الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
وَقَالَ فِي تَرْجَمَةِ الْحَالِفَةِ: لَتُقَاسِمُنَّ إخْوَتَهَا مِنْ كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِذَا قَسَمَ الْأَبُ عَلَى الصَّغِيرِ مُحَابًى لَمْ تَجُزْ مُحَابَاتُهُ فِي ذَلِكَ وَلَا هِبَتُهُ وَلَا صَدَقَةُ مَالِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ وَيُرَدُّ ذَلِكَ إنْ وُجِدَ بِعَيْنِهِ قَالَ وَتُرَدُّ الصَّدَقَةُ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا فَإِنْ فَاتَ ذَلِكَ عِنْدَ الْمُعْطَى وَتَلِفَ ضَمِنَهُ الْأَبُ إنْ كَانَ مُوسِرًا يَوْمَ يَخْتَصِمُونَ دُونَ الْمُعْطَى وَإِذَا غَرِمَ الْأَبُ فِي مَلَائِهِ لَمْ يَكُنْ لِلْأَبِ وَلَا لِلِابْنِ عَلَى الْأَجْنَبِيِّ شَيْءٌ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ عَدِيمًا رَجَعَ الِابْنُ عَلَى الْمُعْطَى فَإِنْ كَانَا عَدِيمَيْنِ اتَّبَعَ أَوَّلَهُمَا يَسَارًا بِالْقِيمَةِ، وَمَنْ أَدَّى مِنْهُمَا لَمْ يَرْجِعْ عَلَى صَاحِبِهِ وَلَوْ أَيْسَرَ الْأَبُ أَوَّلَهُمَا لَمْ يَكُنْ لِلِابْنِ تَرْكُهُ وَاتِّبَاعُ الْأَجْنَبِيِّ كَمَا لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ فِي مَلَائِهِمَا، وَإِنْ أَعْتَقَ الْأَبُ غُلَامَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ جَازَ ذَلِكَ إنْ كَانَ الْأَبُ مُوسِرًا يَوْمَ الْعِتْقِ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ فِي مَالِهِ، وَإِنْ كَانَ الْأَبُ مُعْسِرًا يَوْمَ أَعْتَقَ لَمْ يَجُزْ عِتْقُهُ وَرُدَّ، قَالَ مَالِكٌ: إلَّا أَنْ يَتَطَاوَلَ زَمَانُ ذَلِكَ وَيَنْكِحَ الْحَرَائِرَ وَتَجُوزُ شَهَادَتُهُ فَلَا يُرَدُّ عِتْقُهُ وَيُتْبَعُ الْأَبُ بِقِيمَتِهِ اهـ. قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ لِمَا يَلْحَقُ فِي نَقْضِ عِتْقِهِ فِي النِّكَاحِ وَالشَّهَادَةِ مِنْ الضَّرَرِ، وَقَالَ فَضْلٌ فِيمَا أَظُنُّ إذَا طَالَ الزَّمَانُ لَا بُدَّ أَنْ يَتَخَلَّلَهُ يُسْرٌ فَيَكُونُ قَدْ وَجَبَتْ عَلَيْهِ الْقِيمَةُ اهـ. قَالَ هُنَا فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ قَوْلُهُ: أَعْتَقَ الْأَبُ. ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْنِ الْمَوَّازِ يُرِيدُ عَنْ نَفْسِهِ لَا عَنْ الصَّبِيِّ وَلَوْ كَانَ عَنْ الصَّبِيِّ لَرُدَّ الْعِتْقُ؛ لِأَنَّهُ أَعْتَقَ مَا لَا يَمْلِكُ عَنْ الْغَيْرِ، وَقَوْلُهُ وَعَلَيْهِ الثَّمَنُ أَطْلَقَ الثَّمَنَ عَلَى الْقِيمَةِ اهـ. وَقَالَ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ: وَوَقْتُ قِيمَتِهِ يَوْمَ أَعْتَقَ، وَقَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَمِنْهُ قَبْلَهُ بِأَسْطُرٍ قَالَ أَبُو مُحَمَّدٍ فِي كِتَابِ الذَّبِّ عَنْ الْمَذْهَبِ.
: الْفَرْقَ بَيْنَ عِتْقِ الْوَالِدِ عَبْدَ ابْنِهِ الصَّغِيرِ عَنْ نَفْسِهِ وَبَيْنَ صَدَقَتِهِ بِمَالِهٍ وَهِبَتِهِ لِلنَّاسِ إنَّ الْعِتْقَ أَدْخَلَ بِهِ الْأَبُ عَلَى نَفْسِهِ تَمْلِيكَ شَيْءٍ يَتَعَجَّلُهُ، وَهُوَ مِلْكُ الْوَلَاءِ، وَإِنْفَاذِهِ الْعِتْقَ عَنْ نَفْسِهِ فَذَلِكَ تَمْلِيكٌ مِنْهُ لِنَفْسِهِ مَالَ وَلَدِهِ وَلَهُ تَمْلِيكُ مَالِ وَلَدِهِ بِالْمُعَاوَضَةِ فَأَجَزْنَا ذَلِكَ وَأَلْزَمْنَاهُ الْقِيمَةَ، وَأَمَّا الْهِبَةُ وَالصَّدَقَةُ فَإِنَّمَا أَخْرَجَ ذَلِكَ لِمَنْ مَلَكَ وَلَدُهُ إلَى مِلْكِ غَيْرِ وَلَدِهِ بِغَيْرِ عِوَضٍ لِوَلَدِهِ وَلَا لِنَفْسِهِ اهـ.
وَذَكَرَهُ أَيْضًا فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ، وَقَالَ فِيهِ بَعْد الشَّيْخِ وَلَوْ قِيلَ فِيهِ إنَّمَا جَازَ الْعِتْقُ وَلَزِمَ لِحُرْمَتِهِ بِخِلَافِ الْهِبَةِ وَالصَّدَقَةِ لَكَانَ ذَلِكَ وَجْهًا اهـ.
[فَرْعٌ أَعْتَقَ عَبْدَ ابْنِهِ الَّذِي هُوَ فِي وِلَايَتِهِ وَحِجْرِهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ يُونُسَ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: وَإِنَّمَا يَلْزَمُهُ الْعِتْقُ إذَا أَعْتَقَ عَبْدَ ابْنِهِ الَّذِي هُوَ فِي وِلَايَتِهِ وَحِجْرِهِ، وَأَمَّا الِابْنُ الْكَبِيرُ الْخَارِجُ مِنْ وِلَايَتِهِ فَلَا يَجُوزُ عِتْقُهُ فِي عَبْدِهِ اهـ.، وَنَقَلَهُ الْقَرَافِيُّ فِي كِفَايَةِ اللَّبِيبِ وَفِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الْمُكَاتَبِ أَيْضًا وَانْظُرْ كَلَامَ اللَّخْمِيِّ فِي الْعِتْقِ وَالْمُثْلَةِ.
[فَرْعٌ حَلَفَ رَجُلٌ بِعِتْقِ عَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْكَبِيرِ وَهُوَ ذُو مَالٍ فَحَنِثَ فِيهِمْ]
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ أَبِي زَمَنِينَ فِي أَوَاخِرِ الْمُنْتَخَبِ قَالَ ابْنُ مُزَيْنٍ قَالَ أَصْبَغُ إنْ حَلَفَ رَجُلٌ بِعِتْقِ عَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ، أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْكَبِيرِ، وَهُوَ ذُو مَالٍ فَحَنِثَ فِيهِمْ أُعْتِقُوا عَلَيْهِ وَضَمِنَ قِيمَتَهُمْ وَسَوَاءٌ حَنِثَ فِيهِمْ، أَوْ نَذَرَ عِتْقَهُمْ اهـ.
ص (وَإِنَّمَا يَحْكُمُ فِي الرُّشْدِ وَضِدِّهِ الْقُضَاةُ)
ش: ضِدُّ الرُّشْدِ السَّفَهُ وَتَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ (فَرْعٌ) قَالَ فِي وَثَائِق الْجَزِيرِيِّ وَلَا يُجَدِّدُ السَّفَهَ عَلَى ابْنِهِ الذَّكَرِ الْبَالِغِ إلَّا فِي فَوْرِ بُلُوغِهِ فَإِنْ تَرَاخَى قَلِيلًا لَمْ يَجُزْ إلَّا بِإِقَامَةِ الشَّهَادَةِ بِاتِّصَالِ سَفَهِهِ، فَإِنْ لَمْ يُقِمْ بَيِّنَةً خَرَجَ مِنْ وِلَايَتِهِ وَلَا يَدْخُلُ تَحْتَ الْوِلَايَةِ إلَّا أَنْ يُثْبِتَ عِنْدَ الْقَاضِي سَفَهَهُ، وَيُعْذَرُ إلَيْهِ فَإِنْ لَمْ يَكُنْ مَدْفَعٌ وَلَّى عَلَيْهِ أَبَاهُ، أَوْ غَيْرَهُ مِمَّنْ يَرَاهُ اهـ.
فَهَذَا يَدُلُّ عَلَى أَنَّ السَّفِيهَ إذَا خَرَجَ مِنْ حَجْرِ وَالِدِهِ، ثُمَّ حَصَلَ لَهُ مُوجِبُ السَّفَهِ لَا يَعُودُ النَّظَرُ لِوَلِيِّهِ بَلْ يَعُودُ لِلْحَاكِمِ وَنَحْوِهِ فِي ابْنِ سَلْمُونٍ قَالَ وَكَذَلِكَ يُقَدَّمُ الْقَاضِي عَلَى مَنْ فَقَدَ عَقْلَهُ مَجْنُونٌ أَوْ غَيْرُ ذَلِكَ، وَعَلَى الشَّيْخِ إذَا أَنْكَرَ عَقْلَهُ عَلَى ذَلِكَ جُمْهُورُ الْعُلَمَاءِ، وَيُقَدَّمُ أَيْضًا عَلَى مَنْ ظَهَرَ سَفَهُهُ، وَإِنْ كَانَ كَبِيرًا، قَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ: وَكَذَلِكَ مَنْ انْطَلَقَ مِنْ الْوِلَايَةِ، ثُمَّ ظَهَرَ مِنْهُ سَفَهٌ فَإِنَّهُ يُقَدَّمُ عَلَيْهِ ثَانِيَةً، وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى الْوَصَايَا وَالْمَحَاجِيرِ نَحْوُ ذَلِكَ وَأَبْسَطُ مِنْهُ، وَقَالَ فِيهِ أَيْضًا فِي الْكَلَامِ عَلَى النِّكَاحِ مَنْ لَا يَمْلِكُ نَفْسَهُ إنَّ حَجْرَ الْأَبِ لَا يَكُونُ إلَّا بِأَحَدِ وَجْهَيْنِ:(الْأَوَّلُ) أَنْ يُسَفِّهَهُ فِي حَالِ
الْحُلُمِ أَوْ قَرِيبٍ مِنْهُ وَيَضْرِبَ عَلَى يَدَيْهِ (وَالْآخَرُ) إذَا غَفَلَ عَنْهُ حَتَّى بَعُدَ عَنْ سِنِّ الِاحْتِلَامِ، وَمَلَكَ أَمْرَ نَفْسِهِ فَلَا يَكُونُ تَسْفِيهُهُ إلَّا عِنْدَ الْإِمَامِ وَكَذَلِكَ لَوْ بَلَغَ رَشِيدًا، ثُمَّ حَدَثَ بِهِ السَّفَهُ فَإِنَّهُ يُثْبِتُهُ عِنْدَ الْقَاضِي وَيُقَدِّمُهُ لِلنَّظَرِ لَهُ إنْ رَأَى ذَلِكَ، وَهُوَ أَحَقُّ بِالتَّقَدُّمِ عَلَيْهِ إذَا كَانَ مِنْ أَهْلِ النَّظَرِ اهـ. وَتَقَدَّمَ فِي كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: إلَى حِفْظِ مَالِ ذِي الْأَبِ لَا يُفْهَمُ مِنْهُ ذَلِكَ.
ص (أَوْ غِبْطَةٌ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ أَوْ: كَثْرَةُ الثَّمَنِ، قَالَ ابْنُ فَتُّوحٍ عَنْ سَحْنُونٍ: وَيَكُونُ مَالُ الْمُبْتَاعِ حَلَالًا طَيِّبًا، وَنَقَلَ عَنْهُ الْمُتَيْطِيُّ إنْ كَانَ مِثْلَ عُمَرَ بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ.
(قُلْت) الْأَخْذُ بِظَاهِرِ هَذَا يُوجِبُ تَعَذُّرَهُ قَالَ عَنْ أَبِي عِمْرَانَ: فَإِنْ عَلِمَ الْوَصِيُّ أَنَّ الْمَالِكَ خَبِيثٌ ضَمِنَ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلِلِابْنِ إلْزَامُهُ ثَمَنًا حَلَالًا، أَوْ تُبَاعُ الدَّارُ عَلَيْهِ فِيهِ وَلَا ضَمَانَ عَلَى الْوَصِيِّ إنْ لَمْ يَعْلَمْ زَادَ فِي هَذَا الْوَجْهِ، وَيَرْجُو أَنْ يُعَوَّضَ مَا هُوَ أَفْيَدُ اهـ.
ص (وَحَجْرٌ عَلَى الرَّقِيقِ إلَّا بِإِذْنٍ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَكَوْنُ الرِّقِّ سَبَبًا فِي الْحَجْرِ يُوجِبُ أَصَالَتَهُ فِي كُلِّ ذِي رِقٍّ إلَّا مَا ارْتَفَعَ بِإِذْنٍ نَصًّا كَالْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ، أَوْ لُزُومًا كَالْمُكَاتَبِ ثُمَّ، قَالَ: وَقَوْلُ ابْنِ شَاسٍ وَابْنِ الْحَاجِبِ: وَلِلسَّيِّدِ الْحَجْرُ عَلَى رَقِيقِهِ لَفْظٌ يُوهِمُ أَصَالَةَ جَوَازِ فِعْلِهِ، وَحَمْلُهُ عَلَى الْمَأْذُونِ لَهُ بَعِيدٌ؛ لِأَنَّهُ ذَكَرَهُ بَعْدَ هَذَا وَصِيغَةُ الْإِذْنِ مَا دَلَّ عَلَيْهِ وَلَوْ ظَاهِرًا وَالْفِعْلُ الدَّالُّ كَالْقَوْلِ اهـ.
وَمَا أَوْرَدَهُ عَلَيْهِمَا لَا يَرِدُ عَلَى الْمُصَنِّفِ وَقَوْلُهُ: " الرَّقِيقِ " شَمِلَ الْقِنَّ، وَمَنْ فِيهِ عَقْدُ جَرِيَّةٍ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ اللَّخْمِيُّ: الْمُدَبَّرُ وَالْمُعْتَقُ إلَى أَجَلٍ، وَأُمُّ الْوَلَدِ كَالْقِنِّ، وَوَهِمَ بَعْضُ الشُّيُوخِ شُهُودُ تُونُسَ فِي أَوَائِلِ هَذَا الْقَرْنِ فَشَهِدُوا عَلَى بَيْعِهَا لِمَا تَقَدَّمَ مِنْ عَدَمِ إنْصَافِ أَكْثَرِ قُضَاتِهَا مِنْ تَقْدِيمِ مَنْ لَا يُحْسِنُ الطَّلَبَ فَضْلًا عَنْ الْفِقْهِ لِأَهْوَاءٍ اللَّهُ يَعْلَمُهَا اهـ.
وَقَوْلُهُ: " إلَّا بِإِذْنٍ " قَالَ الْمَشَذَّالِيُّ فِي حَاشِيَتِهِ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْمَأْذُونِ: هُنَا سُؤَالٌ وَهُوَ أَنْ يُقَالَ الْإِذْنُ يَتَقَرَّرُ بِمَا دَلَّ عَلَيْهِ وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ مَأْذُونٌ لَكَ صَحَّ كَأَنْتَ وَصِيِّي، وَلَوْ قَالَ: أَنْتَ وَكِيلِي لَمْ يَصِحَّ حَتَّى يَذْكُرَ الْمُتَعَلِّقَ، وَلَمْ يَذْكُرْ ابْنُ عَرَفَةَ فَرْقًا وَجَزَمَ بِأَنَّهُ يَكُونُ مَأْذُونًا لَهُ بِقَوْلِهِ: أَنْتَ مَأْذُونٌ لَك، ثُمَّ ذَكَرَ الْمَشَذَّالِيُّ الْفَرْقَ بَيْنَ الْوَصِيَّةِ الْمُطْلَقَةِ، وَالْوَكَالَةِ الْمُطْلَقَةِ، وَقَالَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ: اُنْظُرْ التَّوْضِيحَ فِي الْوَكَالَةِ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا عَنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ أَقْعَدَ ذَا صَنْعَةٍ مِثْلَ قَصَّارَةٍ، وَنَحْوِهَا فَلَا يَكُونُ ذَلِكَ إذْنًا فِي التِّجَارَةِ، وَلَا فِي الْمُدَايَنَةِ، وَكَذَا إنْ قَالَ لَهُ: أَدِّ إلَيَّ الْغَلَّةَ فَلَيْسَ بِمَأْذُونٍ لَهُ فِي التِّجَارَةِ اهـ. وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ.
(تَنْبِيهٌ) هَلْ يُصَدَّقُ الْعَبْدُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْإِذْنِ، وَهُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ الضَّحَايَا مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَظَاهِرُ سَمَاعِ أَشْهَبَ فِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ فِي رَسْمِ مَسَائِلَ أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ.
ص (وَلَوْ فِي نَوْعٍ)
ش: قَالَ فِي التَّوْضِيحِ
وَعَلَى الْمَشْهُورِ يَعْنِي أَنَّهُ إذَا خَصَّهُ بِنَوْعٍ مِنْ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَةِ فَقَيَّدَ ذَلِكَ بَعْضُ الصَّقَلِّيِّينَ بِأَنْ لَا يُشْهِرَ ذَلِكَ وَلَا يُعْلِنَهُ، وَأَمَّا إنْ أَشْهَرَهُ فَلَا يَلْزَمُهُ اهـ.
وَنَقَلَهُ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي الْمُقَدِّمَاتِ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَهُ فِي التِّجَارَةِ: وَلَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ إلَّا أَنْ يَأْذَنَ لَهُ سَيِّدُهُ فِي التِّجَارَةِ فَإِنْ أَذِنَ لَهُ فِيهَا جَازَ أَنْ يَتَّجِرَ بِالدَّيْنِ وَالنَّقْدِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِالدَّيْنِ وَلَزِمَهُ مَا دَايَنَ بِهِ فِي جَمِيعِ أَنْوَاعِ التِّجَارَاتِ، وَإِنْ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ إلَّا فِي نَوْعٍ وَاحِدٍ مِنْهَا عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إذْ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ بِالدَّيْنِ، أَوْ يَحْجُرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ، وَهُوَ قَوْلُ أَصْبَغَ فِي التَّحْجِيرِ فِي الدَّيْنِ وَذَهَبَ سَحْنُونٌ إلَى أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَتَّجِرَ بِالدَّيْنِ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ بِهِ وَكَذَلِكَ يَلْزَمُ عَلَى قَوْلِهِ إذَا حَجَرَ عَلَيْهِ فِي التِّجَارَةِ فِي نَوْعٍ مِنْ الْأَنْوَاعِ إلَّا أَنْ يُشْهِرَ ذَلِكَ وَيُعْلِنَهُ فِي الْوَجْهَيْنِ جَمِيعًا فَلَا يَلْزَمُهُ، قَالَهُ بَعْضُ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ، وَهُوَ صَحِيحٌ فِي الْمَعْنَى قَائِمٌ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالْعُتْبِيَّةِ اهـ. وَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي النَّاسُ لِأَيِّ نَوْعِ التِّجَارَةِ أَقْعَدَهُ، قَالَ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ سَمَاعِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ التَّفْلِيسِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ نَصَبَهُ لِلنَّاسِ وَلَيْسَ كُلُّ النَّاسِ يَعْلَمُونَ بَعْضًا دُونَ بَعْضٍ.
قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْبَيَانِ: دَلِيلُ قَوْلِ أَصْبَغَ كَالْمُدَوَّنَةِ أَنَّهُ لَوْ أَعْلَنَ، وَأَشْهَرَ بِقَصْرِ إذْنِهِ عَلَى شَيْءٍ، ثُمَّ اتَّجَرَ فِي غَيْرِهِ لَمْ يَلْزَمْهُ فِي مَالِهِ مَا دَايَنَ بِهِ وَيَدْخُلُ فِيهِ اخْتِلَافٌ بِالْمَعْنَى؛ لِأَنَّهُ مِنْ بَابِ التَّحْجِيرِ فَعَلَى قَوْلِهَا: لَا يَحْجُرُ عَلَى الْعَبْدِ إلَّا السُّلْطَانُ لَمْ يَنْفَعْهُ الْإِعْلَانُ بِقَصْرِ إذْنِهِ، وَيَأْتِي عَلَى قَوْلِ سَحْنُونٍ لِلسَّيِّدِ أَنْ يَحْجُرَ عَلَى عَبْدِهِ أَنَّ الْإِشْهَارَ يَنْفَعُهُ، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِ مَا تَقَدَّمَ: يُرَدُّ تَخْرِيجُهُ الْأَوَّلُ بِأَنَّهُ لَا يَلْزَمُ مِنْ لَغْوِ الْحَجْرِ عَلَى مَنْ ثَبَتَ الْإِذْنُ فِيهِ وَعَمِلَ بِهِ لِغَيْرِهِ الْإِذْنَ فِيمَا قَارَنَ إذْنَهُ قَبْلَ الْعَمَلِ فِيهِ قَالَ وَظَاهِرُ قَوْلِ سَحْنُونٍ أَنَّهُ حَجَرَ عَلَيْهِ الدَّيْنَ أَنَّ الْغُرَمَاءَ لَا حَقَّ لَهُمْ فِيمَا بِيَدِهِ مِنْ مَالٍ أُذِنَ لَهُ فِي التِّجَارَةِ بِهِ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا بِذَلِكَ، ثُمَّ قَالَ: قُلْت: فَفِي لُزُومِ تَخْصِيصِ السَّيِّدِ تَحْجِيرَ عَبْدِهِ بِنَوْعٍ وَلَغْوِهِ، فَيَعُمُّ ثَالِثُهَا إنْ أَعْلَمَ بِذَلِكَ لِسَحْنُونٍ فِي سَمَاعِ أَصْبَغَ وَتَخْرِيجِ ابْنِ رُشْدٍ وَالسَّمَاعِ الْمَذْكُورِ.
وَرَابِعُهَا لِلَّخْمِيِّ إنْ كَانَ الْعَبْدُ يَرَى أَنَّهُ لَا يُخَالِفُ مَا حُدَّ لَهُ بِهِ وَإِلَّا فَالثَّانِي اهـ. وَاحْتَجَّ سَحْنُونٌ فِي السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ لِمَا قَالَهُ بِمَا نَصُّهُ: " أَلَا تَرَى أَنَّ السَّيِّدَ لَوْ دَفَعَ لِلْعَبْدِ قِرَاضًا أَنَّهُ يَصِيرُ بِذَلِكَ مَأْذُونًا لَهُ وَحُكْمُ الْقِرَاضِ لَا يُبَاعُ بِالدَّيْنِ فِي الْأَحْرَارِ وَالْعَبِيدِ وَكَذَلِكَ الَّذِي يَشْتَرِطُ عَلَى عَبْدِهِ، فَهُوَ مَمْنُوعٌ مِنْ الْبَيْعِ بِالدَّيْنِ فَإِذَا بَاعَ بِهِ كَانَ مُتَعَدِّيًا وَلَا يَجُوزُ عَلَى مَوْلَاهُ عَدَاؤُهُ " قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَمَسْأَلَةُ الْقِرَاضِ الَّتِي احْتَجَّ بِهَا لَا تَلْزَمُ ابْنَ الْقَاسِمِ الْحُجَّةُ بِهَا إذْ يُخَالِفُهُ فِيهَا وَيَقُولُ إذَا دَفَعَ إلَى عَبْدِهِ قِرَاضًا فَدَايَنَ فِيهِ النَّاسَ يَكُونُ فِيهِ دُيُونُهُمْ إلَّا أَنْ يَعْلَمُوا أَنَّهُ قِرَاضٌ فَلَا يَكُونُ لَهُمْ وَكَذَلِكَ الْحُرُّ إذَا عَلِمَ غُرَمَاؤُهُ الَّذِينَ عَامَلُوهُ بِالدَّيْنِ أَنَّهُ قِرَاضٌ فَلَا شَيْءَ لَهُمْ وَاتَّبَعُوا ذِمَّتَهُ، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَيَفْتَرِقُ الْحُرُّ مِنْ الْعَبْدِ؛ لِأَنَّ الْحُرَّ يَلْزَمُهُ ضَمَانُ الْمَالِ فَيَكُونُ لِصَاحِبِهِ مُحَاصَّةُ الْغُرَمَاءِ فِيهِ وَالْعَبْدُ لَا يَضْمَنُ لِسَيِّدِهِ فَيَنْفَرِدُ الْغُرَمَاءُ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا بِجَمِيعِهِ؛ لِأَنَّهُ فَرَّطَ حِينَ لَمْ يُعْلِمْهُمْ اهـ. بِاخْتِصَارٍ.
(تَنْبِيهٌ) تَقَدَّمَ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَلِلْوَلِيِّ رَدُّ تَصَرُّفِ مُمَيِّزٍ فِي التَّنْبِيهِ الْخَامِسَ عَشَرَ مِنْ الرُّعَيْنِيِّ وَابْنِ فَرْحُونٍ أَنَّهُ لَوْ طُلِبَ مِنْ سَيِّدِ الْعَبْدِ الْيَمِينَ بِأَنَّهُ لَمْ يَأْذَنْ لَهُ أَنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ ذَلِكَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَيُؤَخَّرُ)
ش: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ وَمَنَعَهُ سَحْنُونٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ كَانَ مِنْ غَيْرِ فَائِدَةٍ فَوَاضِحٌ وَإِلَّا فَهُوَ سَلَفٌ جَرَّ نَفْعًا قَالَ فِي التَّوْضِيحِ وَأُجِيبَ بِاخْتِيَارِ الْقِسْمِ الثَّانِي وَلَا يَلْزَمُ عَلَيْهِ الْمَنْعُ؛ لِأَنَّهَا مَنْفَعَةٌ غَيْرُ مُحَقَّقَةٍ وَأَيْضًا فَإِنَّهُ مَنْقُوضٌ بِالْحُرِّ فَإِنَّهُ يَجُوزُ لَهُ التَّأْخِيرُ بِالْأَثْمَانِ طَلَبًا لِمَحْمَدَةِ الثَّنَاءِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلِغَيْرِ مَنْ أُذِنَ لَهُ الْقَبُولُ)
ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ.