الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْملك الْمعز
عز الدّين، أَي بك، التركماني الصَّالِحِي النجمي. أول مُلُوك التّرْك بالديار المصرية. وَقد ذكرنَا من ولى ملك مصر من الأتراك الَّذين مسهم الرّقّ إِلَى يَوْمنَا (هَذَا [فِي] أَبْيَات [موالياً] ) :
(أَي بك قطز يعقبوا بيبرس ذُو الْإِكْمَال
…
بعدو قلاوون بعدو كتبغا المفضال)
(لاجين بيبرس برقوق شيخ ذُو الأفضال
…
ططر برسباى جقمق ذُو الْعلَا أينال)
( [وخشقدم عَنهُ قل يلبيه ذُو الْأَحْوَال
…
تمربغا قيتبيه الْفَحْل ذُو الإقبال] )
وَكَانَ أصل أَي بك الْمَذْكُور من مماليك [الْملك] الصَّالح نجم الدّين أَيُّوب. اشْتَرَاهُ فِي حَيَاة وَالِده [الْملك] الْكَامِل، وَجعله جاشنكيره؛ وَلِهَذَا كَانَ رنكه [صُورَة] خونجا.
تسلطن بعد أَن خلعت شجر الدّرّ نَفسهَا من الْملك من غير كره، بعد أَن أجمع رَأْي أكَابِر الْأُمَرَاء على سلطنته؛ فتسلطن فِي يَوْم السبت آخر شهر ربيع الأول سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وسِتمِائَة.
وَتمّ أمره وَركب بشعائر السلطنة، وحملت الغاشية بَين يَدَيْهِ، وَتمّ أمره فِي الْملك. ثمَّ إِن المماليك الصالحية - الْأُمَرَاء البحرية - اتَّفقُوا بعد ذَلِك وَقَالُوا: لابد لنا من وَاحِد من بني أَيُّوب نسلطنه، نَجْتَمِع الْجَمِيع على طَاعَته.
وَكَانَ الْقَائِم بِهَذَا الْأَمر الْأَمِير فَارس الدّين أقطاي الجمدار، وبيبرس البندقداري وبلبان الرَّشِيدِيّ، وسنقر الرُّومِي وَجَمَاعَة أخر؛ فأقاموا مظفر الدّين مُوسَى ابْن [الْملك] النَّاصِر يُوسُف ابْن الْملك المسعود ابْن [الْملك] الْكَامِل ابْن [الْملك] الْعَادِل بن أَيُّوب، ولقبوه بِالْملكِ الْأَشْرَف، وَكَانَ عِنْد عماته؛ فأحضروه وعمره يَوْم ذَاك عشر سِنِين.
وَلم يعْزل الْمعز عَن السلطنة، بل صَار مَعَه كالأتابك، وخطب لَهما مَعًا على المنابر.
وَكَانَت هَذِه الْحَرَكَة بعد سلطنة الْمعز [أَي بك هَذَا] بِخَمْسَة أَيَّام. وَلم يسع الْمعز أَي بك حِينَئِذٍ إِلَّا الإذعان لما فَعَلُوهُ خجدا شيته؛ لعظم شوكتهم.
وَاسْتمرّ [الْملك] الْمعز فِي السلطنة شَرِيكا لهَذَا الصَّبِي، إِلَى أَن مهد أُمُوره وقويت شوكته وصفى لَهُ الْوَقْت عزل الصَّبِي، واستقل [هُوَ] بالسلطنة بعد أُمُور حصلت ووقائع، إِلَى أَن قتلته زَوجته شجر الدّرّ - الْمُقدم ذكرهَا - فِي يَوْم الثُّلَاثَاء ثَالِث عشْرين شهر ربيع الأول سنة خمس وَخمسين وسِتمِائَة.
وتسلطن بعده ابْنه الْملك الْمَنْصُور على بن أَي بك - كَمَا سَيَأْتِي ذكره -. وأيبك صَوَابه أَن يكْتب: أَي بك؛ فَإِنَّهُ اسْم مركب كأي بغا وَأي دمر.
وَلَا عِبْرَة بِكِتَابَة من لَا يعرف المصطلح باللغة التركية من الْفُقَهَاء؛ فَإِنَّهُم يَكْتُبُونَ شَيْئا لَا يعرفونه لَا يفهمونه. [بل] وأعجب من ذَلِك أَنهم يكابرون فِي هَذَا الْأَمر، مَعَ أَنهم لَو سَأَلَهُمْ بعض الصغار: مَا معنى مَا تَقولُونَ؟ لَا يعْرفُونَ {، فَهَذَا هُوَ الْحمق بِعَيْنِه.
وَقد حرفوا بذلك أَسمَاء كَثِيرَة، وجعلوها فِي قالب لَا معنى لَهُ مثل: جَانِبك، وتنبك [وكلبك وَنَحْو ذَلِك. والعجيب أَنهم يَكْتُبُونَ جَانِبك: جانى بك. وماعداه مثل: جانباني، وَمثل: جَان تمر وجان غاى، وجان كلى، وجان قرا، الْجَمِيع بِلَا يَاء] .
ويكتبون: جانى بك بِالْيَاءِ على هَذِه [الصُّورَة] . فَلَو سَأَلَهُمْ سَائل: مَا معنى وَجه التَّخْصِيص فِي أَن جانى بك تكْتب بِالْيَاءِ من دون هَذِه الْأَسْمَاء جَمِيعًا؟ . فلعمري مَا يكون جوابهم} ؟ والجميع على صِيغَة وَاحِدَة من أَن صدر الْكَلِمَة جَان - وَهِي: الرّوح باللغة التركية - وعجزها مُخْتَلف، وكل اسْم من ذَلِك فصل يُمَيّز الرجل عَن غَيره فِي نَوعه، وَله معنى صَحِيح يُفِيد المستمع إِذا كَانَ على صيغته لَا على مَا يحرفونه هَؤُلَاءِ - إنتهى.