الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
أُذِيعَ في أحَدِ الأعوامِ، وعلى متنِ طائرةِ الحجِّ، أنَّ الحرارةَ خارجَ الطائرةِ هي خمسون درجةً تحتَ الصفرِ، وكانت حرارةُ الجوِّ في مثلِ تلك الأيامِ في الديارِ المقدسةِ في الظلِّ خمساً وخمسينَ درجةً، وأمّا في الجوِّ فكانت خمسين درجةً تحتَ الصفرِ.
حينما يقول الله عز وجل {الذي خَلَقَ سَبْعَ سماوات طِبَاقاً مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمان مِن تَفَاوُتٍ فارجع البصر هَلْ ترى مِن فُطُورٍ} [الملك: 3] ، فهذه آيةٌ كونيةٌ عُظْمَى، لا يعرفها إلا مَن عَلِم، {إِنَّمَا يَخْشَى الله مِنْ عِبَادِهِ العلماء} [فاطر: 28] .
وكلُّ كلمةٍ في القرآنِ تشيرُ إلى علومٍ، وإلى تفصيلاتٍ، لو أمضى الإنسانُ حياتَه كلَّها في دراستها لما انتهى منها، بل لمَا استوفى معشارَ حقِّها.
إخبار الله تعالى عن الظلام في الفضاء الخارجي
كان عالِمٌ مِن علماءِ الفلَكِ في زيارةِ مركزِ إطلاقِ المراكِبِ الفضائيّةِ في بعضِ الدُّوَلِ المتقدِّمةِ، وبينما هو في زيارةِ هذا المركزِ الذي كان على اتِّصالٍ مستمرٍّ بِمَركبةٍ فضائيّةٍ كانت قد أُطْلِقَتْ قبْل ذلك بقليلٍ، إذا برائِدِ الفضاء يتَّصلُ بِمَركزِ انطلاقِ هذه المركبةِ، ويقولُ: لقد أصبحْنا عُمْياً لا نرى شيئاً، وكانتِ المركبةُ أُطلِقَتْ في وَضَحِ النّهارِ، وبعْد وقتٍ قليلٍ تجاوَزَتِ الغِلافَ الجويَّ، ودخلَتْ في منطقةٍ لا هواءَ فيها، وأصبَحَ الجوُّ مُظْلماً ظلاماً كليّاً، فصاحَ هذا الرائِدُ: لقد أصبحْنا عُمْياً لا نرى شيئاً، فما الذي حَصَل؟
الذي حصَل أنّ أشِعَّةَ الشّمسِ إذا وصَلَتْ إلى الغِلافِ الجويِّ تناثَرَ ضوْءُها، وتشتَّتَ بين ذرّاتِ الهواءِ وذرّاتِ الغبارِ، وهذا ما يُعَبِّرُ عنه علماءُ الفيزياءِ بانتثارِ الضّوءِ، أو بِتَشَتُّتِ الضّوءِ، تنعكسُ أشِعّة الشّمسِ على ذرات الهواء، وذرات الغبار فَتَجْعلُها مُتألّقةً، وهذا الذي يُسمَّى في الدنيا: منطقة فيها أشعّةُ الشمسِ، ومنطقة فيها ضوءٌ، ولا شمسَ فيها، كَجَوِّ المسْجِد، فإنّه يرى فيه بعضنا بعضاً، هناك ضوءٌ، وليس فيه أشِعّةُ شمسٍ، لأنّ الضّوءَ ينتثِرُ، فلمّا غادَرَتْ هذه المركبةُ الغِلافَ الجويّ انْعَدَمَ تناثُرُ الضّوءِ، وأصْبحَ الفضاءُ مظلماً، شديدَ الظّلامِ، لا يُرى فيه شيءٌ.
لو عُدْنَا إلى كتابِ الله الذي نزلَ قبْلَ أربعة عشرَ قرناً ونيّفاً، ووقتَها ما عرفَ أهلُ الأرضِ الصّعودَ إلى القمرِ، وما عرفوا غزْوَ الفضاءِ بهذه العِبارةِ الفَجَّةِ، وما عرفوا تجاوُزَ الغِلافِ الجويِّ، وما عرفوا كلّ ذلك، لو عُدْنا إلى كتابِ اللهِ لوَجَدنا في هذه الآيةِ إعجازاً عِلْميّاً، قال الله تعالى:{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السماء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} [الحِجر: 14-15] .
هذا الذي قالَه رائدُ الفضاءِ: لقد أصبحْنا عُمْياً، قد جاء به القرآنُ قبْلَ أربعة عشرَ قرناً، أليس هذا دليلاً قَطْعِيّاً على أنّ هذا الكلامَ كلامُ خالقِ البشرِ؟ عُرِفَتْ هذه الحقيقة قبلَ عشرِ سنواتٍ، حينما عَرَفَ الإنسانُ الغلافَ الجويَّ واقْتَحَمَهُ، وأُلْغِيَ تناثُرُ الضّوءِ، ودَخَلَ في ظلامٍ دامِسٍ، عرفَ كيفَ أنّ الفضاء الخارجي مُظلمٌ ظلاماً داكناً، ولا يُرى في الفضاءِ إلا كوكبٌ متألّقٌ مِن دون أنْ ينتثِرَ الضّوءُ، قال تعالى:{وَلَوْ فَتَحْنَا عَلَيْهِم بَاباً مِّنَ السماء فَظَلُّواْ فِيهِ يَعْرُجُونَ * لَقَالُواْ إِنَّمَا سُكِّرَتْ أَبْصَارُنَا بَلْ نَحْنُ قَوْمٌ مَّسْحُورُونَ} [الحِجر: 14-15] .