الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
ذكر سلطنة [الظَّاهِر] برقوق الثَّانِيَة
تقدم ذكر سلطنته الأولى وَنسبه، ثمَّ مَا وَقع من خلعه وحبسه، ثمَّ ذكر سَبَب خُرُوجه من حبس الكرك وَعوده إِلَى ملك مصر بعد خلع الْمَنْصُور حاجى [فِي] يَوْم الثُّلَاثَاء رَابِع عشر صفر سنة إثنتين وَتِسْعين وَسَبْعمائة.
قلت: وَلما عَاد إِلَى ملكه قَابل الأتابك يلبغا الناصري خجداشه بالجميل، وَأخرجه من سجن الأسكندرية هُوَ وَجَمَاعَة كَثِيرَة من الْأُمَرَاء اليلبغاوية خجداشيته مِمَّن كَانَ منطاش حَبسهم - وهم الَّذين كَانُوا خَرجُوا عَلَيْهِ مَعَ الناصري وخلعوه من الْملك - فَلم يُؤَاخذ أحدا مِنْهُم أَولا.
وأخلع على الناصري وَقَالَ [لَهُ] : هَذَا غريمك منطاش بالبلاد الشامية. ثمَّ جهزه الظَّاهِر برقوق، وَجعله مقدم العساكر لقِتَال منطاش.
وأخلع على الجوباني بنيابة دمشق - وَهُوَ أَيْضا مِمَّن كَانَ خرج عَلَيْهِ -؛ فتوجهت العساكر إِلَى الشَّام، وَانْهَزَمَ منطاش مِنْهُم بعد أُمُور وَقعت بَينهم وَبعد أَن قتل ألطبنغا الجوباني [نَائِب الشَّام] فِي المعركة، وَتَوَلَّى الناصري [عوضه فِي الشَّام] .
[وتسحب منطاش إِلَى جِهَة نعير، ثمَّ بلغ برقوق أَن الناصري تهاون][فِي أَمر] منطاش؛ فأسرها لَهُ، وتجرد إِلَى الْبِلَاد الشامية، وَقبض عَلَيْهِ، وَقَتله بقلعة حلب فِي أَوَائِل ذِي الْقعدَة من سنة ثَلَاث وَتِسْعين وَسَبْعمائة.
ثمَّ تتبع الظَّاهِر برقوق أعداءه، إِلَى أَن [قَتلهمْ عَن آخِرهم] ، وأولهم منطاش، وَآخرهمْ مَمْلُوكه على باى.
ثمَّ لما صفا الْوَقْت للظَّاهِر، أَخذ فِي إنْشَاء مماليكه وحواشيه، فَلَا زَالَ أمره يعظم ومماليكه تكْثر، إِلَى أَن صَارَت مماليكه نوابه بِجَمِيعِ الْبِلَاد الشامية وَغَيرهَا
وَاسْتمرّ على عَظمته وضخامته، إِلَى أَن ركب عَلَيْهِ مَمْلُوكه وَأحد خواصه على باي الخازندار فِي سنة ثَمَانمِائَة، وظفر بِهِ برقوق وَقَتله؛ فَلم يقم بعد ذَلِك إِلَّا أشهرا وَمرض، وَمَات فِي لَيْلَة الْجُمُعَة نصف شَوَّال سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة بعد أَن جَاوز السِّتين [سنة] من الْعُمر. وَكَانَت مُدَّة تحكمه أتابكا بعد أَن قبض على طشتمر الدوادار أَربع سِنِين وَتِسْعَة أشهر وَعشرَة أَيَّام.
ومنذ تسلطن إِلَى أَن مَاتَ سِتَّة عشر سنة وَأَرْبَعَة أشهر وَسَبْعَة وَعِشْرُونَ يَوْمًا خلع فِيهَا - حَسْبَمَا تقدم ذكره - بِالْملكِ الْمَنْصُور ثَمَانِيَة أشهر وَسِتَّة عشر يَوْمًا.
وَخلف [الْملك] الظَّاهِر برقوق سِتَّة أَوْلَاد، ثَلَاثَة ذُكُور وَثَلَاثَة بَنَات.
الذُّكُور: فرج - الَّذِي تسلطن بعده - عبد الْعَزِيز - الَّذِي تسلطن بعد خلع أَخِيه النَّاصِر فرج - وَإِبْرَاهِيم. وَالْبَنَات: سارة وبيرم وَزَيْنَب.
وَخلف من الذَّهَب [الْعين] ألفي ألف دِينَار وَأَرْبَعمِائَة ألف دِينَار.
وَخلف من القنود وَالسكر والقماش وأنواع الفرو مَا قِيمَته ألف ألف دِينَار وَأَرْبَعمِائَة ألف دِينَار.
وَترك من الْخُيُول نَحْو سِتَّة آلَاف فرس [وبغل] . وَمن الْجمال نَحْو خَمْسَة آلَاف جمل.
وَبَلغت عليق خيوله الْخَاص وبغاله وَجَمِيع تعلقات إصطبله فِي الشَّهْر أحد عشر ألف أردب شعير وفول.
قلت: وَفِي الْجُمْلَة، هُوَ أجل ملك جَاءَ من بعده، لَا من قبله إِلَى يَوْمنَا هَذَا.