الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْملك الصَّالح
مُحَمَّد ابْن [الْملك الظَّاهِر] ططر [الظَّاهِرِيّ] .
وَهُوَ الْحَادِي وَالثَّلَاثُونَ من مُلُوك التّرْك، وَالسَّابِع من الجراكسة.
تسلطن بعد موت أَبِيه الظَّاهِر ططر فِي يَوْم الْأَحَد رَابِع ذِي الْحجَّة سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة، وعمره نَحْو عشر سِنِين [تخمينا] .
وَهُوَ رَابِع سُلْطَان حكم مصر فِي سنة أَربع وَعشْرين.
وَلما اسْتَقر فِي السلطنة صَار الأتابك جَانِبك الصُّوفِي مُدبر مَمْلَكَته؛ فَلم يتم [لَهُ] ذَلِك، وَوَقع بَينه وَبَين الأميرين برسباى الدقماقى الدوادار الْكَبِير وطرباى الظَّاهِرِيّ حَاجِب الْحجاب، وثارت الْفِتْنَة بَينهم فِي يَوْم عيد النَّحْر، وخذل جَانِبك الصُّوفِي جمَاعَة من الْأُمَرَاء؛ مُوَافقَة لبرسباى وطرباى.
وَآل الْأَمر إِلَى الْقَبْض على جَانِبك الصُّوفِي [الْمَذْكُور] ، وحبسه بسجن الأسكندرية.
وَصَارَ الْمُتَكَلّم فِي المملكة برسباى [الدقماقي] ويشاركه [فِي ذَلِك خجداشه] طرباى؛ فَلم يطلّ ذَلِك، وَوَقع بَينهمَا أَيْضا وَحْشَة. وَكثر الْكَلَام فِي أَمرهمَا، إِلَى أَن استفحل أَمر برسباى، وَقبض على طرباى [الْمَذْكُور] وحبسه بسجن الأسكندرية أَيْضا.
واستبد بِأُمُور المملكة [برسباى] من غير مشارك، إِلَى أَن [قبض على الصَّالح وخلعه] من الْملك وتسلطن عوضه -[حَسْبَمَا يَأْتِي ذكره فِي مَحَله، إِن شَاءَ الله تَعَالَى]-.
وَكَانَ خلع [الْملك] الصَّالح [الْمَذْكُور] فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء ثامن شهر ربيع الآخر [من] سنة خمس وَعشْرين وَثَمَانمِائَة.
وَكَانَت مُدَّة سلطنته ثَلَاثَة أشهر وَأَرْبَعَة عشر يَوْمًا، لم يكن لَهُ فِيهَا إِلَّا مُجَرّد الأسم فَقَط.
وَلما خلع [الْملك] الصَّالح من السلطنة اسْتمرّ عِنْد والدته خوند بنت سودون الْفَقِيه بالدور السُّلْطَانِيَّة بقلعة الْجَبَل من غير ترسيم وَلَا تحفظ، بل كَانَ يتَوَجَّه حَيْثُ شَاءَ من قلعة الْجَبَل كعادة الصغار [من] أَوْلَاد الأسياد.
وَأغْرب من ذَلِك أَنه كَانَ يركب فِي بعض الأحيان فِي خدمَة الْمقَام الناصري مُحَمَّد ابْن [الْملك] الْأَشْرَف برسباى، وَينزل إِلَى الْقَاهِرَة، ويسير على ميمنته كآحاد أَوْلَاد الْأُمَرَاء الَّذين بخدمته.
وَرُبمَا نَام [فِي] بعض اللَّيَالِي بِالْمَدْرَسَةِ الأشرفية [بِالْقَاهِرَةِ لما توفيت زَوْجَة [الْملك] الْأَشْرَف برسباى، ودفنت بقبة الأشرفية] [الْمَذْكُورَة] . وَكَانَ [الْملك] الصَّالح مقاربني فِي السن، وَكَانَ عِنْده نوع بله، مَعَ خفَّة وطيش، وَيَقَع لَهُ فِي كَلَامه أُمُور مِنْهَا: أَنه كَانَ يُسمى الْفرس [البوز: أَبيض] ؛ فَكَلمهُ بعض مربيه فِي ذَلِك، وَأمره أَن يُسَمِّيه: بوز؛ فحفظ ذَلِك، وَصَارَ يَقُوله. فَلَمَّا كَانَ فِي بعض الْأَيَّام طلب سلطانية صيني؛ فَقيل لَهُ: أَي لون تريده من الصيني؟ فَقَالَ سلطانية بوز {} . فنهره بعض من حضر؛ فَقَالَ: لالتى عَلمنِي كَذَا. وَله أَشْيَاء كَثِيرَة من ذَلِك [النمط] .
وَلما كبر زوجه الْملك الْأَشْرَف بنت الأتابك يشبك الْأَعْرَج.
واستمرت عِنْده، إِلَى أَن مَاتَ بالطاعون بقلعة الْجَبَل فِي لَيْلَة الْخَمِيس ثَانِي عشْرين جُمَادَى الْآخِرَة سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة، وعمره نَحْو الْعشْرُونَ سنة رحمه الله [تَعَالَى]-.