الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَيْهَا مَا اُسْتُعِيرَتْ لَهُ، فَإِنَّ الْأَجْنَبِيَّ يَضْمَنُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الشَّرِكَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ.
وَقَالَ أَبُو الْحَسَنِ: قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَمَنْ اسْتَعَارَ دَابَّةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ، ثُمَّ رَدَّهَا مَعَ عَبْدِهِ أَوْ غُلَامِهِ، فَعَطِبَتْ أَوْ ضَلَّتْ، فَلَا يَضْمَنُ؛ لِأَنَّ شَأْنَ النَّاسِ عَلَى هَذَا، وَإِنْ لَمْ يَعْلَمْ ضَيَاعَهَا إلَّا بِقَوْلِ الرَّسُولِ وَهُوَ مَأْمُونٌ أَوْ غَيْرُ مَأْمُونٍ ذَلِكَ سَوَاءٌ فَلَا يَضْمَنُ.
ص (فَعَلَيْهِ وَعَلَيْهِمْ الْيَمِينُ)
ش: قَالَ فِي رَسْمِ الْبَرَاءَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْعَارِيَّةِ: وَلَوْ زَعَمَ الرَّسُولُ أَنَّهُ قَدْ أَوْصَلَهُ إلَى الَّذِينَ بَعَثُوهُ وَجَحَدُوهُ لَمْ يَكُنْ عَلَيْهِمْ، وَلَا عَلَيْهِ إلَّا الْيَمِينُ وَيُبَرَّءُونَ انْتَهَى. وَقَوْلُهُ وَجَحَدُوهُ الظَّاهِرُ أَنَّ مُرَادَهُ جَحَدُوا الْإِرْسَالَ وَلَوْ أَقَرُّوا بِهِ ضَمِنُوا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمُؤْنَةُ أَخْذِهَا عَلَى الْمُسْتَعِيرِ كَرَدِّهَا عَلَى الْأَظْهَرِ)
ش: تَصَوُّرُهُ ظَاهِرٌ، وَتَقَدَّمَ فِي الْإِقَالَةِ الْكَلَامُ عَلَى حَمْلِ السِّلْعَةِ الْمَقَالِ مِنْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَابُ الْغَصْبِ]
ص (بَابُ الْغَصْبِ)
ش: قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: الْغَصْبُ لُغَةً قَالَ الْجَوْهَرِيُّ: أَخْذُ الشَّيْءِ ظُلْمًا. غَصَبَهُ مِنْهُ وَغَلَبَهُ سَوَاءٌ وَالِاغْتِصَابُ مِثْلُهُ، انْتَهَى. ثُمَّ قَالَ صَاحِبُ الْمُقَدِّمَاتِ: التَّعَدِّي عَلَى رِقَابِ الْأَمْوَالِ سَبْعَةُ أَقْسَامٍ لِكُلِّ قِسْمٍ مِنْهَا حُكْمٌ يَخُصُّهُ وَهِيَ كُلُّهَا مُجْمَعٌ عَلَى تَحْرِيمِهَا وَهِيَ الْحِرَابَةُ وَالْغَصْبُ وَالِاخْتِلَاسُ وَالسَّرِقَةُ وَالْخِيَانَةُ وَالْإِدْلَالُ وَالْجَحْدُ، انْتَهَى.
(فَوَائِدُ) قَالَ عليه السلام فِي خُطْبَةِ ثَانِي النَّحْرِ: «إنَّ دِمَاءَكُمْ وَأَمْوَالَكُمْ وَأَعْرَاضَكُمْ عَلَيْكُمْ حَرَامٌ كَحُرْمَةِ يَوْمِكُمْ هَذَا فِي شَهْرِكُمْ هَذَا فِي بَلَدِكُمْ هَذَا» .
فَوَرَدَ سُؤَالٌ وَهُوَ أَنَّ الْمُشَبَّهَ يَجِبُ أَنْ يَكُونَ أَخَفَضَ مِنْ الْمُشَبَّهِ بِهِ وَهُوَ هُنَا مُنْحَطٌّ عَنْهُ فِي نَظَرِ الشَّرْعِ بِكَثِيرٍ وَجَوَابُهُ أَنَّ التَّشْبِيهَ وَقَعَ بِحَسَبِ اعْتِقَادِهِمْ فَإِنَّهُمْ كَانُوا يُعَظِّمُونَ الْبَلَدَ وَالشَّهْرَ وَيَحْتَقِرُونَ الْأُمُورَ الْمَذْكُورَةَ، انْتَهَى. بِالْمَعْنَى، مِنْ الذَّخِيرَةِ. وَمِنْهَا أَيْضًا فِي أَدِلَّةِ الْغَصْبِ قَوْلُهُ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ غَصَبَ شِبْرًا مِنْ أَرْضٍ طُوِّقَهُ مِنْ سَبْعِ أَرَضِينَ» . مُتَّفَقٌ عَلَيْهِ. (فَائِدَةٌ) قَالَ الْعُلَمَاءُ: لَمْ يَرِدْ فِي السَّمْعِيَّاتِ مَا يَدُلُّ عَلَى تَعَدُّدِ الْأَرَضِينَ إلَّا قَوْلُهُ تَعَالَى {اللَّهُ الَّذِي خَلَقَ سَبْعَ سَمَاوَاتٍ وَمِنَ الأَرْضِ مِثْلَهُنَّ} [الطلاق: 12] وَهَذَا الْحَدِيثُ وَقِيلَ: الْمِثْلِيَّةُ فِي الْعِظَمِ لَا فِي الْعَدَدِ فَلَا دَلَالَةَ. (فَائِدَةٌ) قَالَ الْبَغَوِيّ: قِيلَ: طَوْقَهُ أَيْ كُلِّفَ حَمْلَهُ يَوْمَ الْقِيَامَةِ لَا طَوْقَ التَّقْلِيدِ وَقِيلَ: تُخْسَفُ الْأَرْضُ بِهِ فَتَصِيرُ الْبُقْعَةُ الْمَغْصُوبَةُ فِي حَلْقِهِ كَالطَّوْقِ قَالَ: وَهَذَا أَصَحُّ لِمَا فِي الْبُخَارِيِّ قَالَ رَسُولُ اللَّهِ
- صلى الله عليه وسلم: «مَنْ أَخَذَ مِنْ الْأَرْضِ شِبْرًا بِغَيْرِ حَقِّهِ خُسِفَ بِهِ يَوْمَ الْقِيَامَةِ إلَى سَبْعِ أَرَضِينَ» . انْتَهَى. وَحَدِيثُ الْبُخَارِيِّ هَذَا دَلِيلٌ أَيْضًا عَلَى تَعَدُّدِ الْأَرَضِينَ وَقَوْلُهُ وَقِيلَ: الْمِثْلِيَّةُ فِي الْعِظَمِ يَظْهَرُ لِي أَنَّهُ وَلَوْ قِيلَ بِهِ فَفِيهِ أَيْضًا دَلِيلٌ عَلَى التَّعَدُّدِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَمِنْهَا أَيْضًا قَالَ رَسُولُ اللَّهِ صلى الله عليه وسلم:«مَنْ أَحْيَا أَرْضًا مَيِّتَةً فَهِيَ لَهُ وَلَيْسَ لِعِرْقِ ظَالِمٍ حَقٌّ» . يُرْوَى بِالتَّنْوِينِ فِي عِرْقٍ عَلَى النَّعْتِ وَبِعَدَمِهِ عَلَى الْإِضَافَةِ وَفِي النُّكَتِ عِرْقُ الظَّالِمِ مَا يُحْدِثُهُ فِي الْمَغْصُوبِ. قَالَ ابْنُ شَعْبَانَ: الْعُرُوقُ أَرْبَعَةٌ ظَاهِرَانِ الْبِنَاءُ وَالْغَرْسُ وَبَاطِنَانِ فِي الْأَرْضِ الْآبَارُ وَالْعُيُونُ، انْتَهَى.
ص (أَخْذُ الْمَالِ قَهْرًا تَعَدِّيًا بِلَا حِرَابَةٍ)
ش: هَذَا الرَّسْمُ نَحْوُ رَسْمِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَهُوَ مُتَعَقَّبٌ مِنْ وَجْهَيْنِ: (الْأَوَّلُ) أَنَّ فِيهِ التَّرْكِيبَ فِي قَوْلِهِ بِلَا حِرَابَةٍ؛ لِأَنَّهُ يَتَوَقَّفُ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةِ الْحِرَابَةِ وَالتَّرْكِيبُ هُوَ تَوَقُّفُ مَعْرِفَةِ الْحُدُودِ عَلَى مَعْرِفَةِ حَقِيقَةٍ أُخْرَى لَيْسَتْ أَعَمَّ مِنْهُ وَلَا أَخَصَّ مِنْ أَعَمِّهِ وَقَدْ اعْتَرَضَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ وَأَصْلُهُ لِابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يَعْزُهُ ابْنُ عَرَفَةَ لَهُ.
(الثَّانِي) أَنَّهُ غَيْرُ مَانِعٍ؛ لِأَنَّهُ يَدْخُلُ فِيهِ أَخْذُ الْمَنَافِعِ كَسُكْنَى رَبْعٍ وَحَرْثِهِ وَلَيْسَ غَصْبًا بَلْ تَعَدِّيًا وَهَذَا لِابْنِ عَرَفَةَ أَيْضًا وَحْدَهُ بِقَوْلِهِ: الْغَصْبُ أَخْذُ مَالٍ غَيْرِ مَنْفَعَةٍ ظُلْمًا قَهْرًا لَا بِخَوْفِ قِتَالٍ فَيَخْرُجُ أَخْذُهُ غِيلَةً؛ إذْ لَا قَهْرَ فِيهِ؛ لِأَنَّهُ بِمَوْتِ مَالِكِهِ وَحِرَابَتِهِ، انْتَهَى.
وَفِي التَّنْبِيهَاتِ الْغَصْبُ فِي لِسَانِ الْعَرَبِ مُنْطَلِقٌ عَلَى أَخْذِ كُلِّ مِلْكٍ بِغَيْرِ رِضَا صَاحِبِهِ مِنْ شَخْصٍ أَوْ مَالٍ أَوْ مَنَافِعَ وَكَذَلِكَ التَّعَدِّي سِرًّا أَوْ جَهْرًا أَوْ اخْتِلَاسًا أَوْ سَرِقَةً أَوْ جِنَايَةً أَوْ قَهْرًا غَيْرَ أَنَّ الْغَصْبَ اُسْتُعْمِلَ فِي عُرْفِ الْفُقَهَاءِ فِي أَخْذِ أَعْيَانِ الْمُتَمَلَّكَاتِ بِغَيْرِ رِضَا أَرْبَابِهَا وَغَيْرِ مَا يَجِبُ عَلَى وَجْهِ الْقَهْرِ وَالْغَلَبَةِ مِنْ ذِي سُلْطَانٍ وَقُوَّةٍ وَاسْتُعْمِلَ الْمُتَعَدِّي عُرْفًا فِي التَّعَدِّي عَلَى عَيْنِهَا أَوْ مَنَافِعِهَا سَوَاءٌ كَانَ لِلْمُتَعَدِّي فِي ذَلِكَ يَدٌ بِيَدِ أَرْبَابِهَا أَوْ لَمْ يَكُنْ كَالْقِرَاضِ وَالْوَدَائِعِ وَالْإِجَارَةِ وَالصَّنَائِعِ وَالْبَضَائِعِ وَالْعَوَارِيّ وَفَرَّقَ الْفُقَهَاءُ بَيْنَ الْغَصْبِ وَالتَّعَدِّي فِي وُجُوهٍ مِنْهَا أَنَّ الْغَاصِبَ ضَامِنٌ لِلسِّلْعَةِ يَوْمَ الْغَصْبِ؛ لِأَنَّهُ يَوْمَ وَضْعِ يَدِهِ عَلَيْهَا بِالتَّعَدِّي وَالْمُتَعَدِّي يَوْمَ التَّعَدِّي وَالْغَاصِبُ يَضْمَنُ الْفَسَادَ الْيَسِيرَ وَالْمُتَعَدِّي لَا يَضْمَنُ إلَّا الْكَثِيرَ وَعَلَى الْمُتَعَدِّي كِرَاءُ مَا تَعَدَّى عَلَيْهِ وَأُجْرَتُهُ بِكُلِّ حَالٍ عِنْدَ مَالِكٍ وَقَالَ فِي الْغَاصِبِ: لَا كِرَاءَ عَلَيْهِ وَفِي كَثِيرٍ مِنْ هَذِهِ الْأُصُولِ اخْتِلَافٌ مِنْ أَصْحَابِنَا مَعْلُومٌ، انْتَهَى.
وَيُؤْخَذُ مِنْهُ أَنَّ مَنْ تَعَدَّى عَلَى دَابَّةٍ وَدِيعَةٍ وَرَكِبَهَا فَعَلَيْهِ أُجْرَتُهَا فَتَأَمَّلْهُ وَقَالَ فِي الذَّخِيرَةِ: قَالَ بَعْضُهُمْ الْغَصْبُ رَفْعُ الْيَدِ الْمُسْتَحِقَّةِ وَوَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ قَهْرًا وَقِيلَ: وَضْعُ الْيَدِ الْعَادِيَةِ قَهْرًا وَيَنْبَنِي عَلَى التَّعْرِيفَيْنِ أَنَّ الْغَاصِبَ مِنْ الْغَاصِبِ غَاصِبٌ عَلَى الثَّانِي دُونَ الْأَوَّلِ؛ لِكَوْنِهِ لَمْ يَرْفَعْ الْيَدَ الْمُسْتَحِقَّةَ، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: التَّعَدِّي قَالَ الْمَازِرِيُّ: هُوَ غَيْرُ الْغَصْبِ وَأَحْسَنُ مَا مُيِّزَ بِهِ عَنْهُ أَنَّ التَّعَدِّيَ الِانْتِفَاعُ بِمِلْكِ الْغَيْرِ بِغَيْرِ حَقٍّ دُونَ قَصْدِ الرَّقَبَةِ أَوْ إتْلَافُهُ أَوْ بَعْضِهِ دُونَ قَصْدِ تَمَلُّكِهِ.
(قُلْت) وَحَاصِلُ مَسَائِلِ التَّعَدِّي الِانْتِفَاعُ بِمَالِ الْغَيْرِ دُونَ حَقٍّ فِيهِ خَطَؤُهُ كَعَمْدِهِ أَوْ التَّصَرُّفُ فِيهِ بِغَيْرِ إذْنِهِ أَوْ إذْنِ قَاضٍ أَوْ مَنْ يَقُومُ مَقَامَهُ لِفَقْدِهِمَا فَيَدْخُلُ تَعَدِّي الْمُقَارِضِ وَسَائِرِ الْأُجَرَاءِ وَالْأَجَانِبِ.
ص (وَأَدَبُ مُمَيِّزٍ)
ش: قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: وَيُؤْخَذُ بِحَقِّ الْمَغْصُوبِ مِنْ مَالِ الصَّبِيِّ الْمُمَيِّزِ وَيُؤَدَّبُ، انْتَهَى. قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَا خِلَافَ فِي تَأْدِيبِ الْبَالِغِ وَأَمَّا غَيْرُ الْبَالِغِ فَقَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: مَا ذَكَرَهُ الْمُؤَلِّفُ هُوَ ظَاهِرُ الْمَذْهَبِ لِلْمُتَقَدِّمِينَ وَفِي الْمُقَدِّمَاتِ لَا يُؤَدَّبُ مَنْ لَمْ يَبْلُغْ الْحُلُمَ لِقَوْلِهِ عليه السلام: «رُفِعَ الْقَلَمُ عَنْ ثَلَاثٍ» .
وَقِيلَ: يُؤَدَّبُ كَمَا يُؤَدَّبُ فِي الْمَكْتَبِ