الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْملك الْأَشْرَف
عَلَاء الدّين كجك ابْن السُّلْطَان [الْملك] النَّاصِر [مُحَمَّد] ابْن [الْملك] الْمَنْصُور قلاوون.
تسلطن بعد خلع أَخِيه [الْملك] الْمَنْصُور أبي بكر فِي يَوْم الأثنين حادي عشْرين صفر من سنة إثنتين وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة [وعمره دون سبع سِنِين] .
وَأمه أم ولد تترية تسمى: أردو.
وَهُوَ [السُّلْطَان] الرَّابِع عشر من مُلُوك التّرْك، وَالثَّانِي من أَوْلَاد ابْن قلاوون.
واستقل قوصون بتدبير المملكة، وَجلسَ فِي دَار النِّيَابَة، وَنفذ الْأُمُور بِحَسب مَا تختاره؛ فَكَانَ إِذا حضرت الْعَلامَة يَأْخُذ قوصون الْقَلَم بِيَدِهِ ويجعله فِي يَد الْأَشْرَف [هَذَا] ؛ حَتَّى يعلم على المناشير وَغَيرهَا.
واضطربت أَحْوَال الديار المصرية من كَثْرَة الْخلف الْوَاقِع بَين الْأُمَرَاء وَغَيرهم. وَكثر الظُّلم، وتوقفت أَحْوَال الرّعية؛ فَقَالَ [بعض الشُّعَرَاء] فِي الْمَعْنى:
(سلطاننا الْيَوْم طِفْل والأكابر فِي
…
خلف وَبينهمْ الشَّيْطَان قد نزغا)
(فَكيف يطْمع من مسته مظْلمَة
…
أَن يبلغ السؤل وَالسُّلْطَان مَا بلغا)
ثمَّ تحرّك [الْملك] النَّاصِر أَحْمد ابْن [الْملك] النَّاصِر مُحَمَّد بن قلاوون من الكرك فِي طلب ملك مصر؛ لِأَنَّهُ كَانَ أسن أَوْلَاد [الْملك] النَّاصِر. وتجرد إِلَيْهِ عدَّة تجاريد من الديار المصرية، وَكَانَ الفخري مقدم العساكر المصرية؛ فَخَالف هُنَاكَ على قوصون، وَمَال إِلَى [الْملك] النَّاصِر أَحْمد بالكرك.
ثمَّ خَالف على قوصون غَالب أُمَرَاء الديار المصرية، وَاتَّفَقُوا مَعَ أيدغمش على الْوُثُوب عَلَيْهِ، وَقَالُوا: هَذَا الْغَرِيب يدْخل بَيْننَا وَيقتل ابْن أستاذنا [الْملك] الْمَنْصُور بقوص {} .
وَقَوْلهمْ: [هَذَا] الْغَرِيب؛ يعنون: أَن قوصون كَانَ فِي خدمَة بعض التُّجَّار؛ فَرَآهُ النَّاصِر مُحَمَّد؛ فَقَالَ للتاجر: بِعني هَذَا. فَقَالَ التَّاجِر: هَذَا غير مَمْلُوك! ؛ فَقَالَ السُّلْطَان: لابد من شِرَائِهِ. وَأعْطى التَّاجِر [فِيهِ] مَالا جزيلا، وَأَخذه،
ورقاه حَتَّى صَار ساقيا، ثمَّ أمره، وزوجه بِإِحْدَى بَنَاته، ثمَّ صَار من أمره مَا صَار؛ وَلِهَذَا كَانَ إِذا وَقع بَين قوصون [الساقي] وبكتمر الساقي [مُنَافَسَة] يَقُول قوصون: أَنا مَا تنقلت من الإصطبلات إِلَى الإطباق، بل أَخَذَنِي السُّلْطَان من تاجري، وصرت مقربا عِنْده. إنتهى.
وَلما كثرت القالة فِي حق قوصون فِي قَتله [الْملك] الْمَنْصُور مَعَ مَا كَانَ قوصون فعله فِي الْعَامَّة؛ فَإِنَّهُ كَانَ وَقع بَينه وَبينهمْ وَحْشَة؛ فَقتل بعض الحرافيش، وَقطع أَيْديهم وسمرهم، وَسمر جمَاعَة من الخدام الطواشية [أَيْضا] ؛ فنفرت الْقُلُوب مِنْهُ.
وَأخذ قطلوبغا الفخري يُكَاتب أُمَرَاء مصر على قوصون ويحرضهم على [طَاعَة الْملك] النَّاصِر أَحْمد، ونصبه فِي [السلطنة بِمصْر] ؛ فَمَال أيدغمش إِلَى ذَلِك مَعَ من وَافقه. وَركب على قوصون وقاتله، ونادى فِي الْعَوام بِنَهْب دَار قوصون؛ فثار الْعَوام والحرافيش، ونهبوا جَمِيع مَا كَانَ فِي دَار قوصون - وَهُوَ يرى من شباك طبقته بالقلعة؛ لِأَن دَاره كَانَت الدَّار الَّتِي هِيَ الْآن تجاه بَاب السلسلة -.
وَصَارَ قوصون يَقُول: يَا مُسلمين! مَا تحفظون هَذَا المَال؛ إِمَّا أَن يكون لي أَو للسُّلْطَان؛ فَقَالَ [لَهُ] أيدغمش من الإصطبل السلطاني: هَذَا شكرانه للنَّاس، وَالَّذِي عنْدك فَوق من الْجَوْهَر يَكْفِي السُّلْطَان.
وَآل الْأَمر إِلَى مسك قوصون وحبسه بالأسكندرية، ثمَّ قَتله فِي شَوَّال من السّنة [الْمَذْكُورَة] .
ثمَّ خلع [الْملك] الْأَشْرَاف كجك بأَخيه [الْملك] النَّاصِر أَحْمد. ودام بقلعة الْجَبَل، إِلَى أَن مَاتَ فِي سلطنة أَخِيه [الْملك] الْكَامِل [شعْبَان]- الْآتِي ذكره -.
وَكَانَت وَفَاة الْأَشْرَف [هَذَا] فِي سنة سِتّ وَأَرْبَعين وَسَبْعمائة -[رَحمَه الله تَعَالَى]-.