المَكتَبَةُ الشَّامِلَةُ السُّنِّيَّةُ

الرئيسية

أقسام المكتبة

المؤلفين

القرآن

البحث 📚

‌[فرع استئجار الأعزب المرأة لتخدمه في بيته] - مواهب الجليل في شرح مختصر خليل - جـ ٥

[الحطاب]

فهرس الكتاب

- ‌[بَابُ الرَّهْنِ]

- ‌[تَنْبِيه رَهْنِ الدَّارِ الْغَائِبَة وَالشَّيْءِ الْغَائِبِ]

- ‌[فَرْعٌ رَاهِنُ الْمَغْصُوبِ مِنْ غَاصِبِهِ يَسْقُطُ عَنْهُ ضَمَانُهُ]

- ‌[فَرْعٌ رَهَنَهُ فِي بَيْعٍ فَاسِدٍ رَهْنًا صَحِيحًا أَوْ فَاسِدًا فَقَبَضَهُ]

- ‌[وَقَعَ الرَّهْنُ فَاسِدًا بَعْدَ تَمَامِ الْبَيْعِ وَلَمْ يَشْتَرِطْ فِي الْبَيْعِ رَهْنًا]

- ‌[حُلُول الْأَجَل]

- ‌[فَرْعٌ تَرَكَ الْمُرْتَهِنُ كِرَاء الدَّارَ الَّتِي لَهَا قَدْرٌ أَوْ الْعَبْدَ الْكَثِيرَ الْخَرَاجِ حَتَّى حَلَّ الْأَجَلُ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَبَ الْمُرْتَهِنُ أُجْرَةً عَلَى تَوَلِّيهِ]

- ‌[فَرْعٌ كَانَ الرَّهْنُ مُصْحَفًا أَوْ كُتُبًا وَقَرَأَ فِيهَا الرَّاهِنُ عِنْدَ الْمُرْتَهِنِ دُونَ أَنْ يُخْرِجَهَا مِنْ يَدِهِ]

- ‌[فَرْعَانِ الْأَوَّلُ حَوْزُ الْقَيِّمِ بِأُمُورِ الرَّهْنِ وَالْمُتَصَرِّفِ فِي مَالِهِ]

- ‌[فَرْعٌ مَتَى تُعْتَبَرُ الْقِيمَةُ فِي الرَّهْن]

- ‌[مَسْأَلَةٌ اخْتِلَاف الْمُفْلِس مَعَ غُرَمَائِهِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ إذَا تَتَطَوَّع بِالرَّهْنِ الرَّاهِنُ لِلْمُرْتَهِنِ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ]

- ‌[هَلْ لِلْمُرْتَهِنِ رَدُّ الْبَيْعِ إنْ لَمْ يَفُتْ وَأَخْذُ الرَّهْنِ]

- ‌[إذَا اُسْتُحِقَّ الرَّاهِن الرَّهْنُ الْمُعَيَّنُ قَبْلَ الْقَبْضِ]

- ‌[بَاعَهُ عَلَى رَهْنٍ مَضْمُونٍ ثُمَّ بَعْدَ ذَلِكَ سَمَّى لَهُ رَهْنًا ثُمَّ بَاعَهُ]

- ‌[تَعَدَّى الْمُرْتَهِنُ فَبَاعَ الرَّهْنَ أَوْ وَهَبَهُ]

- ‌[فُرُوعٌ هَلْ يَتَوَقَّفُ بَيْعُ الْحَاكِمِ عَلَى إثْبَاتِ أَنَّ الثَّمَنَ الَّذِي سَوَّمَهُ قِيمَةُ مِثْلِهِ]

- ‌[الْمُرْتَهِنَ إذَا بَاعَ الرَّهْنَ ثُمَّ أَثْبَتَ الرَّاهِنُ أَنَّهُ قَضَاهُ]

- ‌[إذَا لَمْ يُوجَدْ مَنْ يَبِيعُ الرَّهْنَ إلَّا بِجُعْلٍ]

- ‌[فُرُوعٌ يُصَدَّقُ الْمُرْتَهِنُ فِي دَعْوَى الْإِبَاقِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ لِلْمُرْتَهِنِ أَنْ يَسْتَعْمِلَ الْعَبْدَ الرَّهْنَ]

- ‌[بَاعَ الْمُرْتَهِنُ الدَّيْنَ الَّذِي عَلَى الرَّاهِنِ فَسَأَلَهُ الْمُشْتَرِي دَفْعَ الرَّهْنِ إلَيْهِ]

- ‌[ادَّعَيْت دَيْنًا فَأَعْطَاهُ بِهِ رَهْنًا يُغَابُ عَلَيْهِ فَضَاعَ عِنْدَك ثُمَّ تَصَادَقْتُمَا عَلَى بُطْلَانِ دَعْوَاه]

- ‌[إذَا ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّهُ رَدَّ الرَّهْنَ إلَى الرَّاهِنِ وَقَبَضَ الدَّيْنَ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ]

- ‌[فَرْعٌ ادَّعَى الْمُرْتَهِنُ أَنَّ مَالَ الْعَبْدِ أَوْ ثَمَرَةَ النَّخْلِ رَهْنٌ وَأَنْكَرَ الرَّاهِنُ]

- ‌[تَنْبِيه اخْتَلَفَا أَيْ الرَّاهِن وَالْمُرْتَهِن عِنْدَ الْقَاضِي فِي أَيِّ الْحَقَّيْنِ يَبْدَأُ بِالْقَضَاءِ]

- ‌[فُرُوعٌ إذَا ادَّعَى أَحَدُهُمَا أَنَّهُ قَضَاهُ مِنْ كَذَا وَقَالَ الْآخَرُ بَلْ قَبَضَتْهُ مُبْهَمًا]

- ‌[كَانَ لِرَجُلٍ عَلَى آخَرَ عَشَرَةٌ وَلِرَجُلٍ آخَرَ عَلَيْهِ عَشَرَةٌ وَوَكَّلَا مَنْ يَقْضِي مِنْهُ الْعِشْرِينَ فَاقْتَضَى عَشَرَةً]

- ‌[بَابٌ لِلْغَرِيمِ مَنْعُ مَنْ أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ]

- ‌[فَرْعٌ لَهُ دَيْنٌ مُؤَجَّلٌ فَزَعَمَ رَبُّ الدَّيْنِ أَنَّ الْغَرِيمَ يُرِيدُ السَّفَرَ وَأَنْكَرَ الْغَرِيمُ ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ مَنْ الْتَزَمَ لِإِنْسَانٍ أَنَّهُ إنْ سَافَرَ فَلَهُ عَلَيْهِ كَذَا]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ حَضَرَ الْغَرِيمُ وَغَابَ الْمَالُ]

- ‌[فَرْعٌ لَوْ قَالَ بَعْضُ الْغُرَمَاءِ لَا أُرِيدُ حُلُولَ عُرُوضِي]

- ‌[فَرْعٌ طَلَبَ الْوَارِثُ تَأْخِيرَهُ لِلْأَجَلِ بِحَمِيلٍ مَلِيءٍ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا قَامَ لِلْمَيِّتِ أَوْ الْمُفْلِسِ شَاهِدٌ بِقَضَاءِ دَيْنِهِ]

- ‌[فَرْعٌ الْغُرَمَاءَ يَحْلِفُونَ مَعَ شَاهِدِهِمْ وَيَسْتَحِقُّونَ حُقُوقَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ ادَّعَى الْغَرِيمُ أَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ فَأَقَامَ الطَّالِبُ بَيِّنَةً عَلَى دَارٍ أَوْ عَرْصَةٍ أَنَّهَا مِلْكُهُ]

- ‌[فَرْعٌ بَيْعُ الْوَرَثَةِ قَبْلَ قَضَاءِ الدَّيْنِ أَوْ قِسْمَتِهِمْ]

- ‌[فَرْعٌ مَاتَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ فَقَسَمَ وَرَثَتُهُ مِيرَاثَهُ وَهُوَ حَاضِرٌ أَيْ الغريم]

- ‌[فَرْعٌ إذَا وَجَبَتْ عَلَيْهِ دَعْوَى أَيْ مِنْ سِجْنه الْإِمَام هَلْ يَخْرُجُ لِيَسْمَعَهَا]

- ‌[فَرْعٌ حُبِسَ رَجُلٌ لِرَجُلٍ فِي دَيْنٍ فَأَقَرَّ الْمَحْبُوسُ أَنَّهُ قَدْ كَانَ أَجَّرَ نَفْسَهُ]

- ‌[فَرْعٌ أَرَادَ رَجُلٌ أَنْ يَخْرُجَ إلَى بَلَدٍ يَنْتَقِلُ إلَيْهِ فَأَقَامَ رَجُلٌ عَلَيْهِ الْبَيِّنَةَ بِدَيْنٍ]

- ‌[فَرْعٌ قُيِّمَ عَلَى الْمُفْلِسِ فَوَجَدَ بَعْضُ النَّاسِ سِلْعَةً لَهُ فَأَرَادَ أَخْذَهَا فَخَاصَمَهُ الْمُفْلِسُ]

- ‌[فَرْعٌ حَيْثُ يَكُونُ الْبَائِعُ أَحَقَّ بِسِلْعَتِهِ هَلْ يُفْتَقَرُ أَخْذُهَا إلَى حُكْمِ حَاكِمٍ]

- ‌[طَلَبَ الْمُصَالِحُ أَخْذَ الْوَثِيقَةِ الَّتِي صَالَحَ عَلَيْهَا]

- ‌[أَبَى الَّذِي بِيَدِهِ الْوَثِيقَةُ مِنْ الْإِشْهَادِ عَلَى نَفْسِهِ]

- ‌[بَابٌ الْمَجْنُونُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لِلْإِفَاقَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ أَسْبَابُ الْحَجَر]

- ‌[تَنْبِيهٌ عَلَامَةُ الْبُلُوغِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَتْ عَمَّةُ صَبِيَّةٍ تَزَوَّجَتْ ابْنَةُ أَخِي قَبْلَ الْبُلُوغِ وَقَالَ وَلِيُّهَا زَوَّجْتُهَا بَعْدَ الْبُلُوغِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ وَقَعَ عَقْدٌ عَلَى يَتِيمَةٍ وَشَهِدَ الشُّهُودُ عَلَى رِضَاهَا وَاعْتِرَافِهَا بِالْبُلُوغِ فَلَمَّا دَخَلَتْ أَنْكَرَتْ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا مَاتَ الْوَصِيُّ وَتَصَرَّفَ السَّفِيهُ بَعْدَ مَوْتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ الْقَاضِي تَرِكَةً قَبْلَ ثُبُوتِ مُوجِبَاتِ الْبَيْعِ]

- ‌[فَرْعٌ أَعْتَقَ عَبْدَ ابْنِهِ الَّذِي هُوَ فِي وِلَايَتِهِ وَحِجْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ حَلَفَ رَجُلٌ بِعِتْقِ عَبْدِ ابْنِهِ الصَّغِيرِ أَوْ السَّفِيهِ أَوْ الْكَبِيرِ وَهُوَ ذُو مَالٍ فَحَنِثَ فِيهِمْ]

- ‌[مَسْأَلَة تَصَدَّقَ عَلَى مَحْجُورٍ بِمَالٍ وَشَرَطَ فِي صَدَقَتِهِ أَنْ يُتْرَكَ بِيَدِ الْمَحْجُورِ]

- ‌[بَابُ الصُّلْحِ]

- ‌[تَنْبِيه الصُّلْحُ عَلَى الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَرْعٌ صَالَحَ عَلَى عَبْدٍ ادَّعَى عَلَيْهِ أَنَّهُ سَرَقَهُ ثُمَّ ظَهَرَ الْعَبْدُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ صُلْحُ الْفُضُولِيِّ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا كَانَ الصُّلْحُ حَرَامًا أَوْ مَكْرُوهًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ وَأَمَّا إذَا وَقَعَ الصُّلْحُ عَلَى وَجْهٍ جَائِزٍ وَأَرَادَ نَقْضَهُ وَالرُّجُوعَ إلَى الْخُصُومَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ إذَا أَشْهَدَ فِي عَقْدِ الصُّلْحِ أَنَّهُ أَسْقَطَ الِاسْتِرْعَاءَ]

- ‌[بَاب شَرْطُ الْحَوَالَةِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ يُشْتَرَطُ حُضُورُ الْمُحَالِ عَلَيْهِ وَإِقْرَارُهُ]

- ‌[تَنْبِيه إحَالَةُ الْقَطْعِ]

- ‌[فَرْعٌ أَفْلَسَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ قَبْلَ الْإِحَالَةِ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ الْمُحَالُ عَلَيْهِ الدَّيْنَ بَعْدَ الْإِحَالَةِ لِلْمُحِيلِ]

- ‌[تَنْبِيه بَاعَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ]

- ‌[بَاب الضَّمَانُ]

- ‌[مَسْأَلَة كَيْفِيَّة الضَّمَان]

- ‌[الْحَمَالَةَ بِالْمَالِ الْمَجْهُولِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ لِغَرِيمِهِ إنْ عَجَّلْت لِي مِنْ حَقِّي كَذَا وَكَذَا فَبَقِيَّتُهُ مَوْضُوعَةٌ عَنْك]

- ‌[فَرْعٌ تَكَفَّلَ بِوَجْهِ رَجُلٍ فَغَابَ الرَّجُلُ فَأَخَذَ بِهِ الْكَفِيلُ]

- ‌[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ بَاعَ مَوْلًى وَأَخَذ حَمِيلًا بِالثَّمَنِ فَرَدَّ ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَأَسْقَطَهُ عَنْ الْمَوْلَى]

- ‌[الفرع الثَّانِي نَصْرَانِيّ تَحْمِل عَنْ نَصْرَانِيّ سلفا فِي خَمْر أَوْ خِنْزِير ثُمَّ أسلم وَأَعْدَم الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقّ]

- ‌[الفرع الثَّالِث حَمَالَةُ الْمُكَاتَبِ]

- ‌[الفرع الرَّابِع أبرأ الْحَمِيل ثُمَّ ادَّعَى كَرَاهَة ذَلِكَ]

- ‌[فَرْعٌ الْمُبَارَأَةُ بِضَمَانِ الْأَبِ]

- ‌[بَابُ الشَّرِكَةِ]

- ‌[فَرْعٌ هَلْ لِأَحَدِ الشَّرِيكَيْنِ أَنْ يَسْتَأْجِرَ مَنْ يَنُوبُ عَنْهُ]

- ‌[اسْتَعَارَ أَحَد الشَّرِيكَيْنِ مَا يَحْمِل عَلَيْهِ طَعَام فَحَمَلَ عَلَيْهِ شَرِيكه]

- ‌[فَرْعٌ الشَّرِيك يَقُولُ لِصَاحِبِهِ اُقْعُدْ فِي هَذَا الْحَانُوتِ تَبِيعُ فِيهِ وَأَنَا آخُذُ الْمَتَاعَ بِوَجْهِي وَالضَّمَانُ عَلَيَّ وَعَلَيْك]

- ‌[فُرُوعٌ إذَا كَانَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ غَائِبًا]

- ‌[فَرْعٌ إصْلَاح أَحَد الشَّرِيكَيْنِ الشَّيْء الْمُشْتَرَك إذَا تلف بِدُونِ إِذْن الشَّرِيك]

- ‌[فَرْعٌ طَلَب أَحَد الشركين الْبَيْع فِي الْأَشْيَاء الَّتِي لَا تنقسم]

- ‌[فَرْعَانِ أَرَادَ أَنْ يُطَيِّنَ دَاخِلَ دَارِهِ وَلِجَارِهِ حَائِطٌ فِيهَا]

- ‌[فَرْعَانِ تَصْرِف أَحَد الشَّرِيكَيْنِ فِي شيئ بِدُونِ إِذْن شَرِيكه]

- ‌[فَرْعٌ لِقَوْمٍ فِنَاءٌ وَغَابُوا عَنْهُ وَاُتُّخِذَ مَقْبَرَةً]

- ‌[فَرْعٌ اقْتِطَاعُ شَيْءٍ مِنْ الْأَفْنِيَةِ وَالتَّحْوِيزِ عَلَيْهِ بِبِنَاءٍ أَوْ غَيْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ أَحْدَثَ عَلَى غَيْرِهِ ضَرَرًا وَعَلِمَ بِذَلِكَ وَلَمْ يُنْكِرْهُ]

- ‌[فَرْعٌ أَحْدَثَ مِنْ الْبُنْيَانِ مَا يَجِبُ عَلَيْهِ الْقِيَامُ فِيهِ بِالضَّرَرِ فَقَامَ جَارُهُ عَلَيْهِ]

- ‌[فَرْعٌ أُحْدِثَ عَلَيْهِ ضَرَرٌ فِي مِلْكِهِ فَبَاعَهُ بَعْدَ عِلْمِهِ فَهَلْ يَنْتَقِلُ لِلْمُشْتَرِي]

- ‌[فَتْح الْبَابَ فِي السِّكَّة النَّافِذَةِ]

- ‌[فَرْعٌ غَرَسَ فِي فِنَاءِ رَجُلٍ وَرْدًا وَاسْتَغَلَّهُ فَقَامَ صَاحِبُ الْفِنَاءِ يَطْلُبُ زَوَالَ الْوَرْدِ وَقِيمَةَ مَا اغْتَلَّ]

- ‌[فَصْلُ الْمُزَارَعَةِ]

- ‌[بَابُ الْوَكَالَةِ]

- ‌[تَنْبِيهَاتٌ الْخَصْمَيْنِ إذَا فَرَغَا مِنْ الْخُصُومَةِ وَاتَّفَقَا عَلَى أَمْرٍ وَأَرَادَا أَنْ يُثْبِتَاهُ عِنْدَ الْحَاكِمِ]

- ‌[فَرْعٌ الْإِعْذَارُ إلَى الْمُوَكِّلِ]

- ‌[فَرْعٌ عَزْل الْوَكِيل]

- ‌[فَرْعٌ الْخُصُومَاتِ لِذِي الْهَيْئَاتِ]

- ‌[فَرْعٌ قَبَضَ وَكِيلُ الْوَكِيلِ مِنْ مَالِ مُوَكِّلِ مُوَكِّلِهِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ بَاعَ مِنْ بَعْضِ وَلَدِهِ دَارًا أَوْ مِلْكًا وَذَكَرَ فِي الْعَقْدِ أَنَّهُ بَاعَهُ ذَلِكَ بَيْعًا صَحِيحًا]

- ‌[تَنْبِيهٌ إنَّمَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ الْيَمِينُ إذَا حَقَّقَ الطَّالِبُ الدَّعْوَى]

- ‌[بَابٌ الْإِيدَاعُ]

- ‌[تَنْبِيهٌ أَرْكَان الْوَدِيعَة]

- ‌[فَرْعٌ خَلَطَ الْوَدِيعَةَ بِمَا لَا يَجُوزُ خَلْطُهَا بِهِ]

- ‌[فَرْعٌ وَإِنْ بَاعَ الْوَدِيعَةَ وَهِيَ عَرَضٌ]

- ‌[بَابُ الْعَارِيَّةِ]

- ‌[بَابُ الْغَصْبِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ وَالْغَصْبُ بَيْنَ الْكَافِرِينَ كَالْغَصْبِ بَيْنَ الْمُسْلِمِينَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ إذَا كَانَ طَعَامٌ أَوْ غَيْرُهُ مُشْتَرَكًا بَيْنَ شَخْصَيْنِ فَغَصَبَ مِنْهُ ظَالِمٌ حِصَّةَ أَحَدِهِمَا]

- ‌[مَسْأَلَةُ مَنْ اسْتَهْلَكَ فَرْدَ خُفٍّ لِرَجُلٍ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ يَأْخُذَ الرَّجُلُ مِنْ شَجَرَةِ غَيْرِهِ غَرْسًا]

- ‌[بَابُ الِاسْتِحْقَاقِ]

- ‌[فَائِدَة جَمَاعَةٍ وَرِثُوا دَارًا كَبِيرَةً بَعْضُهَا عَامِرٌ وَبَعْضُهَا خَرَابٌ وَبَعْضهمْ غَائِب]

- ‌[مَسْأَلَة اعْتَرَفَ مَنْ فِي يَدِهِ شَيْءٌ وَثَبَتَ عَلَيْهِ بِشَاهِدٍ وَاحِدٍ فَأَرَادَ الْمَشْهُودُ أَنْ يَأْخُذَ حَمِيلًا عَلَى مَنْ بَاعَ ذَلِكَ]

- ‌[تَنْبِيهٌ ادَّعَى الْحُرِّيَّةَ وَذَكَرَ أَنَّهُ مِنْ بَلَدٍ كَثُرَ فِيهِ بَيْعُ الْأَحْرَارِ]

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ السُّلْطَانُ الرَّهْنَ وَدَفَعَ ثَمَنَهُ إلَى الْمُرْتَهِنِ ثُمَّ اسْتَحَقَّ الرَّهْنَ]

- ‌[بَابُ الشُّفْعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ قَالَ الشَّفِيعُ بَعْدَ الشِّرَاءِ اشْهَدُوا أَنَّى أَخَذَتْ بِشُفْعَتِي ثُمَّ رَجَعَ]

- ‌[فَرْعٌ بَاعَ نَصْرَانِيٌّ مِنْ نَصْرَانِيٍّ شِقْصًا بِخَمْرٍ أَوْ خِنْزِيرٍ وَالشَّفِيعُ مُسْلِمٌ]

- ‌[فَرْعٌ مَا بِيعَ بِعَيْنٍ فَدُفِعَ عَنْهُ عَرْضٌ وَعَكْسُهُ]

- ‌[فَرْعٌ ابْتَاعَ شِقْصًا مِنْ دَارٍ بِعَرْضٍ فَاخْتَلَفَ الْمُبْتَاعُ مَعَ الشَّفِيعِ فِي قِيمَتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى شِقْصًا فَصَالَحَ أَحَدَ الشُّفَعَاءِ عَلَى تَسْلِيمِ الشُّفْعَة فِي مَغِيبِ شُرَكَائِهِ ثُمَّ قَدِمُوا وَأَخَذُوا شُفْعَتَهُمْ]

- ‌[فَرْعٌ فِيمَا تَنْقَطِعُ فِيهِ الشُّفْعَةُ]

- ‌[فَرْعٌ اشْتَرَى شِقْصًا مِنْ دَارٍ لِرَجُلٍ غَائِبٍ]

- ‌[فَرْعٌ إذَا بَاعَ بَعْضٌ حِصَّتَهُ لَمْ يَأْخُذْ مَعَ الشَّرِيكِ بِالشُّفْعَةِ]

- ‌[فَرْعٌ تُنَازِع الْوَرَثَة فِي حِصَصهمْ وادعاء بَعْضهمْ الشِّرَاء]

- ‌[مَسْأَلَةٌ بَاعَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ لِنَفْسِهِ طَائِفَةً بِعَيْنِهَا]

- ‌[بَابُ الْقِسْمَةِ]

- ‌[تَنْبِيهٌ قِسْمَةِ الْحَبْسِ]

- ‌[فَرْعٌ اتَّفَقَ الْجِيرَانُ عَلَى أَنْ يَحْرُسَ لَهُمْ جَنَّاتِهِمْ أَوْ كُرُومَهُمْ فَأَبَى بَعْضُهُمْ مِنْ ذَلِكَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ الأندار إذَا جَمَعَتْهُمْ السُّيُولُ فِي مَوْضِعٍ وَاحِدٍ بَعْدَ الْخَلْطِ]

- ‌[فَرْعٌ عَبْدٍ بَيْنَ رَجُلَيْنِ غَابَ أَحَدُهُمَا وَقَامَ شَرِيكُهُ يَطْلُبُ بَيْعَ نَصِيبِهِ]

- ‌[فَرْعٌ طَلَبَ أَحَدُ الشُّرَكَاءِ إخْلَاءَ الدَّارِ قَبْلَ الْقِسْمَةِ أَوْ قَبْلَ الْبَيْعِ وَقَالَ الْآخَرُ تُقْسَمُ وَأَنَا فِيهَا]

- ‌[مَسْأَلَةٌ أَخْرَجَ وَلَدُ الْمَيِّتِ كِتَابًا بِخَطِّ الْمَيِّتِ أَنَّهُ صَارَ لَهُ رَبْعٌ مِنْ التَّرِكَة بَعْد التَّقْسِيم وَطَلَبَ الْقِيَامَ]

- ‌[فَرْعٌ فَلَوْ خَلَّفَ الْمَيِّتُ عَقَارًا وَأَرَادَ بَعْضُ الْوَرَثَةِ أَنْ يَبِيعَ مَا خَصَّهُ مِنْهُ مِمَّا هُوَ لَهُ]

- ‌[فَرْعٌ قَسْمُ الْوَصِيِّ عَلَى يَتِيمِهِ بِالسَّهْمِ]

- ‌[بَابُ الْقِرَاضِ]

- ‌[بَابُ الْمُسَاقَاةِ]

- ‌[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يُعْرِيَ مِنْ الْحَائِطِ]

- ‌[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْعَامِلِ أَنْ يَعْمَلَ بِعُمَّالِ رَبِّ الْمَالِ وَدَوَابِّهِ فِي غَيْرِ الْحَائِطِ الْمُسَاقَى عَلَيْهِ]

- ‌[كِتَابُ الْإِجَارَةِ]

- ‌[بَابُ صِحَّةِ الْإِجَارَةِ بِعَاقِدٍ وَأَجْرٍ كَالْبَيْعِ]

- ‌[فَرْعٌ دَفَعَ ثَوْبًا لِخَيَّاطٍ فَقَالَ لَا أَخِيطُهُ إلَّا بِدِرْهَمَيْنِ وَقَالَ رَبُّهُ لَا أَخِيطُهُ إلَّا بِدِرْهَمٍ]

- ‌[فَرْعٌ أَكَرِيَةِ الدُّورِ]

- ‌[فَرْعٌ خَرَجَ أَحَدُ الشَّرِيكَيْنِ فِي دَيْنٍ لِاقْتِضَائِهِ دُونَ إذْنِ صَاحِبِهِ فَاقْتَضَاهُ أَوْ بَعْضَهُ وَطَلَبَ الْأُجْرَةَ مِنْ صَاحِبِهِ]

- ‌[فَرْعٌ آجَرَ الرَّجُلُ ابْنَهُ]

- ‌[فَرْعٌ عَقْدُ الْحَاضِنَةِ عَلَى مَحْضُونِهَا]

- ‌[فَرْعٌ اسْتِئْجَارُ الْأَعْزَبِ الْمَرْأَةَ لِتَخْدُمَهُ فِي بَيْتِهِ]

- ‌[فَرْعٌ اسْتِئْجَارُ مُؤَجَّرٍ]

- ‌[فَرْعٌ لَيْسَ لِلْأَبَوَيْنِ إنْ سَافَرَا أَخْذُ الصَّبِيِّ إلَّا أَنْ يَدْفَعَا إلَى الظِّئْرِ جَمِيعَ الْأُجْرَةِ]

- ‌[فَرْعٌ شَرَطَ رَبُّ الدَّابَّةِ عَلَى الْمُكْتَرِي أَنَّهُ لَا يُكْرِيهَا لِغَيْرِهِ]

- ‌[فَرْعٌ كِرَاءِ الثَّوْبِ]

- ‌[فَرْعٌ الْإِجَارَةَ عَلَى تَعْلِيمِ الشِّعْرِ وَالنَّوْحِ]

- ‌[فَرْعٌ أَخْذَ الْأُجْرَةِ وَالْجُعْلِ عَلَى ادِّعَاءِ عِلْمِ الْغَيْبِ]

- ‌[فَرْعٌ غَصَبَ النَّصْرَانِيُّ سَفِينَةَ مُسْلِمٍ لِمُسْلِمٍ وَحَمَلَ فِيهَا الْخَمْرَ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ لُزُومُ أُجْرَة الْمِثْلِ بِالْإِجَارَةِ الْفَاسِدَةِ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ ادَّعَى الرَّاعِي أَنَّ بَعْضَ الْغَنَمِ لَهُ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ قَالَ الصَّانِعُ هَذَا مَتَاعُ فُلَانٍ وَقَالَ فُلَانٌ لَيْسَ هُوَ لِي]

- ‌[فَرْعٌ أَصَابَ الْأَجِيرَ فِي الْبِنَاءِ مَطَرٌ فِي بَعْضِ الْيَوْمِ مَنَعَهُ مِنْ الْبِنَاءِ فِي وَقْت الْمَطَر]

- ‌[فَصْلٌ كِرَاءُ الدَّوَابِّ]

- ‌[فَصَلِّ كِرَاءُ حَمَّامٍ وَدَارٌ غَائِبَةٌ]

- ‌[مَسْأَلَةٌ فِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ]

- ‌[كِتَابُ الْجَعَالَةِ]

- ‌[بَابٌ صِحَّةُ الْجُعْلِ بِالْتِزَامِ أَهْلِ الْإِجَارَةِ جُعْلًا]

- ‌[مَسْأَلَة الْآبِقُ فِي مَوْضِعٍ بَعِيدٍ وَنَفَقَتُهُ تَسْتَغْرِقُ الْجُعْلَ الَّذِي جُعِلَ عَلَيْهِ]

الفصل: ‌[فرع استئجار الأعزب المرأة لتخدمه في بيته]

أَحْسَنَ الْمَوَاضِعِ، وَلَوْ كَانَ بِأَقَلَّ مِنْ مَوْضِعٍ آخَرَ، وَلَا تُقْبَلُ الزِّيَادَةُ فِي عَقْدِ الْوَصِيِّ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ أَنَّ فِيهِ غَبْنًا عَلَى الْيَتِيمِ انْتَهَى.

[فَرْعٌ اسْتِئْجَارُ الْأَعْزَبِ الْمَرْأَةَ لِتَخْدُمَهُ فِي بَيْتِهِ]

(فَرْعٌ:) قَالَ فِي الْمُتَيْطِيَّةِ: وَلَا يَجُوزُ اسْتِئْجَارُ الْأَعْزَبِ الْمَرْأَةَ لِتَخْدُمَهُ فِي بَيْتِهِ مَأْمُونًا كَانَ، أَوْ غَيْرَهُ، فَإِنْ كَانَ لَهُ أَهْلٌ جَازَ إنْ كَانَ مَأْمُونًا، وَكَانَتْ الْمَرْأَةُ مُتَجَالَّةً لَا إرْبَ لِلرِّجَالِ فِيهَا، أَوْ كَانَتْ شَابَّةً وَمُسْتَأْجِرُهَا شَيْخٌ كَبِيرٌ فَإِنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ انْتَهَى.

وَنَحْوُهُ فِي اللَّخْمِيِّ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَفِي الْجُعْلِ مِنْهَا فِي تَرْجَمَةِ إجَارَةِ نَزْوِ الْفَحْلِ: وَأَكْرَهُ لِلْأَعْزَبِ أَنْ يُؤَاجِرَ حُرَّةً لَيْسَ بَيْنَهُ وَبَيْنَهَا مَحْرَمٌ أَوْ أَمَةً لِخِدْمَةٍ يَخْلُو مَعَهَا أَوْ يُعَادِلَهَا فِي مَحْمَلٍ انْتَهَى.

أَبُو الْحَسَنِ الْكَبِيرُ اُنْظُرْ هَلْ الْكَرَاهَةُ عَلَى بَابِهَا، أَوْ عَلَى الْمَنْعِ؟ ؛ لِأَنَّ فِيهِ خَلْوَةً وَعَلَى هَذَا حَمَلَهُ اللَّخْمِيُّ، وَقَالَ: لَمْ يَجُزْ، وَكَذَا نَقَلَهُ الْمُتَيْطِيُّ وَابْنُ فَتُّوحٍ، وَفِي رَسْمِ لَمْ يُدْرَكْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ النِّكَاحِ: وَسُئِلَ عَنْ الْمَرْأَةِ الْعَزَبَةِ الْكَبِيرَةِ تُلْجَأُ إلَى الرَّجُلِ فَيَقُومُ لَهَا بِحَوَائِجِهَا وَيُنَاوِلُهَا الْحَاجَةَ هَلْ تَرَى لَهُ ذَلِكَ حَسَنًا؟ قَالَ: لَا بَأْسَ بِهِ، وَلْيُدْخِلْ مَعَهُ غَيْرَهُ أَحَبُّ إلَيَّ، وَلَوْ تَرَكَهَا النَّاسُ لَضَاعَتْ ابْنُ رُشْدٍ، وَهَذَا عَلَى مَا قَالَ: إنَّهُ جَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَقُومَ لِلْمَرْأَةِ الْأَجْنَبِيَّةِ فِي حَوَائِجِهَا وَيُنَاوِلَهَا الْحَاجَةَ إذَا غَضَّ بَصَرَهُ عَمَّا لَا يَحِلُّ لَهُ النَّظَرُ إلَيْهِ مِمَّا لَا يَظْهَرُ مِنْ زِينَتِهَا لِقَوْلِهِ تَعَالَى {وَلا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلا مَا ظَهَرَ مِنْهَا} [النور: 31] ، وَذَلِكَ الْوَجْهُ وَالْكَفَّانِ عَلَى مَا قَالَهُ أَهْلُ التَّأْوِيلِ فَجَائِزٌ لِلرَّجُلِ أَنْ يَنْظُرَ إلَى ذَلِكَ مِنْ الْمَرْأَةِ عِنْدَ الْحَاجَةِ وَالضَّرُورَةِ، فَإِنْ اُضْطُرَّ إلَى الدُّخُولِ عَلَيْهَا أَدْخَلَ غَيْرَهُ مَعَهُ لِيُبْعِدَ سُوءَ الظَّنِّ عَنْ نَفْسِهِ، فَقَدْ رُوِيَ «أَنَّ رَجُلَيْنِ مِنْ أَصْحَابِ النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم لَقِيَا النَّبِيَّ صلى الله عليه وسلم وَمَعَهُ زَوْجَتُهُ صَفِيَّةُ رضي الله عنها فَقَالَ لَهُمَا: إنَّهَا صَفِيَّةُ، فَقَالَا: سُبْحَانَ اللَّهِ، يَا رَسُولَ اللَّهِ، فَقَالَ: إنَّ الشَّيْطَانَ يَجْرِي مِنْ ابْنِ آدَمَ مَجْرَى الدَّمِ، وَإِنِّي خَشِيتُ أَنْ يَقْذِفَ فِي قُلُوبِكُمَا فَتَهْلِكَا» انْتَهَى.

ص (وَعُجِّلَ إنْ عُيِّنَ، أَوْ بِشَرْطٍ، أَوْ عَادَةٍ، أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يُشْرَعْ إلَّا كِرَاءُ حَجٍّ فَالْيَسِيرُ

ص: 393

وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً)

ش: اعْلَمْ أَنَّ التَّعْيِينَ تَارَةً يَكُونُ فِي الْأُجْرَةِ وَتَارَةً يَكُونُ فِي الْمَنْفَعَةِ الْمُسْتَأْجَرَةِ، وَاعْلَمْ أَنَّهُ يُقْضَى بِتَعْجِيلِ الْأُجْرَةِ إذَا شُرِطَ التَّعْجِيلُ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ شَيْئًا بِعَيْنِهِ، أَوْ شَيْئًا مَضْمُونًا فِي الذِّمَّةِ، وَكَذَلِكَ يُقْضَى بِالتَّعْجِيلِ إذَا كَانَتْ الْعَادَةُ التَّعْجِيلَ سَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ شَيْئًا مُعَيَّنًا أَوْ شَيْئًا مَضْمُونًا، وَسَوَاءٌ فِي ذَلِكَ الْأُجْرَةُ الْمُعَيَّنَةُ، وَالْمَضْمُونَةُ، وَكَذَلِكَ يُقْضَى بِالتَّعْجِيلِ إذَا كَانَتْ الْمَنْفَعَةُ الْمُسْتَأْجَرَةُ مَضْمُونَةً فِي ذِمَّةِ الْأَجِيرِ وَتَأَخَّرَ شُرُوعُهُ فِي الْعَمَلِ يَوْمَيْنِ، وَأَمَّا لَوْ أَخَّرَهُ إلَى يَوْمٍ وَاحِدٍ فَيَجُوزُ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ وَقَوْلُ الْمُصَنِّفِ إنْ عُيِّنَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ؛ لِأَنَّ الْأَجْرَ إذَا كَانَ مُعَيَّنًا، فَإِنْ شُرِطَ تَعْجِيلُهُ، أَوْ كَانَ الْعُرْفُ تَعْجِيلَهُ صَحَّتْ الْإِجَارَةُ وَقُضِيَ بِتَعْجِيلِهِ لِلشَّرْطِ وَالْعُرْفِ، وَهُوَ مُسْتَفَادٌ مِنْ قَوْلِهِ: أَوْ بِشَرْطٍ أَوْ عَادَةٍ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، وَلَا عُرْفٌ فَالْإِجَارَةُ فَاسِدَةٌ كَمَا سَيُصَرِّحُ بِهِ الْمُؤَلِّفُ فَتَأَمَّلْهُ، وَلَا يُرَدُّ هَذَا عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ؛ لِأَنَّهُ لَا يَفْسُدُ عِنْدَهُ إلَّا إذَا كَانَ الْعُرْفُ التَّأْخِيرَ فَيُحْمَلُ قَوْلُهُ: يُعَجَّلُ إنْ كَانَ مُعَيَّنًا عَلَى مَا إذَا لَمْ يَكُنْ عُرْفٌ، وَلَا اُشْتُرِطَ التَّعْجِيلُ، وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ كَمَا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي أَوَائِلِ كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ مِنْهَا: وَمَنْ اكْتَرَى دَابَّةً لِرُكُوبٍ أَوْ حَمْلٍ، أَوْ دَارًا، أَوْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا بِشَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْ عَيْنٍ، أَوْ عَرَضٍ، أَوْ حَيَوَانٍ، أَوْ طَعَامٍ فَتَشَاحَّا فِي النَّقْدِ، وَلَمْ يَشْتَرِطَا شَيْئًا، فَإِنْ كَانَتْ سُنَّةُ الْكِرَاءِ فِي الْبَلَدِ بِالنَّقْدِ جَازَ وَقُضِيَ بِقَبْضِهَا، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ سُنَّتُهُمْ بِالنَّقْدِ لَمْ يَجُزْ الْكِرَاءُ، وَإِنْ عُجِّلَتْ هَذِهِ الْأَشْيَاءُ إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ النَّقْدُ فِي الْعَقْدِ كَمَا لَا يَجُوزُ بَيْعُ ثَوْبٍ، أَوْ حَيَوَانٍ بِعَيْنِهِ عَلَى أَنْ لَا يُقْبَضَ إلَّا إلَى شَهْرٍ، وَيُفْسَخُ ابْنُ الْقَاسِمِ، وَإِنْ اكْتَرَى مَا ذَكَرْنَاهُ بِدَنَانِيرَ مُعَيَّنَةٍ، ثُمَّ تَشَاحَّا فِي النَّقْدِ، فَإِنْ كَانَ الْكِرَاءُ بِالْبَلَدِ بِالنَّقْدِ قُضِيَ بِهِ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ الْكِرَاءُ إلَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا انْتَهَى.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ عِيَاضٌ: قَوْلُهُ: إلَّا أَنْ يُعَجِّلَهَا أَيْ: يَشْتَرِطَ ذَلِكَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ يُبَيِّنُ ذَلِكَ مَا تَقَدَّمَ وَاخْتَصَرَهُ ابْنُ يُونُسَ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ تَعْجِيلَهُ فِي الْعَقْدِ، وَقَوْلُهُ: أَوَّلًا إلَّا أَنْ يُشْتَرَطَ النَّقْدُ فِي الْعَقْدِ، الِاسْتِثْنَاءُ مُنْقَطِعٌ كَأَنَّهُ يَقُولُ: لَكِنْ إنْ اُشْتُرِطَ النَّقْدُ فِي الْعَقْدِ جَازَ انْتَهَى.

ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ إثْرَ الْكَلَامِ السَّابِقِ كَقَوْلِ مَالِكٍ فِيمَنْ ابْتَاعَ سِلْعَةً بِدَنَانِيرَ لَهُ بِبَلَدٍ آخَرَ عِنْدَ قَاضٍ، أَوْ غَيْرِهِ، فَإِنْ شَرَطَ ضَمَانَهَا إنْ تَلِفَتْ جَازَ، وَإِلَّا لَمْ يَجُزْ الْبَيْعُ فَأَرَى إنْ كَانَ الْكِرَاءُ لَا يُنْقَدُ فِي مِثْلِهِ فَلَا يَجُوزُ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ عَلَيْهِ إنْ تَلِفَتْ فَعَلَيْهِ مِثْلُهَا، وَلَا يَجُوزُ اشْتِرَاطُ هَذَا فِي طَعَامٍ، وَلَا عَرَضٍ فِي بَيْعٍ، وَلَا كِرَاءٍ؛ لِأَنَّهُ مِمَّا يُبْتَاعُ لِعَيْنِهِ فَلَا يَدْرِي أَيَّ الصَّفْقَتَيْنِ ابْتَاعَ، وَلَا يُرَادُ مِنْ الْمَالِ عَيْنُهُ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الدَّنَانِيرِ: هُوَ جَائِزٌ، وَإِنْ تَلِفَتْ فَعَلَيْهِ الضَّمَانُ انْتَهَى.

أَبُو الْحَسَنِ قَوْلُهُ: فَأَرَى الْكِرَاءَ إنْ كَانَ لَا يُنْقَدُ فِي مِثْلِهِ، مَعْنَاهُ لَيْسَ مِنْ سُنَّتِهِمْ النَّقْدُ، وَذَكَرَ بَعْضُهُمْ عَنْ بَعْضِ الشُّيُوخِ أَنَّهُ قَالَ: يُحْتَمَلُ أَنْ يُرِيدَ بِقَوْلِهِ: إنْ كَانَ لَا يُنْقَدُ فِي مِثْلِهِ كَبَيْعِ الْخِيَارِ، قَالَ: وَلَمْ أَرَهُ لِغَيْرِهِ انْتَهَى.

وَهَذَا الَّذِي أَشَارَ إلَيْهِ الْمُؤَلِّفُ فِي فَصْلِ كِرَاءِ الدَّابَّةِ بِقَوْلِهِ وَبِدَنَانِيرَ عُيِّنَتْ إلَّا بِشَرْطِ الْخَلَفِ انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: أَوْ فِي مَضْمُونَةٍ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا يُرِيدُ لَمْ يُشْرَعْ فِيهَا إلَّا بَعْدَ طُولٍ، وَأَمَّا إنْ قَرُبَ الشُّرُوعُ، فَيَجُوزُ تَأْخِيرُ الْكِرَاءِ، وَيَجُوزُ اشْتِرَاطُ ذَلِكَ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ: فَإِنْ كَانَ الْمَضْمُونُ فِي الْكِرَاءِ إنَّمَا هُوَ عَلَى أَنْ يَأْتِيَهُ بِهَا تِلْكَ اللَّيْلَةَ، أَوْ فِي الْغَدِ فَلَا بَأْسَ بِاشْتِرَاطِ تَأْخِيرِ الْكِرَاءِ إلَى أَجَلٍ وَقَوْلُهُ: إلَّا كِرَاءُ حَجٍّ فَالْيَسِيرُ لَوْ أَدْخَلَ الْكَافَ لَكَانَ أَشْمَلَ قَالَ الْمُتَيْطِيُّ رَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَجَّ، وَنَصُّهُ: تَعْجِيلُ النَّقْدِ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ إلَى أَجَلٍ هُوَ. الْأَصْلُ، وَلَا يَجُوزُ تَأْخِيرُهُ بِشَرْطٍ وَاخْتُلِفَ فِي تَعْجِيلِ بَعْضِهِ وَتَأْخِيرِ بَاقِيهِ دُونَ شَرْطٍ فَقَالَ مَالِكٌ فِيمَنْ أَكْرَى إلَى الْحَجِّ فِي غَيْرِ إبَّانِ الْحَجِّ لِيَخْرُجَ فِي إبَّانِهِ لَا بَأْسَ أَنْ يُقَدِّمَ مِنْهُ الدِّينَارَ وَالدِّينَارَيْنِ، وَلَا يَجُوزُ فِي غَيْرِهِ وَرَوَى أَبُو زَيْدٍ عَنْ ابْنِ الْقَاسِمِ ذَلِكَ فِي الْكِرَاءِ الْمَضْمُونِ، وَلَمْ يَذْكُرْ الْحَجَّ، وَقَالَ: كَمْ مِنْ كَرِيٍّ ذَهَبَ بِالْكِرَاءِ، وَرَوَى ابْنُ الْمَوَّازِ

ص: 394

عَنْ مَالِكٍ كَرَاهَةَ تَأْخِيرِ النَّقْدِ إلَّا أَنْ يَنْقُدَ أَكْثَرَهُ، أَوْ ثُلُثَيْهِ، وَقَالَ مِثْلَهُ أَشْهَبُ، ثُمَّ قَالَ: قَالَ مَالِكٌ قَدْ اقْتَطَعَ الْأَكْرِيَاءُ أَمْوَالَ النَّاسِ فَلَا بَأْسَ أَنْ يَنْقُدَهُ الدِّينَارَ وَالدِّينَارَيْنِ يُرِيدُ فِي غَيْرِ الْحَجِّ انْتَهَى.

وَفِي التَّوْضِيحِ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ مِثْلُ الْحَجِّ فِي غَيْرِ إبَّانِهِ، وَالْيَسِيرُ الدِّينَارُ وَالدِّينَارَانِ عَلَى مَا رَجَعَ إلَيْهِ مَالِكٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَقَوْلُهُ: وَإِلَّا فَمُيَاوَمَةً أَيْ، وَإِنْ لَمْ تَكُنْ الْإِجَارَةُ مَضْمُونَةً بَلْ كَانَتْ مُعَيَّنَةً، أَوْ كَانَتْ مَضْمُونَةً إلَّا أَنَّهُ شَرَعَ فِيهَا، وَلَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، وَلَا عُرْفٌ وَالْأَجْرُ غَيْرُ مُعَيَّنٍ فَإِنَّمَا تُسْتَحَقُّ الْأُجْرَةُ مُيَاوَمَةً، وَهَذَا عِنْدَ الْمُشَاحَّةِ، وَإِلَّا فَيَجُوزُ التَّقْدِيمُ وَالتَّأْخِيرُ صَرَّحَ بِذَلِكَ فِي أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْبَيَانِ، وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) يُعْتَرَضُ عَلَى الْمُصَنِّفِ بِمَا اُعْتُرِضَ بِهِ عَلَى ابْنِ الْحَاجِبِ فِي قَوْلِهِ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ شَرْطٌ، وَلَا عَادَةٌ أُخِذَ مُيَاوَمَةً قَالَ ظَاهِرُ كَلَامِهِ يَتَنَاوَلُ الصَّنَائِعَ، بَلْ الْإِجَارَةُ فِي الْعُرْفِ مَقْصُورَةٌ عَلَيْهَا وَالْمَذْهَبُ أَنَّ الصَّانِعَ لَا يَسْتَحِقُّ الْأُجْرَةَ عِنْدَ الْإِطْلَاقِ إلَّا بَعْدَ تَمَامِ الْعَمَلِ انْتَهَى.

وَمِثْلُهُ يُقَالُ عَلَيْهِ، وَمَا قَالَ: إنَّهُ الْمَذْهَبُ هُوَ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَبْلَ تَرْجَمَةِ الدَّعْوَى فِي الْإِجَارَةِ، وَنَصُّهَا: وَإِذَا أَرَادَ الصُّنَّاعُ وَالْأُجَرَاءُ تَعْجِيلَ الْأَجْرِ قَبْلَ الْفَرَاغِ وَامْتَنَعَ رَبُّ الْعَمَلِ حُمِلُوا عَلَى الْمُتَعَارَفِ بَيْنَ النَّاسِ، فَإِنْ لَمْ تَكُنْ لَهُمْ سُنَّةٌ لَمْ يَقْضِ لَهُمْ بِهِ إلَّا بَعْدَ فَرَاغِ أَعْمَالِهِمْ، وَأَمَّا فِي الْأَكْرِيَةِ فِي دَارٍ أَوْ رَاحِلَةٍ، أَوْ فِي إجَارَةِ بَيْعِ سِلْعَةٍ وَنَحْوِهِ فَبِقَدْرِ مَا مَضَى، وَلَيْسَ لِلْخَيَّاطِ إذَا خَاطَ نِصْفَ الْقَمِيصِ أَخْذُ نِصْفِ الْأُجْرَةِ حَتَّى يُتِمَّ؛ إذْ لَمْ يَأْخُذْهُ عَلَى ذَلِكَ انْتَهَى.

(الثَّانِي:) مَا تَقَدَّمَ مِنْ أَنَّهُ إذَا كَانَتْ الْإِجَارَةُ غَيْرَ مَضْمُونَةٍ بَلْ مُعَيَّنَةً يَجُوزُ التَّقْدِيمُ، وَالتَّأْخِيرُ مَحِلُّهُ مَا إذَا شَرَعَ فِي الْعَمَلِ، أَوْ تَأَخَّرَ الشُّرُوعُ نَحْوَ الْعَشَرَةِ الْأَيَّامِ، وَإِنْ طَالَ ذَلِكَ لَمْ يَجُزْ تَقْدِيمُ الْأُجْرَةِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْبَيَانِ: الْإِجَارَةُ عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِثْلُ نَسْجِ الْغَزْلِ وَخِيَاطَةِ الثَّوْبِ عَلَى قِسْمَيْنِ: مَضْمُونَةٌ فِي ذِمَّةِ الْأَجِيرِ فَلَا تَجُوزُ إلَّا بِتَعْجِيلِ الْأَجْرِ أَوْ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ، أَوْ تَعْجِيلِهِمَا، وَمُعَيَّنَةٌ فِي عَيْنِهِ فَتَجُوزُ بِتَعْجِيلِ الْأَجْرِ وَتَأْخِيرِهِ عَلَى أَنَّهُ يَشْرَعُ فِي الْعَمَلِ، فَإِنْ شَرَعَ إلَى أَجَلٍ لَمْ يَجُزْ النَّقْدُ إلَّا عِنْدَ الشُّرُوعِ فِي الْعَمَلِ انْتَهَى.

وَتَأْخِيرُ الشُّرُوعِ إلَى يَوْمَيْنِ لَا يَضُرُّ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ أَبُو الْحَسَنِ وَإِلَى عَشَرَةِ أَيَّامٍ وَانْظُرْ كَلَامَهُ عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: وَكِرَاءُ دَابَّةٍ إلَى شَهْرٍ، وَنَقَلَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ فَعَلَى هَذَا إذَا كَانَ الْعَمَلُ مُعَيَّنًا عَلَى أَنْ لَا يَشْرَعَ فِي الْعَمَلِ إلَّا إلَى أَجَلٍ، وَكَانَ الْأَجْرُ شَيْئًا مُعَيَّنًا تَفْسُدُ هَذِهِ الصُّورَةُ؛ لِأَنَّ كَوْنَ الْأَجْرِ مُعَيَّنًا يَقْتَضِي تَقْدِيمَهُ، وَكَوْنُ الْعَمَلِ فِي عَيْنِ الْأَجِيرِ إلَى أَجَلٍ يَقْتَضِي تَأْخِيرَهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ:) قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنْ صَرَّحَ بِكَوْنِ الْعَمَلِ مَضْمُونًا كَقَوْلِهِ: اسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى كَذَا فِي ذِمَّتِكَ إنْ شِئْتَ عَمِلْتَهُ بِيَدِكَ، أَوْ بِغَيْرِكَ أَوْ مُعَيَّنًا كَاسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى عَمَلِ كَذَا بِنَفْسِكَ فَلِكُلٍّ مِنْهُمَا حُكْمُهُ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ، وَظَاهِرُ اللَّفْظِ أَنَّهُ مَضْمُونٌ كَقَوْلِهِ أَعْطَيْتُكَ كَذَا عَلَى خِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ حُمِلَ عَلَى الْمَضْمُونِ اتِّفَاقًا إلَّا أَنْ يَعْرِفَ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ، أَوْ كَانَ عَمَلُهُ مَقْصُودًا لِرِفْقِهِ وَإِحْكَامِهِ، وَإِنْ كَانَ ظَاهِرُهُ التَّعْيِينَ كَاسْتَأْجَرْتُكَ عَلَى خِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ، أَوْ عَلَى أَنْ تَخِيطَهُ، وَلَا يَقُولُ: أَنْتَ فَفِي حَمْلِهِ عَلَى الْمَضْمُونِ، أَوْ الْمُعَيَّنِ قَوْلَانِ الْمَشْهُورُ: أَنَّهُ يُحْمَلُ عَلَى الْمَضْمُونِ أَيْضًا إلَّا أَنْ يَعْلَمَ أَنَّهُ يَعْمَلُهُ بِيَدِهِ، أَوْ يَكُونَ قَصْدَ عَمَلَهُ لِرِفْقِهِ وَإِحْكَامِهِ انْتَهَى.

(الرَّابِعُ:) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ فَتُّوحٍ: إنْ قَامَ مَنْ آجَرَ عَبْدَهُ يَطْلُبُ أَجْرَهُ بَعْدَ تَمَامِ عَمَلِهِ فَأُجْرَتُهُ تَجْرِي مَجْرَى الْحُقُوقِ فِي الْفُسْحَةِ وَضَرْبِ الْأَجَلِ، وَإِذَا آجَرَ الْعَبْدُ نَفْسَهُ، أَوْ الْحُرُّ وَطَلَبَ ذَلِكَ بَعْدَ الْخِدْمَةِ قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: لَا يَنْبَغِي أَنْ يُحْمَلَا كَالْحُقُوقِ عِنْدَ وُجُوبِهَا، وَيَجِبُ تَعْجِيلُ أَجْرِهِمَا لِقَوْلِهِ عليه الصلاة والسلام «أَعْطُوا الْأَجِيرَ حَقَّهُ قَبْلَ أَنْ يَجِفَّ عَرَقُهُ» إلَّا أَنْ يُؤَخِّرَ الْأَجِيرُ مَنْ اسْتَأْجَرَهُ بِأُجْرَةِ سَنَةٍ، ثُمَّ يَطْلُبَ فَيُحْمَلَ مَحْمَلَ الْحُقُوقِ انْتَهَى.

(الْخَامِسُ:) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ عَنْ ابْنِ يُونُسَ: كَرِهَ

ص: 395

مَالِكٌ نَقْدَ الْكِرَاءِ فِي السُّفُنِ؛ لِأَنَّهَا لَا تَجِبُ إلَّا بِالْبَلَاغِ، وَجَوَّزَهُ ابْنُ نَافِعٍ، وَقَالَ: لَهُ مِنْ الْكِرَاءِ بِحِسَابِ مَا قَطَعَ، فَإِنْ عَطِبَ قَبْلَ الْبَلَاغِ وَادَّعَيْتَ النَّقْدَ صُدِّقَ عَلَيْكَ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُهُ، وَلَا يَشْهَدُ بَعْضُهُمْ لِبَعْضٍ لِلتُّهْمَةِ، وَقِيلَ: يَجُوزُ كَمَا فِي قَطْعِ الطَّرِيقِ انْتَهَى.

ص (كَمَعَ جُعْلٍ)

ش: أَيْ، وَكَذَلِكَ تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إذَا جَمَعَهَا مَعَ الْجُعْلِ، وَقَالَهُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الْجُعْلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (فَرْعٌ:) لَا يَجُوزُ اجْتِمَاعُ الْإِجَارَةِ مَعَ السَّلَفِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ دَفَعْت إلَى حَائِكٍ غَزْلًا يَنْسِجُ لَكَ ثَوْبًا بِعَشَرَةِ دَرَاهِمَ عَلَى أَنْ يُسْلِفَكَ فِيهِ رِطْلًا مِنْ غَزْلٍ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ وَإِجَارَةٌ انْتَهَى.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ قَالَ ابْنُ يُونُسَ: الْإِجَارَةُ بَيْعٌ مِنْ الْبُيُوعِ يَحْرُمُ فِيهَا مَا يَحْرُمُ مِنْ الْبَيْعِ، وَقَدْ وَرَدَ النَّهْيُ عَنْ بَيْعٍ وَسَلَفٍ انْتَهَى.

ص (لَا بَيْعٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ مَعَ الْبَيْعِ لَيْسَتْ بِفَاسِدَةٍ بَلْ يَجُوزُ اجْتِمَاعُهَا مَعَهُ، وَأَطْلَقَ رحمه الله فِي ذَلِكَ، وَفِيهِ تَفْصِيلٌ، فَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي غَيْرِ الشَّيْءِ الْمَبِيعِ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَتْ الْإِجَارَةُ فِي الشَّيْءِ الْمَبِيعِ كَمَا لَوْ بَاعَ لَهُ جُلُودًا عَلَى أَنْ يَحْذُوَهَا الْبَائِعُ نِعَالًا لِلْمُشْتَرِي فَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ عَنْ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ فِي ذَلِكَ قَوْلٌ مَشْهُورٌ بِالْمَنْعِ خَلِيلٌ هُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَهُوَ خِلَافُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ انْتَهَى.

وَقَوْلُ سَحْنُونٍ: هَذَا هُوَ الَّذِي فِي الْعُتْبِيَّةِ فِي آخِرِ سَمَاعِ سَحْنُونٍ مِنْ بَابِ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ، وَنَصُّهُ: وَسُئِلَ عَنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ فَقَالَ: جَائِزٌ فِي غَيْرِ ذَلِكَ الشَّيْءِ بِعَيْنِهِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذَا مَعْلُومٌ مَشْهُورٌ مِنْ مَذْهَبِ سَحْنُونٍ أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ فِي الشَّيْءِ الْمَبِيعِ عِنْدَهُ لَا يَجُوزُ عَلَى حَالٍ، وَمَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ وَرِوَايَتُهُ عَنْ مَالِكٍ، وَهُوَ الصَّحِيحُ إنْ كَانَ ذَلِكَ فِيمَا يُعْرَفُ وَجْهُ خُرُوجِهِ كَبَيْعِهِ ثَوْبًا عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ خِيَاطَتَهُ، أَوْ قَمْحًا عَلَى أَنْ يَطْحَنَهُ، أَوْ فِيمَا لَا يُعْرَفُ وَجْهُ خُرُوجِهِ وَلَكِنْ يُمْكِنُ إعَادَتُهُ لِلْعَمَلِ كَبَيْعِهِ صُفْرًا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ الْبَائِعُ مِنْهُ قَدَحًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَأَمَّا مَا لَا يُعْرَفُ وَجْهُ خُرُوجِهِ، وَلَا يُمْكِنُ إعَادَتُهُ لِلْعَمَلِ كَبَيْعِهِ غَزْلًا عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ نَسْجَهُ، أَوْ الزَّيْتُونَ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ عَصْرَهُ، أَوْ الزَّرْعَ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ حَصَادَهُ وَدَرْسَهُ، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ فَلَا يَجُوزُ بِاتِّفَاقٍ انْتَهَى.

وَقَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ أَيْضًا فِي رَسْمِ حَلَفَ بِطَلَاقِ امْرَأَتِهِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ جَامِعِ الْبُيُوعِ، وَفِي رَسْمِ أُمَّهَاتِ الْأَوْلَادِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ، وَفِي كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ قَرِيبٌ مِنْ ذَلِكَ، وَصَرَّحَ بِهِ فِي أَوَاخِرِ كِتَابِ التِّجَارَةِ إلَى أَرْضِ الْحَرْبِ، وَنَصُّهُ: وَأَمَّا إنْ ابْتَعْت ثَوْبًا عَلَى أَنْ يَخِيطَهُ لَكَ أَوْ نَعْلَيْنِ عَلَى أَنْ يَحْذُوَهُمَا فَلَا بَأْسَ فَلَا بَأْسَ بِهِ، وَإِنْ ابْتَعْت مِنْهُ قَمْحًا عَلَى أَنْ يَطْحَنَهُ لَكَ فَاسْتَخَفَّهُ مَالِكٌ بَعْدَ أَنْ كَرِهَهُ، وَكَانَ وَجْهُ ذَلِكَ عِنْدَهُ مَعْرُوفًا، وَجُلُّ قَوْلِهِ فِيهِ: التَّخْفِيفُ عَلَى وَجْهٍ؛ لِأَنَّهُ الْقِيَاسُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ: فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ أَوْ الْقَمْحُ قَبْلَ خِيَاطَتِهِ، أَوْ قَبْلَ طَحْنِهِ سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي قَدْرُ الْإِجَارَةِ، وَكَانَ ضَمَانُ الْبَاقِي مِنْهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْبَائِعِ يَتَوَلَّى عَمَلَ ذَلِكَ كُلِّهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى عَمَلَهُ لَضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ صَانِعٌ انْتَهَى.

(تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ الْقَبَّابُ فِي بَابِ بَيْعِ الْغَرَرِ زَادَ اللَّخْمِيُّ فِيمَا لَا يُعْرَفُ وَجْهُ خُرُوجِهِ وَتُمْكِنُ إعَادَتُهُ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى جُمْلَةَ مَا يَعْمَلُ مِنْهُ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ كُلَّمَا أُعِيدَ نَقَصَ مِنْهُ فَلَا يَقْدِرُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْهُ إلَّا دُونَ الْأَوَّلِ كَالْفِضَّةِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ صِيَاغَتَهَا، وَالصُّفْرُ عَلَى أَنْ يَعْمَلَ مِنْهُ أَقْدَاحًا، وَمَا أَشْبَهَ ذَلِكَ.

(الثَّانِي:) مِنْ الْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ أَنْ يَدْفَعَ الْإِنْسَانُ ثَوْبَهُ لِمَنْ يُرَقِّعُهُ لَهُ، أَوْ نَعْلَهُ لِمَنْ يُشْرِكُهَا فَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ حَتَّى يُرِيَهُ الْجِلْدَ وَالرُّقْعَةَ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ مَبِيعٌ فَلَا بُدَّ مِنْ رُؤْيَتِهِ، أَوْ مَا يَقُومُ مَقَامَ الرُّؤْيَةِ مِنْ الصِّفَةِ فِي الشَّيْءِ الْغَائِبِ الَّذِي يَتَعَذَّرُ الْوُصُولُ إلَيْهِ حَالَةَ الْعَقْدِ هَذَا إذَا كَانَ عِنْدَ الصَّانِعِ الْجُلُودُ وَالرِّقَاعُ، فَإِنْ لَمْ يَكُنْ عِنْدَهُ انْضَافَ إلَى ذَلِكَ بَيْعُ مَا لَيْسَ عِنْدَهُ مِنْ غَيْرِ أَجَلِ السَّلَمِ إلَّا أَنْ يَكُونَ لَا يَعْدَمُ ذَلِكَ فَلَا يَحْتَاجُ إلَى طُولِ الْأَجَلِ، وَيَكْفِي الْوَصْفُ التَّامُّ كَمَا فِي سَائِرِ السَّلَمِ، وَلَا يَكْتَفِي بِالْوَصْفِ إلَّا إذَا كَانَ مَا يُرِيدُ أَنْ يَعْمَلَ مِنْهُ غَيْرَ مَوْجُودٍ عِنْدَهُ حِينَ الْعَقْدِ، وَلَا

ص: 396

يَتَعَذَّرُ عَلَيْهِ غَالِبًا لِكَوْنِهِ لَا يَعْدَمُهُ وَيَكْثُرُ عِنْدَهُ قَالَهُ الْقَبَّابُ فِي الْبَابِ الْمَذْكُورِ.

(الثَّالِثُ:) صُورَةُ الْمَسْأَلَةِ أَنْ يَشْتَرِيَ مِنْهُ الْمَبِيعَ بِكَذَا عَلَى أَنْ يَعْمَلَ لَهُ فِيهِ كَذَا، أَوْ يَعْمَلَ لَهُ فِي غَيْرِهِ، وَأَمَّا لَوْ اشْتَرَى الْمَبِيعَ بِثَمَنٍ عَلَى حِدَةٍ، ثُمَّ اسْتَأْجَرَهُ بِأُجْرَةٍ أُخْرَى فَلَيْسَ مِنْ هَذَا الْبَابِ؛ لِأَنَّ الْمُرَادَ أَنْ يَجْتَمِعَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ، وَذَلِكَ وَاضِحٌ (الرَّابِعُ:) إذَا اشْتَرَى جُبْنًا، أَوْ لَحْمًا بِالْوَزْنِ عَلَى أَنَّ عَلَى الْبَائِعِ أَنْ يَقْلِيَ ذَلِكَ فَذَكَرَ سَيِّدِي أَبُو عَبْدِ اللَّهِ بْنُ الْحَاجِّ فِي فَصْل خُرُوجِ الْعَالِمِ إلَى السُّوقِ مِنْ الْمَدْخَلِ أَنَّ فِي ذَلِكَ وُجُوهًا مِنْ الْمَنْعِ مِنْهَا أَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ الدُّهْنَ الَّذِي يُقْلَى بِهِ، وَهُوَ مَجْهُولٌ وَأَنَّهُ اشْتَرَى مِنْهُ مَا يُوقِدُ بِهِ تَحْتَهُ، وَهُوَ مَجْهُولٌ كَذَلِكَ، وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ وَزْنَهُ بَعْدَ الْقَلْيِ، وَأَنَّهُ لَا يَعْلَمُ أُجْرَةَ قَلْيِهِ، وَهَذَانِ الْأَخِيرَانِ لَا يَضُرُّ جَهْلُهُمَا كَمَا يَظْهَرُ ذَلِكَ مِمَّا تَقَدَّمَ، وَأَمَّا الْأَوَّلَانِ فَالْمَنْعُ بِسَبَبِهِمَا ظَاهِرٌ.

(الْخَامِسُ:) إذَا هَلَكَ الْمَبِيعُ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ فِيهِ فَقَالَ فِي الرَّسْمِ الْمُتَقَدِّمِ فِي تَضْمِينِ الصُّنَّاعِ: لَا ضَمَانَ عَلَى الْبَائِعِ، وَيُحَطُّ عَنْ الْمُشْتَرِي بِقَدْرِ الْخِيَاطَةِ وَالطَّحْنِ مِنْ الثَّمَنِ إلَّا أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ مِمَّنْ يَعْمَلُ تِلْكَ الصِّنَاعَاتِ بِنَفْسِهِ فَيُسْلَكُ بِهِ مَسْلَكَ الصُّنَّاعِ فِي الضَّمَانِ، فَيَكُونُ عَلَيْهِ قِيمَةُ الثَّوْبِ يَوْمَ الْبَيْعِ، وَهُوَ الصَّحِيحُ، وَقِيلَ: يَوْمَ ذَهَبَ، وَيُقَوَّمُ غَيْرُ مَعْمُولٍ، وَيُفَضُّ الثَّمَنُ الَّذِي وَقَعَ بِهِ الْبَيْعُ عَلَى الثَّوْبِ وَالْعَمَلِ، فَيَكُونُ لِلْبَائِعِ مِنْهُ مَا نَابَ الثَّمَنَ، فَإِنْ كَانَ لَهُ فَضْلٌ عَلَى الْقِيمَةِ أَخَذَهُ، وَإِنْ كَانَ عَلَيْهِ أَدَّاهُ، وَإِنْ قَامَتْ عَلَى الضَّيَاعِ بَيِّنَةٌ سَقَطَ عَنْهُ الضَّمَانُ، وَفُضَّ الثَّمَنُ أَيْضًا عَلَى الثَّوْبِ وَالْعَمَلِ فَلَا يَكُونُ لِلْبَائِعِ مِنْهُ إلَّا مَا نَابَ الثَّوْبَ انْتَهَى.

بِالْمَعْنَى، وَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ فِي شَرْحِهِ الْكَبِيرِ إثْرَ كَلَامِ الْمُدَوَّنَةِ السَّابِقِ، فَإِنْ هَلَكَ الثَّوْبُ، أَوْ الْقَمْحُ قَبْلَ خِيَاطَتِهِ، أَوْ قَبْلَ طَحْنِهِ سَقَطَ عَنْ الْمُشْتَرِي قَدْرُ الْإِجَارَةِ، وَكَانَ ضَمَانُ الْبَاقِي مِنْهُ، وَهَذَا إذَا كَانَ غَيْرُ الْبَائِعِ يَتَوَلَّى عَمَلَ ذَلِكَ، وَأَمَّا لَوْ كَانَ الْبَائِعُ هُوَ الَّذِي يَتَوَلَّى عَمَلَهُ لَضَمِنَهُ؛ لِأَنَّهُ صَانِعٌ انْتَهَى.

وَفُهِمَ مِنْ هَذَا أَنَّهُ لَوْ ضَاعَ بَعْدَ الْعَمَلِ لَمْ يُحَطَّ عَنْ الْمُشْتَرِي شَيْءٌ مِنْ الثَّمَنِ، وَيُفْصَلُ فِيهِ بَيْنَ أَنْ يَكُونَ الْبَائِعُ هُوَ الصَّانِعَ، أَوْ غَيْرَهُ عَلَى مَا تَقَدَّمَ (السَّادِسُ) : لَوْ اخْتَلَفَا فِي الضَّيَاعِ هَلْ هُوَ قَبْلَ الْعَمَلِ أَوْ بَعْدَهُ لَمْ أَرَ فِيهِ نَصًّا وَالظَّاهِرُ: أَنَّ الْقَوْلَ قَوْلُ الْمُشْتَرِي فَتَأَمَّلْهُ (السَّابِعُ:) عُلِمَ مِنْ هَذَا أَنَّ الْبَيْعَ وَالْإِجَارَةَ يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا، وَلَوْ كَانَ الْبَائِعُ لَا يَتَوَلَّى الْعَمَلَ الْمُسْتَأْجَرَ عَلَيْهِ بِنَفْسِهِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

وَهَذِهِ التَّفْرِيعَاتُ كُلُّهَا إنَّمَا هِيَ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْ جَوَازِ اجْتِمَاعِهِمَا، وَقَدْ حَكَى اللَّخْمِيُّ عَنْ الْقَاضِي قَوْلًا بِالْمَنْعِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّامِنُ:) الْبَيْعُ وَالْكِرَاءُ كَالْبَيْعِ وَالْإِجَارَةِ يَجُوزُ اجْتِمَاعُهُمَا فِي عَقْدٍ وَاحِدٍ صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي أَوَّلِ كِرَاءِ الرَّوَاحِلِ وَغَيْرِهِ.

ص (وَكَجِلْدٍ لِسَلَّاخٍ)

ش: هُوَ كَقَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ السَّلَّاخَ بِالْجِلْدِ لَمْ يَجُزْ قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ وَظَاهِرُ كَلَامِهِ أَنَّهُ لَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ تَكُونَ الشَّاةُ حَيَّةً، أَوْ مَذْبُوحَةً، وَهُوَ كَذَلِكَ، وَلَعَلَّهُ إنَّمَا مَنَعَ مِنْ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَسْتَحِقُّهُ السَّلَّاخُ عِنْدَهُ إلَّا بَعْدَ السَّلْخِ، وَلَا يَدْرِي كَيْفَ يَخْرُجُ هَلْ يَخْرُجُ سَلِيمًا مِنْ الْقَطْعِ أَمْ لَا؟ وَفِي أَيْ جِهَةٍ يَكُونُ الْقَطْعُ انْتَهَى.

، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَأَتَى الْمُصَنِّفُ بِالْكَافِ لِيُدْخِلَ اللَّحْمَ قَالَ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَى سَلْخِ شَاةٍ بِشَيْءٍ مِنْ لَحْمِهَا انْتَهَى.

وَانْظُرْ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِرَأْسِ الشَّاةِ أَوْ بِالْأَكَارِعِ هَلْ يَجُوزُ أَمْ لَا وَالظَّاهِرُ: أَنَّهُ إنْ اُسْتُؤْجِرَ عَلَى الذَّبْحِ فَقَطْ، أَوْ عَلَيْهِ وَعَلَى السَّلْخِ فَلَا يَجُوزُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ تَصِحُّ ذَكَاتُهَا أَمْ لَا، وَأَمَّا إنْ اسْتَأْجَرَهُ عَلَى السَّلْخِ وَحْدَهُ بَعْدَ الذَّبْحِ فَذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّهُ لَا غَرَرَ فِيهِ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(تَنْبِيهٌ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ خَلِيلٌ قَدْ تَقَدَّمَ فِي بَيْعِ الْجُلُودِ عَلَى ظُهُورِ الْخِرْفَانِ فِي الْبُيُوعِ سِتَّةُ أَقْوَالٍ فَيَنْبَغِي أَنْ تَأْتِيَ هُنَا اهـ وَجَزَمَ بِهِ ابْنُ عَرَفَةَ كَمَا سَيَأْتِي.

ص (وَنُخَالَةٍ لِطَحَّانٍ)

ش: قَالَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِهَا؛ لِأَنَّهُ كَالْجُزَافِ غَيْرِ الْمَرْئِيِّ، وَلَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِصَاعٍ مِنْ النُّخَالَةِ بِأَنْ يَقُولَ لَهُ: اطْحَنْهُ وَلَكَ صَاعٌ مِنْ نُخَالَتِهِ فَيَحْتَمِلُ

ص: 397

أَنْ يَتَخَرَّجَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ فِي الْإِجَارَةِ عَلَى الطَّحْنِ بِصَاعٍ مِنْ الدَّقِيقِ وَيَحْتَمِلُ الْجَوَازَ عَلَى الْقَوْلَيْنِ لِاخْتِلَافِ صِفَةِ الدَّقِيقِ دُونَ النُّخَالَةِ غَالِبًا، وَالنَّفْسُ أَمْيَلُ إلَى الْمُسَاوَاةِ بِالدَّقِيقِ؛ لِأَنَّ مِنْ الطَّحْن مَا تَخْرُجُ نُخَالَتُهُ كَثِيرَةَ الْأَجْزَاءِ، وَمِنْهُ مَا لَا تَخْرُجُ كَذَلِكَ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ الشَّيْخُ فِي التَّوْضِيحِ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ ابْنُ شَاسٍ: لَوْ اسْتَأْجَرَ السَّلَّاخَ بِالْجِلْدِ وَالطَّحَّانَ بِالنُّخَالَةِ لَمْ تَجُزْ (قُلْت:) الْجِلْدُ جَارٍ عَلَى مَا تَقَدَّمَ فِي بَيْعِهِ وَالنُّخَالَةُ تُجْرَى عَلَى حُكْمِ الدَّقِيقِ انْتَهَى.

، وَنَقَلَ ابْنُ غَازِيٍّ كَلَامَ ابْنِ عَرَفَةَ بِلَفْظِ النُّخَالَةُ تُجْرَى عَلَى الْخِلَافِ فِي الدَّقِيقِ وَعِبَارَتُهُ أَصَحُّ وَأَحْسَنُ لِإِيهَامِ الْعِبَارَةِ الثَّانِيَةِ أَنَّ الْخِلَافَ فِي كُلٍّ مِنْ صُورَتِي النُّخَالَةِ أَعْنِي صُورَةَ الْجُزَافِ وَصُورَةَ الْمَكِيلِ فَتَأَمَّلْهُ وَالْمَشْهُورُ فِي مَسْأَلَةِ الدَّقِيقِ جَوَازُ الِاسْتِئْجَارِ بِصَاعٍ مِنْهُ كَمَا سَيَأْتِي فَتَجُوزُ الْإِجَارَةُ بِصَاعٍ مِنْ النُّخَالَةِ، وَإِذَا عُلِمَ هَذَا فَفِي قَوْلِ صَاحِبِ الشَّامِل وَجَازَ طَحْنٌ بِجُزْءٍ مِنْ دَقِيقِهِ عَلَى الْأَصَحِّ لَا بِالنُّخَالَةِ، أَوْ صَاعٍ مِنْهَا وَجَازَ بِدِرْهَمٍ وَصَاعٍ مِنْهَا نَظَرٌ مِنْ وَجْهَيْنِ ظَاهِرَيْنِ:(أَحَدُهُمَا:) أَنَّهُ قَدْ عُلِمَ أَنَّ الِاسْتِئْجَارَ بِصَاعٍ مِنْهَا جَائِزٌ إمَّا عَلَى الْقَوْلَيْنِ اللَّذَيْنِ فِي الدَّقِيقِ، أَوْ عَلَى الْمَشْهُورِ مِنْهُمَا (الثَّانِي:) قَوْلُهُ: وَجَازَ بِدِرْهَمٍ وَصَاعٍ مِنْهَا يُنَاقِضُ قَوْلَهُ الْأَوَّلَ، وَهَذَا ظَاهِرٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَجُزْءِ ثَوْبٍ لِنَسَّاجٍ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ تَفْسُدُ إذَا جَعَلَ أُجْرَةَ النَّسَّاجِ جُزْءَ الثَّوْبِ الَّذِي يَنْسِجُهُ لِلْجَهْلِ، وَكَذَلِكَ جُزْءُ جِلْدٍ، أَوْ جُلُودٍ لِدَبَّاغٍ قَالَ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ

ص: 398

وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ تُؤَاجِرَهُ عَلَى دَبْغِ جُلُودٍ أَوْ عَمَلِهَا، أَوْ يَنْسِجُ ثَوْبًا عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ ذَلِكَ إذَا فَرَغَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَيْفَ يَخْرُجُ ذَلِكَ، وَلِأَنَّ مَا لَا يَجُوزُ أَنْ يُؤَاجِرَ بِهِ انْتَهَى.

فَهَذَا مَجْهُولٌ، وَقَالَ عليه الصلاة والسلام:«مَنْ اسْتَأْجَرَ أَجِيرًا فَلْيُعْلِمْهُ بِأَجْرِهِ» ، وَقَالَ فِي حَدِيثٍ آخَرَ فَلْيُؤَاجِرْهُ بِشَيْءٍ مَعْلُومٍ وَفُهِمَ مِنْ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ: جُزْءُ ثَوْبٍ أَنَّهُ لَوْ اسْتَأْجَرَهُ بِجُزْءِ الْغَزْلِ، أَوْ بِجُزْءِ الْجِلْدِ، أَوْ الْجُلُودِ قَبْلَ الدِّبَاغِ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ، وَهُوَ كَذَلِكَ إذَا شَرَطَ عَلَيْهِ تَعْجِيلَ ذَلِكَ أَوْ يَكُونُ الْعُرْفُ، وَإِلَّا فَسَدَتْ الْإِجَارَةُ، وَكَذَلِكَ لَوْ دَفَعَ لَهُ نِصْفَ الْجُلُودِ وَنِصْفَ الْغَزْلِ مِنْ الْآنَ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ نَسْجَ الْجَمِيعِ، أَوْ دَبْغَ الْجَمِيعِ، ثُمَّ يَأْخُذُ جُزْءَهُ فَلَا يَجُوزُ لِلتَّحْجِيرِ، فَإِنْ أَعْطَاهُ الْغَزْلَ عَلَى جُزْءٍ، وَلَمْ يُبَيِّنْ هَلْ مِنْ الثَّوْبِ، أَوْ مِنْ الْغَزْلِ فَقَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: يَجُوزُ قَالَ الْمُصَنِّفُ فِي التَّوْضِيحِ أَصْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ الْمَنْعُ، وَجَزَمَ بِهِ فِي الشَّامِلِ فَقَالَ: فَلَوْ دَخَلَ عَلَى جُزْءٍ غَيْرِ مُعَيَّنٍ مُنِعَ خِلَافًا لِابْنِ حَبِيبٍ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ: وَإِنْ قَالَ ادْبَغْ نِصْفَ هَذِهِ الْمِائَةِ بِنِصْفِهَا وَشَرَطَا نَقْدَ النِّصْفِ جَازَ إذَا كَانَتْ تَعْتَدِلُ فِي الْقَسْمِ وَالْعَدَدِ، أَوْ تَتَقَارَبُ، وَإِنْ تَبَايَنَ اخْتِلَافُهُمَا لَمْ يَجُزْ مِنْ أَجْلِ الْجَهْلِ بِمَا يَدْبُغُ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي هَلْ يَدْبُغُ سِتِّينَ، أَوْ أَرْبَعِينَ، وَلَيْسَ يَفْسُدُ مِنْ أَجْلِ الْجَهْلِ بِمَا يَصِيرُ لِلْعَامِلِ فِي أُجْرَتِهِ؛ لِأَنَّ شِرَاءَ نِصْفِهَا عَلَى الشِّيَاعِ جَائِزٌ، وَإِنْ لَمْ يَعْتَدِلْ فِي الْقَسْمِ انْتَهَى.

(الثَّانِي:) مِنْهُ، فَإِنْ لَمْ يُفْسَخْ قَالَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ حَتَّى قَاسَمَهُ وَدَبَغَ جَمِيعَهَا كَانَ لَهُ النِّصْفُ الَّذِي أَخَذَهُ أُجْرَةً بِقِيمَتِهِ يَوْمَ قَبَضَهُ بَعْدَ الْمُقَاسَمَةِ، وَلَهُ إجَارَةُ الْمِثْلِ فِي النِّصْفِ الْآخَرِ انْتَهَى.

وَكَذَا لَوْ فَاتَ النِّصْفُ الَّذِي أَخَذَهُ أُجْرَةً بِغَيْرِ الدَّبْغِ لَلَزِمَهُ قِيمَتُهُ يَوْمَ قَبَضَهُ، وَلَوْ كَانَ النِّصْفُ قَائِمًا لَرَدَّهُ، وَكَانَ لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَهَذَا بَيِّنٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّالِثُ:) قَالَ فِي التَّوْضِيحِ فِي شَرْحِ قَوْلِ ابْنِ الْحَاجِبِ: وَلَوْ اسْتَأْجَرَ السَّلَّاخَ بِالْجِلْدِ وَالنَّسَّاجَ بِجُزْءٍ مِنْ الثَّوْبِ وَالطَّحَّانَ بِالنُّخَالَةِ لَمْ يَجُزْ، فَإِنْ وَقَعَتْ الْمَسْأَلَةُ عَلَى مَا قَالَهُ الْمُصَنِّفُ فَقَالَ أَصْبَغُ: لَهُ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَالثَّوْبُ وَالْجُلُودُ لِرَبِّهَا ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ يُرِيدُ أَصْبَغَ؛ لِأَنَّهُ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ النِّصْفَ إلَّا بَعْدَ الْفَرَاغِ مِنْ الْعَمَلِ فَعَلَى هَذَا إنْ فَاتَتْ الْجُلُودُ بِيَدِ الصَّانِعِ بَعْدَ الدَّبْغِ فَلَهُ نِصْفُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ خَرَجَتْ مِنْ الدِّبَاغِ، وَلِرَبِّهَا النِّصْفُ الْآخَرُ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ فِي دِبَاغِ الْجَمِيعِ، وَلَوْ دَفَعَ إلَيْهِ نِصْفَ الْجُلُودِ قَبْلَ الدَّبْغِ عَلَى أَنْ يَدْبَغَهَا مُجْتَمِعَةً فَأَفَاتَهَا بِالدِّبَاغِ فَلَهُ نِصْفُهَا بِقِيمَتِهَا يَوْمَ قَبَضَهَا، وَلَهُ أُجْرَةُ عَمَلِهِ فِي نِصْفِهَا لِلتَّحْجِيرِ فِي نِصْفِ الدَّابِغِ، وَهَذَا بَيِّنٌ، وَأَشَارَ بَعْضُهُمْ إلَى أَنَّهُ يُخْتَلَفُ فِي ضَمَانِ الصَّانِعِ لِنِصْفِهَا فِي هَذَا الْوَجْهِ الْأَخِيرِ إذَا شَرَعَ فِي دِبَاغِهَا، وَيُخْتَلَفُ فِي فَوَاتِهَا بِالشُّرُوعِ؛ لِأَنَّ قَبْضَهُ لَيْسَ قَبْضًا حَقِيقِيًّا؛ لِأَنَّهُ غَيْرُ مُتَمَكِّنٍ مِنْ الِانْتِفَاعِ بِمَا قَبَضَهُ.

(الرَّابِعُ:) قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي الْوَجْهِ الْأَوَّلِ أَعْنِي إذَا قَالَ لَهُ: ادْفَعْ الْمِائَةَ عَلَى أَنَّ لَكَ نِصْفَهَا بَعْدَ الدَّفْعِ إنْ شَرَعَ فِي الْعَمَلِ مِنْ التَّمَادِي حَتَّى يَفْرُغَ، وَكَذَلِكَ النَّسْجُ إنْ شَرَطَ أَنْ يَنْسِجَ لَهُ غَزْلًا بِنِصْفِهِ فَأَخَذَ فِي النَّسْجِ مُكِّنَ مِنْ التَّمَادِي؛ لِأَنَّ فِي نَزْعِهَا عَلَيْهِ حِينَئِذٍ مَضَرَّةً وَاعْتَرَضَهُ ابْنُ عَرَفَةَ، وَقَالَ: هَذَا خِلَافُ قَوْلِ أَهْلِ الْمَذْهَبِ فِي الْمُسَاقَاةِ الْفَاسِدَةِ: إنَّ مَا يُرَدُّ مِنْهَا لِإِجَارَةِ الْمِثْلِ يُفْسَخُ، وَلَوْ بَعْدَ الْعَمَلِ، بِخِلَافِ مَا يُرَدُّ لِمُسَاقَاةِ الْمِثْلِ، وَمَا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: هُوَ الظَّاهِرُ، فَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ فِي بَابِ الْمُسَاقَاةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَسَائِلَ يُرْجَعُ فِيهَا إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ وَأُخْرَى يُرْجَعُ فِيهَا إلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ، وَهَكَذَا: الْجَوَابُ: فِي كُلِّ مَوْضِعٍ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى أُجْرَةِ الْمِثْلِ فَإِنَّهُ يُعْطَى الْعَامِلُ أُجْرَةً عَنْ الْمَاضِي، وَلَا يُمَكَّنُ مِنْ التَّمَادِي، وَكُلُّ مَوْضِعٍ يُرْجَعُ فِيهِ إلَى مُسَاقَاةِ الْمِثْلِ لَا يُنْزَعُ مِنْهُ بَعْدَ الْعَمَلِ حَتَّى يَتِمَّ مَا دَخَلَ فِيهِ، وَعَلَّلَهُ بِأَنَّهُ مُسَاقَاةُ الْمِثْلِ الْعِوَضُ فِيهَا مِنْ الثَّمَرَةِ، فَلَوْ فُسِخَتْ ذَهَبَ عَمَلُهُ بَاطِلًا، وَفِي الْإِجَارَةِ الْعِوَضُ فِي الذِّمَّةِ لَا يَذْهَبُ عَمَلُهُ بَاطِلًا، وَذَكَرَ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَهُ هَذَا فِي آخِرِ الْمُسَاقَاةِ، وَذَكَرَهُ أَيْضًا عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ عَنْ غَيْرِ وَاحِدٍ مِنْ شُيُوخِ صِقِلِّيَّةَ وَزَادَ مَعَ الْمُسَاقَاةِ الْقِرَاضَ

ص: 399

قَالَ: وَذَكَرَهُ ابْنُ رُشْدٍ غَيْرَ مَعْزُوٍّ، وَكَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ، وَكَذَا عِيَاضٌ وَقَيَّدَ الْفَوَاتَ بِعَمَلٍ لَهُ بَالٌ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (أَوْ رَضِيعٍ، وَإِنْ مِنْ الْآنَ)

ش: يَعْنِي أَنَّ الْإِجَارَةَ تَفْسُدُ أَيْضًا فِيمَا إذَا اسْتَأْجَرَ مَنْ يُرْضِعُ صَبِيًّا بِجُزْءٍ مِنْهُ وَقَوْلُهُ: وَإِنْ مِنْ الْآنَ مُبَالَغَةٌ فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ فَقَطْ دُونَ مَا قَبْلَهَا وَيَعْنِي بِهِ أَنَّ الْإِجَارَةَ فَاسِدَةٌ سَوَاءٌ شَرَطَ أَخْذَ الْجُزْءِ الْمُسْتَأْجَرِ بِهِ بَعْدَ تَمَامِ مُدَّةِ الرَّضَاعِ، أَوْ شَرَطَ أَخْذَهُ الْآنَ أَمَّا الْأَوَّلُ: فَظَاهِرٌ؛ لِأَنَّهُ مُعَيَّنٌ يَتَأَخَّرُ قَبْضُهُ، وَهُوَ شَامِلٌ لِوَجْهَيْنِ أَيْضًا (الْأَوَّلُ:) أَنْ يَشْتَرِطَ أَخْذَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ، وَيَكُونَ فِيهَا عَلَى مِلْكِ رَبِّهِ (الثَّانِي:) أَنْ يَشْتَرِطَ أَخْذَهُ بَعْدَ الْمُدَّةِ لَكِنَّهُ عَلَى مِلْكِ الْمُسْتَأْجِرِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي مَسْأَلَةِ الْجُلُودِ وَالْغَزْلِ، وَأَمَّا الْوَجْهُ الثَّانِي: وَهُوَ مَا إذَا شَرَطَ أَخْذَ الْجُزْءِ الْمُسْتَأْجَرِ بِهِ مِنْ الْآنَ فَيَتَبَادَرُ جَوَازُهَا كَمَا فِي مَسْأَلَةِ الْجُلُودِ وَالْغَزْلِ وَعَلَّلَهُ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ بِأَنَّ الصَّبِيَّ لَمَّا كَانَ مِمَّا يَتَعَيَّنُ، وَلَوْ تَعَذَّرَ تَعْلِيمُهُ بِمَوْتٍ، أَوْ غَيْرِ ذَلِكَ لَمْ يَلْزَمْ رَبَّهُ خَلَفُهُ صَارَ نَقْدُ الْأُجْرَةِ فِيهِ كَالنَّقْدِ فِي الْأُمُورِ الْمُحْتَمَلَةِ بِشَرْطٍ، وَعَلَى هَذَا التَّقْدِيرِ فَسَوَاءٌ كَانَتْ الْأُجْرَةُ جُزْءًا مِنْهُ، أَوْ غَيْرَ ذَلِكَ انْتَهَى.

وَتَصَوُّرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ مِنْ الشَّرْحِ وَالْحَاشِيَةِ ظَاهِرٌ (تَنْبِيهٌ:) ذَكَرَ ابْنُ أَبِي زَيْدٍ رحمه الله فِي مَسْأَلَةِ التَّعْلِيمِ الَّتِي جَعَلَهَا الْمُصَنِّفُ وَابْنُ عَرَفَةَ مُسَاوِيَةً لِهَذِهِ أَنَّهُ إذَا وَقَعَ وَشَرَطَ قَبْضَ نِصْفِهِ بَعْدَ السَّنَةِ فُسِخَ، فَإِنْ فَاتَ وَعَلَّمَهُ سَنَةً، وَلَمْ يَفُتْ الْعَبْدُ فَلَهُ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ، وَالْعَبْدُ لِسَيِّدِهِ، وَإِنْ فَاتَ بَعْدَ السَّنَةِ بِيَدِ الْمُعَلِّمِ فَالْعَبْدُ بَيْنَهُمَا، وَعَلَى رَبِّهِ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ، وَعَلَى الْمُعَلِّمِ نِصْفُ قِيمَتِهِ يَوْمَ تَمَامِ السَّنَةِ مُعَلَّمًا، وَإِنْ شَرَطَ قَبْضَهُ الْآنَ وَفَاتَ بِيَدِ الْمُعَلِّمِ بَعْدَ تَمَامِ السَّنَةِ فَلَهُ نِصْفُ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ وَعَلَيْهِ نِصْفُ قِيمَةِ الْعَبْدِ يَوْمَ قَبَضَهُ، وَيَكُونُ بَيْنَهُمَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَبِمَا سَقَطَ، أَوْ خَرَجَ مِنْ نَفْضِ زَيْتُونٍ، أَوْ عَصْرِهِ) ش أَيْ، وَكَذَا تَفْسُدُ الْإِجَارَةُ إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى نَفْضِ الزَّيْتُونِ بِمَا يَسْقُطُ مِنْهُ أَيْ بِجُزْءٍ مِمَّا يَسْقُطُ، وَعَلَى عَصْرِهِ بِمَا خَرَجَ مِنْهُ مِنْ الزَّيْتِ أَيْ بِجُزْءٍ مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ لِلْجَهْلِ بِقَدْرِ مَا يَسْقُطُ، وَمَا يَخْرُجُ مِنْ الْعَصْرِ، وَلَوْ فِي شَيْءٍ مِنْهُ، وَكَيْفَ يَخْرُجُ؟ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ قَالَ: وَلِأَنَّهُ لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ إذَا شَرَعَ وَنَصُّ كَلَامِهِ فِي آخِرِ كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ: وَإِنْ قَالَ لَهُ: اُنْفُضْ شَجَرِي، أَوْ حَرِّكْهَا فَمَا نَفَضْتَ، أَوْ سَقَطَ فَلَكَ نِصْفُهُ؛ لَمْ يَجُزْ لِأَنَّهُ مَجْهُولٌ، وَإِنْ قَالَ: اعْصِرْ زَيْتُونِي، أَوْ جُلْجُلَانِي فَمَا عَصَرْت فَلَكَ نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ؟ وَلَا كَيْفَ يَخْرُجُ؟ وَإِذًا لَا يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ إذَا شَرَعَ، وَلَيْسَ هَكَذَا الْجُعْلُ وَالْحَصَادُ يَدْعُهُ مَتَى شَاءَ إذَا قَالَ: فَمَا حَصَدْت مِنْ شَيْءٍ فَلَكَ نِصْفُهُ انْتَهَى.

فَقَدْ بَيَّنَ وَجْهَ عَدَمِ جَوَازِ عَصْرِ الزَّيْتُونِ بِجُزْءٍ

ص: 400

مِمَّا يَخْرُجُ مِنْهُ، وَأَمَّا وَجْهُ عَدَمِ جَوَازِ النَّفْضِ وَالتَّحْرِيكِ فَقَالَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْقَاضِي إسْمَاعِيلَ؛ لِأَنَّ الشَّجَرَ يَخْتَلِفُ فَمِنْهُ مَا هُوَ نَاجِحٌ يَقِلُّ مَا يَسْقُطُ مِنْهُ، وَمِنْهُ مَا هُوَ بِخِلَافِهِ انْتَهَى.

فَلَا يَصِحُّ ذَلِكَ إجَارَةً، وَلَا جُعْلًا لِلْجَهْلِ الْمَذْكُورِ بِخِلَافِ مَسْأَلَةِ الْحَصَادِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: فَمَا حَصَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ فَإِنَّهُ يَقْدِرُ عَلَى التَّرْكِ مَتَى شَاءَ، وَمَا يَحْصُدُهُ فَلَهُ نِصْفُهُ فَهُوَ مَعْلُومٌ وَمِثْلُ الْحَصَادِ اللَّقْطُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ لَهُ: فَمَا حَصَدْت، أَوْ لَقَطْت فَلَكَ نِصْفُهُ جَازَ، وَلَهُ التَّرْكُ مَتَى شَاءَ؛ لِأَنَّهُ جُعْلٌ، وَكَذَلِكَ الْجَدَادُ إذَا قَالَ لَهُ: جُدَّ مِنْ نَخْلِي مَا شِئْت فَمَا جَدَدْت فَلَكَ نِصْفُهُ صَرَّحَ بِهِ ابْنُ رُشْدٍ فِي أَوَائِلِ كِتَابِ الْجُعْلِ، وَالْفَرْقُ بَيْنَ الْحَصَادِ وَالْجَدَادِ وَاللَّقْطِ وَبَيْنَ النَّفْضِ وَالْعَصْرِ أَنَّ الْحَصَادَ وَالْجَدَادَ وَاللَّقْطَ مِنْ مَقْدُورِهِ، وَلَا مَانِعَ لَهُ إلَّا الْكَسَلُ، وَكُلَّمَا أَرَادَ أَنْ يَقْطَعَ عُرْجُونًا، أَوْ يَحْصُدَ مَوْضِعًا، أَوْ يَلْقُطَ شَيْئًا عَلِمَ أَنَّ لَهُ نِصْفَ ذَلِكَ قَبْلَ عَمَلِهِ بِخِلَافِ النَّفْضِ وَالتَّحْرِيكِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مَنُوطٍ بِمَقْدُورِهِ فَهُوَ يَعْمَلُ الْعَمَلَ، وَلَا يَدْرِي هَلْ يَسْقُطُ شَيْءٌ أَمْ لَا؟ وَهَلْ يَقْدِرُ، أَوْ يَتْرُكُ، وَكَذَلِكَ الْعَصْرُ فَتَأَمَّلْهُ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ ابْنِ الْقَصَّارِ: وَمَعْنَى التَّحْرِيكِ هُنَا النَّفْضُ بِالْيَدِ، وَأَمَّا بِالْقَضِيبِ فَهُوَ كَالْحَصْدِ قَالَ: وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ النَّفْضَ بِالْيَدِ غَيْرُ مُعْتَادٍ انْتَهَى.

، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ بَعْدَ ذِكْرِهِ مَسْأَلَةَ النَّفْضِ ابْنُ يُونُسَ: لَوْ قَالَ: اُنْفُضْهُ كُلَّهُ، وَلَكَ نِصْفُهُ جَازَ انْتَهَى.

وَكَلَامُهُ يُوهِمُ: أَنَّهُ تَقْيِيدٌ لِقَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ، وَكَلَامُ ابْنِ عَرَفَةَ يُفْهِمُ أَنَّهُ إنَّمَا نَقَلَهُ عَنْ ابْنِ حَبِيبٍ وَأَنَّ ابْنَ الْقَاسِمِ يُخَالِفُهُ فَتَأَمَّلْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) إذَا وَقَعَ شَيْءٌ مِنْ هَذِهِ الْوُجُوهِ الْفَاسِدَةِ وَأَتَمَّ الْعَمَلَ عَلَى مَا قَالَا فَلِلْعَامِلِ أُجْرَةُ مِثْلِهِ، وَجَمِيعُ الزَّرْعِ لِرَبِّهِ، فَإِنْ قَسَمَا عَلَى مَا قَالَا فَمَا أَخَذَهُ الْعَامِلُ حَرَامٌ، وَمَا أَخَذَهُ رَبُّ الزَّرْعِ فَلَا يَحْرُمُ عَلَيْهِ؛ لِأَنَّ الزَّرْعَ جَمِيعَهُ لَهُ، ذَكَرَ ذَلِكَ الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ وَيَأْتِي مَا يُشْبِهُ ذَلِكَ فِي كِرَاءِ الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ (الثَّالِثُ:) مَا يَسْقُطُ مِنْ التَّمْرِ بَيْنَ الْكَرَانِيفِ وَالسَّعَفِ يُسَمَّى الْجَلَالَةَ لَا يَجُوزُ الِاسْتِئْجَارُ عَلَيْهِ بِجُزْءٍ مِنْهُ؛ إذْ لَا يُحَاطُ بِقَدْرِهِ لِاخْتِفَائِهِ بَيْنَ الْكَرَانِيفِ قَالَهُ فِي رَسْمِ قَطْعِ الشَّجَرَةِ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْإِجَارَةِ

ص (كَاحْصُدْ وَادْرُسْ وَلَكَ نِصْفُهُ) ش قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: وَإِنْ قَالَ اُحْصُدْهُ وَادْرُسْهُ، وَلَكَ نِصْفُهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ مَا يَخْرُجُ مِنْ الْحَبِّ، وَهُوَ لَا يَدْرِي كَمْ يَخْرُجُ، وَلَا كَيْفَ يَخْرُجُ؟ وَكَذَلِكَ لَوْ بِعْتَهُ زَرْعَهُ جُزَافًا، وَقَدْ يَبِسَ عَلَى أَنَّ عَلَيْكَ حَصَادَهُ وَدَرْسَهُ وَذَرْيَهُ لَمْ يَجُزْ؛ لِأَنَّهُ اشْتَرَى حَبًّا جُزَافًا لَمْ يُعَايِنْهُ، وَلَوْ قَالَ: عَلَى أَنَّ كُلَّ قَفِيزٍ بِدِرْهَمٍ جَازَ؛ لِأَنَّهُ مَعْلُومٌ بِالْكَيْلِ، وَهُوَ يَصِلُ إلَى صِفَةِ الْقَمْحِ بِفَرْكِ سُنْبُلِهِ، وَإِنْ تَأَخَّرَ دَرْسُهُ إلَى مِثْلِ عَشَرَةِ أَيَّامٍ، أَوْ خَمْسَةَ عَشَرَ يَوْمًا فَهُوَ قَرِيبٌ، وَقَالَ قَبْلَهُ: وَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ: اُحْصُدْ زَرْعِي هَذَا، وَلَكَ نِصْفُهُ أَوْ جُدَّ نَخْلَتِي هَذِهِ، وَلَكَ نِصْفُهَا جَازَ، وَلَيْسَ لَهُ تَرْكُهَا؛ لِأَنَّهَا إجَارَةٌ، وَكَذَلِكَ لَقْطُ الزَّيْتُونِ انْتَهَى.

أَيْ إذَا قَالَ لَهُ: اُلْقُطْ زَيْتُونِي وَلَكَ نِصْفُهُ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ عَنْ الْأُمَّهَاتِ: فَحِينَ يَحْصُدُهُ وَجَبَ لَهُ نِصْفُهُ عِيَاضٌ ظَاهِرُ هَذَا أَنَّهُ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بَعْدَ الْحَصَادِ، وَاَلَّذِي يَأْتِي عَلَى أُصُولِهِمْ أَنَّهُ وَجَبَ لَهُ بِالْعَقْدِ أَلَا تَرَاهُمْ جَعَلُوا مَا هَلَكَ قَبْلَ حَصَادِهِ وَبَعْدَهُ مِنْ الْأَجِيرِ، وَقَالَ الرَّجْرَاجِيُّ: هَذَا هُوَ الْمَشْهُورُ، وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ ابْنُ حَبِيبٍ: وَالْعَمَلُ فِي تَهْذِيبِهِ بَيْنَهُمَا ابْنُ يُونُسَ يُرِيدُ، وَلَوْ شَرَطَ فِي الزَّرْعِ قِسْمَتَهُ حَبًّا لَمْ يَجُزْ، وَإِنْ كَانَ إنَّمَا يَجِبُ لَهُ بِالْحَصَادِ فَجَائِزٌ، وَكَذَلِكَ فِي كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ عَبْدُ الْحَقِّ، وَلَا يَجُوزُ قَسْمُهُ قَتًّا وَيَدْخُلُهُ التَّفَاضُلُ، وَفِي هَذَا خِلَافٌ فِي الرِّبَوِيَّاتِ وَغَيْرِهَا، وَاعْتُرِضَ مَنْعُ قِسْمَتِهِ حَبًّا بِأَنَّهُ شَرْطٌ يُوَافِقُ مُقْتَضَى الْعَقْدِ؛ لِأَنَّ الْأَجِيرَ لَا يَسْتَحِقُّهُ إلَّا بَعْدَ عَمَلِهِ، وَحِينَئِذٍ لَا يَتَمَكَّنُ مِنْ أَخْذِ نَصِيبِهِ إلَّا مُهَذَّبًا، وَأُجِيبَ بِمَنْعٍ؛ لِأَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ إلَّا بَعْدَ الْحَصَادِ، فَقَدْ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: إذَا تَلِفَ قَبْلَ أَنْ يَحْصُدَهُ، أَوْ بَعْدَ أَنْ حَصَدَ بَعْضَهُ هُوَ مِنْهُمَا، وَعَلَيْهِ أَنْ يَسْتَعْمِلَهُ فِي مِثْلِهِ، أَوْ مِثْلِ مَا بَقِيَ مِنْهُ، وَخَالَفَ فِي ذَلِكَ سَحْنُونٌ انْتَهَى.

بِالْمَعْنَى وَاللَّفْظِ، فَقَدْ ظَهَرَ الْفَرْقُ بَيْنَ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ

ص: 401

الْمَمْنُوعَةِ وَالْمَسْأَلَةِ الْجَائِزَةِ الْآتِيَةِ فِي قَوْلِهِ: وَاحْصُدْ هَذَا، وَلَكَ نِصْفُهُ بِأَنَّ هُنَا لَمَّا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى حَصَادِهِ وَدَرْسِهِ، فَكَأَنَّهُ اسْتَأْجَرَهُ بِالْحَبِّ، وَذَلِكَ لَا يَجُوزُ، وَفِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى إنَّمَا اسْتَأْجَرَهُ بِنِصْفِ الزَّرْعِ الْقَائِمِ الَّذِي يَحْصُدُهُ، وَذَلِكَ صَحِيحٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (لَا كَخَشَبٍ)

ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِشَيْءٍ مِمَّا تُنْبِتُ، وَلَوْ كَانَ مِنْ غَيْرِ الطَّعَامِ مِنْ قُطْنٍ، أَوْ كَتَّانٍ، أَوْ أُصْطُبَّةٍ، وَهِيَ الْمُشَاقُ، أَوْ قَصَبٍ، أَوْ قُرْطٍ، أَوْ تِبْنٍ، أَوْ عَلَفٍ، وَلَا بِزَعْفَرَانٍ، وَلَا بِطِيبٍ يُشْبِهُهُ، وَلَا بِعُصْفُرٍ، وَلَا بِطَعَامٍ، وَلَوْ لَمْ تُنْبِتْهُ فَلَا يَجُوزُ بِلَبَنٍ مَحْلُوبٍ، أَوْ فِي ضُرُوعِهِ، أَوْ بِجُبْنٍ أَوْ عَسَلٍ، أَوْ بِسَمْنٍ، أَوْ تَمْرٍ، أَوْ صِيرٍ، وَهِيَ نَوْعٌ مِنْ الْحِيتَانِ تُمَلَّحُ أَوْ بِشَيْءٍ مِنْ الْأَنْبِذَةِ وَالْأَشْرِبَةِ أَوْ بِفُلْفُلٍ، أَوْ بِزَيْتِ الْكَتَّانِ أَوْ الْجُلْجُلَانِ، أَوْ بِسَمَكٍ، أَوْ بِطَيْرِ الْمَاءِ الَّذِي هُوَ لِلسِّكِّينِ، أَوْ بِشَاةِ اللَّحْمِ أَبُو الْحَسَنِ يَعْنِي الْعَلُوفَ أَوْ الشَّارِفَ، وَقَوْلُهُ: الْأَشْرِبَةِ يَعْنِي الَّتِي تُشْرِبُ لَا الَّتِي يُتَدَاوَى بِهَا إلَّا أَنْ تَكُونَ طَعَامًا، ثُمَّ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا بَأْسَ بِكِرَائِهَا بِالْعُودِ وَالصَّنْدَلِ وَالْحَطَبِ وَالْجُذُوعِ وَبِالْعَيْنِ انْتَهَى.

وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: وَلَا بَأْسَ بِكِرَائِهَا بِالْمَاءِ (قُلْت:) ، وَلَا يَتَخَرَّجُ مَنْعُهَا بِهِ عَلَى أَنَّهُ طَعَامٌ؛ لِأَنَّهُ قَوْلُ ابْنِ نَافِعٍ، وَهُوَ يُجِيزُهُ بِالطَّعَامِ غَيْرَ الْحِنْطَةِ وَجِنْسُهَا قَالَ: وَجَعَلَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَابْنُ شَاسٍ الْقَصَبَ كَالْجُذُوعِ، وَقَبِلَهُ ابْنُ هَارُونَ لَا أَعْرِفهُ بَلْ قَوْلُهَا: لَا يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْقَصَبِ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي التَّوْضِيحِ هُوَ بِفَتْحِ الصَّادِ الْمُهْمَلَةِ وَنُقِلَ الْجَوَازُ عَنْ صَاحِبِ التَّلْقِينِ، وَإِذَا كَانَ كَذَلِكَ فَيُرَدُّ إنْكَارُ ابْنِ عَرَفَةَ، وَأَمَّا مَا ذَكَرَهُ عَنْ الْمُدَوَّنَةِ فَإِنَّمَا هُوَ الْقَضْبُ بِالضَّادِ الْمُعْجَمَةِ كَذَا رَأَيْتُهُ فِي نُسْخَةٍ مُصَحَّحَةٍ، وَبِدَلِيلِ ذِكْرِهِ لَهُ مَعَ الْقُرْطِ وَالتِّبْنِ وَالْعَلَفِ، وَلَعَلَّهُ ظَنَّ كَلَامَ ابْنِ الْحَاجِّ أَنَّهُ كَذَلِكَ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) قَالَ ابْنُ نَاجِي ابْنُ عَرَفَةَ قَوْلُ اللَّخْمِيِّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِالْمَصْطَكَى نَصٌّ فِي أَنَّهَا غَيْرُ طَعَامٍ (الثَّانِي:) شَدَّدَ سَحْنُونٌ فَقَالَ: مَنْ أَكْرَاهَا بِمَا يَخْرُجُ مِنْهَا فَذَلِكَ جُرْحَةٌ، وَتَأَوَّلَهُ أَبُو مُحَمَّدٍ عَلَى مَنْ كَانَ عَالِمًا أَنَّهُ لَا يَجُوزُ، وَهُوَ مَذْهَبُهُ، أَوْ قَلَّدَ مَنْ مَذْهَبُهُ الْمَنْعُ سَحْنُونٌ وَلَا يَأْكُلُ طَعَامَهُ، وَلَا يَشْتَرِي مِنْهُ ذَلِكَ الطَّعَامَ الَّذِي أَخَذَهُ فِي كِرَائِهَا وَتَأَوَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ عَلَى أَنَّهُ مِنْ الْوَرَعِ (الثَّالِثُ:) إذَا وَقَعَ ذَلِكَ فَإِنَّمَا لَهُ كِرَاؤُهَا بِالدَّرَاهِمِ، وَذَكَرَ الشَّيْخُ أَبُو مُحَمَّدٍ أَنَّ عِيسَى بْنَ مِسْكِينٍ وَغَيْرَهُ مِنْ قُضَاةِ أَصْحَابِنَا بِإِفْرِيقِيَّةَ حَكَمُوا بِأَنْ يُعْطَى لَهُ قِيمَةُ الْجُزْءِ الَّذِي يَقَعُ لَهُ مِنْ ثُلُثٍ، أَوْ رُبُعٍ دَرَاهِمَ؛ لِأَنَّهُ لَا يَعْرِفُ لَهَا بِالْمَغْرِبِ قِيمَةَ كِرَاءٍ بِالْعَيْنِ، وَلَمْ يَعْتَبِرُوا قِيمَةَ كِرَائِهَا يَوْمَ الْعَقْدِ؛ لِأَنَّهُ لَا كِرَاءَ عَلَى الْمُكْتَرِي فِي الْأَرْضِ إذَا لَمْ يَصُبَّ فِيهَا شَيْئًا ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمُتَيْطِيِّ قَالَ بَعْضُ الْمُوَثَّقِينَ: أَرْضُ الْأَنْدَلُسِ عِنْدِي بِخِلَافِ ذَلِكَ الْكِرَاءُ فِيهَا مَعْرُوفٌ فَيَجِبُ أَنْ يُقْضَى فِيهَا بِكِرَاءِ الْمِثْلِ (قُلْت:) وَكَذَا الْأَمْرُ عِنْدَنَا فِي أَرْضِ تُونُسَ، وَفِي قَوْلِهِمْ: يُنْظَرُ إلَى مَا يَقَعُ لَهُ مِنْ ذَلِكَ الْجُزْءِ رُبُعٌ، أَوْ ثُلُثٌ دَرَاهِمَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ ظَاهِرَ الْبِنَاءِ عَلَى مَا دَخَلَا عَلَيْهِ مِنْ الْجُزْءِ، وَهُوَ عُقَدٌ فَاسِدٌ فَيَجِبُ لَغْوُ مَا دَخَلَا عَلَيْهِ وَيُنْظَرُ إلَى قِيمَتِهَا بِالْجُزْءِ أَنْ لَوْ جَازَ فِيهَا، ثُمَّ يُنْظَرُ إلَى قِيمَةِ ذَلِكَ الْجُزْءِ انْتَهَى.

وَمَا قَالَهُ ظَاهِرٌ لَا شَكَّ فِيهِ، وَلَا يُعْدَلُ عَنْهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الرَّابِعُ:) قَالَ فِي آخِرِ الْجَامِعِ مِنْ الْجَوَاهِر لَمَّا تَكَلَّمَ عَلَى الزَّرْعِ كَرِهَ مَالِكٌ شِرَاءَ طَعَامٍ مِنْ مُكْتَرِي الْأَرْضِ بِالْحِنْطَةِ هَذَا، وَمَذْهَبُهُ أَنَّ الطَّعَامَ كُلَّهُ لَهُ، وَإِنَّمَا عَلَيْهِ كِرَاءُ الْأَرْضِ عَيْنًا انْتَهَى.

وَهَذَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

إذَا لَمْ يَتُبْ وَيُصْلِحْ مَا وَقَعَ لَهُ عَلَى الْوَجْهِ الشَّرْعِيِّ، وَأَمَّا لَوْ فَعَلَ ذَلِكَ فَلَا يَظْهَرُ لِلتَّوَقُّفِ حِينَئِذٍ وَجْهٌ، وَقَدْ ذَكَر الشَّيْخُ أَبُو الْحَسَنِ الصَّغِيرُ فِي أَوَاخِرِ الشُّفْعَةِ أَنَّهُ يَقُومُ مِنْ مَسْأَلَةِ الْأَخْذِ بِالشُّفْعَةِ مِمَّنْ اشْتَرَى بِدَرَاهِمَ مَغْصُوبَةٍ جَوَازُ شِرَاءِ مَا يَحْصُلُ بِالْمُعَامَلَةِ الْفَاسِدَةِ قَبْلَ أَنْ يُصْلِحَا شَأْنَهُمَا قَالَ: فَعَلَى هَذَا يَجُوزُ شِرَاءُ مُكْتَرِي الْأَرْضِ بِالطَّعَامِ قَبْلَ أَنْ يُصْلِحَ شَأْنَهُ مَعَ رَبِّهَا فَالْكَلَامُ الْأَوَّلُ: عَلَى التَّنَزُّهِ، وَمَا هُوَ الْأَوْلَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الْخَامِسُ:) قَالَ فِيهَا: وَمَنْ

ص: 402

أَكْرَى أَرْضَهُ بِدَنَانِيرَ مُؤَجَّلَةٍ فَحَلَّتْ فَلَا يَأْخُذُ بِهَا طَعَامًا، وَلَا إدَامًا وَلْيَأْخُذْ مَا يَجُوزُ أَنْ يَبْتَدِئَا بِهِ كِرَاءَهَا وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(السَّادِسُ:) يَجُوزُ كِرَاءُ الْأَرْضِ بِشَجَرٍ بِأُصُولِهَا يَأْخُذُهَا مِنْ الْمُكْتَرِي إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا ثَمَرٌ، فَإِنْ كَانَ فِيهَا ثَمَرٌ لَمْ يَجُزْ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ (السَّابِعُ:) قَالَ فِيهَا وَيَجُوزُ بَيْعُ رَقَبَةِ الْأَرْضِ بِشَجَرٍ فِيهَا ثَمَرٌ كَمَا تُبَاعُ بِطَعَامٍ عَاجِلٍ وَآجِلٍ انْتَهَى.

وَقَالَ فِي النَّوَادِرِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ مَنْعَ كِرَاءِ الْأَرْضِ بِمَا يُؤْكَلُ، أَوْ يُشْرَبُ مِنْ الْأَشْرِبَةِ وَبِمَا يَخْرُجُ مِنْ الْأَرْضِ مَا نَصُّهُ: وَلَا بَأْسَ بِشِرَائِهَا بِذَلِكَ كُلِّهِ مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمَئِذٍ طَعَامٌ انْتَهَى.

كَذَا فِي النُّسْخَةِ، وَصَوَابُهُ: مَا لَمْ يَكُنْ فِيهِ يَوْمئِذٍ طَعَامٌ، ثُمَّ قَالَ فِي النَّوَادِرِ: وَلَا بَأْسَ أَنْ تَكْتَرِيَ بِئْرًا إلَى جَانِبِ أَرْضِكَ لِتَسْقِيَهَا بِمَائِهَا بِمَا شِئْت مِنْ الطَّعَام انْتَهَى.

، وَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّ الْمَاءَ غَيْرُ رِبَوِيّ، وَأَنَّهُ يَجُوزُ بَيْعُهُ بِطَعَامٍ إلَى أَجَلٍ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي السَّلَمِ الثَّالِثِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ (الثَّامِنُ:) قَالَ اللَّخْمِيُّ يَجُوزُ كِرَاؤُهَا بِثِيَابِ الْقُطْنِ وَالْكَتَّانِ؛ لِأَنَّ الصَّنْعَةَ غَيَّرَتْهَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَحَمْلُ طَعَامٍ لِبَلَدٍ بِنِصْفِهِ إلَّا أَنْ يَقْبِضَهُ الْآنَ)

ش: أَيْ إلَّا أَنْ يَشْتَرِطَ أَنْ يَقْبِضَ نِصْفَهُ الْآنَ قَالَ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَحْمِلَ لَكَ طَعَامًا إلَى بَلَدِ كَذَا بِنِصْفِهِ إلَّا أَنْ تَنْقُدَهُ نِصْفَهُ مَكَانَكَ؛ لِأَنَّهُ شَيْءٌ بِعَيْنِهِ بِيعَ عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ إلَى أَجَلٍ انْتَهَى.

قَالَ أَبُو الْحَسَنِ: هَذَا بِالشَّرْطِ، وَلَوْ اشْتَرَطَ أَنْ يَنْقُدَهُ فَلَا إشْكَالَ فِي الْمَنْعِ، وَإِنْ وَقَعَ الْأَمْرُ مُبْهَمًا فَعَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ هُوَ عَلَى الْفَسَادِ حَتَّى يُشْتَرَطَ قَبْضُ نِصْفِهِ الْآنَ، وَعَلَى مَذْهَبِ أَشْهَبَ وَابْنِ حَبِيبٍ وَسَحْنُونٍ هُوَ جَائِزٌ حَتَّى يُشْتَرَطَ أَنْ لَا يَقْبِضَهُ إلَّا بَعْدَ الْبَلَاغِ، وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ يُونُسَ (تَنْبِيهَانِ الْأَوَّلُ:) قَالَ فِي كِتَابِ الْجُعْلِ وَالْإِجَارَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ: وَلَا يَجُوزُ أَنْ يَقُولَ لَهُ: احْمِلْ طَعَامِي هَذَا إلَى بَلَدِ كَذَا وَلَكَ نِصْفُهُ إلَّا أَنْ يُعْطِيَ نِصْفَهُ نَقْدًا، وَلَا يَجُوزُ عَلَى تَأْخِيرِهِ إلَى الْبَلَدِ لَوْ اكْتَالَ نِصْفَهُ هَاهُنَا، ثُمَّ يَحْمِلُ الْجَمِيعَ إلَى الْبَلَدِ لَمْ يَجُزْ أَيْضًا قَالَ ابْنُ حَبِيبٍ: وَلَوْ سَلَّمَ لَهُ نِصْفَهُ إنْ شَاءَ حَمَلَهُ أَوْ حَبَسَهُ لَجَازَ انْتَهَى.

فَمَعْنَى الْأَوَّلِ أَنَّهُ كَانَ لَهُ نِصْفُهُ، وَشَرَطَ عَلَيْهِ أَنْ يَحْمِلَ الْجَمِيعَ إلَى الْبَلَدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) إذَا وَقَعَ ذَلِكَ وَحَمَلَهُ لِلْبَلَدِ فَذَكَرَ ابْنُ يُونُسَ عَنْ ابْن أَخِي هِشَامٍ أَنْ لِلْحَمَّالِ نِصْفَهُ، وَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي الْمَوْضِعِ الَّذِي حَمَلَهُ مِنْهُ، وَلَهُ كِرَاؤُهُ فِي النِّصْفِ الْآخِرِ مَا بَلَغَ قَالَ: وَعَابَ هَذَا بَعْضُ شُيُوخِنَا، وَقَالَ: يَلْزَمُ عَلَيْكَ إذَا هَلَكَ الطَّعَامُ أَنْ تَضْمَنَ نِصْفَهُ؛ لِأَنَّهُ عَلَى قَوْلِهِ بِالْقَبْضِ لَزِمَ ذِمَّتَهُ، وَهَذَا بَعِيدٌ؛ لِأَنَّ فَسَادَ الْمُعَامَلَةِ مَنَعَ الْمُكَارِيَ مِنْ قَبْضِ حِصَّتِهِ إلَى أَنْ يَصِلَ لِلْبَلَدِ الْمَحْمُولِ إلَيْهِ فَكَيْفَ يَضْمَنُ إذَا هَلَكَ قَبْلَ الْبَلَدِ، وَهُوَ إنَّمَا يَصِيرُ لَهُ بَعْدَ الْوُصُولِ إلَيْهَا، وَإِنَّمَا يَكُونُ الطَّعَامُ كُلُّهُ لِرَبِّهِ، وَعَلَيْهِ إجَارَةُ حَمْلِهِ كُلِّهِ، وَهَذَا هُوَ الصَّوَابُ كَمَا فِي مَسْأَلَةِ دَبْغِ الْجُلُودِ وَنَصُّهَا: وَنَسْجُ الثَّوْبِ عَلَى أَنَّ لَهُ نِصْفَ ذَلِكَ إذَا فَرَغَ فَعَمِلَ عَلَى ذَلِكَ فَإِنَّ لَهُ أَجْرُ عَمَلِهِ، وَالثَّوْبُ وَالْجُلُودُ لِرَبِّهَا، فَكَذَلِكَ هَذَا انْتَهَى.

أَبُو الْحَسَنِ: وَيَظْهَرُ لِي أَنْ قَوْلَ ابْن أَخِي هِشَامٍ هُوَ ظَاهِرُ الْكِتَابِ مِنْ قَوْلِهِ؛ لِأَنَّهُ لَا شَيْءَ بِعَيْنِهِ بِيعَ عَلَى أَنْ يَتَأَخَّرَ قَبْضُهُ تَأَمَّلْهُ، وَفِي مَسْأَلَةِ الْجُلُودِ وَالثَّوْبِ: شَرَطَ أَنَّهُ إنَّمَا يَقْبِضُ بَعْدَ الْفَرَاغِ انْتَهَى.

فَإِنْ أَفَاتَ الْحَمْلُ النِّصْفَ بَعْدَ وُصُولِهِ لِلْبَلَدِ الْمَحْمُولِ إلَيْهِ، فَعَلَيْهِ مِثْلُهُ فِي ذَلِكَ الْمَوْضِعِ، وَلَهُ جَمِيعُ الْكِرَاءِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

ص (وَكَإِنْ خِطْتَهُ الْيَوْمَ بِكَذَا، وَإِلَّا فَبِكَذَا)

ش: قَالَ فِيهَا: وَإِنْ آجَرْت رَجُلًا يَخِيطُ لَكَ ثَوْبًا إنْ خَاطَهُ الْيَوْمَ فَبِدِرْهَمٍ، وَإِنْ خَاطَهُ غَدًا فَنِصْفُ دِرْهَمٍ

ص: 403

أَوْ قُلْت لَهُ: إنْ خِطْتَ خِيَاطَةً رُومِيَّةً فَبِدِرْهَمِ، وَإِنْ خِطْتَهُ خِيَاطَةً عَرَبِيَّةً فَبِنِصْفِ دِرْهَمٍ لَمْ يَجُزْ، وَهُوَ مِنْ وَجْهِ بَيْعَتَيْنِ فِي بَيْعَةٍ، فَإِنْ خَاطَهُ فَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ زَادَ عَلَى التَّسْمِيَةِ، أَوْ نَقَصَ قَالَ غَيْرُهُ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى إلَّا أَنْ يَزِيدَ عَلَى الدِّرْهَمِ، أَوْ يَنْقُصَ مِنْ نِصْفِ الدِّرْهَمِ فَلَا يُزَادُ، وَلَا يُنْقَصُ أَبُو الْحَسَنِ وَيُعْتَبَرُ فِي التَّقْوِيمِ التَّعْجِيلُ وَالتَّأْخِيرُ أَيْ يُقَالُ: كَمْ قِيمَةُ خِيَاطَةِ هَذَا الثَّوْبِ الْيَوْمَ؟ وَكَمْ قِيمَةُ خِيَاطَتِهِ إلَى غَدٍ؟ وَنَحْوُهُ فِي ابْنِ يُونُسَ سَحْنُونٌ وَقَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ أَحْسَنُ (فَرْعَانِ الْأَوَّلُ:) إذَا اسْتَأْجَرَهُ عَلَى خِيَاطَةِ ثَوْبٍ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ قَالَ لَهُ: عَجِّلْهُ لِي الْيَوْمَ وَأَزِيدُكَ نِصْفَ دِرْهَمٍ، فَإِنْ كَانَ عَلَى يَقِينٍ مِنْ أَنَّهُ يُمْكِنُهُ تَعْجِيلُهُ فَذَلِكَ جَائِزٌ، وَإِنْ كَانَ لَا يَدْرِي إذَا أَجْهَدَ نَفْسَهُ هَلْ يُتِمُّ أَمْ لَا فَكَرِهَهُ مَالِكٌ وَمِثْلُهُ اسْتِئْجَارُ رَسُولٍ عَلَى تَبْلِيغِ كِتَابٍ لِبَلَدٍ بِكَذَا، ثُمَّ زِيَادَتُهُ عَلَى أَنْ يُسْرِعَ فِي السَّيْرِ فَيُبَلِّغُهُ فِي يَوْمِ كَذَا يُفَصَّلُ فِيهِ كَمَا تَقَدَّمَ هَذَا الَّذِي ارْتَضَاهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي رَسْمِ سَلَفَ مِنْ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْإِجَارَةِ، وَنَصُّهُ: سُئِلَ مَالِكٌ عَنْ الرَّجُل يَسْتَخِيطُ الثَّوْبَ بِدِرْهَمٍ، ثُمَّ يَقُولُ لَهُ بَعْدَ ذَلِكَ: عَجِّلْهُ لِي الْيَوْمَ، وَلَكَ نِصْفُ دِرْهَمٍ قَالَ مَالِكٌ: لَا أَرَى بِهِ بَأْسًا وَأَرْجُو أَنْ يَكُونَ خَفِيفًا، وَلَمْ يَرَهُ كَالرَّسُولِ يُزَادُ لِسُرْعَةِ السَّيْرِ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: أَمَّا الَّذِي يَسْتَخِيطُ الرَّجُلَ الثَّوْبَ بِأَجَلٍ مُسَمًّى، ثُمَّ يَزِيدُهُ بَعْدَ ذَلِكَ عَلَى أَنْ يُعَجِّلَهُ لَهُ فَلَا إشْكَالَ أَنَّ ذَلِكَ جَائِزٌ؛ لِأَنَّ تَعْجِيلَهُ مُمَكَّنٌ لَهُ، وَلَا يَنْبَغِي أَنْ يَتَعَمَّدَ تَأْخِيرَهُ وَمَطْلَهُ إضْرَارًا بِهِ لِغَيْرِ سَبَبٍ، وَلَهُ أَنْ يَتَّسِعَ فِي عَمَلِهِ وَيُؤَخِّرَهُ لِعَمَلٍ غَيْرَهُ قَبْلَهُ، أَوْ لِلِاشْتِغَالِ بِمَا يَحْتَاجُ إلَيْهِ مِنْ حَوَائِجِهِ عَلَى مَا جَرَى مِنْ عُرْف الصُّنَّاعِ فِي التَّرَاخِي فِي أَعْمَالِهِمْ، فَإِذَا زَادَهُ عَلَى أَنْ يَتَفَرَّغَ لَهُ، وَيُعَجِّلَهُ جَازَ؛ لِأَنَّهُ أَخَذَ مَا زَادَهُ عَلَى فِعْلِ مَا يَقْدِرُ عَلَيْهِ، وَلَا يَلْزَمُهُ انْتَهَى.

وَنَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَبَعْضُ الْكَلَامِ فِي التَّوْضِيحِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.

(الثَّانِي:) مَنْ اسْتَأْجَرَ غِلْمَانًا يَخِيطُونَ الثَّوْبَ كُلَّ شَهْرٍ بِشَيْءٍ مُسَمًّى فَلَا يَجُوزُ أَنْ يَطْرَحَ عَلَى أَحَدٍ مِنْهُمْ ثِيَابًا عَلَى أَنَّهُ إنْ فَرَغَ مِنْهَا فِي يَوْمٍ فَلَهُ بَقِيَّتُهُ، وَإِنْ لَمْ يَفْرُغْ مِنْهَا فِي يَوْمٍ كَانَ عَلَيْهِ يَوْمٌ آخَرُ لَا يَحْبِسُهُ لَهُ فِي شَهْرٍ إنْ كَانَ ذَلِكَ كَثِيرًا لِكَثْرَةِ الْغَرَرِ فِي ذَلِكَ، وَإِنْ كَانَ ذَلِكَ يَسِيرًا فَذَلِكَ خَفِيفٌ قَالَهُ فِي أَوَّلِ سَمَاعِ ابْنِ الْقَاسِمِ مِنْ الْإِجَارَةِ

ص (وَاعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي فَمَا حُصِّلَ فَلَكَ نِصْفُهُ)

ش: قَالَ ابْنُ غَازِيٍّ أَيْ فَمَا حُصِّلَ مِنْ ثَمَنٍ، أَوْ أُجْرَةٍ بِدَلَالَةِ قَوْلِهِ بَعْدُ: وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا انْتَهَى.

وَقَوْلُهُ: مِنْ أُجْرَةٍ لَعَلَّهُ يُرِيدُ فِي صُورَةِ الْعَكْسِ الَّتِي فِي قَوْلِهِ عَكْسُ لِتُكْرِيَهَا، وَإِلَّا فَلَيْسَ فِي هَذِهِ الصُّورَةِ أُجْرَةٌ إنَّمَا فِيهَا ثَمَنٌ وَلَفْظُ الْمُصَنِّفِ نَحْوُ لَفْظِ الْمُدَوَّنَةِ وَفَسَّرَ الشَّارِحُ بِأَنَّ الْمُرَادَ الثَّمَنُ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) لَا فَرْقَ فِي ذَلِكَ بَيْنَ الدَّابَّةِ وَالسَّفِينَةِ وَالْإِبِلِ قَالَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَكَذَلِكَ فِي عَكْسِ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ لَا فَرْقَ بَيْنَهُمَا وَزَادَ فِي الْمُدَوَّنَةِ مَعَهَا فِي هَذِهِ مَسْأَلَةَ الدَّارِ وَالْحَمَّامِ أَعْنِي فِيمَا إذَا دَفَعَ إلَيْهِ هَذِهِ الْأَشْيَاءَ لِيُكْرِيَهَا وَسَكَتَ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُولَى أَعْنِي قَوْلَهُ: اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي عَنْ الدَّارِ وَالْحَمَّامِ فَقَالَ عِيَاضٌ: لِأَنَّ مَا لَا يَذْهَبُ بِهِ، وَلَا عَمَلَ فِيهِ لِمُتَوَلِّيهِ كَالرُّبَاعِ فَهُوَ فِيهَا أَجِيرٌ، وَالْكَسْبُ لِرَبِّهَا وَيَسْتَوِي فِيهَا اعْمَلْ وَآجِرْ، وَنَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ وَقَبِلَهُ، وَكَذَلِكَ قَالَ اللَّخْمِيُّ قَوْلُهُ: فِي السَّفِينَةِ أَكْرِهَا، وَاعْمَلْ عَلَيْهَا سَوَاءٌ إنْ كَانَ فِيهَا قَوَّمَهُ رَبُّهَا؛ لِأَنَّهُ إنَّمَا يَتَوَلَّى الْعَقْدَ فَغَلَّتُهَا لِرَبِّهَا، وَلَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ، وَلَوْ كَانَ سَافَرَ فِيهَا بِمَتَاعِهِ فَالرِّبْحُ لَهُ وَلِرَبِّهَا

ص: 404

الْإِجَارَةُ وَالْحَمَّامُ وَالْفُرْنُ إنْ لَمْ يَكُنْ فِيهَا دَوَابُّ، وَلَا آلَةُ الطَّحْنِ كَانَ مَا يُؤَاجَرُ بِهِ لِلْعَامِلِ أَجْرُ الْمِثْلِ، وَإِنْ كَانَا بِدَوَابِّهِمَا وَيَشْتَرِي الْحَطَبَ مِنْ عِنْدِ صَاحِبِهِمَا، أَوْ مِنْ غَلَّتِهِمَا فَمَا أَصَابَ لِرَبِّهِمَا وَلِلْعَامِلِ، وَعَلَيْهِ أُجْرَةُ الْمِثْلِ، وَإِنَّمَا هُوَ قَيِّمٌ فِيهِمَا، وَكَذَا الْفُنْدُقُ مَا أَكْرَى بِهِ مَسَاكِنُهُ لِرَبِّهِ، وَلِلْقَيِّمِ إجَارَتُهُ انْتَهَى.

(الثَّانِي:) لَا فَرْقَ أَيْضًا فِيمَا إذَا قَالَ: اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي، أَوْ فِي سَفِينَتِي أَوْ إبِلِي وَبَيْنَ أَنْ يَقُولَ لِي، أَوْ لَا يَقُولَهَا عَلَى ظَاهِرِ رِوَايَةِ الْأَكْثَرِينَ وَصَرِيحُ رِوَايَةِ الدَّبَّاغِ، وَفِي الْجَلَّابِ إذَا قَالَ: اعْمَلْ لِي كَانَ الْكَسْبُ كُلُّهُ لِرَبِّ الدَّابَّةِ قَالَ عِيَاضٌ وَالصَّوَابُ: الْأَوَّلُ: وَلَا فَرْقَ بَيْنَ أَنْ يَقُولَ لِي، أَوْ لَمْ يَقُلْهَا إذْ هُوَ الْمَقْصُودُ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ (الثَّالِثُ:) إذَا أُصِيبَ مَا عَمِلَ عَلَيْهَا قَبْلَ بَيْعِهِ فَهُوَ مِنْ الْعَامِلِ نَقَلَهُ أَبُو الْحَسَنِ (الرَّابِعُ:) إذَا قَالَ: اعْمَلْ عَلَى دَابَّتِي قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الصَّقَلِّيُّ: لَوْ عَمِلَ، فَلَمْ يَجِدْ شَيْئًا، فَعَلَيْهِ الْكِرَاءُ؛ لِأَنَّهُ فِي ذِمَّتِهِ وَلِابْنِ حَبِيبٍ إنْ عَرَفَ أَنَّهُ عَاقَهُ عَائِقٌ فَلَا شَيْءَ عَلَيْهِ إذَا لَمْ يُكْرِهَا بِشَيْءٍ مَضْمُونٍ عَلَيْهِ (قُلْت:) وَهَذَا نَحْوُ اخْتِلَافِهِمْ فِي الْقَرْضِ عَلَى الْأَدَاءِ مِنْ شَيْءٍ بِعَيْنِهِ يُتَعَذَّرُ، وَهُوَ مَذْكُورٌ فِي الْقِرَاضِ، وَقَالَ قَبْلَهُ اللَّخْمِيُّ: إنْ قَالَ أَكْرِ دَابَّتِي وَلَكَ نِصْفُ مَا تُكْرِيهَا بِهِ فَمَضَى بِهَا، ثُمَّ رَدَّهَا وَتَعَسَّرَ عَلَيْهِ كِرَاؤُهَا لَمْ يَكُنْ لَهُ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ فَاسِدٌ وَالْحُكْمُ أَنْ يَرُدَّهَا، وَلَا يُتِمُّ ذَلِكَ الْفَاسِدَ (الْخَامِسُ:) لَوْ قَالَ: أَكْرِهَا فَعَمِلَ عَلَيْهَا كَانَ الْكَسْبُ لِلْعَامِلِ وَلِرَبِّهَا كِرَاءُ الْمِثْلِ؛ لِأَنَّهُ تَعَدَّى عَلَى مَنَافِعِ الدَّابَّةِ عَلَى غَيْرِ مَا أُذِنَ لَهُ، وَإِنْ قَالَ: اعْمَلْ عَلَيْهَا فَأَكْرَاهَا فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِلْأَجِيرِ، وَلِرَبِّهَا إجَارَةُ الْمِثْلِ، وَقَالَ فِي كِتَابِ الشُّفْعَةِ: مَا أُكْرِيَتْ بِهِ لِرَبِّهَا؛ لِأَنَّ ضَمَانَ مَنَافِعِهَا مِنْهُ انْتَهَى.

مِنْ ابْنِ عَرَفَةَ (السَّادِسُ:) مِنْ هَذَا الْبَابِ لَوْ قُلْت لَهُ: بِعْ سِلْعَتِي وَالثَّمَنُ بَيْنِي وَبَيْنَكَ، أَوْ مَا زَادَ عَلَى مِائَةٍ بَيْنِي وَبَيْنَكَ فَقَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: ذَلِكَ لَا يَجُوزُ وَالثَّمَنُ لَهُ، وَلِلْبَائِعِ أَجْرُ مِثْلِهِ ابْنُ يُونُسَ عَنْ بَعْضِ الْقَرَوِيِّينَ الْفَرْقُ بَيِّنٌ إنْ وَقَفَ وَسَاوَمَ، وَلَمْ يَأْتِهِ أَحَدٌ فَالْأَشْبَهُ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ إلَّا أَنْ يَتَأَوَّلَ أَنَّهُ جُعْلٌ فَاسِدٌ، وَالْأَشْبَهُ الْأَوَّلُ: أَبُو الْحَسَنِ، وَهَذَا عَلَى أَنَّ الْجُعْلَ الْفَاسِدَ يُرَدُّ إلَى صَحِيحِ أَصْلِهِ، وَعَلَى أَنَّهُ يُرَدُّ إلَى صَحِيحِ غَيْرِهِ لَهُ أَجْرُ مِثْلِهِ.

ص (وَجَازَ بِنِصْفِ مَا يُحْتَطَبُ عَلَيْهَا)

ش: وَكَذَا إنْ قَالَ: لَكَ نَقْلَةٌ، وَلِي نَقْلَةٌ، أَوْ مَا تَنْقُلُ الْيَوْمَ لِي وَغَدًا لَكَ أَوْ تَعْمَلُ عَلَيْهَا الْيَوْمَ لِي، وَتَبِيعُهُ وَتَعْمَلُ عَلَيْهَا غَدًا لَكَ، فَإِنْ شِئْت بِعْتَهُ، وَإِنْ شِئْت أَخَذْتَهُ لِنَفْسِكَ نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ وَغَيْرُهُ (تَنْبِيهَاتٌ الْأَوَّلُ:) إذَا قَالَ: بِنِصْفِ مَا تَحْتَطِبُ عَلَيْهَا لِي جَائِزٌ كَمَا تَقَدَّمَ، وَقَدْ يَعْرِضُ لَهُ مَا يُفْسِدُهُ كَقَوْلِهِ، وَلَا تَأْخُذْ نِصْفَكَ إلَّا بَعْدَ بَيْعِهِ مُجْتَمِعًا، أَوْ نَقْلِهِ لِمَوْضِعِ كَذَا مُجْتَمِعًا قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ

(الثَّانِي:) إذَا وَقَعَ عَلَى الْوَجْهِ الْفَاسِدِ فَالْكَسْبُ بَيْنَهُمَا نِصْفَانِ وَيَرْجِعُ الْعَامِلُ عَلَى رَبِّهَا بِنِصْفِ إجَارَةِ مِثْلِهِ وَيَغْرَمُ لِرَبِّهَا نِصْفَ كِرَاءِ الدَّابَّةِ فِي ذَلِكَ الْعَمَلِ قَالَهُ ابْنُ عَرَفَةَ أَيْضًا (الثَّالِثُ:) إذَا قَالَ اعْمَلْ عَلَيْهَا الْيَوْمَ لِي وَغَدًا لَكَ، فَقَدْ تَقَدَّمَ أَنَّهُ جَائِزٌ أَيْضًا اللَّخْمِيُّ، فَإِنْ عَمِلَ الْيَوْمَ

ص: 405

ثُمَّ تَلِفَتْ الدَّابَّةُ فَلِلْعَامِلِ عَلَى رَبِّهَا أَجْرُ مِثْلِهِ، وَلَيْسَ لَهُ أَنْ يُكَلِّفَهُ أَنْ يَأْتِيَ بِأُخْرَى فَلَوْ عَمِلَ مَا لِلْعَامِلِ وَتَلِفَتْ قَبْلَ أَنْ يَعْمَلَ مَا لِرَبِّهَا فَهَلْ لِرَبِّهَا كِرَاؤُهَا، أَوْ يَأْتِيهِ بِدَابَّةٍ أُخْرَى يَعْمَلُ عَلَيْهَا؛ لِأَنَّ الْمَعْمُولَ عَلَيْهِ لَا يَتَعَيَّنُ؟ وَالْأَوَّلُ: أَبْيَنُ؛ لِأَنَّ خَلَفَ ذَلِكَ يَتَعَذَّرُ ابْنُ عَرَفَةَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ: قَوْلُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ وَلِمَا ذَكَرَهُ الصَّقَلِّيُّ قَالَ الشَّيْخُ: أَعْرِفُ فِيهَا أَنَّ عَلَى رَبِّ الدَّابَّةِ أَنْ يَأْتِيَهُ بِأُخْرَى يَعْمَلُ عَلَيْهَا، وَهُوَ عَلَى أَصْلِهِمْ قَالَ فِي الطُّرَرِ فِيمَنْ أَعْطَى دَابَّتَهُ وَفَأْسَهُ عَلَى أَنْ الْحَطَبَ مُنَاصَفَةً فَضَاعَ الْفَأْسُ فَضَمَانُهُ مِنْ رَبِّهِ، وَيَحْلِفُ الْأَجِيرُ إنْ كَانَ مُتَّهَمًا، وَنَقَلَهُ الْوَانُّوغِيُّ هُنَا

ص (وَاسْتِئْجَارُ الْمَالِكِ مِنْهُ)

ش: يُرِيدُ مَا لَمْ يُؤَدِّ إلَى دَفْعِ قَلِيلٍ فِي كَثِيرٍ كَمَا فِي بُيُوعِ الْآجَالِ.

ص (وَتَعْلِيمُهُ بِعَمَلِهِ سَنَةً مِنْ أَخْذِهِ)

ش: قَالَ أَبُو الْحَسَنِ فِي الْكَبِيرِ بَعْدَ أَنْ نَقَلَ عَنْ عَبْدِ الْحَقِّ وَالتُّونِسِيِّ كَلَامًا طَوِيلًا تَحْقِيقُ هَذَا الَّذِي قَالُوهُ فِي مَسْأَلَةِ الْغُلَامِ، أَوْ مُعَلِّمِ الصِّنَاعَةِ بَاعَ مَنَافِعَهُ بِمَنَافِعِ الْغُلَامِ سَنَةً، فَإِذَا مَاتَ الْغُلَامُ عِنْدَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَلَا كَلَامَ، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ الشُّرُوعِ فِي الْمُدَّةِ فَلَا كَلَامَ أَيْضًا فِي فَسْخِ الْإِجَارَةِ بَيْنَهُمَا، وَإِنْ مَاتَ قَبْلَ تَمَامِ الْمُدَّةِ فَلَا بُدَّ مِنْ الْمُحَاسَبَةِ، فَإِنْ وَفَّى الصَّانِعُ ثُلُثِي الصَّنْعَةِ وَوَفَّى الْغُلَامُ ثُلُثَ الْعَمَلِ فَقَطْ وَجَبَ الْمَرْدُودُ لِلصَّانِعِ، وَهُوَ ثُلُثُ إجَارَتِهِ يَرْجِعُ بِهِ عَلَى سَيِّدِ الْغُلَامِ؛ إذْ هِيَ بَقِيَّةُ قِيمَةِ مَنَافِعِهِ الَّتِي وَفَّى، وَلَوْ كَانَ الْحَالُ بِالْعَكْسِ بِأَنْ يُوَفِّيَ الْعَامِلُ ثُلُثَيْ الْعَمَلِ، وَلَمْ يَحُدَّ لَهُ الْمُعَلِّمُ إلَّا ثُلُثَ الصَّنْعَةِ لَوَجَبَ الْمَرْدُودُ لِلسَّيِّدِ يَرْجِعُ بِثُلُثِ أُجْرَةِ الْغُلَامِ، وَلَوْ اسْتَوَيَا فِيمَا وَفَّى كُلُّ وَاحِدٍ لِصَاحِبِهِ لَسَقَطَتْ الْمُرَاجَعَةُ بَيْنَهُمَا انْتَهَى.

ابْنُ عَرَفَةَ بَعْضُ شُيُوخِ عَبْدِ الْحَقِّ مَا حَاصِلُهُ إنْ مَاتَ فِي نِصْفِ السَّنَةِ، فَإِنْ كَانَ قِيمَةُ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ مِثْلَيْ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي: وَقِيمَةُ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الْأَوَّلِ نِصْفُ قِيمَةِ عَمَلِهِ فِي النِّصْفِ الثَّانِي رَجَعَ رَبُّهُ بِثُلُثِ قِيمَةِ تَعْلِيمِهِ (قُلْت:) الْأَظْهَرُ مَنْعُ إجَارَتِهِ بِعَمَلِهِ؛ لِأَنَّهُ يَخْتَلِفُ بِحَسَبِ سُرْعَةِ تَعَلُّمِهِ وَبُعْدِهِ انْتَهَى.

ص (وَإِجَارَةُ دَابَّةٍ لِكَذَا عَلَى إنْ اسْتَغْنَى فِيهَا حَاسَبَ)

ش: لَوْ قَالَ: عَلَى إنْ اسْتَغْنَى عَنْهَا لَكَانَ أَبْيَنَ، وَيُرِيدُ بِشَرْطٍ لَا أَنْ يَنْقُدَ؛ لِأَنَّهُ إنْ نَقَدَ يَكُونُ تَارَةً ثَمَنًا وَتَارَةً سَلَفًا قَالَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَزَاهُ لِمَالِكٍ فِي: الْعُتْبِيَّةِ وَالْمَوَّازِيَّةِ وَالْمَسْأَلَةُ فِي أَوَّلِ كِتَابِ الرَّوَاحِلِ مِنْ الْبَيَانِ، وَلَا مَفْهُومَ لِقَوْلِهِ: دَابَّةٍ بَلْ، وَكَذَلِكَ غَيْرُهَا؛ إذْ يَجُوزُ أَنْ يَسْتَأْجِرَ الرَّجُلُ الرَّجُلَ شَهْرًا عَلَى أَنْ يَبِيعَ لَهُ ثَوْبًا عَلَى أَنَّ الْمُسْتَأْجِرَ مَتَى شَاءَ أَنْ يَتْرُكَ تَرَكَ إذَا لَمْ يُنْقَدْ، ثُمَّ نَقَلَهُ فِي

ص: 406