الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
الْملك المظفر
أَبُو السعادات، أَحْمد ابْن [الْملك] الْمُؤَيد شيخ [المحمودي الظَّاهِرِيّ] .
تسلطن بعد موت أَبِيه بِعَهْد مِنْهُ إِلَيْهِ على مُضِيّ خمس درج من نصف نَهَار الأثنين تَاسِع الْمحرم سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة، وعمره يَوْم ذَاك سنة وَاحِدَة [وَثَمَانِية أشهر وَسَبْعَة أَيَّام] .
وَأمه خوند سعادات بنت الْأَمِير صرغتمش فِي قيد الْحَيَاة إِلَى يَوْمنَا هَذَا. والمظفر هَذَا هُوَ السُّلْطَان التَّاسِع وَالْعشْرُونَ من مُلُوك التّرْك، وَالْخَامِس من الجراكسة - نظرا إِلَى الأَصْل فِي جَوَاب من سَأَلَ عَن نَوعه؛ ففصله بجاركسي الْجِنْس.
وَلما تمّ أمره فِي الْملك اسْتَقر الْأَمِير ططر أَمِير مجْلِس مُدبر مَمْلَكَته؛ لغياب الأتابك ألطنبغا القرمشي وَغَيره فِي تجريدة الْبِلَاد الشامية؛ لِأَن [الْملك] الْمُؤَيد كَانَ قد جعل الْأَمِير ألطنبغا القرمشي مُدبر مملكة وَلَده هَذَا، فَمَاتَ الْمُؤَيد والقرمشي غَائِبا؛ فَوَثَبَ ططر على الْأَمر، ونفق الْأَمْوَال. واستبد بِأُمُور المملكة من غير مُنَازع فِي ذَلِك، وأرضى من كَانَ عِنْده من المماليك المؤيدية بالأموال والإقطاعات والوظائف وَغَيرهَا.
وَبلغ الْأَمِير جقمق الأرغون شاوى نَائِب الشَّام أمره؛ فحالف عَلَيْهِ، وَكَذَلِكَ يشبك المؤيدي نَائِب حلب.
وَوَقع بالبلاد الشامية عدَّة حروب وَفتن حَتَّى تفانوا قتلا؛ فَركب يشبك على القرمشي وَمن مَعَه بِظَاهِر حلب؛ فقاتله القرمشي وهزمه، وَقتل يشبك فِي المعركة.
ثمَّ قدم القرمشي إِلَى دمشق؛ فواقعه جقمق أَيْضا، وانكسر، وَانْهَزَمَ إِلَى صرخد، وَملك القرمشي دمشق.
كل ذَلِك وططر قد تجهز إِلَى السّفر من مصر إِلَى الْبِلَاد الشامية. وَخرج بِالْملكِ المظفر أَحْمد [هَذَا] مَعَه إِلَى دمشق؛ فَخرج القرمشي إِلَى لِقَائِه وَقبل الأَرْض بَين [يَدَيْهِ، وَعَاد فِي خدمَة المظفر][إِلَى دمشق] ؛ فَقبض عَلَيْهِ ططر وعَلى جمَاعَة كَثِيرَة من أَصْحَابه الْأُمَرَاء؛ فَكَانَ ذَلِك آخر الْعَهْد [بِهِ] .
ثمَّ أرسل ططر لحصار جقمق جمَاعَة، ولازال بِهِ حَتَّى قبض عَلَيْهِ، وَقَتله أَيْضا. وَصفا الْوَقْت لططر بقتل هَؤُلَاءِ الْمُلُوك. ثمَّ الْتفت إِلَى المؤيدية؛ فَقبض فِي يَوْم وَاحِد على جمَاعَة كَثِيرَة مِنْهُم وحبسهم، وَفرق اقطاعاتهم ووظائفهم على خجداشيته وحواشيه؛ فَعِنْدَ ذَلِك بدا لَهُ أَن يتسلطن؛ فَخلع الْملك المظفر هَذَا، وتسلطن فِي يَوْم الْجُمُعَة تَاسِع عشْرين شعْبَان سنة أَربع وَعشْرين وَثَمَانمِائَة.
وَكَانَ الأتابك ططر تزوج بخوند سعادات أم المظفر هَذَا. فَلَمَّا [خلعه من] الْملك طَلقهَا. ثمَّ عَاد ططر [بِالْملكِ المظفر إِلَى الديار المصرية] .
وَاسْتمرّ [الْملك] المظفر بقلعة الْجَبَل مُدَّة، ثمَّ نقل مَعَ أَخِيه إِبْرَاهِيم إِلَى سجن الأسكندرية؛ فداما بهَا إِلَى أَن مَاتَا بالطاعون فِي سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ وَثَمَانمِائَة؛ فَكَانَت مُدَّة ملكه سَبْعَة أشهر وَعشْرين يَوْمًا.
وَكَانَ موت المظفر [هَذَا] فِي لَيْلَة الْخَمِيس آخر جُمَادَى الأولى [من] سنة ثَلَاث وَثَلَاثِينَ الْمَذْكُورَة.
وَدفن المظفر وَأَخُوهُ بالثغر، ثمَّ نقلا مِنْهُ إِلَى الْقَاهِرَة، ودفناً بالجامع المؤيدي - دَاخل بَاب زويلة فِي قَول، وخارج بَابي زويلة فِي قَول؛ لِأَن بَابي زويلة كَانَا عِنْد الغرابليين وَقد ذهب أثرهما، وَبَاب زويلة الْآن هُوَ بَاب الْأَفْضَل أَمِير الجيوش؛ لِأَن [بَاب زويلة سمى على اسْم بَابي زويلة، فَهَذَا تَفْسِير مَا قُلْنَاهُ: دَاخل بَاب زويلة فِي قَول، وخارج بَابي زويلة فِي قَول]-.
[و] كَانَ [الْملك] المظفر ذَا شكالة حَسَنَة، ومنظر بهى، إِلَّا أَنه كَانَ بِعَيْنيهِ حول فَاحش. وَحصل لَهُ ذَلِك عِنْدَمَا أجلسوه على تخت الْملك؛ [لِأَنَّهُ لما أَجْلِس على تخت الْملك] استوحش لمرضعته؛ فَبكى؛ فطلبت؛ وأقعدت بجانبه؛ فَسكت، ثمَّ دقَّتْ الكوسات على حِين غَفلَة؛ فارتعب من ذَلِك وَحصل لَهُ مَا حصل.
[قلت] : أفادته السلطنة الْحول والسجن إِلَى أَن مَاتَ. كل ذَلِك من [سوء] تَدْبِير وَالِده، حَيْثُ جعل الْعَهْد فِي مثل هَذَا الطِّفْل الصَّغِير. - وَهُوَ أحد من نَازع [ابْن] أستاذه [الْملك النَّاصِر فرج] فِي الْملك، وَهُوَ هُوَ [والمجازاة من جنس الْعَمَل] ، إنتهى -.