَفْتُهُ قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: وَقَالَ مَالِكٌ: الْمُخَاصِمُ رَجُلُ سُوءٍ وَقَالَ ابْنُ مَسْعُودٍ: كَفَى بِك ظَالِمًا أَنْ لَا تَزَالَ مُخَاصِمًا وَقَالَهُ أَبُو الدَّرْدَاءِ وَقَالَتْ عَائِشَةُ: قَالَ النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم: «أَبْغَضُ الرِّجَالِ إلَى اللَّهِ الْأَلَدُّ الْخَصِمُ» انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: قَالَ فِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ: وَلَا يَصْلُحُ لِلرَّجُلِ أَنْ يُوَكِّلَ أَبَاهُ لِيَطْلُبَ لَهُ حَقَّهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ اسْتِهَانَةٌ بِالْأَبِ

ص (لَا إنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ كَثَلَاثٍ إلَّا لِعُذْرٍ وَحِلْفٍ فِي كَسَفَرٍ)

ش: قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ وَإِذَا خَاصَمَ الرَّجُلَ عَنْ نَفْسِهِ وَقَاعَدَ خَصْمَهُ أَيْضًا ثَلَاثَ مَجَالِسَ وَانْعَقَدَتْ الْمَقَالَاتُ بَيْنَهُمَا لَمْ يَكُنْ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ أَنْ يُوَكِّلَ خَصْمًا يَتَوَكَّلُ عَنْهُ إذَا مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَمْرَضَ أَوْ يُسَافِرَ سَفَرًا وَيَعْرِفَ ذَلِكَ، وَلَا يُمْنَعُ الْخَصْمَانِ مِنْ السَّفَرِ، وَلَا مَنْ أَرَادَهُ مِنْهُمَا، وَيَكُونُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عِنْدَ ذَلِكَ.

قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَتَلْزَمُهُ حِينَئِذٍ الْيَمِينُ أَنَّهُ مَا اسْتَعْمَلَ السَّفَرَ لِيُوَكِّلَ غَيْرَهُ، فَإِنْ نَكَلَ عَنْ الْيَمِينِ لَمْ يُبَحْ لَهُ تَوْكِيلُ غَيْرِهِ إلَّا أَنْ يَشَاءَ خَصْمُهُ ذَلِكَ وَقَالَ ابْن الْفَخَّارِ: لَا يَمِينَ عَلَيْهِ، وَيَكُونُ لَهُ أَيْضًا أَنْ يُوَكِّلَ إذَا شَاتَمَهُ خَصْمُهُ، وَأَحْرَجَهُ فَحَلَفَ أَنْ لَا يُخَاصِمَهُ بِنَفْسِهِ قَالَ ابْن الْفَخَّار: فَإِنْ حَلَفَ أَنْ لَا يُخَاصِمَهُ دُونَ عُذْرٍ يُوجِبُ الْيَمِينَ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ انْتَهَى كَلَامُهُ بِلَفْظِهِ، وَهُوَ حَاوٍ لِمَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فِي مَسْأَلَةِ التَّوْكِيلِ لِلسَّفَرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْقَوْلَيْنِ.

قُلْت الْأَظْهَرُ أَنَّهَا كَأَيْمَانِ التُّهَمِ وَقَالَ فِي الْمَسْأَلَةِ الثَّانِيَةِ: قُلْت فِي عَطْفِ شَاتَمَهُ عَلَى أَحْرَجَهُ بِالْوَاوِ أَوْ بِأَوْ اخْتِلَافُ نُسَخٍ

ص: 185

انْتَهَى. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَثَلَاثٍ يَعْنِي فَأَكْثَرُ وَانْظُرْ قَوْلَهُ فِي كَسَفَرٍ مَا مِثْلُ السَّفَرِ (فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: مَنْ وَكَّلَ ابْتِدَاءً ضَرَرًا لِخَصْمِهِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِيهَا أَيْضًا: قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ لُبَابَةَ: كُلُّ مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ عِنْدَ الْقَاضِي لَدَدٌ وَتَشْغِيبٌ فِي خُصُومَةٍ فَلَا يَنْبَغِي لَهُ أَنْ يَقْبَلَهُ فِي وَكَالَةٍ وَلَا يَحِلُّ إدْخَالُ اللَّدَدِ عَلَى الْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ وَاَلَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ النَّاسُ فِي الْقَدِيمِ وَالْحَدِيثِ قَبُولُ الْوُكَلَاءِ إلَّا مَنْ ظَهَرَ مِنْهُ تَشْغِيبٌ وَلَدَدٌ فَذَلِكَ يَجِبُ عَلَى الْقَاضِي إبْعَادُهُ وَأَنْ لَا يَقْبَلَ لَهُ وَكَالَةً عَلَى أَحَدٍ انْتَهَى.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَالْوَكَالَةُ عَلَى الْخِصَامِ لِمَرَضِ الْمُوَكِّلِ أَوْ سَفَرِهِ أَوْ كَوْنِهِ امْرَأَةً لَا يَخْرُجُ مِثْلُهَا جَائِزَةٌ اتِّفَاقًا الْمُتَيْطِيُّ وَكَذَا الْعُذْرُ يَشْغَلُ الْأَمِيرَ أَوْ خُطَّةٌ لَا يَسْتَطِيعُ مُفَارَقَتَهَا كَالْحِجَابَةِ وَغَيْرِهَا وَفِي جَوَازِهَا لِغَيْرِ ذَلِكَ ثَالِثُهَا لِلطَّالِبِ لَا لِلْمَطْلُوبِ لِلْمَعْرُوفِ مَعَ قَوْلِ الْمُتَيْطِيِّ هُوَ الَّذِي عَلَيْهِ الْعَمَلُ وَنَقَلَهُ عَنْ سَحْنُونٍ فِي رِسَالَتِهِ إلَى مُحَمَّدِ بْنِ زِيَادٍ قَاضِي قُرْطُبَةَ وَفَعَلَهُ وَعَلَى الْمَعْرُوفِ فِي جَوَازِهَا مُطْلَقًا أَوْ بَعْدَ أَنْ يَنْعَقِدَ بَيْنَهُمَا مَا يَكُونُ مِنْ دَعْوَى إقْرَارٍ نَقْلًا ابْنِ سَهْلٍ قَائِلًا وَذَكَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ: أَنَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ الْمُجَاوَبَةِ وَإِنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ حَاضِرًا وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّدَدَ فِيهِ ظَاهِرٌ وَمُرَادُهُ أَنْ يُحَدِّثَ عَنْهُ مَا فِيهِ تَشْغِيبٌ انْتَهَى. وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ سَهْلٍ وَمِنْ الْمُحَاضِرِ لِابْنِ حَارِثٍ وَإِنْ أَرَادَ الْخَصْمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا فِي أَوَّلِ مَجْلِسٍ جَلَسَا فِيهِ التَّوْكِيلَ فَفِيهِ اخْتِلَافٌ مِنْ الْفُقَهَاءِ مَنْ يَرَى ذَلِكَ لَهُمَا أَوْ لَأَحَدِهِمَا وَمِثْلُهُ لِابْنِ الْعَطَّارِ وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَى ذَلِكَ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَنْعَقِدَ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مَا يَكُونُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، ثُمَّ يُوَكِّلُ بَعْدُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا وَهُوَ الصَّحِيحُ انْتَهَى: وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: مَسْأَلَةٌ وَإِذَا ادَّعَى الرَّجُلُ عَلَى خَصْمِهِ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَهَلْ لِلْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَ عَنْ تِلْكَ الدَّعْوَى بِإِقْرَارٍ أَوْ إنْكَارٍ؟ فَقِيلَ إنَّهُ لَا يُمَكَّن مِنْ التَّوْكِيلِ حَتَّى يُجِيبَ فَإِنْ لَمْ يُجِبْ حَمَلَهُ الْحَاكِمُ عَلَى جَوَابٍ بِالْأَدَبِ قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَقَوْلُ مَنْ قَالَ إنَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ أَنْ يُجِيبَ أَصَحُّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ أُجِيزَ لِلْحَاضِرِ أَنْ يُوَكِّلَ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّدَدَ فِيهِ ظَاهِرٌ وَقَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ الْمُجَاوَبَةِ إذَا كَانَ الْوَكِيلُ بِالْحَضْرَةِ فَيُجَاوِبُ عَنْهُ فَإِنْ لَمْ يُوَكِّلْ، فَإِنَّهُ يُقَالُ لَهُ بَعْدَ الْأَدَبِ قُلْ الْآنَ مَا كُنْتَ تَأْمُرُ بِهِ وَكِيلَكَ أَنْ يُقِرَّ لَهُ عَنْكَ فَإِنْ أَبَى عَلِمَ أَنَّهُ مُلِدٌّ انْتَهَى.

وَكَلَامُ الْمُتَيْطِيَّةِ أَتَمُّ وَنَصُّهُ وَإِذَا سَأَلَ الْخَصْمَانِ أَوْ أَحَدُهُمَا الْقَاضِيَ فِي أَوَّلِ مَجْلِسٍ تَقَدَّمَا إلَيْهِ أَنْ يُوَكِّلَ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مَنْ يَتَكَلَّمُ عَنْهُ فِي الدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ فَقَالَ ابْنُ حَارِثٍ فِي مُحَاضَرَةٍ ذَلِكَ اخْتِلَافٌ مِنْ رَأْيِ الْفُقَهَاءِ وَعَمَلِ الْقُضَاةِ فَمِنْهُمْ مَنْ يَرَى ذَلِكَ لَهُمَا أَوْ لِأَحَدِهِمَا وَمِنْهُمْ مَنْ لَا يَرَاهُ إلَّا بَعْدَ أَنْ يَنْعَقِدَ بَيْنَ الْخَصْمَيْنِ مَا يَكُونُ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا مِنْ الدَّعْوَى وَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، ثُمَّ يُوَكِّلُ مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا.

قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: وَاَلَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ أَنْ يُقِرَّ أَوْ يُنْكِرَ فِي مَجْلِسِهِ إذَا كَانَ مَا وَقَفَ عَلَيْهِ قَرِيبَ الْمَعْنَى يَتَبَادَرُ فَهْمُهُ فِي وَقْتِهِ، ثُمَّ يُوَكِّلُ فَإِنْ أَبَى أَنْ يَتَكَلَّمَ حَمَلَ عَلَيْهِ الْقَاضِي الْأَدَبَ حَتَّى يَتَكَلَّمَ قَالَ: وَقَوْلُ مَنْ قَالَ: إنَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ قَبْلَ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ أَصَحُّ أَنَّهُ قَدْ أُجِيزَ لِلْحَاضِرِ التَّوْكِيلُ، فَإِذَا أُجِيزَ لِلْحَاضِرِ التَّوْكِيلُ فَخَصْمُهُ مَكَانَهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ: وَالصَّحِيحُ عِنْدِي أَنْ لَا يُمَكَّنَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ اللَّدَدَ فِيهِ ظَاهِرٌ وَالْمُرَادُ مِنْهُ أَنْ يُحْدِثَ كَلَامًا يَكُونُ فِيهِ تَشْغِيبٌ عَلَى صَاحِبِهِ.

ثُمَّ ذَكَرَ كَلَامَ ابْنِ الْعَطَّارِ الَّذِي ذَكَرَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي آخِرِ كَلَامِهِ، ثُمَّ قَالَ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُمْ بِهَذَا إذَا لَمْ يُوَكِّلَا فِي أَوَّلِ الْأَمْرِ حَتَّى حَضَرَا عِنْدَ الْقَاضِي أَمَّا لَوْ وَكَّلَا أَوَّلًا، فَلَا كَلَامَ فِي ذَلِكَ وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّ مُرَادَهُمْ مَا لَمْ يَجْلِسَا ثَلَاثَةَ مَجَالِسَ عِنْدَ الْحَاكِمِ انْتَهَى.

ص (وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلُهُ)

ش: يَعْنِي لَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ بَعْدَ

ص: 186

مُنَاشَبَتِهِ لِلْخِصَامِ وَمُقَاعَدَةِ خَصْمِهِ ثَلَاثًا وَمَفْهُومُ ذَلِكَ أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ قَبْلَ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا أَعْلَنَ بِعَزْلِهِ، وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ فِي تَأْخِيرِ إعْلَامِ الْوَكِيلِ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ عَزَلَهُ سِرًّا فَلَا يَجُوزُ عَزْلُهُ، وَيَلْزَمُهُ مَا فَعَلَهُ الْوَكِيلُ وَمَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ إنْ كَانَ جَعَلَ لَهُ الْإِقْرَارَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَابْنُ الْحَاجِّ فِي نَوَازِلِهِمَا وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ عَلَى مَا نَقَلَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي أَحْكَامِ الْوَكَالَةِ سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَنْ الْوَكِيلِ إذَا قُيِّدَتْ عَلَيْهِ مَقَالَةٌ بِإِقْرَارِهِ عَلَى وَكِيلِهِ الَّذِي وَكَّلَهُ فَلَمَّا طَلَبَ ذَلِكَ الْإِقْرَارَ اسْتَظْهَرَ مُوَكِّلُهُ بِعُزْلَةِ عَزْلِهِ إيَّاهَا قَبْلَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ دُونَ أَنْ يَعْلَمَ الْوَكِيلُ شَيْئًا مِنْ ذَلِكَ هَلْ يَسْقُطُ الْإِقْرَارُ الْمَذْكُورُ أَمْ لَا؟

فَأَجَابَ مَا يُقَيَّدُ عَلَى الْوَكِيلِ لَازِمٌ لِمُوَكِّلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَزَلَهُ قَبْلَ مُنَاشَبَةِ الْخِصَامِ عَزْلًا أَعْلَنَ بِهِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ فِي تَأْخِيرِ إعْلَامِهِ، وَأَمَّا بَعْدَ مُنَاشَبَةِ الْخِصَامِ أَوْ قَبْلَهُ سِرًّا فَلَا يَجُوزُ عَزْلُهُ انْتَهَى.

فَظَاهِرُهُ وَلَوْ أَشْهَدَ فِي السِّرِّ بِعَزْلِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ بَلْ الظَّاهِرُ أَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ إنَّمَا هُوَ مَعَ إشْهَادِهِ سِرًّا، وَأَمَّا لَوْ لَمْ يَشْهَدْ، وَإِنَّمَا كَانَ قَوْلُهُ فَقَطْ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ وَبَقِيَّةُ الْجَوَابِ فِي نَوَازِلِهِ مَا نَصُّهُ: إذْ لَا يَجُوزُ لِمَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى الْخِصَامِ أَنْ يَعْزِلَهُ بَعْدَ أَنْ نَاشَبَ خَصْمَهُ فِي الْخِصَامِ وَقَاعَدَهُ فِيهِ وَلَا قَبْلَ ذَلِكَ سِرًّا إذْ لَوْ جَازَ ذَلِكَ لَمْ يَشَأْ أَحَدٌ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا عَنْ الْمُخَاصَمَةِ عَنْهُ وَيُشْهِدُ فِي السِّرِّ عَلَى عَزْلِهِ إلَّا فَعَلَ ذَلِكَ فَإِنْ قَضَى لَهُ سَكَتَ وَإِنْ قَضَى عَلَيْهِ قَالَ: قَدْ كُنْتُ عَزَلْتُهُ قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْوَلِيدِ: هَذَا الَّذِي أَقُولُ بِهِ وَلَا يَصِحُّ سِوَاهُ عَلَى أُصُولِهِمْ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى مَا يُؤَثِّرُ فِي ذَلِكَ مِنْ خِلَافٍ انْتَهَى. وَقَالَ قَبْلَهُ لَا يَلْزَمُ الْيَتِيمَ إقْرَارُ وَكِيلِ وَصِيِّهِ عَلَيْهِ إلَّا بِمَا يَلْزَمُهُ فِيهِ إقْرَارُ الْوَصِيِّ مِمَّا لَا يَجُوزُ لَهُ فِعْلُهُ ابْتِدَاءً فَإِنْ وَكَّلَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ فِيمَا سِوَى ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ وَمَا يُقَيَّدُ عَلَى وَكِيلِ الْخِصَامِ مِنْ الْمَقَالَاتِ لَازِمٌ لِمَنْ وَكَّلَهُ مَا لَمْ يَعْزِلْهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ الَّذِي وَكَّلَهُ عِنْدَهُ عَلَى الْخِصَامِ انْتَهَى.

وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِّ إذَا وَكَّلَ رَجُلٌ رَجُلًا فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي عَلَى أَنْ يَبِيعَ عَلَيْهِ وَيُفَاصِلَ فِي بَلَدٍ آخَرَ فَذَهَبَ الْوَكِيلُ بِالتَّوْكِيلِ إلَى ذَلِكَ الْبَلَدِ فَفَاصَلَ وَبَاعَ، ثُمَّ إنَّ الْمُوَكِّلَ اسْتَظْهَرَ بِأَنْ عَزَلَهُ بَعْدَ أَنْ وَكَّلَهُ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَى هَذِهِ الْعُزْلَةِ، وَيَنْفُذُ عَلَيْهِ مَا عَمِلَهُ الْوَكِيلُ إلَّا أَنْ يُعْلِنَ بِعُزْلَتِهِ أَوْ بِعَزْلِهِ فِي مَجْلِسِ الْقَاضِي فَلَا يَمْضِي عَلَيْهِ فِعْلُهُ؛ لِأَنَّ عَزْلَهُ فِي السِّرَّ مِنْ الْخُدْعَةِ وَالْقَصْدِ إلَى الْغِشِّ فَلَا يُلْتَفَتُ إلَيْهِ وَلَا يُعْمَلُ بِهِ انْتَهَى. مِنْ ابْنِ سَلْمُونٍ وَهَذَا كُلُّهُ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَحَدِ الْمَشْهُورِينَ أَنَّهُ يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ بِعَزْلِهِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ الثَّانِي أَنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ قَبْلَ عِلْمِهِ وَإِنَّمَا يَنْعَزِلُ بَعْدَ عِلْمِهِ بِالْعَزْلِ فَلَا إشْكَالَ فِي عَدَمِ انْعِزَالِهِ بِعَزْلِهِ سِرًّا وَيُبَيِّنُ هَذَا قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي التَّوْضِيحِ قَوْلُ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَهْمَا شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ فَلَا يَنْعَزِلُ وَلَوْ بِحُضُورِهِمَا قَالَ لَمَّا ذَكَرَ الْعَزْلَ وَأَفْهَمَ كَلَامُهُ أَنَّ لِلْمُوَكِّلِ الْعَزْلَ بَيَّنَ هُنَا أَنَّهُ مَشْرُوطٌ بِأَنْ لَا يَتَعَلَّقَ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ فِي الذَّخِيرَةِ أَوْ أَصْرَحُ مِنْهُ وَفِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الذَّخِيرَةِ عَنْ الْجَلَّابِ إذَا وَكَّلْت وَكِيلًا فِي بَيْعِ رَهْنٍ لَيْسَ لَكَ عَزْلُ الْوَكِيلِ إلَّا بِرِضَا الْمُرْتَهِنِ؛ لِأَنَّ الْقَاعِدَةَ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَقْدٌ جَائِزٌ مِنْ الْجَانِبَيْنِ مَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِهَا حَقٌّ لِلْغَيْرِ، وَفِي الْمَبْسُوطِ لَكَ الْعَزْلُ كَسَائِرِ الْوَكَالَاتِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الْمُنْتَقَى فَإِذَا أَرَادَ الرَّاهِنُ فَسْخَ وَكَالَةِ الْوَكِيلِ فِي بَيْعِ الرَّهْنِ فَحَكَى الشَّيْخُ أَبُو الْقَاسِمِ وَالْقَاضِي أَبُو مُحَمَّدٍ عَنْ الْمَذْهَبِ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ إلَّا بِإِذْنِ الْمُرْتَهِنِ وَقَالَ الْقَاضِي أَبُو إِسْحَاقَ: لَهُ ذَلِكَ اهـ. ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: فَرْعٌ: وَاخْتُلِفَ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ أَوْ اشْتِرَائِهَا أَوْ سَمَّى لَهُ شَخْصًا مُعَيَّنًا هَلْ لَهُ أَنْ يَعْزِلَهُ؟ كَمَا لَوْ أَطْلَقَ أَوْ لَا عَلَى قَوْلَيْنِ الْمَازِرِيُّ وَعَدَّهَا الْأَشْيَاخُ مِنْ الْمُشْكِلَاتِ وَالْأَصَحُّ عِنْدِي فِي ذَلِكَ إنْ عَيَّنَ لَهُ الْمُشْتَرِيَ وَسَمَّى لَهُ الثَّمَنَ وَقَالَ لَهُ: شَاوِرْنِي أَنَّ لَهُ عَزْلَهُ وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ الثَّمَنَ وَلَا قَالَ لَهُ: شَاوِرْنِي فَهَذَا مَوْضِعُ الْإِشْكَالِ وَالِاضْطِرَابِ وَاخْتُلِفَ إذَا وَكَّلَهُ أَنْ يُمَلِّكَ زَوْجَتَهُ أَمْرَهَا فَهَلْ لَهُ

ص: 187

أَنْ يَعْزِلَهُ؟ فَرَأَى اللَّخْمِيُّ وَعَبْدُ الْحَمِيدُ وَغَيْرُهُمَا أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالُوا: بِخِلَافِ أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يُطَلِّقَ زَوْجَتَهُ فَإِنَّ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَرَأَى غَيْرُهُمْ أَنَّهُ يُخْتَلَفُ فِيهِ كَالطَّلَاقِ وَاسْتَشْكَلَ الْمَازِرِيُّ الطَّرِيقَةَ الْأُولَى؛ لِأَنَّهُ لَا مَنْفَعَةَ لِلْمُوَكِّلِ فِي هَذِهِ الْوَكَالَةِ، فَكَانَ الْأَوْلَى أَنْ يَكُونَ لَهُ عَزْلُهُ إلَّا أَنْ يُقَالَ لَمَّا جَعَلَ لَهُ تَمْلِيكَ زَوْجَتِهِ صَارَ كَالْمُلْتَزِمِ لِذَلِكَ الْتِزَامًا لَا يَصِحُّ لَهُ الرُّجُوعُ عَنْهُ انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى الْخِصَامِ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ بَعْدَ مُنَاشَبَةِ الْخِصَامِ وَمُقَاعَدَةِ خَصْمِهِ ثَلَاثًا هُوَ أَحَدُ الْأَقْوَالِ الْخَمْسَةِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ شُيُوخِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ وَمَا فِي ذَلِكَ مِنْ الْخِلَافِ فَفِي مَنْعِ الْعَزْلِ بِمُجَرَّدِ انْتِشَاب الْخِصَامِ أَوْ بِمُقَاعَدَتِهِ ثَلَاثًا ثَالِثُهَا بَعْدَ مُقَاعَدَتِهِ مُقَاعَدَةً يَثْبُتُ فِيهَا الْحُكْمُ وَرَابِعُهَا مَا لَمْ يُشْرِفْ عَلَى تَمَامِ الْحُكْمِ وَخَامِسُهَا عَلَى الْحُكْمِ لِابْنِ رُشْدٍ مَعَ اللَّخْمِيِّ وَالْمُتَيْطِيِّ عَنْ الْمَذْهَبِ وَلَهُ عَنْ أَحَدِ قَوْلَيْ أَصْبَغَ وَثَانِيهمَا مُحَمَّدٍ انْتَهَى (تَنَبُّهَات الْأَوَّلُ) : مَا ذَكَرَهُ مِنْ أَنْ لَيْسَ لَهُ عَزْلُهُ بَعْدَ مُنَاشَبَةِ الْخِصَامِ وَمُقَاعَدَةِ خَصْمِهِ ثَلَاثًا إنَّمَا هُوَ إذَا لَمْ يَظْهَرْ مِنْهُ غِشٌّ أَوْ تَدْخِيلٌ فِي الْخُصُومَةِ وَمَيْلٌ مَعَ الْمُخَاصِمِ لَهُ، وَإِنْ ظَهَرَ مِنْهُ ذَلِكَ، فَلَهُ عَزْلُهُ وَلَوْ بَعْدَ مُنَاشَبَتِهِ لِلْخِصَامِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ الْوَكِيلِ مَا لَمْ يُنَاشِبْ الْخُصُومَةَ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ قَدْ نَاشَبَ خَصْمَهُ وَجَالَسَهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ فَأَكْثَرَ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَزْلُهُ إلَّا أَنْ يَظْهَرَ مِنْهُ غِشٌّ أَوْ تَدْخِيلٌ فِي خُصُومَتِهِ وَمَيْلٌ مَعَ الْمُخَاصَمِ لَهُ، فَلَهُ عَزْلُهُ، وَكَذَلِكَ لَوْ وَكَّلَهُ بِأَمْرٍ فَظَهَرَ غِشُّهُ كَانَ عَيْبًا، وَلَهُ أَنْ يَفْسَخَ الْوَكَالَةَ انْتَهَى. وَنَحْوُهُ فِي شَرْحِهِ لِابْنِ الْحَاجِبِ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: وَإِنْ ظَهَرَ مِنْ الْوَكِيلِ تَفْرِيطٌ أَوْ مَيْلٌ مَعَ الْخَصْمِ أَوْ مَرِضَ فَلِمُوَكِّلِهِ عَزْلُهُ انْتَهَى (الثَّانِي) : مَفْهُومُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَكَالَةَ لَوْ كَانَتْ فِي غَيْرِ الْخِصَامِ لَكَانَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ وَلِلْوَكِيلِ عَزْلُ نَفْسِهِ، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلِابْنِ رُشْدٍ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَلِلْوَكِيلِ أَنْ يَنْخَلَّ عَنْ الْوَكَالَةِ مَتَى شَاءَ أَحَدُهُمَا اتِّفَاقًا إلَّا فِي وَكَالَةِ الْخِصَامِ، فَلَيْسَ لِأَحَدِهِمَا بَعْدَ ذَلِكَ إنْ انْتَشَبَ الْخِصَامُ وَالْمُفَوَّضُ إلَيْهِ وَالْمَخْصُوصُ سَوَاءً انْتَهَى

وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ: وَإِنْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِغَيْرِ عِوَضٍ، فَهِيَ مَعْرُوفٌ مِنْ الْوَكِيلِ يَلْزَمُهُ إذَا قَبِلَ، وَلِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ مَتَى شَاءَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْوَكَالَةُ فِي الْخِصَامِ، وَيَجُوزُ لِلْوَكِيلِ فِي غَيْرِ الْخِصَامِ أَنْ يَعْزِلَ نَفْسَهُ مَتَى شَاءَ مِنْ غَيْرِ اعْتِبَارِ رِضَا مُوَكِّلِهِ إلَّا أَنْ يَتَعَلَّقَ بِهِ حَقٌّ لِأَحَدٍ، وَيَكُونُ فِي عَزْلِهِ نَفْسَهُ إبْطَالٌ لِذَلِكَ الْحَقِّ فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ قَدْ تَبَرَّعَ بِمَنَافِعِهِ انْتَهَى. وَقَالَ قَبْلَهُ وَإِنْ كَانَتْ بِعِوَضٍ فَهِيَ إجَارَةٌ تَلْزَمُهُمَا بِالْعَقْدِ وَلَا يَكُونُ لِوَاحِدٍ التَّخَلِّي وَتَكُونُ بِعِوَضٍ مُسَمًّى وَإِلَى أَجَلٍ مَضْرُوبٍ وَفِي عَمَلٍ مَعْرُوفٍ انْتَهَى. وَأَصْلُهُ لِابْنِ رُشْدٍ وَقَدْ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ بِهَذَا الْمَفْهُومِ فِي آخِرِ هَذَا الْبَابِ بِقَوْلِهِ وَهَلْ لَا تَلْزَمُ أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِإِجَارَةٍ أَوْ جُعْلٍ، فَلَهُمَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ، تَرَدُّدٌ وَانْظُرْ التَّوْضِيحَ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَالْوَكَالَةُ بِأُجْرَةٍ لَازِمَةٌ كَالْإِجَارَةِ، فَإِنَّهُ أَشْبَعَ الْكَلَامَ فِي ذَلِكَ (الثَّالِثُ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي آخِرِ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ: وَمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ غَائِبٍ دِينَارٌ وَخَمْسَةُ دَرَاهِمَ فَآجَرَ رَجُلًا فِي تَقَاضِيهِ الْخَمْسَةَ الدَّرَاهِمَ، وَقَالَ لَهُ فَإِذَا قَبَضْت ذَلِكَ فَتَصَدَّقْ بِالدِّينَارِ فَلَمَّا قَدِمَ كَلَّمَهُ فَدَفَعَ إلَيْهِ بِلَا مُؤْنَةٍ وَلَا خُصُومَةٍ قَالَ: يَتَصَدَّقُ بِالدِّينَارِ وَيُرْسِلُ بِالْخَمْسَةِ دَرَاهِمَ إلَى رَبِّهَا انْتَهَى.

ص (وَلَا الْإِقْرَارُ إنْ لَمْ يُفَوِّضْ لَهُ أَوْ يَجْعَلْ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ لَيْسَ لِلْوَكِيلِ الْإِقْرَارُ عَلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ وَكَّلَهُ عَلَى الْخِصَامِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْوَكِيلُ مُفَوِّضًا إلَيْهِ أَوْ يَكُونَ قَدْ جَعَلَ لَهُ مُوَكِّلَهُ أَنْ يُقِرَّ عَنْهُ وَنَصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: الْمَعْرُوفُ مِنْ الْمَذْهَبِ أَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْخِصَامِ لَا تَسْتَلْزِمُ الْوَكَالَةَ عَلَى الْإِقْرَارِ إذَا لَمْ يَجْعَلْهُ إلَيْهِ وَلَوْ أَقَرَّ لَمْ يَلْزَمْهُ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ

ص: 188

وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ: أَنَّ الْوَكَالَةَ عَلَى الْخِصَامِ فَقَطْ لَا تَشْمَلُ صُلْحًا وَلَا إقْرَارًا وَلَا يَصِحُّ مِنْ الْوَكِيلِ أَحَدُهُمَا إلَّا بِنَصٍّ مِنْ مُوَكِّلِهِ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِيهِ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْكَافِي: وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمُفَوَّضِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا عَنْ الْكَافِي وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ: وَلَك أَنْ تُوَكِّلَ مَنْ يَأْخُذُ بِالشُّفْعَةِ حَضَرْت أَوْ غِبْت وَلَا يَلْزَمُكَ تَسْلِيمُ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ تُفَوِّضَ إلَيْهِ فِي الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ وَلَوْ أَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّكَ سَلَّمْتَهَا، فَهُوَ كَشَاهِدٍ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمُبْتَاعُ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت أَنْتَ وَأَخَذْت فَإِنْ أَقَامَ الْوَكِيلُ بَيِّنَةً أَنَّ فُلَانًا الْغَائِبَ وَكَّلَهُ عَلَى طَلَبِ شُفْعَتِهِ فِي هَذِهِ الدَّارِ مُكِّنَ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى. وَفِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مِنْ النَّوَادِرِ وَإِذَا وَكَّلْتُهُ عَلَى طَلَبِ شُفْعَةٍ فَسَلَّمَ الْوَكِيلُ فَإِنَّ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ بِذَلِكَ يُلْزِمُكَ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُفَوَّضًا لَمْ يُلْزِمْك قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ قَالَا: وَإِنْ أَقَرَّ بِتَسْلِيمِكَ فَهُوَ شَاهِدٌ يَحْلِفُ مَعَهُ الْمُبْتَاعُ، وَيَلْزَمُكَ فَإِنْ نَكَلَ حَلَفْت أَنْتَ وَبَرِئْت قِيلَ لِأَشْهَبَ فَيَطْلُبُ لِي شُفْعَتِي وَقَدْ شَهِدَ عَلَيَّ بِالتَّسْلِيمِ قَالَ: لَا يَنْبَغِي لِلْوَكِيلِ أَنْ يَطْلُبَ لَكَ شُفْعَةً يَزْعُمُ أَنَّ طَلَبَهَا لَا يَجُوزُ فَإِنْ تَمَادَى فَلْيَسْمَعْ مِنْهُ الْإِمَامُ وَيَقْضِي بِهِ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) : ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْكَافِي أَنَّهُ قَالَ فِيهِ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ اتَّفَقَ الْعُلَمَاءُ فِيمَنْ قَالَ مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ عَلَيَّ فَهُوَ لَازِمٌ لِي أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَقَبْلَهُ ابْنُ عَاتٍ وَقَالَ قَبْلَهُ وَفِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ تَصِحُّ الْوَكَالَةُ عَلَى الْإِقْرَارِ نَصًّا وَلَمْ يَحْكِ ابْنُ رُشْدٍ فِيهِ خِلَافًا، ثُمَّ قَالَ: وَظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ إثْرَ نَقْلِهِ قَوْلَ أَصْبَغَ هَذَا مَعْرُوفُ الْمَذْهَبِ وَقَالَ أَبُو عُمَرَ قَالَ ابْنُ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ إلَى آخِرِ كَلَامِ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ الْمُتَقَدِّمِ إنَّهُ خِلَافٌ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ لَيْسَ بِخِلَافٍ؛ لِأَنَّ مَسْأَلَةَ أَصْبَغَ نَصَّ فِيهَا عَلَى تَوْكِيلِهِ عَلَى الْإِقْرَارِ عَلَيْهِ وَهُوَ مَلْزُومٌ لَجَعْلِهِ قَوْلَهُ وَمَسْأَلَةَ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ إنَّمَا صَدَرَ مِنْهُ أَنَّ مَا أَقَرَّ بِهِ فَهُوَ لَازِمٌ فَصَارَ ذَلِكَ كَقَوْلِهِ مَا شَهِدَ بِهِ عَلَى فُلَانٍ حَقٌّ، وَهَذَا لَا يَلْزَمُهُ حَسْبَمَا يَذْكُرُهُ فِي مَوْضِعِهِ انْتَهَى.

وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) إنَّمَا يَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ إقْرَارُ الْوَكِيلِ فِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَى الْخُصُومَةِ الَّتِي وَكَّلَهُ عَلَيْهَا عَلَى الْأَصَحِّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: عَنْ الْمُتَيْطِيِّ قَالَ فُقَهَاءُ طُلَيْطِلَة: مَنْ وَكَّلَ عَلَى طَلَبِ حُقُوقِهِ وَالْمُخَاصِمَةِ عَنْهُ وَالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ فَإِقْرَارُ مُوَكِّلِهِ بِأَنَّهُ وَهَبَ دَارِهِ لِزَيْدٍ أَوْ قَالَ لِفُلَانٍ عَلَى مُوَكِّلِهِ مِائَةُ دِينَارٍ أَنَّ ذَلِكَ لَازِمٌ لِمُوَكِّلِهِ وَأَنْكَرَهُ ابْنُ عَتَّابٍ وَغَيْرُهُ وَقَالَ: إنَّمَا يَلْزَمُ إقْرَارُهُ فِيمَا كَانَ مِنْ مَعْنَى الْمُخَاصَمَةِ الَّتِي وَكَّلَ عَلَيْهَا قَالَ الْقَاضِي أَبُو الْأَصْبَغِ بْنُ سَهْلٍ: وَهَذَا هُوَ الصَّحِيحُ عِنْدِي وَاسْتَدَلَّ بِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ مَنْ وَكَّلَ عَلَى قَبْضِ شُفْعَتِهِ فَأَقَرَّ الْوَكِيلُ أَنَّ مُوَكِّلَهُ سَلَّمَهَا فَهُوَ شَاهِدٌ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: مُضَعِّفًا لِاسْتِدْلَالِهِ بِمَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ لَا يَلْزَمُ مِنْ لَغْوِ إقْرَارِ الْوَكِيلِ عَلَى الشُّفْعَةِ لَغْوُ إقْرَارِ مَنْ جُعِلَ لَهُ الْإِقْرَارُ لِعَدَمِ صِدْقِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ عَلَى إقْرَارِهِ بِإِسْقَاطِهَا وَصِدْقِ مُطْلَقِ الْإِقْرَارِ عَلَى الْإِقْرَارِ بِالْهِبَةِ انْتَهَى.

(قُلْت) : لَا شَكَّ أَنَّ مَا قَالَهُ ابْنُ عَتَّابٍ هُوَ الظَّاهِرُ وَأَنَّ أَخْذَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الشُّفْعَةِ ضَعِيفٌ لَكِنْ يُؤْخَذُ مِمَّا سَيَأْتِي مِنْ أَنَّ الْوَكَالَةَ تَتَخَصَّصُ وَتَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ وَلَا شَكَّ أَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِأَنَّ مَنْ وَكَّلَ عَلَى الْمُخَاصَمَةِ وَجَعَلَ لِوَكِيلِهِ الْإِقْرَارَ وَالْإِنْكَارَ إنَّمَا أَرَادَ الْإِقْرَارَ فِيمَا هُوَ مِنْ مَعْنَى الْخُصُومَةِ الَّتِي وَكَّلَ فِيهَا فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ قَالَ أَقَرَّ عَنِّي بِأَلْفٍ فَإِقْرَارٌ)

ش: هَكَذَا نَقَلَ ابْنُ شَاسٍ عَنْ الْمَازِرِيِّ وَكَلَامُ الْمَازِرِيِّ لَيْسَ صَرِيحًا فِي ذَلِكَ وَنَصُّهُ عَلَى مَا نَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ لَوْ قَالَ لِلْوَكِيلِ: أَقِرَّ عَنِّي لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِرْهَمٍ فَفِي كَوْنِهِ إقْرَارًا مِنْ الْآمِرِ وَجْهَانِ لِلشَّافِعِيَّةِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ الْوَكِيلُ كَالنُّطْقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ أَقِرَّ عَنِّي فَأَضَافَ قَوْلَ الْوَكِيلِ لِنَفْسِهِ وَقَدْ قَالَ أَصْبَغُ: مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا وَجَعَلَهُ فِي الْإِقْرَارِ عَنْهُ كَنَفْسِهِ فَمَا أَقَرَّ بِهِ الْوَكِيلُ يَلْزَمُ بِهِ مُوَكِّلُهُ وَظَاهِرُهُ أَنَّهُ يَقُولُ كَذَلِكَ فِي أَقِرَّ عَنِّي.

وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَيْسَ فِيمَا ذُكِرَ مِنْ قَوْلِ أَصْبَغَ كَبِيرُ شَاهِدٍ يَرُدُّ بِأَنَّهُ

ص: 189

مَحْضُ دَعْوَى مِنْ غَيْرِ دَلِيلٍ فِي مُقَابَلَةِ مُسْتَدِلٍّ عَلَيْهِ وَاسْتِشْهَادُ الْمَازِرِيِّ وَاضِحٌ؛ لِأَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَمْرِ الْمُوَكِّلِ وَكِيلَهُ بِفِعْلِ شَيْءٍ وَبَيْنَ جَعْلِهِ ذَلِكَ الْأَمْرَ بِيَدِهِ كَقَوْلِهِ بِعْ هَذَا الثَّوْبَ أَوْ جَعَلْت بَيْعَهُ بِيَدِكَ هَذَا إنْ حَمَلْنَا قَوْلَ الْمَازِرِيِّ عَلَى أَنَّ قَوْلَ الْوَكِيلِ ذَلِكَ كَقَوْلِ الْمُوَكِّلِ فَيَكُونُ حَاصِلُهُ لُزُومَ إقْرَارِ الْوَكِيلِ لِمُوَكِّلِهِ مَا وَكَّلَهُ عَلَى الْإِقْرَارِ بِهِ عَنْهُ وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ، وَالظَّاهِرُ أَنَّ مَا نَطَقَ بِهِ الْوَكِيلُ كَالنُّطْقِ مِنْ الْمُوَكِّلِ لِقَوْلِهِ أَقِرَّ عَنِّي وَإِنْ حَمَلْنَاهُ عَلَى مَا فَهِمَهُ ابْنُ شَاسٍ مِنْهُ إنَّ قَوْلَهُ أَقِرَّ عَنِّي بِكَذَا إقْرَارٌ مِنْهُ بِذَلِكَ صَحَّ قَوْلُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ. وَلَيْسَ فِيمَا ذَكَرَهُ كَبِيرُ شَاهِدٍ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَمَعْصِيَةٌ)

ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْوَكَالَةُ نِيَابَةٌ فِيمَا لَا يَتَعَيَّنُ فِيهِ الْمُبَاشَرَةُ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبْطَلَهُ ابْنُ هَارُونَ بِالنِّيَابَةِ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَالْغَصْبِ وَقَتْلِ الْعُدْوَانِ وَغَرَّهُ فِي ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ شَاسٍ: وَلَا تَصِحُّ فِي الْمَعَاصِي كَالسَّرِقَةِ وَقَتْلِ الْعَمْدِ الْعُدْوَانِ وَيُرَدُّ بِمَنْعِ صِدْقِيَّةِ النِّيَابَةِ عَلَى ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الِاسْتِقْرَاءَ وَالِاسْتِعْمَالَ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ شَرْطَ النِّيَابَةِ اسْتِحْقَاقُ جَاعِلِهَا فِعْلَ مَا وَقَعَتْ النِّيَابَةُ فِيهِ انْتَهَى.

وَانْظُرْ هَذَا مَعَ قَوْلِهِ إنَّ الْوَكَالَةَ تَعْرِضُ لَهَا الْحُرْمَةُ، وَمَثَّلَهُ بِالْبَيْعِ الْحَرَامِ فَتَأَمَّلْهُ.

ص (بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا)

ش: اعْلَمْ أَنَّ أَرْكَانَ الْوَكَالَةِ أَرْبَعَةٌ: الْمُوَكِّلُ وَالْوَكِيلُ، وَقَدْ تَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى شُرُوطِهِمَا فِي بَابِ الشَّرِكَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ وَالثَّالِثُ مَا فِيهِ التَّوْكِيلُ وَقَدْ أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ بِقَوْلِهِ فِي قَابِلِ النِّيَابَةِ وَالرَّابِعُ الصِّيغَةُ وَأَشَارَ إلَيْهَا الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا وَهُوَ مُتَعَلِّقٌ بِقَوْلِهِ أَوَّلَ الْبَابِ صَحَّتْ الْوَكَالَةُ، وَالْمَعْنَى أَنَّ الْوَكَالَةَ تَصِحُّ وَتَنْعَقِدُ بِكُلِّ مَا دَلَّ عَلَيْهَا فِي الْعُرْفِ وَلَا يُشْتَرَطُ لِانْعِقَادِهَا لَفْظٌ مَخْصُوصٌ قَالَ فِي اللُّبَابِ: مِنْ أَرْكَانِ الْوَكَالَةِ الصِّيغَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا مِمَّا يَدُلُّ عَلَى مَعْنَى التَّوْكِيلِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: الْمُعْتَبَرُ الصِّيغَةُ أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهَا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إنَّ الْمُعْتَبَرَ فِي صِحَّةِ الْوَكَالَةِ الصِّيغَةُ كَقَوْلِهِ وَكَّلْتُكَ أَوْ أَنْتَ وَكِيلِي أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَهُ مِنْ قَوْلٍ أَوْ فِعْلٍ كَقَوْلِهِ تَصَرَّفْ عَنِّي فِي هَذَا أَوْ كَإِشَارَةِ الْأَخْرَسِ وَنَحْوِهِ انْتَهَى.

(قُلْت)، وَهَذَا مِنْ جَانِبِ الْمُوَكِّلِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَقْتَرِنَ بِهِ مِنْ جَانِبِ الْوَكِيلِ مَا يَدُلُّ عَلَى الْقَبُولِ وَيُطْلَبُ فِيهِ أَنْ يَكُونَ عَلَى الْفَوْرِ قَالَ فِي اللُّبَابِ: إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَلَا بُدَّ مِنْ قَبُولِ التَّوْكِيلِ فَإِنْ تَرَاخَى قَبُولُهُ بِالتَّوْكِيلِ الطَّوِيلِ فَيُخَرَّجُ فِيهِ قَوْلَانِ مِنْ الرِّوَايَتَيْنِ فِي الْمُمَلَّكَةِ وَالْمُخَيَّرَةِ فِي الْمَجْلِسِ قَبْلَ الِاخْتِيَارِ انْتَهَى. وَأَصْلُهُ لِلْمَازِرِيِّ وَنَقَلَهُ فِي الْجَوَاهِرِ وَنَقَلَهُ فِي الذَّخِيرَةِ وَزَادَ فِيهِ عَنْ الْجَوَاهِرِ عَنْ الْمَازِرِيِّ قَالَ وَالتَّحْقِيقُ فِي هَذَا يَرْجِعُ إلَى الْعَادَةِ هَلْ الْمَقْصُودُ مِنْ هَذَا اللَّفْظِ جَوَابُهُ

ص: 190

عَلَى الْفَوْرِ أَمْ لَا؟ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَلَا بُدَّ فِي الصِّيغَةِ مِنْ الْقَبُولِ فَإِنْ وَقَعَ بِالْفَوْرِ فَوَاضِحٌ وَإِنْ تَأَخَّرَ فَفِي لَغْوِهِ قَوْلَانِ عَلَى الرِّوَايَتَيْنِ فِي لَغْوِ التَّخْيِيرِ بِانْقِضَاءِ الْمَجْلِسِ الْمَازِرِيُّ التَّحْقِيقُ الرُّجُوعُ لِاعْتِبَارِ الْمَقْصُودِ وَالْعَادَةُ هَلْ الْمُرَادُ مِنْ اللَّفْظِ اسْتِدْعَاءُ الْجَوَابِ عَاجِلًا؟ أَوْ وَلَوْ كَانَ مُتَأَخِّرًا؟ انْتَهَى وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَهَذَا الَّذِي ذَكَرْنَاهُ فِي تَفْسِيرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ هُوَ الظَّاهِرُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْبِسَاطِيُّ وَحَمَلَهُ الشَّارِحُ عَلَى مَعْنًى آخَرَ، وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ فِيهِ مَعْلُومًا بِالْعُرْفِ، وَهَذَا مُسْتَغْنًى بِقَوْلِهِ حَتَّى يُفَوِّضَ، ثُمَّ قَوْلُهُ أَوْ يُعَيِّنَ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ وَتُخَصَّصُ وَتُقَيَّدُ بِالْعُرْفِ قَالَ الْبِسَاطِيُّ: وَأَلْجَأَ الشَّارِحُ إلَى ذَلِكَ قَوْلَ الْمُصَنِّفِ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُكَ فَإِنَّهُ ظَاهِرٌ فِيمَا قَالَ وَيُمْكِنُ حَمْلُ هَذَا عَلَى مَعْنَاهُ مَعَ حَمْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا قُلْنَاهُ وَالتَّقْدِيرُ، وَصَحَّتْ الْوَكَالَةُ بِلَفْظٍ يَدُلُّ عُرْفًا وَلَيْسَ مُطْلَقُ مَا يَدُلُّ عَلَيْهَا كَافِيًا فِي ذَلِكَ إذْ قَدْ يَصْدُقُ الْمُطْلَقُ مَعَ التَّفْوِيضِ وَالتَّعْيِينِ وَالْأَعَمُّ لَا يَدُلُّ عَلَى الْأَخَصِّ انْتَهَى. بَعْضُهُ بِالْمَعْنَى. وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ أَرَادَ بِقَوْلِهِ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا أَيْ بِمَا يَدُلُّ عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الْمُوَكِّلِ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالرُّكْنِ الثَّالِثِ أَعْنِي الْمُوَكَّلَ فِيهِ كَمَا فَعَلَهُ صَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَصَاحِبُ الذَّخِيرَةِ وَيَصِحُّ أَنْ يَتَعَلَّقَ بِالرُّكْنِ الرَّابِعِ الَّذِي هُوَ الصِّيغَةُ، وَيَكُونُ الْمَعْنَى وَتَصِحُّ الْوَكَالَةُ بِمَا يَدُلُّ عُرْفًا عَلَى الْوَكَالَةِ وَعَلَى الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ، وَلِهَذَا عَقَّبَهُ بِقَوْلِهِ لَا بِمُجَرَّدِ وَكَّلْتُكَ، فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى مَا قُلْنَاهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : قَالَ الْبِسَاطِيُّ فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ: يَعْنِي لَيْسَ لِلْوَكَالَةِ صِيغَةٌ خَاصَّةٌ بَلْ كُلُّ مَا دَلَّ لُغَةً أَوْ عُرْفًا، فَإِنَّهَا تَنْعَقِدُ بِهِ فَإِنْ خَالَفَ الْعُرْفُ اللُّغَةَ فَالْمُعْتَبَرُ الْعُرْفُ انْتَهَى. وَهُوَ رَاجِعٌ لِمَا قُلْنَاهُ مِنْ أَنَّ الْمُعْتَبَرَ الْعُرْفُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) مِنْ الْعُرْفِ فِي الْوَكَالَةِ الْوَكَالَةُ بِالْعَادَةِ كَمَا إذَا كَانَ رُبْعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ وَكَانَ الْأَخُ يَتَوَلَّى كِرَاءَهُ وَقَبْضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً، فَالْقَوْلُ قَوْلُهُ إنَّهُ دَفَعَهُ لِأُخْتِهِ قَالَ ابْنُ نَاجِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ: لِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ وَسَيَأْتِي كَلَامُهُ بِرُمَّتِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَصَدَقَ فِي الرَّدِّ كَالْمُودَعِ وَتَصَرُّفُ الرَّجُلِ فِي مَالِ امْرَأَتِهِ مَحْمُولٌ عَلَى الْوَكَالَةِ حَتَّى يَثْبُتَ التَّعَدِّي قَالَهُ مَالِكٌ فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ وَرَسْمِ الْبَزِّ مِنْ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الْمِدْيَانِ.

(الثَّالِثُ) : عَدَّ بَعْضُهُمْ أَرْكَانَ الْوَكَالَةِ ثَلَاثَةً، وَجَعَلَ الْوَكِيلَ وَالْمُوَكِّلَ رُكْنًا وَاحِدًا مِنْهُمْ الْمَشَذَّالِيُّ وَنَصُّهُ وَأَرْكَانُ الْوَكَالَةِ ثَلَاثَةٌ: الْعَاقِدَانِ وَالْمَعْقُودُ عَلَيْهِ وَالصِّيغَةُ فَالْعَاقِدَانِ الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ، وَشَرْطُ الْمُوَكِّلِ: جَوَازُ تَصَرُّفِهِ فِيمَا وَكَّلَ عَلَيْهِ فَيَصِحُّ مِنْ الرَّشِيدِ مُطْلَقًا وَمِنْ الْمَحْجُورِ فِي الْخُصُومَةِ انْتَهَى.

(الرَّابِعُ) : تَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنَّمَا تَصِحُّ مِنْ أَهْلِ التَّوْكِيلِ وَالتَّوَكُّلِ أَنَّ وَكَالَةَ الْعَبْدِ الْمَأْذُونِ لَهُ جَائِزَةٌ، وَفِي تَوْكِيلِ الْأَجْنَبِيِّ غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ طَرِيقَانِ.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْعِتْقِ الرَّابِعِ فِي تَرْجَمَةِ عِتْقِ عَبْدِهِ عَلَى مَالٍ: وَإِذَا وَكَّلَ السَّيِّدُ عَبْدَهُ لَزِمَتْهُ الْوَكَالَةُ وَإِنْ لَمْ يَقْبَلْ انْتَهَى.

ص (بَلْ حَتَّى يُفَوِّضَ فَيُمْضِيَ النَّظَرَ إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَغَيْرُ نَظَرٍ إلَّا الطَّلَاقَ وَإِنْكَاحَ بِكْرِهِ وَبَيْعُ دَارِ سُكْنَاهُ وَعَبْدِهِ)

ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ الْمُوَكَّلُ فِيهِ شَرْطُهُ أَنْ يَكُونَ مَعْلُومًا بِالنَّصِّ أَوْ بِالْقَرِينَةِ أَوْ بِالْعَادَةِ، فَلَوْ قَالَ: وَكَّلْتُكَ لَمْ يُفِدْ حَتَّى يُقَيَّدَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِأَمْرٍ فَلَوْ قَالَ: بِمَا لِي مِنْ قَلِيلٍ وَكَثِيرٍ مَضَى فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ إذَا كَانَ نَظَرًا إلَّا أَنْ يَقُولَ: وَغَيْرُ نَظَرٍ قَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ أَنَّ إطْلَاقَ التَّوْكِيلِ لَا يُفِيدُ حَتَّى يُقَيَّدَ بِالتَّفْوِيضِ أَوْ بِأَمْرٍ، وَهَذَا الْفَرْعُ مِثَالٌ لِلتَّفْوِيضِ وَشَرَطَ فِيهِ الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ أَنْ يَكُونَ تَصَرُّفُهُ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ إلَّا أَنْ يَزِيدَ فِي التَّعْمِيمِ فَيَقُولَ أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ، وَهَذِهِ هِيَ الَّتِي لِلْإِبَاحَةِ وَبِهَا يَتِمُّ تَعْمِيمُ الْوَكَالَةِ وَقَدْ جَرَى عَمَلُ النَّاسِ عِنْدَنَا فِي هَذِهِ الْجِهَاتِ أَنَّهُ يَتَصَرَّفُ الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ فِي كُلِّ شَيْءٍ مَعَ وُجُودِ هَذَا الْقَيْدِ الَّذِي ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ إلَّا فِي بَيْعِ دَارِ سُكْنَى مُوَكِّلِهِ وَطَلَاقِ زَوْجَتِهِ انْتَهَى وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَيُعْلَمُ مِنْ هَذَا أَنَّ

ص: 191

قَوْلَ الْمُصَنِّفِ إلَّا الطَّلَاقَ وَمَا بَعْدَهُ مُسْتَثْنًى مِنْ قَوْلِهِ: وَغَيْرَ نَظَرٍ وَجَعَلَهَا ابْنُ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ تَبَعًا لِابْنِ رَاشِدٍ وَغَيْرِهِ مُسْتَثْنَاةً مِنْ مُطْلَقِ الْوَكَالَةِ الْمُفَوَّضَةِ، وَهُوَ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّهَا إذَا اُسْتُثْنِيَتْ مِنْهَا مَعَ وُجُوبِ هَذَا الْقَيْدِ فِيهَا، فَأَحْرَى أَنْ تُسْتَثْنَى مَعَ عَدَمِهِ لَكِنْ لَا يَصِحُّ ذَلِكَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ؛ لِأَنَّا إذَا جَعَلْنَاهَا مُسْتَثْنَاةً مِنْ قَوْلِهِ فَيَمْضِي النَّظَرُ اقْتَضَى قَوْلُهُ بَعْدَهُ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَغَيْرُ نَظَرٍ أَنَّهُ إذَا ذُكِرَ هَذَا الْقَيْدُ لَا تَكُونُ مُسْتَثْنَاةٌ وَإِنَّمَا تَمْضِي وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَتَأَمَّلْهُ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : اعْتَرَضَ الْمُصَنِّفُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَقُولَ نَظَرًا أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ فَقَالَ: شَرَطَ الْمُصَنِّفُ فِي تَصَرُّفِ الْوَكِيلِ أَنْ يَكُونَ نَظَرًا؛ لِأَنَّهُ مَعْزُولٌ عَنْ غَيْرِهِ بِالْعَادَةِ إلَّا أَنْ يُصَرِّحَ لَهُ بِذَلِكَ فَيَقُولَ نَظَرًا وَغَيْرَ نَظَرٍ خَلِيلٍ وَفِيهِ نَظَرٌ إذْ لَا يَأْذَنُ الشَّرْعُ فِي السَّفَهِ فَيَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ الْوَكِيلُ إذْ لَا يَحِلُّ لَهُمَا ذَلِكَ انْتَهَى. وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ أَنَّ ابْنَ الْحَاجِبِ تَبِعَ فِي ذَلِكَ ابْنَ بَشِيرٍ وابْنَ شَاسٍ، ثُمَّ اعْتَرَضَ عَلَيْهِمْ فَقَالَ: مُقْتَضَى أَصْلِ الْمَذْهَبِ مَنْعُ التَّوْكِيلِ عَلَى غَيْرِ وَجْهِ النَّظَرِ؛ لِأَنَّهُ فَسَادٌ وَفِي الْبُيُوعِ الْفَاسِدَةِ تَقْيِيدُ بَيْعِ التَّمْرِ قَبْلَ بُدُوِّ صَلَاحِهِ إذَا لَمْ يَكُنْ فَسَادًا، وَنَقَلَ اللَّخْمِيُّ عَنْ الْمَذْهَبِ مَنْعَ تَوْكِيلِ السَّفِيهِ انْتَهَى. وَفَهِمَ ابْنُ فَرْحُونٍ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ عَلَى خِلَافِ مَا فَهِمَهُ الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ إثْرَهُ هَذَا مِثَالٌ لِوَكَالَةِ التَّفْوِيضِ، وَلَفْظُ مَا يَقْتَضِي الْعُمُومَ فَلَوْ قَالَ وَكَّلْتُكَ بِمَا إلَيَّ تَعَاطِيهِ مِنْ بَيْعٍ وَشِرَاءٍ وَطَلَاقٍ وَعِتْقٍ وَقَلِيلِ الْأَشْيَاءِ وَكَثِيرِهَا جَازَ فِعْلُ الْوَكِيلِ فِي ذَلِكَ كُلِّهِ بِشَرْطِ أَنْ يَكُونَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَعَكْسُهُ هُوَ مَعْزُولٌ عَنْهُ بِالْعَادَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ لَهُ افْعَلْ مَا رَأَيْت كَانَ نَظَرًا عِنْدَ أَهْلِ الْبَصَرِ وَالْمَعْرِفَةِ أَوْ غَيْرَ نَظَرٍ، وَلَيْسَ مُرَادُهُ افْعَلْ مَا شِئْت وَإِنْ كَانَ سَفَهًا كَمَا فَهِمَهُ صَاحِبُ التَّوْضِيحِ انْتَهَى.

(قُلْت) : هَذَا الَّذِي ذَكَرَهُ إنَّمَا يَتِمُّ عَلَى الْقَوْلِ بِمَنْعِ تَوْكِيلِ السَّفِيهِ، وَهُوَ أَحَدُ الطَّرِيقَيْنِ فِي الْمَسْأَلَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِجَوَازِ ذَلِكَ، فَيَرْجِعُ ذَلِكَ إلَى مَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالْحَقُّ أَنَّ النَّظَرَ هَهُنَا فِي مَقَامَيْنِ أَحَدُهُمَا جَوَازُ التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ وَالثَّانِي: مُضِيُّ أَفْعَالِ الْوَكِيلِ وَعَدَمُ تَضْمِينِهِ، فَأَمَّا جَوَازُ التَّوْكِيلِ عَلَى هَذَا الْوَجْهِ، فَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِذْنُ بِمَا هُوَ سَفَهٌ عِنْدَ الْوَكِيلِ، فَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يُتَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ أُرِيدَ بِهِ الْإِذْنُ فِيمَا يَرَاهُ الْوَكِيلُ صَوَابًا وَإِنْ كَانَ عِنْدَ النَّاسِ سَفَهًا فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ مَعْلُومَ السَّفَهِ، فَكَذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَإِنْ كَانَ عَلَى خِلَافِ ذَلِكَ جَازَ، وَأَمَّا مُضِيُّ أَفْعَالِ الْوَكِيلِ، وَعَدَمُ تَضْمِينِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ أَفْعَالَهُ مَاضِيَةٌ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّل أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ، وَقَدْ قَالُوا فِي كِتَابِ الْجِرَاحِ فِيمَنْ أَذِنَ لِإِنْسَانٍ فِي قَطْعِ يَدِهِ فَقَطَعَهَا أَنَّهُ: لَا قَوَدَ عَلَيْهِ لَإِذْنِهِ لَهُ فِي ذَلِكَ، فَالْمَالُ أَحْرَى، وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

هُوَ الَّذِي أَرَادَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ بَلْ هُوَ الْمُتَبَادِرُ مِنْ قَوْلِهِمْ مَضَى أَيْ وَإِنْ كَانَ لَا يَجُوزُ ذَلِكَ ابْتِدَاءً، فَتَأَمَّلْهُ نَعَمْ هُنَا وَجْهٌ يُمْكِنُ أَنْ يُحْمَلَ مَعَهُ كَلَامُهُمْ عَلَى الْجَوَازِ ابْتِدَاءً، وَذَلِكَ أَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَا صَنَعَهُ مُفَوَّضٍ إلَيْهِ مِنْ شَرِيكٍ أَوْ وَكِيلٍ عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ لَمْ يَلْزَمْ، وَلَكِنْ يَلْزَمُ الشَّرِيكَ فِي حِصَّتِهِ وَيُرَدُّ صَنِيعُ الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يَهْلِكَ مَا صَنَعَ الْوَكِيلُ، فَيَضْمَنُهُ الْمُوَكِّلُ انْتَهَى.

فَإِذَا كَانَ الْوَكِيلُ مَمْنُوعًا مِنْ التَّبَرُّعَاتِ فَيُمْكِنُ أَنْ يُقَالَ مَعْنَى قَوْلِهِمْ يُمْضِي النَّظَرَ أَيْ مَا فِيهِ مُصْلَحَةٌ تَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ لَا التَّبَرُّعَاتِ كَالْعِتْقِ وَالْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ إلَّا أَنْ يَقُولَ وَكَّلْتُكَ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً وَأَذِنْت لَكَ أَنْ تَفْعَلَ جَمِيعَ مَا تَرَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ نَظَرٍ أَيْ لَيْسَ فِيهِ مَصْلَحَةً تَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ فِيهِ مَصْلَحَةٌ فِي نَفْسِ الْأَمْرِ فَتَمْضِي التَّبَرُّعَاتُ وَلَا يُقْضَى فِي هَذِهِ الْأَشْيَاءِ أَنَّهَا سَفَهٌ أَوْ فَسَادٌ إلَّا مَا تَفَاحَشَ مِنْ ذَلِكَ وَخَرَجَ عَنْ الْحَدِّ وَلَمْ يَكُنْ فَاعِلُهُ مِنْ أَهْلِ الْيَقِينِ وَالتَّوَكُّلِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي) : عُلِمَ مِنْ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّ الْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ مَمْنُوعٌ

ص: 192

مِنْ التَّبَرُّعِ فَأَحْرَى غَيْرُهُ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ الْبَرِّ فِي كَافِيهِ مَا نَصُّهُ: وَأَمَّا الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ فَلَهُ أَنْ يَقْبَلَ، وَأَنْ يُؤَخِّرَ وَأَنْ يَهْضِمَ الشَّيْءَ عَلَى وَجْهِ النَّظَرِ، وَيَنْفُذُ فِعْلُهُ فِي الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ إذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ وَفِعْلُهُ كُلُّهُ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُ ذَلِكَ، فَإِذَا بَانَ تَعَدِّيهِ أَوْ فَسَادُهُ ضَمِنَ وَمَا خَالَفَ فِيهِ الْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ إلَيْهِ وَغَيْرُهُ مَا أُمِرَ بِهِ فَهُوَ مُتَعَدٍّ وَلِمُوَكِّلِهِ تَضْمِينُهُ إنْ شَاءَ ذَلِكَ انْتَهَى.

(قُلْت) : يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَ قَوْلُهُ وَيَنْفُذُ فِعْلُهُ فِي الْمَعْرُوفِ وَالصَّدَقَةِ إذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ عَلَى أَنَّ الْمُرَادَ إذَا كَانَ لِذَلِكَ وَجْهٌ يَعُودُ بِتَنْمِيَةِ الْمَالِ كَمَا قَالُوا فِي الشَّرِيكِ إنَّ ذَلِكَ يَمْضِي إذَا قُصِدَ بِهِ الِاسْتِئْلَافُ وَإِلَّا كَانَ كَلَامُ الْكَافِي مُخَالِفًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ) عُلِمَ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الْكَافِي أَنَّ فِعْلَ الْوَكِيلِ مَحْمُولٌ عَلَى النَّظَرِ حَتَّى يَتَبَيَّنَ خِلَافُهُ وَكَلَامُهُ فِي التَّوْضِيحِ لَا يُنَافِيه وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ: ذَكَرَ بَعْضُهُمْ أَنَّهُ يُسْتَثْنَى مِنْ الْوَكَالَةِ الْمُفَوَّضَةِ بَيْعُ دَارِ السُّكْنَى وَطَلَاقُ الزَّوْجَةِ وَبَيْعُ الْعَبْدِ الْقَائِمِ بِأُمُورِ الْوَكِيلِ وَزَوَاجُ الْبِكْرِ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ قَاضٍ بِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَنْدَرِجُ تَحْتَ عُمُومِ الْوَكَالَةِ وَإِنَّمَا يَفْعَلُهُ الْمُوَكِّلُ بِإِذْنٍ خَاصٍّ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي اللُّبَابِ فِي كِتَابِ الطَّلَاقِ: أَنَّهُ إنْ وَكَّلَهُ عَلَى الطَّلَاقِ مُعَيَّنًا لَزِمَهُ قَالَ وَإِنْ فَوَّضَ إلَيْهِ جَمِيعَ أُمُورِهِ وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ طَلَاقَ زَوْجَتِهِ فَظَاهِرُ مَا فِي الْجَوَاهِرِ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ وَاَلَّذِي حَكَاهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ أَنَّهُ مَعْزُولٌ عُرْفًا عَنْ طَلَاقِ الزَّوْجَةِ وَبَيْعِ دَارِ السُّكْنَى وَتَزْوِيجِ الْبِنْتِ وَعِتْقِ الْعَبْدِ انْتَهَى (الْخَامِسُ) قَالَ فِي النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَزَوَّجَ أُخْتَهُ الْبِكْرَ بِغَيْرِ أَمْرِ الْأَبِ لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ أَجَازَهُ الْأَبُ إلَّا أَنْ يَكُونَ ابْنًا فَوَّضَ إلَيْهِ جَمِيعَ أَمْرِهِ وَجَمِيعَ شَأْنِهِ، فَيَجُوزُ بِإِجَازَةِ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ فِي أَمَةِ الْأَبِ، وَكَذَلِكَ فِي الْأَخِ وَالْجَدِّ يُقِيمُهُ هَذَا الْمَقَامَ انْتَهَى.

وَقَالَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ النِّكَاحِ: وَإِنْ أَجَازَ مُجْبَرٌ فِي ابْنٍ وَأَخٍ وَجَدٍّ فَوَّضَ لَهُ أُمُورَهُ بِبَيِّنَةٍ جَازَ انْتَهَى فَقَوْلُ الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ هَذَا لَا يُنَافِي قَوْلَهُمْ هُنَا أَنَّ الْوَكَالَةَ الْمُفَوَّضَةَ لَا تَشْمَلُ تَزْوِيجَ الْبِكْرِ بَلْ هُوَ مُوَافِقٌ لَهُ؛ لِأَنَّ مَعْنَى مَا هُنَا أَنَّهُ لَا يَمْضِي بَلْ يُوقَفُ عَلَى إجَازَةِ الْمُوَكِّلِ وَإِنْ اتَّفَقَا نَعَمْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ إثْرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورِ: قَوْلُهُ فَوَّضَ لَهُ يَعْنِي بِالْعَادَةِ.

وَأَمَّا لَوْ كَانَ بِالصِّيغَةِ لَكَانَ لَهُ أَنْ يُزَوِّجَهَا وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إجَازَةِ الْأَبِ لِأَنَّ الْوَكِيلِ لَهُ أَنْ يُنْكِحَ وَيُطَلِّقَ وَيُقِرَّ عَلَى مُوَكِّلِهِ انْتَهَى فَهَذَا مُخَالِفٌ لِمَا قَالُوهُ هُنَا إنَّ الْوَكَالَةَ الْمُفَوَّضَةَ لَا تَشْمَلُ تَزْوِيجًا وَلَا طَلَاقَ الزَّوْجَةِ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ ابْنِ شَاسٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ اللُّبَابِ فِي التَّنْبِيهِ الَّذِي قَبْلَ هَذَا، وَأَمَّا إقْرَارُهُ عَلَى مُوَكِّلِهِ، فَهُوَ جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ الْمُفَوَّضِ إلَيْهِ غَيْرُهُ مِنْ غَيْرِ أَنْ يَنُصَّ لَهُ عَلَى ذَلِكَ مُوَكِّلُهُ فَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ (السَّادِسُ) : إذَا اُبْتُدِئَتْ الْوَكَالَةُ بِشَيْءٍ مُعَيَّنٍ، ثُمَّ قَالَ فِي تَوْكِيلِهِ إنَّهُ وَكَّلَهُ وَكَالَةً مُفَوَّضَةً أَقَامَهُ مَقَامَ نَفْسِهِ وَأَنْزَلَهُ مَنْزِلَتَهُ، وَجَعَلَ لَهُ النَّظَرَ بِمَا يَرَاهُ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ التَّفْوِيضُ لِمَا سَمَّاهُ وَلَا يَتَعَدَّى الْوَكِيلُ مَا سَمَّى لَهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ يُحْمَلُ عَلَى مَا سَمَّاهُ، وَيُعَادُ إلَيْهِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا بِالْكُلِّيَّةِ، وَإِنَّمَا قَالَ وَكَّلْته وَكَالَةً مُفَوَّضَةً، فَهَذَا تَوْكِيلٌ تَامٌّ فِي جَمِيعِ أُمُورِ الْوَكَالَةِ، وَيَجُوزُ فِعْلُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ مِنْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ صُلْحٍ أَوْ غَيْرِهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَاتِ قَالَ: وَإِنْ قَالَ: وَكَالَةٌ مُفَوَّضَةٌ جَامِعَةٌ لِجَمِيعِ وُجُوهِ التَّوْكِيلِ وَمَعَانِيهِ كَانَ أَبْيَنَ فِي التَّفْوِيضِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ وَكَالَةً مُطْلَقَةً، وَلَمْ يَخُصَّهُ بِشَيْءٍ دُونَ شَيْءٍ، فَهُوَ وَكِيلٌ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَإِنْ سَمَّى بَيْعًا أَوْ ابْتِيَاعًا أَوْ خِصَامًا أَوْ شَيْئًا مِنْ الْأَشْيَاءِ، فَلَا يَكُونُ وَكِيلًا إلَّا فِيمَا سَمَّى وَإِنَّمَا قَالَ فِي آخِرِ الْكَلَامِ: وَكَالَةً مُفَوَّضَةً لِأَنَّ ذَلِكَ إنَّمَا يَرْجِعُ لِمَا سَمَّى خَاصَّةً، وَهَذَا قَوْلُهُمْ فِي الْوَكَالَةِ إذَا طَالَتْ قَصُرَتْ، وَإِذَا قَصُرَتْ طَالَتْ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَالَ الْبُرْزُلِيُّ: قَالَ ابْنُ الْحَاجِّ: قَالَ ابْنُ عَاتٍ الَّذِي جَرَى بِهِ الْعَمَلُ، وَأَفْتَى بِهِ الشُّيُوخُ أَنَّهُ

ص: 193

مَتَى انْعَقَدَ فِي وَثِيقَةِ التَّوْكِيلِ تَسْمِيَةُ شَيْءٍ، ثُمَّ ذَكَرَ بَعْدَ ذَلِكَ التَّفْوِيضَ، فَإِنَّمَا يَرْجِعُ لِمَا سَمَّى وَإِنْ لَمْ يُسَمِّ شَيْئًا وَذَكَرَ التَّفْوِيضَ التَّامَّ، فَهُوَ تَفْوِيضٌ تَامٌّ فِي جَمِيعِ أُمُورِ الْوَكَالَةِ وَكُلَّمَا فُعِلَ مِنْ بَيْعٍ وَغَيْرِهِ وَعَلَيْهِ تَدُلُّ رِوَايَةُ مُطَرِّفٍ وَغَيْرِهِ عَنْ مَالِكٍ انْتَهَى مِنْ مَسَائِلِ الْوَكَالَاتِ.

ص (وَتَعَيَّنَ بِنَصٍّ أَوْ قَرِينَةٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَكَالَةَ إمَّا عَلَى سَبِيلِ التَّفْوِيضِ فِي جَمِيعِ الْأُمُورِ أَوْ يُعَيِّنُ الْمُوَكِّلُ فِيهِ فَيَتَعَيَّنُ فَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ أَنْ يَتَعَدَّاهُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: لَوْ وَكَّلْت رَجُلًا يَقْبِضُ مَا لَكَ عَلَى فُلَانٍ فَجَحَدَهُ فَحَلَّفَهُ الْوَكِيلُ، ثُمَّ لَقِيتَهُ أَنْتَ لَمْ يَكُنْ لَكَ أَنْ تُحَلِّفَهُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: لِأَنَّ يَمِينَهُ لِوَكِيلِكَ يَمِينٌ لَكَ، وَقَالَ عِيَاضٌ: مَعْنَاهُ أَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى خِصَامٍ أَوْ فَوَّضَ إلَيْهِ الْوَكَالَةَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ مُوَكَّلًا عَلَى الْقَبْضِ مُجَرَّدًا لَمْ يَكُنْ لَهُ ذَلِكَ، وَكَانَ لِرَبِّ الْمَالِ بَعْدَ خِصَامِهِ وَتَحْلِيفِهِ انْتَهَى. وَهَذَا ظَاهِرٌ، فَفُهِمَ مِنْهُ إذَا وَكَّلَهُ عَلَى الْخِصَامِ، فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(مَسْأَلَةٌ) : قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ: وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا عَلَى الْقِيَامِ بِعَيْبٍ فِي سِلْعَةٍ اشْتَرَاهَا مِنْ رَجُلٍ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ، فَأَنْكَرَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ أَنْ يَكُونَ بَاعَ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَوَجَبَتْ عَلَيْهِ الْيَمِينُ لِعَدَمِ الْبَيِّنَةِ، فَرَدَّهَا عَلَى الْغَائِبِ فَاَلَّذِي أَرَاهُ إذَا لَمْ يُسَمِّ الْمُقَدَّمَ عَلَيْهِ مَنْ بَاعَ مِنْهُ السِّلْعَةَ أَوْ سَمَّى رَجُلًا غَائِبًا بُعَيْدَ الْغَيْبَةِ، فَتَبَيَّنَ بِذَلِكَ لَدَدُهُ أَنْ يُؤْخَذَ مِنْهُ حَمِيلٌ بِالثَّمَنِ إلَى أَنْ يَكْتُبَ لِلْمُوَكِّلِ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي هُوَ فِيهِ، وَيَحْلِفُ وَسَوَاءٌ كَانَ قَرِيبَ الْغَيْبَةِ أَوْ بَعِيدَهَا، وَلَا يَدْخُلُ فِي هَذَا الِاخْتِلَافِ الَّذِي فِي وَكِيلِ الْغَائِبِ عَلَى قَبْضِ الدَّيْنِ يُقِرُّ بِهِ الْغَرِيمُ، وَيَدَّعِي أَنَّهُ قَضَاهُ؛ لِأَنَّ هَذَا مُقِرٌّ لِلْغَائِبِ بِشَيْءٍ، وَأَمَّا أَخْذُ الثَّمَنِ مِنْهُ أَوْ إيقَافُهُ، فَلَا أَرَاهُ إذَا لَمْ يَثْبُتْ عَلَيْهِ بَعْدَ شَيْءٍ انْتَهَى.

ص (وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ)

ش: فَاعِلُ تَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ ضَمِيرٌ يَعُودُ عَلَى الشَّيْءِ الْمُوَكَّلِ فِيهِ أَوْ عَلَى لَفْظِ الْمُوَكِّلِ، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا كَانَ لَفْظُ الْوَكِيلِ عَامًّا، فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِالْعُرْفِ كَمَا إذَا قَالَ: وَكَّلْتُكَ عَلَى بَيْعِ دَوَابِّي وَكَانَ الْعُرْفُ يَقْتَضِي تَخْصِيصَ ذَلِكَ بِبَعْضِ أَنْوَاعِ الدَّوَابِّ، فَإِنَّهُ يَتَخَصَّصُ بِهِ، وَكَذَلِكَ إذَا قَالَ: لَهُ وَكَّلْتُكَ عَلَى بَيْعِ هَذِهِ السِّلْعَةِ، فَإِنَّ هَذَا اللَّفْظَ عَامٌّ فِي بَيْعِهَا فِي كُلِّ مَكَان وَزَمَانٍ، فَإِذَا كَانَ الْعُرْفُ أَنَّ تِلْكَ السِّلْعَةَ إنَّمَا تُبَاعُ فِي سُوقٍ مَخْصُوصٍ أَوْ فِي زَمَانٍ مَخْصُوصٍ، فَإِنَّ الْعُرْفَ يُخَصِّصُ ذَلِكَ الْعُمُومَ، وَكَذَا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ مُطْلَقًا أَوْ لَفْظُ الْمُوَكَّلِ، فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِالْعُرْفِ كَمَا لَوْ قَالَ اشْتَرِ لِي عَبْدِي، فَإِنَّهُ يَتَقَيَّدُ بِمَا يَلِيقُ بِهِ. وَالْعَامُّ هُوَ اللَّفْظُ الْمُسْتَغْرِقُ الصَّالِحُ لَهُ مِنْ غَيْرِ حَصْرٍ، وَالْمُطْلَقُ هُوَ اللَّفْظُ الدَّالُّ عَلَى الْمَاهِيَّةِ بِلَا قَيْدٍ.

ص (إلَّا عَلَى بَيْعٍ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَقَبْضُهُ)

ش: هُوَ نَحْوُ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ، وَيَمْلِكُ الْوَكِيلُ الْمُطَالَبَةَ بِالثَّمَنِ وَقَبْضَهُ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: يَعْنِي أَنَّ التَّوْكِيلَ عَلَى الْبَيْعِ يَسْتَلْزِمُ أَنْ يَكُونَ لِلْوَكِيلِ الْمُطَالَبَةُ بِالثَّمَنِ وَقَبْضُهُ لِذَلِكَ لَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ، وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : قَوْلُهُ: فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ يَقْتَضِي أَنَّ لَهُ تَرْكَ ذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ كَمَا دَلَّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَلِذَلِكَ، لَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ وَلَمْ يَقْبِضْ الثَّمَنَ ضَمِنَهُ (الثَّانِي) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: هَذَا مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا لَمْ تَكُنْ الْعَادَةُ التَّرْكَ فَقَدْ نَصَّ أَبُو عِمْرَانَ عَلَى أَنَّهَا لَوْ كَانَتْ الْعَادَةُ فِي الرِّبَاعِ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ فَإِنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي الشَّامِلِ: وَلَهُ قَبْضُ مَا وُكِّلَ فِي بَيْعِهِ إلَّا لِعَادَةٍ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ فِي الْفَصْلِ الرَّابِعِ فِي تَقْسِيمِ الْمُدَّعَى لَهُمْ: مَسْأَلَةٌ وَالْوَكِيلُ عَلَى بَيْعِ الدَّارِ وَالْعَقَارِ إذَا أَرَادَ قَبْضَ الثَّمَنِ مِنْ الْمُشْتَرِي وَأَرَادَ أَنْ يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ وَكِيلٌ عَلَى الْبَيْعِ لَمْ يُمَكَّنْ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْعُرْفَ وَالْعَادَةَ أَنَّ وَكِيلَ الْبَيْعِ فِي الدَّارِ وَالْعَقَارِ لَا يَقْبِضُ الثَّمَنَ، فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِتَوْكِيلٍ خَاصٍّ عَلَى قَبْضِ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ أَهْلُ بَلَدٍ جَرَتْ عَادَتُهُمْ بِأَنَّ مُتَوَلِّيَ الْبَيْعِ يَتَوَلَّى قَبْضَ الثَّمَنِ فَيُجْزِئُهُ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ عَلَى الْوَكَالَةِ عَلَى الْبَيْعِ، وَهَذَا بِخِلَافِ الْوَكِيلِ عَلَى بَيْعِ السِّلَعِ فَإِنَّ لَهُ قَبْضَ الثَّمَنِ وَالْمُطَالَبَةَ بِهِ انْتَهَى

ص: 194

(الثَّالِثُ) لَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: فَلَهُ قَبْضُ الثَّمَنِ لَا غِنَى عَنْ قَوْلِهِ فَلَهُ طَلَبُ الثَّمَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ اشْتِرَاءٍ فَلَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَالْوَكِيلُ بِالشِّرَاءِ يَمْلِكُ قَبْضَ الْمَبِيعِ وَتَبِعَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَفِي قَبُولِهِ مُطْلَقًا نَظَرٌ، وَمُقْتَضَى الْمَذْهَبِ عِنْدَ التَّفْصِيلِ، فَحَيْثُ يَجِبُ عَلَيْهِ دَفْعُ الثَّمَنِ يَجِبُ لَهُ قَبْضُ الْمَبِيعِ، وَحَيْثُ لَا يَجِبُ لَا يَجِبُ لِلنُّكْتَةِ الَّتِي فَرَّقُوا بِهَا بَيْنَ وُجُوبِ قَبْضِ الْوَكِيلِ ثَمَنَ مَا بَاعَهُ، وَعَدَمِ صِحَّةِ قَبْضِ وَلِيِّ الْبِنْتِ نَقْدَ وَلِيَّتِهِ دُونَ تَوْكِيلٍ عَلَيْهِ، فَإِنَّهُ فِي الْبَيْعِ هُوَ مُسَلِّمُ الْمَبِيعِ لِمُبْتَاعِهِ وَلَيْسَ الْوَلِيُّ كَذَلِكَ فِي النِّكَاحِ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ، وَسَيَذْكُرُ الْمُصَنِّفُ الْمَوْضِعَ الَّذِي يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ فِيهِ قَبْضُ الثَّمَنِ.

ص (وَرَدُّ الْمَعِيبِ إنْ لَمْ يُعَيِّنْهُ مُوَكِّلُهُ) ش إذَا عَيَّنَ الْمُوَكِّلُ السِّلْعَةَ الْمُشْتَرَاةَ، فَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهَا بِالْعَيْبِ اتِّفَاقًا لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ الْمُوَكِّلُ عَلِمَ بِالْعَيْبِ أَوْ يَغْتَفِرُهُ عِنْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَيْهِ لِغَرَضِهِ فِيهِ، وَاخْتُلِفَ إذَا لَمْ يُعَيِّنْهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرُدَّهُ؛ لِأَنَّهُ ضَامِنٌ بِمُخَالَفَةِ الصِّفَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ: لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرُدَّهُ، وَإِنْ رَدَّ، فَلِلْمُوَكِّلِ أَنْ لَا يُجِيزَ الرَّدَّ وَيُضَمِّنَهُ قِيمَتَهَا إنْ فَاتَتْ قَالَ أَبُو عِمْرَانَ: وَإِذَا كَانَ يَلْزَمُهُ الضَّمَانُ بِإِمْسَاكِهِ السِّلْعَةَ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَيَرُدُّهُ لَهَا عَلَى قَوْلِ أَشْهَبَ فَالْحِيلَةُ فِي التَّخَلُّصِ مِنْهُ أَنْ يَرْفَعَ لِلْحَاكِمِ فَيَحْكُمَ لَهُ بِأَحَدِ الْمَذْهَبَيْنِ فَيَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَيَّدَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ بِمَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ ظَاهِرًا قَالَ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْعَيْبُ مِمَّا يَخْفَى، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِذَا لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ ضَمَانٌ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرُدَّ انْتَهَى، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ هَذَا التَّقْيِيدَ وَلَا صَاحِبُ الشَّامِلِ.

ص (إلَّا الْمُفَوِّضَ)

ش: كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ، وَعَلَيْهَا شَرْحُ الشَّارِحِ وَهُوَ صَحِيحٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (لَا لِأَشْتَرِيَ مِنْك)

ش: أَيْ فَالثَّمَنُ عَلَى الْوَكِيلِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ الْمُوَكِّلُ فَلْيَتْبَعْ أَيَّهمَا شَاءَ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ زَادَ ابْنُ عَرَفَةَ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْآمِرُ أَنَّهُ دَفَعَ الثَّمَنَ لِلْمَأْمُورِ فَيَحْلِفَ وَيَبْرَأَ وَيَتْبَعَ الْمَأْمُورَ.

ص (وَبِالْعُهْدَةِ)

ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ (مَسْأَلَةٌ) : قَالَ ابْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: إذَا أَقْرَرَتْ أَنَّ وَكِيلًا لَك بَاعَ عَبْدَك مِنْ فُلَانٍ بِمِائَةٍ وَفُلَانٌ مُصَدِّقٌ وَالْوَكِيلُ مُنْكِرٌ، فَالْعَبْدُ يَلْزَمُ فُلَانًا بِمِائَةٍ وَالْعُهْدَةُ عَلَى بَائِعِهِ وَلَا عُهْدَةَ عَلَى الْوَكِيلِ، وَلَا يَلْزَمُ الْوَكِيلَ قَوْلُ سَيِّدِ الْعَبْدِ انْتَهَى.

ص (وَتَعَيَّنَ فِي الْمُطْلَقِ نَقْدُ الْبَلَدِ إلَى آخِرِهِ)

ش: هَذَا

ص: 195

كُلُّهُ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ وَتَخَصَّصَ وَتَقَيَّدَ بِالْعُرْفِ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ لِيُبَيِّنَ الْحُكْمَ بَعْدَ الْوُقُوعِ بِقَوْلِهِ وَالْأَخِيرُ.

ص (وَثَمَنُ الْمِثْلِ)

ش: أَيْ وَتَعَيَّنَ أَيْضًا ثَمَنُ الْمِثْلِ إذَا أَطْلَقَ لَهُ، وَلَمْ يُسَمِّ لَهُ الثَّمَنَ، وَأَمَّا إنْ سَمَّى لَهُ ثَمَنًا، فَيَتَعَيَّنُ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَالَ الْمَازِرِيُّ: وَفِي كَوْنِ التَّسْمِيَةِ لِلثَّمَنِ مُسْقِطَةً عَنْ الْوَكِيلِ النِّدَاءَ وَالشُّهْرَةَ وَالْمُبَالَغَةَ فِي الِاجْتِهَادِ أَمْ لَا ابْنُ بَشِيرٍ لَوْ أَمَرَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ بِثَمَنٍ سَمَّاهُ، فَبَاعَهَا بِهِ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ فَقَوْلَانِ: أَحَدُهُمَا: إمْضَاؤُهُ وَالثَّانِي: رَدُّهُ؛ لِأَنَّ الْقَصْدَ عَدَمُ نَقْصِ الثَّمَنِ وَطَلَبِ الزِّيَادَةِ، وَلَوْ ثَبَتَ أَحَدُ الْقَصْدَيْنِ مَا اُخْتُلِفَ فِيهِ انْتَهَى.

ص (أَوْ بَيْعُهُ بِأَقَلَّ أَوْ اشْتِرَاؤُهُ بِأَكْثَرَ كَثِيرًا)

ش: أَيْ، وَكَذَا يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ الشَّيْءَ الْمُوَكَّلَ عَلَى بَيْعِهِ بِأَقَلَّ مِمَّا سَمَّى لَهُ أَوْ اشْتَرَى مَا وُكِّلَ عَلَى شِرَائِهِ بِأَكْثَرَ مِمَّا سَمَّى لَهُ بِشَيْءٍ كَثِيرٍ، وَظَاهِرُ كَلَامِهِ هُنَا أَنَّهُ يُخَيَّرُ مُطْلَقًا، وَلَيْسَ كَذَلِكَ بَلْ ذَلِكَ مُقَيَّدٌ بِأَنْ لَا يُؤَدِّيَ إلَى فَسْخِ الدَّيْنِ فِي الدَّيْنِ وَإِلَى بَيْعِ الطَّعَامِ قَبْلَ قَبْضِهِ كَمَا سَيَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ أَعْنِي قَوْلَهُ وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ، وَيُقَيَّدُ كَلَامُهُ هُنَا أَيْضًا بِمَا إذَا لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ كَمَا سَيَقُولُهُ الْمُصَنِّفُ أَيْضًا

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي النَّوَادِرِ: عَنْ أَشْهَبَ إذَا وَضَعَ الْوَكِيلُ مِنْ الثَّمَنِ بَعْدَ الْبَيْعِ، فَذَلِكَ بَاطِلٌ، وَالْآمِرُ مُخَيَّرٌ فِي أَنْ يُجِيزَ أَوْ يَرْجِعَ بِذَلِكَ عَلَى الْمُشْتَرِي وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ قَالَ: وَلَوْ تَحَاكَمَا لِبَعْضِ قُضَاةِ الْمَشْرِقِ فَحَكَمَ بِالْوَضِيعَةِ عَلَى الْوَكِيلِ لَأَنْفَذْت ذَلِكَ وَلَمْ أَرَ عَلَى الْمُبْتَاعِ شَيْئًا وَنَزَلْت بِأَشْهَبَ وَهُوَ الْمُبْتَاعُ فَحُكِمَ لَهُ بِالْوَضِيعَةِ عَلَى الْوَكِيلِ فَصَالَحَ أَشْهَبُ الْبَائِعَ عَلَى نِصْفِ الْوَضِيعَةِ وَصَارَ لَهُ انْتَهَى وَالْمَسْأَلَةُ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَاتِ.

ص (إلَّا كَدِينَارَيْنِ فِي أَرْبَعِينَ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا خَالَفَ فِي الِاشْتِرَاءِ فَإِنَّهُ يُخَيِّرُ

ص: 196

الْمُوَكِّلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْمُخَالَفَةُ بِزِيَادَةٍ فِي الثَّمَنِ زِيَادَةً يَسِيرَةً كَالدِّينَارَيْنِ فِي الْأَرْبَعِينَ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ ذَلِكَ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ لَا كَدِينَارَيْنِ بِلَا النَّافِيَةِ بَدَلَ إلَّا الِاسْتِثْنَائِيَّة وَهِيَ أَحْسَنُ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَتَخْصِيصُهُ اغْتِفَارَ الْمُخَالَفَةِ بِالْيَسِيرِ بِالِاشْتِرَاءِ هُوَ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ عَبْدُ الْحَقِّ وَابْنُ يُونُسَ وَاللَّخْمِيُّ وَالْمُتَيْطِيُّ وَصَاحِبُ الْجَوَاهِرِ وَذَكَرَ صَاحِبُ النَّظَائِرِ اغْتِفَارَ الْمُخَالَفَةِ بِالْيَسِيرِ فِي الْبَيْعِ أَيْضًا، وَهُوَ ظَاهِرُ إطْلَاقِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَلَمْ يَنُصَّ فِي الْمُدَوَّنَةِ عَلَى اغْتِفَارِ الْيَسِيرِ إلَّا فِي الشِّرَاءِ وَمِثْلُهُ كَالثَّلَاثَةِ فِي الْمِائَةِ، وَكَالِاثْنَيْنِ فِي الْأَرْبَعِينَ، وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ اغْتِفَارِ الْيَسِيرِ فِي الشِّرَاءِ ظَاهِرُهُ سَوَاءٌ كَانَتْ السِّلْعَةُ مُعَيَّنَةً أَمْ لَا وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ: وَخَالَفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُذَاكِرِينَ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَازِرِيُّ: وَالْيَسِيرُ فِي الْمِائَةِ الدِّينَارَانِ وَالثَّلَاثَةُ التُّونُسِيُّ لَا تَكُونُ الزِّيَادَةُ فِي قَلِيلِ الثَّمَنِ مَقْصُورَةً عَلَى هَذَا الْحِسَابِ إنَّمَا يُنْظَرُ إلَى مَا زَادَ فِي مِثْلِهِ عَادَةً، وَلَا يَجِبُ عَلَى الْوَكِيلِ أَنْ يَزِيدَهُ عَلَى ذَلِكَ إنَّمَا هَذَا إذَا زَادَهُ لَزِمَ الْمُوَكِّلَ، وَلَوْ اشْتَرَى السِّلْعَةَ لِنَفْسِهِ لَمَّا لَمْ يَبِعْهَا رَبُّهَا بِالْمُسَمَّى كَانَتْ لَهُ إذَا قُلْنَا إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُسَلِّفَ مَنْ وَكَّلَهُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: الظَّاهِرُ أَنَّهُ لَوْ كَانَ بِيَدِ الْمَأْمُورِ لِلْآمِرِ مَا يَدْفَعُ مِنْهُ الزِّيَادَةَ لَزِمَهُ الشِّرَاءُ بِهَا فَلَا يَتِمُّ لَهُ شِرَاؤُهَا لِنَفْسِهِ، وَكَذَا إنْ كَانَ الْمَأْمُورُ مَالِكًا لِقَدْرِ الزِّيَادَةِ غَيْرَ مُحْتَاجٍ إلَيْهَا؛ لِأَنَّ قَبُولَهُ التَّوْكِيلَ عَلَى شِرَائِهَا الْتِزَامٌ مِنْهُ لِلَوَازِمِ شِرَائِهَا وَيُؤَيِّدُهُ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مَنْ أَمَرَ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَاشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ بِسِتَّةَ عَشَرَ، وَقَالَ أَبَى الْبَائِعُ بَيْعَهَا بِخَمْسَةَ عَشَرَ فَاشْتَرَيْتُهَا لِنَفْسِي بِسِتَّةَ عَشَرَ قُبِلَ قَوْلُهُ وَكَانَتْ لَهُ قَالَ أَصْبَغُ أَرَى أَنْ يَحْلِفَ وَأَسْتَحْسِنُ أَنَّ الْأَمْرَ فِي أَخْذِهَا بِالْخِيَارِ. ابْنُ رُشْدٍ اسْتِحْسَانُهُ بَعِيدٌ إذْ لَا يَلْزَمُهُ أَنْ يُسَلِّفَهُ الزِّيَادَةَ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَحَيْثُ خَالَفَ فِي اشْتِرَائِهِ لَزِمَهُ إنْ لَمْ يَرْضَهُ مُوَكِّلُهُ)

ش: تَضَمَّنَ هَذَا الْكَلَامُ مَسْأَلَتَيْنِ: إحْدَاهُمَا: أَنَّ الْمُوَكِّلَ مُخَيَّرٌ فِي الرِّضَا بِالشَّيْءِ الْمُشْتَرَى، وَعَدَمِ الرِّضَا بِهِ، وَهَذِهِ تَقَدَّمَتْ وَالثَّانِيَةُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَرْضَ بِهِ الْمُوَكِّلُ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُ الْوَكِيلَ، وَهَذِهِ مِنْ هُنَا اُسْتُفِيدَتْ وَأَتَى الْمُؤَلِّفُ بِهَذَا الْكَلَامِ لِأَجْلِهَا.

(مَسْأَلَةٌ) : مَنْ أَمَرَ رَجُلًا بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ فَاشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ: الْأَوَّلُ: الْقَوْلُ قَوْلُ الْمَأْمُورِ مَعَ يَمِينِهِ إنْ اُتُّهِمَ وَإِنْ دَفَعَ لَهُ الْآمِرُ الثَّمَنَ، وَهُوَ رِوَايَةُ مُحَمَّدِ بْنِ يَحْيَى الشَّيْبَانِيِّ عَنْ مَالِكٍ وَالثَّانِي السِّلْعَةُ لِلْآمِرِ وَإِنْ لَمْ يَدْفَعْ الثَّمَنَ، وَهُوَ رِوَايَةُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَوْلُ أَصْبَغَ وَرِوَايَتُهُ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَسَوَاءٌ أَشْهَدَ الْمَأْمُورُ أَنَّهُ اشْتَرَاهَا لِنَفْسِهِ أَمْ لَمْ يُشْهِدْ حَتَّى يَرْجِعَ الْأَمْرُ إلَى الْآمِرِ فَيَبْرَأُ مِنْ وَعْدِهِ بِالشِّرَاءِ وَالثَّالِثُ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ إلَيْهِ الثَّمَنَ أَمْ لَا وَالرَّابِعُ أَنَّهَا لِلْآمِرِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْمَأْمُورُ أَشْهَدَ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهَا لِنَفْسِهِ انْتَهَى. مُخْتَصَرًا مِنْ أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ.

وَكَرَّرَ الْمَسْأَلَةَ فِي كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْهُ.

ص (كَذِي عَيْبٍ إلَّا أَنْ يَقِلَّ وَهُوَ فُرْصَةٌ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَشِرَاؤُهُ مَعِيبًا تَعَمُّدًا عَدَاءٌ إلَّا مَا يُغْتَفَرُ عُرْفًا فِيهَا إنْ أَمَرْتَهُ بِشِرَاءِ سِلْعَةٍ فَابْتَاعَهَا مَعِيبَةً فَإِنْ كَانَ عَيْبًا خَفِيفًا يُغْتَفَرُ مِثْلُهُ، وَقَدْ يَكُونُ شِرَاؤُهَا بِهِ فُرْصَةً لَزِمَتْكَ وَإِنْ كَانَ عَيْبًا مُفْسِدًا لَمْ تَلْزَمْكَ إلَّا أَنْ تَشَاءَ وَهِيَ لَازِمَةٌ لِلْمَأْمُورِ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: قُلْت: لَوْ كَانَ الْعَيْبُ مُغْتَفَرًا بِعُمُومِ النَّاسِ وَحَالُ الْآمِرِ لَا يَقْتَضِي اغْتِفَارَهُ هَلْ يَلْزَمُ الْآمِرَ أَمْ لَا وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ يَتَخَرَّجُ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْغَصْبِ فِي أَثَرِ الْعَدَاءِ إذَا كَانَ يَسِيرًا بِالنِّسْبَةِ إلَى عُمُومِ النَّاسِ، وَغَيْرُ يَسِيرٍ بِالنِّسْبَةِ إلَى حَالِ الْمُتَعَدَّى عَلَيْهِ هَلْ يُحْكَمُ فِيهِ بِحُكْمِ الْيَسِيرِ أَوْ الْكَثِيرِ؟ وَعَبَّرَ عَنْ هَذَا ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ كَانَ لَهُ وَلَا رَدَّ إلَّا فِي الْيَسِيرِ.

(قُلْت) : اسْتِثْنَاؤُهُ إلَّا فِي الْيَسِيرِ يَسْتَحِيلُ رَدُّهُ لِمَنْطُوقِ مَا قَبْلَهُ، وَلَهُمَا يَسْتَقِيمُ رَدُّهُ لِمَحْذُوفٍ تَقْدِيرُهُ، وَلَا يَلْزَمُ الْآمِرَ، وَمِثْلُ هَذَا الْحَذْفِ لَا يَنْبَغِي فِي الْمَسَائِلِ الْعِلْمِيَّةِ مَعَ يُسْرِ الْعِبَارَةِ عَنْهُ بِقَوْلِهِ فَإِنْ عَلِمَ بِالْعَيْبِ لَزِمَهُ لَا الْآمِرُ إلَّا فِي الْيَسِيرِ انْتَهَى.

(قُلْت) : وَاقْتَصَرَ

ص: 197

الْمُصَنِّفُ فِي فَصْلِ التَّعَدِّي عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ يُحْكَمُ لَهُ بِحُكْمِ الْكَثِيرِ.

ص (أَوْ فِي بَيْعٍ فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ)

ش: هَذَا مُسْتَفَادٌ مِمَّا تَقَدَّمَ لَكِنَّهُ أَعَادَهُ لِيُكْمِلَهُ بِقَوْلِهِ وَلَوْ رِبَوِيًّا، وَبِقَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَلْتَزِمَ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ، فَإِنَّهُ رَاجِعٌ إلَى الْمُخَالَفَةِ فِي الشِّرَاءِ وَالْبَيْعِ كَمَا قَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَغَيْرُهُ وَالْمَعْنَى، وَحَيْثُ خَالَفَ فِي بَيْعٍ فَيُخَيَّرُ مُوَكِّلُهُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ الثَّمَنِ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ وَرَدِّهِ وَأَخْذِهِ سِلْعَتَهُ إنْ كَانَتْ قَائِمَةً، وَهَذَا بَعْدَ أَنْ يُثْبِتَ أَنَّ السِّلْعَةَ مِلْكُ الْمُوَكِّلِ، وَيَحْلِفُ عَلَى التَّعَدِّي كَمَا سَيَأْتِي ذَلِكَ فِي اخْتِلَافِ الْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِهِ وَلَا بَيْعَ بِعَرَضٍ وَلَا نَسِيئَةٍ.

(تَنْبِيهٌ) : وَلَا يُعَدُّ الْوَكِيلُ بِتَعَدِّيهِ مُلْتَزِمًا لِمَا سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ مِنْ ثَمَنِ السِّلْعَةِ عَلَى الْمَشْهُورِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ الْمَسْأَلَةِ الْمَذْكُورَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَوْ رِبَوِيًّا يُمَثِّلُهُ)

ش: هَذَا إذَا لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي بِتَعَدِّي الْوَكِيلِ، وَأَمَّا إنْ عَلِمَ بِذَلِكَ فَالْعَقْدُ فَاسِدٌ قَالَهُ الْمَازِرِيُّ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.

ص (إنْ لَمْ يَلْتَزِمْ الْوَكِيلُ الزَّائِدَ عَلَى الْأَحْسَنِ)

ش: هَذَا رَاجِعٌ إلَى مَسْأَلَةِ الْمُخَالَفَةِ فِي الْبَيْعِ وَالشِّرَاءِ كَمَا تَقَدَّمَ لَكِنَّ مَعْنَاهُ مُخْتَلِفٌ بِالنِّسْبَةِ إلَى مَسْأَلَتَيْنِ فَمَعْنَاهُ فِي مَسْأَلَةِ الشِّرَاءِ الزَّائِدُ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّى لَهُ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْبَيْعِ الزَّائِدُ عَلَى الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَ بِهِ.

ص (أَوْ اشْتَرِ بِهَا فَاشْتَرَى فِي الذِّمَّةِ وَنَقَدَهَا وَعَكْسُهُ)

ش: هَكَذَا قَالَ ابْنُ شَاسٍ وَابْنُ الْحَاجِبِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَيَنْبَغِي أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى الْقَوْلِ بِوُجُوبِ الْوَفَاءِ بِشَرْطٍ مَا لَا يُفِيدُ أَنْ يَكُونَ لِلْمُوَكِّلِ الْخِيَارُ أَمَّا إنْ ظَهَرَ لِاشْتِرَاطِ الْمُوَكِّلِ فَائِدَةٌ، فَإِنَّهُ يَعْمَلُ عَلَى قَوْلِهِ بِلَا إشْكَالٍ، وَقَدْ نَصَّ الْمَازِرِيُّ عَلَيْهِ انْتَهَى. وَهَكَذَا نَقَلَ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ فَإِنَّهُ قَالَ ذَكَرَ الْمَازِرِيُّ لِلشَّافِعِيَّةِ فِيهَا كَلَامًا، ثُمَّ قَالَ النُّكْتَةُ عِنْدِي غَرَضُ الْمُوَكِّلِ إنْ ظَهَرَ فِيمَا رَسَمَ غَرَضٌ فَمُخَالَفَتُهُ عَدَاءٌ وَإِنْ لَمْ يَكُنْ غَرَضُهُ إلَّا تَحْصِيلَ السِّلْعَةِ فَلَيْسَ بِعَدَاءٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: لَوْ دَفَعَ لَهُ الدَّنَانِيرَ وَدِيعَةً فَدَفَعَهَا الْوَكِيلُ فِي الثَّمَنِ لَمْ يَبْعُدْ أَنْ يَكُونَ مُتَعَدِّيًا إذَا قِيلَ بِتَعْيِينِ الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ إذْ قَدْ يَتَعَلَّقُ لِلْآمِرِ بِعَيْنِهَا غَرَضٌ صَحِيحٌ إمَّا لِشُبْهَةٍ فِيهَا، فَلَا يَجِبُ فَوْتُهَا بِالشِّرَاءِ بِهَا حَتَّى يَنْظُرَ فِي إصْلَاحِ تِلْكَ الشُّبْهَةِ أَوْ لِتَحْقِيقِ طِيبِ كَسْبِهَا فَيَجِبُ أَنْ يَشْتَرِيَ بِهَا لِقُوتِهِ لَا لِتِجَارَةٍ أَوْ لِغَيْرِ ذَلِكَ مِمَّا يَقْصِدُهُ النَّاسُ ابْنُ عَرَفَةَ إنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ عَلَى هَذَا الْقَوْلِ بِحُكْمِ التَّعَدِّي بِقَيْدِ كَوْنِ

ص: 198

الدَّنَانِيرِ وَالدَّرَاهِمِ قَائِمَةً بِعَيْنِهَا، فَمُسْلَمٌ وَإِنْ أَرَادَ أَنَّهُ يُحْكَمُ عَلَيْهِ بِحُكْمِ التَّعَدِّي مُطْلَقًا، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِهِ رُدَّ بِأَنَّهُ لَا فَائِدَةَ فِي الْحُكْمِ عَلَيْهِ حِينَئِذٍ بِالتَّعَدِّي؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ عَلَيْهِ بِتَعَدِّيهِ غُرْمُ مِثْلِ دَنَانِيرِ الْآمِرِ وَيَجِبُ عَلَى الْآمِرِ غُرْمُ مِثْلِهَا، وَهَذَا لَا فَائِدَةَ فِيهِ انْتَهَى.

ص (وَالْأَخِيرُ فِي الثَّانِيَةِ)

ش: يَعْنِي وَإِنْ أَمْكَنَ إفْرَادُ أَحَدِهِمَا عَنْ الْآخَرِ فَتَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ وَاحِدَةٌ مِنْهُمَا وَيُخَيَّرُ فِي الثَّانِيَةِ بَيْنَ أَنْ يَقْبَلَهَا أَوْ يَرُدَّهَا، وَيَأْخُذَ مَا يَنُوبُهَا مِنْ الثَّمَنِ هَذَا إنْ اشْتَرَاهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ وَإِنْ اشْتَرَاهُمَا فِي عَقْدَيْنِ فَالْأَوْلَى لِلْمُوَكِّلِ وَيُخَيَّرُ فِي الثَّانِيَةِ فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ خُيِّرَ فِي الثَّانِيَةِ شَامِلٌ لِلصُّورَتَيْنِ وَنَحْوُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ.

ص (وَفِي ذَهَبٍ فِي بِدَرَاهِمَ وَعَكْسِهِ قَوْلَانِ)

ش: قَالَ فِي تَصْحِيحِ ابْنِ الْحَاجِبِ: الْقَوْلُ بِالْإِمْضَاءِ اخْتِيَارُ اللَّخْمِيِّ وَتَأَوُّلُ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ وَأَشَارَ فِي الشَّامِلِ لِتَصْحِيحِهِ بِذَلِكَ انْتَهَى. وَنَصُّ الشَّامِلِ وَمَضَى فِي بَيْعِهِ بِذَهَبٍ فَبَاعَ بِوَرِقٍ وَعَكْسِهِ عَلَى الْمُخْتَارِ وَالْمُؤَوَّلِ

ص (وَحَنِثَ بِفِعْلِهِ فِي لَا أَفْعَلُهُ إلَّا بِنِيَّةٍ)

ش: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: وَيَدُ الْوَكِيلِ كَيَدِ مُوَكِّلِهِ فِيمَا وَكَّلَهُ عَلَيْهِ فِيمَنْ حَلَفَ أَنْ لَا يَفْعَلَ فِعْلًا، فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى فِعْلِهِ حَنِثَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ لَا يَفْعَلَهُ هُوَ بِنَفْسِهِ، وَكَذَلِكَ مَنْ حَلَفَ أَنْ يَفْعَلَ فِعْلًا فَوَكَّلَ غَيْرَهُ عَلَى فِعْلِهِ، فَقَدْ بَرِئَ إلَّا أَنْ يَكُونَ نَوَى أَنْ يَلِيَ هُوَ الْفِعْلَ بِنَفْسِهِ انْتَهَى. وَنَقَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَفِي مَسَائِلِ الطَّلَاقِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ إذَا حَلَفَ أَنْ لَا يُدْخِلَ دَارِهِ سِلْعَةَ كَذَا فَأَدْخَلَهَا أَخُوهُ بِغَيْرِ إذْنِهِ، فَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَالِفِ إذَا لَمْ يَقْدِرْ عَلَى إخْرَاجِهَا انْتَهَى.

ص (وَمُنِعَ ذِمِّيٌّ فِي بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ أَوْ تَقَاضٍ)

ش: كَذَا فِي السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ بِلَفْظِ لَا يَجُوزُ قَالَ: كَذَلِكَ عَبْدُك النَّصْرَانِيُّ ابْنُ يُونُسَ لَا تَأْمُرُهُ بِبَيْعٍ وَلَا شِرَاءٍ وَلَا اقْتِضَاءٍ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : مُنَاقَشَةُ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنِ عَرَفَةَ لِابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ فِيهَا لَا يُوَكَّلُ الذِّمِّيُّ عَلَى مُسْلِمٍ أَوْ بَيْعٍ أَوْ شِرَاءٍ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ إنَّمَا هُوَ فِي عَزْوِهِ لِلْمُدَوَّنَةِ بِلَفْظِ عَلَى مُسْلِمٍ لَا فِي تَقْيِيدِ الْمَسْأَلَةِ بِذَلِكَ؛ لِأَنَّ كَلَامَ ابْنِ يُونُسَ يَدُلُّ عَلَى ذَلِكَ فَتَأَمَّلْهُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَالْمَازِرِيُّ لَوْ وَقَعَ تَفَاوُضُ الذِّمِّيِّ بِوَكَالَتِهِ فِي خَمْرٍ تَصَدَّقَ الْمُوَكِّلُ بِجَمِيعِ ثَمَنِهِ، وَفِي الرِّبَا بِالزِّيَادَةِ فَقَطْ وَلَوْ فَعَلَ ذَلِكَ، وَهُوَ يَعْلَمُ حُرْمَتَهُ وَعَدَمَ إرَادَةِ الْمُسْلِمِ ذَلِكَ غَرِمَ لَهُ مَا أَتْلَفَ عَلَيْهِ بِفِعْلِهِ ذَلِكَ انْتَهَى وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي الذَّخِيرَةِ فَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّهُ إذَا عَمِلَ

ص: 199

فِي الْخَمْرِ يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِالْجَمِيعِ، وَإِذَا عَمِلَ بِالرِّبَا يَجِبُ التَّصَدُّقُ بِالزَّائِدِ، وَيَلْزَمُ مِثْلُهُ فِي الشَّرِكَةِ يَعْنِي إذَا شَارَكَ الذِّمِّيُّ وَتَحَقَّقَ أَنَّهُ عَمِلَ بِالرِّبَا أَوْ فِي الْخَمْرِ، وَأَمَّا إنْ شَكَّ فِي ذَلِكَ وَلَمْ يَتَحَقَّقْ فَقَالَ اللَّخْمِيُّ: يُسْتَحَبُّ لَهُ التَّصَدُّقُ قَالَهُ فِي الشَّرِكَةِ، وَيَأْتِي مِثْلُهُ فِي الْوَكَالَةِ وَقَالَ فِي الشَّرِكَةِ: وَأَمَّا لَوْ تَحَقَّقَ أَنَّهُ لَمْ يَعْمَلْ بِالرِّبَا وَلَا فِي الْخَمْرِ وَنَحْوِهِ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِ شَيْءٌ وَيَأْتِي مِثْلُهُ هُنَا أَيْضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَعَدُوٌّ عَلَى عَدُوِّهِ)

ش: قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: لَا يُبَاحُ لِأَحَدٍ تَوْكِيلُ عَدُوِّ خَصْمِهِ عَلَى الْخِصَامِ وَلَا عَدُوِّ الْمُخَاصِمِ عَلَى خَصْمِهِ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيِّنٌ اهـ. وَقَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: وَسُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ فِيمَنْ وَكَّلَ وَكِيلًا عَلَى الْخِصَامِ فَوَكَّلَ وَكِيلُهُ وَكِيلًا آخَرَ وَبَيْنَ أَحَدِ الْمُوَكِّلَيْنِ وَاَلَّذِي وَكَّلَ الْآخَرُ عَدَاوَةٌ هَلْ يَمْنَعُ مِنْ تَوْكِيلِهِ فَقَالَ: الَّذِي أَرَاهُ فِي هَذَا أَنْ لَا يُبَاحَ لِأَحَدٍ تَوْكِيلُ عَدُوِّ خَصْمِهِ عَلَى الْخِصَامِ وَلَا عَدُوِّ الْمُخَاصِمِ عَنْهُ؛ لِأَنَّ الضَّرَرَ فِي الْوَجْهَيْنِ بَيِّنٌ انْتَهَى. وَذَكَرَهُ الْبُرْزُلِيُّ وَزَادَ عَلَى مَا ذَكَرْت أَنَّهُ لَا يَسْلَمُ مِنْ دَعْوَاهُ الْبَاطِلَ لِأَجْلِ عَدَاوَتِهِ لِخَصْمِهِ ابْنُ الْحَاجِّ لِلرَّجُلِ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْ نَفْسِهِ عَدُوَّهُ بِخِلَافِ تَوْكِيلِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ إلَّا أَنْ يُسْرِعَ لِأَذَاهُ فَيُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَيُقَالُ لَهُ وَكِّلْ غَيْرَك بِدَلِيلِ أَنَّهُ يَجُوزُ لِلْيَهُودِيِّ مُخَاصَمَةُ الْمُسْلِمِ فِي حَقِّهِ وَهُوَ أَشَدُّ عَدَاوَةً انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : اُنْظُرْ هَلْ الْمَنْعُ مِنْ تَوْكِيلِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ لِأَجْلِ حَقِّهِ فَإِذَا رَضِيَ الْعَدُوُّ بِذَلِكَ جَازَ لَهُ، وَبِهِ صَرَّحَ مُصَنِّفُ الْإِرْشَادِ فِي شَرْحِ الْمُعْتَمَدِ كَمَا نَقَلَهُ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ الْبُحَيْرِيُّ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ وَالْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَ بِهِ الْعَدُوُّ؛ لِأَنَّ مَنْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فِي أَذَاهُ، فَلَا يَجُوزُ وَنَصُّ كَلَامِ الشَّيْخِ سُلَيْمَانَ فِي شَرْحِ الْإِرْشَادِ قَالَ مُصَنِّفُهُ فِي

ص: 200

شَرْحِ الْمُعْتَمَدِ إذَا أَرَادَ الرَّجُلُ أَنْ يُوَكِّلَ وَكِيلًا فِي مُخَاصَمَةٍ جَازَ ذَلِكَ كَانَ خَصْمُهُ غَائِبًا أَوْ حَاضِرًا رَضِيَ أَوْ لَمْ يَرْضَ، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ بَيْنَ الْخَصْمِ وَالْوَكِيلِ عَدَاوَةٌ، فَإِنْ كَانَ بَيْنَهُمَا عَدَاوَةٌ لَمْ يَجُزْ تَوْكِيلُهُ عَنْهُ إلَّا بِرِضَاهُ انْتَهَى. فَصَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّ الْمَنْعَ مِنْ تَوْكِيلِ الْعَدُوِّ عَلَى عَدُوِّهِ إنَّمَا هُوَ لِأَجْلِ حَقِّهِ، فَإِذَا رَضِيَ الْعَدُوُّ بِذَلِكَ جَازَ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ لِحَقِّ اللَّهِ تَعَالَى، فَلَا يَجُوزُ وَلَوْ رَضِيَ بِهِ الْعَدُوُّ؛ لِأَنَّ مَنْ أَذِنَ لِشَخْصٍ فِي إذَايَةٍ لَا يَجُوزُ، وَلَمْ أَقِفْ عَلَى نَصٍّ فِي ذَلِكَ غَيْرِ مَا لِصَاحِبِ الْإِرْشَاد فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَتَوْكِيلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَلِيقَ بِهِ أَوْ يُكْثِرَ)

ش: يَعْنِي أَنَّهُ يَمْتَنِعُ تَوْكِيلُ الْوَكِيلِ إلَّا إذَا كَانَ الشَّيْءُ الْمُوَكَّلُ فِيهِ لَا يَلِيقُ بِالْوَكِيلِ تَعَاطِيهِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَعَاطَاهُ أَوْ يَكُونَ الْمُوَكَّلُ فِيهِ كَثِيرًا يَعْلَمُ بِقَرِينَةِ الْعَادَةِ أَنَّ الْمُوَكِّلَ لَا يَسْتَقِلُّ بِالتَّصَرُّفِ فِيهِ، فَيَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُعِينُهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهَذِهِ الْقَرِينَةُ تُسَوِّغُ لَهُ الِاسْتِعَانَةَ بِوَكِيلٍ وَلَا تُسَوِّغُ لَهُ أَنْ يَجْعَلَ وَكِيلًا أَوْ وُكَلَاءَ يَنْظُرُونَ فِيمَا كَانَ يَنْظُرُ فِيهِ وَالْقَرِينَةُ الْأُولَى تُسَوِّغُ ذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: وَيَكُونُ لِلْوَكِيلِ الْأَعْلَى النَّظَرُ عَلَى مَنْ تَحْتَهُ اهـ. وَنَحْوُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاعْلَمْ أَنَّ هَذَا فِي الْوَكِيلِ الْمَخْصُوصِ أَمَّا الْمُفَوَّضُ فَلَهُ التَّوْكِيلُ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَالْوَكِيلُ بِالتَّعْيِينِ لَا يُوَكِّلُ إلَّا فِيمَا لَا يَلِيقُ بِهِ وَلَا يَسْتَقِلُّ لِكَثْرَتِهِ.

قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: اُحْتُرِزَ بِالتَّعْيِينِ مِنْ الْمُفَوَّضِ فَإِنَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى الْمَعْرُوفِ وَحَكَى فِي الْبَيَانِ قَوْلًا إنَّهُ لَا يُوَكِّلُ قَالَ: وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ أَحَلَّهُ مَحَلَّ نَفْسِهِ فَكَانَ كَالْوَصِيِّ انْتَهَى. وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ هُوَ فِي نَوَازِلِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَةِ وَنَصُّهُ: لَا اخْتِلَافَ أَحْفَظُهُ فِي أَنَّ الْوَكِيلَ عَلَى شَيْءٍ مَخْصُوصٍ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، ثُمَّ قَالَ: وَأَمَّا الْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ إلَيْهِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ، فَلَا أَحْفَظُ فِي أَنَّهُ هَلْ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ أَوْ لَا؟ قَوْلًا مَنْصُوصًا لِأَحَدِ الْعُلَمَاءِ الْمُتَقَدِّمِينَ، وَكَانَ الشُّيُوخُ الْمُتَأَخِّرُونَ يَخْتَلِفُونَ فِيهَا.

وَالْأَظْهَرُ أَنَّ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ انْتَهَى. وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَالُوا لِلْوَصِيِّ أَنْ يُوصِيَ بِلَا خِلَافٍ، وَيُوَكِّلَ، الْوَكِيلُ الْمَخْصُوصُ وَمُقَدِّمُ الْقَاضِي لَيْسَ لَهُمَا أَنْ يُوَكِّلَا بِلَا خِلَافٍ وَالْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: فَذَكَرَ كَلَامَهُ الْمُتَقَدِّمَ، وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ لَا يَلِيقَ بِهِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا شَكَّ فِيهِ زَادَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ الشُّيُوخِ إذَا عَلِمَ الْمُوَكِّلُ بِجَلَالَةِ الْوَكِيلِ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ، فَقَطَعَ بَعْضُهُمْ بِأَنَّهُ لَا الْتِفَاتَ إلَى عِلْمِهِ وَقَالَ التُّونُسِيُّ: اُنْظُرْ إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ رَبُّ الْمَالِ فَإِنْ كَانَ الْوَكِيلُ مَشْهُورًا بِأَنَّهُ لَا يَلِي مِثْلَ ذَلِكَ فَالْأَشْبَهُ أَنْ لَا يَضْمَنَ وَإِنْ كَانَ غَيْرَ مَشْهُورٍ فَرِضَاهُ بِالْوَكَالَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ هُوَ الْمُتَوَلِّي حَتَّى يَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ عَلَى مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ وَلَا أَنْ يُوصِيَ بِهِ بَعْدَ مَمَاتِهِ بِخِلَافِ الْوَصِيِّ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ إلَيْهِ الْمُوَكِّلُ فَإِنْ فَعَلَ وَتَلِفَ الْمَالُ ضَمِنَهُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَإِنْ عَلِمَ أَنَّهُ لَا يَلِي مِثْلَ ذَلِكَ إذَا لَمْ يَعْلَمْ بِهِ الْمُوَكِّلُ وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ.

وَقَالَ أَشْهَبُ إذَا كَانَ مِثْلَهُ فِي الْكِفَايَةِ فَلَا ضَمَانَ انْتَهَى. وَمَشَى فِي الْبَيَانِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى عَلَى مَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ عَنْ التُّونُسِيِّ وَنَصُّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ وَاخْتُلِفَ إنْ فَعَلَ هَلْ يَضْمَنُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مِمَّنْ لَا يَلِي مِثْلَ ذَلِكَ لِنَفْسِهِ، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَشْهُورِ أَنَّهُ مِمَّنْ لَا يَلِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ بِالْوَكَالَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُتَوَلِّي حَتَّى يَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى وَهُوَ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ قَدْ عَلِمَ، وَأَمَّا الْمَشْهُورُ فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَضْمَنَ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ يُحْمَلُ عَلَى أَنَّهُ

ص: 201