الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْملك المظفر
سيف الدّين، قطز بن عبد الله المعزي.
الثَّالِث من مُلُوك التّرْك بالديار المصرية.
تسلطن بعد خلع ابْن أستاذه الْملك الْمَنْصُور على ابْن [الْملك] الْمعز أَي بك التركماني فِي يَوْم السبت سَابِع عشر ذِي الْقعدَة سنة سبع وَخمسين وسِتمِائَة؛ وَذَلِكَ بعد أَن عظمت الأراجيف بقدوم التتار.
وَسبب خلع [الْملك] الْمَنْصُور: كَونه كَانَ صَغِيرا لَا يدْرِي تَدْبِير الْأُمُور؛ فتسلطن قطز [الْمَذْكُور] ؛ ليقوم بِدفع التتار عَن الْبِلَاد.
وَلما تسلطن أَخذ فِي تجهيز أمره لقِتَال التتار، بعد أَن استولت التتار على حلب ودمشق وأخذوهما من يَد السُّلْطَان النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف الأيوبي.
ووصلت غارات التتار إِلَى غَزَّة؛ فَخرج إِلَيْهِم المظفر من الديار المصرية بعساكرها، والتقى التتار بِعَين جالوت فِي يَوْم الْجُمُعَة خَامِس عشْرين شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة، وَهَزَمَهُمْ أقبح هزيمَة، وولوا [التتار][الأدبار] ، وأعز الله الْإِسْلَام على يَد [الْملك] المظفر هَذَا.
ثمَّ بعد كسرة التتار، سَار الْملك المظفر بعساكره إِلَى دمشق ومهد أمورها وَأصْلح مَا فسد من شَأْنهَا، وَأحسن للرعية، وساس النَّاس أحسن سياسة.
وقطز هَذَا هُوَ أول من ملك الْبِلَاد الشامية من مُلُوك التّرْك [بديار مصر] ، وَكَانَ الشَّام جَمِيعه قبل ذَلِك مَعَ [الْملك] النَّاصِر صَلَاح الدّين يُوسُف الأيوبي وَغَيره من مُلُوك بني أَيُّوب. وَلما مهد [الْملك] المظفر أَمر الشَّام عَاد إِلَى جِهَة الديار المصرية - بعد أُمُور ذَكرنَاهَا فِي غير هَذَا الْكتاب -.
وَسَار [الْملك المظفر] ، إِلَى أَن وصل إِلَى الْقصير رأى أرنبا؛ فساق [الْملك] المظفر خلف الأرنب، وسَاق وَرَاءه جمَاعَة من الْأُمَرَاء قد اتَّفقُوا على قَتله، وَكَبِيرهمْ بيبرس البندقدارى وَمَعَهُ انص [الرُّومِي وصنغلي والهاروني][وَجَمَاعَة أخر] .
فَلَمَّا دنوا مِنْهُ وَلم يبْق عِنْد قطز غَيرهم، تقدم إِلَيْهِ بيبرس [البندقدارى] ، وشفع عِنْده شَفَاعَة؛ فقبلها [الْملك] المظفر قطز؛ فَأَهوى بيبرس على يَده ليقبلها؛ فَقبض عَلَيْهَا، وَحمل عَلَيْهِ انص وضربه بِالسَّيْفِ، ثمَّ حملُوا عَلَيْهِ وقتلوه، وتركوه مَيتا، وَسَاقُوا وهم شاهرون سيوفهم، إِلَى أَن وصلوا إِلَى الدهليز السلطاني بِمَنْزِلَة الصالحية.
وَجلسَ بيبرس البنداقدارى على مرتبَة السلطنة وتسلطن، وَتمّ أمره؛ فَعظم على الْمُسلمين قتل [الْملك] المظفر قطز إِلَى الْغَايَة، ولعنوا قَاتله سنينا كَثِيرَة؛ لِأَنَّهُ كَانَ من خِيَار مُلُوك التّرْك، وَله الْيَد الْبَيْضَاء فِي الْقيام برد التتار واقماعهم، وطردهم عَن بِلَاد الْمُسلمين.
وَكَانَ قتل [الْملك] المظفر هَذَا فِي يَوْم السبت سادس [عشر] ذِي الْقعدَة سنة ثَمَان وَخمسين وسِتمِائَة؛ فَكَانَت سلطنته على مصر سنة وَاحِدَة (إِلَّا يَوْمًا [وَاحِدًا] . وَقيل: إِلَّا عشرَة أَيَّام رحمه الله [تَعَالَى]-.