المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع قبض وكيل الوكيل من مال موكل موكله] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ٥

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[تَنْبِيه رَهْنِ الدَّارِ الْغَائِبَة وَالشَّيْءِ الْغَائِبِ]

- ‌[فَرْعٌ رَاهِنُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ يَسْقُطُ عَنْهُ ضَمَانُهُ]

- ‌[فَرْعٌ رَهَنَهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ رَهْنًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَقَبَضَهُ]

- ‌[وَقَعَ الرَّهْنُ فَاسِدًا بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا]

- ‌[حُلُول الْأَجَل]

- ‌[فَرْعٌ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ كِرَاء الدَّارَ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ أَوْ الْعَبْدَ الْكَثِيرَ الْخَرَاجِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ أُجْرَةً عَلَى تَوَلِّيهِ]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ الرَّهْنُ مُصْحَفًا أَوْ كُتُبًا وَقَرَأَ فِيهَا الرَّاهِنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ دُونَ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ]

- ‌[فَرْعَانِ الْأَوَّلُ حَوْزُ الْقَيِّمِ بِأُمُورِ الرَّهْنِ وَالْمُتَصَرِّفِ فِي مَالِهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَتَى تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي الرَّهْن]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اخْتِلَاف الْمُفْلِس مَعَ غُرَمَائِهِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ إذَا تَتَطَوَّع بِالرَّهْنِ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ]

- ‌[هَلْ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّ الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَأَخْذُ الرَّهْنِ]

- ‌[إذَا اُسْتُحِقَّ الرَّاهِن الرَّهْنُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌[بَاعَهُ عَلَى رَهْنٍ مَضْمُونٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ سَمَّى لَهُ رَهْنًا ثُمَّ بَاعَهُ]

- ‌[تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فَبَاعَ الرَّهْنَ أَوْ وَهَبَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ هَلْ يَتَوَقَّفُ بَيْعُ الْحَاكِمِ عَلَى إثْبَاتِ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي سَوَّمَهُ قِيمَةُ مِثْلِهِ]

- ‌[الْمُرْتَهِنَ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ ثُمَّ أَثْبَتَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ قَضَاهُ]

- ‌[إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ إلَّا بِجُعْلٍ]

- ‌[فُرُوعٌ يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى الْإِبَاقِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدَ الرَّهْنَ]

- ‌[بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الرَّاهِنِ فَسَأَلَهُ الْمُشْتَرِي دَفْعَ الرَّهْنِ إلَيْهِ]

- ‌[ادَّعَيْت دَيْنًا فَأَعْطَاهُ بِهِ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَاعَ عِنْدَك ثُمَّ تَصَادَقْتُمَا عَلَى بُطْلَانِ دَعْوَاه]

- ‌[إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ رَدَّ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ وَقَبَضَ الدَّيْنَ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ]

- ‌[فَرْعٌ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ أَوْ ثَمَرَةَ النَّخْلِ رَهْنٌ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ]

- ‌[تَنْبِيه اخْتَلَفَا أَيْ الرَّاهِن وَالْمُرْتَهِن عِنْدَ الْقَاضِي فِي أَيِّ الْحَقَّيْنِ يَبْدَأُ بِالْقَضَاءِ]

- ‌[فُرُوعٌ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ كَذَا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ قَبَضَتْهُ مُبْهَمًا]

- ‌[كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ عَشَرَةٌ وَلِرَجُلٍ آخَرَ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَوَكَّلَا مَنْ يَقْضِي مِنْهُ الْعِشْرِينَ فَاقْتَضَى عَشَرَةً]

- ‌[بَابٌ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ]

- ‌[فَرْعٌ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَزَعَمَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ الْغَرِيمَ يُرِيدُ السَّفَرَ وَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ الْتَزَمَ لِإِنْسَانٍ أَنَّهُ إنْ سَافَرَ فَلَهُ عَلَيْهِ كَذَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ وَغَابَ الْمَالُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ لَا أُرِيدُ حُلُولَ عُرُوضِي]

- ‌[فَرْعٌ طَلَبَ الْوَارِثُ تَأْخِيرَهُ لِلْأَجَلِ بِحَمِيلٍ مَلِيءٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا قَامَ لِلْمَيِّتِ أَوْ الْمُفْلِسِ شَاهِدٌ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الْغُرَمَاءَ يَحْلِفُونَ مَعَ شَاهِدِهِمْ وَيَسْتَحِقُّونَ حُقُوقَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ ادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَأَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً عَلَى دَارٍ أَوْ عَرْصَةٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ]

- ‌[فَرْعٌ بَيْعُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ قِسْمَتِهِمْ]

- ‌[فَرْعٌ مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَقَسَمَ وَرَثَتُهُ مِيرَاثَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ أَيْ الغريم]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى أَيْ مِنْ سِجْنه الْإِمَام هَلْ يَخْرُجُ لِيَسْمَعَهَا]

- ‌[فَرْعٌ حُبِسَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ فِي دَيْنٍ فَأَقَرَّ الْمَحْبُوسُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَجَّرَ نَفْسَهُ]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَخْرُجَ إلَى بَلَدٍ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ فَأَقَامَ رَجُلٌ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِدَيْنٍ]

- ‌[فَرْعٌ قُيِّمَ عَلَى الْمُفْلِسِ فَوَجَدَ بَعْضُ النَّاسِ سِلْعَةً لَهُ فَأَرَادَ أَخْذَهَا فَخَاصَمَهُ الْمُفْلِسُ]

- ‌[فَرْعٌ حَيْثُ يَكُونُ الْبَائِعُ أَحَقَّ بِسِلْعَتِهِ هَلْ يُفْتَقَرُ أَخْذُهَا إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[طَلَبَ الْمُصَالِحُ أَخْذَ الْوَثِيقَةِ الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا]

- ‌[أَبَى الَّذِي بِيَدِهِ الْوَثِيقَةُ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[بَابٌ الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِلْإِفَاقَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ أَسْبَابُ الْحَجَر]

- ‌[تَنْبِيهٌ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَتْ عَمَّةُ صَبِيَّةٍ تَزَوَّجَتْ ابْنَةُ أَخِي قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَالَ وَلِيُّهَا زَوَّجْتُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَقَعَ عَقْدٌ عَلَى يَتِيمَةٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رِضَاهَا وَاعْتِرَافِهَا بِالْبُلُوغِ فَلَمَّا دَخَلَتْ أَنْكَرَتْ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ وَتَصَرَّفَ السَّفِيهُ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ الْقَاضِي تَرِكَةً قَبْلَ ثُبُوتِ مُوجِبَاتِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعْتَقَ عَبْدَ ابْنِهِ الَّذِي هُوَ فِي وِلَايَتِهِ وَحِجْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ رَجُلٌ بِعِتْقِ عَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْكَبِيرِ وَهُوَ ذُو مَالٍ فَحَنِثَ فِيهِمْ]

- ‌[مَسْأَلَة تَصَدَّقَ عَلَى مَحْجُورٍ بِمَالٍ وَشَرَطَ فِي صَدَقَتِهِ أَنْ يُتْرَكَ بِيَدِ الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[تَنْبِيه الصُّلْحُ عَلَى الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَرْعٌ صَالَحَ عَلَى عَبْدٍ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ سَرَقَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ صُلْحُ الْفُضُولِيِّ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا كَانَ الصُّلْحُ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ وَأَرَادَ نَقْضَهُ وَالرُّجُوعَ إلَى الْخُصُومَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا أَشْهَدَ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ أَنَّهُ أَسْقَطَ الِاسْتِرْعَاءَ]

- ‌[بَاب شَرْطُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارُهُ]

- ‌[تَنْبِيه إحَالَةُ الْقَطْعِ]

- ‌[فَرْعٌ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحَالَةِ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ بَعْدَ الْإِحَالَةِ لِلْمُحِيلِ]

- ‌[تَنْبِيه بَاعَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ]

- ‌[بَاب الضَّمَانُ]

- ‌[مَسْأَلَة كَيْفِيَّة الضَّمَان]

- ‌[الْحَمَالَةَ بِالْمَالِ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ لِغَرِيمِهِ إنْ عَجَّلْت لِي مِنْ حَقِّي كَذَا وَكَذَا فَبَقِيَّتُهُ مَوْضُوعَةٌ عَنْك]

- ‌[فَرْعٌ تَكَفَّلَ بِوَجْهِ رَجُلٍ فَغَابَ الرَّجُلُ فَأَخَذَ بِهِ الْكَفِيلُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ بَاعَ مَوْلًى وَأَخَذ حَمِيلًا بِالثَّمَنِ فَرَدَّ ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَأَسْقَطَهُ عَنْ الْمَوْلَى]

- ‌[الفرع الثَّانِي نَصْرَانِيّ تَحْمِل عَنْ نَصْرَانِيّ سلفا فِي خَمْر أَوْ خِنْزِير ثُمَّ أسلم وَأَعْدَم الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقّ]

- ‌[الفرع الثَّالِث حَمَالَةُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[الفرع الرَّابِع أبرأ الْحَمِيل ثُمَّ ادَّعَى كَرَاهَة ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُبَارَأَةُ بِضَمَانِ الْأَبِ]

- ‌[بَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ]

- ‌[اسْتَعَارَ أَحَد الشَّرِيكَيْنِ مَا يَحْمِل عَلَيْهِ طَعَام فَحَمَلَ عَلَيْهِ شَرِيكه]

- ‌[فَرْعٌ الشَّرِيك يَقُولُ لِصَاحِبِهِ اُقْعُدْ فِي هَذَا الْحَانُوتِ تَبِيعُ فِيهِ وَأَنَا آخُذُ الْمَتَاعَ بِوَجْهِي وَالضَّمَانُ عَلَيَّ وَعَلَيْك]

- ‌[فُرُوعٌ إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا]

- ‌[فَرْعٌ إصْلَاح أَحَد الشَّرِيكَيْنِ الشَّيْء الْمُشْتَرَك إذَا تلف بِدُونِ إِذْن الشَّرِيك]

- ‌[فَرْعٌ طَلَب أَحَد الشركين الْبَيْع فِي الْأَشْيَاء الَّتِي لَا تنقسم]

- ‌[فَرْعَانِ أَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ دَاخِلَ دَارِهِ وَلِجَارِهِ حَائِطٌ فِيهَا]

- ‌[فَرْعَانِ تَصْرِف أَحَد الشَّرِيكَيْنِ فِي شيئ بِدُونِ إِذْن شَرِيكه]

- ‌[فَرْعٌ لِقَوْمٍ فِنَاءٌ وَغَابُوا عَنْهُ وَاُتُّخِذَ مَقْبَرَةً]

- ‌[فَرْعٌ اقْتِطَاعُ شَيْءٍ مِنْ الْأَفْنِيَةِ وَالتَّحْوِيزِ عَلَيْهِ بِبِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ أَحْدَثَ عَلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا وَعَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ]

- ‌[فَرْعٌ أَحْدَثَ مِنْ الْبُنْيَانِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِيهِ بِالضَّرَرِ فَقَامَ جَارُهُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ أُحْدِثَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي]

- ‌[فَتْح الْبَابَ فِي السِّكَّة النَّافِذَةِ]

- ‌[فَرْعٌ غَرَسَ فِي فِنَاءِ رَجُلٍ وَرْدًا وَاسْتَغَلَّهُ فَقَامَ صَاحِبُ الْفِنَاءِ يَطْلُبُ زَوَالَ الْوَرْدِ وَقِيمَةَ مَا اغْتَلَّ]

- ‌[فَصْلُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْخَصْمَيْنِ إذَا فَرَغَا مِنْ الْخُصُومَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَمْرٍ وَأَرَادَا أَنْ يُثْبِتَاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ]

- ‌[فَرْعٌ الْإِعْذَارُ إلَى الْمُوَكِّلِ]

- ‌[فَرْعٌ عَزْل الْوَكِيل]

- ‌[فَرْعٌ الْخُصُومَاتِ لِذِي الْهَيْئَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ قَبَضَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِ مُوَكِّلِهِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ بَاعَ مِنْ بَعْضِ وَلَدِهِ دَارًا أَوْ مِلْكًا وَذَكَرَ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ الْيَمِينُ إذَا حَقَّقَ الطَّالِبُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابٌ الْإِيدَاعُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ أَرْكَان الْوَدِيعَة]

- ‌[فَرْعٌ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِمَا لَا يَجُوزُ خَلْطُهَا بِهِ]

- ‌[فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَ الْوَدِيعَةَ وَهِيَ عَرَضٌ]

- ‌[بَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ وَالْغَصْبُ بَيْنَ الْكَافِرِينَ كَالْغَصْبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا كَانَ طَعَامٌ أَوْ غَيْرُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَغَصَبَ مِنْهُ ظَالِمٌ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا]

- ‌[مَسْأَلَةُ مَنْ اسْتَهْلَكَ فَرْدَ خُفٍّ لِرَجُلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ شَجَرَةِ غَيْرِهِ غَرْسًا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَائِدَة جَمَاعَةٍ وَرِثُوا دَارًا كَبِيرَةً بَعْضُهَا عَامِرٌ وَبَعْضُهَا خَرَابٌ وَبَعْضهمْ غَائِب]

- ‌[مَسْأَلَة اعْتَرَفَ مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ الْمَشْهُودُ أَنْ يَأْخُذَ حَمِيلًا عَلَى مَنْ بَاعَ ذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ بَلَدٍ كَثُرَ فِيهِ بَيْعُ الْأَحْرَارِ]

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ السُّلْطَانُ الرَّهْنَ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الرَّهْنَ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الشِّرَاءِ اشْهَدُوا أَنَّى أَخَذَتْ بِشُفْعَتِي ثُمَّ رَجَعَ]

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ شِقْصًا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَالشَّفِيعُ مُسْلِمٌ]

- ‌[فَرْعٌ مَا بِيعَ بِعَيْنٍ فَدُفِعَ عَنْهُ عَرْضٌ وَعَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَرْضٍ فَاخْتَلَفَ الْمُبْتَاعُ مَعَ الشَّفِيعِ فِي قِيمَتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى شِقْصًا فَصَالَحَ أَحَدَ الشُّفَعَاءِ عَلَى تَسْلِيمِ الشُّفْعَة فِي مَغِيبِ شُرَكَائِهِ ثُمَّ قَدِمُوا وَأَخَذُوا شُفْعَتَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَا تَنْقَطِعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ لِرَجُلٍ غَائِبٍ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا بَاعَ بَعْضٌ حِصَّتَهُ لَمْ يَأْخُذْ مَعَ الشَّرِيكِ بِالشُّفْعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ تُنَازِع الْوَرَثَة فِي حِصَصهمْ وادعاء بَعْضهمْ الشِّرَاء]

- ‌[مَسْأَلَةٌ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِنَفْسِهِ طَائِفَةً بِعَيْنِهَا]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قِسْمَةِ الْحَبْسِ]

- ‌[فَرْعٌ اتَّفَقَ الْجِيرَانُ عَلَى أَنْ يَحْرُسَ لَهُمْ جَنَّاتِهِمْ أَوْ كُرُومَهُمْ فَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الأندار إذَا جَمَعَتْهُمْ السُّيُولُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الْخَلْطِ]

- ‌[فَرْعٌ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَامَ شَرِيكُهُ يَطْلُبُ بَيْعَ نَصِيبِهِ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ إخْلَاءَ الدَّارِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْآخَرُ تُقْسَمُ وَأَنَا فِيهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَخْرَجَ وَلَدُ الْمَيِّتِ كِتَابًا بِخَطِّ الْمَيِّتِ أَنَّهُ صَارَ لَهُ رَبْعٌ مِنْ التَّرِكَة بَعْد التَّقْسِيم وَطَلَبَ الْقِيَامَ]

- ‌[فَرْعٌ فَلَوْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ عَقَارًا وَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعَ مَا خَصَّهُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ لَهُ]

- ‌[فَرْعٌ قَسْمُ الْوَصِيِّ عَلَى يَتِيمِهِ بِالسَّهْمِ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُعْرِيَ مِنْ الْحَائِطِ]

- ‌[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ رَبِّ الْمَالِ وَدَوَابِّهِ فِي غَيْرِ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ ثَوْبًا لِخَيَّاطٍ فَقَالَ لَا أَخِيطُهُ إلَّا بِدِرْهَمَيْنِ وَقَالَ رَبُّهُ لَا أَخِيطُهُ إلَّا بِدِرْهَمٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَكَرِيَةِ الدُّورِ]

- ‌[فَرْعٌ خَرَجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ لِاقْتِضَائِهِ دُونَ إذْنِ صَاحِبِهِ فَاقْتَضَاهُ أَوْ بَعْضَهُ وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبِهِ]

- ‌[فَرْعٌ آجَرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ]

- ‌[فَرْعٌ عَقْدُ الْحَاضِنَةِ عَلَى مَحْضُونِهَا]

- ‌[فَرْعٌ اسْتِئْجَارُ الْأَعْزَبِ الْمَرْأَةَ لِتَخْدُمَهُ فِي بَيْتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ اسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ]

- ‌[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْأَبَوَيْنِ إنْ سَافَرَا أَخْذُ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَدْفَعَا إلَى الظِّئْرِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ شَرَطَ رَبُّ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنَّهُ لَا يُكْرِيهَا لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ كِرَاءِ الثَّوْبِ]

- ‌[فَرْعٌ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الشِّعْرِ وَالنَّوْحِ]

- ‌[فَرْعٌ أَخْذَ الْأُجْرَةِ وَالْجُعْلِ عَلَى ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ]

- ‌[فَرْعٌ غَصَبَ النَّصْرَانِيُّ سَفِينَةَ مُسْلِمٍ لِمُسْلِمٍ وَحَمَلَ فِيهَا الْخَمْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لُزُومُ أُجْرَة الْمِثْلِ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى الرَّاعِي أَنَّ بَعْضَ الْغَنَمِ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الصَّانِعُ هَذَا مَتَاعُ فُلَانٍ وَقَالَ فُلَانٌ لَيْسَ هُوَ لِي]

- ‌[فَرْعٌ أَصَابَ الْأَجِيرَ فِي الْبِنَاءِ مَطَرٌ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ مَنَعَهُ مِنْ الْبِنَاءِ فِي وَقْت الْمَطَر]

- ‌[فَصْلٌ كِرَاءُ الدَّوَابِّ]

- ‌[فَصَلِّ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارٌ غَائِبَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَابٌ صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا]

- ‌[مَسْأَلَة الْآبِقُ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ وَنَفَقَتُهُ تَسْتَغْرِقُ الْجُعْلَ الَّذِي جُعِلَ عَلَيْهِ]

الفصل: ‌[فرع قبض وكيل الوكيل من مال موكل موكله]

عَلِمَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ انْتَهَى.

فَتَحَصَّلَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْوَكِيلَ الْمُفَوَّضَ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ عَلَى مَا رَجَّحَهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ، وَأَمَّا الْوَكِيلُ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ فَإِنْ كَانَ مِمَّنْ يَلِي مَا وُكِّلَ فِيهِ بِنَفْسِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فِي ذَلِكَ وَإِنْ كَانَ مِمَّنْ لَا يَلِيقُ بِهِ أَنْ يَلِيَ ذَلِكَ بِنَفْسِهِ فَإِنْ عَلِمَ الْمُوَكِّلُ بِأَنَّهُ لَا يَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَعْلَمْ بِذَلِكَ، فَإِنْ كَانَ مَشْهُورًا قَدْ عُرِفَ عِنْدَ النَّاسِ أَنَّهُ لَا يَلِي ذَلِكَ بِنَفْسِهِ، فَلَهُ ذَلِكَ وَيُحْمَلُ الْوَكِيلُ عَلَى أَنَّهُ عَلِمَ بِذَلِكَ وَلَا يُصَدَّقُ فِي أَنَّهُ لَا يَعْلَمُ، وَأَمَّا إنْ لَمْ يَكُنْ مَشْهُورًا بِذَلِكَ فَرِضَاهُ بِالْوَكَالَةِ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ الْمُتَوَلِّي حَتَّى يَعْلَمَ رَبُّ الْمَالِ أَنَّهُ لَا يَتَوَلَّى، وَهَذَا مُتَعَدٍّ بِالْوَكَالَةِ وَضَامِنٌ لِلْمَالِ وَرَبُّ الْمَالِ مَحْمُولٌ عَلَى أَنَّهُ لَمْ يَعْلَمْ حَتَّى يَعْلَمَ أَنَّهُ تَعَدَّى الْوَكِيلُ وَوَكَّلَ حَيْثُ لَا يَجُوزُ لَهُ فَإِنْ عَلِمَ وَكِيلُهُ بِالتَّعَدِّي، فَهُوَ ضَامِنٌ وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ فَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ فِي آخِرِ مَسَائِلِ الْبَيْعِ وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِيمَا إذَا قَالَ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ ضَعْ الرَّهْنَ عَلَى يَدِ عَدْلٍ فَوَضَعَهُ عَلَى يَدِ غَيْرِ عَدْلٍ فَلَا ضَمَانَ عَلَى الْغَيْرِ وَانْظُرْ الْبُرْزُلِيَّ فِي مَسَائِلِ الْوَكَالَةِ.

(تَنْبِيهٌ) : حَيْثُ يَجُوزُ لَهُ التَّوْكِيلُ فَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَغَيْرُهُ: لَا يُوَكِّلُ إلَّا أَمِينًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (فَلَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْأَوَّلِ)

ش: يَعْنِي فَإِذَا أَجَزْنَا لَهُ التَّوْكِيلَ فِي الْمَوْضِعَيْنِ فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِعَزْلِ الْأَوَّلِ؛ لِأَنَّهُ صَارَ كَالْوَكِيلِ عَنْ الْأَصْلِ إذْ أَنَّا لَا نُجِيزُ لَهُ الْوَكَالَةَ إلَّا بِنَصٍّ أَوْ بِحَسَبِ الْعَادَةِ وَنَحْوُهُ لِلْمَازِرِيِّ وَابْنِ الْحَاجِبِ وَغَيْرِهِمَا لَكِنَّهُمْ إنَّمَا قَالُوا فَلَا يَنْعَزِلُ الثَّانِي بِمَوْتِ الْأَوَّلِ وَكَانَ الْمُصَنِّفُ رحمه الله رَأَى أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ عَزْلِهِ وَمَوْتِهِ وَرَآهُ مَنْصُوصًا وَلَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّ الْوَكِيلَ الثَّانِيَ لَا يَنْعَزِلُ إذَا عَزَلَهُ الْأَوَّلُ؛ لِأَنَّ الظَّاهِرَ أَنَّ ذَلِكَ لَهُ كَمَا سَيَأْتِي فِي كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ وَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَا يَتَخَرَّجُ فِي هَذَا الْفَرْعِ خِلَافٌ مِنْ وَكِيلِ الْقَاضِي عَلَى النَّظَرِ لِلْيَتِيمِ فَإِنَّ فِيهِ خِلَافًا هَلْ هُوَ نَائِبٌ عَنْ الْقَاضِي أَوْ عَنْ وَالِدِ الْمَيِّتِ؟ وَتَقْدِيمُ الْقَاضِي إنَّمَا هُوَ جُبْرَانٌ لِمَا أَهْمَلَهُ الْمَيِّتُ، وَأَيْضًا فَإِنَّ الْقَاضِيَ الَّذِي قَدَّمَ نَاظِرًا عَلَى الْمَيِّتِ لَوْ مَاتَ لَمْ يَكُنْ مَوْتُهُ عَزْلًا لِذَلِكَ النَّاظِرِ انْتَهَى وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ بَعْدَ نَقْلِهِ لِهَذَا الْكَلَامِ:(قُلْت) : فِي هَذَا الْكَلَامِ تَنَافٍ بَيَانُهُ أَنَّهُ نَقَلَ أَوَّلًا الْقَوْلَ بِأَنَّ نَاظِرَ الْيَتِيمِ نَائِبٌ عَنْ الْقَاضِي لَا عَنْ الْأَبِ وَلَازِمُ هَذَا انْعِزَالُ النَّاظِرِ بِمَوْتِ الْقَاضِي، ثُمَّ قَالَ عَلَى وَجْهِ الِاسْتِدْلَالِ: بِأَنَّهُ لَوْ مَاتَ الْقَاضِي لَمْ يَنْعَزِلْ النَّاظِرُ وَظَاهِرُهُ اتِّفَاقًا، وَهُوَ خِلَافٌ لَازِمٌ، كَوْنُهُ نَائِبًا عَنْ الْقَاضِي، وَالْقَوْلُ بِانْعِزَالِ نَاظِرِ الْيَتِيمِ بِمَوْتِ الْقَاضِي ثَابِتٌ فِي الْمَذْهَبِ حَسْبَمَا يُذْكَرُ فِي الْأَقْضِيَةِ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَبَعْدَ الْإِعْرَاضِ عَنْ هَذَا التَّنَافِي، فَاَلَّذِي يَتَحَصَّلُ مِنْ كَلَامِهِ فَرْقٌ مَانِعٌ مِنْ التَّخْرِيجِ كَمَا زَعَمَ هُوَ أَنَّ نَاظِرَ الْقَاضِي نَائِبٌ عَنْهُ فِي قَوْلٍ وَوَكِيلُ الْوَكِيلِ نَائِبٌ عَنْ الْمُوَكِّلِ لَا عَنْ الْوَكِيلِ، وَهَذَا يُرَدُّ بِمَنْعِ انْحِصَارِ نِيَابَةِ وَكِيلِ الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ لَهُ عَزْلُ وَكِيلِهِ وَاسْتِقْلَالُهُ بِفِعْلِ نَفْسِهِ اتِّفَاقًا وَلَوْ لَمْ يَكُنْ نَائِبًا عَنْهُ لَمَا صَحَّ عَزْلُهُ إيَّاهُ وَيُفَرَّقُ بِأَنَّ نِيَابَةَ الْقَاضِي عَنْ الْأَبِ إنَّمَا هِيَ بِأَمْرٍ عَامٍّ، وَهُوَ وِلَايَتُهُ الصَّالِحَةُ لَهُ وَلِغَيْرِهِ، فَهُوَ بِالنِّسْبَةِ إلَيْهِ كَدَلَالَةِ الْعَامِّ عَلَى بَعْضِ أَفْرَادِهِ، وَنِيَابَةُ الْوَكِيلِ عَنْ الْمُوَكِّلِ إنَّمَا هِيَ بِتَوْلِيَتِهِ إيَّاهُ بِعَيْنِهِ، فَهِيَ كَدَلَالَةِ الْخَاصِّ عَلَى نَفْسِ مَدْلُولِهِ، وَهِيَ أَقْوَى مِنْ دَلَالَةِ الْعَامِّ اتِّفَاقًا، وَلَا يَلْزَمُ مِنْ نَقْصِ أَثَرِ الْأَضْعَفِ نَقْصُ أَثَرِ الْأَقْوَى اهـ. فَاسْتُفِيدَ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ فَرْعٌ: وَهُوَ أَنَّ لِلْوَكِيلِ عَزْلَ وَكِيلِهِ اتِّفَاقًا وَنَقَلَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي أَلْغَازِهِ فَرْعًا آخَرَ وَنَصُّهُ: (فَإِنْ قُلْت) : رَجُلٌ غَيْرُ الْحَاكِمِ يَجُوزُ لَهُ أَنْ يَعْزِلَ وَكِيلَ رَجُلٍ، وَلَمْ يَأْذَنْ لَهُ الْمُوَكِّلُ فِي عَزْلِهِ، وَلَا عَلَّقَ عَزْلَهُ عَلَى شَيْءٍ.

(قُلْت) : إذَا وَكَّلَ الرَّجُلُ وَكِيلًا وَجَعَلَ لَهُ أَنْ يُوَكِّلَ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ رَجُلًا فَلِلْمُوَكِّلِ الْأَوَّلِ عَزْلُ وَكِيلِ وَكِيلِهِ اهـ. وَهَذَا الْفَرْعُ وَفَرْعُ ابْنِ عَرَفَةَ فَرْعَانِ عَزِيزَانِ (فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ سَلْمُونٍ: وَلَا يَنْعَزِلُ الْوَكِيلُ الثَّانِي بِمَوْتِ الَّذِي وَكَّلَهُ، وَيَنْعَزِلَانِ مَعًا بِمَوْتِ الْمُوَكِّلِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ قَبَضَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِ مُوَكِّلِهِ]

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ: مَا قَبَضَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ

ص: 202

مِنْ مَالِ مُوَكِّلِ مُوَكِّلِهِ فَيَلْزَمُهُ أَنْ يَدْفَعَهُ إلَى مَنْ أَرَادَ قَبْضَهُ مِنْهُ مِنْ مُوَكِّلِهِ وَمِنْ صَاحِبِ الْمَالِ إذَا ثَبَتَ أَنَّ الْمَالَ لَهُ بِبَيِّنَةٍ أَوْ بِإِقْرَارٍ مِنْ الْوَكِيلِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يَمْتَنِعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَى مَنْ دَفَعَ إلَيْهِ مِنْهُمَا، يُبَيِّنُ هَذِهِ مَسْأَلَةُ كِتَابِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَهِيَ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا عَلَى أَنْ يُسْلِمَ لَهُ فِي طَعَامٍ، فَفَعَلَ، ثُمَّ أَتَى الْآمِرُ، وَأَرَادَ قَبْضَ السَّلَمِ انْتَهَى. وَمَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَذْكُورَةُ سَيَقُولُ الْمُصَنِّفُ فِيهَا: وَلَك قَبْضُ سَلَمِهِ لَكَ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَفِي رِضَاهُ إنْ تَعَدَّى بِهِ تَأْوِيلَانِ)

ش: أَيْ، وَفِي جَوَازِ رِضَا الْمُوَكِّلِ يُرِيدُ بِفِعْلِ الْوَكِيلِ الثَّانِي إنْ كَانَ الْوَكِيلُ الْأَوَّلُ مُتَعَدِّيًا بِتَوْكِيلِهِ تَأْوِيلَانِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَالَ فِي السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ وَكَّلَ رَجُلًا يُسْلِمُ لَهُ فِي طَعَامٍ فَوَكَّلَ الْوَكِيلُ غَيْرَهُ لَمْ يَجُزْ، ثُمَّ قَالَ: وَاخْتُلِفَ فِي مَعْنَى قَوْلِهِ فِي الْكِتَابِ لَمْ يَجُزْ فَحَمَلَهُ بَعْضُهُمْ عَلَى أَنَّ لِلْآمِرِ فَسْخَهُ وَإِجَازَتَهُ، وَحَمَلَهُ ابْنُ يُونُسَ عَلَى أَنَّ الْمَعْنَى لَمْ يَجُزْ رِضَا الْآمِرِ بِمَا يَعْمَلُ وَكِيلُ وَكِيلِهِ، إذْ بِتَعَدِّيهِ صَارَ الثَّمَنُ عَلَيْهِ دَيْنًا لِلْآمِرِ فَلَا يَفْسَخُهُ فِي سَلَمِ الْوَكِيلِ الثَّانِي إلَّا أَنْ يَكُونَ قَدْ حَلَّ وَقَبَضَهُ لِسَلَامَتِهِ مِنْ الدَّيْنِ بِالدَّيْنِ انْتَهَى فَيُقَيِّدُ ذَلِكَ بِالسَّلَمِ كَمَا قَيَّدَهُ ابْنُ غَازِيٍّ

ص (كَرِضَاهُ بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ إنْ دَفَعَ الثَّمَنَ بِمُسَمَّاهُ)

ش: الْبَاءُ فِي بِمُسَمَّاهُ بِمَعْنَى فِي، أَيْ وَمَنَعَ رِضَاهُ فِي السَّلَمِ بِمُخَالَفَتِهِ فِي الثَّمَنِ الَّذِي سَمَّاهُ، فَالْمُخَالَفَةُ هُنَا فِي الْمُسَمَّى، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى فِي النَّوْعِ أَوْ الْجِنْسِ، وَقَدْ جَمَعَهُمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، فَقَالَ فِي السَّلَمِ الثَّانِي وَإِنْ وَقَعَتْ إلَيْهِ دَرَاهِمُ لِيُسْلِمَهَا لَكَ فِي ثَوْبٍ هَرَوِيٍّ فَأَسْلَمَهَا فِي بِسَاطِ شَعْرٍ أَوْ لِيَشْتَرِيَ لَك بِهَا ثَوْبًا فَأَسْلَمَهَا لَكَ فِي طَعَامٍ أَوْ فِي غَيْرِ مَا أَمَرْتَهُ بِهِ أَوْ زَادَ فِي الثَّمَنِ مَا لَا يُزَادُ عَلَى مِثْلِهِ، فَلَيْسَ لَك أَنْ تُجِيزَ فِعْلَهُ وَتُطَالِبَ بِمَا أَسْلَمَ فِيهِ مِنْ عَرَضٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ تَرْفَعَ إلَيْهِ مَا زَادَ؛ لِأَنَّ الدَّرَاهِمَ لَمَّا تَعَدَّى عَلَيْهَا الْمَأْمُورُ وَجَبَتْ عَلَيْهِ دَيْنًا فَفَسَخَتْهَا فِيمَا لَا تَتَعَجَّلُهُ، وَذَلِكَ دَيْنٌ بِدَيْنٍ، وَيَدْخُلُ فِي أَخْذِك لِلطَّعَامِ الَّذِي أَسْلَمَ فِيهِ أَيْضًا مَعَ مَا ذَكَرْنَا بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ لَا شَكَّ فِيهِ؛ لِأَنَّ الطَّعَامَ قَدْ وَجَبَ لِلْمَأْمُورِ بِالتَّعَدِّي، فَلَيْسَ لَهُ بَيْعُهُ حَتَّى يَقْبِضَهُ، وَسَلَمُ الْمَأْمُورِ لَازِمٌ لَهُ، وَلَا لَهُ وَلَا لَك فَسْخُهُ، وَلَا شَيْءَ لَكَ أَنْتَ عَلَى الْبَائِعِ، وَإِنَّمَا لَكَ عَلَى الْمَأْمُورِ مَا دَفَعْت إلَيْهِ مِنْ الثَّمَنِ وَلَوْ لَمْ تَدْفَعْ إلَيْهِ الثَّمَنَ وَأَمَرْتَهُ أَنْ يُسْلِمَ لَكَ مِنْ عِنْدِهِ فِي قَمْحٍ أَوْ فِي جَارِيَةٍ أَوْ فِي ثَوْبٍ وَلَمْ تَصِفْهَا لَهُ فَإِنْ أَسْلَمَ فِي غَيْرِ مَا أَمَرْتَهُ بِهِ مِنْ طَعَامٍ أَوْ فِيمَا لَا يُشْتَرَى لِمِثْلِك مِنْ جَارِيَةٍ أَوْ ثَوْبٍ، فَلَكَ أَنْ تَتْرُكَهُ وَلَا يَلْزَمُك الثَّمَنُ أَوْ تَرْضَى بِهِ وَيَدْفَعُ إلَيْكَ الثَّمَنَ؛ لِأَنَّكَ لَمْ يَجِبْ لَكَ عَلَيْهِ دَيْنٌ فَفَسَخْتَهُ وَكَأَنَّهُ وَلَّاك، وَلَا يَجُوزُ هَهُنَا أَنْ يُؤَخِّرَكَ بِالثَّمَنِ وَإِنْ تَرَاضَيْتُمَا بِذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَلْزَمْكَ مَا أَسْلَمَ فِيهِ إلَّا بِرِضَاكَ، فَكَأَنَّهُ بَيْعٌ مُؤْتَنَفٌ لِدَيْنٍ لَهُ وَتَوْلِيَةٍ فَتَأْخِيرُ الثَّمَنِ فِيهِ دَيْنٌ بِدَيْنٍ انْتَهَى، وَتَفْرِيقُ الْمُصَنِّفِ لِذَلِكَ مُشَوَّشٌ، فَلَوْ جَمَعَهُمَا كَمَا فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَاسْتَغْنَى بِقَوْلِهِ أَوَّلًا وَالرِّضَا بِمُخَالَفَتِهِ فِي سَلَمٍ إلَى آخِرِهِ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ الْمُخَالَفَةَ تَشْمَلُ جَمِيعَ ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ بِدَيْنٍ إنْ فَاتَ) ش هُوَ مَعْطُوفٌ عَلَى قَوْلِهِ بِمُخَالَفَتِهِ، وَيَصِحُّ أَنْ يُعْطَفَ عَلَى قَوْلِهِ بِمُسَمَّاهُ وَالْمَعْنَى أَنَّ مَنْ وَكَّلَ رَجُلًا عَلَى بَيْعِ سِلْعَةٍ بِالنَّقْدِ أَوْ لَمْ يُسَمِّ لَهُ نَقْدًا وَلَا مُؤَجَّلًا فَبَاعَهَا بِدَيْنٍ فَإِنَّ الْوَكِيلَ مُتَعَدٍّ فِي بَيْعِهِ بِالدَّيْنِ وَسَوَاءٌ سَمَّى لَهُ الْمُوَكِّلُ قَدْرَ رَأْسِ الثَّمَنِ أَمْ لَا، ثُمَّ لَا يَخْلُو الْحَالُ مِنْ أَمْرَيْنِ إمَّا أَنْ يَطَّلِعَ عَلَى ذَلِكَ بَعْدَ فَوَاتِ السِّلْعَةِ أَوْ قَبْلَ فَوَاتِهَا، فَإِنْ فَاتَتْ السِّلْعَةُ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يَرْضَى بِالثَّمَنِ

ص: 203

الْمُؤَجَّلِ؛ لِأَنَّهُ قَدْ وَجَبَ لَهُ عَلَى الْوَكِيلِ التَّسْمِيَةُ إنْ كَانَ سَمَّى لَهُ ثَمَنًا أَوْ الْقِيمَةُ إنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ فَرِضَاهُ بَعْدَ ذَلِكَ بِالدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ فَسْخُ دَيْنٍ فِي دَيْنٍ، وَإِنْ كَانَتْ الْقِيمَةُ أَوْ التَّسْمِيَةُ أَقَلَّ مِنْ الثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ، وَهُوَ الْغَالِبُ لَزِمَ مِنْهُ بَيْعُ قَلِيلٍ بِأَكْثَرَ مِنْهُ إلَى أَجَلٍ وَهُوَ عَيْنُ الرِّبَا، وَقِيلَ يَجُوزُ لَهُ الرِّضَا بِالْمُؤَجَّلِ، وَقِيلَ لِلْمُوَكِّلِ أَنْ يُلْزِمَ الْوَكِيلَ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ يُسَمِّ أَوْ التَّسْمِيَةَ إنْ سَمَّى، وَيَبْقَى الثَّمَنُ الْمُؤَجَّلُ لِأَجَلِهِ وَالْمَشْهُورُ الْمَنْعُ مِنْ ذَلِكَ وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ قَوْلُهُ إنْ فَاتَ أَنَّهُ إذَا لَمْ تَفُتْ السِّلْعَةُ لَمْ يَمْتَنِعْ رِضَاهُ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ رِضَاهُ حِينَئِذٍ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا خَالَفَ الْوَكِيلُ فِي الْبَيْعِ، فَإِنَّهُ يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي رَدِّ الْبَيْعِ وَفِي إجَازَتِهِ، فَكَذَلِكَ هُنَا يُخَيَّرُ الْمُوَكِّلُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ، وَفِي رَدِّ الْمَبِيعِ وَأَخْذِ سِلْعَتِهِ وَسَوَاءٌ سَمَّى لَهُ الثَّمَنَ الْوَكِيلُ أَمْ لَا وَنَصَّ عَلَى ذَلِكَ فِي التَّوْضِيحِ.

وَوَجْهُهُ أَنَّهُ جَعَلَ الْوَكِيلَ لَمَّا بَاعَ بِالدَّيْنِ مُتَعَدِّيًا، فَإِذَا كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً، فَالْمُوَكِّلُ مُخَيَّرٌ كَمَا تَقَدَّمَ، فَجَازَ لَهُ الرِّضَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ كَإِنْشَاءِ عُقْدَةٍ.

ص (وَبَيْعٌ فَإِنْ وَفَّى بِالْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ وَإِلَّا غَرِمَ)

ش: لَمَّا ذَكَرَ أَنَّهُ يَمْتَنِعُ رِضَا الْمُوَكِّلِ بِالثَّمَنِ الْمُؤَجَّلِ نَبَّهَ عَلَى أَنَّهُ لَا يَجُوزُ لَهُ أَنْ يُلْزِمَ الْوَكِيلَ الْقِيمَةَ أَوْ التَّسْمِيَةَ؛ لِأَنَّهُ يُؤَدِّي إلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ، وَأَنَّ الْحُكْمَ فِي ذَلِكَ أَنْ يُبَاعَ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ، فَإِذَا بِيعَ فَإِنْ وَفَّى بِقِيمَةِ السِّلْعَةِ إنْ كَانَ الْمُوَكِّلُ لَمْ يُسَمِّ لَهُ ثَمَنًا أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ إنْ كَانَ سَمَّى لَهَا ثَمَنًا فَلَا كَلَامَ وَقَوْلُهُ، وَإِلَّا غَرِمَ أَيْ وَإِنْ لَمْ يُوفِ مَا بِيعَ بِهِ الدَّيْنُ بِالْقِيمَةِ فِي الصُّورَةِ الْأُولَى أَوْ بِالتَّسْمِيَةِ فِي الصُّورَةِ الثَّانِيَةِ فَإِنَّ الْوَكِيلَ يَغْرَمُ لِلْمُوَكِّلِ مَا نَقَصَ فَإِنْ بِيعَ بِأَكْثَرَ أَخَذَ الْمُوَكِّلُ الْجَمِيعَ إذْ لَا رِبْحَ لِلْمُتَعَدِّي

ص (وَإِنْ سَأَلَ غُرْمَ التَّسْمِيَةِ وَيَصْبِرَ لِيَقْبِضَهَا أَوْ يَدْفَعُ الْبَاقِي جَازَ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَهَا فَأَقَلَّ)

ش: يَعْنِي فَلَوْ قَالَ الْوَكِيلُ أَنَا أَغْرَمُ جَمِيعَ التَّسْمِيَةِ يُرِيدُ إذَا كَانَ الْمُوَكِّلُ سَمَّى لَهَا ثَمَنًا، وَمِثْلُهُ إذَا قَالَ أَغْرَمُ جَمِيعَ الْقِيمَةِ فِيمَا إذَا لَمْ يُسَمِّ وَأَصْبَرَ فِي الصُّورَتَيْنِ حَتَّى يَحِلَّ الدَّيْنُ الْمُؤَجَّلُ، فَآخُذَ مِنْهُ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ الَّتِي دَفَعْتُهَا وَمَا زَادَ عَلَى مَا دَفَعْتَهُ أَعْطِهِ لِلْمُوَكِّلِ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ بِشَرْطِ أَنْ تَكُونَ قِيمَةُ الدَّيْنِ إذَا بِيعَ الْآنَ مِثْلَ التَّسْمِيَةِ، فَأَقَلَّ إذَا لَمْ يُسَمِّ؛ لِأَنَّ الْوَاجِبَ لِلْمُوَكِّلِ إذَا بِيعَ بِالدَّيْنِ مَا بِيعَ بِهِ إنْ وَفَّى بِالْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ أَوْ تَكْمِلَةُ ذَلِكَ إذَا لَمْ يُوَفِّ، فَإِذَا طَاعَ الْوَكِيلُ بِدَفْعِ ذَلِكَ الْآنَ مِنْ عِنْدِهِ، ثُمَّ بِدَفْعِ مَا كَانَ مِنْ الدَّيْنِ مِنْ زِيَادَةٍ، فَقَدْ أَحْسَنَ، وَمَفْهُومُ الشَّرْطِ فِي قَوْلِهِ إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ مِثْلَهَا، فَأَقَلَّ أَنَّهَا إنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ الْآنَ أَكْثَرَ مِنْ التَّسْمِيَةِ إنْ كَانَ سَمَّى أَوْ الْقِيمَةِ إنْ كَانَ لَمْ يُسَمِّ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ، وَهُوَ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَقْبِضَ قِيمَةَ الدَّيْنِ الَّتِي هِيَ أَكْثَرُ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ، فَكَأَنَّهُ فَسَخَ الزَّائِدَ فِي بَقِيَّةِ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ كَمَا لَوْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ الْمُؤَجَّلِ اثْنَيْ عَشَرَ وَالتَّسْمِيَةُ أَوْ قِيمَةُ السِّلْعَةِ عَشْرَةً وَالدَّيْنُ الَّذِي بِيعَتْ بِهِ خَمْسَةَ عَشَرَ، وَسَأَلَ الْوَكِيلُ أَنْ يَدْفَعَ الْعَشَرَةَ الَّتِي هِيَ التَّسْمِيَةُ أَوْ الْقِيمَةُ، وَيَصْبِرَ حَتَّى يَحِلَّ الدِّينُ الْمُؤَجَّلُ الَّذِي هُوَ خَمْسَةَ عَشَرَ فَيَأْخُذَ مِنْهُ الْعَشَرَةَ الَّتِي دَفَعَهَا، وَيَدْفَعَ الْبَاقِيَ لِلْمُوَكِّلِ، فَإِنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّ الْمُوَكِّلَ كَانَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْآنَ قِيمَةَ الدَّيْنِ الَّتِي هِيَ اثْنَا عَشَرَ، فَكَأَنَّهُ أَخَذَ الدِّينَارَيْنِ؛ لِيَأْخُذَ عَنْهُمَا خَمْسَةً، وَقِيمَةُ الدَّيْنِ تَكُونُ أَقَلَّ مِنْهُ غَالِبًا، وَإِنْ كَانَتْ قِيمَةُ الدَّيْنِ أَقَلَّ مِنْ التَّسْمِيَةِ أَوْ الْقِيمَةِ، وَسَأَلَ الْوَكِيلُ غَرِمَ أَحَدُهُمَا، وَيَصْبِرَ إلَى آخِرِ مَا تَقَدَّمَ فَاخْتُلِفَ فِي ذَلِكَ فَأَجَازَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَمَنَعَهُ أَشْهَبُ وَمَشَى الْمُصَنِّفُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فَقَالَ: إنْ كَانَتْ قِيمَتُهُ أَيْ الدَّيْنُ مِثْلَهَا أَيْ مِثْلَ التَّسْمِيَةِ، فَأَقَلَّ، وَقَوْلُهُ وَيَصْبِرَ لِيَقْبِضَهَا مَنْصُوبٌ بِأَنْ مُضْمَرَةٌ بَعْدَ الْوَاوِ وَالْعَاطِفَةِ عَلَى اسْمٍ خَالِصٍ مِنْ التَّقْدِيرِ بِالْفِعْلِ وَيَقْبِضَهَا بِكَسْرِ الْبَاءِ فِي الْمُضَارِعِ وَتُفْتَحُ فِي الْمَاضِي وَالضَّمِيرُ فِي قَوْلِهِ لِيَقْبِضَهَا رَاجِعٌ لِلتَّسْمِيَةِ الَّتِي عَرَفَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ

ص: 204

أَمَرَ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ وَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ أُغْرِمَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ وَاسْتُؤْنِيَ فِي الطَّعَامِ لِأَجْلِهِ وَغَرِمَ النَّقْصَ وَالزِّيَادَةُ لَكَ)

ش: يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِي السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ أَمَرْتَهُ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً فَأَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ أَغْرَمْتُهُ الْآنَ التَّسْمِيَةَ أَوْ الْقِيمَةَ إنْ لَمْ تُسَمِّ، ثُمَّ اُسْتُؤْنِيَ بِالطَّعَامِ فَإِذَا حَلَّ أَجَلُهُ اسْتَوْفَى، ثُمَّ بِيعَ فَكَانَتْ الزِّيَادَةُ لَكَ وَالنَّقْصُ عَلَيْهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: لِأَنَّ هَذَا لَا يَجُوزُ بَيْعُهُ قَبْلَ قَبْضِهِ بِخِلَافِ مَا تَقَدَّمَ.

وَانْظُرْ مَنْ يَتَوَلَّى الْبَيْعَ ابْنُ يُونُسَ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا: إنَّمَا يَكُونُ عَلَى الْمَأْمُورِ أَنْ يَبِيعَ مِنْ الطَّعَامِ مِقْدَارَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ الَّتِي لَزِمَتْهُ وَالزَّائِدُ لَيْسَ عَلَيْهِ بَيْعُهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ؛ لِأَنَّ بَقِيَّةَ الطَّعَامِ لِلْآمِرِ انْتَهَى. فَيُفْهَمُ مِمَّا حَكَاهُ ابْنُ يُونُسَ أَنَّ الَّذِي يَتَوَلَّى الْبَيْعَ هُوَ الْوَكِيلُ، وَاَلَّذِي تَقَدَّمَ هُوَ قَوْلُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ الْكَلَامِ الْمَذْكُورِ، وَإِنْ أَمَرْتَهُ بِبَيْعِ سِلْعَةٍ فَأَسْلَمَهَا فِي عَرَضٍ مُؤَجَّلٍ أَوْ بَاعَهَا بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ فَإِنْ أَدْرَكَ الْبَيْعَ فُسِخَ، وَإِنْ لَمْ يُدْرِكْ بِيعَ الْعَرَضِ بِعَيْنٍ نَقْدًا أَوْ بِيعَتْ الدَّنَانِيرُ بِعَرَضٍ نَقْدًا، ثُمَّ بِيعَ الْعَرَضُ بِعَيْنٍ نَقْدًا فَإِنْ كَانَ ذَلِكَ مِثْلَ الْقِيمَةِ أَوْ التَّسْمِيَةِ، فَأَكْثَرَ كَانَ ذَلِكَ لَكَ، وَمَا نَقَصَ مِنْ ذَلِكَ ضَمِنَهُ الْمَأْمُورُ، وَلَوْ أَسْلَمَهَا فِي طَعَامٍ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ هَذَا لَفْظُ الْمُدَوَّنَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَضَمِنَ إنْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ، وَلَمْ يُشْهِدْ)

ش: يَقَعُ فِي بَعْضِ النُّسَخِ بِحَذْفِ مَفْعُولِ أَقْبَضَ، فَيَعُمُّ الدَّيْنَ وَالْمَبِيعَ كَمَا قَالَهُ ابْنُ غَازِيٍّ وَظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ سَوَاءٌ كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ أَوْ لَمْ تَكُنْ، وَهُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِذَلِكَ لَمْ يَضْمَنْ، وَهَذِهِ إحْدَى الطَّرِيقَتَيْنِ فِي الْمَذْهَبِ وَهِيَ طَرِيقَةُ الرَّجْرَاجِيِّ قَالَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ: فَإِنْ جَحَدَهُ الثَّمَنَ جُمْلَةً هَلْ يُصَدَّقُ أَمْ لَا؟ فَالْمَذْهَبُ عَلَى قَوْلَيْنِ أَحَدُهُمَا أَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ وَيَضْمَنُ لِتَفْرِيطِهِ فِي تَرْكِ الْإِشْهَادِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْكِتَابِ، وَهُوَ مَشْهُورُ الْمَذْهَبِ وَالثَّانِي أَنَّهُ يُصَدَّقُ وَلَا ضَمَانَ عَلَيْهِ.

وَهُوَ قَوْلُ عَبْدِ الْمَلِكِ فِي الْوَكِيلِ فِي الْمَبْعُوثِ مَعَهُ الْمَالُ لِيَدْفَعَهُ إلَى رَجُلٍ فَأَنْكَرَ الْمَبْعُوثُ إلَيْهِ أَنْ يَكُونَ دَفَعَ إلَيْهِ، فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ: لَا ضَمَانَ عَلَيْهِمَا؛ لِأَنَّ الْعَادَةَ الْيَوْمَ تَرْكُ الْإِشْهَادِ عَلَى مِثْلِ هَذَا وَابْنُ الْقَاسِمِ يُضَمِّنُهَا فِي الْجَمِيعِ انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَلَوْ سَلَّمَ الْمَبِيعَ، وَلَمْ يُشْهِدْ فَجَحَدَ الْمُشْتَرِي الثَّمَنَ ضَمِنَ، وَلَوْ أَقْبَضَ الدَّيْنَ، فَكَذَلِكَ وَقِيلَ إلَّا أَنْ تَكُونَ الْعَادَةُ التَّرْكَ انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: قَوْلُهُ وَقِيلَ إلَخْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: هُوَ قَوْلٌ ثَانٍ ذَكَرَهُ بَعْضُ الشُّيُوخِ انْتَهَى.

وَالطَّرِيقَةُ الْأُخْرَى أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِتَرْكِ الْإِشْهَادِ وَإِنَّمَا الْخِلَافُ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ جَارِيَةً بِالْأَمْرَيْنِ أَوْ لَمْ تَكُنْ عَادَةً، وَهَذِهِ الطَّرِيقَةُ تُشْبِهُ أَنْ تَكُونَ طَرِيقَةَ اللَّخْمِيِّ وَالشَّيْخِ أَبِي الْحَسَنِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ لَا يُخْتَلَفُ فِي سُقُوطِ الضَّمَانِ إنْ كَانَتْ الْعَادَةُ تَرْكَ الْإِشْهَادِ وَإِنَّمَا يُخْتَلَفُ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ بِالْأَمْرَيْنِ مَعًا الْإِشْهَادَ وَعَدَمَهُ أَوْ لَمْ تَكُنْ عَادَةً انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: إنَّ الْوَكِيلَ ضَامِنٌ وَلَوْ صَدَّقَهُ الْمُوَكِّلُ عَلَى الدَّفْعِ مَا لَمْ يَكُنْ ذَلِكَ بِحَضْرَتِهِ فَفِي كِتَابِ الْقِرَاضِ مِنْهَا، وَإِذَا دَفَعَ الْعَامِلُ ثَمَنَ سِلْعَةٍ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ، وَحَبَسَ السِّلْعَةَ فَالْعَامِلُ ضَامِنٌ، وَكَذَلِكَ الْوَكِيلُ عَلَى شِرَاءِ سِلْعَةٍ بِعَيْنِهَا أَوْ بِغَيْرِ عَيْنِهَا يَدْفَعُ الثَّمَنَ، فَجَحَدَهُ الْبَائِعُ، فَهُوَ ضَامِنٌ وَلِرَبِّ الْمَالِ أَنْ يَغْرَمَهَا وَإِنْ عَلِمَ رَبُّ الْمَالِ بِقَبْضِ الْبَائِعِ الثَّمَنَ بِإِقْرَارِهِ عِنْدَهُ، ثُمَّ جَحَدَهُ أَوْ بِغَيْرِ ذَلِكَ وَيَطِيبُ لَهُ مَا يُقْضَى لَهُ بِهِ مِنْ ذَلِكَ إلَّا أَنْ يَدْفَعَ الْوَكِيلُ الثَّمَنَ بِحَضْرَةِ رَبِّ الْمَالِ فَلَا يَضْمَنُ انْتَهَى.

وَقَالَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ عَلَى مَا فِي نُسَخِ التَّوْضِيحِ وَنَقَلَهُ هُنَا فِي التَّوْضِيحِ وَتَقَدَّمَ فِي الْحَمَالَةِ عَنْ الْبَيَانِ نَحْوُهُ.

ص (أَوْ بَاعَ بِكَطَعَامٍ نَقْدًا مَا لَا يُبَاعُ بِهِ وَادَّعَى الْإِذْنَ فَنُوزِعَ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا بَاعَ السِّلْعَةَ الَّتِي وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهَا بِطَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ أَوْ نَحْوِهِ وَكَانَتْ السِّلْعَةُ مِمَّا لَا تُبَاعُ بِذَلِكَ وَادَّعَى أَنَّ الْمُوَكِّلَ أَذِنَ لَهُ فِي ذَلِكَ

ص: 205

وَنَازَعَهُ الْمُوَكِّلُ فِي ذَلِكَ وَأَنْكَرَ الْإِذْنَ فَإِنَّهُ يَضْمَنُ وَلَمْ يُبَيِّنْ رحمه الله مَا الَّذِي يَضْمَنُهُ وَهَلْ ذَلِكَ مَعَ قِيَامِ السِّلْعَةِ أَوْ مَعَ فَوَاتِهَا؟ وَالْحُكْمُ فِي ذَلِكَ أَنَّهُ إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً خُيِّرَ الْمُوَكِّلُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخَذَ مَا بِيعَتْ بِهِ أَوْ نُقِضَ الْبَيْعُ وَأَخَذَ سِلْعَتَهُ وَإِنْ فَاتَتْ خُيِّرَ فِي أَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ أَوْ تَضْمِينِ الْوَكِيلِ قِيمَتَهَا قَالَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ بَاعَ الْمَأْمُورُ سِلْعَةً بِطَعَامٍ أَوْ عَرَضٍ نَقْدًا، وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرْتَنِي وَأَنْكَرَ الْآمِرُ فَإِنْ كَانَتْ مِمَّا لَا يُبَاعُ بِذَلِكَ ضَمِنَ، وَقَالَ غَيْرُهُ: إنْ كَانَتْ السِّلْعَةُ قَائِمَةً لَمْ يَضْمَنْ الْمَأْمُورُ وَخُيِّرَ الْآمِرُ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ وَأَخْذِ مَا بِيعَتْ بِهِ مِنْ عَرَضٍ أَوْ طَعَامٍ أَوْ يَضْمَنُ الْوَكِيلُ قِيمَتَهَا وَيُسْلِمُ ذَلِكَ إلَيْهِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَوْلُهُ ضَمِنَ ظَاهِرُهُ فَاتَتْ السِّلْعَةُ أَمْ لَا وَلَيْسَ كَذَلِكَ، وَإِنَّمَا مَعْنَى قَوْلِهِ ضَمِنَ إذَا فَاتَتْ السِّلْعَةُ فَقَوْلُ الْغَيْرِ وِفَاقٌ قَالَهُ فِي التَّنْبِيهَاتِ انْتَهَى.

فَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ ضَمِنَ أَيْ ضَمِنَ قِيمَةَ السِّلْعَةِ يُرِيدُ مَعَ فَوَاتِهَا، وَأَمَّا إذَا كَانَتْ قَائِمَةً. فَهُوَ مُخَيَّرٌ فِي إجَازَةِ الْبَيْعِ، وَرَدِّهِ وَذَلِكَ بَعْدَ يَمِينِهِ كَمَا سَيَأْتِي وَيُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ كَلَامِ عِيَاضٍ الْآتِي هُنَا وَقَوْلِ الْمُصَنِّفِ نَقْدًا اُحْتُرِزَ بِهِ مِمَّا إذَا بَاعَ بِذَلِكَ إلَى أَجَلٍ، فَإِنَّهُ لَا يَجُوزُ الرِّضَا بِهِ، وَلَا أَخْذُ الْقِيمَةِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي التَّنْبِيهَاتِ وَانْظُرْ إذَا كَانَ الْمَأْمُورُ لَمْ يَعْلَمْ الْمُشْتَرِي أَنَّهَا لِغَيْرِهِ وَاحْتَاجَ إلَى إثْبَاتِ ذَلِكَ وَالْخِصَامُ فِيهِ هَلْ هُوَ فَوْتٌ؟ وَالْأَشْبَهُ أَنَّهُ فَوْتٌ، وَكَذَلِكَ لَوْ ثَبَتَ وَلَزِمَتْهُ الْيَمِينُ وَإِنَّمَا الَّذِي لَا إشْكَالَ فِيهِ إذَا أَعْلَمَ الْمَأْمُورُ الْمُشْتَرِيَ بِتَعَدِّيهِ انْتَهَى، وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ هُوَ الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ، وَادَّعَى الْإِذْنَ فَنُوزِعَ فَأَرَادَ أَنْ يُنَبِّهَ عَلَى أَنَّ مُنَازَعَتَهُ فِي الْإِذْنِ وَمُخَاصَمَتَهُ فِي ذَلِكَ وَتَوْجِيهُ الْيَمِينِ عَلَيْهِ بِسَبَبِ ذَلِكَ فَوْتٌ يُوجِبُ الضَّمَانَ، وَلِهَذَا لَمْ يَذْكُرْ هَلْ السِّلْعَةُ قَائِمَةٌ أَوْ فَاتَتْ وَلَوْ لَمْ يُرِدْ التَّنْبِيهَ عَلَى هَذَا لَمَا كَانَ لِذِكْرِهِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فَائِدَةٌ فَإِنَّهَا: مُسْتَفَادَةٌ مِمَّا تَقَدَّمَ.

(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْمَسَائِلِ الْمَلْقُوطَةِ: لِلْمُوَكِّلِ رَدُّ الْبَيْعِ بِالْغَبْنِ الْفَاحِشِ، وَيَضْمَنُ الْوَكِيلُ الْقِيمَةَ إنْ تَلِفَ الْمَبِيعُ انْتَهَى. مِنْ الْجَزِيرِيِّ انْتَهَى.

وَفِي الذَّخِيرَةِ فَرْعٌ: قَالَ عَلِيٌّ الْبَصْرِيُّ فِي تَعْلِيقِهِ إذَا بَاعَ الْوَكِيلُ بِمَا لَا يَتَغَابَنُ بِهِ النَّاسُ رَدَّ وَقَالَهُ الشَّافِعِيُّ لِعَزْلِهِ عَنْ ذَلِكَ عَادَةً وَقَالَ أَبُو حَنِيفَةَ: يَصِحُّ؛ لِأَنَّ اسْمَ الْبَيْعِ يَتَنَاوَلُهُ؛ لِأَنَّهُ أَعَمُّ، وَجَوَابُهُ عُمُومُهُ مُقَيَّدٌ بِالْعَادَةِ، كَذَلِكَ مَنَعَ مَالِكٌ وَالشَّافِعِيُّ بَيْعَهُ بِالدَّيْنِ، وَجَوَّزَهُ أَبُو حَنِيفَةَ مِنْ الْإِطْلَاقِ وَجَوَابُهُ مَا تَقَدَّمَ انْتَهَى. .

ص (وَإِنْ أَنْكَرَ الْقَبْضَ فَقَامَتْ الْبَيِّنَةُ فَشَهِدَتْ بِالتَّلَفِ كَالْمِدْيَانِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْوَكِيلَ إذَا أَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ قَبَضَ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ أَوْ قَبَضَ ثَمَنَ مَا وُكِّلَ عَلَى بَيْعِهِ، فَلَمَّا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ قَالَ: تَلِفَ أَوْ رَدَدْتُهُ فَإِنَّهُ لَا يُقْبَلُ قَوْلُهُ وَلَوْ أَقَامَ بَيِّنَةً بِذَلِكَ لَمْ تُسْمَعْ الْبَيِّنَةُ كَالْمِدْيَانِ يُنْكِرُ الدَّيْنَ فَلَمَّا قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ ادَّعَى قَضَاءَ الدَّيْنِ، فَإِنَّهُ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ قَالَ الْبُرْزُلِيُّ: وَمِثْلُ ذَلِكَ مَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ بِحَقٍّ فَأَنْكَرَهُ، ثُمَّ أَقَرَّ بِهِ، وَادَّعَى الْقَضَاءَ هُوَ بِمَثَابَةِ مَنْ أَنْكَرَ حَقًّا فَقَامَتْ عَلَيْهِ بَيِّنَةٌ، فَادَّعَى الْقَضَاءَ الْخِلَافُ فِي الْمَسْأَلَتَيْنِ سَوَاءٌ انْتَهَى.

وَمَا ذَكَرَهُ الْمُصَنِّفُ هُوَ الْمَشْهُورُ وَقِيلَ فِي هَذَا: الْأَصْلُ إنَّ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ، وَقَدْ ذَكَرَ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا أَعْنِي فِي بَابِ الْوَكَالَةِ مَسَائِلَ وَجَزَمَ فِيهَا بِأَنَّهَا لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، ثُمَّ ذَكَرَ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ هَذَا الْأَصْلَ وَذَكَرَ فِيهِ خِلَافًا وَذَكَرَ ابْنُ زَرْقُونٍ أَنَّهُ قَالَ إنَّ الْمَشْهُورَ أَنَّ بَيِّنَتَهُ تَنْفَعُهُ وَلَكِنَّ الْمُصَنِّفَ لَمْ يَعْتَمِدْ تَشْهِيرَهُ وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ وَفِي بَابِ الْقِرَاضِ: بَعْدَ أَنْ ذَكَرَا الْخِلَافَ فِيمَنْ أَنْكَرَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ مِنْ قِرَاضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَمَّا إنْ أَنْكَرَ شَيْئًا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ أَوْ أَنْكَرَ الدَّعْوَى فِي الرَّبْعِ أَوْ فِيمَا يُفْضِي إلَى الْحُدُودِ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ لِأَمْرٍ ادَّعَاهُ أَوْ أَقَامَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ فَفِيهَا أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ الْأَوَّلُ لِابْنِ نَافِع يُقْبَلُ مِنْهُ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ الثَّانِي لِغَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ اللِّعَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ.

الثَّالِثُ: لِابْنِ الْمَوَّازِ يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحُدُودِ وَغَيْرِهَا الرَّابِعُ: يُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحُدُودِ وَالْأَمْوَالِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْحُقُوقِ مِنْ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا مِنْ الْمُتَمَوِّلَاتِ وَهُوَ قَوْلُ

ص: 206

ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ انْتَهَى مِنْ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَنَحْوُهُ فِي كِتَابِ الْقِرَاضِ.

وَنَصُّهُ أَمَّا إنْ أَنْكَرَ مَا لَا يَتَعَلَّقُ بِالذِّمَّةِ وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ مِنْ رُبَعٍ أَوْ مَا يُفْضِي إلَى حَدٍّ، ثُمَّ رَجَعَ عَنْ إنْكَارِهِ لِأَمْرٍ ادَّعَاهُ وَأَقَامَ عَلَيْهِ بَيِّنَةً فَاخْتُلِفَ فِيهِ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ قَالَ ابْنُ نَافِعٍ يَنْفَعُهُ فِي كُلِّ شَيْءٍ وَالثَّانِي مُقَابِلُهُ قَالَهُ غَيْرُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْحُدُودِ الَّتِي تُدْرَأُ بِالشُّبُهَاتِ، فَأَحْرَى غَيْرُهَا، الثَّالِثُ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَلِابْنِ كِنَانَةَ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ إلَّا فِي الرُّبَعِ وَالْحُدُودِ.

الرَّابِعُ: لِابْنِ الْمَوَّازِ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ إلَّا فِي الْحُدُودِ ا. هـ. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ ابْنِ كِنَانَةَ نَقَلَهُ عَنْهُ فِي النَّوَادِرِ مِنْ الْمَجْمُوعَةِ وَنَصُّهُ وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ ابْنُ كِنَانَةَ فِيمَنْ ادَّعَى عَلَيْهِ رَجُلٌ مَالًا فَجَحَدَهُ، ثُمَّ أَتَى بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ رَدَّهُ إلَيْهِ قَالَ: لَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ إلَّا أَنْ يَأْتِيَ بِوَجْهٍ لَهُ فِيهِ عُذْرٌ قَالَ: وَمَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ أَرْضًا فِي يَدَيْهِ قَدْ حَازَهَا عَشْرَ سِنِينَ، فَأَنْكَرَ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهَا لَهُ فَأَثْبَتَ الْمُدَّعِي بِبَيِّنَةٍ أَنَّهَا لَهُ، فَجَاءَ هَذَا بِبَيِّنَةٍ أَنَّهُ ابْتَاعَهَا مِنْهُ أَوْ مِنْ أَبِيهِ قَالَ: ذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهُ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ رَجَوْت أَنَّ حِيَازَتِي تَكْفِينِي، وَلَيْسَ هَذَا كَالدَّيْنِ انْتَهَى.

وَقَدْ ذَكَرَ ابْنُ رُشْدٍ الْأَقْوَالَ الْأَرْبَعَةَ فِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْقِرَاضِ وَفِي رَسْمِ طَلْقِ بْنِ حَبِيبٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ وَفِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ كِتَابِ الشَّرِكَةِ وَفِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ: قِيلَ إنَّ الْبَيِّنَةَ تُقْبَلُ مِنْهُ بَعْدَ الْإِنْكَارِ وَقِيلَ إنَّمَا تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْأُصُولِ وَلَا تُقْبَلُ مِنْهُ فِي الْحُقُوقِ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَا وَلَوْ أَنَّ رَجُلًا ادَّعَى أَرْضًا فِي يَدِ رَجُلٍ فَقَالَ: مَا لَكَ عِنْدِي أَرْضٌ، وَمَا عَلِمْت لَك أَرْضًا قَطُّ فَأَقَامَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهَا أَرْضُهُ وَأَثْبَتَهَا، ثُمَّ أَقَرَّ الَّذِي هِيَ فِي يَدَيْهِ فَقَالَ: نَعَمْ هِيَ وَاَللَّهِ أَرْضُكَ وَلَكِنْ قَدْ اشْتَرَيْتُهَا مِنْك وَأَقَامَ بِشِرَائِهِ بَيِّنَةً فَإِنَّ اشْتِرَاءَهُ لِذَلِكَ يُقْبَلُ مِنْهُ، وَتَكُونُ لَهُ الْأَرْضُ وَلَا يَضُرُّهُ إنْكَارُهُ أَوْ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ كَانَ وَاَللَّهِ حَوْزِي يَنْفَعُنِي أَصْنَعُ بِالْأَرْضِ مَا شِئْت فَأَبَيْت أَنْ أُقِرَّ أَنَّهَا لَهُ فَيَكُونُ عَلَيَّ الْعَمَلُ فَكَرِهْت أَنْ أُعَنَّتَ فِي ذَلِكَ فَإِذْ قَدْ احْتَجْت إلَى شِرَائِي بَعْدَ أَنْ أَثْبَتهَا فَهَذَا شِرَائِي قَالَا فَذَلِكَ لَهُ، وَلَيْسَ مِثْلَ الَّذِي ادَّعَى عَلَيْهِ الْحَقَّ، فَجَحَدَهُ وَأَدْخَلَ ذَلِكَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ فِي النَّوَادِرِ.

وَمِنْ الْمَجْمُوعَةِ قَالَ: وَسَوَاءٌ أَقَامَ بَيِّنَةً بِشِرَاءٍ مِنْ الْمُدَّعِي أَوْ مِنْ أَبِيهِ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ رَجَوْت أَنَّ حِيَازَتِي تَكْفِينِي، وَلَيْسَ ذَلِكَ مِثْلَ الْمَدِينِ، وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ إلَّا فِي اللِّعَانِ إنْ ادَّعَى رُؤْيَةً بَعْدَ إنْكَارِهِ الْقَذْفَ، وَأَرَادَ أَنْ يُلَاعِنَ، وَكَذَلِكَ مَا أَشْبَهَ اللِّعَانَ مِنْ الْحُدُودِ وَهُوَ قَوْلُ مُحَمَّدِ بْنِ الْمَوَّازِ وَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ فِي اللِّعَانِ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ إنَّهُ يُحَدُّ وَلَا يُلَاعِنُ فَتَحَصَّلَ فِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا:

أَنَّ ذَلِكَ لَا يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ الْجُحُودِ فِي شَيْءٍ مِنْ الْأَشْيَاءِ وَهُوَ قَوْلُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَذَا فِي اللِّعَانِ؛ لِأَنَّهُ إذَا لَمْ يُقْبَلْ مِنْهُ ذَلِكَ فِي اللِّعَانِ فَأَحْرَى أَنْ لَا يَقْبَلَهُ فِيمَا سِوَاهُ مِنْ الدُّيُونِ وَالْأُصُولِ وَالثَّانِي: أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ الْجُحُودِ فِي جَمِيعِ الْأَشْيَاءِ وَالثَّالِثُ: مَا ذَهَبَ إلَيْهِ ابْنُ الْمَوَّازِ مِنْ الْفَرْقِ بَيْنَ الْحُدُودِ، وَمَا سِوَاهَا مِنْ الْأَشْيَاءِ وَالرَّابِعُ: أَنَّهُ يُقْبَلُ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ فِي الْأُصُولِ أَوْ الْحُدُودِ وَلَا يُقْبَلُ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْحُقُوقِ مِنْ الدُّيُونِ وَشِبْهِهَا، وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا فِي الْمُدَوَّنَةِ لِابْنِ كِنَانَةَ وَابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّهُ إذَا قُبِلَ مِنْهُ مَا أَتَى بِهِ بَعْدَ الْجُحُودِ فِي الْأَمْوَالِ، فَأَحْرَى أَنْ يُقْبَلَ مِنْهُ ذَلِكَ فِي الْحُدُودِ انْتَهَى.

وَحَكَى ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ، وَأَمَّا فِي بَابِ الْوَكَالَةِ، فَاقْتَصَرَ عَلَى أَنَّهُ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ وَقَالَ تَمَامُهَا فِي الْوَدِيعَةِ وَذَكَرَ فِي بَابِ الْقِرَاضِ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ وَقَالَ فِي بَابِ الْوَدِيعَةِ الشَّيْخُ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْأَخَوَيْنِ مَنْ أَوْدَعَ وَدِيعَةً بِبَيِّنَةٍ، ثُمَّ جَحَدَهَا، ثُمَّ أَقَامَ بِرَدِّهَا بَيِّنَةً أَنَّهُ ضَامِنٌ؛ لِأَنَّهُ أَكْذَبَ بَيِّنَتَهُ بِجَحْدِهَا يُرِيدُ إنْ قَالَ مَا أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا وَلَوْ قَالَ مَا لَك عِنْدِي مِنْ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ شَيْءٌ نَفَعَتْهُ بَيِّنَتُهُ انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ فِي آخِرِ كَلَامِهِ عَنْ

ص: 207

اللَّخْمِيِّ وَإِنْ قَالَ أَوْدَعْتنِي مِائَةَ دِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ لَمْ أَقْبِضْهَا لَمْ يُصَدَّقْ وَلَوْ قَالَ اشْتَرَيْت مِنْك ثَوْبًا، ثُمَّ قَالَ: لَمْ أَقْبِضْهُ قُبِلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ أَوْدَعْتَنِي يَدُلُّ عَلَى الْقَبْضِ وَالشِّرَاءُ يَقَعُ عَلَى الْعَقْدِ انْتَهَى.

(تَنْبِيهٌ) : مَا ذَكَرَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الشَّيْخِ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ مِنْ التَّفْرِقَةِ بَيْنَ قَوْلِهِ مَا أَوْدَعْتَنِي شَيْئًا، فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَا لَك عِنْدِي مِنْ هَذِهِ الْوَدِيعَةِ شَيْءٌ فَتُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ ظَاهِرٌ، وَهُوَ جَارٍ فِي جَمِيعِ مَسَائِلِ هَذَا الْبَابِ فَقَدْ قَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْبَابِ السَّادِسِ وَالْخَمْسِينَ مِنْ الْقِسْمِ الثَّانِي مِنْ تَبْصِرَتِهِ مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ دَيْنًا مِنْ سَلَفٍ أَوْ قِرَاضٍ أَوْ وَدِيعَةٍ أَوْ بِضَاعَةٍ أَوْ رِسَالَةٍ أَوْ رَهْنٍ أَوْ عَارِيَّةٍ أَوْ هِبَةٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ حَقٍّ مِنْ الْحُقُوقِ فَجَحَدَ أَنْ يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ مِنْ ذَلِكَ، فَلَمَّا خَافَ أَنْ تَقُومَ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ أَقَرَّ، وَادَّعَى فِيهِ وَجْهًا مِنْ الْوُجُوهِ يُرِيدُ إسْقَاطَ ذَلِكَ عَنْ نَفْسِهِ لَمْ يَنْفَعْهُ ذَلِكَ وَإِنْ قَامَتْ لَهُ الْبَيِّنَةُ عَلَى مَا زَعَمَ أَخِيرًا؛ لِأَنَّ جُحُودَهُ أَوَّلًا أَكْذَبَ الْبَيِّنَةَ فَلَا تُسْمَعُ وَإِنْ كَانُوا عُدُولًا.

(تَنْبِيهٌ) : وَكَذَلِكَ الْحُكْمُ إنْ لَمْ يُقِرَّ وَلَكِنْ قَامَتْ بِذَلِكَ بَيِّنَةٌ فَأَقَامَ هُوَ بَيِّنَةً أَيْضًا عَلَى رَدِّ السَّلَفِ أَوْ الْوَدِيعَةِ أَوْ الْقِرَاضِ أَوْ الْبِضَاعَةِ أَوْ الرِّسَالَةِ أَوْ عَلَى هَلَاكِ ذَلِكَ فَلَا يَنْفَعُهُ؛ لِأَنَّهُ بِإِنْكَارِهِ مُكَذِّبٌ لِذَلِكَ كُلِّهِ هَذَا قَوْلُ الرُّوَاةِ أَجْمَعِينَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَابْنِ وَهْبٍ وَمُطَرِّفٍ وَابْنِ الْمَاجِشُونِ. (فَرْعٌ) : وَأَمَّا إنْ قَالَ: مَا لَكَ عَلَيَّ سَلَفٌ وَلَا ثَمَنُ سِلْعَةٍ وَلَا لَك عِنْدِي وَدِيعَةٌ وَلَا قِرَاضٌ وَلَا بِضَاعَةٌ فَلَمَّا ثَبَتَ ذَلِكَ قَبْلَهُ بِالْبَيِّنَةِ أَقَرَّ بِذَلِكَ وَزَعَمَ أَنَّ الْوَدِيعَةَ وَالسِّلْعَةَ أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ مِمَّا يُدَّعَى عَلَيْهِ أَوْ ادَّعَى هَلَاكَهُ، وَأَقَامَ عَلَى ذَلِكَ بَيِّنَةً، فَهَهُنَا تَنْفَعُهُ الْبَرَاءَةُ؛ لِأَنَّ قَوْلَهُ مَا لَكَ شَيْءٌ يُرِيد فِي وَقْتِي هَذَا، وَأَمَّا فِي الصُّورَةِ الْأُولَى إذَا قَالَ: مَا أَسْلَفْتَنِي وَلَا أَوْدَعْتَنِي فَلَيْسَ مِثْلَ قَوْلِهِ هُنَا مَا لَكَ عَلَيَّ سَلَفٌ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، وَهَذَا مِمَّا لَا أَعْلَمُ فِيهِ خِلَافًا عِنْدَ الرُّوَاةِ إلَّا أَنِّي رَأَيْتُ فِي كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ السَّمَاعِ شَيْئًا يُخَالِفُ هَذَا وَأَظُنُّ لَهُ وَجْهًا يُصَحِّحُ مَعْنَاهُ إنْ شَاءَ اللَّهُ، وَذَلِكَ أَنَّهُ سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ رَجُلٍ بُعِثَ مَعَهُ رَجُلٌ بِعِشْرِينَ دِينَارًا يُبْلِغُهَا إلَى الْجَارِ وَالْجَارُ مَوْضِعٌ وَكَتَبَ إلَيْهِ كِتَابًا وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ عِنْدَ دَفْعِهِ إلَيْهِ فَحَمَلَ الْكِتَابَ وَبَلَّغَهُ إلَى مَنْ أَرْسَلَ إلَيْهِ فَلَمَّا قَرَأَهُ سَأَلَهُ عَنْ الذَّهَبِ، فَجَحَدَهُ إيَّاهُ، ثُمَّ إنَّهُ قَدِمَ الْمَدِينَةَ، فَسَأَلَهُ الَّذِي أَرْسَلَ مَعَهُ الذَّهَبَ، وَقَالَ لَهُ إنِّي أَشْهَدْت عَلَيْكَ فَقَالَ لَهُ: إنْ كُنْتَ دَفَعْت إلَيَّ شَيْئًا فَقَدْ ضَاعَ فَقَالَ مَالِكٌ مَا أَرَى عَلَيْهِ إلَّا يَمِينَهُ وَأَرَى هَذَا مِنْ مَالِكٍ إنَّمَا هُوَ فِي الْجَاهِلِ الَّذِي لَا يَعْرِفُ أَنَّ الْإِنْكَارَ يَضُرُّهُ، وَأَمَّا الْعَالِمُ الَّذِي يَعْلَمُ أَنَّهُ يَضُرُّهُ، ثُمَّ يَنْدَمُ عَلَيْهِ بَعْدَ ذَلِكَ فَلَا يُعْذَرُ مِنْ كِتَابِ الرُّعَيْنِيِّ انْتَهَى كَلَامِ ابْنِ فَرْحُونٍ.

وَهَذَا كُلُّهُ كَلَامُ الرُّعَيْنِيِّ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى وَالْإِنْكَارُ غَيْرَ أَنَّ الرُّعَيْنِيَّ زَادَ بَعْدَهُ وَرَأَيْت لِابْنِ مُزَيْنٍ لَفْظَةَ أَنَّهُ قَبِلَ بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْقَضَاءِ وَإِنْ جَحَدَهُ وَقَالَ مَا أَسْلَفْتَنِي قَطُّ شَيْئًا وَالْأَوَّلُ أَصْوَبُ إنْ شَاءَ اللَّهُ وَفِي مَسَائِلِ الْعُيُوبِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ فِيمَنْ قُيِّمَ عَلَيْهِ بِعَيْبٍ، فَأَنْكَرَ الْبَيْعَ فَلَمَّا ثَبَتَ عَلَيْهِ زَعَمَ أَنَّ الْمُشْتَرِيَ اعْتَمَرَ، وَعَرَضَ لِلْبَيْعِ بَعْدَ اطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فَقَالَ هَاشِمُ بْنُ مُحَمَّدٌ هَذَا تَنَاقُضٌ؛ لِأَنَّهُ كَذَّبَ بَيِّنَتَهُ قُلْت: هَذِهِ الْمَسْأَلَةُ تَجْرِي عَلَى مَسْأَلَةِ مَنْ طُولِبَ بِشَيْءٍ فَأَنْكَرَهُ، وَأُقِيمَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ فَأَتَى بِحُجَّةٍ تُوجِبُ قَبُولَ قَوْلِهِ وَفِيهَا خِلَافٌ مَشْهُورٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ مَسْأَلَةِ اللِّعَانِ وَالتَّخْيِيرِ الْوَدِيعَةِ وَغَيْرِهَا حَكَاهُ ابْنُ رُشْدٍ وَغَيْرُهُ انْتَهَى.

(قُلْت) : فَيَتَحَصَّلُ مِمَّا تَقَدَّمَ جَمِيعُهُ أَنَّهُ إذَا أَنْكَرَ أَصْلَ الْمُعَامَلَةِ، ثُمَّ أَقَرَّ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، وَادَّعَى مَا يُسْقِطُ ذَلِكَ فَلَا تُسْمَعُ دَعْوَاهُ وَلَا بَيِّنَتُهُ وَلَوْ كَانَتْ بَيِّنَةً عَادِلَةً بِخِلَافِ مَا إذَا قَالَ مَا لَكَ عَلَيَّ سَلَفٌ وَلَا وَدِيعَةٌ أَوْ لَا قِرَاضٌ أَوْ قَالَ مَا لَكَ عِنْدِي حَقٌّ، ثُمَّ أَقَرَّ بَعْدَ ذَلِكَ أَوْ قَامَتْ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةُ، فَادَّعَى مَا يُسْقِطُ ذَلِكَ، فَإِنَّهُ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ أَوْ بَيِّنَتُهُ، وَقَدْ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَبِذَلِكَ صَرَّحَ الْمُصَنِّفُ فِي بَابِ الْأَقْضِيَةِ، فَقَالَ وَإِنْ أَنْكَرَ مَطْلُوبٌ الْمُعَامَلَةَ فَالْبَيِّنَةُ، ثُمَّ لَا تُقْبَلُ بَيِّنَتُهُ بِالْقَضَاءِ بِخِلَافِ لَا حَقَّ لَكَ عَلَيَّ انْتَهَى. وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ أَيْضًا بِمَا قَالَهُ الرُّعَيْنِيُّ وَهُوَ أَنْ يَكُونَ الْمُدَّعَى عَلَيْهِ يَعْرِفُ أَنَّ الْإِنْكَارَ

ص: 208

يَضُرُّهُ، وَأَمَّا إنْ كَانَ يَجْهَلُ ذَلِكَ وَلَا يُفَرِّقُ بَيْنَ قَوْلِهِ مَا أَسْلَفْتَنِي وَمَا أَوْدَعْتَنِي وَبَيْنَ قَوْلِهِ مَا لَكَ عِنْدِي سَلَفٌ وَلَا وَدِيعَةٌ فَيُعْذَرُ بِالْجَهْلِ إلَّا إذَا حُقِّقَ عَلَيْهِ، وَقُدِّرَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لَهُ أَنْتَ تُنْكِرُ هَذَا أَصْلًا، فَإِذَا قَامَتْ عَلَيْكَ الْبَيِّنَةُ فَلَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُك فَإِذَا اسْتَمَرَّ عَلَى ذَلِكَ فَحِينَئِذٍ لَا تُسْمَعُ بَيِّنَتُهُ، وَيَنْبَغِي أَنْ يُقَيِّدَ ذَلِكَ بِغَيْرِ الْحُدُودِ وَالْأَمْوَالِ؛ لِأَنَّ هَذَا قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَابْنِ كِنَانَةَ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ صَاحِبِ التَّوْضِيحِ وَابْنِ رُشْدٍ وَصَاحِبِ النَّوَادِرِ.

وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ الرُّعَيْنِيُّ عَنْ ابْنِ مُزَيْنٍ فَهُوَ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْمُرْسَلِ مَعَهُ إلَى الْجَارِ هُوَ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَجَعَلَهُ ابْنُ رُشْدٍ خِلَافًا وَمَا قَالَهُ الرُّعَيْنِيُّ ظَاهِرٌ فَتَأَمَّلْهُ وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ بَطَّالٍ فِي الْمُقْنِعِ فِي بَابِ ابْتِدَاءِ الْقَضَاءِ بِالْإِقْرَارِ وَالْإِنْكَارِ، فَقَدْ ذَكَرَ مِنْ ذَلِكَ مَسَائِلَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَوْ قَالَ غَيْرُ الْمُفَوَّضِ قَبَضْت وَتَلِفَ بَرِئَ وَلَمْ يَبْرَأْ الْغَرِيمُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ)

ش: كَرَّرَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَفِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ وَلَا يُعَارِضُهَا مَا فِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ وَلَا مَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. فَرْعٌ: قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي بَابِ كِتَابِ الزَّكَاةِ فِي الْكَلَامِ عَلَى خُرُوجِ السَّاعِي: يَحْصُلُ الْإِبْرَاءُ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ الْفَاسِقِ وَإِنْ لَمْ يُوَصِّلْ الْحَقَّ لِمُسْتَحِقِّهِ انْتَهَى.

وَمُرَادُهُ إذَا دَفَعَ إلَيْهِ مَا وُكِّلَ فِيهِ أَوْ كَانَ وَكِيلًا مُفَوَّضًا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(فَرْعٌ) : قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ الْبَرَاءَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْعَارِيَّةِ: اُخْتُلِفَ فِيمَنْ ادَّعَى وَكَالَةَ رَجُلٍ فَقَبَضَ لَهُ مَالَهُ وَادَّعَى تَلَفَهُ، فَقِيلَ يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَى مِنْ الْوَكَالَةِ مَعَ يَمِينِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ الدَّافِعَ إلَيْهِ قَدْ صَدَّقَهُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ، وَيَرْجِعُ صَاحِبُ الْمَالِ بِهِ عَلَى الْغَرِيمِ بَعْدَ يَمِينِهِ إنْ كَانَ لِلْغَرِيمِ بَيِّنَةٌ عَلَى مُعَايَنَةِ الدَّفْعِ، وَهَذَا يَأْتِي عَلَى رِوَايَةِ عِيسَى هَذِهِ، وَلَا يَرْجِعُ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَكِيلِ بِشَيْءٍ؛ لِأَنَّهُ قَدْ صَدَقَ فِيمَا يَدَّعِي مِنْ الْوَكَالَةِ بِيَمِينِهِ، فَكَانَ ذَلِكَ كَمَا لَوْ ثَبَتَ بِالْبَيِّنَةِ أَوْ أَقَرَّ بِهَا صَاحِبُ الْمَالِ عَلَى مَا فِي كِتَابِ النِّكَاحِ الْأَوَّلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا أَنْ يَكُونَ فَرَّطَ فِي دَفْعِ الْمَالِ لِلْمُوَكِّلِ حَتَّى تَلِفَ عِنْدَهُ قَالَهُ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَهُوَ مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَحَمَلَهُ مُطَرِّفٌ عَلَى التَّفْرِيطِ، فَأَوْجَبَ لِلْغَرِيمِ الرُّجُوعَ عَلَيْهِ، وَقِيلَ لَا يَصْدُقُ وَهُوَ ضَامِنٌ يَحْلِفُ صَاحِبُ الْمَالِ مَا وَكَّلَهُ وَيَرْجِعُ بِمَالِهِ عَلَى مَنْ شَاءَ مِنْهُمَا فَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْغَرِيمِ رَجَعَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَكِيلِ، وَإِنْ رَجَعَ عَلَى الْوَكِيلِ لَمْ يَكُنْ لِلْوَكِيلِ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى أَحَدٍ، وَهُوَ يَأْتِي عَلَى مَا فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَعَلَى مَا فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ لِابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ فَعَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّ الْوَكِيلَ يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ يَحْلِفُ، وَيَسْقُطُ عَنْهُ الضَّمَانُ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَأَمَّا عَلَى الْقَوْلِ بِأَنَّهُ لَا يُصَدَّقُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوَكَالَةِ، فَيَلْزَمُ الْغَرِيمَ بَعْدَ يَمِينِ صَاحِبِ الْمَالِ أَنَّهُ مَا وَكَّلَهُ، وَاخْتُلِفَ إنْ كَانَ عَبْدًا هَلْ يَكُونُ ذَلِكَ فِي رَقَبَتِهِ أَمْ لَا؟

عَلَى ثَلَاثَةِ أَقْوَالٍ أَحَدُهَا أَنَّ ذَلِكَ يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ، وَإِنْ كَانَ الْغَرِيمُ قَدْ صَدَّقَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوَكَالَةِ، وَدَفَعَ إلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ؛ لِأَنَّهُ قَبِلَهُ وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِي سَمَاعِ سَحْنُونٍ وَالثَّانِي أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ إلَّا فِي ذِمَّتِهِ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ قَدْ صَدَّقَهُ فِيمَا ادَّعَاهُ مِنْ الْوَكَالَةِ وَدَفَعَ إلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَالثَّالِثُ أَنَّ ذَلِكَ لَا يَكُونُ فِي رَقَبَتِهِ إلَّا أَنْ يُقِرَّ بِالْعَدَاءِ انْتَهَى

ص (وَصُدِّقَ فِي الرَّدِّ كَالْمُودَعِ

ص: 209

فَلَا يُؤَخَّرُ لِلْإِشْهَادِ)

ش: يَعْنِي أَنَّ كُلَّ مَنْ كَانَ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ مِنْ وَكِيلٍ أَوْ مُودَعٍ، فَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُؤَخِّرَ الدَّفْعَ إذَا طُولِبَ بِدَفْعِ مَا عِنْدَهُ، وَيَعْتَذِرَ بِالْإِشْهَادِ؛ لِأَنَّهُ مُصَدَّقٌ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ مِنْ غَيْرِ إشْهَادٍ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ صُدِّقَ فِي الرَّدِّ أَيْ مَعَ يَمِينِهِ وَسَوَاءٌ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ أَوْ طَالَ سَوَاءٌ كَانَ مُفَوَّضًا إلَيْهِ أَمْ لَا هَذَا قَوْلُ مَالِكٍ فِي رَسْمِ حَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْوَكَالَاتِ وَمَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ قَالَهُ فِي آخِرِ كِتَابِ الْوَكَالَاتِ.

وَفِي الْمَسْأَلَةِ أَرْبَعَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا ابْنُ رُشْدٍ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُقَدِّمَاتِ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَالْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ وَنَصُّ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ اُخْتُلِفَ فِي الْوَكِيلِ يَدَّعِي أَنَّهُ دَفَعَ إلَى مُوَكِّلِهِ مَا قَبَضَ لَهُ مِنْ الْغُرَمَاءِ أَوْ مَا بَاعَ بِهِ مَتَاعَهُ عَلَى أَرْبَعَةِ أَقْوَالٍ: أَحَدُهَا: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ جُمْلَةً مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ، وَهُوَ قَوْلُهُ فِي هَذِهِ الرِّوَايَةِ، وَفِي رَسْمِ الْبِزِي مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْمِدْيَانِ وَالتَّفْلِيسِ وَفِي آخِرِ الْوَكَالَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَالثَّانِي أَنَّهُ إنْ كَانَ بِقُرْبِ ذَلِكَ بِالْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ أَنَّهُ مَا قَبَضَ شَيْئًا، وَعَلَى الْوَكِيلِ الْبَيِّنَةُ وَإِنْ تَبَاعَدَ الْأَمْرُ كَالشَّهْرِ وَنَحْوِهِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ جِدًّا لَمْ يَكُنْ عَلَى الْوَكِيلِ بَيِّنَةٌ فَهُوَ قَوْلُ مُطَرِّفٍ.

وَالثَّالِثُ: إنْ كَانَ بِحَضْرَةِ ذَلِكَ فِي الْأَيَّامِ الْيَسِيرَةِ صُدِّقَ الْوَكِيلُ مَعَ يَمِينِهِ وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ جِدًّا صُدِّقَ دُونَ يَمِينٍ وَهُوَ قَوْلُ ابْنِ الْمَاجِشُونِ وَابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَالرَّابِعُ: تَفْرِقَةُ أَصْبَغَ بَيْنَ الْوَكِيلِ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ غَارِمٍ حَتَّى يُقِيمَ الْبَيِّنَةَ، وَإِنْ طَالَ الْأَمْرُ وَالْوَكِيلُ الْمُفَوَّضُ يَصْدُقُ فِي الْقُرْبِ مَعَ يَمِينِهِ وَفِي الْبُعْدِ دُونَ يَمِينٍ انْتَهَى.

وَعَلَى هَذَا فَلَوْ قَالَ الْمُصَنِّفُ وَالْقَوْلُ قَوْلُهُ لَكَانَ أَحْسَنَ؛ لِأَنَّ لَفْظَ صُدِّقَ إنَّمَا يُسْتَعْمَلُ فِيمَا يُصَدَّقُ فِيهِ مِنْ غَيْرِ يَمِينٍ، وَقَالَ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الرِّسَالَةِ وَمَنْ قَالَ رَدَدْت إلَيْكَ مَا وَكَّلْتَنِي عَلَيْهِ هَذَا؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ وَالْمُودَعَ وَالرَّسُولَ مُؤْتَمَنُونَ فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَ الْمُوَكِّلِ وَالْمُودَعِ وَالْمُرْسَلِ فَإِذَا ذَكَرُوا أَنَّهُمْ رَدُّوا مَا دَفَعَ إلَيْهِمْ إلَى أَرْبَابِهِ قَبْلَ ذَلِكَ مِنْهُمْ؛ لِأَنَّ أَرْبَابَ الْأَمْوَالِ قَدْ ائْتَمَنُوهُمْ عَلَى ذَلِكَ، فَكَانَ قَوْلُهُمْ مَقْبُولًا فِيمَا بَيْنَهُمْ وَبَيْنَهُمْ، وَكَذَلِكَ الْعَامِلُ فِي الْقِرَاضِ مُؤْتَمَنٌ فِي رَدِّ الْقِرَاضِ مَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ الْمَالِكِ إلَّا أَنْ يَكُونَ وَاحِدٌ مِنْهُمْ أَخَذَ الْمَالَ بِبَيِّنَةٍ فَلَا تُبْرِئُهُ دَعْوَى رَدِّهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَهُ بَيِّنَةٌ؛ لِأَنَّ رَبَّ الْمَالِ حِينَئِذٍ لَمْ يَأْتَمِنْهُ لَمَّا اسْتَوْثَقَ مِنْهُ بِالْبَيِّنَةِ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ عَنْهُ الزَّنَاتِيُّ وَهُوَ نَصُّ كِتَابِ الْوَدِيعَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ إلَّا الْوَكِيلَ وَنَصَّ عَلَيْهِ أَيْضًا الْفَاكِهَانِيُّ وَالْمَشَذَّالِيُّ، وَأَمَّا الْعَارِيَّةُ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي الْمُقَدِّمَاتِ: إنَّ لَهُ أَنْ يُشْهِدَ عَلَى الْمُعِيرِ فِي رَدِّ الْعَارِيَّةِ عَلَيْهِ وَإِنْ كَانَ دَفَعَهَا إلَيْهِ بِلَا إشْهَادٍ؛ لِأَنَّ الْعَارِيَّةَ تُضْمَنُ، الْوَدِيعَةُ لَا تُضْمَنُ اهـ.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ) : قَوْلُ الْمُصَنِّفِ كَالْمُودَعِ يُشِيرُ بِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ إلَى أَنَّ الْوَكِيلَ إنَّمَا يُصَدَّقُ فِي رَدِّ مَا وُكِّلَ عَلَيْهِ إلَى رَبِّهِ إذَا قَبَضَهُ بِغَيْرِ إشْهَادٍ، وَأَمَّا مَا قَبَضَهُ بِإِشْهَادٍ فَلَا يُصَدَّقُ فِي رَدِّهِ كَمَا صَرَّحَ بِهِ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ وَالْفَاكِهَانِيُّ وَالزَّنَاتِيُّ وَغَيْرُهُمْ (الثَّانِي) : يَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ الْمُتَقَدِّمِ أَنَّهُ لَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ مُطْلَقًا طَالَ الزَّمَانُ أَوْ لَمْ يَطُلْ، وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَرَفَةَ أَنَّ الْيَمِينَ تَسْقُطُ مَعَ طُولِ الْمُدَّةِ (الثَّالِثُ) : الْوَكِيلُ مُصَدَّقٌ فِي الرَّدِّ إلَى مُوَكِّلِهِ وَلَوْ ادَّعَى ذَلِكَ بَعْدَ مَوْتِ مُوَكِّلِهِمْ كَمَا يُفْهَمُ ذَلِكَ مِنْ عُمُومِ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ فِي سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَفِي سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوِكَالَاتِ.

وَكَمَا يُصَرِّحُ بِهِ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْوِكَالَاتِ، وَهَذَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. لَيْسَ خَاصًّا بِالْوَكِيلِ وَالْمُوَكِّلِ بَلْ هُوَ عَامٌّ فِي كُلِّ مَا كَانَ يُصَدَّقُ فِي دَعْوَاهُ الرَّدَّ وَكِيلٌ أَوْ مُودِعٌ إذَا ادَّعَى إيصَالَ ذَلِكَ إلَى الْيَدِ الَّتِي دَفَعَتْ إلَيْهِ سَوَاءٌ كَانَ الدَّافِعُ حَيًّا أَوْ مَيِّتًا أَنَّهُ يُصَدَّقُ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَذَا وَاضِحٌ وَإِنَّمَا نَبَّهْت عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ بَعْضَ أَهْلِ الْعَصْرِ مِنْ أَهْلِ الْمَغْرِبِ تَوَقَّفَ فِي ذَلِكَ حَتَّى أَطْلَعْتُهُ عَلَى النَّصِّ فِي ذَلِكَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ) : قَالَ ابْنُ نَاجِي فِي قَوْلِ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ ذَبَحَ أُضْحِيَّتَك بِغَيْرِ أَمْرَك

ص: 210

فَإِمَّا وَلَدُك أَوْ بَعْضُ عِيَالِك فَمَنْ فَعَلَهُ لِيَكْفِيَك مُؤْنَتَهَا فَذَلِكَ مُجْزِئٌ يَقُومُ مِنْهَا إذَا كَانَ رَبْعٌ بَيْنَ أَخٍ وَأُخْتٍ وَكَانَ الْأَخُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى عَقْدَ كِرَائِهِ وَقَبَضَهُ سِنِينَ مُتَطَاوِلَةً فَجَاءَتْ أُخْتُهُ تُطَالِبُ بِمَنَابِهَا مِنْ الْكِرَاءِ فِي جَمِيعِ الْمُدَّةِ الْمَذْكُورَةِ، وَزَعَمَتْ أَنَّهَا لَمْ تَقْبِضْ شَيْئًا، وَادَّعَى هُوَ دَفْعَهُ لَهَا أَنَّهُ يُقْبَلُ قَوْلُهُ مَعَ يَمِينِهِ إذْ هُوَ وَكِيلُهَا بِالْعَادَةِ، وَوَقَعَتْ بِالْمَدِينَةِ الْمُهْدِيَةِ، وَأَفْتَى فِيهَا بَعْضُ شُيُوخِنَا بِمَا ذَكَرْنَاهُ دُونَ اسْتِنَادٍ لِدَلِيلٍ أَوْ تَأَخَّرَ الْحُكْمُ بَيْنَهُمَا حَتَّى مَاتَ يَعْنِي الْمُفْتِي، وَهُوَ ابْنُ عَرَفَةَ فَأَفْتَى فِيهَا شَيْخُنَا أَبُو مَهْدِيٍّ بِعَكْسِهِ وَجِيءَ لِقَاضِيهَا بِالْفَتْوَتَيْنِ فَتَوَقَّفَ حَتَّى وَصَلَ تُونُسَ فَنَاوَلَ شَيْخَنَا أَبَا مَهْدِيٍّ مَا أَفْتَى بِهِ فَقَالَ: نَعَمْ هَذَا خَطِّي، ثُمَّ نَاوَلَهُ مَا أَفْتَى بِهِ الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ فَكَتَبَ تَحْتَهُ رَأَى رحمه الله أَنَّهُ وَكِيلٌ بِالْعَادَةِ فَقُبِلَ قَوْلُهُ وَبِهِ أَقُولُ وَقَطَعَ مَا أَفْتَى بِهِ وَأَرَاهُ أَنْ يَحْكُمَ بِمَا أَفْتَى الشَّيْخُ الْمَذْكُورُ وَكَانَ يَقُولُ رحمه الله مَا خَالَفْتَهُ فِي حَيَاتِهِ وَلَا أُخَالِفُهُ بَعْدَ وَفَاتِهِ انْتَهَى كَلَامُ ابْنِ نَاجِي وَبَعْضِ شُيُوخِهِ هُوَ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا تَقَدَّمَ أَنَّهُ إذَا قَالَ بَعْضُ شُيُوخِنَا يَعْنِي ابْنَ عَرَفَةَ.

ص (وَلِأَحَدِ الْوَكِيلَيْنِ الِاسْتِبْدَادُ إلَّا لِشَرْطٍ)

ش: مَا ذَكَرَهُ ابْنُ غَازِيٍّ هُنَا كَافٍ فِيمَا يَتَعَلَّقُ بِكَلَامِ الْمُؤَلِّفِ وَنَحْوِ عِبَارَتِهِ لِصَاحِبِ الْإِرْشَادِ فِي إرْشَادِهِ وَفِي مُعْتَمَدِهِ وَشَرْحِهِ وَاعْتَرَضَهُ الشَّيْخُ سُلَيْمَانُ بِمَا اعْتَرَضَ بِهِ الْمُصَنِّفُ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَإِنْ بِعْتَ وَبَاعَ فَالْأَوَّلُ إلَّا لِقَبْضٍ) ش قَالَ فِي كِتَابِ الْوَكَالَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ) : إنَّمَا يَكُونُ الثَّانِي أَحَقَّ إذَا قَبَضَ السِّلْعَةَ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ لَا هُوَ وَلَا الَّذِي بَاعَهُ أَمَّا إنْ بَاعَ الثَّانِي مِنْهُمَا، وَهُوَ عَالِمٌ بِبَيْعِ الْأَوَّلِ، وَقَبَضَ الْمُشْتَرِي الثَّانِي السِّلْعَةَ، وَهُوَ يَعْلَمُ ذَلِكَ فِي وَقْتِ قَبْضِهِ فَالْأَوَّلُ أَوْلَى قَالَهُ فِي رَسْمِ نَذْرِ سَنَةٍ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ كِتَابِ الْبَضَائِعِ وَالْوَكَالَاتِ.

(الثَّانِي) : إذَا أَكْرَى الْوَكِيلُ وَالْمُوَكِّلُ، فَهِيَ لِلْأَوَّلِ عَلَى كُلِّ حَالٍ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي الرَّسْمِ الْمَذْكُورِ وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْخُلُ فِي ضَمَانِ مَنْ قَبَضَهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَلَكَ قَبْضُ سَلَمِهِ لَك إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ) ش قَالَ فِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَلَكَ قَبْضُ مَا أَسْلَمَ لَكَ فِيهِ وَكِيلُك بِغَيْرِ حَضْرَتِهِ وَيَبْرَأُ إذَا دَفَعَهُ إلَيْكَ إنْ كَانَتْ لَكَ بَيِّنَةٌ أَنَّهُ أَسْلَمَهُ لَك وَإِنْ لَمْ يَكُنْ دَفَعَ إلَيْكَ ذَلِكَ بِبَيِّنَةٍ فَالْمَأْمُورُ أَوْلَى بِقَبْضِهِ مِنْك قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَالَ ابْنُ يُونُسَ: حُكِيَ عَنْ الْقَابِسِيِّ أَنَّهُ قَالَ: وَلَوْ أَقَرَّ الَّذِي عَلَيْهِ الطَّعَامُ بِأَنَّ الْمَأْمُورَ أَقَرَّ عِنْدَهُ أَنَّ الطَّعَامَ لِلْمُقِرِّ لَهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى دَفْعِهَا، وَلَا يَكُونُ شَاهِدًا؛ لِأَنَّ فِي شَهَادَتِهِ مَنْفَعَةً لَهُ؛ لِأَنَّهُ يَجِبُ أَنْ يُفْرِغَ ذِمَّتَهُ.

قَالَ: وَقَدْ رَأَى بَعْضُ أَصْحَابِنَا أَنَّهُ يُؤْمَرُ بِالدَّفْعِ إلَى الْمَقَرِّ لَهُ فَإِنْ جَاءَ الْمَأْمُورُ فَصَدَّقَهُ بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ لَهُ ثَانِيَةً وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: إنَّ مَا قَالَهُ الْقَابِسِيُّ مِنْ أَنَّ مَنْ عَلَيْهِ الْحَقُّ لَا يَكُونُ شَاهِدًا نَحْوُهُ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَنْ أَبِيهِ وَقَالَ بَعْضُ الْقَرَوِيِّينَ: شَهَادَتُهُ فِي هَذَا جَائِزَةٌ إذَا كَانَ عَدْلًا وَيَحْلِفُ الْمُقِرُّ مَعَهُ: وَيَسْتَحِقُّ وَلَا تُهْمَةَ فِي ذَلِكَ إذَا حَلَّ الْأَجَلُ انْتَهَى. فَحَاصِلُهُ أَنَّهُ اُخْتُلِفَ هَلْ يُقْضَى عَلَيْهِ بِإِقْرَارِهِ أَوْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ وَعَلَى الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْقَضَاءِ فَهَلْ يَكُونُ شَاهِدًا؟

قَوْلَانِ قَالَ فِي الشَّامِلِ وَفِي جَبْرِ مُسْلِمٍ إلَيْهِ عَلَى الدَّفْعِ لِمَنْ أَقَرَّ لَهُ الْمُسْلِمُ الْغَائِبُ قَوْلَانِ وَفِي كَوْنِهِ كَشَاهِدٍ إنْ كَانَ عَدْلًا يَحْلِفُ مَعَهُ الْمُسْتَحِقُّ، وَيَأْخُذُ ذَلِكَ قَوْلَانِ أَمَّا إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ فَلَهُ قَبْضُهُ اتِّفَاقًا انْتَهَى. وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْقَابِسِيِّ مِنْ عَدَمِ جَبْرِهِ عَلَى الدَّفْعِ هُوَ الَّذِي جَزَمَ بِهِ الْقَاضِي عَبْدُ الْوَهَّابِ فِي الْمَعُونَةِ فَقَالَ: إذَا وَكَّلَهُ عَلَى قَبْضِ دَيْنٍ لَهُ عَلَى رَجُلٍ أَوْ وَدِيعَةٍ عِنْدَهُ فَصَدَّقَ الْغَرِيمُ الْوَكِيلَ وَلَيْسَ لِلْوَكِيلِ بَيِّنَةٌ، فَلَا يُجْبَرُ الْغَرِيمُ عَلَى دَفْعِ الشَّيْءِ لِلْوَكِيلِ خِلَافًا لِأَبِي حَنِيفَةَ؛ لِأَنَّهُ

ص: 211

لَا يَلْزَمُ الْغَرِيمَ أَنْ يَدْفَعَ إلَّا مَا يَبْرَأُ بِهِ بِدَلِيلِ أَنَّهُ لَوْ كَانَ عَلَيْهِ حَقٌّ بِبَيِّنَةٍ، فَطَالَبَ صَاحِبُهُ بِهِ كَانَ لَهُ أَنْ يَمْنَعَهُ حَتَّى يُحْضِرَ الْوَثِيقَةَ، وَتَسْقُطَ شَهَادَةُ الشُّهُودِ وَالدَّفْعُ بِالْإِقْرَارِ لَا يَبْرَأُ بِهِ بِدَلِيلِ أَنَّ صَاحِبَ الْحَقِّ إنْ جَحَدَ الْوَكَالَةَ لَزِمَهُ دَفْعُهُ إلَيْهِ ثَانِيَةً وَإِنْ كَانَ كَذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْهُ الدَّفْعُ وَتَحْرِيرُهُ أَنْ يُقَالَ كُلُّ مَنْ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى دَفْعِهِ إلَيْهِ كَالْأَجْنَبِيِّ؛ وَلِأَنَّهُ أَقَرَّ عَلَى غَيْرِهِ بِالتَّوْكِيلِ، فَلَمْ يَلْزَمْهُ عِلْمُ ذَلِكَ الْإِقْرَارِ بِتَسْلِيمِ مَا فِي يَدِهِ إلَى الْوَكِيلِ انْتَهَى.

، وَعَلَيْهِ اقْتَصَرَ اللَّخْمِيُّ فِي كِتَابِ الْوَدِيعَةِ وَقَالَ ابْنُ فَرْحُونٍ فِي الْفَصْلِ الْخَامِسِ مِنْ الْقِسْمِ الثَّالِثِ مِنْ الرُّكْنِ السَّادِسِ مِنْ الْبَابِ الْخَامِسِ مِنْ الْقِسْمِ الْأَوَّلِ مِنْ أَقْسَامِ الْكِتَابِ فِي التَّنْبِيهِ عَلَى أَحْكَامٍ تَتَوَقَّفُ سَمَاعُ الدَّعْوَى بِهَا عَلَى إثْبَاتِ فُصُولٍ إنَّهُ الْمَشْهُورُ وَنَصُّهُ، وَلَوْ صَدَّقَ الْخَصْمُ الْوَكِيلَ فِي الدَّعْوَى، وَاعْتَرَفَ بِالْمُدَّعَى بِهِ لَمْ يُجْبِرْهُ الْحَاكِمُ عَلَى دَفْعِهِ عَلَى الْمَشْهُورِ حَتَّى يَثْبُتَ عِنْدَهُ صِحَّةُ الْوَكَالَةِ انْتَهَى.

وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ وَوَاحِدٌ فِي خُصُومَةٍ وَقَالَ فِي آخِرِ الْفَصْلِ السَّادِسِ فِي حُكْمِ الْوَكَالَةِ عَلَى الدَّعْوَى: إنَّهُ إذَا صَدَّقَهُ عَلَى الْوَكَالَةِ، وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ أُلْزِمَ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَنَصُّهُ مَسْأَلَةٌ فِي الْمَطْلُوبِ يُوَافِقُ عَلَى صِحَّةِ الْوَكَالَةِ قَبْلَ ثُبُوتِهَا وَإِذَا قَامَ رَجُلٌ عَلَى رَجُلٍ فِي مَهْرِ امْرَأَتِهِ أَوْ دَيْنِ رَجُلٍ وَادَّعَى وَكَالَةَ صَاحِبِ ذَلِكَ فَأَقَرَّ الْمَطْلُوبُ بِالدَّيْنِ أَوْ بِالْمَهْرِ وَاعْتَرَفَ بِصِحَّةِ الْوَكَالَةِ، فَإِنَّهُ يَلْزَمُهُ دَفْعُ ذَلِكَ إلَيْهِ، فَإِنْ قَامَ صَاحِبُ الْحَقِّ عَلَى الْمَطْلُوبِ يَطْلُبُهُ بِذَلِكَ قَضَى لَهُ بِهِ؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يُقْضَى عَلَيْهِ أَوَّلًا بِإِقْرَارِهِ وَالْمُصِيبَةُ مِنْهُ انْتَهَى.

وَلَهُ فِي الْبَابِ السَّبْعِينَ فِي الْقَضَاءِ بِالْأَمَارَاتِ وَقَرَائِنِ الْأَحْوَالِ مَا يُوَافِقُ ذَلِكَ وَعَزَاهُ لِلْمُتَيْطِيَّةِ وَنَصُّهُ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ حَكَى ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ سَحْنُونٍ فِيمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ وَكَّلَنِي فُلَانٌ عَلَى قَبْضِ دَيْنِهِ مِنْك وَعَدَدُهُ كَذَا فَصَدَّقَهُ فِي الْوَكَالَةِ وَأَقَرَّ بِالدَّيْنِ أَنَّهُ يَلْزَمُهُ الدَّفْعُ إلَيْهِ. فَإِنْ قَدِمَ فُلَانٌ وَأَنْكَرَ التَّوْكِيلَ غَرِمَ الْمُقِرُّ؛ لِأَنَّ الْحُكْمَ كَانَ بِإِقْرَارِهِ انْتَهَى.

وَفِيهِ مَا يُؤْخَذُ مِنْهُ مَا يُخَالِفُ هَذَا وَيُوَافِقُ مَا تَقَدَّمَ عَنْ الْفَصْلِ الْخَامِسِ وَمَا ذَكَرَهُ مِنْ لُزُومِ الدَّفْعِ جَارٍ عَلَى مَا ذَكَرَهُ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ أَصْحَابِنَا وَمَا ذَكَرَهُ عَنْ الْقَابِسِيِّ أَرْجَحُ، وَيَكْفِي فِي تَرْجِيحِهِ اقْتِصَارُ الْقَاضِي عَبْدِ الْوَهَّابِ وَاللَّخْمِيِّ عَلَيْهِ وَتَشْهِيرُ ابْنِ فَرْحُونٍ لَهُ وَالظَّاهِرُ عِنْدِي مِنْ الْقَوْلَيْنِ فِي شَهَادَتِهِ عَدَمُ قَبُولِهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَهُوَ الَّذِي يُؤْخَذُ مِنْ مَسْأَلَةِ السَّلَمِ الثَّانِي الَّتِي ذَكَرَهَا الْمُؤَلِّفُ هُنَا وَهُوَ مَفْهُومُ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ إنْ ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ بِأَنَّ مَفْهُومَهُ لَوْ ثَبَتَ بِإِقْرَارِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ لَمْ يَأْخُذْهُ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَثْبُتْ بِبَيِّنَةٍ.

(تَنْبِيهٌ) : قَالَ فِي الْمَعُونَةِ إثْرَ كَلَامِهِ الْمُتَقَدِّمِ فَصْلٌ إذَا ثَبَتَ أَنَّهُ لَا يُجْبَرُ عَلَى الدَّفْعِ، فَمَتَى دَفَعَ إلَى مَنْ يَعْتَرِفُ لَهُ بِأَنَّهُ وَكِيلٌ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ عَلَى الْوَكَالَةِ، فَإِنْ اعْتَرَفَ لَهُ صَاحِبُ الْحَقِّ، فَقَدْ بَرِئَ وَإِنْ أَنْكَرَ الْوَكَالَةَ، وَأَقَرَّ أَنَّهُ قَبَضَ الْحَقَّ بَرِئَ الْغَرِيمُ أَيْضًا؛ لِأَنَّ ثُبُوتَ الْوَكَالَةِ لَيْسَ بِشَرْطٍ فِي الْإِبْرَاءِ كَمَا لَوْ بَعَثَ بِهِ الْغَرِيمُ عَلَى يَدِ رَسُولٍ ابْتِدَاءً، وَاعْتَرَفَ صَاحِبُ الْحَقِّ بِقَبْضِهِ لَبَرِئَ الْغَرِيمُ فَإِنْ أَقَرَّ صَاحِبُ الدَّيْنِ بِالْوَكَالَةِ وَأَنْكَرَ أَنْ يَكُونَ الْغَرِيمُ دَفَعَ الْحَقَّ إلَى الْوَكِيلِ لَمْ يَلْتَفِتْ إلَى إقْرَارِ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ أَوْ إنْكَارِهِ وَلَزِمَ الْغَرِيمَ إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِالدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ غَرِمَ ذَلِكَ لِصَاحِبِ الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الْغَرِيمَ هُوَ الَّذِي أَتْلَفَ مَالَهُ حِينَ دَفَعَ إلَى مَنْ لَا يَبْرَأُ بِالدَّفْعِ إلَيْهِ، وَكَذَلِكَ لَوْ كَانَتْ الْوَكَالَةُ بِبَيِّنَةٍ، فَدَفَعَ الْغَرِيمُ إلَى الْوَكِيلِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ، وَأَنْكَرَ صَاحِبُ الْحَقِّ فَإِنَّ الْغَرِيمَ يَغْرَمُ الْمَالَ؛ لِأَنَّ إقْرَارَ الْوَكِيلِ بِالْقَبْضِ غَيْرُ مَقْبُولٍ عَلَى الْمُوَكِّلِ؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ أَمِينٌ فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ مُوَكِّلِهِ لَا فِيمَا بَيْنَهُ وَبَيْنَ غَيْرِهِ وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَإِنَّ الْغَرِيمَ يَغْرَمُ الْمَالَ ثَانِيَةً وَلَهُ إحْلَافُ صَاحِبِ الْحَقِّ أَنَّهُ لَمْ يَقْبِضْهُ، وَلَمْ يَعْلَمْ بِدَفْعِهِ الْحَقَّ إلَى وَكِيلِهِ، ثُمَّ يَنْظُرُ فَإِنْ ادَّعَى الْوَكِيلُ أَنَّهُ دَفَعَ الْمَالَ إلَيْهِ بِبَيِّنَةٍ وَأَقَامَهَا فَإِنَّ الْغَرِيمَ يَبْرَأُ بِذَلِكَ.

وَلَا يَحْتَاجُ إلَى إقَامَةِ بَيِّنَةٍ عَلَى الدَّفْعِ إلَى الْوَكِيلِ؛ لِأَنَّ الْبَيِّنَةَ قَدْ شَهِدَتْ بِقَبْضِ صَاحِبِ الْحَقِّ لِحَقِّهِ، وَإِنْ ادَّعَى الدَّفْعَ إلَى صَاحِبِ الْحَقِّ بِغَيْرِ

ص: 212

بَيِّنَةٍ، فَلَا يَلْزَمُ ذَلِكَ صَاحِبَ الْحَقِّ عَلَى مَا بَيَّنَّا انْتَهَى. بِلَفْظِهِ.

ص (وَالْقَوْلُ لَكَ إنْ ادَّعَى الْإِذْنَ)

ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَفِيهَا إنْ بَاعَ الْوَكِيلُ السِّلْعَةَ وَقَالَ بِذَلِكَ أَمَرْتَنِي وَقَالَ رَبُّهَا: بَلْ أَمَرْتُكَ أَنْ تَرْهَنَهَا صُدِّقَ رَبُّهَا وَلَوْ فَاتَتْ يُرِيدُ وَيَحْلِفُ وَيَأْخُذُهَا إنْ كَانَتْ قَائِمَةً؛ لِأَنَّ فَرْضَ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْآمِرَ ثَابِتٌ مِلْكُهُ لَهَا، وَحَقُّ الْمُشْتَرِي إنَّمَا هُوَ مُتَعَلِّقٌ بِدَعْوَى الْوَكَالَةِ انْتَهَى اُنْظُرْ تَمَامَهَا.

(فَرْعٌ) : وَإِذَا اشْتَرَى لِفُلَانٍ فَأَنْكَرَ فُلَانٌ، فَالشِّرَاءُ لَازِمٌ لِلْوَكِيلِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي الْكَلَامِ عَلَى بَيْعِ الْفُضُولِيِّ.

ص (إلَّا أَنْ يَشْتَرِيَ بِالثَّمَنِ، فَزَعَمْت أَنَّك أَمَرْتَهُ بِغَيْرِهِ وَحَلَفَ)

ش: هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنْ نَكَلَ الْمَأْمُورُ عَنْ الْيَمِينِ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ وَالظَّاهِرُ أَنَّ ذَلِكَ بَعْدَ يَمِينِهِ، وَهَذَا إذَا فَاتَ الثَّمَنُ أَمَّا إذَا كَانَ بَاقِيًا بِيَدِ الْبَائِعِ، وَكَانَ الْوَكِيلُ أَعْلَمَهُ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِي لِفُلَانٍ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ اتِّفَاقًا قَالَهُ اللَّخْمِيُّ وَنَحْوُهُ فِي الرَّجْرَاجِيِّ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (كَقَوْلِهِ أَمَرْتُ بِبَيْعِهِ بِعَشْرَةٍ وَأَشْبَهَتْ وَقُلْت بِأَكْثَرَ وَفَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ)

ش: أَيْ، وَكَذَلِكَ يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ إذَا قَالَ لِمُوَكِّلِهِ أَمَرْتَنِي بِبَيْعِ الشَّيْءِ الْمُوَكِّلِ عَلَى بَيْعِهِ بِعَشَرَةٍ، وَكَانَتْ الْعَشَرَةُ تُشْبِهُ قِيمَتَهُ وَقُلْت أَنْتَ بِأَكْثَرَ وَفَاتَ الْمَبِيعُ بِزَوَالِ عَيْنِهِ، فَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ عَنْ الْيَمِينِ حَلَفَ الْمُوَكِّلُ وَلَزِمَ الْوَكِيلَ غُرْمُ مَا قَالَهُ الْمُوَكِّلُ، فَإِنْ نَكَلَ الْمُوَكِّلُ أَيْضًا فَلَا شَيْءَ لَهُ قَالَهُ أَبُو الْحَسَنِ فِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّانِي، وَهَذَا إذَا لَمْ يَكُنْ لِلْمُوَكِّلِ بَيِّنَةٌ، فَإِنْ كَانَتْ لَهُ بَيِّنَةٌ لَزِمَ الْوَكِيلَ الْغُرْمُ قَالَهُ اللَّخْمِيُّ.

وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ، وَأَشْبَهَتْ مِمَّا إذَا ادَّعَى مَا لَا يُشْبِهُ، فَلَا يَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهُ بَلْ الْقَوْلُ قَوْلُ الْآمِرِ قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَاحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ وَفَاتَ الْمَبِيعُ مِمَّا إذَا لَمْ يَفُتْ فَإِنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُوَكِّلِ مَعَ يَمِينِهِ وَيَأْخُذُ سِلْعَتَهُ، وَلَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ، وَيَأْخُذَ الْعَشَرَةَ وَاخْتُلِفَ هَلْ لَهُ أَنْ يُجِيزَ الْبَيْعَ وَيُلْزِمَ الْوَكِيلَ الزَّائِدَ أَوْ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ؟ قَوْلَانِ ذَكَرَهُمَا الرَّجْرَاجِيُّ وَالْمَشْهُورُ أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ ذَلِكَ كَمَا تَقَدَّمَ قَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: وَاخْتُلِفَ إذَا اعْتَرَفَ الْوَكِيلُ بِالتَّعَدِّي هَلْ يَسْقُطُ ذَلِكَ الْيَمِينُ عَنْ الْمُوَكِّلِ أَوْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فَقِيلَ إنَّ ذَلِكَ يُسْقِطُ عَنْهُ الْيَمِينَ، وَقِيلَ لَا يُسْقِطُهَا لِحَقِّ الْمُشْتَرِي؛ لِأَنَّ الْوَكِيلَ يُتَّهَمُ أَنْ يَكُونَ قَصَدَ بِتَصْدِيقِهِ إبْطَالَ حَقِّ الْمُشْتَرِي انْتَهَى بِالْمَعْنَى (قُلْت) : وَالثَّانِي هُوَ الظَّاهِرُ.

(فَرْعٌ) : فَإِنْ أَرَادَ الْمُشْتَرِي أَنْ يَأْخُذَهَا بِمَا قَالَ الْمُوَكِّلُ فَهَلْ يُجْبَرُ الْمُوَكِّلُ عَلَى ذَلِكَ أَمْ لَا؟ عَلَى قَوْلَيْنِ فَإِنْ نَكَلَ الْمُوَكِّلُ عَنْ الْيَمِينِ كَانَ الْقَوْلُ قَوْلَ الْوَكِيلِ مَعَ يَمِينِهِ وَيُمْضِي الْبَيْعَ بِالْعَشْرَةِ قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ وَقَالَ ابْنُ الْمَوَّازِ: إذَا نَكَلَ

ص: 213

الْمُوَكِّلُ كَانَتْ لَهُ بِالْعَشْرَةِ بِغَيْرِ يَمِينٍ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: إنْ أَرَادَ دُونَ يَمِينِ الْوَكِيلِ كَانَ خِلَافَ الْمَذْهَبِ، وَإِلَى مَا قَالَهُ ابْنُ بَشِيرٍ أَشَارَ الْمُصَنِّفُ بِقَوْلِهِ أَوْ لَمْ يَفُتْ وَلَمْ يَحْلِفْ فَإِنْ نَكَلَ الْوَكِيلُ بَعْدَ نُكُولِ الْمُوَكِّلِ لَزِمَ غُرْمُ مَا قَالَ الْمُوَكِّلُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ.

ص (فَإِنْ لَمْ تَفُتْ خُيِّرْت فِي أَخْذِهَا بِمَا قَالَ)

ش: نَحْوُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: يُرِيدُ بَعْدَ يَمِينِ الْمَأْمُورِ لَقَدْ اشْتَرَاهَا بِمِائَةٍ وَخَمْسِينَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَهَلْ إنْ قُبِضَتْ تَأْوِيلَانِ)

ش: قَيَّدَ الرَّجْرَاجِيُّ الْخِلَافَ بِغَيْرِ الْمُفَوَّضِ قَالَ: لِأَنَّهُ بَعْدَ فَرَاغِهِ مِمَّا وَكَّلَ مَعْزُولٌ قَالَ: وَأَمَّا الْمُفَوَّضُ، فَلَا خِلَافَ أَنَّ قَوْلَهُ فِيمَا قَبْلَهُ مَقْبُولٌ وَيَلْزَمُ الْآمِرَ الْبَدَلُ (تَكْمِيلٌ) : قَالَ عِيَاضٌ ثُمَّ إذَا أَبْدَلَهَا الْآمِرُ فَلَا يَمِينَ عَلَى الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْآمِرُ أَنَّهُ أَبْدَلَهَا، فَيُتَصَوَّرُ فِيهِ مَا يُتَصَوَّرُ فِي الْمُودَعِ وَحَكَى أَشْهَبُ أَنَّهُ يُبْدِلُهَا بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ أَنَّهَا هِيَ؛ لِأَنَّهَا قَدْ خَرَجَتْ مِنْ يَدِ أَمِينِهِ وَغَابَتْ عَنْهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: وَلَعَلَّ قَوْلَ أَشْهَبَ لِاحْتِمَالِ أَنْ يَكُونَ عَلَى يَمِينِهِ انْتَهَى. وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: وَهَلْ ذَلِكَ لَازِمٌ بَعْدَ يَمِينِ الْبَائِعِ، وَهُوَ قَوْلُ أَشْهَبَ؛ لِأَنَّ الْبَائِعَ غَابَ عَلَيْهَا، وَالثَّانِي أَنَّهُ لَا يَمِينَ عَلَيْهِ إلَّا أَنْ يَدَّعِيَ الْآمِرُ أَنَّهُ قَدْ أَبْدَلَهَا انْتَهَى.

ص (وَفِي الْمَبْدَإِ تَأْوِيلَانِ)

ش: ذَكَرَ الرَّجْرَاجِيُّ فِي الْمَسْأَلَةِ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ تَبْدِئَةُ الْآمِرِ وَتَبْدِئَةُ الْمَأْمُورِ وَتَخْيِيرُ الْبَائِعِ قَالَ: وَتُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةِ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ مِنْ هَذِهِ الثَّلَاثَةِ الْأَقْوَالِ وَيَظْهَرُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ لَمْ يَذْكُرْ إلَّا التَّأْوِيلَيْنِ الْأَوَّلِينَ بِتَبْدِئَةِ الْمَأْمُورِ، وَهُوَ الَّذِي فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَتَأَوَّلَ أَبُو مُحَمَّدٍ الْمُدَوَّنَةِ عَلَيْهِ، وَاخْتَصَرَهَا عَلَيْهِ، وَتَبْدِئَةُ الْآمِرِ، وَلَمْ يُعْزِهِ الرَّجْرَاجِيُّ لِأَحَدٍ وَإِنَّمَا ذَكَرَهُ.

وَقَالَ: تُؤُوِّلَتْ الْمُدَوَّنَةُ عَلَيْهِ وَالثَّالِثُ تَأْوِيلُ ابْنِ يُونُسَ (تَكْمِيلٌ) : فَإِنْ بُدِئَ بِالْآمِرِ فَنَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَغَرِمَ الْآمِرُ، ثُمَّ لَا رُجُوعَ لَهُ عَلَى الْمَأْمُورِ إلَّا أَنْ يُتَّهَمَ بِبَدَلِهَا، فَيُحَلِّفُهُ وَإِنْ نَكَلَ الْبَائِعُ هُنَا لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْمَأْمُورَ؛ لِأَنَّ نُكُولَهُ عَنْ يَمِينِ الْآمِرِ نُكُولٌ عَنْ يَمِينِ الْمَأْمُورِ وَإِنْ بُدِئَ بِالْمَأْمُورِ، وَنَكَلَ حَلَفَ الْبَائِعُ وَأَبْدَلَهَا الْمَأْمُورُ، ثُمَّ هَلْ لَهُ تَحْلِيفُ الْآمِرِ قَوْلَانِ قَالَهُ الرَّجْرَاجِيُّ وَأَبُو الْحَسَنِ.

ص (وَانْعَزَلَ بِمَوْتِ مُوَكِّلِهِ إنْ عَلِمَ وَإِلَّا فَتَأْوِيلَانِ)

ش: جَعَلَ ابْنُ رُشْدٍ الْخِلَافَ فِي الْمَوْتِ وَالْعَزْلِ سَوَاءً

ص: 214

وَظَاهِرُ كَلَامِهِ فِي التَّوْضِيحِ تَرْجِيحُ الْقَوْلِ بِعَدَمِ الْعَزْلِ قَبْلَ بُلُوغِ الْعِلْمِ فِي الْعَزْلِ وَالْمَوْتِ وَهُوَ الظَّاهِرُ، وَهَذَا إذَا أَعْلَنَ بِالْعَزْلِ وَأَشْهَدَ عَلَيْهِ، وَلَمْ يَكُنْ مِنْهُ تَفْرِيطٌ فِي تَأْخِيرِ إعْلَامِهِ بِذَلِكَ، وَأَمَّا إنْ عَزَلَهُ سِرًّا، فَإِنَّهُ لَا يَنْعَزِلُ بِذَلِكَ قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ كَمَا تَقَدَّمَ أَوَّلَ الْبَابِ عِنْدَ قَوْلِهِ وَلَيْسَ لَهُ حِينَئِذٍ عَزْلُهُ، وَهَذَا أَيْضًا إذَا لَمْ يَتَعَلَّقْ بِالْوَكَالَةِ حَقٌّ لِلْغَيْرِ، فَلَيْسَ لِلْمُوَكِّلِ عَزْلُهُ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ هُنَا فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَمَهْمَا شَرَعَ فِي الْخُصُومَةِ، فَلَا يَنْعَزِلُ وَقَالَهُ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الذَّخِيرَةِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَهَلْ لَا تَلْزَمُ أَوْ إنْ وَقَعَتْ بِأُجْرَةٍ أَوْ جُعِلَ فَكَّهُمَا وَإِلَّا لَمْ يَلْزَمْ تَرَدُّدٌ)

ش: تَصَوُّرُهُ وَاضِحٌ

ص: 215