الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
عَلَى كَفَالَتِهِ فَإِنْ حَلَفَ لَمْ يَلْزَمْهُ التَّأْخِيرُ، وَإِنْ نَكَلَ لَزِمَهُ التَّأْخِيرُ وَالْكَفَالَةُ ثَابِتَةٌ عَلَى كُلِّ حَالٍ هَذَا مَذْهَبُ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ، وَإِنْ سَكَتَ فِيهَا عَنْ الْيَمِينِ، وَقَالَ غَيْرُهُ فِي الْمُدَوَّنَةِ الْكَفَالَةُ سَاقِطَةٌ بِكُلِّ حَالٍ وَقِيلَ إنَّهَا لَازِمَةٌ بِكُلِّ حَالٍ اُنْظُرْ هَذَا فَإِنَّهُ كَالْقَوْلِ الْأَوَّلِ اهـ. هَكَذَا فِي نُسْخَتَيْنِ مِنْ التَّوْضِيحِ وَكَذَا نَقَلَهُ الْبِسَاطِيُّ أَعْنِي الْقَوْلَ الْأَوَّلَ ثَابِتَةٌ بِكُلِّ حَالٍ، وَالثَّانِي سَاقِطَةٌ، وَالثَّالِثُ لَازِمَةٌ وَاسْتَشْكَلَهُ الْبِسَاطِيُّ مِنْ وَجْهٍ آخَرَ وَنَصُّ كَلَامِهِ بَعْدَ ذِكْرِهِ قَوْلَ ابْنِ الْقَاسِمِ الْأَوَّلَ أَنَّهَا ثَابِتَةٌ بِكُلِّ حَالٍ (قُلْت) : فِيهِ شَيْءٌ؛ لِأَنَّ يَمِينَهُ كَانَتْ عَلَى أَنَّهُ إنَّمَا قَصَدَ بِالتَّأْخِيرِ الْكَفَالَةَ فَإِذَا نَكَلَ كَانَ الْقِيَاسُ أَنْ تَسْقُطَ الْكَفَالَةُ وَهُوَ مَذْهَبُ غَيْرِ ابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْمُدَوَّنَةِ اهـ. وَاسْتِشْكَالُهُ هَذَا يَرْتَفِعُ بِمَا تَقَدَّمَ عَنْ الْبَيَانِ مِنْ أَنَّ الْمَوْجُودَ فِيهِ سَاقِطَةٌ بِكُلِّ حَالٍ لَا ثَابِتَةٌ وَيَبْقَى الْإِشْكَالُ مِنْ الْوَجْهِ الَّذِي ذَكَرَهُ فِي التَّوْضِيحِ لَكِنَّ مَا فِي الْبَيَانِ يُبْقِي الْقَوْلَ الثَّانِيَ كَأَنَّهُ الْأَوَّلُ لَا كَمَا اسْتَشْكَلَهُ الْمُصَنِّفُ مِنْ كَوْنِ الْقَوْلِ الثَّالِثِ كَالْأَوَّلِ وَلَكِنْ يُزِيلُ الْإِشْكَالَ مِنْ وَاحِدَةٍ بِزَوَالِ قَوْلِهِ فِي كُلِّ حَالٍ مِنْ الْقَوْلِ الْأَوَّلِ عَلَى مَا فِي الْبَيَانِ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ فِي النُّسَخِ الصَّحِيحَةِ كَذَلِكَ؛ لِأَنَّ ابْنَ عَرَفَةَ كَذَلِكَ نَقَلَهُ كَمَا تَقَدَّمَ وَكَانَ الْقَوْلُ الْأَوَّلُ الَّذِي لِابْنِ الْقَاسِمِ يُفَرِّقُ بَيْنَ أَنْ يَحْلِفَ فَلَا تَسْقُطُ الْكَفَالَةُ وَيَسْقُطُ التَّأْخِيرُ وَبَيْنَ أَنْ يَنْكُلَ فَتَسْقُطَ الْكَفَالَةُ وَلَا يَسْقُطُ التَّأْخِيرُ وَالْقَوْلُ الَّذِي لِلْغَيْرِ يَقُولُ: الْكَفَالَةُ سَاقِطَةٌ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ بِمُجَرَّدِ التَّأْخِيرِ وَالثَّالِثُ يَقُولُ ثَابِتَةٌ فِي كِلَا الْوَجْهَيْنِ وَاَللَّهُ أَعْلَمُ
ص (وَبَطَلَ إنْ فَسَدَ مُتَحَمِّلٌ بِهِ)
ش: هَذَا أَحَدُ الْأَقْوَالِ الثَّلَاثَةِ الَّتِي ذَكَرَهَا فِي التَّوْضِيحِ وَهِيَ فِي الْبَيَانِ قَالَ فِي الْبَيَانِ فِي رَسْمِ الْعَرِيَّةِ مِنْ سَمَاعِ عِيسَى مِنْ الْكَفَالَةِ بَعْدَ أَنْ ذَكَرَ الْخِلَافَ: وَهَذَا الِاخْتِلَافُ كُلُّهُ إنَّمَا هُوَ إذَا كَانَتْ الْكَفَالَةُ فِي أَصْلِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ، وَأَمَّا إنْ كَانَتْ بَعْدَ عَقْدِ الْبَيْعِ الْفَاسِدِ فَهِيَ سَاقِطَةٌ قَوْلًا وَاحِدًا هَذَا تَحْصِيلُ الْقَوْلِ فِي حُكْمِ الْكَفَالَةِ فِي اللُّزُومِ إذَا وَقَعَ الْفَسَادُ بَيْنَ الْمُتَبَايِعَيْنِ، وَأَمَّا إنْ وَقَعَ بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالْمَطْلُوبِ بِغَيْرِ عِلْمِ الطَّالِبِ لَزِمَتْهُ الْكَفَالَةُ اهـ. وَهَذَا الْأَخِيرُ مِمَّا يَدْخُلُ تَحْتَ قَوْلِ الْمُصَنِّفِ: أَوْ فَسَدَ بِكَجُعْلٍ.
[فُرُوعٌ الْأَوَّلُ بَاعَ مَوْلًى وَأَخَذ حَمِيلًا بِالثَّمَنِ فَرَدَّ ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَأَسْقَطَهُ عَنْ الْمَوْلَى]
(فُرُوعٌ الْأَوَّلُ) قَالَ فِي الذَّخِيرَةِ فِي بَابِ الْحَجْرِ: فَرْعٌ فِي النَّوَادِرِ قَالَ عَبْدُ الْمَلِكِ إذَا بِعْت مَوْلًى وَأَخَذْت حَمِيلًا بِالثَّمَنِ فَرَدَّ ذَلِكَ السُّلْطَانُ وَأَسْقَطَهُ عَنْ الْمَوْلَى فَإِنْ جَهِلْت أَنْتِ وَالْحَمِيلُ لَزِمَتْ الْحَمَالَةُ؛ لِأَنَّهُ أَدْخَلَك فِيمَا لَوْ شِئْت كَشَفْته، وَإِنْ دَخَلْت فِي ذَلِكَ بِعِلْمٍ سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ عَلِمَ الْحَمِيلُ أَمْ لَا لِبُطْلَانِ أَصْلِهَا.
[الفرع الثَّانِي نَصْرَانِيّ تَحْمِل عَنْ نَصْرَانِيّ سلفا فِي خَمْر أَوْ خِنْزِير ثُمَّ أسلم وَأَعْدَم الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقّ]
(الثَّانِي) قَالَ فِي رَسْمِ بَاعَ شَاةً مِنْ السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ وَسُئِلَ عَنْ النَّصْرَانِيِّ سَلَّفَ نَصْرَانِيًّا خَمْرًا، أَوْ خِنْزِيرًا وَتَحَمَّلَ لَهُ نَصْرَانِيٌّ بِالْخَمْرِ وَالْخِنْزِيرِ، فَأَسْلَمَ الْحَمِيلُ وَأَعْدَمَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ قَالَ: فَلَيْسَ عَلَى الْحَمِيلِ الَّذِي أَسْلَمَ شَيْءٌ، وَيَتْبَعُ النَّصْرَانِيُّ غَرِيمَهُ النَّصْرَانِيَّ قَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ وَكُلُّ حَمَالَةٍ كَانَ أَصْلُ شِرَائِهَا حَرَامًا فَلَيْسَ عَلَى الْمُتَحَمِّلِ مِمَّا تَحَمَّلَ شَيْءٌ اهـ.
[الفرع الثَّالِث حَمَالَةُ الْمُكَاتَبِ]
(الثَّالِثُ) قَالَ ابْنُ عَرَفَةَ قَبْلَ تَرَاجُعِ الْحُمَلَاءِ ابْنُ حَارِثٍ لَا تَجُوزُ حَمَالَةُ الْمُكَاتَبِ اتِّفَاقًا وَلَوْ تَحَمَّلَ مَعَ حُرٍّ بِحَقٍّ عَلَى أَنَّ كُلَّ وَاحِدٍ حَمِيلٌ بِالْآخَرِ فَفِي لُزُومِ كُلِّ الْحَقِّ، أَوْ شَرْطِهِ قَوْلَا ابْنِ عَبْدِ الْحَكَمِ وَنَقَلَهُ اهـ.
[الفرع الرَّابِع أبرأ الْحَمِيل ثُمَّ ادَّعَى كَرَاهَة ذَلِكَ]
(الرَّابِعُ) قَالَ فِي رَسْمِ أَسْلَمَ مِنْ السَّمَاعِ الْمَذْكُورِ فِي رَجُلٍ أَسَلَفَ رَجُلًا دِينَارًا إلَى أَجَلٍ وَأَخَذَ بِهِ حَمِيلًا، فَلَمَّا حَلَّ الْأَجَلُ جَعَلَا الدِّينَارَ فِي عَشَرَةِ أَرَادِبَ إلَى الْغَلَّةِ فَلَقِيَ الْحَمِيلَ فَقَالَ قَدْ بَرِئَتْ ذِمَّتُك مِنْ الدِّينَارِ الَّذِي تَحَمَّلْت لِي بِهِ وَأَشْهَدَ بِالْبَرَاءَةِ، ثُمَّ رَجَعَ فَقَالَ هَذَا مَكْرُوهٌ وَلَمْ أَعْلَمْ وَتَعَلَّقَ بِالْحَمِيلِ قَالَ لَيْسَ لَهُ أَنْ يَرْجِعَ عَلَى الْحَمِيلِ، وَقَدْ بَرِئَ مِنْ الْحَمَالَةِ وَلَا يَنْفَعُهُ مَا جَهِلَ مِنْ ذَلِكَ وَلَا يَنْفَعُهُ الْحَرَامُ الَّذِي دَخَلَ فِيهِ وَيَرْجِعُ عَلَى صَاحِبِهِ وَالْحَمِيلُ بَرِيءٌ قَالَ ابْنُ رُشْدٍ: إنَّمَا بَطَلَتْ الْحَمَالَةُ بِالدِّينَارِ مِنْ أَجْلِ أَنَّهُ أَبْرَأَ مِنْهَا بِمَا ظَنَّ مِنْ جَوَازِ فَسْخِ الدِّينَارِ فِي الشَّعِيرِ إلَى أَجَلٍ فَلَمْ يَعْذُرْهُ بِالْجَهَالَةِ وَهُوَ أَصْلٌ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فَيَأْتِي عَلَى الْقَوْلِ أَنَّهُ يُعْذَرُ بِهَا إذَا
كَانَ مِمَّنْ يُمْكِنُ أَنْ يَجْهَلَ ذَلِكَ بَعْدَ أَنْ يَحْلِفَ مَا أَبْرَأَهُ إلَّا وَهُوَ يَظُنُّ أَنَّ الدِّينَارَ قَدْ بَطَلَ، وَهَذَا نَحْوُ مَا يَحْكِي ابْنُ حَبِيبٍ عَنْ أَصْبَغَ فِي الْحَمِيلِ بِمَا عَلَى الْغَرِيمِ إذَا أَخَذَ لَهُ الْحَقَّ مِنْ الْغَرِيمِ عَبْدًا بِالْحَقِّ ثُمَّ اسْتَحَقَّ ذَلِكَ الْعَبْدَ مِنْ يَدِهِ فَرَجَعَ إلَى الْغَرِيمِ بِمَا كَانَ عَلَيْهِ فَلَا سَبِيلَ إلَى الْحَمِيلِ، وَقَدْ بَرِئَ الْحَمِيلُ حِينَ أَخَذَ مِنْ الْغَرِيمِ بِالْحَقِّ مَا أَخَذَ، وَبِاَللَّهِ التَّوْفِيقُ انْتَهَى.
ص (أَوْ فَسَدَتْ بِكَجُعْلٍ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ)
ش: هَذَا هُوَ الْمَوْجُودُ فِي غَالِبِ النُّسَخِ وَمَعْنَاهَا فَاسِدٌ كَمَا يُفْهَمُ مِنْ كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ فَالنُّسْخَةُ
الصَّحِيحَةُ هِيَ النُّسْخَةُ الْأُولَى الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ غَازِيٍّ وَنَصُّ كَلَامِهِ كَذَا فِي كَثِيرٍ مِنْ النُّسَخِ غَيْرَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ وَالرَّاءِ وَكَمَدِينِهِ بِالْكَافِ الَّتِي لِلتَّشْبِيهِ فَهُوَ كَقَوْلِهِ فِي تَوْضِيحِهِ: لَا يَجُوزُ لِلضَّامِنِ أَنْ يَأْخُذَ جُعْلًا سَوَاءٌ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ، أَوْ مِنْ الْمَدِينِ، أَوْ غَيْرِهِمَا وَفِي بَعْضٍ، وَإِنْ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ بِلَفْظِ عِنْدَ بِالْعَيْنِ الْمُهْمَلَةِ وَالنُّونِ وَالدَّالِ وَلِمَدِينِهِ بِاللَّامِ وَصَوَابُهُ عَلَى هَذَا أَنْ يَقُولَ: لَا مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ بِلَا النَّافِيَةِ حَتَّى يَكُونَ مُوَافِقًا لِقَوْلِهِ فِي التَّوْضِيحِ اُخْتُلِفَ إذَا كَانَ رَبُّ الدَّيْنِ أَعْطَى الْمِدْيَانَ شَيْئًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ حَمِيلًا فَأَجَازَهُ مَالِكٌ وَابْنُ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبُ، وَغَيْرُهُمْ وَعَنْ أَشْهَبَ فِي الْعُتْبِيَّةِ أَنَّهُ لَا يَصِحُّ وَعَنْهُ أَيْضًا أَنَّهُ كَرِهَهُ، وَقَالَ اللَّخْمِيُّ: وَغَيْرُهُ الْجَوَازُ أَبْيَنُ انْتَهَى. وَهَاتَانِ النُّسْخَتَانِ اللَّتَانِ ذَكَرَهُمَا غَيْرُ مَشْهُورَتَيْنِ وَالنُّسْخَةُ الْمَشْهُورَةُ مِنْ غَيْرِ رَبِّهِ لِمَدِينِهِ كَمَا ذَكَرْته أَوَّلًا بِإِسْقَاطِ وَإِنْ وَغَيْرَ بِالْغَيْنِ الْمُعْجَمَةِ وَالْيَاءِ وَالرَّاءِ وَلِمَدِينِهِ فَاللَّامُ الْجَرِّ وَهَذِهِ النُّسْخَةُ مَعْنَاهَا فَاسِدٌ؛ لِأَنَّهَا تَدُلُّ عَلَى أَنَّ الضَّمَانَ يَفْسُدُ إذَا دَفَعَ غَيْرُ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمِدْيَانِ جُعْلًا عَلَى أَنْ يُعْطِيَ لِرَبِّ الدَّيْنِ حَمِيلًا، وَهَذَا لَا يَصِحُّ؛ لِأَنَّهُ تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ غَازِيٍّ أَنَّ الْجُعْلَ لَوْ كَانَ مِنْ رَبِّ الدَّيْنِ لِلْمِدْيَانِ لَصَحَّ فَأَحْرَى إذَا كَانَ مِنْ غَيْرِهِ وَلَوْ كَانَ بَدَلَ اللَّامَ كَافٌ لَصَحَّتْ؛ لِأَنَّهَا تَرْجِعُ إلَى الْأُولَى غَيْرَ أَنَّهُ يَدَّعِي فِيهَا أَنَّهُ إذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ عِنْدِ رَبِّهِ أَحْرَوِيًّا فَأَوْلَى النُّسَخِ وَأَحْسَنُهَا النُّسْخَةُ الْأُولَى الَّتِي ذَكَرَهَا ابْنُ غَازِيٍّ وَيَدْخُلُ فِي قَوْلِهِ بِكَجُعْلٍ جَمِيعُ الصُّوَرِ الَّتِي لَا يَجُوزُ فِيهَا الْحَمَالَةُ لِدُخُولِ الْفَسَادِ بَيْنَ الْكَفِيلِ وَالطَّالِبِ، أَوْ الْمَطْلُوبِ كَمَا تَقَدَّمَ فِي كَلَامِ ابْنِ رُشْدٍ.
(تَنْبِيهٌ)
ظَاهِرُ كَلَامِ الْمُؤَلِّفِ أَنَّ الضَّمَانَ سَقَطَ فِي جَمِيعِ الْوُجُوهِ وَنَقَلَ ابْنُ عَرَفَةَ عَنْ اللَّخْمِيِّ خِلَافَهُ وَفَصَّلَ فِيهِ وَنَصُّهُ: وَالضَّمَانُ بِجُعْلٍ لَا يَجُوزُ ابْنُ الْقَطَّانِ عَنْ صَاحِبِ الْأَنْبَاءِ إجْمَاعًا اللَّخْمِيُّ مَنْ جَعَلَ لِرَجُلٍ دِينَارًا لِيَتَحَمَّلَ لَهُ بِثَمَنِ مَا بَاعَهُ لِأَجَلٍ بَطَلَتْ الْحَمَالَةُ، وَالْجُعْلُ لَا الْبَيْعُ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيمَا فَعَلَاهُ، وَلَوْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْمُشْتَرِي وَلَا عِلْمَ لِلْبَائِعِ صَحَّ الْبَيْعُ وَلَزِمَتْ الْحَمَالَةُ؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ حَتَّى أَخْرَجَ سِلْعَتَهُ وَلَوْ عَلِمَ الْبَائِعُ فَفِي سُقُوطِ الْحَمَالَةِ قَوْلَا ابْنِ الْقَاسِمِ وَمُحَمَّدٍ قَائِلًا: إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ اللَّخْمِيُّ، وَعَلَى الْأَوَّلِ يُخَيَّرُ الْبَائِعُ فِي إمْضَاءِ الْبَيْعِ دُونَ حَمَالَةٍ وَفَسْخِهِ وَلَوْ جَهِلَا حُرْمَتَهُ فَلَا صَبْغَ وَلَا شَيْءَ عَلَى الْحَمِيلِ، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ تَلْزَمُ الْحَمَالَةُ إنْ لَمْ يَكُنْ لِلْبَائِعِ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ وَيُخْتَلَفُ عَلَى هَذَا إنْ بَاعَ سِلْعَتَهُ مِنْ رَجُلٍ عَلَى أَنْ يَزِنَ عَنْهُ فُلَانٌ ثَمَنَهَا بِجُعْلٍ مِنْ الْمُشْتَرِي فَلَا يَجُوزُ عَلَى قَوْلِ ابْنِ الْقَاسِمِ أَنْ يَطْلُبَ فُلَانًا بِالثَّمَنِ إنْ عَلِمَ ذَلِكَ؛ لِأَنَّهُ سَلَفٌ بِزِيَادَةٍ وَلَهُ أَخْذُ سِلْعَتِهِ إنْ عَجَزَ الْمُشْتَرِي عَنْ ثَمَنِهَا، وَعَلَى قَوْلِ مُحَمَّدٍ يَمْضِي وَيَلْزَمُ فُلَانًا يُرِيدُ وَيَسْقُطُ الْجُعْلُ قَالَ: وَالْأَوَّلُ أَحْسَنُ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ مَالِكٍ وَابْنِ الْقَاسِمِ وَأَشْهَبَ وَغَيْرِهِمْ مَنْ قَالَ: لِرَجُلٍ ضَعْ مِنْ دَيْنِك عَنْ فُلَانٍ وَأَتَحَمَّلُ لَك بِبَاقِيهِ لِأَجَلٍ آخَرَ لَا بَأْسَ بِهِ؛ لِأَنَّ لَهُ أَخْذُهُ بِحَقِّهِ حَالًا رَوَى أَشْهَبُ عَنْهُ جَوَازَهُ، وَكَرَاهَتَهُ.
وَقَالَ مَالِكٌ فِي الْعُتْبِيَّةِ: لَا يَصْلُحُ كَمَنْ قَالَ أَعْطِنِي عَشَرَةَ دَرَاهِمَ وَأَتَحَمَّلُ لَك فَالْحَمَالَةُ عَلَى هَذَا حَرَامٌ وَالْأَوَّلُ أَبْيَنُ وَلِابْنِ الْقَاسِمِ فِي الْعُتْبِيَّةِ لَا بَأْسَ أَنْ تَقُولَ: خُذْ هَذِهِ الْعَشَرَةَ دَنَانِيرَ وَأَعْطِنِي بِمَا عَلَيْك حَمْلًا وَرَهْنًا وَعَلَى أَحَدِ أَقْوَالِ مَالِكٍ لَا يَجُوزُ وَلَوْ قَالَ: أَتَحَمَّلُ لَك عَلَى أَنْ تُعْطِيَ فُلَانًا غَيْرَ الْغَرِيمِ دِينَارًا لَمْ يَجُزْ وَلِمُحَمَّدٍ عَنْ أَشْهَبَ مَنْ لَهُ عَلَى رَجُلٍ عَشَرَةُ دَنَانِيرَ لِأَجَلٍ فَأَسْقَطَ عَنْهُ قَبْلَ الْأَجَلِ دِينَارَيْنِ عَلَى أَنْ يُعْطِيَهُ بِالْبَاقِي رَهْنًا، أَوْ حَمِيلًا فَلَا بَأْسَ بِهِ.
وَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ: لَا يَجُوزُ اللَّخْمِيُّ؛ لِأَنَّ أَخْذَهُ الْحَمِيلَ خَوْفُ عُسْرِ الْغَرِيمِ عِنْدَ الْأَجَلِ فَيَجِبُ تَأْخِيرُهُ فَأَخَذَهُ الْحَمِيلُ بِمَا وَضَعَ مِثْلُ ضَعْ وَتَعَجَّلْ انْتَهَى وَسَيَأْتِي لَفْظُ اللَّخْمِيِّ وَفِي شَرْحِ أَوَّلِ مَسْأَلَةٍ مِنْ كِتَابِ الْكَفَالَةِ مِنْ الْبَيَانِ خِلَافُهُ أَيْضًا وَنَصُّهُ: إذَا تَحَمَّلَ الرَّجُلُ بِجُعْلٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الطَّالِبِ، أَوْ مِنْ الْمَطْلُوبِ بِغَيْرِ عِلْمِ الطَّالِبِ سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ وَرَدَّ الْجُعْلَ وَأَمَّا إنْ تَحَمَّلَ بِجُعْلٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمَطْلُوبِ عَلِمَ الطَّالِبُ فَالْجُعْلُ سَاقِطٌ وَالْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ قَالَهُ مُطَرِّفٌ وَابْنُ الْمَاجِشُونِ وَابْنُ وَهْبٍ وَأَصْبَغُ فِي الْوَاضِحَةِ وَابْنِ الْقَاسِمِ فِيهَا، وَفِي كِتَابِ ابْنِ الْمَوَّازِ، وَكَذَا إذَا الْتَزَمَ الْعُهْدَةَ عَنْ الْبَائِعِ لِلْمُشْتَرِي بِجُعْلٍ يَأْخُذُهُ مِنْ الْمُشْتَرِي، أَوْ مِنْ الْبَائِعِ بِعِلْمِ الْمُشْتَرِي، فَالْجُعْلُ مَرْدُودٌ، وَالِالْتِزَامُ سَاقِطٌ انْتَهَى.
وَانْظُرْ قَوْلَهُ فَالْجُعْلُ لَازِمٌ وَالظَّاهِرُ أَنَّهُ سَقَطَ مِنْهُ لَفْظَةُ غَيْرِ فَقَدْ قَالَ اللَّخْمِيُّ: إذَا كَانَ الْجُعْلُ تَصِلُ مَنْفَعَتُهُ لِلْحَمِيلِ رُدَّ الْجُعْلُ قَوْلًا وَاحِدًا وَيَفْتَرِقُ الْجَوَابُ فِي ثُبُوتِ الْحَمَالَةِ وَسُقُوطِهَا وَفِي صِحَّةِ الْبَيْعِ وَفَسَادِهِ وَذَلِكَ عَلَى ثَلَاثَةِ أَوْجُهٍ: فَتَارَةً تَسْقُطُ الْحَمَالَةُ وَيَثْبُتُ الْبَيْعُ، وَتَارَةً تَثْبُتُ الْحَمَالَةُ وَالْبَيْعُ، وَالثَّالِثُ مُخْتَلَفٌ فِيهِ فِي الْحَمَالَةِ وَالْبَيْعِ جَمِيعًا فَإِذَا كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْبَائِعِ جَعَلَ لِرَجُلٍ دِينَارًا لِيَتَحَمَّلَ لَهُ بِمَا يَبِيعُ بِهِ سِلْعَتَهُ مِنْ فُلَانٍ كَانَتْ الْحَمَالَةُ سَاقِطَةً؛ لِأَنَّ مَحَلَّهَا مَحَلُّ الْبَيْعِ؛ لِأَنَّهَا حَمَالَةٌ بِعِوَضٍ فَإِذَا لَمْ يَصِحَّ لِلْحَمِيلِ الْعِوَضُ لَمْ تَلْزَمْهُ الْحَمَالَةُ، وَالْبَيْعُ صَحِيحٌ؛ لِأَنَّ الْمُشْتَرِيَ لَا مَدْخَلَ لَهُ فِيمَا فَعَلَهُ الْبَائِعُ مَعَ الْحَمِيلِ، وَإِنْ كَانَ الْجُعْلُ مِنْ الْمُشْتَرِي فَقَالَ لَهُ: تَحَمَّلَ عَنِّي بِمَا أَشْتَرِي بِهِ هَذِهِ السِّلْعَةَ وَلَك دِينَارٌ، وَالْبَائِعُ غَيْرُ عَالِمٍ بِمَا فَعَلَاهُ كَانَ الْبَيْعُ جَائِزًا وَالْحَمَالَةُ لَازِمَةً؛ لِأَنَّهُ غَرَّهُ حَتَّى أَخْرَجَ سِلْعَتَهُ وَاخْتُلِفَ إذَا عَلِمَ الْبَائِعُ فَقَالَ ابْنُ الْقَاسِمِ فِي كِتَابِ مُحَمَّدٍ إذَا كَانَ ذَلِكَ بِعِلْمِ صَاحِبِ الْحَقِّ سَقَطَتْ الْحَمَالَةُ يُرِيدُ: وَيَكُونُ بِالْخِيَارِ فِي بَيْعِهِ بَيْنَ أَنْ يُجِيزَهُ بِغَيْرِ حَمِيلٍ، أَوْ يَرُدَّهُ، وَقَالَ مُحَمَّدٌ: الْحَمَالَةُ لَازِمَةٌ، وَإِنْ عَلِمَ إذَا لَمْ يَكُنْ لِصَاحِبِ الْحَقِّ فِي ذَلِكَ سَبَبٌ انْتَهَى.
، وَقَدْ حَمَلَ الشَّارِحُ كَلَامَ الْمُصَنِّفِ عَلَى أَنَّ الْحَمَّالَةَ تَبْطُلُ مُطْلَقًا، وَعَطَفَ عَلَيْهِ بِقِيلِ التَّفْصِيلَ بَيْنَ أَنْ يَعْلَمَ، أَوْ لَا يَعْلَمَ مَشَى عَلَى ذَلِكَ فِي شَرْحِهِ الْأَوْسَطِ وَالْأَصْغَرِ وَفِي الشَّامِلِ بَلْ كَلَامُهُ فِي