الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أنْ يولدَ الإنسانُ في رَحِمِ أمِّه، أن يتشكّلَ مخلوقٌ له دِماغٌ، وله خلايا، وله أعصابٌ، وله أوْعِيَةٌ، وله قلبٌ، وله تجاويفُ، وله دسّاماتٌ، وله جهازٌ هضميٌّ، وغددٌ صماءُ، وجهازٌ تنفّسيٌّ، وجهازُ دوران، وجهازُ طرْحِ الفضلاتِ مِن نقطةِ ماءٍ، ومن دون جهْدٍ من أمِّه، ولا تخطيطٍ مِن أبيه، إنّ هذا الطِّفْلَ وحدهُ معجزةٌ، من دون خرْقٍ للمعجزات.
كلّما ارْتَقَت البشريّةُ في علومها الكونية جاءت المعجزاتُ عقليّةً بعد أن كانت حسِّيَّةً، لذلك حينما كانت البشريّةُ تحْبو في حُقولِ المعرفةِ كانت المعجزاتُ حِسِّيَّة، أما حينما ارْتَقَت جاء القرآنُ الذي هو المعجزةُ للنبيِّ عليه الصلاة والسلام، وهو المعجزةُ المستمرّةُ، والمعجزاتُ الحسيّة كَعُودِ الثِّقاب تتألّق، ثمّ تنطفى، وتصبحُ خبراً يصدّقهُ من يصدّقهُ، ويكذّبه من يكذّبه، لكنّ معجزةَ القرآنِ على مدار الأيامِ إلى نهاية الدورانِ، وكلّما تقدَّم العلمُ كَشَفَ عن جانبٍ مِن جوانبِ إعجازِه، فنحنُ بين أيدينا معجزةٌ عقليّةٌ، هذه ينبغي أن تؤكِّدَ لنا أنّ هذا الدِّين حقّ، وأنّ هذا النبيَّ صلى الله عليه وسلم حقّ، وأنّ الكتاب حقّ، وأنّ الجنّة حقّ، وأن النار حقّ، وما علينا إلا أن نتحرّك، قال تعالى:{وَلَقَدْ يَسَّرْنَا القرآن لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِن مُّدَّكِرٍ} [القمر: 17] .
الشمس
شموس الكون
سُئِلَ رئيسُ أكبرِ وكالةِ فضاءٍ في العالَم سؤالاً عن السديمِ، وعن كُتَلِه المتوهِّجةِ الحمراءِ والبيضاءِ والسوداءِ، فقال هذا العالِمُ: "الشموسُ المشتعلةُ أنواعٌ ثلاثةٌ؛ شموسٌ مشتعلةٌ باللونِ الأحمرِ كشمسنا، وهي في منتصفِ عمُرِها، وقد مَضى على اتِّقادها خمسون مليارَ سنةٍ، وستبقى خمسين مليارَ سنةٍ أخرى، إنها في منتصف عمرها.
وهناك شموسٌ بعْدَ أنْ تمرَّ بمرحلةِ الاحمرارِ يزدادُ حجمُها زيادةً كبيرةً، ثم تنكمشُ انكماشاً عظيماً فجأةً، بواقعٍ من مئة إلى واحدٍ مِن حجمِها الأصلي، وعندئذ تصبحُ بيضاءَ اللَّونِ، وتُشعُّ نوراً أبيضَ، ولكنه أشدُّ حرارةً بكثيرٍ من اللونِ الأحمرِ، فالشمسُ التي يتغيَّر لونُها من اللونِ الأحمرِ إلى اللونِ الأبيضِ حرارتُها أشدُّ بكثيرٍ مِن حرارةِ الحمراءِ.
وبعْدَ ذلك تمرُّ هذه الشمسُ في مرحلةٍ ثالثة، هي مرحلةُ التكدُّسِ، كما يتكدَّسُ المترُ المكعبُ مِنَ الحديدِ بحجمِ ذرةٍ، لا تُرى بالعينِ، ولا بالمِجْهَرِ، ومعنى ذلك أنّ كثافةَ هذه الشمسِ تصبحُ عالية جداً، ويصبحُ جذبُها شديداً جداً، لدرجةِ أنّ النورَ لا يسطعُ منها، ولا يخرجُ.
سمّاها العلماءُ الآن الثقوبَ السوداءَ، هذه لها قوةُ جذبٍ مخيفةٌ، فلو أن الأرض دخلت في دائرة جذبها لأصبحت بحجمِ بيضةٍ مع وزنِها نفسِه..
تصوَّرِ الأرضَ بقاراتها الخمسِ، والبحار التي تكون 72% من مساحة الأرض، هذه الكتلةُ الضخمةُ كلُّها لو جَذَبَها ثُقبٌ أسودُ لأصبحتْ بحجمِ البيضةِ.
هذه مرحلةٌ ثالثةٌ، حيث لا يسطعُ منها نورٌ، وفيها قوةُ جذبٍ مخيفةٌ، وحرارتُها لا تُوصَفُ.
ماذا يكون موقفنا من السنّة إذا مرَّ بنا حديثٌ شريفٌ قد أتى بهذه الحقيقة قبل ألف وأربعمئة سنة؟
يقول عليه الصلاة والسلام فيما رواه الترمذي عَنْ أَبي هُرَيْرَةَ عَن النَّبِيِّ صلى الله عليه وسلم قَالَ: "أُوقِدَ عَلَى النَّارِ أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى احْمَرَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى ابْيَضَّتْ ثُمَّ أُوقِدَ عَلَيْهَا أَلْفَ سَنَةٍ حَتَّى اسْوَدَّتْ فَهِيَ سَوْدَاءُ مُظْلِمَةٌ".
هذا مِن دلائلِ نبوةِ النبيِّ صلى الله عليه وسلم، كيف عَرَفَ أنّ النارَ أُوقِدَ عليها ألفَ سنةٍ حتى احْمَرَّتْ؟
وقال الإمامُ المُناويِ في "فيضِ القديرِ" في شرحِ هذا الحديثِ: "والظاهرُ أنه أرادَ بالأَلْفِ فيه وفيما يأتي التكثيرَ، وأنَّ المرادَ الزمنُ الطويلُ"، يعني زمناً طويلاً للتكثيرِ والمبالغةِ.