الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
وهو مِن أذكى الحيواناتِ، ومن أشدِّها وفاءً، والشيءُ الآخِذُ بالألباب - كما ذُكِرَ في بعضِ البحوثِ العلميةِ - أنّ ركوبَ الخيلِ يَقِي مِن أمراضِ القلبِ، وأمراضِ الكبدِ، والكليتينِ، وأمراضِ جهازِ الهضمِ، بخلافِ الإدمانِ على ركوبِ السيارةِ فإنَّه يجلبُ أمراضَ القلبِ، وأمراضَ الكليتين، وأمراضَ الكبدِ. وقد وصفَ الشاعرُ الجاهليُّ حصانَه فقال:
فازْورّ من وققْعِ القنا بلَبانِهِ
…
وشكا إليّ بعَبْرةٍ وَتَحَمْحُمِ
لو كان يدْري ما المُحاورةُ اشْتكى
…
وَلَكَانَ لو عَلِمَ الكلامَ مُكَلِّمِي
وهذان البيتان يدلَاّنِ على ذكاءِ الحصانِ ووفائِه لصاحبِه، وصدَق النبي صلى الله عليه وسلم حين قال:"الْخَيْلُ مَعْقُودٌ فِي نَوَاصِيهَا الْخَيْرُ إِلَى يَوْمِ الْقِيَامَةِ".
الزرافة
قال اللهُ تعالى: {صُنْعَ الله الذي أَتْقَنَ كُلَّ شَيْءٍ} [النمل: 88]، وقال سبحانه:{مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمان مِن تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] .
إنّ الزرافةَ هي ذلك الحيوانُ الذي يُعَدُّ من أطولِ الحيواناتِ قامةً، طولُها يزيدُ على ستةِ أمتار، هذا الحيوانُ من أشدِّ المخلوقاتِ تيقظاً وخفةً، زوَّدَها اللهُ بعينينِ جاحظتينِ، تستطيعانِ أنْ تَرَيَا ثلاثمئة وستين درجةً، وهي واقفةٌ رأسُها كالبرج، وعيناها تجوسانِ الأفقَ كلَّه مِن كلِّ الزوايا، وتَزِنُ طناً واحداً، وإذا عَدَتْ تجاوزتْ سرعتُها الستينَ كيلومتراً في الساعةِ.
لها رغامى تُعَدُّ أطولَ رغامى في الكائناتِ التي خَلَقَها اللهُ سبحانه وتعالى، رغَامتُها تزيدُ على مترٍ ونصفٍ، رأسُها ضخمٌ. أريدُ من هذا الموضوعِ شيئاً واحداً، أنّ هذا الرأسَ الضخمَ، وهذه الرقبةَ الطويلةَ التي تزيدُ على مترين إذا أرادتْ أنْ تضعَ رأسَها في الأرضِ لتأكلَ ممّا عليها ينهمرُ الدمُ كلُّه إلى رأسِها، فإذا تدفّقَ الدمُ إلى رأسِها احتقنتْ شرايينُ الدماغِ، فإذا رفعتْ رأسَها فجأةً فلا بد أنْ تصابَ بالدُّوَارِ، والإغماءِ قطعاً، لذلك جَهَّزَها اللهُ بآليةٍ عجيبةٍ حَيَّرتِ العلماءَ، شرايينُ رأسِ هذه الزرافةِ من طبيعةٍ خاصّةٍ، لهذه الشرايينِ عضلاتٌ إذا جاءَها الدمُ تتّسِعُ بفعلِ انبساطِها حتى تستوعبَ جميعَ الدمِ الذي جاء إلى الرأسِ بفعلِ الجاذبيّةِ.
ولكلِّ هذه الشرايينِ صمّامَاتٌ، حينما ترفعُ رأسَها فجأةً تُغْلَقُ الصماماتُ كلُّها، فتبقى هذه الكميةُ من الدمِ في رأسِها، ثم تفتحُ شيئاً فشيئاً، عندَها يعودُ الدمُ تدريجيّاً إلى بقيةِ شرايينِ الجسمِ، وآليةُ هذه الشرايينِ تلفتُ النظرَ، إذا جاءَها الدمُ كثيفاً توسَّعتْ، واستوعبتْ، فإذا رفعتِ الزرافةُ رأسَها فجأةً أغلقتِ الشرايينُ صمّاماتِها محتبسةً الدمَ فيها، كي لا تصابَ بالدُّوارِ والإغماءِ، مَن جَهَّزَها بهذا الجهازِ؟ مَن جَعَلَ لهذه الشرايينِ هذه العضلاتِ؟
مَن زَوَّدَ هذه الشرايينَ بهذه الصماماتِ؟ أليس هو العليمُ الحكيمُ؟ أليس هو العليمُ الخبيرُ؟ أليس هو الخالقُ القادرُ؟ أليس هو الغنيُّ الحميدُ؟
ما مِن مخلوقٍ على وجهِ الأرضِ، وتحتَ الأرضِ، وفوقَ الأرضِ إلا وخَلَقَه اللهُ أبدعَ خَلْقٍ، وصَنَعَهُ أتقنَ صنعةٍ، {مَّا ترى فِي خَلْقِ الرحمان مِن تَفَاوُتٍ} [الملك: 3] .
إنّ قَلْبَ الزرافةِ يدفعُ في الدقيقةِ الواحدةِ خمسةً وخمسين لتراً من الدمِ.
قال الله تعالى: {قُلِ انظروا مَاذَا فِي السماوات والأرض وَمَا تُغْنِي الآيات والنذر عَن قَوْمٍ لَاّ يُؤْمِنُونَ} [يونس: 101] .