الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
[ذكر سلطنة] الْملك الْمُؤَيد شهَاب الدّين أَبُو الْفَتْح، أَحْمد بن أينال [على مصر]
وَهُوَ [السُّلْطَان] السَّابِع وَالثَّلَاثُونَ من مُلُوك التّرْك [وَأَوْلَادهمْ، وَالثَّالِث عشر من الجراكسة وَأَوْلَادهمْ] .
تسلطن فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء رَابِع عشر جُمَادَى الأولى، الْمُوَافق لأوّل برمهات بعد أَذَان الظّهْر، وَذَلِكَ بعد خلع الْملك الْأَشْرَف أينال نَفسه من السلطنة، وَجعل الْأَمر فِي وَلَده [هَذَا] .
وَكَانَ الطالع وَقت سلطنته السرطان، وَصَاحب الطالع السنبلة [وَهُوَ الْقَمَر، وَقد ذكرنَا تَحْرِير سلطنته فِي تَارِيخ الْحَوَادِث بأطول من هَذَا، إِذْ هُوَ مَحل الإطناب فِي الْكَلَام] .
وَلما تمّ أمره فِي الْملك أَخْلَع على الْأَمِير خشقدم أَمِير سلَاح باستقراره أتابك العساكر، عوضا عَن نَفسه.
ثمَّ أَخذ فِي تَدْبِير أُمُور المملكة، وَعمل مصالحها، وساس النَّاس [أحسن] سياسة.
وسر النَّاس بسلطنته قاطبة، وَأمنت السبل فِي أَيَّامه، وَاطْمَأَنَّ كل أحد على نَفسه وَمَاله، لاسيما لما قمع مماليك أَبِيه الأجلاب، ونهرهم عَن أفعالهم القبيحة؛ فخافوه، وانتهوا عَن أفعالهم؛ فَزَاد سرُور النَّاس بِهِ أضغاف سرورهم أَولا.
وَفرق النَّفَقَة فِي المماليك السُّلْطَانِيَّة جَمِيعهم، وَلم يفرق بَين مَمْلُوك وَلَا غير مَمْلُوك {} .
وَبِالْجُمْلَةِ؛ فَهُوَ أحسن مُلُوك مصر وَجها، وَمَعْرِفَة، وحذقا، وتدبيرا، وسياسة؛ إِلَّا أَنه لم يجد لَهُ معِين وَلَا منصف، بل تحاملوا عَلَيْهِ، واتفقت جَمِيع الطوائف على خلعه، من غير أَمر أوجب ذَلِك.
وَمَا ذَاك، إِلَّا أَنه كثير المحاسن، أَهلا للسلطنة، والدهر لَا ينصف مثل [ذَلِك] ، وَلَا يرفع إِلَّا نَاقِصا كَمَا هِيَ عَادَته فِيمَا نرى {} .
وَلَا زَالُوا يدبرون عَلَيْهِ حَتَّى خلعوه من الْملك، وسلطنوا عوضه الأتابك خشقدم.
وَأقَام بعد خلعه أَيَّامًا بالقلعة، ثمَّ حمل إِلَى الأسكندرية، وَحبس بهَا، إِلَى أَن أخرجه الْملك الظَّاهِر تمربغا من السجْن، ورسم لَهُ بِالسُّكْنَى فِي أَي دَار شَاءَ بثغر الأسكندرية -[وَقد ذكرنَا أُمُوره فِي تاريخنا الْحَوَادِث مستوفاة] .
وَكَانَت مُدَّة سلطنته [على مصر] أَرْبَعَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام، مرت كلمح الْبَصَر من حسن أَوْقَاتهَا -[وَكَانَ إنصافا من الظَّاهِر تمربغا]-.