الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يُحِيلُ غَرِيمَهُ عَلَى مَدِينِهِ ابْنِ عَرَفَةَ قَالَ ابْنُ شَاسٍ: وَتَجُوزُ فِي الْكَفَالَةِ كَالْحَوَالَةِ وَالْبَيْعِ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يَجُوزُ أَنْ يُوَكِّلَ مَنْ يَتَحَمَّلُ عَنْهُ فِي حَقٍّ وَجَبَ عَلَيْهِ (قُلْت) : فِيهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ الْوَكَالَةَ إنَّمَا تُطْلَقُ حَقِيقَةً عُرْفِيَّةً فِيمَا يَصِحُّ لِلْمُوَكِّلِ مُبَاشَرَتُهُ، وَكَفَالَةُ الْإِنْسَانِ عَنْ نَفْسِهِ مُمْتَنِعَةٌ فَتَأَمَّلْهُ وَقَالَ ابْنُ هَارُونَ: هُوَ أَنْ يُوَكِّلَهُ عَلَى أَنْ يَتَكَفَّلَ لِفُلَانٍ بِمَا عَلَى فُلَانٍ، وَهَذَا أَقْرَبُ مِنْ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ هُنَا يَصِحُّ مِنْهُ الْفِعْلُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُزَادَ فِيهِ: كَأَنْ الْتَزَمَ لِرَبِّ الدَّيْنِ الَّذِي عَلَى فُلَانٍ أَنْ يَأْتِيَهُ بِكَفِيلٍ بِهِ عَنْهُ بِحَيْثُ يَكُونُ الْإِتْيَانُ بِالْكَفِيلِ حَقًّا عَلَى الْمُوَكِّلِ الْمَذْكُورِ انْتَهَى.
ص (وَإِبْرَاءٍ وَإِنْ جَهِلَهُ الثَّلَاثُ)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَتَبِعَ ابْنُ الْحَاجِبِ ابْنَ شَاسٍ فِي قَوْلِهِ: وَالتَّوْكِيلُ بِالْإِبْرَاءِ لَا يَسْتَدْعِي عِلْمَ الْمُوَكِّلِ بِمَبْلَغِ الدَّيْنِ الْمُبَرَّإِ مِنْهُ وَلَا عِلْمَ الْوَكِيلِ وَلَا عِلْمَ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ.
(قُلْت) : وَهَذَا كَضَرُورِيٍّ مِنْ الْمَذْهَبِ؛ لِأَنَّهُ مَحْضُ تَرْكٍ وَالتَّرْكُ لَا مَانِعِيَّةَ لِلْغَرَرِ فِيهِ وَلِذَا قَالَ الْغَيْرُ فِي إرْخَاءِ السُّتُورِ: لِأَنَّهُ يُرْسِلُ مِنْ يَدِهِ بِالْغَرَرِ وَلَا يَأْخُذُ بِهِ انْتَهَى.
وَانْظُرْ أَوَاخِرَ رَسْمِ الْأَقْضِيَةِ الثَّانِي مِنْ سَمَاعِ أَشْهَبَ بِالْوَصَايَا.
ص (أَوْ وَاحِدٌ فِي خُصُومَةٍ)
ش: قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ: فِي تَبْصِرَتِهِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ عَلَى الدَّعْوَى: وَلَيْسَ لِرَجُلٍ وَلَا لِامْرَأَةٍ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخِصَامِ أَكْثَرَ مِنْ وَكِيلٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ وَكِيلَيْنِ، وَيَلْزَمُ الْمُوَكِّلَ مَا أَقَرَّ بِهِ عَلَيْهِ وَكِيلُهُ كَانَ لَهُ أَوْ عَلَيْهِ إذَا كَانَ فِي نَصِّ الْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ انْتَهَى.
وَقَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَلَا يَجُوزُ لِرَجُلٍ وَلَا لِامْرَأَةٍ أَنْ يُوَكِّلَ فِي الْخِصَامِ أَكْثَرَ مِنْ وَكِيلٍ وَاحِدٍ، وَلَا يَجُوزُ تَوْكِيلُ وَكِيلَيْنِ.
[تَنْبِيهَاتٌ الْخَصْمَيْنِ إذَا فَرَغَا مِنْ الْخُصُومَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَمْرٍ وَأَرَادَا أَنْ يُثْبِتَاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ]
(تَنْبِيهَاتٌ: الْأَوَّلُ) : هُنَا مَسْأَلَةٌ وَاقِعَةٌ عَمَّتْ بِهَا الْبَلْوَى وَهِيَ أَنَّ الْخَصْمَيْنِ إذَا فَرَغَا مِنْ الْخُصُومَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَمْرٍ وَأَرَادَا أَنْ يُثْبِتَاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ فَمِنْ النَّاسِ مَنْ يَمْتَنِعُ مِنْ الرَّوَاحِ إلَى مَجْلِسِ الْحَاكِمِ تَكَبُّرًا وَمِنْهُمْ مَنْ يَمْتَنِعُ لِعُذْرٍ فَيَشْهَدُ كُلُّ وَاحِدٍ مِنْ الْخَصْمَيْنِ أَنَّهُ وَكَّلَ كُلَّ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي الدَّعْوَى وَالْإِعْذَارِ وَالثُّبُوتِ وَطَلَبِ الْحُكْمِ فَيَأْتِي الشُّهُودُ عَلَى الْوَكَالَةِ إلَى رَجُلٍ مِنْ النَّاسِ وَيَشْهَدُونَ عِنْدَ الْحَاكِمِ أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ وَشَخْصٌ آخَرُ أَنَّهُ وَكِيلُ فُلَانٍ الْآخَرِ وَيُكْمِلُونَ أَمْرَهُمْ فَهَلْ هَذَا التَّوْكِيلُ صَحِيحٌ أَمْ لَا؟
فَاعْلَمْ أَنَّهُ لَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يُرِيدَ الْمُوَكِّلُ بِقَوْلِهِ وَكَّلْت كُلَّ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ فِي إثْبَاتِ كَذَا إلَى آخِرِهِ أَنَّهُ يُوَكِّلُ كُلَّ وَاحِدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ لَا بِعَيْنِهِ، وَهَذَا هُوَ الْمُتَبَادَرُ فَلَا مِرْيَةَ فِي عَدَمِ صِحَّةِ هَذَا الْوَجْهِ لِلْجَهْلِ بِعَيْنِ الْوَكِيلِ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ الرُّكْنِ السَّادِسِ مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ الْكِتَابِ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى أَحْكَامٍ يَتَوَقَّفُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى إثْبَاتِ فُصُولِ مَسْأَلَةٍ مِنْ الْوَكَالَةِ: لَا يَسْمَعُ الْقَاضِي مِنْ أَحَدٍ دَعْوَى الْوَكَالَةِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ ذَلِكَ بِشَاهِدَيْنِ أَوْ بِشَاهِدٍ وَيَمِينٍ عَلَى قَوْلِ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَلَا بُدَّ أَنْ يَشْهَدَ الشُّهُودُ عَلَى مَعْرِفَةِ عَيْنِ الْمُوَكِّلِ وَيَثْبُتُ عِنْدَهُ أَيْضًا عَيْنُ الْوَكِيلِ إمَّا بِالشَّاهِدَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ أَوْ بِغَيْرِهِمَا وَإِذَا حَضَرَ الْوَكِيلُ وَالْخَصْمُ وَتَقَارَرَا عَلَى صِحَّةِ الْوَكَالَةِ، فَلَا يَحْكُمُ بَيْنَهُمَا بِمُجَرَّدِ قَوْلِهِمَا؛ لِأَنَّهُ حَقٌّ لِغَيْرِهِمَا يُتَّهَمَانِ عَلَى التَّوَاطُؤِ وَلَوْ صَدَّقَ الْخَصْمُ الْوَكِيلَ فِي الدَّعْوَى، وَاعْتَرَفَ بِالْمُدَّعَى بِهِ لَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ انْتَهَى.
وَإِنْ أَرَادَ بِقَوْلِهِ كُلُّ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّ جَمِيعَ الْمُسْلِمِينَ وُكَلَاءُ عَنْهُ فِي ذَلِكَ فَيُمْكِنُ هُنَا الشَّهَادَةُ عَلَى عَيْنِ كُلِّ أَحَدٍ مِنْ الْمُسْلِمِينَ أَنَّهُ وَكِيلُهُ لَكِنَّ الَّذِي يَظْهَرُ أَنَّهُ يُمْنَعُ مِنْ جِهَةٍ أُخْرَى، وَهُوَ أَنَّ تَوْكِيلَ أَكْثَرَ مِنْ وَاحِدٍ عَلَى الْخِصَامِ لَا يَجُوزُ، وَلَا شَكَّ أَنَّ هَذِهِ وَكَالَةٌ فِي دَعْوَى وَإِنْكَارٍ وَإِثْبَاتٍ وَبَحَثَ سَيِّدِي الشَّيْخُ الْعَلَّامَةُ أَحْمَدُ بْنُ عَبْدِ الْغَفَّارِ فِي كَوْنِ ذَلِكَ وَكَالَةً فِي خُصُومَةٍ فَتَأَمَّلْهُ وَقَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَكَالَةِ مِنْ النَّوَادِرِ وَمِنْ كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ قَالَ مَالِكٌ: وَمَنْ شَرَطَ فِي ذِكْرِ حَقِّهِ وَمَنْ قَامَ بِهِ فَلَهُ أَنْ يَقْضِيَهُ فَلَا يَجُوزُ هَذَا وَلَا يُقْضَى لَهُ إلَّا بِوَكَالَةٍ انْتَهَى.
وَمَا قَالَهُ ابْنُ فَرْحُونٍ مِنْ عَدَمِ جَبْرِهِ الْحَاكِمُ عَلَى الدَّفْعِ فِيمَا إذَا صَدَرَ، وَالْخَصْمُ الْوَكِيلُ عَلَى الدَّعْوَى فَاعْتَرَفَ بِالْمُدَّعَى عَلَيْهِ مُوَافِقٌ لِمَا فِي الْمَعُونَةِ وَتَبْصِرَةِ اللَّخْمِيِّ وَمُخَالِفٌ لِمَا جَزَمَ بِهِ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ مِنْ تَبْصِرَتِهِ وَنَصُّهُ مَسْأَلَةٌ فِي الْمَطْلُوبِ يُوَافِقُ عَلَى صِحَّةِ الْوَكَالَةِ قَبْلَ ثُبُوتِهَا وَإِذَا قَامَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فِي مَهْرِ امْرَأَتِهِ أَوْ دَيْنِ رَجُلٍ وَادَّعَى وَكَالَةَ صَاحِبِ ذَلِكَ الْحَقِّ فَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِالدَّيْنِ أَوْ الْمَهْرِ وَاعْتَرَفَ بِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهِ، فَإِنْ كَانَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَى الْمَطْلُوبِ يَطْلُبُهُ بِذَلِكَ قَضَى لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَقْضِي عَلَيْهِ أَوَّلًا بِإِقْرَارِهِ، وَالْمُصِيبَةُ مِنْهُ انْتَهَى.
وَلَهُ فِي الْبَابِ السَّبْعِينَ فِي الْقَضَاءِ بِالْأَمَارَاتِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مَا يُوَافِقُ مَا لَهُ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ وَعَزَاهُ لِلْمُتَيْطِيَّةِ وَنَصُّهُ وَفِي الْمُتَيْطِيَّةِ حَكَى عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ عَنْ سَحْنُونٍ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ مَا قَالَهُ لِرَجُلٍ وَكَّلَنِي فُلَانٌ عَلَى قَضَاءِ دَيْنِهِ مِنْك وَعَدَدُهُ كَذَا فَصَدَّقَهُ فِي الْوَكَالَةِ وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُ الدَّفْعُ إلَيْهِ فَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْكَرَ التَّوْكِيلَ غَرِمَ الْمُقِرُّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ كَانَ بِإِقْرَارِهِ انْتَهَى. وَفِيهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ هَذَا، وَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ انْتَهَى.
(الثَّانِي) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: سَمِعَ عِيسَى ابْنَ الْقَاسِمِ إنْ ادَّعَى شَرِيكَانِ عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فَقَالَا لِلْقَاضِي مَنْ حَضَرَ مِنَّا خَاصِمْهُ فَلَيْسَ لَهُمَا ذَلِكَ لِقَوْلِ مَالِكٍ مَنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ عِنْدَ الْقَاضِي، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ إلَّا مِنْ عِلَّةٍ وَقَالَ فِي وَرَثَةٍ ادَّعَوْا مَنْزِلًا فِي يَدِ رَجُلٍ لَا يُخَاصِمُهُ كُلُّ وَاحِدٍ عَنْ نَفْسِهِ بَلْ يُقَدِّمُونَ رَجُلًا يُخَاصِمُهُ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا كَمَا لَا يَجُوزُ لِلرَّجُلِ يُوَكِّلُ وَكِيلَيْنِ يُخَاصِمَانِ عَنْهُ إنْ غَابَ أَحَدُهُمَا خَاصَمَ لَهُ الْآخَرُ وَكَذَا لَمْ يَجُزْ لِمَنْ قَاعَدَ خَصْمَهُ أَنْ يُوَكِّلَ غَيْرَهُ إلَّا لِعُذْرٍ مِنْ مَرَضٍ أَوْ سَفَرٍ أَوْ إسَاءَةِ خَصْمِهِ لَهُ، فَحَلَفَ لَا خَاصَمَهُ أَوْ يَظْهَرُ مِنْ وَكِيلِهِ مَيْلٌ لِخَصْمِهِ وَلَا خِلَافَ فِي هَذَا انْتَهَى هَذَا السَّمَاعُ فِي كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(الثَّالِثُ) : قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: إذَا شَهِدَ شَاهِدَانِ بِمَعْرِفَةِ الْوَكَالَةِ وَلَمْ يُبَيِّنَا فِي شَهَادَتِهِمَا أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَشْهَدَهُمَا بِهَا فَشَهَادَتُهُمَا سَاقِطَةٌ وَلَا يُعْمَلُ بِهَا انْتَهَى.
(الرَّابِعُ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ فِي الدَّعْوَى: مَسْأَلَةٌ وَإِذَا وَكَّلَهُ عَلَى الْخِصَامِ فِي قَضِيَّةٍ فَخَاصَمَ عَنْهُ وَانْقَضَتْ تِلْكَ الْقَضِيَّةُ وَأَرَادَ الْوَكِيلُ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ فِي غَيْرِهَا فَإِنْ كَانَ بِقُرْبِ الْخِصَامِ الْأَوَّلِ كَانَ لَهُ ذَلِكَ إذَا كَانَتْ الْوَكَالَةُ مُبْهَمَةً لَمْ يَذْكُرْ فِيهَا أَنَّهُ وَكَّلَهُ عَلَى مُخَاصَمَةِ فُلَانٍ أَوْ فِي أَمْرِ كَذَا وَكَذَا إنْ اتَّصَلَ بَعْضُ ذَلِكَ بِبَعْضٍ أَوْ كَانَ بَيْنَهُمَا أَيَّامٌ وَإِنْ تَطَاوَلَ ذَلِكَ بِسِنِينَ وَالْمُوَكِّلُ غَائِبٌ لَمْ يَحْتَجْ إلَى تَجْدِيدِ التَّوْكِيلِ إذَا لَمْ يُقْصِرْهُ عَلَى مَطْلَبٍ سَمَّاهُ كَمَا قَدَّمْنَا فَأَمَّا إذَا قَصَرَهُ عَلَى مَطْلَبٍ مُعَيَّنٍ، وَكَانَ بَيْنَ الْمَطْلَبَيْنِ الْأَشْهَرُ فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُخَاصِمَ عَنْهُ إلَّا فِيمَا وَكَّلَهُ فِيهِ وَيُسْتَحْسَنُ فِي مِثْلِ هَذَا أَنْ يُجَدِّدَ لَهُ التَّوْكِيلَ، ثُمَّ يَتَكَلَّمُ عَنْهُ انْتَهَى.
(الْخَامِسُ) : قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ قَبْلَ كَلَامِهِ الْمَذْكُورِ: مَسْأَلَةٌ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: وَسُئِلَ سَحْنُونٌ عَمَّنْ وَكَّلَ رَجُلًا عَلَى مُخَاصَمَةِ رَجُلٍ فَلَمْ يَقُمْ الْوَكِيلُ بِذَلِكَ إلَّا بَعْدَ سِنِينَ وَقَدْ أُنْشِبَتْ الْخُصُومَةُ قَبْلَ ذَلِكَ، ثُمَّ أَتَى بِالْبَيِّنَةِ أَوْ لَمْ يُنْشِبْ الْخُصُومَةَ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ فِي شَيْءٍ حَتَّى مَرَّتْ السَّنَتَانِ، ثُمَّ قَالَ بَعْدَهُمَا: يَطْلُبُ بِتِلْكَ الْوَكَالَةِ الْقَدِيمَةِ أَلَهُ ذَلِكَ أَمْ يُجَدِّدُ الْوَكَالَةَ؟ قَالَ سَحْنُونٌ: يَبْعَثُ الْحَاكِمُ إلَى الْمُوَكِّلِ لِيَسْأَلَهُ أَهُوَ عَلَى وَكَالَتِهِ أَوْ خَلَعَهُ عَنْهَا، وَإِنْ كَانَ غَائِبًا فَالْوَكِيلُ عَلَى وَكَالَتِهِ قَالَ ابْنُ سَهْلٍ: رَأَيْت بَعْضَ شُيُوخِنَا يَسْتَكْثِرُ إمْسَاكَهُ الْوَكَالَةَ سِتَّةَ أَشْهُرٍ أَوْ نَحْوَهَا وَيَرَى تَجْدِيدَ الْوَكَالَةِ إنْ أَرَادَ الْخُصُومَةَ قَالَ ابْنُ الْمُنَاصَفِ: أَمَّا إذَا خَاصَمَ وَاتَّصَلَ خِصَامُهُ، وَطَالَ سِنِينَ فَهُوَ عَلَى وَكَالَتْهُ الْأُولَى انْتَهَى كَلَامُهُ.
وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: فِي الِانْعِزَالِ بِطُولِ مُدَّةِ التَّوْكِيلِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَبَقَائِهِ قَوْلُ ابْنِ سَهْلٍ رَأَيْت بَعْضَ شُيُوخِنَا يَسْتَكْثِرُ إمْسَاكَ الْوَكِيلِ عَلَى الْخُصُومَةِ سِتَّةَ أَشْهُرٍ وَنَحْوَهَا، وَيَرَى تَجْدِيدَ