الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
المستعين بِاللَّه
أَبُو الْفضل الْعَبَّاس، الْخَلِيفَة ثمَّ السُّلْطَان، أَمِير الْمُؤمنِينَ، وسلطان الديار المصرية ابْن الْخَلِيفَة المتَوَكل على الله [أبي عبد الله] مُحَمَّد ابْن الْخَلِيفَة المعتضد أبي بكر ابْن المستكفي سُلَيْمَان ابْن الْحَاكِم [بِأَمْر الله] أَحْمد بن الْحسن بن أبي بكر بن عَليّ القبي ابْن الْخَلِيفَة الراشد مَنْصُور ابْن المسترشد [الْفضل] ابْن المستظهر [أَحْمد] ابْن الْأَمِير إِسْحَاق ابْن الْخَلِيفَة المقتدر [بِاللَّه] جَعْفَر ابْن المعتضد [أَحْمد] ابْن الْأَمِير طَلْحَة الْمُوفق ابْن الْخَلِيفَة المتَوَكل جَعْفَر ابْن المعتصم مُحَمَّد ابْن الرشيد هَارُون ابْن الْمهْدي مُحَمَّد بن أبي جَعْفَر الْمَنْصُور بن مُحَمَّد بن عَليّ بن عبد الله بن عَبَّاس، الْهَاشِمِي العباسي الْمصْرِيّ.
بُويِعَ المستعين [هَذَا] بالخلافة بعد موت أَبِيه - بِعَهْد مِنْهُ إِلَيْهِ - فِي يَوْم الأثنين مستهل شعْبَان سنة ثَمَان وَثَمَانمِائَة، وَكَانَ ذَلِك بعد موت أَبِيه بأَرْبعَة أَيَّام.
وَاسْتمرّ فِي الْخلَافَة سنينا، إِلَى أَن تجرد صُحْبَة [الْملك] النَّاصِر فرج إِلَى الْبِلَاد الشامية فِي سنة أَربع عشرَة وَثَمَانمِائَة - كَمَا كَانَ تجرد قبلهَا مَعَه غير مرّة -.
فَلَمَّا انْكَسَرَ [الْملك] النَّاصِر [فرج] من الأميرين شيخ ونوروز بِمن مَعَهم وَدخل إِلَى دمشق، استولى الْأُمَرَاء على الْخَلِيفَة هَذَا والقضاة والعصائب السُّلْطَانِيَّة [وعادوا إِلَى دمشق لقِتَال النَّاصِر. فَلَمَّا طَال أَمر النَّاصِر
عَلَيْهِم لم يَجدوا بدا من سلطنة الْخَلِيفَة؛ لِأَنَّهُ لَك يكن حِين ذَاك عِنْد الْأُمَرَاء أحد من أَوْلَاد السلاطين] ، وَأَيْضًا لم يكن فِي الْأُمَرَاء من هُوَ أهل لذَلِك؛ لِأَن كل وَاحِد مِنْهُم كَانَ يَقُول فِي نَفسه هُوَ أَحَق بِالْأَمر من غَيره، وَلَا يذعن لسواه.
فَلَمَّا كَانَ ذَلِك اتّفق رَأْي الْجَمِيع على سلطنة الْخَلِيفَة المستعين هَذَا؛ فَامْتنعَ الْخَلِيفَة من ذَلِك غَايَة التمنع؛ فَلَا زَالُوا بِهِ حَتَّى أذعن بعد أُمُور ذَكرنَاهَا فِي [تاريخنا]((النُّجُوم الزاهرة)) .
وَولي السلطنة على كره مِنْهُ، بعد شُرُوط عديدة.
وتسلطن، وَتمّ أمره، وأطاعته الْأُمَرَاء مُنْذُ كَانَ بِدِمَشْق.
فَلَمَّا وَقع الأتفاق على أَن نوروز الحافظي يسْتَقرّ فِي نِيَابَة الشَّام جَمِيعه - من غَزَّة إِلَى الْفُرَات - ويستقر شيخ المحمودي أتابكا بِمصْر ومدبر مملكة المستعين هَذَا، وَعَاد المستعين وصحبته شيخ وَغَيره إِلَى الديار المصرية، وَسكن الْخَلِيفَة [هَذَا] بقلعة الْجَبَل - على عَادَة السلاطين - وَسكن شيخ بِبَاب السلسلة؛ فَلم يدع شيخ للمستعين شَيْئا من الْأَمر وَالنَّهْي، بل صَار فِي السلطنة حسا وَشَيخ مَعْنَاهُ. وليته دَامَ لَهُ ذَلِك {} .
ثمَّ إِن شَيخا بدا لَهُ أَن يتسلطن؛ فَجمع الْقُضَاة، وخلع المستعين هَذَا، وتسلطن من غير أَن يُوَافق المستعين على خلع نَفسه؛ فأكره حَتَّى خلع غصبا.
وَاسْتمرّ بالقلعة محتفظا بِهِ على الْخلَافَة؛ فَكَانَت مُدَّة سلطنته من يَوْم تسلطن - خَارج دمشق - إِلَى يَوْم خلع سَبْعَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام؛ فدام بقلعة الْجَبَل خَليفَة، إِلَى أَن خلعه شيخ بأَخيه [المعتضد] دَاوُد من الْخلَافَة فِي يَوْم الْخَمِيس سادس عشر ذِي الْحجَّة سنة سِتَّة عشر وَثَمَانمِائَة.
وَاسْتمرّ المستعين [هَذَا] محتفظا بِهِ بقلعة الْجَبَل مُدَّة يسيره، وَحمل إِلَى الأسكندرية؛ فسجن بهَا سنينا كَثِيرَة، إِلَى أَن أخرجه [الْملك] الْأَشْرَف برسباى من السجْن، ورسم لَهُ أَن يسكن بِبَعْض دور الأسكندرية؛ فَوَقع لَهُ ذَلِك.
وَدم [بهَا] ، إِلَى أَن توفى بالطاعون فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء الْعشْرين من جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة.
وعهد بالخلافة من بعده [إِلَى وَلَده] يحيى، على زَعمه أَنه مُسْتَمر فِي الْخلَافَة، وَأَن خلعه مِنْهَا لم يُصَادف [محلا؛ فَلم يمش لوَلَده][ذَلِك - رَحمَه الله تَعَالَى]-.