الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْإِقْرَارِ عَلَى عِوَضٍ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى مَا إذَا اسْتَحَقَّ الْعِوَضَ وَلَوْ اسْتَحَقَّ مَا بِيَدِ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ، فَقَالَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ: إنْ اسْتَحَقَّ بِالْبَيِّنَةِ وَالْحُكْمِ فَلْيَرْجِعْ عَلَى الْمُدَّعِي بِمَا دَفَعَ إلَيْهِ، وَقَالَ الطَّحَاوِيُّ فِي كِتَابِهِ: لَا يَرْجِعُ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ أَقَرَّ أَنَّهُ لِلْمُدَّعِي وَأَنَّ مَا أَخَذَ مِنْهُ ظُلْمٌ وَذَكَرَ أَنَّ هَذَا قَوْلٌ لِأَهْلِ الْمَدِينَةِ وَابْنِ أَبِي لَيْلَى وَمَنْ قَالَ بِقَوْلِهِمْ ثُمَّ قَالَ الشَّيْخُ: وَالْعَمَلُ عِنْدَنَا الْيَوْمَ عَلَى مَا فِي كِتَابِ الطَّحَاوِيِّ وَالْمَدَنِيِّينَ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ مِنْ يَدِهِ: تَأْخُذُ النُّسْخَةَ وَتَرْجِعُ عَلَى بَائِعِكَ بِالثَّمَنِ أَوْ تُخَاصِمُ ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَكَ، انْتَهَى. وَانْظُرْ مَا مَعْنَى قَوْلِهِ وَيُقَالُ لِلْمُسْتَحِقِّ إلَى آخِرِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي مُعِينِ الْحُكَّامِ: فَإِذَا أَعْذَرَ لِلَّذِي أَلْفَى فِي يَدِهِ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ فَالصَّوَابُ أَنْ يُقَالَ: لَا حُجَّةَ لِي إلَّا أَنْ أَرْجِعَ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنِّي فَإِنْ ادَّعَى الَّذِي أَلْفَى فِي يَدِهِ الْعَبْدَ أَوْ الدَّابَّةَ مَطْعَنًا فِي الشُّهُودِ أُجِّلَ فَإِنْ عَجَزَ بَعْدَ ذَلِكَ حُكِمَ عَلَيْهِ ثُمَّ لَا يَكُونُ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْبَائِعِ؛ لِأَنَّ قِيَامَهُ عَلَيْهِ إنَّمَا هُوَ بِالْبَيِّنَةِ الَّتِي أَعْذَرَ فِيهَا فَإِذَا طَعَنَ فِيهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ قِيَامٌ، انْتَهَى. وَصَرَّحَ ابْنُ سَلْمُونٍ بِأَنَّ مَنْ اسْتَحَقَّ شَيْئًا وَادَّعَى فِيهِ دَافِعًا وَعَجَزَ عَنْهُ لَمْ يَبْقَ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى بَائِعِهِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[مَسْأَلَة اعْتَرَفَ مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ الْمَشْهُودُ أَنْ يَأْخُذَ حَمِيلًا عَلَى مَنْ بَاعَ ذَلِكَ]
(مَسْأَلَةٌ) ، قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ الْأَوَّلِ فِي تَرْجَمَةِ مَنْ قُيِّمَ عَلَيْهِ فِي شَيْءٍ هَلْ يُقَوَّمُ عَلَى مَنْ بَاعَ مِنْهُ قَبْلَ الْحُكْمِ وَهُوَ فِي أَثْنَاءِ تَرْجَمَةٍ كَبِيرَةٍ وَفِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ سَأَلَ حَبِيبٌ سَحْنُونًا فِيمَنْ اعْتَرَفَ مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَيُرِيدُ الْمَشْهُودُ أَنْ يَأْخُذَ حَمِيلًا عَلَى مَنْ بَاعَ ذَلِكَ؛ لِئَلَّا يَحْكُمَ عَلَيْهِ فِي وَقْتٍ يَغِيبُ هَذَا فِيهِ، قَالَ: لَا حَمِيلَ لَهُ عَلَيْهِ وَلَا يَعْرِضُ لَهُ حَتَّى يُحْكَمَ عَلَيْهِ، انْتَهَى.
[تَنْبِيهٌ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ بَلَدٍ كَثُرَ فِيهِ بَيْعُ الْأَحْرَارِ]
(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) مَنْ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ بَلَدٍ كَثُرَ فِيهِ بَيْعُ الْأَحْرَارِ وَوَافَقَهُ الْمُبْتَاعُ عَلَى أَنَّهُ اشْتَرَاهُ مِنْ تِلْكَ الْبَلَدِ، فَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ، قَالَ مُحَمَّدُ بْنُ الْوَلِيدِ وَيَحْيَى بْنِ عَبْدِ الْعَزِيزِ إنَّهُ يُكَلَّفُ الْمُشْتَرِي إثْبَاتَ رِقِّهِ، وَقَالَهُ سَحْنُونٌ، وَقَالَ ابْنُ لُبَابَةَ: الْبَيِّنَةُ عَلَى مُدَّعِي الْحُرِّيَّةِ وَكَانَ عَبْدُ الْأَعْلَى يُفْتِي بِمَا قَالَ، قَالَ أَصْحَابُنَا لِفَسَادِ الزَّمَانِ وَلَسْت أَرَاهُ، وَقَالَ ابْنُ زَرْبٍ: عَلَى السَّيِّدِ الْإِثْبَاتُ عَلَى صِحَّةِ ابْتِيَاعِهِ مِمَّنْ كَانَ مِلْكًا لَهُ وَبِذَلِكَ أَفْتَوْا فِي فِتْنَةِ ابْنِ حَفْصُونٍ، انْتَهَى. مِنْ مَسَائِلِ الْعِتْقِ وَهِيَ قَبْلَ مَسَائِلِ النِّكَاحِ.
(الثَّانِي) إذَا ادَّعَتْ الْحُرِّيَّةَ ثُمَّ أَقَرَّتْ بِالرِّقِّ، فَقَالَ ابْنُ سَهْلٍ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ، قَالَتْ طَائِفَةٌ لَا يُقْبَلُ رُجُوعُهَا؛ لِأَنَّهَا قَدْ اسْتَحَقَّتْ بِدَعْوَاهَا فَلَيْسَ لَهَا أَنْ تَرِقَّ نَفْسَهَا، وَقَالَتْ طَائِفَةٌ يُقْبَلُ رُجُوعُهَا وَتَبْقَى مَمْلُوكَةً لِسَيِّدِهَا، قَالَ ابْنُ عَتَّابٍ: وَبِهِ أَفْتَيْت وَاخْتَارَهُ الْقَاضِي ابْنُ بَشِيرٍ وَلَمْ يَذْكُرْ لَنَا ابْنُ عَتَّابٍ؛ إذْ ذَكَرَهَا فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ مَالِكٌ: يُسْمَعُ نُزُوعَهَا إلَّا أَنْ يُخَافَ أَنَّهَا إنَّمَا نَزَعَتْ مِنْ خَوْفٍ وَأَرَادَتْ ذِكْرَهُ وَاسْتَحْيَتْ مِنْهُ، انْتَهَى.
(الثَّالِثُ) إذَا اعْتَرَفَ الْمَمْلُوكُ بِالرِّقِّ ثُمَّ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ هَلْ يُقْبَلُ مِنْهُ؟ اُنْظُرْ ابْنَ سَلْمُونٍ فِي بَيْعِ الرَّقِيقِ فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِيهِ قَوْلَيْنِ وَعَلَى أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ فَإِذَا ثَبَتَ ذَلِكَ وَكَانَ الْبَائِعُ عَدِيمًا فَهَلْ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ؟ فِيهِ خِلَافٌ ذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي آخِرِ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْجِهَادِ وَرَسْمٍ لَمْ يُدْرَكْ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ.
(الرَّابِعُ) إذَا شَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى الْحُرِّيَّةِ فِي الْعِلْمِ هَلْ يُفِيدُ ذَلِكَ أَمْ لَا؟ اُنْظُرْ الْبَابَ الثَّالِثَ وَالْأَرْبَعِينَ مِنْ التَّبْصِرَةِ لِابْنِ فَرْحُونٍ وَانْظُرْ ابْنَ سَهْلٍ فِي الْمَحَلِّ الْمَذْكُورِ أَوَّلًا فَإِنَّهُ ذَكَرَ فِي ذَلِكَ خِلَافًا وَفِيهِ مَسَائِلُ مِنْ هَذَا الْبَابِ وَانْظُرْ الْبَابَ الثَّانِيَ وَالْعِشْرِينَ مِنْ التَّبْصِرَةِ فَإِنَّ فِيهِ أَنَّ الْأَصْلَ الْحُرِّيَّةُ وَفِي أَوَّلِ الْكِتَابِ فِي الْفَرْقِ بَيْنَ الْمُدَّعِي وَالْمُدَّعَى عَلَيْهِ.
(الْخَامِسُ) إذَا أَرَادَ وَضْعَ قِيمَةَ الْعَبْدِ الْمُسْتَحَقِّ وَالذَّهَابِ إلَى الْبَلَدِ الَّتِي فِيهَا بَائِعُهُ فَلَهُ ذَلِكَ فِي الْمُسْتَحَقِّ بِرِقٍّ لَا بِحُرِّيَّةٍ كَمَا قَالَهُ فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى الْمَذْكُورِ وَفِي رَسْمِ الْقِبْلَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الِاسْتِحْقَاقِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَعِلْمِهِ صِحَّةَ مِلْكِ بَائِعِهِ)
ش: قَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي شَرْحِ مَسْأَلَةِ الصُّلْحِ الْمُتَقَدِّمَةِ: وَقَدْ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ وَعَلِمَ الْمُبْتَاعُ صِحَّةَ مِلْكِ الْبَائِعِ الْمَذْكُورِ حِينَ انْبِرَامِ
الْبَيْعِ وَانْعِقَادِهِ، فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ: لَا يَرْجِعُ إذَا اسْتَحَقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ، وَقَالَ غَيْرُهُمَا: يَرْجِعُ، انْتَهَى. وَفِي أَوَّلِ الْبُيُوعِ مِنْ مُعِينِ الْحُكَّامِ مَسْأَلَةُ إذَا صَرَّحَ الْمُبْتَاعُ بِصِحَّةِ مِلْكِ الْبَائِعِ لِمَا بَاعَ ثُمَّ طَرَأَ اسْتِحْقَاقٌ فَهَلْ لَهُ رُجُوعٌ عَلَى الْبَائِعِ أَوْ لَا؟ فِي ذَلِكَ رِوَايَتَانِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَضُرُّهُ إقْرَارُهُ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ رَوَاهَا أَصْبَغُ وَعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ وَبِالرِّوَايَةِ الْأُولَى الْقَضَاءُ قَالُوا وَهُوَ دَلِيلُ الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّهُ قَالَ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْهَا فِيمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَطَّ عَنْهُ خَمْسَمِائَةِ دِرْهَمٍ عَلَى أَنْ أَخَذَ مِنْهُ عَبْدَهُ مَيْمُونًا بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَلْفِ فَقَوْلُهُ: عَبْدَهُ مَيْمُونًا، تَصْرِيحٌ بِإِضَافَةِ الْعَبْدِ إلَيْهِ.
ص (لَا إنْ قَالَ دَارُهُ)
ش: قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ فِي أَوَائِلِ الْبُيُوعِ: وَقَوْلُنَا ابْتَاعَ مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ أَوْلَى مِنْ إضَافَتِهَا إلَى الْبَائِعِ فَيُقَالُ: جَمِيعُ دَارِهِ وَكَذَلِكَ جَمِيعُ مَا يَبْتَاعُ مِنْ مِلْكٍ أَوْ سِلْعَةٍ لِمَا وَقَعَ فِي ذَلِكَ مِنْ الِاخْتِلَافِ فَقَدْ ذَكَرَ بَعْضُ الْمُوَثِّقِينَ أَنَّهُ إذَا أُضِيفَ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ ثُمَّ اُسْتُحِقَّ مِنْ يَدِ الْمُبْتَاعِ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّ فِي إضَافَةِ ذَلِكَ إلَيْهِ إقْرَارًا مِنْ الْمُبْتَاعِ بِتَحْقِيقِ تَمْلِيكِ الْبَائِعِ لِمَا بَاعَ مِنْهُ فَإِذَا اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ فَقَدْ عَلِمَ أَنَّهُ لَمْ يُسْتَحَقَّ بِحَقٍّ فَلَمْ يَكُنْ لَهُ الرُّجُوعُ وَكَانَ يَرَى أَنْ يَعْقِدَ الْمُوَثِّقُ ابْتَاعَ مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الَّذِي ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا لَهُ أَوْ ابْتَاعَ مِنْهُ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي بِمَوْضِعِ كَذَا وَلَا يَرَى أَنْ يَقُولَ جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي لَهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ: إنَّ قَوْلَكَ جَمِيعُ الدَّارِ أَوْ جَمِيعُ دَارِهِ بِإِضَافَةٍ أَوْ بِغَيْرِ إضَافَةٍ سَوَاءٌ إنْ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِ الْمُبْتَاعِ رَجَعَ بِهِ عَلَى الْبَائِعِ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ أَشْهَبُ فِي الْمَجْمُوعَةِ، فَقَالَ: إنَّهُ يَرْجِعُ بِالثَّمَنِ عَلَى الْبَائِعِ، وَالظُّلْمُ إنَّمَا وَقَعَ عَلَيْهِ دُونَ الْمُبْتَاعِ؛ لِأَنَّ بَيِّنَةَ الْمُسْتَحِقِّ تَقُولُ إنَّهُ بَاعَ مَا لَيْسَ لَهُ.
قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ وَاَلَّذِي تَدُلُّ عَلَيْهِ الْأُصُولُ أَنَّ قَوْلَ الْمُوَثِّقِ: جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي لَهُ لَيْسَ بِمَانِعٍ لِلْمُبْتَاعِ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَى الْبَائِعِ بِالثَّمَنِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ؛ إذْ قَدْ أَحْكَمَتْ السُّنَّةُ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ حَتَّى لَوْ لَمْ يَقُلْ فِي الْوَثِيقَةِ وَمَرْجِعُ دَرْكِهِمْ وَالدَّلِيلُ عَلَى ذَلِكَ مَا نَصَّ عَلَيْهِ أَهْلُ الْعِلْمِ فِي نَصِّ الْوَثَائِقِ فِي بَيْعِ جَمِيعِ الْأَمْلَاكِ فَإِنَّهُمْ اسْتَفْتَحُوا ذَلِكَ: اشْتَرَى فُلَانٌ مِنْ فُلَانٍ جَمِيعَ مَا جَرَّتْهُ أَمْلَاكُهُ وَضَمَّتْهُ فَوَائِدُهُ وَجَمَعَتْهُ مَكَاسِبُهُ.
وَقَوْلُهُمْ هَذَا كَقَوْلِ الْمُوَثِّقِ: جَمِيعُ الدَّارِ الَّتِي لَهُ، لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ فَلَوْ كَانَ هَذَا عِنْدَهُمْ لِرُجُوعِ الْمُبْتَاعِ عِنْدَ الِاسْتِحْقَاقِ عَلَى الْبَائِعِ مَا كَتَبُوهُ وَقَدْ دَارَتْ غَيْرُ مَرَّةٍ فَقُضِيَ فِيهَا بِالرُّجُوعِ بِالدَّرَكِ وَقَدْ أَوْقَفَتْ عَلَى ذَلِكَ جَمَاعَةٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ الْمَاضِينَ فَلَمْ نَجِدْ عِنْدَ أَحَدٍ مِنْهُمْ أَنَّ ذَلِكَ يَمْنَعُ الرُّجُوعَ، قَالَ غَيْرُ وَاحِدٍ مِنْ الْمُوَثِّقِينَ: وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ؛ لِأَنَّهُ لَيْسَ فِي إضَافَةِ ذَلِكَ إلَى الْبَائِعِ إقْرَارٌ مِنْ الْمُبْتَاعِ بِتَمْلِيكِ الْبَائِعِ لَهُ وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ ابْتَاعَ مِنْهُ جَمِيعَ دَارِهِ أَيْ جَمِيعَ الدَّارِ الَّتِي ذَكَرَ الْبَائِعُ أَنَّهَا لَهُ وَأَيْضًا فَلَوْ أَنَّ الْمُبْتَاعَ صَرَّحَ بِتَمْلِيكِ الْبَائِعِ لِلْمَبِيعِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ مِنْ يَدِهِ فَإِنَّ فِي رُجُوعِهِ عَلَى الْبَائِعِ رِوَايَتَيْنِ إحْدَاهُمَا أَنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ وَلَا يَضُرُّهُ إقْرَارُهُ وَالْأُخْرَى أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ. رَوَاهَا أَصْبَغُ وَعِيسَى عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ ابْنُ الْعَطَّارِ: وَبِالرِّوَايَةِ الْأُولَى الْقَضَاءُ هَذَا فِي صَرِيحِ الْإِقْرَارِ فَكَيْفَ بِلَفْظٍ لَا يُحْتَمَلُ إلَّا عَلَى بُعْدٍ وَاَلَّذِي وَقَعَ لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى وَحَكَاهَا أَيْضًا فَضْلُ بْنُ مَسْلَمَةَ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنَّهُ إذَا أَقَرَّ الْمُبْتَاعُ أَنَّ جَمِيعَ الْمَبِيعِ لِلْبَائِعِ مِنْهُ ثُمَّ اسْتَحَقَّ مِنْ يَدِهِ أَنَّهُ لَا يَرْجِعُ عَلَى الْبَائِعِ بِشَيْءٍ.
وَقَالَ أَشْهَبُ وَعَبْدُ الْمَلِكِ وَابْنُ وَهْبٍ وَسَحْنُونٌ وَغَيْرُهُمْ: لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ مِنْ الرُّجُوعِ عَلَيْهِ وَهَذَا اخْتِيَارُ الشُّيُوخِ بِالْأَنْدَلُسِ وَهُوَ دَلِيلُ مَا فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَحَطَّ عَنْهُ خَمْسَمِائَةٍ عَلَى أَنْ يَأْخُذَ مِنْهُ عَبْدَهُ مَيْمُونًا بِخَمْسِمِائَةٍ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الْعَبْدَ أَنَّهُ يَرْجِعُ بِالْأَلْفِ فَقَوْلُهُ عَلَى أَنْ أَخَذَ مِنْهُ عَبْدَهُ مَيْمُونًا كَقَوْلِ الْمُوَثِّقِ ابْتَاعَ مِنْهُ دَارِهِ، وَقَالَ عَبَّاسٌ فِي وَثَائِقِهِ: سَأَلْت عَنْ ذَلِكَ مُحَمَّدُ بْنُ إدْرِيسَ الْفَقِيهَ فَذَكَرَ أَنَّ
ابْنَ الْقَاسِمِ لَا يُبْطِلُ رُجُوعَ الْمُبْتَاعِ بِذَلِكَ عَلَى الْبَائِعِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّهَا مِنْ خُطَّةِ آبَائِهِ وَأَجْدَادِهِ فَيَبْطُلُ دَرَكُهُ حِينَئِذٍ عِنْدَهُ وَكَذَلِكَ فِي الْعَبِيدِ وَالدَّوَابِّ لَا يَبْطُلُ دَرَكُهُ إلَّا أَنْ يُقِرَّ أَنَّ ذَلِكَ مِنْ تِلَادَةِ الْبَائِعِ فَيَبْطُلُ دَرَكُهُ، انْتَهَى.
وَنَحْوُهُ فِي الْوَثَائِقِ الْمَجْمُوعَةِ وَقَوْلُهُ مِنْ خُطَّةِ آبَائِهِ أَيْ مِنْ بِنَاءِ آبَائِهِ وَقَوْلُهُ مِنْ تِلَادَةِ أَيْ وُلِدَ عِنْدَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَفِي حَاشِيَةِ الْمَشَذَّالِيُّ فِي آخِرِ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ قَوْلَ ابْنِ الْعَطَّارِ وَبِالرِّوَايَةِ الْأُولَى الْقَضَاءُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْأَصَحُّ مِنْ الْقَوْلَيْنِ عَدَمُ الرُّجُوعِ، انْتَهَى. وَفِي أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ إثْرَ الْكَلَامِ الْمُتَقَدِّمِ وَذَكَرَ الْبَاجِيُّ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ أَيْضًا إذَا كَانَ فِي عَقْدِ الشِّرَاءِ دَارُهُ أَوْ الدَّارُ الَّتِي لَهُ، قَالَ: يَنْبَغِي أَنْ يَتَحَرَّزَ الْمُوَثِّقُ مِنْ الْخِلَافِ فَيُسْقِطَهُ وَيَكْتُبَ دَارًا أَوْ الدَّارَ الَّتِي ذَكَرَ أَنَّهَا لَهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ فِي وَثَائِقِهِ الْقَوْلَيْنِ، قَالَ: وَالْقَضَاءُ بِأَنَّهُ يَرْجِعُ، قَالَ ابْنُ الْهِنْدِيِّ إذَا قَالَ فِي آخِرِ الْوَثِيقَةِ عَلَى سُنَّةِ الْمُسْلِمِينَ وَمَرْجِعِ دَرَكِهِمْ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ الْخِلَافُ وَيَكُونُ لَهُ الرُّجُوعُ قَوْلًا وَاحِدًا، انْتَهَى.
وَالظَّاهِرُ أَنَّ قَوْلَهُ وَذَكَرَ ابْنُ الْعَطَّارِ إلَخْ رَاجِعٌ إلَى كَلَامِهِ الْأَوَّلِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى وَذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْقَوْلَيْنِ فِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ فَقِفْ عَلَيْهِ إنْ أَحْبَبْتَهُ فَقَدْ ظَهَرَ مَعْنَى قَوْلِ الْمُصَنِّفِ لَا إنْ قَالَ: دَارُهُ أَيْ لَا إنْ قَالَ الْمُوَثِّقُ فِي الْوَثِيقَةِ: دَارُهُ أَوْ الدَّارُ الَّتِي لَهُ وَقَدْ عَلِمْت أَنَّ هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ. وَأَمَّا الْمَسْأَلَةُ الْأُولَى فَلَوْ أَشَارَ الْمُؤَلِّفُ فِيهَا إلَى الْقَوْلِ الثَّانِي وَلَوْ بِصَحَّ أَوْ عُمِلَ بِهِ لَكَانَ حَسَنًا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ قِيمَتُهُ)
ش: وَالْقِيمَةُ يَوْمَ الْبَيْعِ، قَالَهُ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ أَبُو الْحَسَنِ؛ لِأَنَّ الْبَيْعَ صَحِيحٌ وَإِنَّمَا يُرَاعَى يَوْمَ الْقَبْضِ فِي الْبَيْعِ الْفَاسِدِ أَوْ الْهِبَةِ عَلَى أَحَدِ الْقَوْلَيْنِ، انْتَهَى. وَالْفَوَاتُ بِتَغَيُّرِ السُّوقِ وَالْبَدَنِ وَالْعِتْقِ وَالِاسْتِيلَادِ وَتَزْوِيجِ الْأَمَةِ، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (إلَّا نِكَاحًا)
ش: ذَكَرَ سِتَّ نَظَائِرَ وَالسَّابِعَةُ مَسْأَلَةُ الصُّلْحِ عَلَى الْإِنْكَارِ إذَا اسْتَحَقَّ الشَّيْءَ الْمُصَالَحَ بِهِ وَانْظُرْ لَوْ مَاتَ الْعَبْدُ فِي يَدِهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ، فِي أَبِي الْحَسَنِ الصَّغِيرِ فِي كِتَابِ الِاسْتِحْقَاقِ
ص (أَوْ مُقَاطَعًا بِهِ) ش، قَالَ فِي كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِذَا بِعْت عَبْدَك مِنْ نَفْسِهِ بِأَمَةٍ لَهُ فَقَبَضْتهَا ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ وَجَدْتَ بِهَا عَيْبًا لَمْ يَكُنْ لَكَ رَدُّهَا عَلَيْهِ وَكَأَنَّكَ انْتَزَعْتَهَا مِنْهُ وَأَعْتَقْتَهُ وَلَوْ بِعْتَ بِهَا نَفْسَهُ وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمئِذٍ رَجَعْتَ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا لَا بِقِيمَتِهِ كَمَا لَوْ قَاطَعْتَ مُكَاتَبَكَ عَلَى أَمَةٍ فِي يَدِهِ فَقَبَضْتَهَا وَأَعْتَقْتَهُ وَتَمَّتْ حُرِّيَّتُهُ ثُمَّ اُسْتُحِقَّتْ أَوْ وَجَدْتَ بِهَا عَيْبًا فَإِنَّكَ تَرْجِعُ عَلَيْهِ بِقِيمَتِهَا دَيْنًا وَهَذَا كَالنِّكَاحِ بِهَا بِخِلَافِ الْبُيُوعِ، انْتَهَى. قَوْلُهُ وَلَوْ بِعْتَهُ بِهَا نَفْسَهُ وَلَيْسَتْ لَهُ يَوْمئِذٍ، قَالَ ابْنُ يُونُسَ، قَالَ يَحْيَى وَهِيَ بِعَيْنِهَا فِي مِلْكِ غَيْرِهِ وَقَوْلُهُ كَمَا لَوْ قَاطَعْتَ مُكَاتَبَكَ إلَى آخِرِهِ يُرِيدُ وَيَجُوزُ أَنْ يُقَاطِعَ الْمُكَاتَبَ عَلَى عَبْدٍ فِي يَدَيْهِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ بِهَا عَيْبٌ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ بِلَا خِلَافٍ فِي هَذَا؛ لِأَنَّ سَيِّدَهُ كَانَ غَيْرَ قَادِرٍ عَلَى أَخْذِ مَالِهِ فَهُوَ بِخِلَافِ الْعَبْدِ وَإِنْ أَعْتَقَ عَبْدَهُ عَلَى عَبْدٍ مَوْصُوفٍ فَاسْتُحِقَّ أَوْ وُجِدَ بِهِ عَيْبٌ رَجَعَ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ فِي صَفْقَةٍ. ابْنُ يُونُسَ. فَصَارَ ذَلِكَ عَلَى ثَلَاثِ رُتَبٍ فِي الْمُعَيَّنِ لَا يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِشَيْءٍ وَفِي الْمَوْصُوفِ يَرْجِعُ عَلَيْهِ بِمِثْلِهِ وَإِذَا كَانَ الْمُعَيَّنُ لِغَيْرِهِ رَجَعَ بِقِيمَتِهِ، انْتَهَى. مِنْ ابْنِ يُونُسَ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَنَقَلَ بَقِيَّةَ النَّظَائِرِ، وَاَللَّهُ سُبْحَانَهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ عُمْرَى)
ش: يُرِيدُ أَنَّ مَنْ أَعْمَرَ رَجُلًا حَيَاتَهُ دَارًا ثُمَّ أَعْطَى الْمُعَمَّرَ دَارًا