الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وَفِي الْمَكْسِ تَرَدُّدٌ)
ش: (تَنْبِيهٌ) قَالَ فِي اللُّبَاب: إذَا زَادَ الْمُبْتَاعُ لِلْبَائِعِ شَيْئًا بَعْدَ الْبَيْعِ فَفِي لُزُومِ ذَلِكَ لِلشَّفِيعِ قَوْلَانِ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَإِذَا قُلْنَا لَا يَلْزَمُ، فَقَالَ الْمُبْتَاعُ: إنَّمَا زِدْتُهُ فِرَارًا مِنْ الشُّفْعَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ وَيَرْجِعُ، انْتَهَى. وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ عَدَمُ اللُّزُومِ.
[فَرْعٌ اشْتَرَى شِقْصًا فَصَالَحَ أَحَدَ الشُّفَعَاءِ عَلَى تَسْلِيمِ الشُّفْعَة فِي مَغِيبِ شُرَكَائِهِ ثُمَّ قَدِمُوا وَأَخَذُوا شُفْعَتَهُمْ]
(فَرْعٌ) مَنْ اشْتَرَى شِقْصًا فَصَالَحَ أَحَدَ الشُّفَعَاءِ عَلَى تَسْلِيمِ شُفْعَةٍ فِي مَغِيبِ شُرَكَائِهِ ثُمَّ قَدِمُوا وَأَخَذُوا شُفْعَتَهُمْ فَلَا رُجُوعَ عَلَى الْمَصَالِحِ بِشَيْءٍ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ قِيمَةُ الشِّقْصِ فِي كَخُلْعٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ نَكَحَ أَوْ صَالَحَ أَوْ خَالَعَ عَلَى دَمِ عَمْدٍ عَلَى شِقْصٍ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِقِيمَتِهِ؛ إذْ لَا ثَمَنَ مَعْلُومٌ بِعِوَضِهِ، انْتَهَى. قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَقِيمَةُ الشِّقْصِ يَوْمَ الْعَقْدِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَبُو عِمْرَانَ: مَنْ نَكَحَ عَلَى تَفْوِيضٍ فَدَفَعَ لِزَوْجَتِهِ شِقْصًا قَبْلَ بِنَائِهِ شُفِعَ فِيهِ بِقِيمَتِهِ اتِّفَاقًا فَإِنْ دَفَعَهُ بَعْدَ بِنَائِهِ شُفِعَ فِيهِ بِمَهْرِ الْمِثْلِ اتِّفَاقًا فِيهِمَا، انْتَهَى. وَالشِّقْصُ بِكَسْرِ الشِّينِ الْمُعْجَمَةِ هُوَ النَّصِيبُ نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ عِيَاضٍ وَغَيْرِهِ.
ص (وَصُلْحِ عَمْدٍ)
ش: احْتَرَزَ بِالْعَمْدِ مِنْ الْخَطَإِ فَفِيهِ الشُّفْعَةُ بِالدِّيَةِ فَإِنْ كَانَتْ الْعَاقِلَةُ أَهْلَ إبِلٍ أَخَذَهُ بِقِيمَةِ الْإِبِلِ وَإِنْ كَانَتْ أَهْلَ ذَهَبٍ وَوَرِقٍ أَخَذَهُ بِذَهَبٍ وَوَرِقٍ يُنَجَّمُ عَلَى الشَّفِيعِ كَالتَّنَجُّمِ عَلَى الْعَاقِلَةِ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
ص (وَإِلَى أَجَلِهِ إنْ أَيْسَرَ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.
(فَرْعٌ) فَلَوْ لَمْ يَقُمْ الشَّفِيعُ إلَّا بَعْدَ حُلُولِ الْأَجَلِ فَهَلْ يُضْرَبُ لَهُ أَجَلٌ مِثْلُ الْأَجَلِ الَّذِي مَضَى وَيَأْخُذُ بِالنَّقْدِ؟ قَوْلَانِ لِأَصْحَابِنَا رَجَّحَ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ الْأَوَّلَ، قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
ص.
أَوْ بَاعَ قَبْلَ أَخْذِهِ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَبِيعَ الشِّقْصَ الَّذِي يَأْخُذُهُ بِالشُّفْعَةِ قَبْلَ أَخْذِهِ، وَقَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ.
ص (كَشَجَرٍ وَبِنَاءٍ بِأَرْضِ حَبْسٍ أَوْ مُعِيرٍ) ش يَعْنِي أَنَّ الشُّفْعَةَ كَمَا تَكُونُ فِي الْعَقَارِ تَكُونُ فِي الشَّجَرِ وَالْبِنَاءِ الْكَائِنَيْنِ بِأَرْضِ حَبْسٍ أَوْ بِأَرْضِ عَارِيَّةٍ.
ص (وَقُدِّمَ الْمُعِيرُ بِنَقْضِهِ أَوْ ثَمَنِهِ) ش أَيْ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَةِ نَقْضِهِ أَوْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا بَنَى رَجُلَانِ فِي عَرْصَةِ رَجُلٍ بِإِذْنِهِ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمَا حِصَّتَهُ مِنْ النَّقْضِ فَلِرَبِّ الْأَرْضِ أَخْذُ ذَلِكَ
النَّقْضِ بِالْأَقَلِّ مِنْ قِيمَتِهِ أَوْ مِنْ الثَّمَنِ الَّذِي بَاعَهُ، انْتَهَى. وَهَذَا فِي الْعَارِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ وَأَمَّا الْمُقَيَّدَةُ بِمُدَّةٍ، فَقَالَ ابْنُ رَاشِدٍ: إذَا بَاعَ قَبْلَ انْقِضَائِهَا عَلَى الْبَقَاءِ فَلِلشَّرِيكِ الشُّفْعَةُ وَلَا كَلَامَ لِرَبِّ الْأَرْضِ وَإِنْ بَاعَهُ عَلَى النَّقْضِ قُدِّمَ رَبُّ الْأَرْضِ، نَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ، قَالَ: وَيَنْبَغِي أَنْ يُتَّفَقَ فِي الْأَحْكَارِ الَّتِي عِنْدَنَا بِمِصْرَ أَنْ تَجِبَ الشُّفْعَةُ فِي الْبِنَاءِ الْقَائِمِ فِيهَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ عِنْدَنَا أَنَّ رَبَّ الْأَرْضِ لَا يُخْرِجُ صَاحِبَ الْبِنَاءِ أَصْلًا فَكَانَ كَمَالِكِ الْأَرْضِ، وَقَالَهُ شَيْخُنَا، انْتَهَى.
ص (وَعَرْصَةٍ وَمَمَرٍّ)
ش: قَالَ اللَّخْمِيُّ: إذَا كَانَتْ دَارٌ بَيْنَ
أَشْرَاكٍ اقْتَسَمُوا بُيُوتَهُ دُونَ مَا لَهَا مِنْ حَقٍّ فِي سَاحَةٍ وَبِئْرٍ وَمَاجِلٍ وَطَرِيقٍ ثُمَّ بَاعَ أَحَدُهُمْ مَا صَارَ لَهُ مِنْ الْبُيُوتِ بِجَمِيعِ حُقُوقِهِ مِمَّا لَمْ يُقْسَمْ لَمْ يَسْتَشْفِعْ مَا قَسَمَ بِالشِّرْكِ فِيمَا لَمْ يَقْسِمْ وَلَا يَسْتَشْفِعُ السَّاحَةَ وَالْبِئْرَ وَالْمَاجِلِ وَالطَّرِيقَ لِأَجْلِ بَقَاءِ الشَّرِكَةِ فِيهَا؛ لِأَنَّهَا مِنْ مَنْفَعَةِ مَا قُسِمَ وَمَصْلَحَتِهِ. وَإِنْ بَاعَ نَصِيبَهُ مِنْ الْبِئْرِ وَالْمَاجِلِ خَاصَّةً كَانَ لِلشُّرَكَاءِ أَنْ يَرُدُّوا بَيْعَهُ إذَا كَانَ الْبَائِعُ يَتَصَرَّفُ إلَى الْبُيُوتِ؛ لِأَنَّ فِي ذَلِكَ زِيَادَةُ مَضَرَّةٍ وَإِنْ كَانَ قَدْ أَسْقَطَ حَقَّهُ فِي تَصَرُّفِهِ مَنْ عِنْدَهُمْ وَجَمَعَ بُيُوتَهُمْ إلَى حَقٍّ آخَرَ وَفَتَحَ لَهَا مِنْ دَارٍ أُخْرَى فَإِنْ كَانَ بَيْعُهُ مِنْ أَهْلِ الدَّارِ جَازَ وَكَانَ لِبَقِيَّةِ الْوَرَثَةِ الشُّرَكَاءِ الشُّفْعَةُ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيمَا لَمْ يُقْسَمْ وَإِنْ كَانَ بَيْعُهُ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ تِلْكَ الدَّارِ كَانَ لَهُمْ أَنْ يَرُدُّوا بَيْعَهُ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ السَّاكِنِ أَخَفُّ مِنْ ضَرَرِ مَنْ لَيْسَ بِسَاكِنٍ وَلَهُمْ أَنْ يُجِيزُوا بَيْعَهُ وَيَأْخُذُوا بِالشُّفْعَةِ إنْ أَحَبُّوا، قَالَ أَبُو الْحَسَنِ بْنُ الْقَصَّارِ: اخْتَلَفَتْ الرِّوَايَةُ عَنْ مَالِكٍ فِي وُجُوبِ الشُّفْعَةِ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ مِثْلَ الْحَمَّامِ وَالْبِئْرِ وَالطَّرِيقِ وَالْأَرْحِيَةِ وَلَمْ يُبَيِّنْ كَيْفَ كَانَ صِفَةُ الْبَيْعِ وَمَوْضِعُ الْفِقْهِ فِيهِ مَا تَقَدَّمَ ذِكْرُهُ، انْتَهَى. بِلَفْظِهِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَقَبِلَهُ وَالْجُزُولِيُّ وَالشَّيْخُ يُوسُفُ بْنُ عُمَرَ وَزَادَ بَعْدَ قَوْلِهِ وَيَأْخُذُوا بِالشُّفْعَةِ إنْ أَحَبُّوا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الشُّفْعَةَ فِيمَا لَا يَنْقَسِمُ.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الرِّسَالَةِ، وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَكِتَابِ مُحَمَّدٍ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ، قَالَ مَالِكٌ: إذَا قُسِمَتْ الْبُيُوتُ وَبَقِيَتْ الْعَرْصَةُ فَلِأَحَدِهِمْ بَيْعُ نَصِيبِهِ مِنْ الْبُيُوتِ وَالْعَرْصَةِ وَلَا شُفْعَةَ لِشَرِيكِهِ فِي الْعَرْصَةِ بِهَا وَلَا فِيهَا، قَالَ أَشْهَبُ: وَلَيْسَ لِأَحَدِهِمْ بَيْعُ حِصَّتِهِ مِنْ الْعَرْصَةِ خَاصَّةً إلَّا نَصِيبَهُ مِنْ الْبُيُوتِ وَإِنْ كَانَتْ الْعَرْصَةُ وَاسِعَةً إلَّا أَنْ يَجْتَمِعَ مَلَؤُهُمْ عَلَى بَيْعِهَا فَيَجُوزُ فَإِنْ أَبَاهُ أَحَدُهُمْ فَهُوَ مَرْدُودٌ؛ لِأَنَّهَا بَقِيَتْ مِرْفَقًا بَيْنَهُمْ، انْتَهَى. وَكَذَلِكَ لَا شُفْعَةَ فِي النَّهْرِ وَلَا فِي سَبِيلِ الْمَاءِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَلَا يَبْعُدُ تَخْرِيجُ الْخِلَافِ فِيهِمَا مِنْ الْخِلَافِ فِي النَّخْلَةِ الْوَاحِدَةِ.
ص (وَهِبَةٌ بِلَا ثَوَابٍ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ: وَمَنْ وَهَبَ شِقْصًا لِغَيْرِ ثَوَابٍ فَعَوَّضَ فِيهِ فَقَبِلَ فَإِنْ رَأَى أَنَّهُ لِصَدَقَةٍ أَوْ لِصِلَةِ رَحِمٍ فَلَا شُفْعَةَ فِيهِ وَمَنْ عَوَّضَ مِنْ صَدَقَةٍ وَقَالَ: ظَنَنْتُ أَنَّهُ يَلْزَمُنِي فَلْيَرْجِعْ فِي الْعِوَضِ إنْ كَانَ قَائِمًا وَإِنْ فَاتَ فَلَا شَيْءَ لَهُ وَمَنْ وَهَبَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ عَلَى عِوَضٍ جَازَ وَفِيهِ الشُّفْعَةُ وَلَا تَجُوزُ مُحَابَاتُهُ فِي قَبُولِ الثَّوَابِ وَلَا مَا وَهَبَ أَوْ تَصَدَّقَ أَوْ أَعْتَقَ مِنْ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَيُرَدُّ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْأَبُ مُوسِرًا، انْتَهَى. أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ وَمَنْ وَهَبَ شِقْصًا مِنْ دَارِهِ لِابْنِهِ الصَّغِيرِ تَقْدِيرُ الْكَلَامِ وَمَنْ وَهَبَ شِقْصًا مِنْ دَارِ ابْنِهِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ أَنَّهُ بِغَيْرِ ثَوَابٍ؟ قَالَ فِي الْكَبِيرِ: لَمْ يَحْلِفْ إلَّا أَنْ يَكُونَ مُتَّهَمًا، وَقَالَ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ: يَحْلِفُ مُطْلَقًا الْمُتَيْطِيُّ وَالْقَضَاءُ بِالْأُولَى، انْتَهَى.
ص (وَخِيَارٌ إلَّا بَعْدَ مُضِيِّهِ)
ش: قَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي أَحْكَامِهِ إنْ
سَلَّمَهَا فِي أَيَّامِ الْخِيَارِ فِي شِقْصِ بَيْعٍ بِالْخِيَارِ بِعَرْضٍ أَوْ غَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ وَهُوَ عَلَى شُفْعَتِهِ وَيُرَدُّ الْعَرْضُ وَإِنْ رَضِيَا بِإِمْضَاءِ ذَلِكَ الْعَرْضِ بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ لَمْ يَجُزْ حَتَّى يَفْسَخَاهُ ثُمَّ يَسْتَأْنِفَا مَا أَحَبَّا، انْتَهَى.
ص (وَسَقَطَتْ إنْ قَاسَمَ إلَخْ)
ش: قَالَ الْجَزِيرِيُّ فِي وَثَائِقِهِ: وَتُبْطِلُ الشُّفْعَةَ مُسَاوَمَةُ الشَّفِيعِ لِلْمُبْتَاعِ وَطَلَبُهُ الْمُقَاوَمَةَ أَوْ الْكِرَاءَ أَوْ الْقِسْمَةَ، انْتَهَى. فَظَاهِرُهُ أَنَّهُ بِإِرَادَةِ ذَلِكَ تَسْقُطُ الشُّفْعَةُ وَإِنَّمَا تَسْقُطُ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إذَا فَعَلَهَا الشَّفِيعُ مِنْ الْمُشْتَرِي كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي النَّوَادِرِ وَذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ وَانْظُرْ أَبَا الْحَسَنِ الصَّغِيرَ.
ص (أَوْ بَاعَ حِصَّتَهُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ قَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ سَقَطَ أَخْذُهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ حِصَّةٌ فِي الْعَقَارِ الْمُشْتَرَكِ وَيَصِيرُ لِلْمُشْتَرِي الْأَوَّلِ الشُّفْعَةُ عَلَى الْمُشْتَرِي الثَّانِي هَذَا إذَا بَاعَ جَمِيعَ حِصَّتِهِ وَهَذَا هُوَ الْجَارِي عَلَى مَذْهَبِ الْمُدَوَّنَةِ؛ إذْ قَالَ فِيهَا: وَمَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا بِالْخِيَارِ وَلَهُ شَفِيعٌ فَبَاعَ الشَّفِيعُ شِقْصَهُ قَبْلَ تَمَامِ الْخِيَارِ بَيْعَ بَتْلٍ فَإِنْ تَمَّ بَيْعُ الْخِيَارِ فَالشُّفْعَةُ لِلْمُبْتَاعِ وَإِنْ رُدَّ فَهُوَ لِبَائِعِهِ، انْتَهَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ الْأَخِيرَةُ تَقَدَّمَتْ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إذَا بَاعَ حِصَّتَهُ قَبْلَ أَخْذِهِ بِالشُّفْعَةِ سَقَطَ أَخْذُهُ سَوَاءٌ كَانَ عَالِمًا بِالْبَيْعِ أَمْ لَا وَفِي الْمَسْأَلَةِ خِلَافٌ، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَفِي بَيْعِ الْحِصَّةِ الْمُسْتَشْفَعِ بِهَا قَوْلَانِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: وَظَاهِرُ كَلَامِ ابْنِ الْقَاسِمِ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ غَيْرُ عَالِمٍ فَالشُّفْعَةُ وَبَيْنَ أَنْ يَبِيعَهُ عَالِمًا فَلَا شُفْعَةَ لَهُ وَفِي الْبَيَانِ: ظَاهِرُ مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا شُفْعَةَ لَهُ إذَا بَاعَ نَصِيبَهُ وَإِنْ بَاعَ غَيْرَ عَالِمٍ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِيمَنْ بَاعَ شِقْصًا بِالْخِيَارِ ثُمَّ بَاعَ صَاحِبُهُ بَيْعَ بَتْلٍ أَنَّ الشُّفْعَةَ لِمُشْتَرِي الْخِيَارِ عَلَى مُشْتَرِي الْبَتْلِ وَلَيْسَتْ التَّفْرِقَةُ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ أَمْ لَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ عِيسَى، قَالَ: وَقَالَ أَشْهَبُ: وَأَحَبُّ إلَيَّ أَنْ لَا شُفْعَةَ لَهُ بَعْدَ بَيْعِ نَصِيبِهِ أَوْ بَعْضِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا بَاعَ رَاغِبًا فِي الْبَيْعِ وَإِنَّمَا الشُّفْعَةُ لِلضَّرَرِ فَلَمْ تَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ فَهُوَ قَوْلٌ رَابِعٌ وَنَصَّ ابْنُ مُيَسَّرٍ عَلَى أَنَّهُ إذَا بَاعَ لَا شُفْعَةَ لَهُ إلَّا أَنْ يَبْقَى لَهُ بَقِيَّةٌ، قَالَ فِي الْبَيَانِ: وَقَوْلُهُ إلَّا أَنْ يَبْقَى لَهُ بَقِيَّةٌ يَحْتَمِلُ وَلَهُ الشُّفْعَةُ بِقَدْرِهَا كَأَحَدِ قَوْلَيْ مَالِكٍ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ وَيَحْتَمِلُ فَلَهُ أَخْذُ الْجَمِيعِ فَيَكُونُ قَوْلًا خَامِسًا، قَالَ: وَأَظْهَرُ هَذِهِ الْأَقْوَالِ الْفَرْقُ بَيْنَ أَنْ يَبِيعَ عَالِمًا وَغَيْرَ عَالَمٍ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ اُخْتُلِفَ بَعْدَ الْقَوْلِ أَنَّ الشُّفْعَةَ تَسْقُطُ إذَا بَاعَ بَعْضَ نَصِيبِهِ هَلْ يَسْقُطُ مِنْ الشُّفْعَةِ بِقَدْرِ مَا بَاعَ؟ وَاَلَّذِي أَرَى أَنْ يَسْتَشْفِعَ الْجَمِيعَ؛ لِأَنَّ الشُّفْعَةَ تَجِبُ بِالْجُزْءِ الْيَسِيرِ فِي الْكَثِيرِ الْبَيْعِ، انْتَهَى.
ص (وَإِلَّا سَنَةٌ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ.
(مَسْأَلَةٌ) مَنْ ابْتَاعَ شِقْصًا وَلَهُ شُفَعَاءُ فِيهِمْ أَقْرَبُ وَأَبْعَدُ فَلَيْسَ لِلْأَبْعَدِ أَنْ يَأْخُذَ بِالشُّفْعَةِ حَتَّى يُوقَفَ الْأَقْرَبُ فَإِمَّا أَخَذَ أَوْ تَرَكَ فَإِذَا قَالَ: أَنَا آخُذُ وَلَمْ يُحْضِرْ نَقْدَهُ أُجِّلَ الْيَوْمَيْنِ وَالثَّلَاثَةَ فَإِنْ لَمْ يَأْتِ بِالْمَالِ لَمْ يَكُنْ لَهُ شُفْعَةٌ
وَوَجَبَتْ لِمَنْ بَعْدَهُ وَإِنْ لَمْ يَقُمْ وَاحِدٌ مِنْ الشُّفَعَاءِ لَا الْأَقْرَبُ وَلَا الْأَبْعَدُ حَتَّى مَضَى أَمَدُ انْقِطَاعِهَا عَلَى الِاخْتِلَافِ فِي ذَلِكَ بَطَلَتْ شُفْعَتُهُمْ جَمِيعًا الْقَرِيبُ وَالْبَعِيدُ وَلَا حُجَّةَ لِلْبَعِيدِ فِي أَنْ يَقُولَ إنَّمَا سَكَتَ؛ لِأَنَّهُ كَانَ أَمَامِي مَنْ هُوَ أَحَقُّ بِالشُّفْعَةِ مِنِّي فَلَمَّا رَأَيْتُ الْأَمَدَ قَدْ تَمَّ لَهُ حِينَئِذٍ طَلَبْتُهَا أَنَا؛ لِأَنَّ سُكُوتَهُ عَلَى أَنْ يَقُومَ بِشُفْعَتِهِ فَيَأْخُذُهَا إنْ كَانَ الْأَقْرَبُ غَائِبًا أَوْ يُوقَفُ عَلَى الْأَخْذِ وَالتَّرْكِ إنْ كَانَ حَاضِرًا سَقَطَ لِحَقِّهِ فِيهَا، انْتَهَى.
مُخْتَصَرًا مِنْ نَوَازِلِ ابْنِ رُشْدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَحَلَفَ إنْ بَعُدَ) ش هَذَا رَاجِعٌ لِقَوْلِهِ: وَإِلَّا سَنَةٌ، وَالْمَعْنَى إذَا قُلْنَا إنَّ الشُّفْعَةَ لِلْحَاضِرِ فِي السَّنَةِ فَإِنَّهُ يَحْلِفُ إذَا كَانَ قِيَامُهُ بَعِيدًا مِنْ الْعَقْدِ وَحَدُّ الْبُعْدِ فِي ذَلِكَ السَّبْعَةُ الْأَشْهُرُ وَمَا بَعْدَهَا، قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَهَلْ يَحْلِفُ إذَا لَمْ تَسْقُطْ شُفْعَتُهُ فِي السَّنَةِ؟ نَقَلَ فِي الْكَافِي عَنْ مَالِكٍ أَنَّهُ إنْ قَامَ عِنْدَ رَأْسِ السَّنَةِ فَلَا يَحْلِفُ وَرُوِيَ عَنْهُ أَنَّهُ يَحْلِفُ وَلَوْ قَامَ بَعْدَ جُمُعَةٍ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَمْ يَرَ مَالِكٌ السَّبْعَةَ الْأَشْهُرَ وَلَا السَّنَةَ كَثِيرًا أَيْ قَاطِعًا لِحَقِّهِ فِي الشُّفْعَةِ إلَّا أَنَّهُ إنْ تَبَاعَدَ هَكَذَا يَحْلِفُ مَا كَانَ وُقُوفُهُ تَرْكًا لِلشُّفْعَةِ وَفِي الْمَوَّازِيَّةِ عَنْ مَالِكٍ يَحْلِفُ فِي سَبْعَةِ أَشْهُرٍ أَوْ خَمْسَةٍ لَا شَهْرَيْنِ ابْنُ الْعَطَّارِ وَابْنُ الْهِنْدِيِّ وَغَيْرُهُمَا مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَظَاهِرُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يَحْلِفُ فِي السَّبْعَةِ الْأَشْهُرِ وَحَمَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى أَنَّهُ يَحْلِفُ فِي السَّبْعَةِ، انْتَهَى.
وَإِذَا قُلْنَا إنَّ الْحَاضِرَ إذَا قَامَ بَعْدَ الْبُعْدِ فِي السَّنَةِ يَحْلِفُ فَمِنْ بَابِ أَوْلَى إذَا عَلِمَ وَغَابَ وَكَانَ يَظُنُّ الْأَوْبَةَ قَبْلَ السَّنَةِ فَعِيقَ وَقُلْنَا إنَّ لَهُ الشُّفْعَةَ بَعْدَ السَّنَةِ أَنَّهُ يَحْلِفُ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ مُسْقِطًا لِلشُّفْعَةِ وَلَا يَصِحُّ أَنْ يَكُونَ قَوْلُهُ وَحَلَفَ رَاجِعًا إلَى قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَظُنَّ الْأَوْبَةَ قَبْلَهَا فَعِيقَ؛ لِأَنَّهُ يَصِيرُ قَوْلُهُ بَعْدَهُ إنْ بَعُدَ لَا مَعْنَى لَهُ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَصُدِّقَ إنْ أَنْكَرَ عِلْمَهُ)
ش: يَعْنِي أَنَّ الشَّفِيعَ الْحَاضِرَ إذَا أَنْكَرَ عِلْمَهُ فَإِنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا تَسْقُطُ شُفْعَتُهُ وَهَلْ تَلْزَمُهُ الْيَمِينُ؟ قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ: لَوْ أَنْكَرَ الشَّفِيعُ الْعِلْمَ وَهُوَ حَاضِرٌ فَنَقَلَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَإِنْ طَالَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ الْعِلْمِ الْمُتَيْطِيُّ وَهُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ، وَقَالَهُ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ وَيَحْلِفُ عَلَى ذَلِكَ، وَقَالَ مُحَمَّدُ بْنُ عَبْدِ الْحَكَمِ: وَابْن الْمَوَّازِ يُصَدَّقُ وَلَوْ بَعْدَ أَرْبَعَةِ أَعْوَامٍ وَابْن الْمَوَّازِ وَأَنَّ الْأَرْبَعَةَ كَثِيرَةٌ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَكْثَرَ مِنْهَا.
(فَرْعٌ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَلَوْ عَلِمَ بِالشِّرَاءِ وَادَّعَى جَهْلَ الشُّفْعَةِ، قَالَ: لَا يُصَدَّقُ، قَالَ ابْنُ كَوْثَرٍ: وَإِنْ كَانَتْ امْرَأَةً فَلَا تُعْذَرُ بِالْجَهْلِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ.
ص (لَا إنْ غَابَ أَوْ لَا)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، قَالَ مَالِكٌ: وَالْغَائِبُ فِي شُفْعَتِهِ وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ وَهُوَ عَالِمٌ بِالشِّرَاءِ فَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَذَلِكَ أَحْرَى وَلَوْ كَانَ حَاضِرًا، قَالَ ابْنُ يُونُسَ، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ، وَقَالَهُ مَالِكٌ وَأَصْحَابُهُ وَقَدْ رَوَى أَشْهَبُ «أَنَّ النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم، قَالَ: يُنْتَظَرُ إنْ كَانَ غَائِبًا» ، قَالَ أَشْهَبُ: وَقَضَى عُمَرُ بْنُ عَبْدِ الْعَزِيزِ بِالشُّفْعَةِ لِلْغَائِبِ بَعْدَ أَرْبَعِ سِنِينَ، قَالَ مَالِكٌ إلَّا أَنْ يَقُومَ بَعْدَ طُولِ الزَّمَانِ مِمَّا يُجْهَلُ فِي مِثْلِهِ أَصْلُ الْبَيْعِ وَيَمُوتُ الشُّهُودُ فَأَرَى الشُّفْعَةَ مُنْقَطِعَةً فَأَمَّا فِي قُرْبِ الْأَمَدِ مِمَّا يَرَى أَنَّ الْمُبْتَاعَ أَخْفَى الثَّمَنَ لِقَطْعِ الشُّفْعَةِ فَلْتُقَوَّمْ الْأَرْضُ عَلَى مَا يَرَى مِنْ ثَمَنِهَا يَوْمَ الْبَيْعِ فَيَأْخُذُهَا بِهَا، انْتَهَى.
وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ طَالَتْ غَيْبَتُهُ إلَّا أَنْ يَطُولَ الزَّمَانُ جِدًّا فِيمَا يُجْهَلُ فِي مِثْلِهِ أَصْلُ الْبَيْعِ وَيَمُوتُ الشُّهُودُ فَإِنَّ ذَلِكَ يَقْطَعُ