الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الشَّامِلِ مُضْطَرِبٌ لَا يُفْهَمُ؛ لِأَنَّهُ قَالَ مُشَبِّهًا فِي الْفَسَادِ: كَجُعْلٍ مِنْ غَيْرِ ذِي دَيْنٍ لِغَرِيمٍ وَقِيلَ: إنْ عَلِمَ رَبُّ الدَّيْنِ وَإِلَّا لَزِمَ وَالْجُعْلُ مَرْدُودٌ مُطْلَقًا، وَلَوْ دَفَعَ الطَّالِبُ لِلْغَرِيمِ شَيْئًا لِيَأْتِيَهُ بِحَمِيلٍ جَازَ عَلَى الْأَصَحِّ وَثَالِثُهَا يُكْرَهُ انْتَهَى، وَقَدْ عَلِمْت أَنَّهُ إذَا لَمْ يَعْلَمْ صَاحِبُ الدَّيْنِ فَلَا تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ كَمَا تَقَدَّمَ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
[فَرْعٌ الْمُبَارَأَةُ بِضَمَانِ الْأَبِ]
(فَرْعٌ) قَالَ فِي أَحْكَامِ ابْنِ سَهْلٍ فِي تَرْجَمَةِ امْرَأَةٍ تَزَوَّجَتْ رَجُلًا لَهُ وَلَدٌ، وَفِي وَثَائِقِ ابْنِ الْعَطَّارِ إذَا: انْعَقَدَتْ الْمُبَارَأَةُ بِضَمَانِ الْأَبِ، أَوْ غَيْرِهِ بِالْحَقِّ، أَوْ غَيْرِهِ مِنْ دَرْكٍ فَثَبَتَتْ عَلَيْهَا وِلَايَةٌ، أَوْ غَيْرُهَا مِمَّا يُسْقِطُ عَنْهَا الِالْتِزَامَ لَزِمَ ذَلِكَ الضَّامِنَ وَقَضَى عَلَيْهِ بِهِ وَأَنْكَرَ أَبُو عَبْدِ اللَّهِ الْفَخَّارُ قَوْلَهُ هَذَا، وَقَالَ: إذَا سَقَطَ الِالْتِزَامُ عَنْ الْمَضْمُونِ بِثُبُوتِ ضَرَرٍ سَقَطَ عَنْ الضَّامِنِ إذَا لَمْ يَرْتَبِطْ بِذِمَّتِهَا حَقٌّ؛ لِأَنَّهُ قَدْ ثَبَتَ مَا أُسْقِطَ عَنْهَا، وَكَذَلِكَ الضَّامِنُ؛ لِأَنَّهُ ضَمِنَ مَا ظَنَّهُ لَازِمًا لِلْمَضْمُونِ عَنْهَا وَإِذَا سَقَطَ الْأَصْلُ فَالْفَرْعُ، أَوْلَى بِالسُّقُوطِ انْتَهَى وَكَأَنَّ ابْنَ الْفَخَّارِ أَنْكَرَ عُمُومَ قَوْلِهِ، أَوْ غَيْرِهَا فَأَخْرَجَ مِنْ ذَلِكَ ثُبُوتَ الضَّرَرِ، وَبَقِيَ مَا عَدَاهُ وَيُقَيَّدُ بِمَا فِي النَّوَادِرِ مِنْ أَنَّ الْمَضْمُونَ لَهُ لَمْ يَعْلَمْ بِمُوجِبِ السُّقُوطِ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلِلزَّوْجِ رَدُّهُ مِنْ زَوْجَتِهِ)
ش: ظَاهِرُهُ وَلَوْ كَانَ الْمَالُ الَّذِي عَلَى الْمَضْمُونِ دُونَ ثُلُثِهَا، وَهُوَ ظَاهِرُ مَا ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ، وَالشَّامِلِ وَابْنُ عَرَفَةَ عَنْ ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَقَبِلُوهُ وَزَادَ: وَلَوْ شَرَطَتْ عَدَمَ الْغُرْمِ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ: وَلَوْ تَكَفَّلَتْ ذَاتُ زَوْجٍ بِوَجْهِ رَجُلٍ عَلَى أَنْ لَا مَالَ عَلَيْهَا فَلِزَوْجِهَا رَدُّ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ يَقُولَ: قَدْ تُحْبَسُ وَأَمْتَنِعُ مِنْهَا وَتَخْرُجُ لِلْخُصُومَةِ، وَلَيْسَ ذَلِكَ عَلَى هَذَا فَيَمْتَنِعُ أَيْضًا تَحَمُّلُهَا بِالطَّلَبِ فَتَأَمَّلْهُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَإِنْ بِسَجْنٍ)
ش: قَالَ الْمَازِرِيُّ: " فِي وَعَلَى " أَثْنَاءِ كَلَامِهِ وَلَوْ سَلَّمَ الْكَفِيلُ الْغَرِيمَ وَهُوَ مَحْبُوسٌ فِي حَبْسِ الْقَاضِي فَإِنَّ هَذَا التَّسْلِيمَ يُسْقِطُ الْكَفَالَةَ لِكَوْنِ الْمُتَكَفَّلِ لَهُ يَتَمَكَّنُ مِنْ طَلَبِهِ، وَهُوَ فِي الْحَبْسِ بِمُحَاكَمَتِهِ عِنْدَ الْقَاضِي الَّذِي حَبَسَهُ حَتَّى يُمَكِّنَهُ مِنْ حَقِّهِ وَيَقْضِيَ بِذَلِكَ عَلَى الْمَحْبُوسِ، وَإِنْ وَجَبَ حَبْسُهُ زَادَ فِي مِقْدَارِ أَمَدِ الْحَبْسِ لِأَجْلِ هَذَا الطَّلَبِ الثَّانِي بِحَسَبِ مَا يَقْتَضِيهِ الِاجْتِهَادُ اهـ.
وَتَقَدَّمَ كَلَامُهُ هَذَا عِنْدَ قَوْلِ الْمُؤَلِّفِ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ: وَأَخْرَجَ لَحَدٍّ بِمَعْنًى آخَرَ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْبَاجِيُّ: وَلَوْ كَانَ حَبْسُهُ فِي دَمٍ، أَوْ دَيْنٍ، أَوْ غَيْرِهِ وَيَكْفِي قَوْلُهُ بَرِئْت مِنْهُ إلَيْك وَهُوَ بِالسِّجْنِ فَشَأْنُك بِهِ كَأَنْ سَجَنَهُ فِي حَقٍّ، أَوْ تَعَدِّيًا قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ (قُلْت) : فِي التَّعَدِّي نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ مَظِنَّةٌ لِإِخْرَاجِهِ بِدَفْعِ التَّعَدِّي عَنْهُ اهـ.
ص (إنْ أَمَرَهُ بِهِ)
ش: مَفْهُومُهُ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَأْمُرْهُ بِهِ لَا يَبْرَأُ وَهُوَ كَذَلِكَ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ الْمَوَّازِيَّةِ: فَهَذَا إذَا لَمْ يُرِدْ الطَّالِبُ قَبُولَهُ حَتَّى يُسَلِّمَهُ لَهُ الْحَمِيلُ وَلَوْ قَبِلَهُ بَرِئَ كَمَنْ دَفَعَ دَيْنًا عَنْ أَجْنَبِيٍّ لِلطَّالِبِ أَنْ لَا يَقْبَلَهُ إلَّا بِتَوْكِيلِ الْغَرِيمِ وَلَهُ قَبُولُهُ فَيَبْرَأُ، زَادَ الصَّقَلِّيُّ عَنْ مُحَمَّدٍ إنْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ أَنْ يَكُونَ الْحَمِيلُ أَمَرَهُ بِدَفْعِ نَفْسِهِ إلَيْهِ فَإِنْ أَشْهَدَ لَهُ بِذَلِكَ أَحَدًا بَرِئَ الْحَمِيلُ اهـ.
وَفِي الشَّامِلِ: وَلَوْ أَنْكَرَ الطَّالِبُ أَمْرَهُ لَهُ بَرِئَ إنْ أَشْهَدَ لَهُ أَحَدًا اهـ.
ص (وَبِغَيْرِ بَلَدِهِ)
ش: يَصِحُّ أَنْ يَعُودَ الضَّمِيرُ عَلَى
الِاشْتِرَاطِ الْمَفْهُومِ مِنْ قَوْلِهِ إنْ لَمْ يَشْتَرِطْ وَلَعَلَّ الْمُصَنِّفَ رَجَّحَ هَذَا الْقَوْلَ لِقَوْلِ الْمَازِرِيِّ: إنَّهُ يُلَاحَظُ فِيهِ مَسْأَلَةُ الشُّرُوطِ الَّتِي لَا تُفِيدُ وَكَوْنُهُ قَدْ يُفِيدُ فِي بَعْضِ الصُّوَرِ كَمَا ذَكَرَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ لَا يَمْنَعُ ذَلِكَ؛ لِأَنَّ الصُّورَةَ النَّادِرَةَ لَا تُرَاعَى، وَالْمَعْنَى أَنَّهُ إذَا اشْتَرَطَ الطَّالِبُ عَلَى الْحَمِيلِ أَنْ يُحْضِرَ لَهُ الْمِدْيَانَ بِبَلَدِهِ فَأَحْضَرَهُ فِي غَيْرِهِ؛ فَإِنَّهُ يَبْرَأُ إنْ كَانَ الْمَوْضِعُ الَّذِي أَحْضَرَهُ فِيهِ تَأْخُذُهُ فِيهِ الْأَحْكَامُ وَإِذَا حُمِلَ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ عَلَى هَذَا كَانَتْ مَسْأَلَةُ الْمُدَوَّنَةِ مَفْهُومَةً مِنْهُ بِالْأَحْرَوِيَّةِ وَهِيَ مَا إذَا لَمْ يَشْتَرِطْ إحْضَارَهُ فِي مَوْضِعٍ مُعَيَّنٍ فَأَحْضَرَهُ الْحَمِيلُ فِي غَيْرِ الْبَلَدِ الَّذِي وَقَعَ فِيهَا الضَّمَانُ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (.
وَلَا يَسْقُطُ بِإِحْضَارِهِ إنْ حَكَمَ)
ش: أَيْ إنْ حَكَمَ بِالْغُرْمِ وَلَوْ لَمْ يَغْرَمْ عَلَى الْمَشْهُورِ، وَأَمَّا لَوْ دَفَعَ الْمَالَ قَبْلَ إحْضَارِهِ مَضَى اتِّفَاقًا قَالَهُ فِي الشَّامِلِ، وَأَصْلُهُ فِي التَّوْضِيحِ وَعَلَى الْمَشْهُورِ فَرَبُّ الدَّيْنِ مُخَيَّرٌ فِي اتِّبَاعِ الْغَرِيمِ الْحَاضِرِ، أَوْ الْحَمِيلِ الْمَحْكُومِ عَلَيْهِ بِالْغُرْمِ قَالَهُ ابْنُ يُونُسَ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ.
ص.
(وَلَوْ بِغَيْرِ بَلَدِهِ)
ش: هَذَا مَذْهَبُ الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْحَمَالَةَ تَسْقُطُ بِمَوْتِ الْمِدْيَانِ مُطْلَقًا سَوَاءٌ مَاتَ فِي بَلَدِهِ، أَوْ فِي غَيْرِ بَلَدِهِ مِنْ غَيْرِ تَفْصِيلٍ.
ص (وَرَجَعَ بِهِ)
ش: يَعْنِي إذَا غَرِمَ الْحَمِيلُ ثُمَّ أَثْبَتَ بِبَيِّنَةٍ أَنَّ الْغَرِيمَ قَدْ مَاتَ فِي غَيْبَتِهِ قَبْلَ الْقَضَاءِ رَجَعَ الْحَمِيلُ بِمَا أَدَّى عَلَى رَبِّ الدَّيْنِ كَمَا قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَانْظُرْ إذَا غَرِمَ ثُمَّ أَثْبَتَ أَنَّهُ كَانَ عَدِيمًا قَبْلَ الْقَضَاءِ هَلْ يَرْجِعُ أَمْ لَا، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَغَرِمَ إنْ فَرَّطَ، أَوْ هَرَّبَهُ وَعُوقِبَ)
ش: ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ يَجْمَعُ بَيْنَ التَّغْرِيمِ وَالْعُقُوبَةِ، وَاَلَّذِي فِي الرِّوَايَةِ أَنَّهُ يُحْبَسُ إذَا حَصَلَ مِنْهُ تَفْرِيطٌ فِي الطَّلَبِ حَتَّى يَجْتَهِدَ فِي ذَلِكَ وَأَمَّا إذَا ثَبَتَ تَفْرِيطُهُ فِيهِ بِأَنْ يَكُونَ لَقِيَهُ وَتَرَكَهُ، أَوْ غَيَّبَهُ وَهَرَّبَهُ فَإِنَّهُ يَغْرَمُ الْمَالَ فَقَطْ، وَلَمْ يَذْكُرْ فِي ذَلِكَ عُقُوبَةً
ص (وَأَذِينٌ)
ش: هُوَ بِالذَّالِ الْمُعْجَمَةِ قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ وَالْأَذِينُ
مَأْخُوذٌ مِنْ قَوْله تَعَالَى {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكَ لَيَبْعَثَنَّ عَلَيْهِمْ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ} [الأعراف: 167] وَمِنْ قَوْلِهِ {وَإِذْ تَأَذَّنَ رَبُّكُمْ لَئِنْ شَكَرْتُمْ لأَزِيدَنَّكُمْ} [إبراهيم: 7] قَالَ الشَّاعِرُ:
فَقُلْت قَرِّي وَغُضِّي اللَّوْمَ إنِّي
…
أَذِينٌ بِالتَّرَحُّلِ وَالْأُفُولِ
وَقَالَ امْرُؤُ الْقَيْسِ:
وَإِنِّي أَذِينٌ إنْ رَجَعْتُ مُمَلَّكًا
…
بِسَيْرٍ تَرَى فِيهِ الْفُرَانِقَ أَزْوَرَا
، وَإِنَّمَا كَانَ الْأَذِينُ بِمَعْنَى الْحَمِيلِ؛ لِأَنَّ الْأَذِينَ وَالْأَذَانَ وَالْإِذْنَ وَمَا تَصَرَّفَ مِنْ ذَلِكَ إنَّمَا هُوَ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ، فَلَمَّا كَانَ ذَلِكَ بِمَعْنَى الْإِعْلَامِ الَّذِي لَا يَكُونُ إلَّا بِمَعْلُومٍ مُتَيَقَّنٍ لَا يَصِحُّ أَنْ يُوجَدَ بِخِلَافِهِ إذْ هُوَ مِنْ الْعِلْمِ الَّذِي هُوَ مَعْرِفَةُ الْمَعْلُومِ عَلَى مَا هُوَ بِهِ بِخِلَافِ الْإِخْبَارِ الَّذِي يَصِحُّ أَنْ يُؤْخَذَ بِخِلَافِ مُخْبِرِهِ لِمَا يَدْخُلُهُ مِنْ الصِّدْقِ وَالْكَذِبِ فَكَانَ قَوْلُ الرَّجُلِ: أَنَا أَذِينٌ بِمَا لِفُلَانٍ عَلَى فُلَانٍ إيجَابٌ مِنْهُ عَلَى نَفْسِهِ أَدَاءَ الْمَالِ إلَيْهِ إذْ لَا يُسْتَعْمَلُ ذَلِكَ اللَّفْظُ إلَّا فِي الْوَاحِدِ الْمُتَيَقَّنِ اهـ.
ص.
(وَلَمْ يَجِبْ وَكِيلٌ لِخُصُومَةٍ)
ش: أَيْ يُخَاصِمُ عَنْهُ وَيَسْمَعُ الْبَيِّنَةَ.
ص (إلَّا بِشَاهِدٍ)
ش: الِاسْتِثْنَاءُ رَاجِعٌ لِمَسْأَلَةِ الْكَفِيلِ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَفِي كِتَابِ الشَّهَادَاتِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ خِلَافُ هَذَا وَأَنَّهُ يَجِبُ الْكَفِيلُ بِالْوَجْهِ وَلَوْ لَمْ يَأْتِ بِشَاهِدٍ، وَقَدْ ذَكَرَ الْمُصَنِّفُ كَلَامَ الْمُدَوَّنَةِ فِي بَابِ الشَّهَادَاتِ وَذَكَرَ كَلَامَ الشُّيُوخِ عَلَيْهِ هَلْ هُوَ خِلَافٌ، أَوْ وِفَاقٌ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.