الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى نَخْلٍ وَهِيَ كُلُّهَا بِوَادِي نَخْلَةٍ وَسِقْيَتُهَا ثَلَاثُ وَجَبَاتٍ وَثُلُثٍ فَطَلَبَ مِنْ شُرَكَائِهِ الْقِسْمَةَ بِأَنْ يُقَوِّمُوا الْأَرْضَ وَيُعْطُوهُ مِنْ ذَلِكَ قِطْعَةً بِقَدْرِ مَا يَخُصُّهُ فَإِنْ فَضَلَ لَهُ شَيْءٌ أَخَذَهُ وَإِنْ فَضَلَ عَلَيْهِ شَيْءٌ سَلَّمَهُ، وَقَالَ لَهُ شُرَكَاؤُهُ: مَا نُعْطِيك إلَّا قَدْرَ حِصَّتِكَ مِنْ كُلِّ أَرْضٍ وَنَخْلٍ فَأَجَبْتُ بِجَمْعِ الْأَرَاضِي الَّتِي فِيهَا النَّخْلُ عَلَى حِدَةٍ إذَا كَانَتْ مُتَقَارِبَةً بِحَيْثُ يَكُونُ بَيْنَهُمَا كَالْمِيلِ وَنَحْوِهِ وَكَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي النَّفَاقِ وَالرَّغْبَةِ فِيهَا وَكَذَلِكَ تُجْمَعُ الْأَرَاضِي الَّتِي لَا نَخْلَ فِيهَا إذَا كَانَتْ مُتَقَارِبَةً كَذَلِكَ وَكَانَتْ مُتَسَاوِيَةً فِي النَّفَاقِ وَالرَّغْبَةِ وَيُقْسَمُ كُلُّ صِنْفٍ عَلَى حِدَتِهِ إذَا كَانَ يَحْصُلُ لِأَقَلِّ الشُّرَكَاءِ حِصَّةٌ بِشَيْءٍ يُنْتَفَعُ بِهِ فَإِنْ لَمْ يَحْصُلْ لَهُ شَيْءٌ يُنْتَفَعُ بِهِ لَمْ يُجْبَرْ عَلَى الْقَسْمِ فَإِنْ دَعَا أَحَدُ الشُّرَكَاءِ إلَى الْبَيْعِ جُبِرَ لَهُ بَقِيَّةُ الشُّرَكَاءِ إذَا كَانَتْ حِصَّتُهُ تَنْقُصُ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً وَلَيْسَ لِشُرَكَائِهِ أَنْ يَقُولُوا لَهُ نُعْطِيكَ مِنْ كُلِّ قِطْعَةٍ فِي الْأَرْضِ بِقَدْرِ حِصَّتِكَ إذَا كَانَ لَا يَنْتَفِعُ بِذَلِكَ إمَّا تَرَاضَوْا عَلَى أَنْ يُقَوِّمُوا الْأَرَاضِيَ وَيُعْطُوهُ قِطْعَةً مِنْهَا إمَّا بِقَدْرِ حَقِّهِ أَوْ بِأَقَلَّ أَوْ بِأَكْثَرَ وَإِلَّا بِيعَ عَلَيْهِمْ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلِلْبَيْعِ إنْ نَقَصَتْ حِصَّةُ شَرِيكِهِ مُفْرَدَةً لَا كَرَبْعِ غَلَّةٍ أَوْ اشْتَرَى بَعْضًا)
ش: يَعْنِي وَأُجْبِرَ الشُّرَكَاءُ لِبَيْعِ الشَّيْءِ الْمُشْتَرَكِ مِنْ عَقَارٍ وَحَيَوَانٍ وَعُرُوضٍ إذَا لَمْ يُمْكِنْ قَسْمُهُ وَكَانَتْ حِصَّةُ أَحَدِهِمْ إذَا بِيعَتْ مُفْرَدَةً نَقَصَ ثَمَنُهَا، قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: إذَا دَعَا أَحَدُهُمْ لِقَسْمِ ثَوْبٍ بَيْنَهُمَا لَمْ يُقْسَمْ وَقِيلَ لَهُمَا: تَقَاوَمَاهُ بَيْنَكُمَا أَوْ بِيعَاهُ فَإِنْ اسْتَقَرَّ عَلَى ثَمَنٍ فَلِمَنْ أَبَى الْبَيْعَ أَخْذُهُ وَإِلَّا بِيعَ وَفِيهَا أَيْضًا وَإِنْ لَمْ يَنْقَسِمْ مَا بَيْنَهُمْ مِنْ رَبْعٍ أَوْ حَيَوَانٍ أَوْ عَرَضٍ وَشَرِكَتُهُمْ بِمِيرَاثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَمَنْ دَعَا إلَى بَيْعِهِ جُبِرَ عَلَيْهِ مَنْ أَبَاهُ ثُمَّ لِلْآبِي أَخْذُ الْجَمِيعِ بِمَا يُعْطَى فِيهِ، انْتَهَى. وَانْظُرْ كَلَامَ ابْنِ غَازِي فَإِنَّهُ جَامِعٌ حَسَنٌ، وَقَالَ فِي آخِرِ كِتَابِ الْبُيُوعِ مِنْ النَّوَادِرِ، قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ، قَالَ ابْنُ الْمَاجِشُونِ وَأَصْبَغُ فِي الشَّيْءِ لَا يَنْقَسِمُ بَيْنَ الرَّجُلَيْنِ فَيُرِيدُ أَحَدُهُمَا الْمُقَاوَمَةَ فِيهِ، قَالَ: لَا يَلْزَمُ صَاحِبُهُ الْمُقَاوَمَةَ فِيهِ وَعَلَيْهِ أَنْ يَبِيعَ مَعَهُ وَإِنْ رَضِيَا بِالْمُقَاوَاةِ تَقَاوَيَاهُ بَيْنَهُمَا بِالْمُزَايَدَةِ وَبِمَا أَحَبَّا بِلَا قِيمَةٍ وَلَا يُقَوَّمُ بِقِيمَتِهِ ثُمَّ يَتَزَايَدَانِ عَلَيْهَا وَإِذَا أُمِرَ بِالْبَيْعِ مَعَهُ فَإِذَا بَلَغَ فَمَنْ شَاءَ أَخَذَهُ مِنْهَا بِذَلِكَ وَمَنْ شَاءَ تَرَكَهُ وَلَوْ بَاعَ أَحَدُهُمَا نَصِيبَهُ وَحْدَهُ مَضَى ذَلِكَ وَلَمْ يَكُنْ لَهُ أَخْذُهُ بِالثَّمَنِ لِيَعْمَلَ مَعَ مَنْ دَارَ لَهُ إنْ شَاءَ كَمَا كَانَ يَعْمَلُ مَعَ الشَّرِيكِ الْأَوَّلِ يُرِيدُ إنْ لَمْ يَقُمْ بِالشُّفْعَةِ فِيمَا فِيهِ شُفْعَةٌ وَلَمْ يَكُنْ بَائِعًا مَعَهُ، انْتَهَى. وَقَدْ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ أَنَّ أَحَدَ الشَّرِيكَيْنِ أَحَقُّ بِالشَّيْءِ الْمُشْتَرَكِ بِالثَّمَنِ الَّذِي يَأْخُذُهُ الْغَيْرُ بِلَا خِلَافٍ قَبْلَ الْبَيْعِ فَإِنْ وَقَعَ الْبَيْعُ مَضَى وَإِنْ لَمْ يَكُنْ أَحَقَّ بِهِ إلَّا فِيمَا فِيهِ الشُّفْعَةُ وَكَذَلِكَ الْكِرَاءُ وَانْظُرْ الْمُدَوَّنَةَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ أَيْضًا.
[فَرْعٌ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَامَ شَرِيكُهُ يَطْلُبُ بَيْعَ نَصِيبِهِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي النَّوَادِرِ فِي الْجُزْءِ الثَّانِي مِنْ كِتَابِ الْأَقْضِيَةِ فِي الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ: وَكَتَبَ شَجَرَةُ إلَى سَحْنُونٍ فِي عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَامَ شَرِيكُهُ يَطْلُبُ بَيْعَ نَصِيبِهِ، قَالَ: إنْ قَرُبَتْ غَيْبَتُهُ اُسْتُؤْنِيَ حَتَّى يَحْضُرَ فَيُقَاوِمُهُ أَوْ يَجْتَمِعَا عَلَى الْبَيْعِ وَإِنْ بَعُدَتْ غَيْبَتُهُ فَلْيُبَعْ لِلْحَاضِرِ الْعَبْدُ وَتُوقَفُ حِصَّةُ الْغَائِبِ مِنْ الثَّمَنِ، انْتَهَى. وَنَقَلَهُ أَيْضًا ابْنُ بَطَّالٍ فِي الْمُقْنِعِ فِي بَابِ الْقَضَاءِ عَلَى الْغَائِبِ وَذَكَرَ الْبُرْزُلِيُّ فِي مَسَائِلِ الْقِسْمَةِ عَنْ الْمَازِرِيِّ أَنَّ الْقَاضِيَ يَبِيعُ مَا لَمْ يَنْقَسِمْ مِنْ الْعَقَارِ إذَا كَانَ الشَّرِيكُ غَائِبًا وَيُوقَفُ ثَمَنُهُ لَهُ.
[فَرْعٌ طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ إخْلَاءَ الدَّارِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْآخَرُ تُقْسَمُ وَأَنَا فِيهَا]
(فَرْعٌ) إذَا طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ إخْلَاءِ الدَّارِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ، وَقَالَ الْآخَرُ: تُقْسَمُ وَأَنَا فِيهَا أَوْ يُنَادَى عَلَيْهَا وَأَنَا فِيهَا اُنْظُرْ ذَلِكَ فِي مَسَائِلِ الْقِسْمَةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ وَانْظُرْهَا فِي مَسَائِلِ الدَّعْوَى وَالْحِيَازَاتِ عَنْ ابْنِ سَهْلٍ وَالتَّوْضِيحِ وَبَهْرَامَ فِي هَذَا الْمَحَلِّ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَى ذَلِكَ فِي بَابِ الشَّرِكَةِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ وَجَدَ عَيْبًا بِالْأَكْثَرِ فَلَهُ رَدُّهَا)
ش: يُرِيدُ وَنَصِيبُ صَاحِبِهِ السَّالِمُ لَمْ يَفُتْ يَدُلُّ عَلَيْهِ قَوْلُهُ فَإِنْ فَاتَ وَقَوْلُهُ بِالْأَكْثَرِ يُرِيدُ وَكَذَلِكَ وَجْهُ الصَّفْقَةِ وَلَوْ لَمْ يَكُنْ الْأَكْثَرَ، قَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ: فَلَوْ ظَهَرَ عَيْبٌ فِي وَجْهِ نَصِيبِهِ وَلَمْ يَفُتْ الْبَاقِي
فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ، انْتَهَى. قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَكَمَا لَهُ الرَّدُّ بِاطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فِي وَجْهِ مَا أَخَذَ فَكَذَلِكَ يَكُونُ لَهُ الرَّدُّ بِاطِّلَاعِهِ عَلَى الْعَيْبِ فِي أَكْثَرِهِ، انْتَهَى. وَفِي الْمُدَوَّنَةِ مَا نَصَّهُ بِاخْتِصَارِ ابْنِ عَرَفَةَ: وَفِيهَا إنْ وَجَدَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ بَعْدَ الْقَسْمِ فِي حَظِّهِ عَيْبًا فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ وَجْهَهُ أَوْ أَكْثَرَ رَدَّ الْجَمِيعَ وَابْتَدَأَ الْقَسْمَ فَإِنْ فَاتَ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ رَدَّ قِيمَتَهُ يَوْمَ قَبَضَهُ يَقْتَسِمَانِهَا مَعَ الْمَرْدُودِ وَإِنْ كَانَ الْأَقَلَّ رَدَّهُ وَلَمْ يَرْجِعْ فِيمَا بِيَدِ شَرِيكِهِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ سُبْعَ مَا بِيَدِهِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ نِصْفِ سُبْعِ مَا أَخَذَ ثَمَنًا ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ الْمَعِيبَ كَانَ قَسْمَ قُرْعَةٍ أَوْ تَرَاضٍ، انْتَهَى.
وَقَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فَلَهُ رَدُّهَا ابْنُ الْحَاجِبِ فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ، الظَّاهِرُ أَنَّ اللَّامَ فِيهِ لِلْإِبَاحَةِ وَانْظُرْ مَا يُقَابِلُ قَوْلَهُمَا فَلَهُ رَدُّ الْجَمِيعِ هَلْ وَلَهُ الْمَعِيبُ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ مَا يَخُصُّهُ ثَمَنًا كَمَا فِي عَيْبِ الْأَقَلِّ أَمْ لَا أَوْ لَهُ التَّمَسُّكُ بِمَا حَصَلَ لَهُ فَقَطْ مِنْ غَيْرِ رَدٍّ وَهُوَ الَّذِي يَظْهَرُ مِنْ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (فَإِنْ فَاتَ مَا بِيَدِ صَاحِبِهِ بِكَهَدْمٍ رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ يَوْمَ قَبْضِهِ وَمَا سَلِمَ بَيْنَهُمَا)
ش: لَا يَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ كَهَدْمٍ الْبَيْعُ وَإِنْ كَانَ قَدْ ذَكَرَهُ أَبُو سَعِيدٍ فِي تَهْذِيبِهِ؛ لِأَنَّ الْقَاضِيَ عِيَاضًا تَعَقَّبَهُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ فِي التَّوْضِيحِ وَكَذَلِكَ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَلَيْسَ حَوَالَةُ الْأَسْوَاقِ فِي الدُّورِ فَوْتًا، انْتَهَى. وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَوْ اقْتَسَمَا قَمْحًا فَظَهَرَ عَيْبٌ بِحَظِّ أَحَدِهِمَا بَعْدَ طَحْنِهِ فَفِي رَدِّ قِيمَتِهِ أَوْ مِثْلِهِ ثَالِثُهَا يَكُونُ شَرِيكًا بِقِيمَةِ الطَّحْنِ فِي الدَّقِيقِ وَمَا بَقِيَ وَحِصَّةُ الْآخَرِ بَيْنَهُمَا لَهَا وَلِابْنِ عَبْدُوسٍ عَنْ أَشْهَبَ سَحْنُونٌ: لَيْسَ الطَّحْنُ بِفَوْتٍ فَكَذَا فِي الْخَشَبِ، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ. وَقَوْلُهُ يَوْمَ قَبْضِهِ، قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ: إنْ كَانَ مَعْنَاهُ أَنَّ يَوْمَ الْقَبْضِ هُوَ يَوْمُ الْبَيْعِ فَصَحِيحٌ وَإِلَّا فَانْظُرْ هَلْ يُقَالُ: الْقِيمَةُ فِي الْبَيْعِ الصَّحِيحِ يَوْمَ الْبَيْعِ وَهَذَا بَيْعٌ صَحِيحٌ، أَوْ يُقَالُ: لَمَّا اُنْتُقِضَتْ الْقِسْمَةُ اُنْتُقِضَ الْبَيْعُ فَلَا يَضْمَنُ إلَّا يَوْمَ الْقَبْضِ، انْتَهَى.
قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هَذَا هُوَ الصَّحِيحُ وَعَلَيْهِ حَمَلَهُ الْأَشْيَاخُ وَنَحْوُهُ قَوْلُ الْغَيْرِ فِي النِّكَاحِ الثَّانِي إذَا وَهَبَتْ الْمَرْأَةُ صَدَاقَهَا ثُمَّ طَلَّقَهَا قَبْلَ الْبِنَاءِ أَنَّهُ يُرْجَعُ عَلَيْهِ بِقِيمَةِ ذَلِكَ يَوْمَ قَبَضَهُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ يَوْمَ وَهَبَتْهُ؛ لِأَنَّهَا لَا تَضْمَنُ هَلَاكَهُ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ وَهُنَا يَضْمَنُهُ بِذَلِكَ مَنْ هُوَ فِي يَدِهِ، انْتَهَى.
(فَرْعٌ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ حَبِيبٍ إنْ فَاتَ بَعْضُهُ رَدَّ قِيمَةَ مَا فَاتَ وَإِنْ فَاتَ نِصْفُ الْمَعِيبِ رَدَّ نِصْفَهُ.
(فَرْعٌ) فَإِنْ فَاتَ النَّصِيبَانِ مَعًا فَإِنَّهُ يُرْجَعُ عَلَى مَنْ أَخَذَ السَّالِمَ بِنِصْفِ مَا زَادَتْ قِيمَتُهُ عَلَى قِيمَةِ الْمَعِيبِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَهُوَ ظَاهِرٌ.
ص (وَمَا بِيَدِهِ رَدَّ نِصْفَ قِيمَتِهِ)
ش: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يَوْمَ الْقَبْضِ عَلَى مَا تَقَدَّمَ، انْتَهَى. فَإِنْ فَاتَ بَعْضُهُ فَقَدْ تَقَدَّمَ فَرْقُ هَذَا عَنْ ابْنِ عَرَفَةَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَمَا رُدَّ بَيْنَهُمَا)
ش: كَذَا فِي بَعْضِ النُّسَخِ وَيَعْنِي بِهِ مَا رُدَّ بِسَبَبِ الْعَيْبِ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَفِي بَعْضِ النُّسَخِ وَمَا سَلِمَ بَيْنَهُمَا وَيَعْنِي بِهِ أَيْضًا الْمَعِيبَ الَّذِي اطَّلَعَ عَلَيْهِ وَعَبَّرَ عَنْهُ بِقَوْلِهِ وَمَا سَلِمَ أَيْ مَا سَلِمَ مِنْ الْفَوَاتِ فِي مُقَابَلَةِ نَصِيبِ صَاحِبِهِ الَّذِي فَاتَ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِلَّا رَجَعَ بِنِصْفِ الْمَعِيبِ مِمَّا فِي يَدِهِ ثَمَنًا وَالْمَعِيبُ بَيْنَهُمَا)
ش: يُشِيرُ إلَى قَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ الْأَقَلَّ رَدَّهُ وَلَمْ يَرْجِعْ فِيمَا بِيَدِ شَرِيكِهِ وَإِنْ لَمْ يَفُتْ إذَا لَمْ يَنْقُضْ الْقَسْمَ وَلَكِنْ يَنْظُرُ فَإِنْ كَانَ الْمَعِيبُ قَدْرَ سُبْعِ مَا بِيَدِهِ رَجَعَ عَلَى صَاحِبِهِ بِقِيمَةِ نِصْفِ سُبْعِ مَا أَخَذَ ثَمَنًا ثُمَّ يَقْتَسِمَانِ هَذَا الْمَعِيبَ، انْتَهَى. فَقَوْلُهُ بِنِصْفِ الْمَعِيبِ فِيهِ حَذْفُ مُضَافَيْنِ وَالتَّقْدِيرُ بِنِصْفِ قِيمَةِ مِثْلِ الْمَعِيبِ وَقَوْلُهُ مِمَّا فِي يَدِهِ مِنْ السَّالِمِ الَّذِي فِي يَدِ شَرِيكِهِ كَمَا، قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَهَذَا أَبْيَنُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِيهِ حَذْفُ مُضَافَيْنِ أَيْ بِمِثْلِ قِيمَةِ نِصْفِ الْمَعِيبِ مِنْ الصَّحِيحِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) هَذَا ظَاهِرٌ إذَا كَانَ الْمَعِيبُ مُتَمَيِّزًا عَنْ السَّالِمِ وَأَمَّا إذَا كَانَ الْمَعِيبُ يَعُمُّ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ أَحَدُهُمَا لَكِنَّهُ يَنْقُصُ ثَمَنُهُ يَسِيرًا فَلَا يَتَأَتَّى شَيْءٌ مِنْهُ عَلَى مَنْ أَخَذَ السَّالِمَ لَكِنْ يَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ مَا زَادَهُ السَّالِمُ عَلَى الْمَعِيبِ، قَالَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَلَمْ يَتَعَرَّضْ الْمُؤَلِّفُ
فِي هَذَا الشِّقِّ لِتَفْرِيقِ الْفَوَاتِ مِنْ غَيْرِهِ أَمَّا فَوَاتُ نَصِيبِ السَّالِمِ نَصِيبُهُ مِنْ الْمَعِيبِ فَهُوَ مُسَاوٍ لِعَدَمِ فَوَاتِهِ كَمَا، قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَنَقَلَهُ عَنْهُ غَيْرُ وَاحِدٍ وَأَمَّا فَوَاتُ نَصِيبِ الْمَعِيبِ نَصِيبِهِ فَالظَّاهِرُ أَنَّ حُكْمَهُ حُكْمُ مَا إذَا كَانَ الْعَيْبُ يَعُمُّ جَمِيعَ النَّصِيبِ لَكِنَّهُ يَنْقُصُ مِنْ ثَمَنِهِ يَسِيرًا وَهُوَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
الْمُشَارُ إلَيْهِ بِقَوْلِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَوْ بَنَى أَحَدُهُمَا فِي حِصَّتِهِ مِنْ الدَّارِ وَهَدَمَ بَعْدَ الْقِسْمَةِ ثُمَّ وَجَدَ عَيْبًا فَذَلِكَ فَوْتٌ وَيَرْجِعُ بِنِصْفِ قِيمَةِ الْعَيْبِ ثَمَنًا عَلَى مَا فَسَّرْنَا، انْتَهَى، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نِصْفٌ أَوْ ثُلُثٌ خُيِّرَ لَا رُبْعٌ وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ)
ش: ظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْمُسْتَحَقُّ شَائِعًا مِنْ جَمِيعِ الْمَقْسُومِ أَوْ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ أَوْ مُعَيَّنًا وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا هَذَا الْحُكْمُ فِيمَا إذَا اُسْتُحِقَّ مُعَيَّنٌ أَوْ شَائِعٌ مِنْ حِصَّةِ أَحَدِهِمْ فَيُفْصَلُ فِيهِ عَلَى مَا ذُكِرَ وَفِيهِ مَا نَبَّهَ عَلَيْهِ ابْنُ غَازِي وَغَيْرُهُ وَأَمَّا إذَا اُسْتُحِقَّ جُزْءٌ شَائِعٌ مِنْ جَمِيعِ الْمَقْسُومِ فَلَا كَلَامَ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ عَلَى صَاحِبِهِ؛ لِأَنَّهُ اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا مِثْلُ مَا اُسْتُحِقَّ مِنْ نَصِيبِ الْآخَرِ وَهَذَا ظَاهِرٌ وَقَدْ أَشَارَ إلَى ذَلِكَ ابْنُ الْحَاجِبِ بِقَوْلِهِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضٌ مُعَيَّنٌ وَاعْلَمْ أَنَّ مَسْأَلَةَ وُجُودِ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ بِبَعْضِ الْأَنْصِبَاءِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، قَالَ عِيَاضٌ فِي التَّنْبِيهَاتِ: جَاءَتْ فِيهَا أَلْفَاظٌ مُشْكِلَةٌ وَأَجْوِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ وَمَقَالَاتٌ مُطْلَقَةٌ وَاضْطَرَبَ بِسَبَبِهَا تَأْوِيلُ الشُّيُوخِ وَمَذَاهِبُهُمْ فِي تَحْقِيقِ مَذْهَبِهِ فِي ذَلِكَ، انْتَهَى.
وَقَدْ لَخَّصَ فِي اللُّبَابِ مِنْ ذَلِكَ كَلَامًا وَنَصُّهُ: إذَا وَقَعَ الِاسْتِحْقَاقُ فِي شَائِعٍ يَنْقُضُ الْقَسْمَ وَاتَّبَعَ الْمُسْتَحِقُّ كُلَّ وَارِثٍ بِقَدْرِ مَا صَارَ مِنْ حَقِّهِ وَلَا يَتَّبِعُ الْمَلِيءُ عَلَى الْمُعْدِمِ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ نَصِيبُ أَحَدِهِمْ بِعَيْنِهِ فَإِنْ اُسْتُحِقَّ جَمِيعُهُ رَجَعَ فِيمَا بِيَدِ شَرِيكِهِ كَأَنَّ الْمَيِّتَ لَمْ يَتْرُكْ غَيْرَهُ وَإِنْ اُسْتُحِقَّ بَعْضُهُ فَثَلَاثَةٌ لِابْنِ الْقَاسِمِ، قَالَ مَرَّةً يُنْتَقَضُ الْقَسْمُ كُلُّهُ إنْ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا وَإِنْ كَانَ يَسِيرًا رَجَعَ بِقِيمَتِهِ، وَقَالَ مَرَّةً يَرْجِعُ فَيُسَاوِي صَاحِبَهُ فِيمَا بِيَدِهِ بِقَدْرِ نِصْفِ ذَلِكَ كَانَ الْمُسْتَحَقُّ كَثِيرًا أَوْ قَلِيلًا، وَقَالَ مَرَّةً يُنْتَقَضُ فِي الْكَثِيرِ وَيَرْجِعُ فِي الْيَسِيرِ شَرِيكًا.
(تَنْبِيهٌ) مَسَائِلُ الْعَيْبِ وَالِاسْتِحْقَاقِ وَقَعَتْ فِيهَا أَلْفَاظٌ مُخْتَلِفَةٌ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَأَجْوِبَةٌ مُخْتَلِفَةٌ اضْطَرَبَتْ فِيهَا مَسَائِلُ الشُّيُوخِ فِي تَحْقِيقِ مَذْهَبِهِ وَقَدْ نَبَّهَ عَلَيْهَا الْقَاضِي عِيَاضٌ فِي تَنْبِيهَاتِهِ، قَالَ بَعْضُ الشُّيُوخِ: وَاَلَّذِي يَظْهَرُ مِنْ مَذْهَبِهِ الْمَعْلُومِ فِي الْبَيْعِ أَنَّ الثُّلُثَ فَأَزْيَدَ كَثِيرٌ يُرَدُّ مِنْهُ الْبَيْعُ وَأَنَّ الْقِسْمَةَ تَسْتَوِي مَعَ الْبَيْعِ فِي الْيَسِيرِ الَّذِي لَا يُرَدَّانِ مِنْهُ وَهُوَ الرُّبْعُ فَمَا دُونَهُ وَفِي الْجُلِّ الَّذِي يُرَدُّ فِيهِ الْبَيْعُ وَتُفْسَخُ مَعَهُ الْقِسْمَةُ وَيَفْتَرِقَانِ فِي النِّصْفِ وَالثُّلُثِ وَنَحْوِهِمَا فَيُرَدُّ الْبَيْعُ بِذَلِكَ وَلَا تُفْسَخُ الْقِسْمَةُ بِاسْتِحْقَاقِ النِّصْفِ أَوْ الثُّلُثِ وَيَكُونُ بِذَلِكَ شَرِيكًا فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَكَذَلِكَ الْعَيْبُ ابْنُ يُونُسَ وَهَذَا تَحْصِيلٌ حَسَنٌ وَلَيْسَ فِي مَسَائِلِ الْبَابِ مَا يُخَالِفُهُ إلَّا مَسْأَلَةُ الدَّارِ يَأْخُذُ أَحَدُهُمَا رُبْعَهَا وَالْآخَرُ ثَلَاثَةَ أَرْبَاعِهَا فَيُسْتَحَقُّ نِصْفُ نَصِيبِ أَحَدِهِمَا فَإِنَّهُ قَالَ: يَرْجِعُ بِقِيمَةِ ذَلِكَ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ وَلَوْ قَالَ: يَرْجِعُ فِيمَا بِيَدِ صَاحِبِهِ لَاسْتَوَتْ الْمَسَائِلُ وَحَسُنَ التَّأْوِيلُ وَلَمْ يَكُنْ فِي الْكَلَامِ تَنَاقُضٌ، انْتَهَى كَلَامُ اللُّبَابِ بِلَفْظِهِ.
ص (كَطُرُوِّ غَرِيمٍ أَوْ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى وَرَثَةٍ
أَوْ وَارِثٍ وَمُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ، وَالْمَقْسُومُ كَدَارٍ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا رَجَعَ عَلَى كُلٍّ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مَضَتْ كَبَيْعِهِمْ بِلَا غَبْنٍ وَاسْتَوْفَى مِمَّا وَجَدَ ثُمَّ تَرَاجَعُوا وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا)
ش: ذَكَرَ رحمه الله أَرْبَعَ مَسَائِلَ، الْأُولَى: أَنْ يَطْرَأَ غَرِيمٌ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ أَنْ اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ، الثَّانِيَةُ: أَنْ يَطْرَأَ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا، الثَّالِثَةُ: أَنْ يَطْرَأَ غَرِيمٌ عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ، الرَّابِعَةُ: أَنْ يَطْرَأَ مُوصًى لَهُ بِعَدَدٍ عَلَى الْوَرَثَةِ وَالْمُوصَى لَهُمْ بِالثُّلُثِ بَعْدَ الْقِسْمَةِ أَيْضًا، وَذَكَرَ أَنَّ الْحُكْمَ فِي الصُّوَرِ الْأَرْبَعِ نَقْضُ الْقِسْمَةِ؛ لِأَنَّهُ شَبَّهَهَا بِمَسْأَلَةِ اسْتِحْقَاقِ الْأَكْثَرِ حَيْثُ قَالَ: وَفُسِخَتْ فِي الْأَكْثَرِ كَطُرُوِّ غَرِيمٍ إلَخْ، إلَّا إنْ شُرِطَ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ أَنْ يَكُونَ الْمَقْسُومُ دَارًا أَوْ مَا يُشْبِهُ الدَّارَ يُرِيدُ الْمُقَوَّمَاتِ كَالْعَبِيدِ وَالثِّيَابِ وَنَحْوِهَا وَاحْتَرَزَ بِذَلِكَ مِمَّا لَوْ كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا فَإِنَّ الْقِسْمَةَ لَا تُنْقَضُ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي قَوْلِهِ وَإِنْ كَانَ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا رَجَعَ عَلَى كُلٍّ مِنْ الْوَرَثَةِ بِحِصَّتِهِ وَيُشْتَرَطُ فِي نَقْضِ الْقِسْمَةِ إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ كَدَارٍ أَنْ لَا يَدْفَعَ الْوَرَثَةُ يُرِيدُ أَوْ أَحَدُهُمْ جَمِيعَ الدَّيْنِ فَإِنْ دَفَعُوا الدَّيْنَ مِنْ أَمْوَالِهِمْ أَوْ دَفَعَ بَعْضُهُمْ لَمْ تُنْتَقَضْ وَكَذَلِكَ إذَا دَفَعُوا الْعَدَدَ الْمُوصَى بِهِ لَمْ تُنْتَقَضْ الْقِسْمَةُ وَهَذَا الشَّرْطُ يُفْهَمُ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ وَإِنْ دَفَعَ جَمِيعُ الْوَرَثَةِ مَضَتْ وَأَمَّا قَوْلُ الْمُؤَلِّفِ فِي مَسْأَلَةِ مَا إذَا كَانَ الْمَقْسُومُ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا أَنَّ مَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا فَمُشْكِلٌ؛ لِأَنَّهُ يَقْتَضِي أَنَّ الْوَرَثَةَ إذَا اقْتَسَمُوا التَّرِكَةَ وَكَانَتْ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا ثُمَّ طَرَأَ عَلَيْهِمْ غَرِيمٌ فَوَجَدَ بَعْضَهُمْ مُوسِرًا وَبَعْضَهُمْ مُعْسِرًا فَإِنَّهُ إنَّمَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوسِرِ بِحِصَّتِهِ وَيَتْبَعُ الْمُعْسِرَ بِحِصَّتِهِ إذَا لَمْ يَكُونُوا عَالِمِينَ بِالدَّيْنِ وَلَيْسَ كَذَلِكَ وَإِنَّمَا يَكُونُ هَذَا فِيمَا إذَا طَرَأَ غَرِيمٌ عَلَى غُرَمَاءَ أَوْ وَارِثٌ عَلَى وَرَثَةٍ أَوْ مُوصًى لَهُ عَلَى مُوصًى لَهُمْ وَأَمَّا إذَا طَرَأَ الْغَرِيمُ عَلَى الْوَرَثَةِ فَإِنَّهُ يَرْجِعُ عَلَى
الْمَلِيءِ مِنْهُمْ بِجَمِيعِ الدَّيْنِ حَتَّى يَسْتَوْفِيَ جَمِيعَ مَا أَخَذَهُ الْوَارِثُ ثُمَّ يَتْبَعُ الْوَارِثُ بَقِيَّةَ الْوَرَثَةِ سَوَاءٌ عَلِمُوا بِالدَّيْنِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا وَمِثْلُهُ فِي الْإِشْكَالِ قَوْلُهُ بَعْدُ وَمَنْ أَعْسَرَ فَعَلَيْهِ إنْ لَمْ يَعْلَمُوا، قَالَ فِي كِتَابِ الْقِسْمَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَمَنْ هَلَكَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ وَتَرَكَ دُورًا وَرَقِيقًا وَصَاحِبُ الدَّيْنِ غَائِبٌ فَجَهِلَ الْوَرَثَةُ أَنَّ الدَّيْنَ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا بِالدَّيْنِ فَاقْتَسَمُوا مِيرَاثَهُ ثُمَّ عَلِمُوا بِالدَّيْنِ فَالْقِسْمَةُ تُرَدُّ حَتَّى يُسْتَوْفَى الدَّيْنُ إنْ كَانَ مَا اقْتَسَمُوا قَائِمًا فَإِنْ أَتْلَفَ بَعْضُهُمْ حَظَّهُ وَبَقِيَ فِي يَدِ بَعْضِهِمْ حَظُّهُ فَلِرَبِّ الدَّيْنِ أَخْذُ دَيْنِهِ مِمَّا بِيَدِهِ فَإِنْ كَانَ دَيْنُهُ أَقَلَّ مِمَّا بِيَدِهِ أَخَذَ قَدْرَ دَيْنِهِ وَضَمَّ مَا بَقِيَ بِيَدِ هَذَا الْوَارِثِ بَعْدَ الدَّيْنِ إلَى مَا أَتْلَفَ بَقِيَّةُ الْوَرَثَةِ فَإِنْ كَانَ هُوَ التَّرِكَةَ وَمَا بَقِيَ بِيَدِ الْغَارِمِ كَانَ لَهُ وَيَتْبَعُ جَمِيعَ الْوَرَثَةِ بِتَمَامِ مَوْرُوثِهِ مِنْ مَالِ الْمَيِّتِ بَعْدَ الدَّيْنِ إنْ بَقِيَ لَهُ شَيْءٌ وَيَضْمَنُ كُلُّ وَارِثٍ مَا أَكَلَ وَمَا اسْتَهْلَكَ مِمَّا أَخَذَ وَمَا بَاعَ فَعَلَيْهِ ثَمَنُهُ إنْ لَمْ يُحَابِ، قَالَ مَالِكٌ: وَمَا فَاتَ بِأَيْدِيهِمْ مِنْ حَيَوَانٍ أَوْ هَلَكَ بِأَمْرٍ مِنْ اللَّهِ مِنْ عَرْضٍ وَغَيْرِهِ فَلَا ضَمَانَ عَلَى مَنْ هَلَكَ ذَلِكَ بِيَدِهِ وَضَمَانُهُ مِنْ جَمِيعِهِمْ، قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لِأَنَّ الْقِسْمَةَ كَانَتْ بَيْنَهُمْ بَاطِلَةً لِلدَّيْنِ الَّذِي عَلَى الْمَيِّتِ ثُمَّ قَالَ: وَإِنْ قَسَمَ الْقَاضِي بَيْنَهُمْ ثُمَّ طَرَأَ دَيْنٌ انْتَقَضَتْ الْقِسْمَةُ كَقِسْمَتِهِمْ بِغَيْرِ أَمْرِ قَاضٍ وَهُمْ رِجَالٌ ثُمَّ قَالَ بَعْدَ هَذَا: وَإِذَا طَرَأَ عَلَى الْوَرَثَةِ وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِالثُّلُثِ بَعْدَ الْقَسْمِ وَالتَّرِكَةُ عَيْنٌ أَوْ عَرْضٌ فَإِنَّمَا يُتْبَعُ كُلُّ وَاحِدٍ بِقَدْرِ مَا صَارَ إلَيْهِ مِنْ حَقِّهِ إنْ قَدَرَ عَلَى قَسْمِ مَا بِيَدِهِ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَكُونُ لِهَذَا الْوَارِثِ الَّذِي طَرَأَ عَلَى وَرَثَةِ الْمَيِّتِ أَنْ يَتْبَعَ الْمَلِيءَ بِمَا عَلَى الْمُعْدِمِ وَلَيْسَ كَغَرِيمٍ طَرَأَ عَلَى وَارِثٍ وَلَكِنْ كَغَرِيمٍ طَرَأَ عَلَى غُرَمَاءَ وَلَوْ قَسَمُوا مَالَ الْمَيِّتِ أَجْمَعَ وَأَعْدَمَ بَعْضُهُمْ فَلَا يَتْبَعُ الْمَلِيءَ إلَّا بِمَا عِنْدَهُ مِنْ حِصَّتِهِ بِالْحِصَاصِ وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ دُورًا وَلَيْسَ فِيهَا عَيْنٌ فَاقْتَسَمَهَا الْوَرَثَةُ ثُمَّ قَدِمَ وَارِثٌ أَوْ مُوصًى لَهُ بِثُلُثٍ نُقِضَ الْقَسْمُ كَانُوا قَدْ جَمَعُوا الدُّورَ فِي الْقَسْمِ أَوْ قَسَمُوا كُلَّ دَارٍ عَلَى حِدَةٍ وَلَوْ قَدِمَ مُوصًى لَهُ بِدَنَانِيرَ أَوْ دَرَاهِمَ وَالثُّلُثُ يَحْمِلُهَا كَانَ كَلُحُوقِ دَيْنٍ أَدْوَنَ أَوْ نَقْضِ الْقَسْمِ وَلَا يُجْبَرُ الْوَرَثَةُ عَلَى أَدَائِهِ مِنْ مَالِهِمْ وَمَالُ الْمَيِّتِ قَائِمٌ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ طَاعَ أَكْثَرُهُمْ بِأَدَاءِ الْوَصِيَّةِ وَالدَّيْنِ وَأَبَى أَحَدُهُمْ، وَقَالَ: اُنْقُضُوا الْقَسْمَ وَبِيعُوا لِذَلِكَ وَاقْتَسِمُوا مَا بَقِيَ فَذَلِكَ لَهُ ثُمَّ قَالَ: وَلَوْ دَعَوْا إلَى نَقْضِ الْقَسْمِ إلَّا وَاحِدًا، قَالَ: أَنَا أُؤَدِّي جَمِيعَ الدَّيْنِ أَوْ الْوَصِيَّةِ عَيْنًا كَانَتْ أَوْ طَعَامًا وَلَا أَتْبَعُكُمْ بِشَيْءٍ وَلَا تَنْقُضُوا الْقَسْمَ لِرَغْبَتِهِ فِي حَظِّهِ وَقَدْ قَسَمُوا رَبْعًا وَحَيَوَانًا فَذَلِكَ لَهُ، انْتَهَى. وَعُلِمَ أَنَّ التَّفْرِيقَ بَيْنَ كَوْنِ الْمَقْسُومِ عَيْنًا أَوْ مِثْلِيًّا. وَكَوْنِهِ كَدَارٍ إنَّمَا ذَكَرَهُ ابْنُ الْحَاجِبِ فِيمَا إذَا طَرَأَ وَارِثٌ عَلَى مِثْلِهِ وَلَكِنَّهُ يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ غَيْرِهِ وَصَرَّحَ بِهِ فِي اللُّبَابِ قَالَ: وَإِذَا طَرَأَ دَيْنٌ عَلَى الْقِسْمَةِ يَغْتَرِقُ التَّرِكَةَ أُخِذَ ذَلِكَ مِنْ يَدِ الْوَرَثَةِ وَإِنْ كَانَ لَا يَغْتَرِقُهَا وَكُلُّهُمْ حَاضِرٌ مُوسِرٌ غَيْرُ مُلِدٍّ أُخِذَ مِنْ كُلِّ وَاحِدٍ مَا يَنُوبُهُ وَإِنْ كَانَ بَعْضُهُمْ غَائِبًا أَوْ مُعْسِرًا أَوْ مُلِدًّا أَخَذَ دَيْنَهُ مِنْ الْحَاضِرِ الْمُوسِرِ غَيْرِ الْمُلِدِّ وَيَتْبَعُ هُوَ أَصْحَابَهُ وَإِنْ كَانَتْ التَّرِكَةُ عَقَارًا أَوْ رَقِيقًا فُسِخَتْ حَتَّى يُوَفَّى الدَّيْنُ عَلِمُوا بِهِ أَوْ لَمْ يَعْلَمُوا. قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَقَالَ أَشْهَبُ وَسَحْنُونٌ: لَا يُفْسَخُ وَيُفَضُّ الدَّيْنُ عَلَى مَا بِأَيْدِيهِمْ فِي الْحِصَصِ وَإِذَا طَرَأَ غَرِيمٌ آخَرُ رَجَعَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْمُوسِرِ بِمَا عَلَى الْمُعْدِمِ وَلَا يَرْجِعُ عَلَى الْوَرَثَةِ إذَا لَمْ يَعْلَمُوا بِدَيْنِ الطَّارِئِ وَلَا كَانَ مَوْصُوفًا بِالدَّيْنِ وَلَوْ فَضَلَ بِأَيْدِيهِمْ شَيْءٌ رَجَعَ عَلَيْهِمْ بِهِ وَيَرْجِعُ بِمَا بَقِيَ عَلَى الْغُرَمَاءِ وَإِذَا طَرَأَ وَارِثٌ وَالتَّرِكَةُ عَيْنٌ فَيَرْجِعُ عَلَى كُلِّ وَاحِدٍ بِمَا يَنُوبُهُ فَإِذَا كَانَ مُعْسِرًا أَخَذَ فِيهَا مِنْ الْمُوسِرِ مَا نَابَهُ فَقَطْ قَالَهُ ابْنُ الْقَاسِمِ وَقِيلَ: بَلْ يُقَاسِمُ الْمُوسِرَ فِيمَا صَارَ إلَيْهِ وَيَتْبَعَانِ الْمُعْسِرَ مَعًا وَلَوْ تَرَكَ دَارًا فَاقْتَسَمَاهَا ثُمَّ طَرَأَ وَارِثٌ خُيِّرَ فِي نَقْضِ الْقَسْمِ أَوْ يُشَارِكُ كُلُّ وَاحِدٍ فِيمَا صَارَ إلَيْهِ اهـ وَمَسْأَلَةُ بَيْعِ الْوَرَثَةِ تَقَدَّمَتْ فِي التَّفْلِيسِ فِي شَرْحِ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ وَاسْتُؤْنِيَ بِهِ إنْ عَرَفَ بِالدَّيْنِ فِي الْمَوْتِ فَقَطْ وَتَقَدَّمَ الْكَلَامُ عَلَيْهَا وَقَالَ هُنَا فِي