الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْملك الْمَنْصُور
مُحَمَّد ابْن [الْملك] المظفر حاجى ابْن [الْملك] النَّاصِر مُحَمَّد ابْن [الْملك] الْمَنْصُور قلاوون.
تسلطن بعد قتل عَمه [الْملك] النَّاصِر حسن فِي يَوْم الْأَرْبَعَاء تَاسِع جُمَادَى الأولى سنة إثنتين وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة.
وَكَانَ الْقَائِم بأَمْره الْأَمِير يلبغا الْعمريّ الناصري. وَكَانَ عمر الْمَنْصُور [يَوْم ذَاك] أَربع عشرَة سنة.
وَصَارَ يلبغا [الْمَذْكُور] مُدبر مَمْلَكَته، ويشاركه فِي ذَلِك خجداشه طيبغا الطَّوِيل.
والمنصور هَذَا هُوَ [السُّلْطَان] الْحَادِي وَالْعشْرُونَ من مُلُوك التّرْك بالديار المصرية.
و [عِنْدَمَا] اسْتَقر الْملك الْمَنْصُور فِي السلطنة خرج الْأَمِير بيدمر الْخَوَارِزْمِيّ نَائِب الشَّام عَن الطَّاعَة؛ فَجهز يلبغا الْعمريّ السُّلْطَان وَخرج بِهِ إِلَى الْبِلَاد الشامية؛ لقِتَال بيدمر الْمَذْكُور فِي السّنة الْمَذْكُورَة.
فَلَمَّا وصل السُّلْطَان إِلَى الشَّام أَخذ بيدمر صلحا وَعَاد بِهِ إِلَى الديار المصرية.
وَاسْتمرّ [الْملك] الْمَنْصُور فِي السلطنة، وَعظم أَمر يلبغا حَتَّى صَار جَمِيع أُمُور المملكة تَحت حكمه - لاسيما لما أخرج طيبغا الطَّوِيل إِلَى نِيَابَة حلب قهرا [فِي الدولة الأشرفية شعْبَان]- فاستبد عِنْد ذَلِك بِجَمِيعِ الْأُمُور.
وَاسْتمرّ [الْملك] الْمَنْصُور فِي السلطنة، إِلَى أَن بدا مِنْهُ أُمُور استوحش مِنْهَا يلبغا؛ فخلعه بِابْن عَمه [الْملك] الْأَشْرَف شعْبَان بن حُسَيْن فِي يَوْم الثُّلَاثَاء خَامِس عشر شعْبَان سنة أَربع وَسِتِّينَ وَسَبْعمائة.
وَلزِمَ الْمَنْصُور هَذَا دَاره بقلعة الْجَبَل، إِلَى أَن توفى لَيْلَة السبت تَاسِع محرم سنة إِحْدَى وَثَمَانمِائَة وَقد أناف على [خمسين سنة] .
وَدفن بتربة جدته أم أَبِيه بالروضة - خَارج الْبَاب المحروق - من الْقَاهِرَة؛ فَكَانَت مُدَّة سلطنته على مصر سنتَيْن وَثَلَاثَة أشهر وَخَمْسَة أَيَّام، لم يكن لَهُ فِيهَا إِلَّا مُجَرّد الأسم فَقَط.
وَلما مَاتَ خلف عدَّة أَوْلَاد - رجَالًا وَنسَاء -، تزوج الْوَالِد بِإِحْدَى بَنَاته فِي حَيَاته، وَمَاتَتْ تَحْتَهُ فِي سنة أَربع وَثَمَانمِائَة.
وَكَانَ الْملك الْمَنْصُور محبا للطرب وَاللَّهْو، رَاضِيا بالعيش الطّيب الرغد، فَكَأَن (لِسَان حَاله يَقُول) [كَقَوْل من قَالَ] :
(خل الْمُلُوك تسطوا بِالْملكِ وَالسِّلَاح
…
إِنِّي رضيت مِنْهُم بِالرَّاحِ والملاح)
وَكَانَ للمنصور جواري مغاني - جوقة كَامِلَة نَحْو الْعشْرَة - يعرفن بمغاني الْمَنْصُور، استخدمهن الْوَالِد بعد موت الْمَنْصُور.
وَكَانَت هَذِه عَادَة تِلْكَ الْمُلُوك السَّابِقَة، يكون لَهُم المغاني من الْجَوَارِي وَغَيرهم، وَآخر من فعل ذَلِك الْأَمِير مَحْمُود الأستادار فِي الدولة الظَّاهِرِيَّة برقوق، ثمَّ فِي الدولة المؤيدية شيخ الأتابك ألطنبغا القرمشي.
ثمَّ بَطل ذَلِك مَعَ مَا بَطل من محَاسِن المملكة) وترتيبها لما ولى الْأُمُور غير أَهلهَا؛ فَذهب لذَلِك فنون كَثِيرَة وعلوم جمة، وانحط قدر أَرْبَاب الكمالات من كل علم [وفن] .
وَللَّه در المتنبي، حَيْثُ قَالَ:
(أَتَى الزَّمَان بنوه فِي شبيبته
…
فسرهم وأتيناه على الْهَرم)
.