الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ابْنُ عَرَفَةَ فِي بَابِ إحْيَاءِ الْمَوَاتِ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّهُ قَالَ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْأَظْهَرُ قَطْعُ مَا أَضَرَّ مَا طَالَ مِنْ أَغْصَانِهَا يَعْنِي وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الشَّجَرَةُ مُتَجَرِّدَةً قَالَ وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ وَنَصُّ كَلَامِهِ: وَسَمِعَ عَبْدُ الْمَلِكِ ابْنَ وَهْبٍ مَنْ شَكَا شَجَرَةً بِدَارٍ جَارِهِ لِإِشْرَافِ مَنْ يَطْلُعُهَا لِاجْتِنَائِهَا عَلَى دَارِهِ وَخَوْفِ أَنْ يَنْظُرُوا إلَيْهِ مِنْهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قَطْعُهَا، وَلَهُ قَطْعُ مَا دَخَلَ مِنْ أَغْصَانِهَا فِي أَرْضِهِ ابْنُ رُشْدٍ لَهُ قَطْعُ مَا طَالَ مِنْ الْحَادِثَةِ فَأَضَرَّ حَائِطَهُ، أَوْ دَخَلَ هَوَاءَ حَقِّهِ وَقَلْعُهَا إنْ أَضَرَّتْ حَائِطَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الشَّجَرَةُ قَدِيمَةً قَبْلَ دَارِ الْجَارِ فَلَيْسَ لِلْجَارِ قَلْعُهَا، وَلَوْ أَضَرَّتْ بِجِدَارِهِ، وَفِي قَطْعِهِ مَا أَضَرَّ بِهِ مِمَّا طَالَ مِنْ أَغْصَانِهَا قَوْلَا أَصْبَغَ مَعَ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ؛ لِأَنَّهُ عُلِمَ أَنَّ هَذَا يَكُونُ مِنْ حَالِ الشَّجَرَةِ فَقَدْ حَازَ ذَلِكَ مِنْ حَرِيمِهَا، وَالْأَوَّلُ أَظْهَرُ، وَاخْتَارَهُ ابْنُ حَبِيبٍ انْتَهَى.
ص (لَا مَانِعُ ضَوْءِ شَمْسٍ وَرِيحٍ)
ش: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ فِي الثَّلَاثَةِ وَأَمَّا إحْدَاثُ مَا يُنْقِصُ الْغَلَّةَ فَلَا يُمْنَعُ اتِّفَاقًا كَإِحْدَاثِ فُرْنٍ قُرْبَ فُرْنٍ آخَرَ، أَوْ إحْدَاثِ حَمَّامٍ قُرْبَ حَمَّامٍ آخَرَ قَالَهُ فِي مُعِينِ الْحُكَّامِ وَفِي التَّبْصِرَةِ.
[فَتْح الْبَابَ فِي السِّكَّة النَّافِذَةِ]
ص (وَبَابٌ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ)
ش: يَعْنِي أَنَّ
مَنْ أَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ لِدَارِهِ بَابًا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ فَإِنَّ ذَلِكَ لَهُ، وَلَا يُمْنَعُ مِنْ ذَلِكَ وَظَاهِرُهُ، وَلَوْ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ بَابِ جَارِهِ وَسَوَاءٌ كَانَتْ السِّكَّةُ وَاسِعَةً، أَوْ ضَيِّقَةً، وَسَيَأْتِي بَيَانُ ذَلِكَ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَالسِّكَّةُ بِكَسْرِ السِّينِ الْمُهْمَلَةِ الزُّقَاقُ قَالَهُ فِي الصِّحَاحِ وَالنَّافِذَةُ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ هِيَ الَّتِي يُخْرَجُ مِنْهَا مِنْ طَرَفَيْهَا وَاحْتَرَزَ بِقَوْلِهِ: نَفَذَتْ عَنْ السِّكَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ وَهِيَ الَّتِي تَكُونُ مُنْسَدَّةً مِنْ أَحَدِ الطَّرَفَيْنِ قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَالطَّرِيقُ الْمُنْسَدَّةُ الْأَسْفَلِ كَالْمِلْكِ لِأَرْبَابِ دُورِهَا قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إنَّمَا جَعَلَ الْجَانِبَ الْمُنْسَدَّ مِنْ أَسْفَلِهَا، وَإِنْ أَمْكَنَ أَنْ يَكُونَ أَعْلَاهَا فِي الْمَكَانِ؛ لِأَنَّهُ غَايَةُ تِلْكَ الطَّرِيقِ فَشَبَّهَ أَوَّلَهَا بِالْأَعْلَى وَأَقْصَاهَا بِالْأَسْفَلِ؛ لِأَنَّهَا كَالْوِعَاءِ لِمَنْ دَخَلَ فِيهَا انْتَهَى.
فَإِذَا كَانَتْ السِّكَّةُ غَيْرَ نَافِذَةٍ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهَا بَابًا بِغَيْرِ إذْنِ أَهْلِ السِّكَّةِ إلَّا إذَا كَانَ مُنَكِّبًا عَنْ بَابِ جَارِهِ الْمُقَابِلِ لَهُ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِذَلِكَ الْمُصَنِّفُ فِي قَوْلِهِ: إلَّا بَابًا إنْ نُكِّبَ، وَسَيَأْتِي الْكَلَامُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذِكْرِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ، وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ هُوَ مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْهَا وَلَيْسَ لَك أَنْ تَفْتَحَ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ بَابًا يُقَابِلُ بَابَ جَارِك، أَوْ يُقَارِبُهُ، وَلَا تُحَوِّلُ بَابًا لَك هُنَالِكَ إذَا مَنَعَك؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تُرِيدُ أَنْ تَفْتَحَ فِيهِ بَابَك لِي فِيهِ مِرْفَقٌ أَفْتَحُ فِيهِ بَابِي وَأَنَا فِي سُتْرَةٍ، وَلَا أَدَعُك تَفْتَحُ قُبَالَةَ بَابِي، أَوْ قُرْبَهُ فَتَتَّخِذُ عَلَيَّ فِيهِ الْمَجَالِسَ وَشِبْهَ هَذَا، فَإِذَا كَانَ هَذَا ضَرَرًا فَلَا يَجُوزُ أَنْ تُحْدِثَ عَلَى جَارِك مَا يَضُرُّهُ، وَأَمَّا فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ فَلَكَ أَنْ تَفْتَحَ مَا شِئْت، وَتُحَوِّلَ بَابَك حَيْثُ شِئْت مِنْهَا انْتَهَى.
وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ عَبْدِ الْمَلِكِ الْمُلَقَّبِ بِزُونَانَ مِنْ كِتَابِ السُّلْطَانِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ: فَيَتَحَصَّلُ فِي فَتْحِ الْبَابِ وَتَحْوِيلِهِ عَنْ مَوْضِعِهِ فِي الزُّقَاقِ الَّذِي لَيْسَ بِنَافِذٍ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِحَالٍ إلَّا بِإِذْنِ جَمِيعِ أَهْلِ الزُّقَاقِ وَهُوَ الَّذِي ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ زَرْبٍ قِيَاسًا عَلَى مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ فِي الدَّارِ الْكَبِيرَةِ وَبِهِ جَرَى الْعَمَلُ بِقُرْطُبَةَ، وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ لَهُ فِيمَا لَمْ يُقَابِلْ بَابَ جَارِهِ، وَلَا قَرُبَ مِنْهُ، فَقَطَعَ بِهِ مِرْفَقًا عَنْهُ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ هَهُنَا، وَالثَّالِثُ أَنَّ لَهُ تَحْوِيلَ بَابِهِ عَلَى هَذِهِ الصِّفَةِ إذَا سَدَّ الْبَابَ الْأَوَّلَ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ فِيهِ بَابًا لَمْ يَكُنْ قَبْلُ بِحَالٍ وَهُوَ دَلِيلُ قَوْلِ أَشْهَبَ هَهُنَا وَيَتَحَصَّلُ فِي فَتْحِ الرَّجُلِ بَابًا، أَوْ حَانُوتًا فِي مُقَابَلَةِ بَابِ جَارِهِ فِي الزُّقَاقِ النَّافِذِ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ لَهُ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَقَوْلُ أَشْهَبَ هَهُنَا، وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ إلَّا أَنْ يُنَكِّبَ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ وَرَوَاهُ عَنْهُ ابْنُهُ مُحَمَّدٌ وَابْنُ حَبِيبٍ، وَالثَّالِثُ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ إذَا كَانَتْ السِّكَّةُ وَاسِعَةً وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ وَهْبٍ هَهُنَا، وَالسِّكَّةُ الْوَاسِعَةُ مَا كَانَ فِيهَا سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرُ لِمَا جَاءَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ:«الطَّرِيقُ الْمِيتَاءُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ» وَقَعَ ذَلِكَ فِي مُسْنَدِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ مِنْ رِوَايَةِ ابْنِ عَبَّاسٍ فَوَجَبَ أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ حَدَّ سَعَةِ الطَّرِيقِ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ، وَقَالَ فِيهِ: إلَّا بِإِذْنِ جَمِيعِ أَهْلِ الزَّنْقَةِ وَهَذِهِ اللَّفْظَةُ يَسْتَعْمِلُهَا الْمَغَارِبَةُ بِمَعْنَى الزُّقَاقِ وَلَيْسَتْ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ، وَقَالَ فِي الصِّحَاحِ الزَّنْقَةُ السِّكَّةُ الضَّيِّقَةُ انْتَهَى.
وَالْقَوْلُ الَّذِي عَزَاهُ لِابْنِ زَرْبٍ فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ عَزَاهُ أَبُو إِسْحَاقَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الْبُنْيَانِ لِسَحْنُونٍ وَنَصُّهُ: قَالَ فِي كِتَابِ الْبُنْيَانِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَيْسَ لَك فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ أَنْ تَفْتَحَ بَابًا، أَوْ تُقَدِّمَهُ ثُمَّ قَالَ: وَقَالَ سَحْنُونٌ لَا تَفْتَحْ فِي غَيْرِ النَّافِذَةِ شَيْئًا بِحَالٍ إلَّا أَنْ يَرْضَى الْجَمَاعَةُ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ الْبَابَ فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ، وَلَوْ كَانَ فِي مُقَابَلَةِ بَابِ جَارِهٍ وَسَوَاءٌ كَانَتْ السِّكَّةُ وَاسِعَةً، أَوْ ضَيِّقَةً، وَهَذَا ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ وَصَرَّحَ ابْنُ رُشْدٍ بِأَنَّ ذَلِكَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَإِنَّهُ عَزَا الْقَوْلَ بِالتَّفْصِيلِ بَيْنَ الْوَاسِعَةِ وَالضَّيِّقَةِ لِابْنِ وَهْبٍ كَمَا
تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ، وَقَالَ قَبْلَهُ: إنَّ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ يُخَالِفُ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتَهُ عَنْ مَالِكٍ فِي آخِرِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ إذْ لَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْمُدَوَّنَةِ سَعَةَ السِّكَّةِ وَعَلَى كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اعْتَمَدَ الْمُصَنِّفُ، وَصَاحِبُ الشَّامِلِ فَقَالَ فِي الْأُمُورِ الَّتِي لَا يُمْنَعُ مِنْهَا: وَلَا مِنْ بَابٍ بِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ، وَإِنْ ضَاقَتْ عَنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ عَلَى الْأَصَحِّ، وَثَالِثُهَا إنْ نَكَّبَ عَنْ بَابِ جَارِهِ، وَإِلَّا فَلَا انْتَهَى.
إلَّا أَنَّهُ قَدْ يَتَبَادَرُ مِنْ كَلَامِ صَاحِبِ الشَّامِلِ أَنَّ مُقَابِلَ الْأَصَحِّ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ، وَلَوْ كَانَتْ أَكْثَرَ مِنْ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَلَيْسَ كَذَلِكَ، فَتَأَمَّلْهُ وَأَمَّا الْمُتَيْطِيُّ فَجَعَلَ قَوْلَ ابْنِ وَهْبٍ فِي الْعُتْبِيَّةِ مُقَيِّدًا لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ فَقَالَ: وَأَمَّا فَتْحُ الْأَبْوَابِ فِي الْمَحَاجِّ النَّافِذَةِ فَرَوَى ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ مَالِكٍ قَوْلًا مُجْمَلًا أَنَّ ذَلِكَ مُبَاحٌ لِمَنْ شَاءَ وَيُؤْمَرُ أَنْ يُنَكِّبَ قَلِيلًا عَنْ مُقَابَلَةِ بَابِ دَارِ جَارِهِ إلَّا أَنْ تَكُونَ السِّكَّةُ وَاسِعَةً جِدًّا حَتَّى لَا يَرَى مِنْ الْبَابِ الْمَفْتُوحِ إلَّا مَا يَرَى مَنْ سَلَكَ الطَّرِيقَ فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَهُ كَيْفَ شَاءَ، وَقَالَ قَبْلَهُ مَنْ فَتَحَ بَابًا فِي سِكَّةٍ نَافِذَةٍ فَمَنَعَهُ جَارُهُ وَزَعَمَ أَنَّ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا عَلَى جَارِهِ وَشَهِدَتْ الْبَيِّنَةُ بِأَنَّ الزُّقَاقَ ضَيِّقٌ وَأَنَّ مَنْ فِي أُسْطُوَانِ أَحَدِهِمَا يَنْظُرُ مَنْ فِي أُسْطُوَانِ الْآخَرِ فَإِنَّهُ يُحْكَمُ بِغَلْقِ الْبَابِ الْمُحْدَثِ، وَكَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ السَّابِقُ يَقْتَضِي أَنَّ مَذْهَبَ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَا يُمْنَعُ مِنْ فَتْحِ الْبَابِ فِي الزُّقَاقِ النَّافِذِ، وَلَوْ كَانَ مَنْ فِي أُسْطُوَانِ إحْدَاهُمَا يَنْظُرُ مَنْ فِي أُسْطُوَانِ الْأُخْرَى وَجَوَابُ ابْنِ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ يَقْتَضِي أَنَّهُ رَاعَى مَا فِي الْعُتْبِيَّةِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي مَسَائِلِ الدَّعْوَى وَالْخُصُومَاتِ مِنْ نَوَازِلِهِ أَنَّهُ سُئِلَ عَنْ رَجُلَيْنِ مُتَجَاوِرَيْنِ بَيْنَهُمَا زُقَاقٌ نَافِذٌ فَأَحْدَثَ أَحَدُهُمَا فِي دَارِهِ بَابًا، أَوْ حَانُوتَيْنِ يُقَابِلُ ذَلِكَ بَابَ جَارِهِ، وَلَا يَكَادُ يَدْخُلُ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ دَارِهِ، وَلَا يَخْرُجُ إلَّا عَلَى نَظَرٍ مِنْ الَّذِينَ يَجْلِسُونَ فِي الْحَانُوتَيْنِ الْمَذْكُورَيْنِ لِعَمَلِ صِنَاعَتِهِمْ وَذَلِكَ ضَرَرٌ بَيِّنٌ لِصَاحِبِ الدَّارِ، وَعِيَالِهِ فَأَجَابَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْت فَيُؤْمَرُ أَنْ يُنَكِّبَ بَابَهُ، وَحَانُوتَيْهِ عَنْ مُقَابَلَةِ بَابِ جَارِهِ فَإِنْ لَمْ يَقْدِرْ عَلَى ذَلِكَ، وَلَا وَجَدَ إلَيْهِ سَبِيلًا تُرِكَ وَلَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ بِغَلْقِهَا انْتَهَى.
فَدَلَّ كَلَامُهُ عَلَى أَنَّهُ لَوْ وَجَدَ سَبِيلًا لِتَنْكِيبِ الْبَابِ، وَالْحَانُوتَيْنِ عَنْ بَابِ جَارِهِ حُكِمَ عَلَيْهِ بِذَلِكَ إذَا ثَبَتَ أَنَّ عَلَى جَارِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرًا فَيَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ عَلَى جَارِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَلَهُ أَنْ يَفْتَحَ الْبَابَ، وَالْحَانُوتَ قُبَالَةَ بَابِ جَارِهِ وَأَمَّا إذَا كَانَ عَلَى جَارِهِ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ فَإِنْ لَمْ يُمْكِنَهُ التَّنْكِيبُ لَمْ يُحْكَمْ عَلَيْهِ، وَإِنْ أَمْكَنَهُ ذَلِكَ حُكِمَ عَلَيْهِ بِهِ، فَتَأَمَّلْهُ وَالْأُسْطُوَانُ بِضَمِّ الْهَمْزَةِ وَبَعْدَهَا سِينٌ مُهْمَلَةٌ سَاكِنَةٌ هُوَ الدِّهْلِيزُ بِكَسْرِ الدَّالِ الْمُهْمَلَةِ، وَرَأَيْته فِي الْمُتَيْطِيَّةِ بِالصَّادِ الْمُهْمَلَةِ فَلَعَلَّ ذَلِكَ لُغَةٌ فِيهِ (الثَّانِي) قَوْلُ الْمُصَنِّفِ فِي السِّكَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ إلَّا بَابًا إنْ نُكِّبَ يَقْتَضِي أَنَّهُ إذَا كَانَ الْبَابُ الَّذِي يَفْتَحُهُ مُنَكَّبًا عَنْ بَابِ جَارِهِ الَّذِي يُقَابِلُهُ جَازَ فَتْحُهُ، وَلَوْ كَانَ ذَلِكَ بِقُرْبِ بَابِ دَارِ جَارِهِ الْمُلَاصِقِ لَهُ بِحَيْثُ إنَّهُ يُضَيِّقُ عَلَيْهِ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ بَابِهِ وَيَقْطَعُ ارْتِفَاقَهُ بِذَلِكَ، وَلَيْسَ كَذَلِكَ لِمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ وَكَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ: إلَّا بَابًا إنْ نُكِّبَ، وَلَمْ يَضُرَّ بِجَارٍ مُلَاصِقٍ لَوَفَّى بِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَبِمَا فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ.
(الثَّالِثُ) يَدْخُلُ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مَنْ لَهُ حَائِطٌ فِي سِكَّةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَلَيْسَ لَهُ فِيهَا بَابٌ وَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ فِي حَائِطِهِ بَابًا فَلَهُ ذَلِكَ إنْ كَانَ مُنَكَّبًا عَنْ بَابِ جَارِهِ الْمُقَابِلِ وَلَمْ يَقْرُبْ مِنْ بَابِ جَارِهِ الْمُلَاصِقِ لَهُ لَكِنْ قَيَّدَ ذَلِكَ فِي الشَّامِلِ بِمَا إذَا كَانَ قَصْدُهُ الِارْتِفَاقَ بِذَلِكَ وَأَمَّا إنْ جَعَلَ ذَلِكَ طَرِيقًا يَدْخُلُ النَّاسُ مِنْ بَابِ دَارِهِ، وَيَخْرُجُونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ الْمُحْدَثِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ وَهُوَ ظَاهِرٌ وَلَمْ أَرَ مَنْ صَرَّحَ بِهِ، وَلَكِنَّهُ يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُدَوَّنَةِ الْآتِيَةِ وَنَصُّ مَا فِي الشَّامِلِ: وَغَيْرُ النَّافِذَةِ كَالْمِلْكِ لِجَمِيعِهِمْ فَبِالْإِذْنِ إلَّا بَابًا إنْ نُكِّبَ عَلَى الْأَصَحِّ، وَثَالِثًا إنْ سَدَّ بَابَهُ الْأَوَّلَ وَنَكَّبَ وَإِلَّا فَلَا، وَلَا مَنْ فَتَحَ بَابًا آخَرَ بِظَهْرِ دَارِهِ لِيَرْتَفِقَ بِهِ إلَّا أَنْ يَجْعَلَهُ طَرِيقًا انْتَهَى.
(الرَّابِعُ) لَمْ يَذْكُرْ الْمُصَنِّفُ، وَلَا غَيْرُهُ قَدْرَ مَا يُنَكَّبُ الْبَابُ عَنْ بَابِ جَارِهِ فِي السِّكَّةِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ لَكِنْ قَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ
ابْنِ رُشْدٍ عَنْ سَحْنُونٍ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا فِي السِّكَّةِ النَّافِذَةِ إلَّا أَنْ يُنَكِّبَهُ، وَنَقَلَهُ أَبُو إِسْحَاقَ التُّونُسِيُّ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ ثُمَّ قَالَ: قِيلَ لَهُ: يُنَكِّبُهُ قَدْرَ ذِرَاعٍ، أَوْ ذِرَاعَيْنِ قَالَ: قَدْرَ مَا يَرَى أَنَّهُ يُزَالُ بِهِ الضَّرَرُ عَنْ الَّذِي قُبَالَتُهُ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ وَابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ وَمِثْلُهُ يُقَالُ هُنَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الْخَامِسُ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الضَّرَرِ نَاقِلًا عَنْ نَوَازِلِ ابْنِ الْحَاجِّ: إنَّ مَنْ كَانَ لَهُ حَائِطٌ مُصِمَّةٌ فِي سِكَّةٍ فَكَانَ ابْنُ الْعَطَّارِ يَقُولُ لَيْسَ لَهُ مَنْعُ مَنْ أَرَادَ فَتْحَ بَابٍ فِي السِّكَّةِ حِذَاءَ حَائِطِهِ، وَكَانَ ابْنُ عَتَّابٍ يَقُولُ: لَهُ مَنْعُهُ كَمَا لَوْ كَانَ لَهُ بَابٌ الْبُرْزُلِيُّ قُلْت: هَذَا الَّذِي يَجْرِي عَلَى الْحَقِّ فِي الْفِنَاءِ هَلْ يَخْتَصُّ بِمَنْفَعَتِهِ، فَيَكُونُ لَهُ حَقٌّ فِي الزُّقَاقِ، أَوْ لَا فَلَا يَكُونُ لَهُ حَقٌّ انْتَهَى.
(قُلْت:) سَيَأْتِي فِي كَلَامِ الشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ أَنَّ لِكُلِّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يَمْنَعَ صَاحِبَهُ مِنْ أَنْ يَفْتَحَ بِقُرْبِ جِدَارِهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ أَنَا أُرِيدُ أَنْ أَفْتَحَ أَيْضًا فِي جِدَارِي فَلَا تَقْرَبْ مِنِّي حَتَّى لَا تُضَيِّقَ عَلَيَّ، فَإِمَّا أَنْ يَفْتَحَا جَمِيعًا، أَوْ يَمْنَعَا جَمِيعًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (السَّادِسُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى السِّكَّةِ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ السَّابِقَ مَا نَصُّهُ: وَلَمْ يَحْكِ الْمُتَيْطِيُّ إلَّا مَنْعَ إحْدَاثِ الْبَابِ، أَوْ تَحْوِيلِ الْقَدِيمِ لِقُرْبِ بَابِ جِدَارِهِ بِحَيْثُ يَضُرُّهُ ذَلِكَ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ حَوَّلَهُ عَلَى بُعْدٍ لَمْ يَكُنْ لَهُ عَلَيْهِ قِيَامٌ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَزِدْهُمْ شَيْئًا عَلَى مَا كَانَ عَلَيْهِ انْتَهَى.
(قُلْت:) مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ هُوَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ وَكَرَّرَ الْكَلَامَ فِيهِ قَبْلَ ذَلِكَ وَذَكَرَ أَنَّ ذَلِكَ هُوَ الَّذِي بِهِ الْقَضَاءُ ثُمَّ قَالَ: قَالَ الْبَاجِيُّ وَفِي ذَلِكَ اخْتِلَافٌ ثُمَّ كَتَبَ فِي هَامِشِ النُّسْخَةِ وَفِي آخِرِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ رَاعَى الضَّرَرَ فِي ذَلِكَ وَكُتِبَ عَلَيْهِ أَصْلٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (السَّابِعُ) تَقَدَّمَ أَنَّ ظَاهِرَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: إلَّا بَابًا إنْ نُكِّبَ أَنَّهُ لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ السِّكَّةِ الطَّوِيلَةِ وَالْقَصِيرَةِ، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي السِّكَّةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ ظَاهِرُهُ طَوِيلَةً كَانَتْ، أَوْ قَصِيرَةً، وَالتَّفْرِيقُ بَيْنَ النَّافِذَةِ وَغَيْرِ النَّافِذَةِ إنَّمَا هُوَ بِعُذْرِ كَثْرَةِ الْمُرُورِ فَإِذَا كَانَتْ السِّكَّةُ طَوِيلَةً كَانَتْ كَالنَّافِذَةِ، سُئِلَ الشَّيْخُ يَعْنِي نَفْسَهُ عَمَّنْ لَهُ فِي أَقْصَى هَذِهِ السِّكَّةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ قَاعَةٌ هَلْ لَهُ أَنْ يُكْرِيَهَا مِمَّنْ يَبْنِيهَا، أَوْ لِأَهْلِ السِّكَّةِ مَنْعُهُ فَقَالَ لَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ كَمَا لَهُ هُوَ أَنْ يَبْنِيَ فِيهَا وَيُسْكِنَ مَعَهُ مَنْ شَاءَ انْتَهَى.
وَمَا ذَكَرَهُ لَمْ أَرَ مَنْ وَافَقَهُ عَلَيْهِ وَهُوَ مُخَالِفٌ لِمَا سَيَأْتِي فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسَ عَشَرَ عَنْ ابْنِ يُونُسَ وَابْنِ بَطَّالٍ (الثَّامِنُ) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ أَيْضًا: قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِأَنَّهُ يَقُولُ الْمَوْضِعُ الَّذِي تَفْتَحُ فِيهِ بَابَك لِي فِيهِ مِرْفَقٌ وَأَفْتَحُ فِيهِ بَابِي وَأَنَا فِي سُتْرَةٍ الشَّيْخُ مَعْنَى ذَلِكَ أَنَّ الْبَابَ كَانَ هُنَاكَ مَفْتُوحًا لَا أَنَّهُ أَرَادَ إنْشَاءَ الْبَابَ، وَكَأَنَّهُ يَقُولُ أَحِلُّ فِيهِ بَابِي وَأَنَا فِي سُتْرَةٍ وَأَمَّا لَوْ أَرَادَ الْإِنْشَاءَ لَكَانَ لِلْآخَرِ أَنْ يَحْتَجَّ عَلَيْهِ بِهَذِهِ الْحُجَّةِ فَلَا يَكُونُ أَحَدُهُمَا، أَوْلَى مِنْ الْآخَرِ فَإِمَّا أَنْ يُمْنَعَا جَمِيعًا، أَوْ يَفْتَحَا جَمِيعًا انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ: أَحِلُّ فِيهِ بَابِي هَذَا اللَّفْظُ يَسْتَعْمِلُهُ الْمَغَارِبَةُ بِمَعْنَى أَفْتَحُ بَابِي الْمَغْلُوقَ (التَّاسِعُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي إحْيَاءِ الْمَوَاتِ: وَلَمَّا ذَكَرَ الْمُتَيْطِيُّ الْحَدِيثَ السَّابِقَ فِي تَحْدِيدِ الطَّرِيقِ قَالَ: الْمِيتَاءُ الْوَاسِعَةُ انْتَهَى.
(قُلْت:) وَلَمْ أَقِفْ عَلَى مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُتَيْطِيَّةِ بَلْ رَأَيْت فِي هَامِشِ نُسْخَةٍ مِنْهَا: تَأَمَّلْ الْمِيتَاءَ مَا هِيَ، وَتَفْسِيرُ الْمِيتَاءِ بِالْوَاسِعَةِ قَوْلٌ ذَكَرَهُ فِي فَتْحِ الْبَارِي، وَغَيْرِهِ وَلَكِنَّهُ خِلَافُ الْمَشْهُورِ عِنْدَ أَهْلِ اللُّغَةِ وَأَهْلِ غَرِيبِ الْحَدِيثِ قَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي فَصْلِ الْهَمْزَةِ مِنْ بَابِ الْمُعْتَلِّ: وَالْمِيتَاءُ الطَّرِيقُ الْعَامِرَةُ وَمُجْتَمَعُ الطَّرِيقِ أَيْضًا مِيتَاءُ وَسِيَرَاءُ انْتَهَى. وَقَالَ الْمُطَرِّزِيُّ فِي الْمُقَرَّبِ: وَطَرِيقٌ مِيتَاءُ تَأْتِيهِ النَّاسُ كَثِيرًا وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْ الْإِتْيَانِ وَنَظِيرُهُ دَارٌ مِحْلَالٌ الَّتِي تُحَلُّ كَثِيرًا اهـ. وَقَالَ فِي النِّهَايَةِ فِي بَابِ الْمِيمِ مَعَ التَّاءِ وَفِي حَدِيثِ اللُّقَطَةُ مَا وَجَدْت فِي طَرِيقٍ مِيتَاءَ فَعَرِّفْهُ سَنَةً أَيْ طَرِيقٍ مَسْلُوكٍ وَهُوَ مِفْعَالٌ مِنْ الْإِتْيَانِ وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ وَبَابُهُ الْهَمْزَةُ انْتَهَى. يَعْنِي أَنَّهُ إنَّمَا ذَكَرَهُ فِي بَابِ الْمِيمِ تَسْهِيلًا عَلَى الطَّالِبِ عَلَى عَادَتِهِ، وَقَالَ النَّوَوِيُّ فِي تَهْذِيبِ الْأَسْمَاءِ وَاللُّغَاتِ فِي بَابِ الْمِيمِ وَفِي الْحَدِيثِ طَرِيقٌ مِيتَاءُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَبَعْدَهَا هَمْزَةٌ
وَبِالْمَدِّ وَتُسَهَّلُ فَيُقَالُ مِيتَاءُ بِيَاءٍ سَاكِنَةٍ كَمَا فِي نَظَائِرِهِ قَالَ صَاحِبُ الْمَطَالِعِ مَعْنَاهُ كَثِيرُ السُّلُوكِ عَلَيْهِ مِفْعَالٌ مِنْ الْإِتْيَانِ انْتَهَى. وَقَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ الْمِيتَاءُ بِكَسْرِ الْمِيمِ وَسُكُونِ التَّحْتَانِيَّةِ بَعْدَ مُثَنَّاةٍ وَمَدٍّ بِوَزْنِ مِفْعَالٌ مِنْ الْإِتْيَانِ، وَالْمِيمُ زَائِدَةٌ قَالَ أَبُو عَمْرٍو الشَّيْبَانِيُّ الْمِيتَاءُ أَعْظَمُ الطُّرُقِ وَهِيَ الَّتِي يَكْثُرُ مُرُورُ النَّاسِ بِهَا، وَقَالَ غَيْرُهُ: هِيَ الطَّرِيقُ الْوَاسِعَةُ وَقِيلَ الْعَامِرَةُ انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ التَّشْدِيدِ سَهْوٌ يَرُدُّهُ
قَوْلُهُ بِوَزْنِ مِفْعَالٌ وَلَمْ يَذْكُرْهُ أَحَدٌ غَيْرُهُ وَرَأَيْته فِي الْبَيَانِ وَالْمُتَيْطِيَّةِ وَمُخْتَصَرِ ابْنِ عَرَفَةَ بِالثَّاءِ الْمُثَلَّثَةِ وَلَيْسَ بِظَاهِرٍ قَالَ فِي الصِّحَاحِ فِي فَصْلِ الْمِيمِ مِنْ بَابِ التَّاءِ الْمِيتَاءُ الْأَرْضُ السَّهْلَةُ وَالْجَمْعُ مَيِّتٌ مِثْلَ هَيْفَاءَ وَهِيفٍ انْتَهَى وَنَحْوُهُ فِي الْقَامُوسِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ مُرَادًا هُنَا.
(الْعَاشِرُ) قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: قَالَ أَحْمَدُ بْنُ سَعِيدٍ الْهِنْدِيُّ، وَغَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثَّقِينَ: وَإِنَّمَا يَشْهَدُ عَلَى ضِيقِ الطَّرِيقِ مُجْمَلًا دُونَ تَحْدِيدٍ يُذْرَعُ مَا حَدَّهُ أَهْلُ الْعِلْمِ مِنْ الضِّيقِ وَالسَّعَةِ، وَأَمَّا أَنْ يَشْهَدُوا فِيهِ عَلَى الْجُمْلَةِ وَهُوَ مِنْ غَيْرِ أَهْلِ الْعِلْمِ فَلَا تَعْمَلُ شَهَادَتُهُمْ شَيْئًا، وَلَا يَجِبُ أَنْ يُقْضَى بِهَا وَرُوِيَ فِي سَعَةِ الطَّرِيقِ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ وَمَا نَقَصَ مِنْهَا فَهِيَ ضَيِّقَةٌ، وَيَدُلُّ عَلَيْهِ مَا فِي مُسْنَدِ ابْنِ أَبِي شَيْبَةَ أَنَّ رَسُولَ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم قَالَ «الطَّرِيقُ الْمِيتَاءُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ» قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ: وَقَدْ حَضَرَتْ الْفُتْيَا بِذَلِكَ وَذَكَرَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي نَوَادِرِهِ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَقِيلَ: الْوَاسِعَةُ ثَمَانِيَةُ أَشْبَارٍ، وَقِيلَ سَبْعَةٌ انْتَهَى.
، وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَالَ ابْنُ أَبِي حَمْرَاءَ فِي وَثَائِقِهِ: الزُّقَاقُ الْوَاسِعَةُ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ فَأَكْثَرُ، وَالضَّيِّقُ مَا دُونَ ذَلِكَ انْتَهَى.
وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ الْهِنْدِيِّ الْأَخِيرَ أَعْنِي قَوْلَهُ، وَقَدْ: حَضَرْت الْفُتْيَا بِذَلِكَ وَذَكَرَ كَلَامَ الشَّيْخِ أَبِي مُحَمَّدٍ ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُ حَدِيثُ سَبْعَةِ أَذْرُعٍ إنَّمَا ذَكَرَهُ عَبْدُ الْحَقِّ مِنْ مُصَنَّفِ عَبْدِ الرَّزَّاقِ، وَقَالَ: فِي سَنَدِهِ جَابِرٌ الْجُعْفِيُّ وَلَمْ يَزِدْ، وَقَالَ الْمِزِّيُّ فِي رِجَالِ الْكُتُبِ السِّتَّةِ هُوَ مِنْ أَكْبَرِ عُلَمَاءِ الشِّيعَةِ وَثَّقَهُ شُعْبَةُ وَتَرَكَهُ جَمَاعَةٌ وَرَوَى عَنْهُ شُعْبَةُ، وَالسُّفْيَانَانِ انْتَهَى. (قُلْت:) قَالَ شَيْخُ شُيُوخِنَا الْحَافِظُ ابْنُ حَجَرٍ فِي تَقْرِيبِهِ جَابِرُ بْنُ يَزِيدَ بْنِ الْحَارِثِ الْجُعْفِيُّ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْكُوفِيُّ ضَعِيفٌ رَافِضِيٌّ مِنْ الْخَامِسَةِ مَاتَ سَنَةَ سَبْعٍ وَعِشْرِينَ وَمِائَةٍ وَقِيلَ سَنَةَ اثْنَيْنِ وَثَلَاثِينَ أَخْرَجَ لَهُ أَبُو دَاوُد، وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ وَفِي صَحِيحِ الْبُخَارِيِّ فِي كِتَابِ الْمَظَالِمِ إذَا اخْتَلَفُوا فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ وَهِيَ الرَّحْبَةُ تَكُونُ بَيْنَ الطَّرِيقَيْنِ ثُمَّ يُرِيدُ أَهْلُهَا الْبُنْيَانَ فَيُتْرَكُ مِنْهَا لِلطَّرِيقِ سَبْعَةُ أَذْرُعٍ قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي هُوَ مُصَيَّرٌ مِنْهُ يَعْنِي مِنْ الْبُخَارِيِّ إلَى اخْتِصَاصِ الْحُكْمِ بِالصُّورَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا، وَقَدْ وَافَقَهُ الطَّحَاوِيُّ عَلَى ذَلِكَ فَقَالَ: لَمْ نَجِدْ لِهَذَا الْحَدِيثِ مَعْنًى أَوْلَى مِنْ حَمْلِهِ عَلَى الطَّرِيقِ الَّتِي يُرَادُ ابْتِدَاؤُهَا إذَا اخْتَلَفَ مَنْ يُرِيدُ ابْتِدَاءَهَا فِي قَدْرِهَا كَبَلَدٍ يَفْتَحُهُ الْمُسْلِمُونَ وَلَيْسَ فِيهَا طَرِيقٌ مَسْلُوكٌ، وَكَمَوَاتٍ يَقْطَعُهُ الْإِمَامُ لِمَنْ يُحْيِيهِ إذَا أَرَادَ أَنْ يَجْعَلَ فِيهَا طَرِيقًا لِلْمَارَّةِ، وَقَالَ غَيْرُهُ: مُرَادُ الْحَدِيثِ أَنَّ أَهْلَ الطَّرِيقِ إذَا تَرَاضَوْا عَلَى شَيْءٍ كَانَ ذَلِكَ لَهُمْ، وَإِنْ اخْتَلَفُوا جُعِلَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ انْتَهَى.
ثُمَّ ذَكَرَ الْبُخَارِيُّ مِنْ حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ رضي الله عنه «قَضَى النَّبِيُّ صلى الله عليه وسلم إذَا تَشَاجَرُوا فِي الطَّرِيقِ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ» قَالَ فِي فَتْحِ الْبَارِي قَوْلُهُ تَشَاجَرُوا تَفَاعَلُوا مِنْ الْمُشَاجَرَةِ بِالْمُعْجَمَةِ وَالْجِيمِ أَيْ تَنَازَعُوا وَلِلْإِسْمَاعِيلِيِّ: إذَا اخْتَلَفَ النَّاسُ فِي الطَّرِيقِ وَلِمُسْلِمٍ إذَا اخْتَلَفْتُمْ، وَأَخْرَجَهُ أَبُو عَوَانَةَ فِي صَحِيحِهِ وَأَبُو دَاوُد وَالتِّرْمِذِيُّ وَابْنُ مَاجَهْ بِلَفْظِ «إذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ فَاجْعَلُوهُ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ» وَزَادَ الْمُسْتَمْلِي فِي رِوَايَتِهِ الْمِيتَاءَ وَلَمْ يُتَابَعْ عَلَيْهِ وَلَيْسَتْ مَحْفُوظَةً فِي حَدِيثِ أَبِي هُرَيْرَةَ، وَإِنَّمَا ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ يَعْنِي الْبُخَارِيَّ فِي التَّرْجَمَةِ مُشِيرًا بِهَا إلَى مَا وَرَدَ فِي بَعْضِ طُرُقِ الْحَدِيثِ كَعَادَتِهِ، وَذَلِكَ فِيمَا أَخْرَجَهُ عَبْدُ الرَّزَّاقِ عَنْ ابْنِ عَبَّاسٍ عَنْ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم «إذَا اخْتَلَفْتُمْ فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ فَاجْعَلُوهَا سَبْعَةَ أَذْرُعٍ» وَرَوَى عَبْدُ اللَّهِ بْنُ مُحَمَّدٍ فِي زِيَادَاتِ الْمُسْنَدِ وَالطَّبَرِيُّ مِنْ حَدِيثِ عُبَادَةَ بْنِ الصَّامِتِ: " قَضَى
رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الطَّرِيقِ الْمِيتَاءِ " فَذُكِرَ فِي أَثْنَاءِ حَدِيثٍ طَوِيلٍ، وَلِابْنِ عَدِيٍّ مِنْ حَدِيثِ أَنَسٍ: " قَضَى رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم فِي الْأَرْضِ الْمِيتَاءِ الَّتِي تُؤْتَى مِنْ كُلِّ مَكَان " فَذَكَرَهُ وَفِي كُلٍّ مِنْ الْأَسَانِيدِ الثَّلَاثَةِ مَقَالٌ وَقَوْلُهُ: سَبْعَةَ أَذْرُعٍ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّ الْمُرَادَ بِالذِّرَاعِ قَدْرُ ذِرَاعِ الْآدَمِيِّ فَيُعْتَبَرُ ذَلِكَ بِالْمُعْتَدِلِ وَقِيلَ ذِرَاعُ الْبُنْيَانِ الْمُتَعَارَفِ انْتَهَى. وَالْمُسْتَمْلِي أَحَدُ رُوَاةِ الْبُخَارِيِّ
(قُلْت:) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ فِي أَثْنَاءِ الْكَلَامِ عَلَى مَسْأَلَةِ السَّابَاطِ: وَإِذَا اخْتَلَفَ الْبَانِيَانِ الْمُتَقَابِلَانِ فِي الْفَحْصِ فِيمَا يُجْعَلُ لِلطَّرِيقِ، أَوْ تَشَاحَّا فَأَرَادَ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا أَنْ يُقَرِّبَ جِدَارَهُ مِنْ جِدَارِ صَاحِبِهِ جَعَلَا الطَّرِيقَ سَبْعَةَ أَذْرُعٍ بِالذِّرَاعِ الْمَعْرُوفَةِ بِذِرَاعِ الْبُنْيَانِ فَإِذَا بَنَى كُلُّ وَاحِدٍ مِنْهُمَا فِيمَا بَنَى مِيزَابًا لِلْمَطَرِ عَلَى الطَّرِيقِ لَمْ يُمْنَعْ انْتَهَى.
(الْحَادِيَ عَشَرَ) تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ إثْبَاتُ التَّاءِ فِي سَبْعَةِ أَذْرُعٍ وَفِي كَلَامِ بَعْضِهِمْ حَذْفُهَا؛ لِأَنَّ الذِّرَاعَ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ قَالَ فِي الصِّحَاحِ: ذِرَاعُ الْيَدِ يُذَكَّرُ وَيُؤَنَّثُ.
(الثَّانِيَ عَشَرَ) قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إذَا كَانَتْ دَارٌ لِرَجُلَيْنِ، وَلِأَحَدِهِمَا دَارٌ تُلَاصِقُهَا فَأَرَادَ أَنْ يَفْتَحَ فِي الْمُشْتَرَكَةِ بَابًا يَدْخُلُ مِنْهُ إلَى دَارِهِ فَلِلشَّرِيكِ مَنْعُهُ لِشَرِكَتِهِ مَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْفَتْحِ فَإِنْ قَسَمَا فَقَالَ اجْعَلُوا نَصِيبِي إلَى جَنْبِ دَارِي حَتَّى أَفْتَحَ فِيهَا بَابًا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ وَقُسِّمَتْ الدَّارُ بِالْقِيمَةِ فَحَيْثُ وَقَعَ سَهْمُهُ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ فِي النَّاحِيَةِ الْأُخْرَى، وَإِنْ قَسَّمَا هَذِهِ الدَّارَ فَاشْتَرَى أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ رَجُلٌ يُلَاصِقُ دَارِهِ فَفَتَحَ إلَى النَّصِيبِ مِنْ دَارِهِ بَابًا وَجَعَلَ يَمُرُّ مِنْ دَارِهِ إلَى طَرِيقِ هَذَا النَّصِيبِ هُوَ وَمَنْ اكْتَرَى مِنْهُ، أَوْ سَكَنَ مَعَهُ فَذَلِكَ لَهُ إنْ أَرَادَ ارْتِفَاقًا، وَلَا يُمْنَعُ إلَّا أَنْ يَجْعَلَ ذَلِكَ كَسِكَّةٍ نَافِذَةٍ لِمَمَرِّ النَّاسِ يَدْخُلُونَ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَيَخْرُجُونَ كَالزُّقَاقِ فَلَيْسَ ذَلِكَ لَهُ انْتَهَى.
قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ فَلِلشَّرِيكِ مَنْعُهُ لِشَرِكَتِهِ مَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْفَتْحِ مَفْهُومُهُ لَوْ لَمْ يَكُنْ مَعَهُ فِيهِ شَرِيكٌ لَكَانَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ قَالَ مُحَمَّدٌ لَوْ فَتَحَ فِي حَائِطِ نَفْسِهِ لِيَدْخُلَ مِنْهُ فِي دَارِ الشَّرِكَةِ لَمْ أَرَ بِهِ بَأْسًا، وَكَانَ ذَلِكَ لَهُ انْتَهَى.
وَنَقَلَ ابْنُ يُونُسَ أَيْضًا كَلَامَ مُحَمَّدٍ وَقَبِلَهُ، وَقَالَ أَبُو إِسْحَاقَ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ كَلَامَ مُحَمَّدٍ فِي هَذَا نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ يُحْدِثُ عَلَى دَارِ الشَّرِكَةِ بَابًا مِنْ دَارِهِ فَقَدْ يَطُولُ الْأَمْرُ فَيَظُنُّ أَنَّ فَتْحَ الْبَابِ حَقٌّ عَلَى دَارِ الشَّرِكَةِ وَذَلِكَ يَحُطُّ مِنْ ثَمَنِهَا إذَا كَانَ عَلَيْهَا حَقُّ فَتْحِ بَابٍ مِنْ دَارٍ أُخْرَى انْتَهَى.
(قُلْت:) مَا قَالَهُ أَبُو إِسْحَاقَ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ وَالظَّاهِرُ إبْقَاءُ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى إطْلَاقِهِ، وَأَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَفْتَحَ بَابًا لِشَرِكَتِهِ مَعَهُ فِي مَوْضِعِ الْفَتْحِ مِنْ الْأَرْضِ، وَلَوْ كَانَ الْجِدَارُ لَهُ، فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ وَقُسِّمَتْ الدَّارُ بِالْقِيمَةِ فَحَيْثُ وَقَعَ سَهْمُهُ أَخَذَهُ زَادَ ابْنُ يُونُسَ: فَإِنْ وَقَعَ بِجَنْبِ دَارِهِ فَتَحَ فِيهِ بَابًا إنْ شَاءَ ثُمَّ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ فَاشْتَرَى أَحَدَ النَّصِيبَيْنِ رَجُلٌ يُلَاصِقُ دَارِهِ فَذَلِكَ لَهُ إنْ أَرَادَ ارْتِفَاقًا قَالَ أَبُو إِسْحَاقَ مَا لَمْ يُغْلِقْ بَابَ الدَّارِ الْأُخْرَى فَلَا يَكُونُ لَهُ ذَلِكَ انْتَهَى.
(قُلْت:) لَفْظُ أَبِي إِسْحَاقَ إنَّمَا أَرَادَ بِهِ إذَا أَحْدَثَ بَابًا يَخْرُجُ مِنْهُ إلَى بَابِ دَارِهِ فَقَدْ خَفَّفَ عَنْ صَاحِبِ النَّصِيبِ الْآخَرِ بَعْضَ الْمُرُورِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ كَانَ لَهُ سُكْنَى النَّصِيبِ الَّذِي صَارَ لَهُ بِالْقِسْمَةِ بِأَهْلِهِ ثُمَّ يَمُرُّ مِنْهُ عَلَى نَصِيبِ صَاحِبِهِ فَصَارَ يَمُرُّ عَلَيْهِ تَارَةً وَتَارَةً يَخْرُجُ مِنْ بَابِ دَارِهِ فَذَلِكَ أَخَفُّ عَلَى صَاحِبِهِ وَأَمَّا لَوْ عَطَّلَ الْخُرُوجَ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَجَعَلَ عِيَالَهُ وَحَشَمَهُ الَّذِينَ فِي الدَّارَيْنِ جَمِيعًا يَمُرُّونَ مِنْ هَذَا الْبَابِ الَّذِي عَلَى شَرِيكِهِ لَكَانَ لِشَرِيكِهِ فِي ذَلِكَ مُتَكَلَّمٌ؛ لِأَنَّ ضَرَرَ عِيَالِ دَارٍ وَاحِدَةٍ لَيْسَ مِثْلَ ضَرَرِ دَارَيْنِ إذَا قَطَعَ الْمَمَرَّ مِنْ بَابِ دَارِهِ وَيَصِيرُ شَبِيهًا بِمَا مُنِعَ مِنْهُ مِنْ السِّكَّةِ النَّافِذَةِ انْتَهَى. وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ.
(الثَّالِثَ عَشَرَ) فِيمَنْ فِي أَرْضِهِ طَرِيقٌ فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَهَا إلَى مَوْضِعٍ مِنْهَا أَرْفَقُ بِهِ وَبِأَهْلِ الطَّرِيقِ فَلَيْسَ لَهُ ذَلِكَ قَالَ فِي الْوَاضِحَةِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فِي تَرْجَمَةِ الْقَضَاءِ فِي الطَّرِيقِ يَشُقُّ أَرْضَ رَجُلٍ سُئِلَ ابْنُ الْقَاسِمِ عَنْ رَجُلٍ يَكُونُ لَهُ الْأَرْضُ الْبَيْضَاءُ وَالطَّرِيقُ يَشُقُّهَا فَأَرَادَ أَنْ يُحَوِّلَ الطَّرِيقَ عَنْ مَوْضِعِهِ إلَى مَوْضِعٍ آخَرَ مِنْ أَرْضِهِ هُوَ أَرْفَقُ بِهِ وَبِأَهْلِ الطَّرِيقِ فَقَالَ لَيْسَ
ذَلِكَ لَهُ، وَلَا لِأَحَدٍ أَنْ يُحَوِّلَ طَرِيقًا عَنْ مَوْضِعِهَا إلَى مَا هُوَ دُونَهَا، وَلَا إلَى مَا فَوْقَهَا، وَإِنْ كَانَ مِثْلَ الطَّرِيقِ الْأَوَّلِ فِي السُّهُولَةِ وَأَسْهَلَ مِنْهُ، وَإِنْ أَضَرَّ ذَلِكَ بِهِ؛ لِأَنَّهُ عَلَى ذَلِكَ اشْتَرَى، أَوْ وَرِثَ، أَوْ وُهِبَ لَهُ، وَإِنْ رَضِيَ لَهُ بِذَلِكَ مَنْ جَاوَرَهُ مِنْ أَهْلِ الْقُرَى إذَا كَانَ ذَلِكَ طَرِيقَ عَامَّةٍ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ حَقٌّ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ فَلَا يَجُوزُ فِيهِ إذْنُ بَعْضِهِمْ إلَّا أَنْ يَكُونَ ذَلِكَ طَرِيقَ قَوْمٍ بِأَعْيَانِهِمْ فَيَأْذَنُونَ لَهُ فَيَجُوزُ ذَلِكَ، وَقَالَ لِي ابْنُ الْمَاجِشُونِ أَرَى أَنْ يُرْفَعَ أَمْرُ تِلْكَ الطَّرِيقِ إلَى الْإِمَامِ فَيَكْشِفُ عَنْ حَالِهَا فَإِنْ رَأَى تَحْوِيلَهَا عَنْ حَالِهَا مَنْفَعَةً لِلْعَامَّةِ وَلِمَنْ جَاوَرَهَا وَحَوَّلَهَا فِي مِثْلِ سُهُولَتِهَا، أَوْ أَسْهَلَ وَفِي مِثْلِ قُرْبِهَا، أَوْ أَقْرَبَ فَأَرَى أَنْ يَأْذَنَ لَهُ بِذَلِكَ، وَإِنْ رَأَى فِي ذَلِكَ مَضَرَّةً بِأَحَدٍ مِمَّنْ جَاوَرَهَا، أَوْ بِأَبْنَاءِ السَّبِيلِ، وَعَامَّةِ الْمُسْلِمِينَ مَنَعَهُ مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ هُوَ فَعَلَ ذَلِكَ فَحَوَّلَ الطَّرِيقَ دُونَ رَأْيِ الْإِمَامِ وَإِذْنِهِ نَظَرَ الْإِمَامُ فِي ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ صَوَابًا أَمْضَاهُ، وَإِنْ كَانَ غَيْرَ ذَلِكَ رَدَّهُ؛ لِأَنَّ الْإِمَامَ هُوَ النَّاظِرُ لِجَمِيعِ الْمُسْلِمِينَ وَهُوَ مَكَانُهُمْ فِي ذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ نَافِعٍ مِثْلَهُ أَيْضًا، وَهَذَا أَحَبُّ إلَيَّ وَبِهِ أَقُولُ انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فِي الْمَرَافِقِ وَابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي الْمُنْتَخَبِ وَابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ.
(الرَّابِعَ عَشَرَ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي الْمُنْتَخَبِ: قَالَ سَحْنُونٌ: قُلْت لَهُ: فَلَوْ أَنَّ دَارًا فِي جَوْفِ دَارٍ، الدَّاخِلَةُ لِقَوْمٍ وَالْخَارِجَةُ لِغَيْرِهِمْ وَمَمَرُّ الدَّاخِلَةِ عَلَى الْخَارِجَةِ فَأَرَادَ أَهْلُ الْخَارِجَةِ أَنْ يُحَوِّلُوا بَابَ دَارِهِمْ فِي مَوْضِعٍ غَيْرِ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ فَقَالَ: إنْ كَانُوا أَرَادُوا أَنْ يُحَوِّلُوهُ إلَى جَنْبِ الْبَابِ الْقَدِيمِ، وَلَا ضَرَرَ فِيهِ عَلَى أَهْلِ الدَّارِ الدَّاخِلَةِ، فَمَنَعَهُمْ أَهْلُ الدَّاخِلَةِ رَأَيْت أَنْ لَا يُمْنَعُوا مِنْ ذَلِكَ، وَإِنْ أَرَادُوا أَنْ يُحَوِّلُوهُ فِي غَيْرِ قُرْبِ الْمَوْضِعِ الَّذِي كَانَ فِيهِ فَلَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ (قُلْت:) فَإِنْ أَرَادَ أَهْلُ الدَّارِ الْخَارِجَةِ أَنْ يُضَيِّقُوا بَابَ الدَّارِ فَقَالَ لَيْسَ لَهُمْ ذَلِكَ انْتَهَى. وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْقِسْمَةِ.
(الْخَامِسَ عَشَرَ) قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي شَرْحِ الْمُدَوَّنَةِ: وَأَمَّا الزُّقَاقُ غَيْرُ النَّافِذِ الَّذِي فِيهِ أَزِقَّةٌ فَكُلُّ زُقَاقٍ مُسْتَقِلٍّ بِنَفْسِهِ، فَإِنْ أَذِنَ أَهْلُ زُقَاقٍ فِي فَتْحِ بَابٍ بِزُقَاقِهِمْ الْمُسْتَقِلِّ بِهِمْ فَلَيْسَ لِلْبَاقِينَ كَلَامٌ بِذَلِكَ أَفْتَى بَعْضُ شُيُوخِنَا فِي الْقَدِيمِ عَلَى مَا بَلَغَنِي مِمَّنْ يُوثَقُ بِهِ وَبِهِ أَقُولُ انْتَهَى.
وَقَاعِدَتُهُ أَنَّهُ إذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يُشِيرُ بِهِ إلَى ابْنِ عَرَفَةَ، وَانْظُرْ هَذَا مَعَ مَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ فِي كِتَابِ ابْنِهِ أَنَّ حَبِيبًا سَأَلَ سَحْنُونًا عَنْ دَرْبٍ كَبِيرٍ غَيْرِ نَافِذٍ فِيهِ زَابِعَةٌ فِي نَاحِيَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ وَلِرَجُلٍ فِي أَقْصَاهَا بَابٌ فَأَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَهُ إلَى طَرَفِ الزَّابِعَةِ فَمَنَعَهُمْ أَهْلُ الدَّرْبِ قَالَ: لَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ، وَلَا يُحَرِّكُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ إلَّا بِرِضَا أَهْلِ الدَّرْبِ، وَقَالَ نَحْوَهُ يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى فِي الدَّرْبِ الَّذِي لَا يَنْفُذُ، وَالزَّوَابِعُ وَكُلُّ مُشْتَرَكٍ مَنَافِعُهُ بَيْنَ سَاكِنِيهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا فِي ظَاهِرِ الزُّقَاقِ، وَلَا بَاطِنِهِ حَدَثًا إلَّا بِاجْتِمَاعِ أَهْلِهِ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: هَذَا خِلَافٌ لِمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ أَصْوَبُ وَهُوَ قَوْلُ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ، وَهَذَا بِخِلَافِ الدَّارِ الْمُشْتَرَكَةِ الْمُشَاعَةِ لَا يَتَمَيَّزُ حَظُّ أَحَدِهِمْ عَنْ صَاحِبِهِ فَمَا يُفْتَحُ بِهِ مُشْتَرَكٌ لَا يَجُوزُ إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ وَالدُّورُ فِي الزَّوَابِعِ وَالدُّرُوبِ الْغَيْرِ النَّافِذَةِ مُتَمَيِّزَةٌ فَلِكُلِّ وَاحِدٍ أَنْ يَصْنَعَ فِي مِلْكِهِ مَا يَضُرُّ بِجَارِهِ لِقَوْلِهِ صلى الله عليه وسلم:«لَا ضَرَرَ وَلَا ضِرَارَ» انْتَهَى.
وَكَأَنَّهُ يَعْنِي بِالزَّابِعَةِ الزُّقَاقَ وَلَمْ أَقِفْ عَلَى ذَلِكَ فِي اللُّغَةِ إلَّا أَنَّ كَلَامَ ابْنِ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ يُرْشِدُ لِذَلِكَ وَنَصُّهُ: قَالَ سَحْنُونٌ فِي كِتَابِ ابْنِهِ: الدَّرْبُ الْكَبِيرُ غَيْرُ النَّافِذِ مِثْلُ الزَّنْقَةِ غَيْرِ النَّافِذَةِ فَإِنْ كَانَ فِي الدَّرْبِ الْكَبِيرِ زَنْقَةٌ فِي نَاحِيَةٍ مِنْهُ غَيْرُ نَافِذَةٍ، وَلِرَجُلٍ فِي أَقْصَاهَا بَابٌ فَأَرَادَ أَنْ يُقَدِّمَهُ إلَى طَرَفِ الزَّنْقَةِ قَالَ لِأَهْلِ الدَّرْبِ أَنْ يَمْنَعُوهُ، وَلَا يُحَرِّكُهُ عَنْ مَوْضِعِهِ إلَّا بِرِضَا جَمِيعِ أَهْلِ الدَّرْبِ فَمَا ذَكَرَهُ سَحْنُونٌ، وَإِنْ كَانَ مُخَالِفًا لِلْمَشْهُورِ فِي مَنْعِ فَتْحِ الْبَابِ إلَّا بِرِضَا جَمِيعِ أَهْلِ السِّكَّةِ لَكِنَّهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّ أَهْلَ الدَّرْبِ لَهُمْ الْمَنْعُ، وَلَوْ رَضِيَ أَهْلُ الزَّنْقَةِ وَهُوَ خِلَافُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي، فَتَأَمَّلْهُ وَسَيَأْتِي فِي الْقَوْلَةِ الَّتِي بَعْدَ هَذِهِ عَنْ الْوَقَارِ مَا يُوَافِقُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي عَنْ بَعْضِ شُيُوخِهِ.
(السَّادِسَ عَشَرَ) قَالَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الضَّرَرِ: سِكَّةٌ غَيْرُ نَافِذَةٍ
لِرَجُلٍ فِيهَا دَارٌ نَقْضُهَا لَهُ وَقَاعَتُهَا لِغَيْرِهِ فَأَرَادَ أَهْلُ السِّكَّةِ أَنْ يُقِيمُوا فِيهَا سِرْبًا فَمَنَعَهُمْ صَاحِبُ النَّقْضِ فَلَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَ ذَلِكَ يَعِيبُ الْمَوْضِعَ، وَلِصَاحِبِ الْقَاعَةِ ذَلِكَ أَيْضًا انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(السَّابِعَ عَشَرَ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَسَدُّ كَوَّةٍ فُتِحَتْ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ وَالْمَشَذَّالِيِّ أَنَّهُ إذَا حُكِمَ بِسَدِّ بَابٍ فُتِحَ لِغَيْرِ وَجْهٍ شَرْعِيٍّ أَنْ تُقْلَعَ الْعَتَبَاتُ، وَالْعَضَائِدُ حَتَّى لَا يَبْقَى هُنَاكَ أَثَرُ بَابٍ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي تَبْصِرَتِهِ وَنَصُّهُ تَنْبِيهٌ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ قَالَ ابْنُ زَرْبٍ: وَإِذَا سُدَّ بَابٌ لِلضَّرَرِ فَلَا يَكُونُ سَدُّهُ بِغَلْقِهِ، وَتَسْمِيرِهِ وَلَكِنْ يُنْزَعُ الْبَابُ، وَعَضَائِدُهُ وَعَتَبَتُهُ وَتُغَيَّرُ آثَارُهُ؛ لِأَنَّهُ إذَا بَقِيَ عَلَى حَالِهِ وَسُدَّ بِالطُّوبِ، وَبَقِيَتْ الْعَضَائِدُ، وَالْعَتَبَةُ كَانَ فِي ذَلِكَ ضَرَرٌ عَلَى مَنْ أُحْدِثَ عَلَيْهِ وَبِهَذَا قَالَ سَائِرُ الْفُقَهَاءِ بِقُرْطُبَةَ، وَغَيْرِهَا؛ لِأَنَّهُ إذَا تَقَادَمَ الزَّمَانُ يَكُونُ لَهُ شَاهِدًا وَحُجَّةً وَلَعَلَّهُ يَقُولُ إنَّمَا سَدَدْته لِأَفْتَحَهُ مَتَى شِئْت فَلِذَلِكَ أَلْزَمُوهُ بِتَغَيُّرِ مَعَالِمِهِ وَرُسُومِهِ حَتَّى لَا يَبْقَى لَهُ أَثَرٌ انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَرَوْشَنٌ وَسَابَاطٌ لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ بِسِكَّةٍ نَفَذَتْ)
ش: قَوْلُهُ: لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ رَاجِعٌ إلَى السَّابَاطِ وَحْدَهُ لَا إلَى الرَّوْشَنِ، وَقَالَ فِي الْجَوَاهِرِ: يَجُوزُ إخْرَاجُ الْعَسَاكِرِ، وَالرَّوَاشِنِ، وَالْأَجْنِحَةِ عَلَى الْحِيطَانِ إلَى طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ ثُمَّ ذَكَرَ مَسَائِلَ السَّابَاطِ، وَقَالَ الْبِسَاطِيُّ يَعْنِي أَنَّهُ يَجُوزُ لِمَنْ لَهُ دَارٌ مُجَاوِرَةٌ لِسِكَّةٍ نَافِذَةٍ أَنْ يُخْرِجَ فِي أَعْلَى الْحَائِطِ خَشَبًا وَيُسَقِّفَهَا، وَيَبْنِيَ عَلَيْهَا مَتَى شَاءَ إذَا رَفَعَ ذَلِكَ عَنْ رُءُوسِ الْمَارَّةِ رَفْعًا بَيِّنًا وَهُوَ الَّذِي عَنَى بِالرَّوْشَنِ، وَيَجُوزُ لِمَنْ لَهُ دَارَانِ الطَّرِيقُ الْمَذْكُورَةُ بَيْنَهُمَا أَنْ يُلْقِيَ عَلَى حَائِطِهِ خَشَبًا كَذَلِكَ وَهُوَ الَّذِي عَنَى بِالسَّابَاطِ فَقَوْلُهُ: لِمَنْ لَهُ الْجَانِبَانِ مُتَعَلِّقٌ بِالسَّابَاطِ عَلَى مَا لَا يَخْفَى انْتَهَى.
وَقَوْلُهُ نَفَذَتْ مَفْهُومُهُ أَنَّهَا إنْ لَمْ تَنْفُذْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ إلَّا بِإِذْنِ الْبَاقِينَ وَهُوَ كَذَلِكَ، وَقَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَصْلُ التَّفْصِيلِ بَيْنَ النَّافِذَةِ، وَغَيْرِهَا لِأَبِي عُمَرَ فِي كَافِيهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْمُتَيْطِيُّ وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَقَبِلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَابْنُ هَارُونَ وَالْمُصَنِّفُ وَأَمَّا ابْنُ عَرَفَةَ فَقَالَ لَا أَعْرِفُهُ لِأَقْدَمَ مِنْ أَبِي عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْبَرِّ وَظَاهِرُ سَمَاعِ أَصْبَغَ ابْنَ الْقَاسِمِ فِي الْأَقْضِيَةِ خِلَافُهُ، وَلَمْ يُقَيِّدْهُ ابْنُ رُشْدٍ بِالطَّرِيقِ النَّافِذَةِ، فَتَأَمَّلْهُ انْتَهَى.
كَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ لَمْ أَجِدْهَا فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ بَلْ فِي نَوَازِلِ سَحْنُونٍ انْتَهَى.
قُلْت: ذَكَرَهُ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْقَضَاءِ فِي الْكَلَإِ وَالْآبَارِ وَالْأَوْدِيَةِ فِي آخِرِ تَرْجَمَةِ إحْدَاثِ الْعَسَاكِرِ وَالرَّوَاشِنِ وَنَصُّهُ: قَالَ يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى فِي الدُّرُوبِ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ وَالزَّوَابِعِ الَّتِي لَا تَنْفُذُ: ذَلِكَ كُلُّهُ مُشْتَرَكٌ مَنَافِعُهُ بَيْنَ سَاكِنِيهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا فِي ظَاهِرِ الزُّقَاقِ، وَلَا بَاطِنِهِ حَدَثًا إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ فِي فَتْحِ بَابٍ، أَوْ إخْرَاجِ عَسَاكِرَ، أَوْ حُفْرَةٍ يَحْفِرُهَا وَيَرْدِمُهَا انْتَهَى.
وَنَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ أَيْضًا فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ عَنْ يُوسُفَ بْنِ يَحْيَى، وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ أَيْضًا ابْنُ بَطَّالٍ فِي مُقْنِعِهِ إثْرَ كَلَامِهِ السَّابِقِ فِي التَّنْبِيهِ الْمَذْكُورِ، وَنَصُّهُ: قَالَ يُوسُفُ بْنُ يَحْيَى فِي الدُّرُوبِ الَّتِي لَيْسَتْ بِنَافِذَةٍ وَشِبْهِهَا: إنَّ ذَلِكَ مُشْتَرَكٌ مَنَافِعُهُ بَيْنَ سَاكِنِيهِ لَيْسَ لَهُمْ أَنْ يُحْدِثُوا فِي ظَاهِرِ الزُّقَاقِ، وَلَا بَاطِنِهِ حَدَثًا إلَّا بِاجْتِمَاعِهِمْ فِي فَتْحِ بَابٍ، أَوْ إخْرَاجِ عَسَاكِرَ، أَوْ حُفْرَةٍ يَحْفِرُهَا، أَوْ يُوَارِيهَا انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي مُخْتَصَرِ أَبِي بَكْرٍ الْوَقَارِ وَهُوَ أَقْدَمُ مِنْ أَبِي عُمَرَ فَإِنَّهُ تَفَقَّهَ بِابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَأَصْبَغَ وَنَصُّهُ: وَإِذَا كَانَ الْقَوْمُ فِي زُقَاقٍ غَيْرِ نَافِذٍ وَأَرَادَ بَعْضُهُمْ أَنْ يُشْرِعَ فِي الزُّقَاقِ بَابًا، أَوْ سَقِيفَةً، أَوْ عَسْكَرًا فَلَهُمْ أَنْ يَمْنَعُوهُ مِنْ ذَلِكَ، فَإِنْ أَذِنَ بَعْضُهُمْ، وَأَبَى بَعْضٌ فَإِنْ كَانَ مَنْ أَذِنَ لَهُ هُمْ آخِرُ الزُّقَاقِ وَمَمَرُّهُمْ إلَى مَنَازِلِهِمْ عَلَى الْمَوْضِعِ الَّذِي يُرِيدُ أَنْ يُحْدِثَ فِيهِ مَا يُحْدِثُ، فَإِذْنُهُمْ جَازَ، وَلَا حَقَّ لِمَنْ لَيْسَ لَهُ عَلَيْهِ مَمَرٌّ فِي شَيْءٍ مِمَّا يُرِيدُ أَنْ يُحْدِثَهُ، وَإِنْ كَانَتْ الدَّارُ بِطَرِيقٍ مَسْلُوكَةٍ فِي حَظٍّ لِلْمَارَّةِ نَافِذٍ فَلَيْسَ لِأَحَدٍ أَنْ يَمْنَعَهُ مِنْ بَابٍ يُشْرِعُهُ، وَلَا مِنْ قَنَاةِ كَنِيفٍ يُنْشِئُهَا إذَا كَانَ بِئْرُهَا
مُغَيَّبَةً فِي حَائِطِهِ، وَلَا مِنْ سَقِيفَةٍ يُعَلِّيهَا إذَا كَانَتْ غَيْرَ مُضِرَّةٍ بِمَا يَمُرُّ تَحْتَهَا مِنْ مَحْمَلٍ عَلَيْهِ قُبَّةٌ وَنَحْوُهَا، وَلَا مِنْ عَسْكَرٍ يُشْرِعُهُ إذَا أَعْلَاهُ وَلَمْ يَنَلْ الْمَارَّةَ مِنْهُ أَذًى، وَإِنْ كَانَ لَهُ جَارٌ مُحَاذِيهِ وَشَاحَّهُ فِي الْعَسْكَرِ قُسِّمَ مَا بَيْنَهُمَا مِنْ الْهَوَاءِ بَيْنَهُمَا نِصْفَيْنِ انْتَهَى.
وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ عَنْ صَاحِبِ الْكَافِي نَحْوَ مَا ذَكَرَهُ الْوَقَارُ وَمَا ذَكَرَهُ ظَاهِرٌ إلَّا قَوْلَهُ فِي الْبَابِ إذَا أَرَادَ فَتْحَهُ فِي الزُّقَاقِ غَيْرِ النَّافِذِ، فَإِنَّهُ مُخَالِفٌ لِلْقَوْلِ الَّذِي مَشَى عَلَيْهِ الْمُصَنِّفُ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَ مُنَكَّبًا فَلَيْسَ لَهُمْ مَنْعُهُ وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ فِيمَا إذَا أَذِنَ لَهُ بَعْضُ أَهْلِ الزُّقَاقِ فَيُوَافِقُ مَا قَالَهُ ابْنُ نَاجِي فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ الْقَوْلَةِ الَّتِي قَبْلَ هَذِهِ، وَمُخَالِفٌ لِمَا نَقَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ سَحْنُونٍ، فَتَأَمَّلْهُ فَقَدْ وُجِدَ النَّصُّ لِأَقْدَمَ مِنْ أَبِي عُمَرَ عَلَى أَنَّ ذِكْرَ أَبِي عُمَرَ لِذَلِكَ وَقَبُولَ الْجَمَاعَةِ الْمَذْكُورِينَ لَهُ كَافٍ فِي الِاعْتِمَادِ عَلَيْهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ (فَرْعٌ) لَوْ سَقَطَ الرَّوْشَنُ، أَوْ السَّابَاطُ عَلَى أَحَدٍ فَمَاتَ فَلَا شَيْءَ عَلَى مَنْ بَنَاهُ قَالَ فِي النَّوَادِرِ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ: قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: قَالَ مَالِكٌ: لَا بَأْسَ بِإِخْرَاجِ الْعَسَاكِرِ، وَالْأَجْنِحَةِ عَلَى الْحِيطَانِ إلَى طُرُقِ الْمُسْلِمِينَ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: وَهِيَ تُعْمَلُ بِالْمَدِينَةِ فَلَا يُنْكِرُونَهَا، وَاشْتَرَى مَالِكٌ دَارًا لَهَا عَسْكَرٌ قَالَ مَالِكٌ فِي جَنَاحٍ خَارِجٍ فِي الطَّرِيقِ فَسَقَطَ عَلَى رَجُلٍ فَمَاتَ فَقَالَ مَالِكٌ: لَا شَيْءَ عَلَى مَنْ بَنَاهُ قِيلَ فَأَهْلُ الْعِرَاقِ يُضَمِّنُونَهُ قَالُوا: لِأَنَّهُ جَعَلَهُ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ فَأَنْكَرَ قَوْلَهُمْ قَالَ: وَمَنْ أَخْرَجَ جَنَاحًا أَسْفَلَ الْجِدَارِ حَيْثُ يَضُرُّ بِأَهْلِ الطَّرِيقِ مُنِعَ مِنْ ذَلِكَ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي أَوَاخِرِ الْمُنْتَخَبِ فِي أَوَاخِرِ الدِّيَاتِ نَاقِلًا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ: قَالَ مَالِكٌ مَنْ حَفَرَ شَيْئًا فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ، أَوْ فِي دَارِهِ مِمَّا يَجُوزُ لَهُ حَفْرُهُ فَعَطِبَ فِيهِ إنْسَانٌ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ (قُلْت:) وَمَا الَّذِي يَجُوزُ أَنْ يَحْفِرُهُ فِي طَرِيقِ الْمُسْلِمِينَ؟ قَالَ: مِثْلُ بِئْرِ الْمَطَرِ، وَالْمِرْحَاضِ يَحْفِرُهُ إلَى جَنْبِ حَائِطِهِ هَذَا، وَمَا أَشْبَهُهُ انْتَهَى.
، وَذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ فِي أَوَّلِ بَابِ الْجِرَاحِ، وَفِي الْمُنْتَخَبِ لِابْنِ أَبِي زَمَنَيْنِ فِي بَابِ مَا يُحْدَثُ فِي الطُّرُقِ، وَالْأَفْنِيَةِ فِي كِتَابِ ابْنِ حَبِيبٍ قُلْت لِمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ: وَالْكُنُفُ الَّتِي تُتَّخَذُ فِي الطَّرِيقِ يَحْفِرُهَا الرَّجُلُ بِلَصْقِ جِدَارِهِ ثُمَّ يُوَارِيهَا أَلَهُ أَنْ يُمْنَعَ مِنْ ذَلِكَ؟ قَالَ لَا إذَا وَارَاهَا وَغَطَّاهَا وَأَتْقَنَ غِطَاءَهَا وَسَوَّاهَا بِالطَّرِيقِ حَتَّى لَا يَضُرَّ مَكَانُهَا بِأَحَدٍ فَلَا أَرَى أَنْ يُمْنَعَ وَمَا كَانَ مِنْ ذَلِكَ ضَرَرٌ بِأَحَدٍ مُنِعَ مِنْهُ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُقْنِعِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ مُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ مَنْ حَفَرَ بِلَصْقِ جِدَارِهِ كَنِيفًا فَلْيُغَطِّهِ وَيُتْقِنْ غِطَاءَهُ وَيُسَوِّهِ بِأَرْضِ الطَّرِيقِ حَتَّى لَا يَضُرَّ فَإِنْ لَمْ يَفْعَلْ مُنِعَ، وَقَالَهُ أَصْبَغُ انْتَهَى.
وَقَالَ بَعْدَهُ: قَالَ سَحْنُونٌ فِيمَا يُحْدِثُ النَّاسُ مِنْ آبَارِ الْكُنُفِ فِي الْأَفْنِيَةِ فِي الطَّرِيقِ: يَنْبَغِي أَنْ تَكُونَ تَحْتَ الْحِيطَانِ إلَى دَاخِلِ الدَّارِ، وَيُخْرِجُ مِنْهَا إلَى الطَّرِيقِ قَدْرَ مَا يُدْخِلُ فِيهِ الْقُلَّةَ لِلِاسْتِقَاءِ وَيَرَى غَيْرُهُ ذَلِكَ مِنْ الضَّرَرِ الْبَيِّنِ انْتَهَى.
وَقَالَ بَعْدَهُ: قَالَ سَحْنُونٌ فِي زَنْقَةٍ غَيْرِ نَافِذَةٍ فِيهَا أَبْوَابٌ لِقَوْمٍ، وَدُبُرُ دَارِ رَجُلٍ إلَيْهَا، وَلَا بَابَ لَهُ فِيهَا وَبِلَصْقِ دَارِهِ فِي الزَّنْقَةِ كَنِيفٌ مَحْفُورٌ قَدِيمٌ مَطْوِيٌّ وَتَخْرُجُ إلَيْهِ مِنْ دَارِهِ قَنَاةٌ مَبْنِيَّةٌ إلَّا أَنَّهَا لَمْ يَجْرِ فِيهَا شَيْءٌ مُنْذُ زَمَانٍ فَأَرَادَ أَنْ يُجْرِيَ فِيهَا الْعَذِرَةَ إلَى هَذَا الْبِئْرِ فَمَنَعَهُ أَهْلُ الزَّنْقَةِ أَنَّ ذَلِكَ لَيْسَ لَهُمْ إلَّا أَنْ يَدَّعُوا فِي رَقَبَةِ الْبِئْرِ فَيَكْشِفُ عَنْ دَعْوَاهُمْ وَإِلَّا فَالْبِئْرُ لِصَاحِبِ الدَّارِ بِهَذِهِ الرُّسُومِ الظَّاهِرَةِ، وَلَوْ أَنَّ هَذَا مُشْتَرًى مِنْ غَيْرِهِ لَكَانَ مِنْ ذَلِكَ لَهُ مَا كَانَ لِبَائِعِهِ انْتَهَى.
(اسْتِطْرَادٌ) سُئِلْت عَنْ رَجُلَيْنِ كَانَتْ بَيْنَهُمَا دَارٌ مُشْتَرَكَةٌ فَاقْتَسَمَاهَا عَلَى أَنْ أَخَذَ أَحَدُهُمَا الْجَانِبَ الْأَيْسَرَ، وَمَخْزَنًا مِنْ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، وَالدِّهْلِيزَ الَّذِي بَيْنَ الْجَانِبَيْنِ، وَأَخَذَ الْآخَرُ بَقِيَّةَ الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ، وَعُلُوَّ الْمَخْزَنِ الَّذِي فِي الْجَانِبِ الَّذِي أَخَذَهُ صَاحِبُ الْجَانِبِ الْأَيْسَرِ ثُمَّ أَرَادَ صَاحِبُ الْأَيْسَرِ أَنْ يُرَكِّبَ عَلَى جِدَارِ الْمَخْزَنِ الَّذِي لَهُ فِي الْجَانِبِ الْأَيْمَنِ بُسْتَلًّا لِيَبْنِيَ عَلَيْهِ جِدَارًا، وَالْحَالُ أَنَّ ذَلِكَ يَضُرُّ بِبِنَاءِ صَاحِبِ الْعُلُوِّ فَهَلْ لَهُ ذَلِكَ أَمْ لَا فَأَجَبْت بِمَا صُورَتُهُ: الْحَمْدُ لِلَّهِ إذَا أَرَادَ صَاحِبُ الْمَخْزَنِ الْأَسْفَلِ أَنْ يُرَكِّبَ عَلَى جِدَارِ مَخْزَنِهِ