الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْملك المظفر
حاجى (ابْن [الْملك] النَّاصِر مُحَمَّد) ابْن [الْملك][الْمَنْصُور] قلاوون.
تسلطن بعد خلع أَخِيه الْكَامِل شعْبَان [فِي يَوْم الأثنين مستهل جُمَادَى الْآخِرَة سنة سبع وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة] .
وَهُوَ [السُّلْطَان] الثَّامِن عشر من مُلُوك التّرْك بديار مصر، وَالسَّادِس من أَوْلَاد ابْن قلاوون.
وَكَانَ مولده فِي سنة إثنتين وَثَلَاثِينَ وَسَبْعمائة وَأَبوهُ فِي الْحجاز؛ فَسمى حاجى.
وَكَانَ سَبَب قتل الْكَامِل وسلطنة حاجى [هَذَا] : أَن الْكَامِل أَرَادَ قتل حاجى [هَذَا] ، وَأمر أَن تبنى عَلَيْهِ حَائِطا. وَكَانَ الْكَامِل غير محبب للنَّاس؛ فكاتبوا الْأُمَرَاء يلبغا اليحياوي نَائِب الشَّام بِخُرُوجِهِ عَن الطَّاعَة؛ فامتثل ذَلِك، وبرز إِلَى ظَاهر دمشق؛ فَاحْتَاجَ الْكَامِل لما بلغه الْخَبَر أَن يجرد لقتاله عسكرا؛ فَجهز العساكر وسيرهم.
فَلَمَّا خَرجُوا إِلَى الخطارة رجعُوا إِلَيْهِ، وَقد خرج الْجَمِيع عَن طَاعَته؛ فَنزل إِلَيْهِم وَقَاتلهمْ؛ فانكسر وجرح الْأَمِير أرغون العلائي فِي وَجهه، وَقبض عَلَيْهِ وَقتل - حَسْبَمَا ذَكرْنَاهُ فِي تَرْجَمته -.
وَلما قبض [على] الْكَامِل اتّفق الْأَمِير ملكتمر الْحِجَازِي وآق سنقر وأرغون شاشه وشجاع الدّين أغزلو - الَّذِي جرح أرغون العلائي فِي وَجهه وأخرجوا حاجى [من الْحَبْس]- سلطنوه - حَسْبَمَا تقدم ذكره -.
وَلما تسلطن المظفر [هَذَا] انتظمت لَهُ الْأَحْوَال، وسكنت الْفِتَن، وَصفا لَهُ الْوَقْت؛ فَحسن بِبَالِهِ مسك جمَاعَة من الْأُمَرَاء؛ فَقبض على ملكتمر الْحِجَازِي - الَّذِي قَامَ بسلطنته - وعَلى جمَاعَة أخر من أكَابِر الْأُمَرَاء.
ثمَّ قبض على جمَاعَة كَثِيرَة من أَوْلَاد الْأُمَرَاء؛ فنفرت الْقُلُوب مِنْهُ. وَوَقع لَهُ مَعَ اليحياوي وَغَيره أُمُور يطول شرحها، وَقتل جمَاعَة كَثِيرَة من الْأُمَرَاء.
وَآل الْأَمر إِلَى خُرُوج الْأُمَرَاء بِمن مَعَهم إِلَى قبَّة النَّصْر؛ فَركب المظفر بِمن [بقى] مَعَه فِي الظَّاهِر وهم عَلَيْهِ فِي الْبَاطِن، والتقاهم [فَلم يثبت مَعَه أحد من أَصْحَابه؛ فالتقاهم] هُوَ بِنَفسِهِ؛ فطعنه الْأَمِير بيبغا أروس أَمِير مجْلِس أقلبه عَن فرسه، وضربه الْأَمِير طاز يرق بالطبر من خَلفه؛ فجرح وَجهه وأصابعه.
ثمَّ كتفوه، وأحضروه إِلَى بَين يَدي الْأَمِير أرقطاى النَّائِب؛ ليَقْتُلهُ.
فَلَمَّا رَآهُ نزل [عَن فرسه][وترجل] ، وَرمى عَلَيْهِ قباءه، وَقَالَ: أعوذ بِاللَّه! هَذَا سُلْطَان ابْن سُلْطَان مَا أَقتلهُ، خذوه إِلَى القلعة؛ فَأَخَذُوهُ، وأدخلوه إِلَى تربة هُنَاكَ، وَقضى الله أمره فِيهِ، وَذَلِكَ فِي [يَوْم] ثَانِي عشر شهر رَمَضَان سنة ثَمَان وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة؛ فَكَانَت مُدَّة ملكه سنة وَاحِدَة وَثَلَاثَة أشهر وإثني عشر يَوْمًا.
وَكَانَ [الْملك] المظفر شجاعا مقداما، ذَا قُوَّة مفرطة [وإقدام] ، وكرم، غير أَنه كَانَ عِنْده تهور ورعونة.
وَكَانَ أكبر الْأَسْبَاب فِي عَزله لعبه بالحمام.
وَفِي هَذَا الْمَعْنى يَقُول الصّلاح الصَّفَدِي:
(أَيهَا الْعَاقِل اللبيب تفكر
…
فِي المليك المظفر الضرغام)
(كم تَمَادى فِي الْبَغي والغي حَتَّى
…
كَانَ لعب الْحمام جد الْحمام)
وَله [أَيْضا] :
(حَان الردى للمظفر
…
وَفِي التُّرَاب تعفر)
(كم قد أباد أَمِيرا
…
على الْمَعَالِي توقر)
(وَقَاتل النَّفس ظلما
…
ذنُوبه مَا تكفر)