الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
فَرْعٌ) : إذَا وَكَّلَ عَبْدًا عَلَى عَمَلٍ وَطَلَبَ سَيِّدُهُ الْأُجْرَةَ فَقَالَ فِي كِتَابِ السَّلَمِ الثَّانِي مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ وَكَّلَ عَبْدًا مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ أَوْ مَحْجُورًا عَلَيْهِ يُسْلِمُ لَهُ فِي طَعَامٍ فَفَعَلَ فَذَلِكَ جَائِزٌ أَبُو الْحَسَنِ قَالَ ابْنُ مُحْرِزٍ أَمَّا الْمَأْذُونُ لَهُ فَلَا أُجْرَةَ لَهُ عَلَى مَنْ وَكَّلَهُ فِي ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ كَأَنَّهُ مَأْذُونٌ لَهُ فِي هَذَا الْمِقْدَارِ الْخَفِيفِ أَلَا تَرَى أَنَّهُ قَدْ يُودَعُ فَيَحْفَظُ الْوَدِيعَةَ بِغَيْرِ إذْنِ سَيِّدِهِ، وَلَا يَكُونُ لَهُ فِي ذَلِكَ أَجْرٌ.
وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَكُونَ لَهُ الْأُجْرَةُ يَدْفَعُهَا مَنْ وَكَّلَهُ إلَى سَيِّدِهِ الشَّيْخِ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَمَلُهُ ذَلِكَ لَا خَطْبَ لَهُ لِكَوْنِ الْمُسْلَمِ إلَيْهِ أَتَى إلَى مَنْزِلِ هَذَا الْعَبْدِ، فَلَا يَكُونُ لَهُ أُجْرَةٌ كَمَا قَالَ فِي كِتَابِ الْإِجَارَةِ كَمُنَاوَلَةِ الْقَدَحِ وَالنَّعْلِ انْتَهَى. وَفِي شَرْحِ الْمَازِرِيِّ عَلَى التَّلْقِينِ فِي آخِرِ السُّؤَالِ الثَّالِثِ مِنْ فَصْلِ الْوَكَالَةِ، وَقَدْ أَجَازَ فِي الْكِتَابِ وَكَالَةَ الْعَبْدِ لَكِنْ لَوْ وَكَّلَ عَبْدًا أَجْنَبِيٌّ وَالْعَبْدُ الْوَكِيلُ مَحْجُورٌ عَلَيْهِ لَكَانَ لِسَيِّدِهِ طَلَبُ إجَارَتِهِ فِيمَا تَوَلَّى مِنْ سَعْيٍ فِي الْعَقْدِ لِكَوْنِ سَعْيِهِ وَمَنَافِعِهِ يَمْلِكُهَا عَلَيْهِ، فَلَيْسَ لِغَيْرِهِ أَنْ يَتَمَلَّكَهَا، وَلَا أَنْ يَنْتَفِعَ بِهَا دُونَ سَيِّدِهِ، وَأَمَّا إنْ كَانَ الْعَبْدُ مَأْذُونًا لَهُ فِي التِّجَارَةِ وَالسَّعْيِ فِي مِثْلِ هَذَا، وَالنِّيَابَةُ فِيهِ مِنْ مَصَالِحِ تِجَارَتِهِ وَمِنْ جُمْلَةِ مَا تَضَمَّنَهُ إذْنُ السَّيِّدِ لَهُ فِيهِ، فَإِنَّهُ لَا أُجْرَةَ عَلَى مَنْ وَكَّلَهُ انْتَهَى وَنَحْوُهُ لِلَّخْمِيِّ.
[كِتَابُ الْإِقْرَارِ]
ص (كِتَابُ الْإِقْرَارِ)
ش: قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَهَذِهِ الْمَادَّةُ وَهِيَ الْإِقْرَارُ وَالْقَرَارُ وَالْقَرُّ وَالْقَارُورَةُ وَنَحْوُ ذَلِكَ مِنْ السُّكُونِ وَالثُّبُوتِ؛ لِأَنَّ الْإِقْرَارَ يُثْبِتُ الْحَقَّ وَالْمُقِرُّ أَثْبَتَ الْحَقَّ عَلَى نَفْسِهِ وَالْقَرَارُ السُّكُونُ وَالْقَرُّ الْبَرْدُ وَهُوَ يُسْكِنُ الدِّمَاءَ وَالْأَعْضَاءَ وَالْقَارُورَةُ يَسْتَقِرُّ فِيهَا مَائِعٌ انْتَهَى. وَمِنْهَا قَاعِدَةُ الْإِقْرَارِ وَالدَّعْوَى وَالشَّهَادَةِ كُلُّهَا إخْبَارَاتٌ، وَالْفَرْقُ بَيْنَهَا أَنَّ الْإِخْبَارَ إنْ كَانَ يَقْتَصِرُ حُكْمُهُ عَلَى قَائِلِهِ، فَهُوَ الْإِقْرَارُ وَإِنْ لَمْ يَقْتَصِرْ، فَإِمَّا أَنْ لَا يَكُونَ لِلْمُخْبِرِ فِيهِ نَفْعٌ وَهُوَ الشَّهَادَةُ أَوْ يَكُونَ وَهُوَ الدَّعْوَى انْتَهَى وَقَالَ السُّبْكِيُّ: فِي نُكَتِهِ فِي تَفْسِيرِ الْقُرْآنِ الْعَظِيمِ قَوْله تَعَالَى {ثُمَّ أَقْرَرْتُمْ وَأَنْتُمْ تَشْهَدُونَ} [البقرة: 84] يَدُلُّ عَلَى تَغَايُرِ الْإِقْرَارِ وَالشَّهَادَةِ انْتَهَى وَفِيهِ خِلَافٌ وَفِي الْمُدَوَّنَةِ أَنَّ الْإِقْرَارَ شَهَادَةٌ وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ: الْإِقْرَارُ لَمْ يُعَرِّفُوهُ وَكَأَنَّهُ عِنْدَهُمْ بَدِيهِيٌّ وَمَنْ أَنْصَفَ لَمْ يَدَّعِ بَدَاهَتَهُ؛ لِأَنَّ مُقْتَضَى حَالِ مُدَّعِيهَا أَنَّهُ قَوْلٌ يُوجِبُ حَقًّا عَلَى قَائِلِهِ وَالْأَظْهَرُ أَنَّهُ نَظَرِيٌّ فَيُعَرَّفُ بِأَنَّهُ خَبَرٌ يُوجَبُ حُكْمَ صِدْقِهِ عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ بِلَفْظِهِ أَوْ بِلَفْظِ نَائِبِهِ فَيَدْخُلُ إقْرَارُ الْوَكِيلِ وَتَخْرُجُ الْإِنْشَاءَاتُ كَبِعْت وَطَلَّقْت وَنُطْقِ الْكَافِرِ بِالشَّهَادَتَيْنِ وَلَازِمِهِمَا عَنْهَا لَا الْإِخْبَارُ كَكُنْتُ بِعْت وَطَلَّقْت وَأَسْلَمْت وَنَحْوِ ذَلِكَ وَالرِّوَايَةُ وَالشَّهَادَةُ وَقَوْلُهُ زَيْدٌ زَانٍ؛ لِأَنَّهُ وَإِنْ أَوْجَبَ حُكْمًا عَلَى قَائِلِهِ فَقَطْ، فَلَيْسَ لَهُ هُوَ حُكْمُ مُقْتَضَى صِدْقِهِ.
ص (يُؤَاخَذُ الْمُكَلَّفُ بِلَا حَجْرٍ بِإِقْرَارِهِ)
ش: خَرَجَ بِالْمُكَلَّفِ إقْرَارُ الْمُكْرَهِ، فَإِنَّهُ غَيْرُ مُكَلَّفٍ عَلَى الصَّحِيحِ وَقَالَ الْقُرْطُبِيُّ فِي شَرْحِ مُسْلِمٍ: فِي آخِرِ بَابِ الدِّيَاتِ شَرْطُ صِحَّةِ الْإِقْرَارِ أَنْ لَا يَكُونَ بِإِكْرَاهٍ، وَأَمَّا الْمَحْبُوسُ وَالْمُتَهَدِّدُ فَاخْتُلِفَ فِي أَخْذِهِ بِإِقْرَارِهِ وَاضْطَرَبَ الْمَذْهَبُ فِي إقْرَارِهِ بَعْدَ الْحَبْسِ وَالتَّهْدِيدِ هَلْ يُقْبَلُ جُمْلَةً أَوْ لَا يُقْبَلُ جُمْلَةً أَوْ الْفَرْقُ فَيُقْبَلُ إذَا عَيَّنَ مَا اعْتَرَفَ بِهِ مِنْ قَتْلٍ وَسَرِقَةٍ أَوْ لَا يُقْبَلُ إذَا لَمْ يُعَيِّنْ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ انْتَهَى. وَقَالَ الدَّمَامِينِيُّ فِي شَرْحِ الْبُخَارِيِّ فِي قَوْلِهِ زَمِّلُونِي فَزَمَّلُوهُ حَتَّى ذَهَبَ عَنْهُ الرَّوْعُ وَعَنْ الْإِمَامِ
مَالِكٍ إنَّ الْمَذْعُورَ لَا يَلْزَمُهُ مَا صَدَرَ مِنْهُ فِي حَالِ ذُعْرِهِ مِنْ بَيْعٍ وَإِقْرَارٍ وَغَيْرِهِ انْتَهَى بِلَفْظِهِ (مَسْأَلَةٌ) امْرَأَةٌ ادَّعَتْ عَلَى أَخِيهَا بِمِيرَاثِهَا مِنْ أَبِيهَا فِي أَمْلَاكٍ سَمَّتْهَا فَقَالَ وَكِيلُ الْأَخِ: إنَّ أَخَاهَا قَدْ قَاسَمَهَا جَمِيعَ الْأَمْلَاكِ وَقَبَضَتْ حِصَّتَهَا مِنْ ذَلِكَ فَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ: إنْ كَانَ الْأَخُ جَعَلَ لِوَكِيلِهِ الْإِقْرَارَ فَقَوْلُهُ إنَّ مُوَكِّلَهُ قَدْ قَاسَمَ أُخْتَهُ فِي جَمِيعِ الْأَمْلَاكِ الَّتِي وُقِفَ عَلَيْهَا إقْرَارٌ مِنْهُ عَلَيْهِ بِمُشَارَكَةِ أُخْتِهِ لَهُ فِي جَمِيعِهَا، فَيُقْضَى لَهَا بِمِيرَاثِهَا فِي سَائِرِهَا إنْ كَانَتْ فِي يَدَيْهِ انْتَهَى. وَفِي مَسَائِلِ الْأَقْضِيَةِ مِنْ الْبُرْزُلِيِّ عَنْ ابْنِ أَبِي زَيْدٍ أَنَّ مَنْ طَلَبَتْ مِنْهُ أُخْتُهُ مِيرَاثَهَا مِنْ أَمْلَاكِ أَبِيهَا فَقَالَ: بِيَدَيَّ رَبْعٌ مَلَكْتُهُ مِنْ أَبِي وَرَبْعٌ مَلَكْتُهُ بِكَسْبِي وَغَفَلَ عَنْهُ حَتَّى مَاتَ إنَّ عَلَى وَرَثَتِهِ إثْبَاتَ مَا ادَّعَى أَنَّهُ اسْتَفَادَهُ بَعْدَ مَوْتِ أَبِيهِ وَإِلَّا حَلَفَتْ مَا عَلِمَتْ بِمَا اسْتَفَادَهُ وَقُسِّمَ بَيْنَهُمَا انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : قَالَ فِي الْكَافِي فِي كِتَابِ الْوَكَالَةِ عَنْ ابْنِ خُوَيْزِ مَنْدَادٍ: وَقَدْ اتَّفَقَ الْفُقَهَاءُ فِيمَنْ قَالَ: مَا أُقِرَّ بِهِ عَلَى فُلَانٍ فَهُوَ لَازِمٌ لِي إنَّهُ لَا يَلْزَمُهُ انْتَهَى.
(فَرْعٌ) : يَتَعَلَّقُ بِحُكْمِ الْإِقْرَارِ بِالْمُجْمَلِ قَالَ فِي وَثَائِقِ الْجَزِيرِيِّ فِي إقْرَارِ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ وَالسَّيِّدُ لِأُمِّ وَلَدِهِ يَقُولُ: أَشْهَدَ فُلَانٌ أَنَّ جَمِيعَ مَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ بَابُ الْبَيْتِ الَّذِي يَسْكُنُهُ مَعَ زَوْجَتِهِ فُلَانَةُ أَوْ مَعَ أُمِّ وَلَدِهِ مِنْ الْوِطَاءِ وَالْغِطَاءِ وَالثِّيَابِ وَالتَّوَابِيتِ وَالْمَوَاعِينِ وَالْحُلِيِّ وَالْأَثَاثِ لِزَوْجَتِهِ فُلَانَةَ مَالُهَا، وَمِنْ كَسْبِ يَدِهَا لَا حَقَّ لِي مَعَهَا فِي شَيْءٍ مِنْهُ بِوَجْهٍ مِنْ الْوُجُوهِ، ثُمَّ قَالَ فِيهِ يَجُوزُ إقْرَارُ الزَّوْجِ لِزَوْجَتِهِ وَالسَّيِّدِ لِأُمِّ وَلَدِهِ، فَإِنْ سَمَّى مَا أَقَرَّ بِهِ كَانَ أَتَمَّ، وَإِنْ أَجْمَلَ جَازَ، فَإِنْ مَاتَ وَادَّعَى الْوَرَثَةُ أَنَّهُ لِلْمَيِّتِ اكْتَسَبَهُ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، فَعَلَيْهِمْ الْبَيِّنَةُ، وَلَا يَمِينَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يَقْطَعُوا أَنَّهُ اكْتَسَبَ شَيْئًا مَعْلُومًا يُسَمُّونَهُ بَعْدَ تَارِيخِ الْإِشْهَادِ فَلَهُمْ عَلَيْهَا الْيَمِينُ، وَلَهَا رَدُّهَا عَلَيْهِمْ انْتَهَى.
قَالَهُ فِي بَابِ الْوَصَايَا فَصَرِيحُ كَلَامِهِ أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمُجْمَلِ يَصِحُّ وَلِابْنِ رُشْدٍ فِي رَسْمِ إنْ خَرَجَتْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ الثَّانِي مَا يُخَالِفُهُ وَنَصُّ السَّمَاعِ مَسْأَلَةٌ وَسُئِلَ عَنْ الَّذِي يَشْهَدُ لِامْرَأَتِهِ أَنَّ كُلَّ شَيْءٍ يُغْلَقُ عَلَيْهِ بَابُ بَيْتِهَا، فَهُوَ لَهَا إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى لَهَا مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ شَيْئًا وَأَشْهَدَ لَهَا، فَقَالَ سَوَاءٌ أَشْهَدَ لَهَا أَوْ لَمْ يُشْهِدْ لَهَا مَا فِي الْبَيْتِ مِمَّا يُعْرَفُ أَنَّهُ مَتَاعُ النِّسَاءِ، فَهُوَ لَهَا أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهِ لَهَا قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: الْمَعْنَى فِي هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ أَنَّ الْمُشْهِدَ لِامْرَأَتِهِ بِهَذِهِ الشَّهَادَةِ تُوُفِّيَ، فَقَامَتْ تَدَّعِي مَا فِي الْبَيْتِ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ وَالرِّجَالِ فَلَمْ يَرَ لَهَا فِيمَا أَشْهَدَ لَهَا بِهِ مَنْفَعَةً إذَا لَمْ يَشْهَدْ لَهَا عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ أَنَّهُ لَهَا، وَإِنَّمَا أَشْهَدَ لَهَا بِمَا فِي بَيْتِهَا، وَلَعَلَّ مَا تَدَّعِيهِ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا يَوْمَ الْإِشْهَادِ، فَقَالَ سَوَاءٌ أَشْهَدَ لَهَا، أَوْ لَمْ يُشْهِدْ لَهَا مَا فِي الْبَيْتِ مِمَّا يَعْرِفُ أَنَّهُ مِنْ مَتَاعِ النِّسَاءِ فَهُوَ لَهَا يُرِيدُ، وَمَا كَانَ فِيهِ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ فَهُوَ لِوَرَثَتِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى لَهَا مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ شَيْئًا فَأَشْهَدَ لَهَا أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهِ لَهَا وَفِي قَوْلِهِ إلَّا أَنْ يَكُونَ اشْتَرَى لَهَا إلَى آخِرِ قَوْلِهِ دَلِيلٌ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَشْهَدَ لَهَا عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ أَنَّهُ لَهَا لَمْ يَكُنْ لَهَا، وَفِي ذَلِكَ نَظَرٌ؛ لِأَنَّهُ إنْ لَمْ يَعْلَمْ أَصْلَ الْمِلْكِ لَهُ صَحَّ الْإِقْرَارُ لَهَا، وَإِنْ عَلِمَ أَصْلَ الْمِلْكِ لَهُ كَانَ إقْرَارُهُ هِبَةً تَصِحُّ لَهَا بِحِيَازَتِهَا إيَّاهَا لِكَوْنِهَا فِي بَيْتِهَا، وَتَحْتَ يَدِهَا إلَّا مَا فِي سَمَاعِ أَشْهَبَ مِنْ كِتَابِ الصَّدَقَاتِ وَالْهِبَاتِ فِي نَحْوِ هَذِهِ الْحِيَازَةِ إنَّ هَذَا آلَ إلَى الضَّعْفِ وَهُوَ الْقِيَاسُ عَلَى مَذْهَبِ ابْنِ الْقَاسِمِ؛ لِأَنَّ يَدَ الزَّوْجِ عِنْدَهُ هِيَ الْمُغَلَّبَةُ عَلَى يَدِ الزَّوْجَةِ إذَا اخْتَلَفَا فِيمَا هُوَ مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ وَالنِّسَاءِ وَلَوْ قَامَتْ فِي حَيَاتِهِ تَدَّعِي مَا فِي بَيْتِهَا مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ وَتَحْتَجُّ بِمَا أَشْهَدَ لَهَا بِهِ مِنْ أَنَّ جَمِيعَ مَا فِي بَيْتِهَا لَهَا فَنَاكَرَهَا فِي ذَلِكَ.
وَادَّعَى لِنَفْسِهِ وَزَعَمَ أَنَّهُ لَمْ يَكُنْ فِي بَيْتِهَا يَوْمَ أَشْهَدَ لَهَا بِمَا أَشْهَدُوا أَنَّهُ إنَّمَا اكْتَسَبَهُ بَعْدَ ذَلِكَ لَوَجَبَ أَنْ يَنْفَعَهَا الْإِشْهَادُ، وَيَكُونُ الْقَوْلُ قَوْلَهَا مَعَ يَمِينِهَا إلَّا أَنْ يُقِيمَ هُوَ الْبَيِّنَةَ أَنَّهُ اكْتَسَبَ ذَلِكَ بَعْدَ الْإِشْهَادِ، وَيُحْتَمَلُ أَنْ يَكُونَ مَعْنَى الْمَسْأَلَةِ أَنَّهُ أَشْهَدَ لَهَا بِذَلِكَ فِي مَرَضِهِ الَّذِي مَاتَ فِيهِ فَلَا يَكُونُ فِي بُطْلَانِ الشَّهَادَةِ إشْكَالٌ وَلَا فِي أَنَّهَا لَا يَكُونُ لَهَا مِنْ مَتَاعِ الرِّجَالِ إلَّا مَا أَشْهَدَ عِنْدَ اشْتِرَائِهِ أَنَّهُ إنَّمَا يَشْتَرِيهِ لَهَا فَلَا كَلَامَ
انْتَهَى فَقَوْلُهُ فَلَمْ يَرَ لَهَا فِيمَا أَشْهَدَ لَهَا بِهِ مَنْفَعَةً إذْ لَمْ يُشْهِدْ لَهَا عَلَى شَيْءٍ بِعَيْنِهِ إلَى آخِرِ كَلَامِهِ صَرِيحٌ فِي أَنَّ الْإِقْرَارَ بِالْمُجْمَلِ لَا يَصِحُّ وَنَقَلَ ابْنُ سَلْمُونٍ فِي وَثَائِقِهِ فِي بَابِ الْوَصَايَا فِيهِ الْخِلَافَ عَنْ ابْنِ رُشْدٍ وَغَيْرِهِ وَنَصُّهُ بَعْدَ أَنْ تَكَلَّمَ عَلَى أُمِّ الْوَلَدِ، فَإِنْ قَالَ فِي مَرَضِهِ هَذِهِ وَلَدَتْ مِنِّي وَلَا وَلَدَ لَهَا فَإِنْ كَانَ لَهُ وَلَدٌ مِنْ غَيْرِهَا جَازَ إقْرَارُهُ وَعَتَقَتْ مِنْ رَأْسِ مَالِهِ وَإِلَّا لَمْ يُصَدَّقْ وَرَقَّتْ، وَكَذَلِكَ إذَا مَاتَ سَيِّدُهَا، وَقَدْ كَانَ أَقَرَّ لَهَا فِي صِحَّتِهِ بِجَمِيعِ مَا فِي بَيْتِهَا مِنْ الثِّيَابِ وَالْمَاعُونِ وَالْحُلِيِّ وَالْقَلِيلِ وَالْكَثِيرِ، فَإِنَّهُ يَكُونُ لَهَا، وَكَذَلِكَ إنْ أَشْهَدَ لَهَا بِهِ مُجْمَلًا وَإِنْ لَمْ يُشْهِدْ لَهَا بِذَلِكَ، فَلَا يَكُونُ لَهَا إلَّا الشَّيْءُ الْخَفِيفُ مِثْلُ كِسْوَتِهَا وَشِبْهُ ذَلِكَ وَإِنْ ادَّعَتْهُ وَكَانَ مِنْ زِيِّهَا وَهِيَ فِي ذَلِكَ بِخِلَافِ الْحُرَّةِ وَيَكْتُبُ فِي ذَلِكَ عَقْدًا أَشْهَدَ فُلَانٌ عَلَى نَفْسِهِ أَنَّهُ بَرِئَ مِنْ أُمِّ وَلَدِهِ فُلَانَةَ مِنْ عَلَقِهِ كُلِّهَا وَتَبِعَاتِهِ أَجْمَعْهَا وَأَقَرَّ أَنَّهُ لَا مَرْفُوعَ لَهُ عِنْدَهَا وَلَا مُودَعَ وَلَا فِي ذِمَّتِهَا، وَلَا فِي أَمَانَتِهَا وَأَنَّ مَا يُغْلَقُ عَلَيْهِ مَوْضِعُ سُكْنَاهَا مَعَهُ مِنْ الْأَثَاثِ وَالْمَتَاعِ وَمَا بِيَدِهَا مِنْ الْحُلِيِّ وَغَيْرِهِ مِمَّا هُوَ شَاكِلَةُ النِّسَاءِ، فَهُوَ مَالُهَا وَمَتَاعُهَا لَا حَقَّ لَهُ مَعَهَا فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ فَمَنْ ادَّعَى فِي شَيْءٍ مِنْ ذَلِكَ بِدَعْوَى أَوْ طَالَبَهَا بِمَطْلَبٍ بِسَبَبِهِ فِي حَيَاتِهِ أَوْ بَعْدَ وَفَاتِهِ فَمَطْلَبُهُ بَاطِلٌ وَدَعْوَاهُ كَاذِبَةٌ أَوْ قَصَدَ تَحْلِيفَهَا أَوْ تَحْنِيثَهَا، فَاَللَّهُ حَسِيبُهُ وَسَائِلُهُ إشْهَادًا صَحِيحًا، وَكَذَلِكَ تُعْقَدُ لِلزَّوْجَةِ إنْ نَسَبَهَا إلَى ذَلِكَ.
وَقَدْ اُخْتُلِفَ فِي مُوجِبِ هَذِهِ الْوَثِيقَةِ فَقَالَ ابْن زَرْبٍ ذَلِكَ لَهَا، وَيَصِحُّ إشْهَادُهُ بِذَلِكَ، وَلَا بُدَّ مِنْ الْيَمِينِ وَحُكِيَ أَنَّ بَعْضَ الشُّيُوخِ كَانَ يُفْتِي بِأَنْ لَا يَمِينَ عَلَيْهَا إلَّا أَنْ يُحَقِّقَ الْوَرَثَةُ عَلَيْهَا مَا يَجِبُ عَلَيْهَا فِيهِ الْيَمِينُ قَالَ: وَهُوَ ضَعِيفٌ وَلَا بُدَّ فِيهِ مِنْ الْيَمِينِ وَقَالَ ابْنُ رُشْدٍ: عَقْدُ مِثْلِ هَذِهِ الْوَثِيقَةِ لَا يَجُوزُ وَإِقْرَارُهُ لَا يَصِحُّ وَإِشْهَادُهُ وَعَدَمُ إشْهَادِهِ سَوَاءٌ، وَهَذَا كُلُّهُ إذَا كَانَ الْإِشْهَادُ فِي حَالِ الصِّحَّةِ، وَأَمَّا إذَا كَانَ الْإِشْهَادُ وَهُوَ مَرِيضٌ فَلَا خِلَافَ بَيْنَهُمْ أَنَّهُ لَا يَنْفُذُ وَسُئِلَ ابْنُ زَرْبٍ فِي ذَلِكَ أَيْضًا فَقَالَ: أَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِيِّهَا أَوْ زِيِّهِ فَلَا تَأْخُذُهُ إلَّا بَعْدَ يَمِينِهَا، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ زِيِّهَا فَإِنَّهَا تَأْخُذُهُ بِلَا يَمِينٍ وَأَفْتَى ابْنُ وَضَّاحٍ الْمُرْسِيُّ بِأَنَّ ذَلِكَ عَامٌّ إلَّا فِي الذَّهَبِ وَالْفِضَّةِ، وَأَمَّا مَا كَانَ مِنْ ثِيَابِهِ أَوْ زِيِّهِ أَوْ عُرُوضٍ أَوْ طَعَامٍ، فَهُوَ مَوْرُوثٌ إلَّا أَنْ يُعَيِّنَ ذَلِكَ فِي صِحَّتِهِ وَيُعَيِّنَهُ الشُّهُودُ انْتَهَى.
ص (لِأَهْلٍ لَمْ يُكَذِّبْهُ)
ش: اُحْتُرِزَ بِقَوْلِهِ لَمْ يُكَذِّبْهُ مِمَّا إذَا قَالَ: لَا أَعْلَمُ لِي عَلَيْكَ شَيْئًا، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: نَعَمْ لِي عَلَيْكَ فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ، فَإِنَّهُ لَا يَنْفَعُهُ إنْكَارُهُ.
نَقَلَهُ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ النَّوَادِرِ وَنَصُّ النَّوَادِرِ مَنْ أَقَرَّ أَنَّ لِفُلَانٍ عَلَيْهِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَقَالَ: مَا لِي عَلَيْكَ شَيْءٌ فَقَدْ بَرِئَ بِذَلِكَ فَإِنْ أَعَادَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ بِالْأَلْفِ فَقَالَ الْآخَرُ أَجَلْ هِيَ لِي عَلَيْكَ أَخَذْتُهُ بِهَا قَالَ سَحْنُونٌ: إذَا قَالَ لَكَ عَلَيَّ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ الْآخَرُ: مَا لِي عَلَيْك شَيْءٌ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ: هِيَ لِي عَلَيْكَ فَأَنْكَرَهَا الْمُقِرُّ فَالْمُقِرُّ مُصَدَّقٌ، وَلَا شَيْءَ لِلطَّالِبِ، وَلَكِنْ إنْ قَالَ الطَّالِبُ: مَا أَعْلَمُ لِي عَلَيْكَ شَيْئًا، ثُمَّ قَالَ نَعَمْ هِيَ لِي عَلَيْكَ فَأَنْكَرَ الْمُقِرُّ، فَهَهُنَا يَلْزَمُهُ الْيَمِينُ وَلَا يَنْفَعُهُ إنْكَارُهُ، وَإِنْ قَالَ هَذِهِ الْجَارِيَةُ غَصَبْتُهَا مِنْ فُلَانٍ فَقَالَ فُلَانٌ: لَيْسَتْ لِي لَمْ يَلْزَمْ الْمُقِرَّ شَيْءٌ فَإِنْ أَعَادَ الْإِقْرَارَ فَادَّعَاهَا الطَّالِبُ دُفِعَتْ إلَيْهِ، وَلَوْ قَالَ هَذَا الْعَبْدُ لَكَ فَقَالَ الْآخَرُ هُوَ لَيْسَ لِي، ثُمَّ قَالَ هُوَ لِي قَبْلَ أَنْ يُعِيدَ الْمُقِرُّ الْإِقْرَارَ لَمْ يَكُنْ لَهُ الْعَبْدُ وَلَمْ تُقْبَلْ بَيِّنَتُهُ عَلَيْهِ إنْ أَقَامَهَا؛ لِأَنَّهُ بَرِئَ مِنْهُ انْتَهَى. وَحَصَّلَ ابْنُ رُشْدٍ فِي ذَلِكَ ثَلَاثَةَ أَقْوَالٍ وَنَصَّهُ إثْرَ قَوْلِ الْعُتْبِيَّةِ فِي رَسْمِ يُوصَى مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الدَّعْوَى وَالصُّلْحِ وَسُئِلَ عَنْ الرَّجُلِ يَقُولُ لِلرَّجُلِ الْمِائَةُ دِينَارٍ الَّتِي اسْتَوْدَعْتُكَهَا فَيَقُولُ مَا اسْتَوْدَعْتنِيهَا وَلَكِنْ
أَعْطَيْتَنِيهَا قِرَاضًا، وَهَذِهِ مِائَةُ دِينَارٍ رَبِحْت فِيهَا فَلَكَ مِنْهَا خَمْسُونَ فَأَبَى أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسِينَ قَالَ: إنْ أَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا حَبَسَهَا وَاسْتَأْنَى سِنِينَ لَعَلَّهُ أَنْ يَأْخُذَهَا فَإِنْ أَبَى أَنْ يَأْخُذَهَا تَصَدَّقَ بِهَا قِيلَ لَهُ إنْ مَاتَ فَأَحَبَّ وَرَثَتُهُ أَنْ يَأْخُذُوهَا قَالَ: يَأْخُذُونَهَا إنْ شَاءُوا إذَا أَحَبَّ الْمُقِرُّ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِمْ قُلْت وَلَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِهَا إلَى وَرَثَتِهِ قَالَ: لَا يُقْضَى عَلَيْهِ بِدَفْعِهَا إلَيْهِمْ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: هَذِهِ مَسْأَلَةٌ يَتَحَصَّلُ فِيهَا ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ.
أَحَدُهَا: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسِينَ الَّتِي أَقَرَّ بِهَا إلَّا أَنْ يُكَذِّبَ نَفْسَهُ وَيَرْجِعَ إلَى تَصْدِيقِهِ وَهُوَ الَّذِي يَأْتِي عَلَى مَا لِابْنِ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ الرُّهُونِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَا لِأَشْهَبَ فِي كِتَابِ إرْخَاءِ السُّتُورِ مِنْهَا، وَهُوَ أَحَدُ قَوْلَيْ سَحْنُونٍ وَالثَّانِي: أَنَّهُ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَأْخُذَ الْخَمْسِينَ وَإِنْ رَجَعَ إلَى تَصْدِيقِهِ، وَكَذَّبَ نَفْسَهُ إلَّا أَنْ يَشَاءَ أَنْ يَدْفَعَهَا إلَيْهِ بِاخْتِيَارِهِ، وَهُوَ ظَاهِرُ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ هَهُنَا، وَفِي وَرَثَتِهِ إنْ مَاتَ وَنَصُّ مَا فِي رَسْمِ لَمْ يُدْرِكْ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ كِتَابِ النِّكَاحِ.
وَالثَّالِثُ أَنَّ لَهُ أَنْ يَأْخُذَهَا وَإِنْ كَانَ مُقِيمًا عَلَى الْإِنْكَارِ وَهُوَ قَوْلُ سَحْنُونٍ فِي نَوَازِلِهِ مِنْ كِتَابِ الِاسْتِلْحَاقِ وَإِنَّمَا يَكُونُ لَهُ عَلَى الْقَوْلِ بِأَنْ يَأْخُذَهَا إنْ كَذَّبَ نَفْسَهُ وَرَجَعَ إلَى تَصْدِيقِ صَاحِبِهِ مَا لَمْ يَسْبِقْهُ صَاحِبُهُ بِالرُّجُوعِ إلَى قَوْلِهِ وَتَكْذِيبِ نَفْسِهِ فَتَحَصَّلَ مِنْ الْقَوْلِ أَنَّ مَنْ سَبَقَ مِنْهُمَا بِالرُّجُوعِ إلَى قَوْلِ صَاحِبِهِ كَانَتْ لَهُ الْخَمْسُونَ دُونَ يَمِينٍ وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى. وَانْظُرْ آخِرَ كِتَابِ السَّرِقَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ فِيمَنْ أَقَرَّ أَنَّهُ سَرَقَ فُلَانًا وَكَذَّبَهُ، وَمَسْأَلَةُ إرْخَاءِ السُّتُورِ وَالنِّكَاحِ الثَّالِثِ فِيمَا إذَا أَقَرَّ الزَّوْجُ بِالْوَطْءِ وَأَنْكَرَتْهُ الْمَرْأَةُ وَمَسْأَلَةُ كِتَابِ الرُّهُونِ فِي اخْتِلَافِ الْبَائِعِ وَالْمُبْتَاعِ فِي الْأَجَلِ وَالثَّمَنِ (مَسْأَلَةٌ) : قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي كِتَابِ الدَّعْوَى فَرْعٌ: قَالَ أَشْهَبُ إنْ قُلْت بِعْتُك هَذَا الْعَبْدَ وَدَبَّرْتُهُ وَأَنْكَرَ لَزِمَكَ التَّدْبِيرُ وَتَأْخُذُ الثَّمَنَ مِنْ خِدْمَتِهِ الَّتِي تَدَّعِي إلَّا أَنْ يُقِرَّ فَتُعْطِيَهُ مَا بَقِيَ مِنْهُ فَإِنْ اسْتَوْفَيْت بَقِيَ مُدَبَّرًا مُؤَاخَذَةً لَك بِإِقْرَارِك فَإِنْ مِتَّ وَهُوَ يَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ عَتَقَ وَإِنْ كَانَ عَلَيْك دَيْنٌ انْتَهَى وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَالْعَبْدِ فِي غَيْرِ الْمَالِ)
ش: وَأَمَّا فِي الْمَالِ. فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ: كَقَوْلِ مَالِكٍ فِي ثَوْبٍ بِيَدِ الْعَبْدِ يَقُولُ فُلَانٌ أَوْدَعَنِيهِ وَسَيِّدُهُ يَدَّعِيهِ فَالسَّيِّدُ مُصَدَّقٌ إلَّا أَنْ يُقِيمَ فُلَانٌ الْبَيِّنَةَ انْتَهَى.
قَالَ فِي النُّكَتِ قَالَ بَعْضُ أَصْحَابِنَا وَيَحْلِفُ فَإِنْ قَالَ هُوَ لِي حَلَفَ عَلَى الْبَتِّ، وَكَذَلِكَ إنْ قَالَ لِعَبْدِي أَعْلَمُ أَصْلَ شِرَائِهِ أَوْ مِلْكِهِ، وَأَمَّا إنْ قَالَ هُوَ بِيَدِ عَبْدِي أَوْ حَوْزِهِ فَيَحْلِفُ مَا أَعْلَمُ لَكَ فِيهِ حَقًّا انْتَهَى، وَهَذَا فِي غَيْرِ الْمَأْذُونِ لَهُ يُؤْخَذُ ذَلِكَ مِنْ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ بِلَا حَجْرٍ؛ لِأَنَّ الْمَأْذُونَ لَهُ غَيْرُ مَحْجُورٍ عَلَيْهِ، فَإِقْرَارُهُ جَائِزٌ فِيمَا بِيَدِهِ وَمَا جَاوَزَ ذَلِكَ، فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ، وَكَذَلِكَ مَا كَانَ بِيَدِهِ مِنْ وَدِيعَةٍ أَوْ أَمَانَةٍ فَاسْتَهْلَكَهُ، فَهُوَ فِي ذِمَّتِهِ وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ فَسْخُهُ قَالَهُ فِي كِتَابِ الْمَأْذُونِ لَهُ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَأَمَّا غَيْرُ الْمَأْذُونِ لَهُ فَلَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ وَلَا يَلْزَمُهُ فِي مَالِهِ وَيَكُونُ فِي ذِمَّتِهِ إنْ عَتَقَ إلَّا أَنْ يُسْقِطَهُ السَّيِّدُ أَوْ السُّلْطَانُ قَالَهُ فِي الْكِتَابِ الْمَذْكُورِ.
ص (وَمَرِيضٌ)
ش: قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي كِتَابِ الْحَمَالَةِ وَمَا أَقَرَّ بِهِ الْمَرِيضُ أَنَّهُ فَعَلَهُ فِي صِحَّتِهِ مِنْ عِتْقٍ أَوْ كَفَالَةٍ أَوْ حَبْسٍ أَوْ صَدَقَةٍ أَوْ غَيْرِهِ لِوَارِثٍ أَوْ غَيْرِهِ فَإِقْرَارُهُ بَاطِلٌ، وَلَا يَجُوزُ ذَلِكَ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ، وَيَكُونُ مِيرَاثًا وَإِنْ أَوْصَى مَعَ ذَلِكَ بِوَصَايَا كَانَتْ الْوَصَايَا فِي ثُلُثِ مَا بَقِيَ بَعْدَ ذَلِكَ، فَإِنْ ضَاقَ الثُّلُثُ عَنْ وَصِيَّتِهِ لَمْ تَدْخُلْ الْوَصَايَا فِي شَيْءٍ مِمَّا أَقَرَّ بِهِ انْتَهَى قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ وَقَوْلُهُ فِي الْعِتْقِ لَا يَلْزَمُ فِي ثُلُثٍ وَلَا غَيْرِهِ هُوَ كَذَلِكَ إلَّا أَنْ يَقُولَ أَنُفِذُوا هَذِهِ الْأَشْيَاءَ، فَتَخْرُجُ مِنْ الثُّلُثِ انْتَهَى، وَمَا ذَكَرَهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ مِنْ الْإِقْرَارِ فِي الْمَرَضِ بِالْكَفَالَةِ فِي الصِّحَّةِ فِيهِ كَلَامُ الشُّيُوخِ فَانْظُرْ ابْنَ يُونُسَ وَأَبَا الْحَسَنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (أَوْ لِمُلَاطِفِهِ أَوْ لِمَنْ لَمْ يَرِثْهُ)
ش: يَعْنِي لِقَرِيبٍ لَا يَرِثُهُ، وَلَا يُرِيدُ بِذَلِكَ الْأَجْنَبِيَّ؛ لِأَنَّهُ يُوهِمُ حِينَئِذٍ أَنَّهُ يُشْتَرَطُ فِي صِحَّةِ إقْرَارِهِ لِلْأَجْنَبِيِّ أَنْ يَرِثَهُ وَلَدٌ وَلَيْسَ كَذَلِكَ فَإِنَّ إقْرَارَهُ لِلْأَجْنَبِيِّ جَائِزٌ سَوَاءٌ كَانَ لَهُ وَلَدٌ
أَوْ لَمْ يَكُنْ وَعَلِمَ ذَلِكَ مِنْ تَقْيِيدِهِ بِالْوَلَدِ، وَلَا بُدَّ مِنْ أَنْ يَكُونَ لَيْسَ عَلَيْهِ دَيْنٌ مُحِيطٌ لِغَيْرِ الْمُلَاطِفِ وَالْقَرِيبِ الَّذِي لَمْ يَرِثْهُ وَإِلَّا فَلَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِمَا قَدَّمَهُ فِي بَابِ التَّفْلِيسِ أَنَّهُ لَا يُقْبَلُ إقْرَارُهُ لِمَنْ يَتَّهِمُ عَلَيْهِ إذَا أَحَاطَ الدَّيْنُ بِمَالِهِ.
ص (أَوْ مَجْهُولٍ حَالُهُ) ش سَوَاءٌ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْ صَاحِبِهِ أَوْ يُوقَفَ هَكَذَا قَالَ فِي الْبَيَانِ وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَقَوْلُ الشَّارِحِ إنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ أَوْ يُوقَفَ لَهُمْ يُوهِمُ أَنَّ ذَلِكَ شَرْطٌ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
(تَنْبِيهٌ) : ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ أَنَّهُ إذَا لَمْ يَكُنْ لَهُ وَلَدٌ لَا يَصِحُّ إقْرَارُهُ لِلْمَجْهُولِ وَفِي ذَلِكَ ثَلَاثَةُ أَقْوَالٍ ذَكَرَهَا فِي الْبَيَانِ وَالْمُقَدِّمَاتِ وَنَقَلَهَا فِي التَّوْضِيحِ وَلَيْسَ فِيهَا قَوْلٌ بِعَدَمِ الصِّحَّةِ مُطْلَقًا كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ الْأَوَّلِ أَنَّ إقْرَارَهُ جَائِزٌ إنْ أَوْصَى أَنَّهُ يُوقَفُ حَتَّى يَأْتِيَ لَهُ طَالِبٌ وَإِنْ أَوْصَى أَنْ يَتَصَدَّقَ بِهِ عَنْهُ لَمْ يَصِحَّ لَا مِنْ الثُّلُثِ وَلَا مِنْ غَيْرِهِ وَالْقَوْلُ الثَّانِي أَنَّهُ مِنْ الثُّلُثِ وَالْقَوْلُ الثَّالِثُ أَنَّهُ إنْ كَانَ يَسِيرًا فَمِنْ رَأْسِ الْمَالِ، وَإِنْ كَانَ كَثِيرًا لَمْ يَجُزْ مِنْ رَأْسِ الْمَالِ وَلَا مِنْ الثُّلُثِ وَظَاهِرُ كَلَامِ صَاحِبِ الشَّامِلِ أَنَّ فِيهَا قَوْلًا بِالْبُطْلَانِ، وَكَأَنَّهُ اعْتَمَدَ عَلَى ظَاهِرِ كَلَامِ الْمُصَنِّفِ
ص (كَزَوْجٍ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا أَوْ جُهِلَ إلَى آخِرِهِ)
ش: سُئِلْت عَنْ رَجُلٍ أَقَرَّ أَنَّ جَمِيعَ مَا بِيَدِ زَوْجَتِهِ مِنْ قُمَاشٍ وَكَذَا وَكَذَا مِلْكٌ لَهَا لَا حَقَّ لَهُ فِيهِ وَكَتَبَ بِذَلِكَ خَطَّهُ فِي شَهْرِ شَوَّالٍ، ثُمَّ لَمْ يَزَلْ حَيًّا إلَى أَنْ تُوُفِّيَ فِي صَفَرَ مِنْ السَّنَةِ الثَّانِيَةِ وَانْحَصَرَ إرْثُهُ فِي زَوْجَتِهِ وَبِنْتٍ وَبَيْتِ الْمَالِ فَوَضَعَتْ زَوْجَتُهُ الْمَذْكُورَةُ يَدَهَا عَلَى أَعْيَانٍ كَثِيرَةٍ مِمَّا كَانَ لِلْمُقِرِّ مِنْ كُتُبٍ وَمَصَاغٍ وَكَذَا وَكَذَا وَادَّعَتْ أَنَّ ذَلِكَ كُلَّهُ مِمَّا يَشْمَلُهُ الْإِقْرَارُ، فَإِذَا ادَّعَى وَكِيلُ بَيْتِ الْمَالِ أَوْ وَارِثٌ أَوْ مُدَّعٍ شَرْعِيٌّ عَلَى الزَّوْجَةِ أَنَّ جَمِيعَ مَا وَضَعَتْ يَدَهَا عَلَيْهِ مِمَّا ذُكِرَ أَعْلَاهُ لَمْ يَكُنْ بِيَدِهَا حِينَ الْإِقْرَارِ الْمَذْكُورِ هَلْ تُسْمَعُ دَعْوَاهُ بِذَلِكَ وَإِذَا قُلْتُمْ تُسْمَعُ فَإِذَا وَقَعَتْ الدَّعْوَى بِذَلِكَ فَهَلْ عَلَيْهَا إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ أَوْ يَمِينٍ شَرْعِيَّةٍ فَأَجَبْت تُسْمَعُ الدَّعْوَى عَلَى الْمَرْأَةِ الْمَذْكُورَةِ بِمَا ذَكَرَهُ، وَعَلَى الْمُدَّعِي إقَامَةُ الْبَيِّنَةِ بِأَنَّهَا وَضَعَتْ يَدَهَا بَعْدَ الْإِقْرَارِ فَإِنْ لَمْ تَقُمْ لَهُ الْبَيِّنَةُ، فَلَهُ تَحْلِيفُهَا عَلَى ذَلِكَ وَإِنْ اتَّهَمَهَا فَإِنَّ الْإِقْرَارَ لَا حَقِيقَةَ لَهُ، وَإِنَّمَا مُرَادُهُ تَخْصِيصُهَا بِمَا ذَكَرَهُ، فَلَهُ تَحْلِيفُهَا عَلَى ذَلِكَ هَذَا إذَا كَانَ الْإِقْرَارُ فِي الصِّحَّةِ.
وَأَمَّا إنْ كَانَ فِي الْمَرَضِ فَهُوَ بَاطِلٌ إذَا عُلِمَ مَيْلُهُ لَهَا، وَإِنْ عُلِمَ بُغْضُهُ لَهَا، فَالْإِقْرَارُ صَحِيحٌ وَإِنْ جُهِلَ حَالُهُ وَكَانَ لَهُ مِنْهَا وَلَدٌ صَغِيرٌ فَهُوَ بَاطِلٌ، وَهَذَا كُلُّهُ فِيمَا عَدَا الدُّيُونِ السَّابِقَةِ عَلَى الْإِقْرَارِ فَإِنَّهَا مُقَدَّمَةٌ عَلَى مَنْ أَقَرَّ بِهِ بِلَا خِلَافٍ وَانْظُرْ ابْنَ سَلْمُونٍ فِي الْبُيُوعِ فِي بَيْعِ التَّوْلِيجِ وَالتَّصْيِيرِ وَفِي كِتَابِ الْإِقْرَارِ وَالْوَصَايَا.
ص (وَمَعَ الْإِنَاثِ وَالْعَصَبَةِ قَوْلَانِ) ش