الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
كِتَابِ الرَّهْنِ قَوْلَيْنِ أَعْنِي عَلَى يُكْتَفَى بِمُعَايَنَةِ الْحَوْزِ، أَوْ التَّحْوِيزِ، وَاخْتَارَ الْبَاجِيُّ الْحَوْزَ قَالَ: وَلَعَلَّ مَعْنَاهُ قَوْلُ مُحَمَّدٍ، وَلَكِنَّ ظَاهِرَ لَفْظِهِ خِلَافُهُ، وَذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ عَنْ بَعْضِ الْأَنْدَلُسِيِّينَ أَنَّ الَّذِي جَرَى عَلَيْهِ الْعَمَلُ عِنْدَهُمْ إذَا وُجِدَ الرَّهْنُ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ وَقَدْ حَازَهُ كَانَ رَهْنًا، وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْحِيَازَةَ. وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ يَعْنِي ابْنَ الْحَاجِبِ: بِمُعَايَنَةٍ أَنَّهُ حَازَ يَحْتَمِلَ كُلًّا مِنْ الْقَوْلَيْنِ لَكِنَّ الْمَفْهُومَ مِنْ الْمُعَايَنَةِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الشَّهَادَةِ عَلَى التَّحْوِيزِ اهـ. فَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ الِاحْتِمَالِ فِي قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ إلَّا بِالْبَيِّنَةِ بِمُعَايَنَةٍ أَنَّهُ حَازَ يَأْتِي مِثْلُهُ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا بِمُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِحَوْزِهِ فَعُلِمَ مِنْ هَذَا صِحَّةُ مَا أَشَارَ إلَيْهِ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ وَفِيهَا دَلِيلُهُمَا، وَسَقَطَ اعْتِرَاضُ الشَّارِحِ وَابْنُ غَازِيٍّ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَأَمَّا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ فَأَوَّلُ كَلَامِهِ يَقْتَضِي: أَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِبِ مُحْتَمِلٌ لِكُلٍّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ، وَآخِرُهُ يَقْتَضِي قَصْرَهُ عَلَى الْحَوْزِ فَقَطْ، وَنَصُّهُ إثْرَ كَلَامِ ابْنِ الْحَاجِبِ الْمُتَقَدِّمِ، وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ مُجَرَّدَ مُعَايَنَةِ الْبَيِّنَةِ لِحُصُولِ الرَّهْنِ بِيَدِ الْمُرْتَهِنِ قَبْلَ الْمَوْتِ وَالْفَلَسِ كَافٍ فِي الْحَوْزِ سَوَاءٌ كَانَ بِتَحْوِيزٍ مِنْ الرَّاهِنِ لَهُ أَوْ لَمْ يَكُنْ، وَكَلَامُ الْمُصَنِّفِ عِنْدِي صَحِيحٌ وَهُوَ مُوَافِقٌ فِي الْمَعْنَى لِمَا قَالَهُ الْبَاجِيُّ اهـ. وَذُكِرَ عَنْ الْبَاجِيِّ مِثْلُ مَا نُقِلَ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ أَنَّهُ اخْتَارَ الْحَوْزَ فَتَأَمَّلْهُ. وَبَعْضُ الْأَنْدَلُسِيِّينَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ هُوَ ابْنُ عَاتٍ كَمَا قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ وَكَلَامُهُ الْمَذْكُورُ هُوَ فِي أَوَّلِ الْجُزْءِ الثَّامِنِ فِي تَرْجَمَةِ قَرْضٍ، وَكَلَامُهُ فِيهَا أَتَمُّ مِمَّا نَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَنَصُّهُ، وَمِنْ الِاسْتِغْنَاءِ إنْ كَانَتْ الْحِيَازَةُ بِالْمُعَايَنَةِ جَازَ وَيَخْرُجُ مِنْ إرَادَتِهِ إلَى إرَادَةِ الْمُرْتَهِنِ وَمِلْكِهِ، وَالْعَمَلُ عَلَى أَنَّهُ إذَا وُجِدَ بِيَدِهِ وَقَدْ حَازَهُ كَانَ رَهْنًا وَإِنْ لَمْ يَحْضُرُوا الْحِيَازَةَ وَلَا عَايَنُوهَا؛ لِأَنَّهُ صَارَ مَقْبُوضًا وَكَذَلِكَ الصَّدَقَةُ اهـ. فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ وَبِهِ عُمِلَ أَشَارَ بِهِ لِكَلَامِ صَاحِبِ الطُّرَرِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَانْظُرْ رَسْمَ الرُّهُونِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الرُّهُونِ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ هُنَاكَ فَإِنَّ فِيهِ شَيْئًا مِمَّا يَتَعَلَّقُ بِالْكَلَامِ عَلَى هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ.
[مَسْأَلَةٌ اخْتِلَاف الْمُفْلِس مَعَ غُرَمَائِهِ]
(مَسْأَلَةٌ) سُئِلَ ابْنَ رُشْدٍ عَنْ مُفْلِسٍ وَجَدَ بِيَدِ بَعْضِ غُرَمَائِهِ مَتَاعٌ زَعَمَ أَنَّهُ رَهْنٌ عِنْدَهُ وَصَدَّقَهُ الْمُفْلِسُ وَنَازَعَهُ الْغُرَمَاءُ فَسَأَلَهُمْ عَلَى أَيِّ وَجْهٍ هُوَ عِنْدِي فَقَالُوا: لَا يَلْزَمُنَا، وَلَا نَدْرِي وَكَيْفَ إنْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ عِلْمَ الرَّهْنِ، وَفِيهِمْ مَنْ لَا يَلْزَمُهُ الْعِلْمُ وَكَيْفَ إنْ خَاصَمَهُ بَعْضُهُمْ فِي الرَّهْنِ فَقَالَ حَتَّى يَجْتَمِعُوا (فَأَجَابَ) لَا يُصَدَّقُ الْمُفْلِسُ بَعْدَ التَّفْلِيسِ فِي تَصْدِيقِهِ لِلَّذِي عِنْدَهُ الْمَتَاعُ فِي أَنَّهُ عِنْدَهُ رَهْنٌ رَهَنَهُ إيَّاهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ، وَيَتَحَاصُّ فِيهِ الْغُرَمَاءُ وَإِنْ قَالُوا لَا نَدْرِي مَا يَدَّعِي مِنْ أَنَّهُ رَهْنٌ رَهَنَهُ إيَّاهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ إلَّا أَنْ تَقُومَ عَلَى ارْتِهَانِهِ إيَّاهُ قَبْلَ التَّفْلِيسِ بَيِّنَةٌ، وَإِنْ ادَّعَى عَلَيْهِمْ مَعْرِفَةَ ذَلِكَ فَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ، وَلَا يَجْتَزِئُ بَعْضُهُمْ بِيَمِينِ بَعْضٍ، وَمَنْ حَلَفَ مِنْهُمْ أَخَذَ مَا وَجَبَ لَهُ بِالْمُحَاصَّةِ وَمَنْ نَكَلَ مِنْهُمْ رَجَعَ حَظُّهُ فِيهِ إلَيْهِ بَعْدَ يَمِينِهِ اهـ.
مِنْ نَوَازِلِهِ، وَمِنْ النَّوَازِلِ الْمَذْكُورَةِ وَسَأَلَ الْقَاضِي عِيَاضٌ ابْنَ رُشْدٍ عَنْ مُفْلِسٍ قَامَ بَعْضُ غُرَمَائِهِ بِعَقْدٍ يَتَضَمَّنُ رَهْنَهُ لِدَارِ سُكْنَاهُ قَبْلَ تَفْلِيسِهِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِتَحْوِيزِ الْمِدْيَانِ الرَّاهِنِ لِلْغَرِيمِ، وَقَالَ سَائِرُ الْغُرَمَاءِ: لَمْ يَزَلْ الرَّاهِنُ عِنْدَهُ وَلَا فَارَقَهَا وَإِنَّهُ الْآنَ سَاكِنٌ فِيهَا، وَأَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ تَحَيُّلٌ لِإِبْطَالِ حَقِّهِمْ وَشَهِدَ لَهُمْ جَمَاعَةُ الْجِيرَانِ، وَمِنْهُمْ مَنْ يَقُولُ: إنَّ الْمِدْيَانَ الْمَذْكُورَ لَمْ يُفَارِقْ الدَّارَ الْمَذْكُورَةَ إلَّا حِينَ تَفْلِيسِهِ، وَكَشَفَ الْقَاضِي عَنْ الدَّارِ فَوَجَدَهَا مَشْغُولَةً بِأَهْلِ الرَّاهِنِ، وَأَثَاثِهِ فَوَقَفَ الْمُرْتَهِنُ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: لَا عِلْمَ لِي بِشَيْءٍ مِنْ هَذَا وَأَنَا حُزْتُ رَهْنِي بِحَضْرَةِ بَيِّنَتِي، وَأَخَذْتُ الْمِفْتَاحَ وَأَكْرَيْتهَا مِنْ مُكْتَرٍ وَأَثْبَتَ عِنْدَ الْقَاضِي الْكِرَاءَ الْمَذْكُورَ، وَإِنْ كَانَ الْمِدْيَانُ قَدْ رَجَعَ إلَيْهَا فَقَدْ افْتَاتَ عَلَيَّ، وَلَمْ أَعْلَمْ بِهِ وَجَهَالَتُهُ بِذَلِكَ تَبْعُدُ مِنْ جِهَةِ النَّظَرِ وَصُورَةُ الْحَالِ وَشَهَادَةُ بَعْضِ الْجِيرَانِ بِأَنَّ الْمُرْتَهِنَ عَالِمٌ بِكَوْنِ الْمِدْيَانِ فِي الدَّارِ الْمَذْكُورَةِ مِنْ قَوْلِهِ: وَاجْتِمَاعِهِ بِهِ فِيهَا فَهَلْ يَقْدَحُ ذَلِكَ فِي الْحِيَازَةِ (فَأَجَابَ) مَا ذَكَرْتُهُ فِيهِ مُوهِنٌ لِلْحِيَازَةِ قَادِحٌ فِيهَا وَمُؤَثِّرٌ فِي
صِحَّتِهَا وَقَدْ قَالَ تَعَالَى: {فَرِهَانٌ مَقْبُوضَةٌ} [البقرة: 283] فَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَنْفُذَ الرَّهْنُ إلَّا بِالْحِيَازَةِ الصَّحِيحَةِ الَّتِي لَا عِلَّةَ فِيهَا، وَقَدْ قَالَ مَالِكٌ فِي أَحَدِ أَقْوَالِهِ: إنَّ رَهْنَ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهٍ لَا يَجُوزُ وَمُرَاعَاةُ الْخِلَافِ أَصْلٌ مِنْ أُصُولِ مَالِكٍ فَإِذَا حَكَمْتُ بِإِبْطَالِ هَذِهِ الدَّارِ وَقَضَيْتُ بِمُحَاصَّةِ جَمِيعِ الْغُرَمَاءِ فِيهَا كُنْتَ قَدْ أَخَذْتَ بِالثِّقَةِ، وَلَمْ تَحْكُمْ بِالشَّكِّ وَوَافَقْتَ الْحَقَّ اهـ. مِنْ مَسَائِلِ الْحَجْرِ وَالتَّفْلِيسِ، وَقَالَ فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي رَسْمٍ: بِعْ وَلَا نُقْصَانَ عَلَيْكَ، مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الرُّهُونِ مَسْأَلَةُ إذَا عَادَ الرَّهْنُ لِرَاهِنِهِ فَلَا يَبْطُلُ إلَّا إذَا عَلِمَ الْمُرْتَهِنُ بِذَلِكَ، وَفِيهَا مَسَائِلُ، وَفَوَائِدُ فَانْظُرْهَا هُنَاكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمَضَى بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ إنْ فَرَّطَ مُرْتَهِنُهُ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الرَّاهِنَ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَهُ الْمُرْتَهِنُ فَإِنْ كَانَ بِتَفْرِيطٍ مِنْهُ مَضَى الْبَيْعُ يُرِيدُ، وَلَيْسَ لَهُ أَخْذُهُ بِرَهْنٍ آخَرَ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهَا الْمُصَنِّفُ وَغَيْرُهُ، وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ مَضَى يُفْهَمُ مِنْهُ أَنَّهُ لَا يَجُوزُ ابْتِدَاءً، وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمُرْتَهِنُ لَمْ يُفَرِّطْ وَإِنَّمَا بَادَرَ الرَّاهِنُ إلَى الْبَيْعِ فَقَالَ الْمُصَنِّفُ: فِيهِ تَأْوِيلَانِ: يُشِيرُ بِذَلِكَ إلَى مَا ذَكَرَهُ فِي تَوْضِيحِهِ وَذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ مِنْ تَأْوِيلِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ وَتَأْوِيلِ ابْنِ الْقَصَّارِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: تَأَوَّلَ ابْنُ الْقَصَّارِ وَغَيْرُهُ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّ الْمُرْتَهِنَ فَرَّطَ فِي قَبْضِ الرَّهْنِ لِقَوْلِهِ؛ لِأَنَّ تَرْكَكَ إيَّاهُ إلَخْ، وَلَوْ لَمْ يَكُنْ مِنْ الْمُرْتَهِنِ تَفْرِيطٌ وَلَا تَوَانٍ لَكَانَ لَهُ مَقَالٌ فِي رَدِّ الْبَيْعِ فَإِنْ فَاتَ بِيَدِ مُشْتَرِيهِ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا وَتَأَوَّلَهَا الشَّيْخُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ عَلَى أَنَّهُ تَرَاخَى فِي الْقَبْضِ، وَإِنْ لَمْ يَتَرَاخَ فَبَادَرَ الرَّاهِنُ لِلْبَيْعِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ وَمَضَى الْبَيْعُ وَكَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا اهـ. وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ وَأَبُو الْحَسَنِ تَأْوِيلَ غَيْرَ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ عَنْ الْقَاضِي عِيَاضٍ بِلَفْظٍ، وَقَالَ غَيْرُهُ: يُعْتَقُ غَيْرَ أَبِي مُحَمَّدٍ لَا يَجُوزُ هُنَا بَيْعُهُ، وَيُرَدُّ وَيَبْقَى رَهْنًا فَإِنْ فَاتَ بِبَيْعِ مُشْتَرِيهِ كَانَ الثَّمَنُ رَهْنًا اهـ. فَمَعْنَى كَلَامِ الْمُصَنِّفِ، وَإِنْ لَمْ يُفَرِّطْ فَفِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ كَمَا فِي التَّفْرِيطِ وَعَدَمِ إمْضَائِهِ تَأْوِيلَانِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ عِيَاضٌ فِي تَأْوِيلِ أَبِي مُحَمَّدٍ: هُوَ الَّذِي يُلَائِمُ مَا قَالَ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ فِيمَا إذَا كَانَ الْمَيِّتُ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ وَبَاعَ الْوَرَثَةُ مَتَاعَ الْمَيِّتِ مُبَادَرَةً لِلْغُرَمَاءِ فَلَهُمْ أَخْذُ عُرُوضِهِ، وَنَقْضُ الْبَيْعِ اهـ.
وَلْنَذْكُرْ لَفْظَ الْمُدَوَّنَةِ لِيَظْهَرَ لَكَ التَّأْوِيلَانِ قَالَ: وَإِنْ بِعْتَ مِنْ رَجُلٍ سِلْعَةً عَلَى أَنْ يَرْهَنَكَ عَبْدَهُ مَيْمُونًا بِحَقِّكَ فَفَارَقَكَ قَبْلَ قَبْضِهِ لَمْ يَبْطُلْ الرَّهْنُ، وَلَكَ أَخْذُهُ مِنْهُ رَهْنًا مَا لَمْ تَقُمْ الْغُرَمَاءُ فَتَكُونُ أُسْوَتَهُمْ، فَإِنْ بَاعَهُ قَبْلَ أَنْ تَقْبِضَهُ مِنْهُ مَضَى الْبَيْعُ وَلَيْسَ لَكَ أَخْذُهُ بِرَهْنٍ غَيْرَهُ؛ لِأَنَّ تَرْكَكَ إيَّاهُ حَتَّى بَاعَهُ كَتَسْلِيمِكَ لِذَلِكَ وَبَيْعُكَ الْأَوَّلُ غَيْرُ مُنْتَقَضٍ اهـ. وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّهُ لَيْسَ لَهُ رَدُّ الْبَيْعِ وَإِنَّمَا لَهُ فَسْخُ الْبَيْعِ عَنْ نَفْسِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا دَخَلَ عَلَى ذَلِكَ الرَّهْنِ بِعَيْنِهِ ذُكِرَ ذَلِكَ فِي رَسْمِ الرُّهُونِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الرُّهُونِ، وَلْنَذْكُرْ كَلَامَ السَّمَاعِ وَكَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ عَلَيْهِ قَالَ فِي السَّمَاعِ: وَكُلُّ رَهْنٍ لَمْ يُقْبَضْ مِنْ الرَّاهِنِ وَيُحَازُ عَنْهُ فَأَمْرُ الرَّاهِنِ فِيهِ جَائِزٌ إنْ أَعْتَقَ، أَوْ وَطِئَ، أَوْ بَاعَ، أَوْ وَهَبَ، أَوْ نَحَلَ، أَوْ تَصَدَّقَ إذَا كَانَ مُوسِرًا وَيُؤْخَذُ مِنْهُ مَا عَلَيْهِ مِنْ الدَّيْنِ وَيُعْطَى صَاحِبَهُ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ مُوسِرًا لَمْ يَجُزْ مِنْهُ شَيْءٌ إلَّا أَنْ يَطَأَ الْأَمَةَ فَتَحْمِلَ، أَوْ شَيْئًا يَبِيعُهُ فَيَنْفُذُ بَيْعُهُ فَأَمَّا عِتْقٌ، أَوْ هِبَةٌ، أَوْ صَدَقَةٌ فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُوسِرًا؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْ فَلَيْسَ هُوَ بِرَهْنٍ، وَأَمَّا إنْ فَلَّسَ قَبْلَ أَنْ يَقْبِضَ الْمُرْتَهِنُ كَانَ أُسْوَةَ الْغُرَمَاءِ قَالَ