الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الِاخْتِيَارِ لِلَّخْمِيِّ وَإِذَا كَانَ بِصِيغَةِ الْفِعْلِ فَذَلِكَ لِاخْتِيَارِهِ فِي نَفْسِهِ وَلَيْسَ لِلَّخْمِيِّ هُنَا اخْتِيَارٌ، وَالْخِلَافُ مَنْصُوصٌ بَيْنَ ابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَالْمُخْتَارُ لِقَوْلِ أَشْهَبَ ابْنُ الْمَوَّازِ وَغَيْرُهُ.
[تَنْبِيه بَاعَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ]
(تَنْبِيهٌ) وَهَذَا الْخِلَافُ مُقَيَّدٌ بِمَا إذَا كَانَ الْبَائِعُ بَاعَ مَا ظَنَّ أَنَّهُ مَلَكَهُ، وَأَمَّا لَوْ بَاعَ مَا يُعْلَمُ أَنَّهُ لَا يَمْلِكُهُ مِثْلُ أَنْ يَبِيعَ سِلْعَةً مِنْ رَجُلٍ، ثُمَّ يَبِيعَهَا مِنْ ثَانٍ وَيُحِيلَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَلَا خِلَافَ أَنَّ الْحَوَالَةَ بَاطِلَةٌ وَيَرْجِعُ الْمُحَالُ عَلَى الْمُحِيلِ، قَالَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِهِ، وَنَقَلَهُ فِي التَّوْضِيحِ وَالشَّامِلِ وَابْنُ سَلْمُونٍ وَنَصُّ كَلَامِهِ:" سُئِلَ ابْنُ رُشْدٍ عَمَّنْ بَاعَ حِصَّةً لَهُ مِنْ كَرْمٍ وَأَحَالَ عَلَيْهِ بِالثَّمَنِ فَأَثْبَتَ رَجُلٌ أَنَّهُ ابْتَاعَ الْحِصَّةَ مِنْ الْمُحِيلِ قَبْلَ بَيْعِهِ وَاسْتَحَقَّ الْحِصَّةَ، وَفَسْخَ الْبَيْعِ، قَالَ إذَا كَانَ الْأَمْرُ عَلَى مَا وَصَفْت فَتُنْتَقَضُ الْإِحَالَةُ، وَيَرْجِعُ الْمُحَالُ بِدَيْنِهِ الَّذِي أَحَالَهُ وَلَا يَكُونُ لَهُ قِبَلَ الْمُحَالِ عَلَيْهِ شَيْءٌ لِسُقُوطِ الثَّمَنِ بِالِاسْتِحْقَاقِ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ خَارِجَةٌ عِنْدِي مِنْ الِاخْتِلَافِ لِكَوْنِ الِاسْتِحْقَاقِ فِيهَا مِنْ جِهَةِ الْمُحِيلِ بِخِلَافِ إذَا لَمْ يَكُنْ مِنْ جِهَتِهِ، وَقَدْ كُنْتُ سُئِلْت عَنْ هَذِهِ الْمَسْأَلَةِ مِنْ مُدَّةٍ فَأَجَبْت فِيهَا بِمِثْلِ هَذَا الْجَوَابِ فِي الْمَعْنَى، وَإِنْ خَالَفَهُ فِي اللَّفْظِ " انْتَهَى. كَلَامُ ابْنِ رُشْدٍ، وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
[بَاب الضَّمَانُ]
ص (بَابٌ)(الضَّمَانُ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ) ش قَالَ الْمَازِرِيُّ فِي شَرْحِ التَّلْقِينِ الْحَمَالَةُ فِي اللُّغَةِ وَالْكَفَالَةُ وَالضَّمَانَةُ وَالزَّعَامَةُ كُلُّ ذَلِكَ بِمَعْنًى وَاحِدٍ، فَتَقُولُ الْعَرَبُ هَذَا كَفِيلٌ وَحَمِيلٌ وَضَمِينٌ وَزَعِيمٌ هَذِهِ الْأَسْمَاءُ هِيَ الْمَشْهُورَةُ، وَتَقُولُ الْعَرَبُ أَيْضًا قَبِيلٌ بِمَعْنَى ضَمِينٍ، وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ شَغْلُ ذِمَّةٍ أُخْرَى بِالْحَقِّ وَمَفْهُومُ قَوْلِهِ بَعْدُ بِدَيْنٍ لَازِمٍ أَوْ آيِلٍ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ التَّحَمُّلُ عَنْ السَّفِيهِ إلَّا بِمَا يَلْزَمُهُ مِنْ ذَلِكَ وَذَلِكَ أَنَّ مَا أَخَذَ السَّفِيهُ أَوْ اقْتَرَضَهُ أَوْ بَاعَ بِهِ شَيْئًا مِنْ مَتَاعِهِ فَلَا يَخْلُو إمَّا أَنْ يَكُونَ صَرَفَهُ فِيمَا لَا بُدَّ مِنْهُ أَوْ فِيمَا هُوَ مُسْتَغْنًى عَنْهُ، فَالْأَوَّلُ يُرْجَعُ بِهِ عَلَى الرَّاجِحِ مِنْ الْقَوْلِ وَيَصِحُّ ضَمَانُهُ مِنْهُ، وَيَرْجِعُ عَلَيْهِ الضَّامِنُ فِي مَالِهِ إذَا أَدَّى عَنْهُ، وَأَمَّا مَا لَا يَلْزَمُ الْمَحْجُورَ فَلَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَيْهِ فَإِنْ ضَمِنَهُ فِيهِ إنْسَانٌ رَشِيدٌ فَهَلْ يَلْزَمُ الضَّامِنَ غُرْمٌ أَمْ لَا؟ لَا يَخْلُو الضَّامِنُ لِلْمَحْجُورِ وَالْمَضْمُونُ لَهُ الْمَحْجُورَ بِأَنْ يَعْلَمَا أَنَّهُ مَحْجُورٌ، أَوْ لَا يَعْلَمَا، أَوْ يَعْلَمَ الضَّامِنُ دُونَ الْمَضْمُونِ لَهُ، أَوْ يَعْلَمَ الْمَضْمُونُ لَهُ دُونَ الضَّامِنِ فَفِي الْوَجْهِ الرَّابِعِ لَا يَلْزَمُ الضَّامِنَ شَيْءٌ اتِّفَاقًا، وَفِي الثَّالِثِ يَلْزَمُهُ مَا ضَمِنَ اتِّفَاقًا، وَيَخْتَلِفُ فِي الْوَجْهَيْنِ الْأَوَّلَيْنِ فَعِنْدَ ابْنِ الْقَاسِمِ يَلْزَمُهُ، وَعِنْدَ ابْنِ الْمَاجِشُونِ لَا يَلْزَمُهُ هَذَا مَا حَصَّلَهُ ابْنُ رُشْدٍ فِي نَوَازِلِ أَصْبَغَ مِنْ كِتَابِ الْحَمَالَةِ وَلَا شَكَّ أَنَّهُ إذَا أُلْزِمَ الضَّامِنُ غُرْمَ مَا ضَمِنَ لَا يَرْجِعُ بِهِ عَلَى الْمَحْجُورِ وَمِنْ هَذَا الْبَابِ لَوْ ضَمِنَ الْمَحْجُورُ شَخْصًا لِشَخْصٍ آخَرَ ثُمَّ ضَمِنَ الْمَحْجُورَ الضَّامِنَ شَخْصٌ آخَرُ رَشِيدٌ فَضَمَانُ الْمَحْجُورِ لَا يَلْزَمُهُ شَيْءٌ وَهَلْ يَرْجِعُ رَبُّ الْحَقِّ عَلَى الرَّشِيدِ الَّذِي ضَمِنَ لَهُ الْمَحْجُورَ أَوْ لَا يَأْتِي التَّفْصِيلُ الْمُتَقَدِّمُ (قُلْت) : وَهَذَا يُشْكِلُ عَلَى قَوْلِهِمْ إذَا بَرِئَ الْأَصِيلُ بَرِئَ الضَّامِنُ إلَّا أَنْ يُقَالَ: لَمَّا ضَمِنَ مَا عَلَيْهِ فَكَأَنَّهُ مُتَبَرِّعٌ بِذَلِكَ الْحَقِّ وَذَكَرَ اللَّخْمِيُّ خِلَافًا آخَرَ وَنَقَلَهُ عَنْهُ الْقَرَافِيُّ وَنَصُّ كَلَامِ اللَّخْمِيِّ فِي بَابِ الْحَمَالَةِ مِنْ تَبْصِرَتِهِ: الْكَفَالَةُ عَلَى الْمَوْلَى عَلَيْهِ عَلَى سِتَّةِ أَوْجُهٍ تَلْزَمُ فِي ثَلَاثَةٍ وَتَسْقُطُ فِي اثْنَيْنِ وَيُخْتَلَفُ فِي السَّادِسِ، فَإِنْ كَانَتْ الْكَفَالَةُ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَالْحَامِلُ وَالْمُتَحَمِّلُ لَهُ عَالِمَانِ بِأَنَّهُ مُوَلَّى عَلَيْهِ أَوْ كَانَ الْحَامِلُ وَحْدَهُ عَالِمًا كَانَتْ الْحَمَالَةُ لَازِمَةً، وَإِنْ كَانَ الْمُتَحَمِّلُ لَهُ عَالِمًا دُونَ الْحَمِيلِ كَانَتْ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةً، وَإِنْ كَانَا يَجْهَلَانِ وَالْكَفَالَةُ بَعْدَ الْعَقْدِ كَانَتْ سَاقِطَةً أَيْضًا، وَإِنْ كَانَ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ وَهُمَا لَا يَعْلَمَانِ أَنَّهُ مُوَلَّى عَلَيْهِ جَرَتْ عَلَى قَوْلَيْنِ فَقَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ: الْكَفَالَةُ لَازِمَةٌ وَعَلَى قَوْلِ مَالِكٍ لَا يَكُونُ لِلْحَامِلِ شَيْءٌ وَعَلَى هَذَا يَجْرِي الْجَوَابُ
فِي الْحَمَالَةِ عَنْ الصَّبِيِّ يُنْظَرُ هَلْ كَانَتْ فِي أَصْلِ الْعَقْدِ، أَوْ بَعْدَهُ وَهَلْ يَجْهَلَانِ أَنَّ مُبَايَعَةَ الصَّبِيِّ سَاقِطَةٌ أَمْ لَا، أَوْ كَانَ أَحَدُهُمَا مِمَّا يَعْلَمُ وَالْآخَرُ يَجْهَلُ، وَإِنْ كَانَتْ تِلْكَ الْمُدَايَنَةُ وَالْمُطَالَبَةُ مِمَّا يَلْزَمُ السَّفِيهَ، أَوْ الصَّبِيَّ؛ لِأَنَّهَا كَانَتْ فِي غَيْرِ مُغَابَنَةٍ وَصَرَفَاهَا فِيمَا لَا بُدَّ لَهُمَا مِنْهُ مِنْ نَفَقَةٍ، أَوْ كِسْوَةٍ، أَوْ إصْلَاحِ مَتَاعٍ، أَوْ عَقَارٍ جَرْيًا عَلَى حُكْمِ الْبَالِغِ، أَوْ الرَّشِيدِ انْتَهَى مُخْتَصَرًا، وَانْظُرْ مَا فِي النَّوَادِرِ، وَانْظُرْ ابْنَ فَرْحُونٍ فِي شَرْحِ ابْنِ الْحَاجِبِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (كَمُكَاتَبٍ وَمَأْذُونٍ أَذِنَ سَيِّدُهُمَا)
ش: لَا حَاجَةَ إلَى تَقْيِيدِ الْمَأْذُونِ بِأَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ؛ لِأَنَّ مَنْ عَلَيْهِ دَيْنٌ يَسْتَغْرِقُ مَالَهُ لَا تَجُوزُ كَفَالَتُهُ، وَإِنْ كَانَ حُرًّا وَهُوَ خَارِجٌ بِقَوْلِهِ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَلَا يُقَالُ تَخْصِيصُهُ الْمُكَاتَبَ وَالْمَأْذُونَ لَهُ يَقْتَضِي أَنَّ غَيْرَهُمَا مِنْ الْمُدَبَّرِ وَأُمِّ الْوَلَدِ وَالْقِنِّ لَا يَجُوزُ مِنْهُمْ ضَمَانٌ، وَإِنْ أَذِنَ السَّيِّدُ مَعَ أَنَّ ضَمَانَهُمْ بِإِذْنِ السَّيِّدِ جَائِزٌ كَمَا صَرَّحَ بِهِ فِي الْمُدَوَّنَةِ؛ لِأَنَّا نَقُولُ إنَّمَا قَصَدَ رَفْعَ تَوَهُّمِ أَنَّهُمَا لَا يَحْتَاجَانِ إلَى إذْنِ السَّيِّدِ؛ لِأَنَّ الْمُكَاتَبَ أَحْرَزَ نَفْسَهُ وَمَالَهُ وَالْمَأْذُونَ قَدْ أُذِنَ لَهُ فِي الْمُعَامَلَةِ، وَسَيَأْتِي كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ الْمَوْعُودُ بِهِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: وَأُتْبِعَ ذُو الرِّقِّ بِهَا إنْ عَتَقَ.
ص (وَزَوْجَةٌ)
ش: فَإِذَا تَكَفَّلَتْ الْمَرْأَةُ بِشَيْءٍ أَكْثَرَ مِنْ ثُلُثٍ فَلِزَوْجِهَا رَدُّ الْجَمِيعِ قَالَ فِي كِتَابِ الْحَمَالَةِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ كَاتَبَتْ، أَوْ تَكَفَّلَتْ، أَوْ أَعْتَقَتْ، أَوْ تَصَرَّفَتْ، أَوْ وَهَبَتْ، أَوْ صَنَعَتْ شَيْئًا مِنْ الْمَعْرُوفِ فَإِنْ حَمَلَ ذَلِكَ ثُلُثُهَا وَهِيَ لَا يُوَلَّى عَلَيْهَا جَازَ ذَلِكَ، وَإِنْ كَرِهَ الزَّوْجُ، وَإِنْ جَاوَزَ الثُّلُثَ فَلِلزَّوْجِ رَدُّ الْجَمِيعِ وَإِجَازَتُهُ؛ لِأَنَّ ذَلِكَ ضَرَرٌ إلَّا أَنْ تَزِيدَ عَلَى الثُّلُثِ كَالدِّينَارِ وَمَا خَفَّ فَهُنَا يُعْلِمُ أَنَّهَا لَمْ تَرِدْ فَيُمْضِي الثُّلُثَ مَعَ مَا زَادَتْ اهـ.
ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَإِذَا أَجَازَ الزَّوْجُ كَفَالَةَ زَوْجَتِهِ الرَّشِيدَةِ فِي أَكْثَرَ مِنْ الثُّلُثِ جَازَ تَكَفَّلَتْ عَنْهُ، أَوْ عَنْ غَيْرِهِ، وَإِنْ تَكَفَّلَتْ عَنْهُ بِمَا يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ مَالِهَا فَلَمْ يَرْضَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَا ثُلُثٌ وَلَا غَيْرُهُ اهـ، وَقَالَ ابْنُ عَرَفَةَ، وَإِنْ تَكَفَّلَتْ لِزَوْجِهَا فَفِيهَا قَالَ مَالِكٌ: عَطِيَّتُهَا لِزَوْجِهَا جَمِيعَ مَالِهَا جَائِزَةٌ، وَكَذَلِكَ كَفَالَتُهَا عِنْدَ الْبَاجِيِّ يُرِيدُ بِإِذْنِهِ، وَانْظُرْ مَا نَقَلَهُ عَنْ الْبَاجِيِّ فَهُوَ مَا تَقَدَّمَ فِي نَصِّ الْمُدَوَّنَةِ فَكَيْفَ يَنْقُلُهُ عَنْ الْبَاجِيِّ؟ إذَا عُلِمَ ذَلِكَ فَلَا حَاجَةَ فِي كَلَامِ الْمُصَنِّفِ إلَى تَقْيِيدِهَا بِكَوْنِهَا حُرَّةً وَغَيْرَ مُوَلَّى عَلَيْهَا؛ لِأَنَّهَا لَيْسَتْ مِنْ أَهْلِ التَّبَرُّعِ وَلَا إلَى التَّقْيِيدِ بِكَوْنِهَا لَمْ تَضْمَنْهُ فَإِنْ ضَمِنَتْهُ جَازَ، وَإِنْ اسْتَغْرَقَ ذَلِكَ جَمِيعَ مَا بِيَدِهَا؛ لِأَنَّ ذَلِكَ لَا يَجُوزُ بِإِذْنِهِ، وَقَدْ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ فِي الْكَلَامِ السَّابِقِ: فَإِنْ تَكَفَّلَتْ عَنْهُ بِمَا يَسْتَغْرِقُ جَمِيعَ مَالِهَا فَلَمْ يَرْضَ لَمْ يَجُزْ ذَلِكَ لَا ثُلُثٌ وَلَا غَيْرُهُ فَعُلِمَ أَنَّ الزَّوْجَ وَغَيْرَهُ فِي ذَلِكَ سَوَاءٌ نَعَمْ يُقَيَّدُ كَلَامُ الْمُصَنِّفِ بِأَنْ لَا تَكُونَ الزِّيَادَةُ عَلَى الثُّلُثِ يَسِيرَةً كَالدِّينَارِ وَمَا خَفَّ فَيُمْضِي ذَلِكَ كُلَّهُ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَأُتْبِعَ بِهِ ذُو الرِّقِّ إنْ أَعْتَقَ)
ش: هَذَا إذَا لَمْ يَرُدَّ ذَلِكَ السَّيِّدُ وَأَمَّا إذَا رَدَّهُ فَإِنَّهُ يَسْقُطُ عَنْهُمْ، وَإِنْ لَمْ يُصَرِّحْ بِإِسْقَاطِهِ عَنْهُمْ؛ لِأَنَّ رَدَّ السَّيِّدِ رَدُّ إبْطَالٍ لَا رَدُّ إيقَافٍ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَلَا يَجُوزُ لِعَبْدٍ وَلَا مُكَاتَبٍ وَلَا مُدَبَّرٍ وَلَا أُمِّ الْوَلَدِ كَفَالَةٌ وَلَا عِتْقٌ وَلَا هِبَةٌ وَلَا صَدَقَةٌ وَلَا غَيْرُ ذَلِكَ مِمَّا هُوَ مَعْرُوفٌ عِنْدَ النَّاسِ إلَّا بِإِذْنِ السَّيِّدِ فَإِنْ فَعَلُوا بِغَيْرِ إذْنِهِ لَمْ يَجُزْ إنْ رَدَّهُ السَّيِّدُ فَإِنْ رَدَّهُ لَمْ يَلْزَمْهُمْ ذَلِكَ، وَإِنْ أُعْتِقُوا، وَإِنْ لَمْ يَرُدَّهُ حَتَّى عَتَقُوا لَزِمَهُمْ ذَلِكَ عَلِمَ بِهِ السَّيِّدُ قَبْلَ عِتْقِهِمْ، أَوْ لَمْ يَعْلَمْ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ جَعَلَ رَدَّ السَّيِّدِ هُنَا رَدَّ إبْطَالٍ وَمِثْلُهُ فِي الْعِتْقِ وَجَعَلَهُ فِي كِتَابِ الِاعْتِكَافِ رَدَّ إيقَافٍ تَقَدَّمَ كَلَامُ الْمُدَوَّنَةِ فِي آخِرِ بَابِ الْحَجْرِ عِنْدَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ كَعِتْقِ الْعَبْدِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (وَلَيْسَ لِلسَّيِّدِ جَبْرُهُ عَلَيْهِ)
ش: قَالَ اللَّخْمِيِّ فِي تَبْصِرَتِهِ فَصْلٌ وَلِلسَّيِّدِ أَنْ يُجْبِرَ عَبْدَهُ عَلَى الْكَفَالَةِ إذَا كَانَ فِي يَدِهِ مَالٌ بِقَدْرِهَا وَاخْتُلِفَ إذَا كَانَ فَقِيرًا وَلَيْسَ فِي يَدَيْهِ مَالٌ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ إنَّهُ لَا يُجْبَرُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ يُجْبَرُ اهـ وَكَأَنَّهُ الْمَذْهَبُ وَنَقَلَهُ عَنْهُ ابْنُ عَرَفَةَ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَلَوْ أَشْهَدَ سَيِّدُهُ أَنَّهُ أَلْزَمَهُ الْكَفَالَةَ لَمْ تَلْزَمْهُ إلَّا بِرِضَاهُ اهـ.
ص (وَعَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ)
ش: قَالَ فِي الْمُقَدِّمَاتِ الْحَمَالَةُ عَلَى مَذْهَبِ مَالِكٍ تَجُوزُ عَلَى الْحَيِّ وَالْمَيِّتِ غَيْرَ أَنَّهُ إنْ تَحَمَّلَ عَنْ الْحَيِّ فَأَدَّى عَنْهُ كَانَ لَهُ الرُّجُوعُ
عَلَيْهِ بِمَا أَدَّى عَنْهُ وَاتِّبَاعُهُ بِهِ إنْ كَانَ مُعْدِمًا كَأَنْ تَحَمَّلَ عَنْهُ بِإِذْنِهِ، أَوْ بِغَيْرِ إذْنِهِ، وَإِنْ كَانَ تَحَمَّلَ عَنْ مَيِّتٍ لَا وَفَاءَ لَهُ بِمَا تَحَمَّلَ عَنْهُ لَمْ يَكُنْ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ بِمَا أَدَّى عَنْهُ فِي مَالِهِ إنْ طَرَأَ لَهُ اهـ وَفِي السُّؤَالِ الثَّالِثِ مِنْ كِتَابِ الْحَمَالَةِ مِنْ الْمَازِرِيِّ عَنْ التَّلْقِينِ لَمْ يَخْتَلِفْ أَحَدٌ مِنْ أَهْلِ الْعِلْمِ فِي جَوَازِ الْحَمَالَةِ عَنْ الْحَيِّ مُوسِرًا كَانَ، أَوْ مُعْسِرًا وَلَا فِي الْحَمَالَةِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ مُوسِرًا، وَإِنَّمَا اخْتَلَفُوا فِي الْحَمَالَةِ عَنْ الْمَيِّتِ إذَا كَانَ مُعْسِرًا فَالْجُمْهُورُ عَلَى جَوَازِ الْحَمَالَةِ وَانْفَرَدَ أَبُو حَنِيفَةَ وَالثَّوْرِيُّ فَمَنَعَا ذَلِكَ اهـ.
وَقَالَ ابْنُ الْحَاجِبِ وَلَوْ تَنَازَعَا فِي أَنَّهُ دَفَعَهُ فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ إلَّا لِقَرِينَةٍ قَالَ فِي التَّوْضِيحِ يَعْنِي إذَا أَدَّى رَجُلٌ عَنْ رَجُلٍ دَيْنًا ثُمَّ قَامَ الدَّافِعُ يَطْلُبُ الْمَالَ، وَقَالَ الْمَدْفُوعُ عَنْهُ إنَّمَا دَفَعْت عَنِّي عَلَى وَجْهِ الْمَعْرُوفِ احْتِسَابًا فَالْقَوْلُ قَوْلُ الدَّافِعِ؛ لِأَنَّ الْأَصْلَ عَدَمُ خُرُوجِ مِلْكِهِ إلَّا عَلَى الْوَجْهِ الَّذِي قَصَدَهُ إلَّا أَنْ تَقُومَ قَرِينَةٌ تَدُلُّ عَلَى كَذِبِ الدَّافِعِ كَمَا إذَا دَفَعَ عَنْ الْمَيِّتِ الْمُفْلِسِ ثُمَّ طَرَأَ لَهُ مَالٌ لَمْ يَعْلَمْ بِهِ وَطَلَبَ الرُّجُوعَ ابْنُ عَبْدِ السَّلَامِ إلَّا أَنْ تَقْوَى الْقَرِينَةُ فَيَنْبَغِي أَنْ يَحْلِفَ الدَّافِعُ، وَحِينَئِذٍ يَأْخُذُ مَا دَفَعَ اهـ فَيُؤْخَذُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ عَبْدِ السَّلَامِ أَنَّهُ لَوْ لَمْ تَقُمْ قَرِينَةٌ بِالْكُلِّيَّةِ لَصَدَقَ بِلَا يَمِينٍ وَإِذَا قَوِيَتْ الْقَرِينَةُ لَا يَصْدُقُ أَصْلًا وَفِي كِتَابِ الْمِدْيَانِ مِنْ الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ مَاتَ وَعَلَيْهِ دَيْنٌ فَتَبَرَّعَ رَجُلٌ فَضَمِنَ دَيْنَهُ فَذَلِكَ لَازِمٌ لَهُ وَلَا رُجُوعَ لَهُ عَنْ ذَلِكَ فَإِنْ كَانَ لِلْمَيِّتِ مَالٌ رَجَعَ فِيهِ بِمَا أَدَّى إنْ قَالَ إنَّمَا أَدَّيْت لِأَرْجِعَ فِي مَالِهِ، وَإِنْ لَمْ يَكُنْ لَهُ مَالٌ وَالضَّامِنُ عَالِمٌ فَإِنَّهُ لَا يَرْجِعُ فِي مَالٍ إنْ ثَابَ لِلْمَيِّتِ؛ لِأَنَّهُ بِمَعْنَى الْحِسْبَةِ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ التَّبَرُّعُ مَا كَانَ مِنْ غَيْرِ سُؤَالٍ وَالنَّظَرُ مَا كَانَ عَنْ سُؤَالٍ.
ص (وَالضَّامِنُ عَالِمٌ)
ش: جَعَلَ لَهُ الرُّجُوعَ إلَّا أَنْ يَكُونَ عَالِمًا بِأَنَّهُ لَا مَالَ لَهُ، وَقَالَ ثَابَ أَيْ ظَهَرَ اهـ ثُمَّ قَالَ فِيهَا وَمَنْ ضَمِنَ لِرَجُلٍ مَالَهُ عَلَى مَيِّتٍ، ثُمَّ بَدَا لَهُ فَقْدٌ لَزِمَهُ ذَلِكَ قَالَ أَبُو الْحَسَنِ اللَّخْمِيُّ وَأَرَى إذَا ضَمِنَ الْقَضَاءَ عَنْ مَيِّتِ وَكَانَ ظَاهِرُهُ الْيُسْرَ ثُمَّ تَبَيَّنَ أَنَّهُ مُعْسِرٌ أَنْ لَا يَكُونَ عَلَيْهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّهُ يَقُولُ إنَّمَا تَحَمَّلْت لِأَرْجِعَ وَلَوْ عَلِمْت أَنَّهُ مُعْسِرٌ لَمْ أَضْمَنْ اهـ
ص (وَالضَّامِنُ)
ش: يَعْنِي أَنَّهُ يَصِحُّ الضَّمَانُ عَنْ الضَّامِنِ قَالَ فِي الْمُدَوَّنَةِ وَمَنْ أَخَذَ مِنْ الْكَفِيلِ كَفِيلًا لَزِمَهُ مَا لَزِمَ الْكَفِيلَ اهـ قَالَ فِي الشَّامِلِ، وَإِنْ كَانَا مَعًا بِحَالِ غُرْمِهِ الْأَوَّلِ إنْ حَلَّ وَغَابَ غَرِيمُهُ فَإِنْ أَعْدَمَ فَالثَّانِي فَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فَأَحْضَرَ الثَّانِي أَحَدَهُمَا مُوسِرًا بَرِئَ وَإِلَّا غَرِمَ فَإِنْ غَابَ الْكُلُّ بَرِئَ بِمَالِ غَرِيمِهِ إنْ وَجَدَ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي، وَإِنْ كَانَا مَعًا بِوَجْهٍ فَغَابَ غَرِيمُهُ أَحْضَرَهُ الْأَوَّلُ وَإِلَّا غَرِمَ فَإِنْ كَانَ عَدِيمًا بَرِئَ الثَّانِي لِحُضُورِ مَنْ ضَمِنَهُ، وَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا أَحْضَرَ الثَّانِي أَحَدَهُمَا وَإِلَّا غَرِمَ، وَإِنْ غَابَ الْكُلُّ أَخَذَ مِنْ غَرِيمِهِ إنْ كَانَ وَإِلَّا فَالْأَوَّلُ ثُمَّ الثَّانِي إنْ لَمْ يَثْبُتْ فَقْدُ غَرِيمِهِ مَعَ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ بِمَالٍ دُونَ الثَّانِي فَغَابَ غَرِيمُهُ غَرِمَ الْأَوَّلُ دُونَ الثَّانِي إنْ كَانَ غَرِيمُهُ فَقِيرًا فَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا فَأَحْضَرَ الثَّانِي غَرِيمَهُ مُوسِرًا وَالْأَوَّلُ مُطْلَقًا وَإِلَّا غَرِمَ، وَإِنْ غَابَ الثَّانِي وَوُجِدَ لَهُ مَالٌ أُخِذَ مِنْهُ إلَّا أَنْ يَثْبُتَ فَقْرُ الْأَوَّلِ، وَإِنْ كَانَ الْأَوَّلُ بِوَجْهٍ دُونَ الثَّانِي فَغَابَ غَرِيمُهُ أَحْضَرَ الْأَوَّلُ وَإِلَّا غَرِمَ فَإِنْ أَعْدَمَ غَرِمَ الثَّانِي، وَإِنْ غَابَ الْأَوَّلُ أَيْضًا بَرِئَ الثَّانِي إنْ أَحْضَرَ غَرِيمَهُ مُطْلَقًا وَالْأَوَّلُ مُوسِرٌ فَإِنْ مَاتَ الْغَرِيمُ بَرِئَ الثَّانِي لِبَرَاءَةِ الْأَوَّلِ وَكَذَا لَوْ مَاتَ الْأَوَّلُ عَلَى الْأَصَحِّ وَلَوْ مَاتَ الثَّانِي جَرَى عَلَى حُكْمِ حَمْلِ الْمَالِ إذَا مَاتَ عَلَى الْأَظْهَرِ اهـ.
وَأَصْلُهُ لِلَّخْمِيِّ إلَّا أَنَّ كَلَامَ الشَّامِلِ أَخْصَرَ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ.
ص (بِدَيْنٍ لَازِمٍ، أَوْ آيِلٍ)
ش: هَذَا مِنْ أَرْكَانِ
الضَّمَانِ وَهُوَ الْمَالُ الْمَضْمُونُ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ الْمَضْمُونُ مَا يَتَأَتَّى عَلَيْهِ مِنْ الضَّامِنِ، أَوْ مَا يَسْتَلْزِمُهُ فَدَخَلَ الْوَجْهُ وَكُلُّ كُلِّيٍّ إلَّا الْجُزْءَ الْحَقِيقِيَّ كَالْمُعَيَّنِ، وَلِذَا جَازَتْ بِعَمَلِ الْمُسَاقَاةِ؛ لِأَنَّهُ كُلِّيٌّ حَسْبَمَا دَلَّتْ عَلَيْهِ أَجْوِبَتُهَا مَعَ غَيْرِهَا وَتَوَقَّفَ فِيهِ بَعْضُ الْمُفْتِينَ.
ص (وَدَايَنَ فُلَانًا)
ش: قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَمَنْ تَحَمَّلَ لِفُلَانٍ بِمَالِهِ قِبَلَ فُلَانٍ فِي لُزُومِ غُرْمِهِ مَا أَقَرَّ بِهِ فُلَانٌ بِإِقْرَارِهِ، أَوْ وَقَفَهُ عَلَى ثُبُوتِهِ بِبَيِّنَةٍ نَقَلَ اللَّخْمِيُّ قَوْلَيْ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الدِّمْيَاطِيَّةِ وَالْمُدَوَّنَةِ قَالَ وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ فِي الْبَزَّازِ وَمَا الْعَادَةُ الْمُدَايِنَةُ فِيهِ بِغَيْرِ بَيِّنَةٍ وَسَمِعَ عِيسَى رِوَايَةَ ابْنِ الْقَاسِمِ مَنْ قَالَ أَنَا حَمِيلٌ بِمَا بُويِعَ بِهِ فُلَانٌ لَمْ يَلْزَمْهُ شَيْءٌ مِمَّا بُويِعَ بِهِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ إلَّا بِإِقْرَارِهِ وَكَذَا مَنْ شُكِيَ إلَيْهِ مَطْلُ رَجُلٍ فَقَالَ مَا عَلَيْهِ عَلَيَّ لَمْ يَلْزَمْهُ مَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ إلَّا مَا ثَبَتَ بِبَيِّنَةٍ ابْنُ رُشْدٍ مِثْلُهُ قَوْلُهَا مَنْ قَالَ لِرَجُلٍ بَايِعْ فُلَانًا فَمَا بَايَعْته بِهِ مِنْ شَيْءٍ فَأَنَا ضَامِنٌ ثَمَنَهُ لَزِمَهُ إذَا ثَبَتَ مَا بَايَعَهُ بِهِ زَادَ غَيْرُهُ عَلَى وَجْهِ التَّفْسِيرِ إنَّمَا يَلْزَمُهُ مَا يُشْبِهُ أَنْ يُدَايِنَ بِمِثْلِهِ الْمَحْمُولُ عَنْهُ وَلَا خِلَافَ عِنْدِي فِيهِ وَلَا فِي مَسْأَلَةِ الشَّكْوَى.
وَقَالَ مَنْ أَدْرَكْنَا مِنْ الشُّيُوخِ: هَاتَانِ الْمَسْأَلَتَانِ خِلَافُ دَلِيلِ قَوْلِهَا فِيمَنْ قَالَ: لِي عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِرْهَمٍ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا بِهِمَا كَفِيلٌ فَأَنْكَرَ فُلَانٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ عَلَى الْحَقِّ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ قَدْ جَحَدَهُ فَقَوْلُهُ؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَدْ جَحَدَهُ يَدُلُّ عَلَى أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَتْهُ الْحَمَالَةُ وَلَيْسَ بِصَحِيحٍ؛ لِأَنَّ الْمَسْأَلَتَيْنِ مُفْتَرِقَتَانِ مَنْ قَالَ لِمَنْ قَالَ: لِي عَلَى فُلَانٍ أَلْفُ دِينَارٍ أَنَا بِهَا كَفِيلٌ لَزِمَتْ الْكَفَالَةُ بِإِقْرَارِ الْمَطْلُوبِ اتِّفَاقًا وَلَوْ قَالَ: لِي عَلَى فُلَانٍ حَقٌّ فَقَالَ رَجُلٌ أَنَا بِهِ كَفِيلٌ فَأَنْكَرَ فُلَانٌ أَنَّهُ لَا شَيْءَ عَلَى الْكَفِيلِ لَمْ تَلْزَمْهُ الْكَفَالَةُ بِمَا أَقَرَّ بِهِ الْمَطْلُوبُ إلَّا بِبَيِّنَةٍ قَوْلًا وَاحِدًا كَمَنْ قَالَ لِرَجُلٍ أَنَا ضَامِنٌ لِمَا بَايَعْت بِهِ فُلَانًا، أَوْ لِمَا بُويِعَ بِهِ وَمَا نَقَلَهُ عِيَاضٌ فِي قَوْلِهَا: مَنْ ادَّعَى عَلَى رَجُلٍ حَقًّا فَأَنْكَرَ أَنَّهُ تَلْزَمُهُ الْحَمَالَةُ بِإِقْرَارِ الْمَطْلُوبِ وَأَخَذَ ذَلِكَ مِنْ دَلِيلِ قَوْلِهَا؛ لِأَنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ يَجْحَدُهُ.
وَأَنَّ عِيسَى سَمِعَ مِثْلَهُ خِلَافًا لِنَقْلِ ابْنِ رُشْدٍ الِاتِّفَاقَ عَلَى عَدَمِ لُزُومِهِ وَفِي دَعْوَى ابْنِ رُشْدٍ الْفَرْقَ دُونَ تَبْيِينِهِ نَظَرٌ؛ لِأَنَّ رَدَّ مُسْتَدَلٍّ عَلَيْهِ بِدَعْوَى عَارِيَّةٍ عَنْ دَلِيلٍ لَغْوٌ اهـ وَنَصُّ كَلَامِ عِيَاضٍ الْمُشَارِ إلَيْهِ مِنْ التَّنْبِيهَاتِ قَوْلُهُ فِي الْكِتَابِ فِيمَنْ ادَّعَى قِبَلَ رَجُلٍ حَقًّا وَهُوَ مُنْكِرٌ فَقَالَ لَهُ رَجُلٌ أَنَا كَفِيلٌ لَك بِهِ إلَى غَدٍ فَإِنْ لَمْ آتِك بِهِ فَأَنَا ضَامِنٌ لِلْمَالِ فَلَمْ يَأْتِ بِهِ فِي غَدٍ فَلَا يَلْزَمُ الْحَمِيلَ شَيْءٌ حَتَّى يَثْبُتَ الْحَقُّ بِبَيِّنَةٍ فَيَكُونُ حَمِيلًا، ظَاهِرُ هَذَا اللَّفْظِ أَنَّ إقْرَارَ الْمُنْكِرِ بَعْدُ لَا يُلْزِمُ الْكَفِيلَ شَيْءٌ إلَّا بِثَبَاتِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ نَصُّ مَا فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى وَعَلَى هَذَا حَمَلَ بَعْضُهُمْ مَذْهَبَ الْكِتَابِ وَاسْتَدَلَّ أَيْضًا بِقَوْلِهِ بَعْدَ هَذَا فِي مَسْأَلَةِ بَايِعْ فُلَانًا وَقِيلَ بِإِقْرَارِهِ كَقِيَامِ الْبَيِّنَةِ وَهُوَ دَلِيلُ الْكِتَابِ فِي الْمَسْأَلَةِ الْأُخْرَى فِي قَوْلِهِ إنَّ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَدْ جَحَدَهُ فَدَلِيلُهُ أَنَّهُ لَوْ أَقَرَّ لَزِمَهُ وَمِثْلُهُ فِي سَمَاعِ عِيسَى أَيْضًا اهـ.
وَانْظُرْ لِمَ لَمْ يُعَارِضْ ابْنُ عَرَفَةَ كَلَامَ ابْنِ رُشْدٍ بِكَلَامِ اللَّخْمِيِّ الْمُتَقَدِّمِ، وَالظَّاهِرُ أَيْضًا أَنَّهُ مُعَارِضٌ لِلِاتِّفَاقِ الَّذِي ذَكَرَهُ وَهَذِهِ الْمَسْأَلَةُ فِي رَسْمِ الثَّمَرَةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْكَفَالَةِ ثُمَّ قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ وَهُوَ بَقِيَّةُ كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ مَا نَصُّهُ: وَإِنَّمَا اُخْتُلِفَ فِيمَنْ قَالَ أَنَا كَفِيلٌ لِفُلَانٍ بِأَلْفِ دِينَارٍ لَهُ عَلَى فُلَانٍ غَرِمَهَا الْكَفِيلُ وَلَوْ أَنْكَرَ الْمَطْلُوبُ ثَالِثَهَا إنْ كَانَ عَدِيمًا، وَعَلَى الْأَوَّلِ لَا يَلْزَمُ الْمَطْلُوبَ غُرْمٌ لِلْحَمِيلِ إلَّا بِبَيِّنَةٍ لِسَمَاعِ يَحْيَى بْنِ الْقَاسِمِ مَعَ كِتَابِ ابْنِ سَحْنُونٍ وَرِوَايَةِ أَشْهَبَ وَمَا يَقُومُ مِنْ قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي أَوَّلِ رَسْمٍ مِنْ سَمَاعِهِ مِنْ كِتَابِ الشَّهَادَاتِ (قُلْت) : وَفِي الشُّفْعَةِ مِنْهَا مَنْ تَكَفَّلَ بِنَفْسِ رَجُلٍ وَلَمْ يَذْكُرْ مَا عَلَيْهِ جَازَ فَإِنْ غَابَ الْمَطْلُوبُ قِيلَ لِلطَّالِبِ أَثْبِتْ حَقَّك بِبَيِّنَةٍ وَخُذْهُ مِنْ الْكَفِيلِ، فَإِنْ لَمْ تَقُمْ بَيِّنَةٌ وَادَّعَى أَنَّ لَهُ عَلَى الْمَطْلُوبِ أَلْفَ دِرْهَمٍ فَلَهُ أَنْ يُحَلِّفَ الْكَفِيلَ عَلَى عِلْمِهِ فَإِنْ