الرئيسية
أقسام المكتبة
المؤلفين
القرآن
البحث 📚
هذا كلُّه مصداقُ قولِه تعالى: {سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق} [فصلت: 53] .
{فَإِذَا ?نشَقَّتِ ?لسَّمَآءُ فَكَانَتْ وَرْدَةً كَ?لدِّهَانِ}
يوقِنُ الباحثُ في العلمِ، ويشعرُ المتأمّلُ في الكونِ، حينما يقرأُ آياتِ القرآنِ المتعلّقةَ بخلْقِ الأكوانِ والإنسانِ، يوقنُ ويشعرُ بكلّ خليّةٍ في جسمِه، وبكلّ قطرةٍ في دمِه أنّ هذا القرآنَ كلامُ الله، المنزّلُ على نبيّه محمّدٍ رسولِ الله صلى الله عليه وسلم، وأنّه مستحيلٌ أنْ يأتيَ به بشرٌ، فرادَى أو مجتمعِين، فمِن خلالِ المؤتمراتِ العالميّةِ التي عُقِدَتْ في عواصمَ متعدّدةٍ في أنحاءِ العالَم حوْلَ الإعجازِ العلميِّ في الكتابِ والسنّةِ، يتَّضِحُ أنّ أبحاثاً علميّةً جادّةً ورصينةً، قام بها علماءُ ليسوا مسلمين، ولا تَعْنِيهِمْ آياتُ القرآنِ الكريمِ، استغْرَقَتْ عشرَ سنوات، وكلَّفتْ ملايينَ الدولاراتِ، قد جاءت نتائجُ بحوثِهم مطابِقةً مطابَقةً عفوِيَّة وتامّةً مِن دونِ تَكَلُّفٍ، ولا تَعَنُّتٍ، ومن دون تأويلٍ بعيدٍ عن الآيةِ، أو تعديلٍ مفتعلٍ لحقيقة، جاءت نتائجُ بحوثِهم تلك مطابِقةً لآيةٍ، أو لكلمةٍ في آية، بل لحرفٍ واحدٍ في آية، وهذا مِصْداقُ قولِه تعالى:{سَنُرِيهِمْ آيَاتِنَا فِي الآفاق وفي أَنفُسِهِمْ حتى يَتَبَيَّنَ لَهُمْ أَنَّهُ الحق أَوَلَمْ يَكْفِ بِرَبِّكَ أَنَّهُ على كُلِّ شَيْءٍ شَهِيدٌ} [فصلت: 53] .
ففي الواحد والثلاثين مِن تشرين الأوّل من عامِ (1990) عرضَتْ إحدَى أقوَى وكالاتِ الفضاءِ في العالَمِ مِن خِلالِ مَرصَدٍ عِمْلاقٍ عبرَ موقِعِها المعلوماتي صورةً لا يشكُّ الناظرُ إليها لحظةً أنّها وردةٌ جوريّةٌ، ذاتُ أوراقٍ حمراءَ قانيةٍ، مُحاطةٌ بِوُرَيقاتٍ خضراءَ زاهيةٍ، وفي الوسطِ كأسٌ أزرقُ اللّون، أمّا حقيقةُ هذه الصورةِ فهي صورةٌ لانفجارِ نجمٍ عملاقٍ اسمُه عَينُ القِطّ، يبعدُ عنّا ثلاثةَ آلاف سنةٍ ضوئيّةٍ، وفي هذا الموقعِ المعلوماتيِّ آلافُ الصّوَرِ الملوَّنةِ التي رصدَتها المراصدُ العملاقةُ لِعَجائبِ الفضاءِ، ولكنْ ما علاقةُ هذه الصورةِ بإعجازِ القرآنِ؟.
في القرآنِ الكريمِ آيةٌ مِنْ سورةِ الرحمنِ، وهي قوله تعالى:{فَإِذَا انشقت السمآء فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان} [الرحمن: 37] ، لو تتبَّعْتَ تفسيرَها في معظمِ كُتبِ التفاسيرِ قبلَ نشْرِ الصورةِ لَمَا وجدتَ فيها ما يَشفِي غليلَك، ذلك لأنّ في القرآنِ آياتٍ لمَّا تُفَسَّرْ، كما قال سيدنا عليٌّ رضي الله عنه، وإنّ انشقاقَ هذا النّجمِ يُشبِهُ ورْدةً متألّقَةً، بل إنّ صورةَ هذا النجمِ عندَ انفجارِه هو تفسيرُ هذه الآيةِ، بشكلٍ أو بآخرَ، هذا لونٌ مِن ألوانِ الإعجاز، فالقرآنُ معجزةٌ مستمرةٌ، وقد أَحْجَمَ النبيُّ عليه الصلاة والسلام ولعلَّ هذا اجتهادٌ منه، أو لعله بتوجيهٍ من الله عز وجل عن شرحِ أكثرِ الآياتِ الكونيةِ في القرآنِ الكريمِ، ذلك أنه لو شَرَحَها شرحاً مقتضباً موجَزاً لأَنْكَرَ عليه مَن سيأتي من بَعده، ولو شَرَحَها شرحاً مفصَّلاً لأَنْكَرَ عليه مَن حوله، فتُرِكَتْ لتطوّرِ الحياةِ وتطورِ العِلمِ.
وقد ورد في تفسير ابن كثير: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان} ، أي تذوب كما يذوب الدُّرْدِيّ والفضَّة في السبك.
وتتلوَّن كما تتلوَّن الأصباغُ التي يُدهَن بها، فتارةً حمراء، وصفراء، وزرقاء، وخضراء] .
وفي قولٍ آخر: {وَرْدَةً كالدهان} قال: هو الأديم الأحمر.
وفي قولٍ عن ابن عباس: {فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان} كالفرس الوَرْد.
وقال الحسن البصري: تكون ألواناً.
وقال مجاهد: كالدهان: كألوان الدهان، هذا في تفسير ابن كثير.
وأما في تفسير القرطبي فيقول: "صارت في صفاء الدهن، وقال سعيد بن جبير وقتادة المعنى فكانت حمراء، وقيل: تصير في حُمْرَة الورد وجريان الدهن، وقيل: الدِّهانُ الجِلدُ الأحمر الصرف، أي تصير السماء حمراء كالأديم لشدة حَرِّ النار".
قال تعالى: {فَإِذَا انشقت السمآء فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان} ، من أجلِ أنْ نعلَمَ أنّ هذا القرآنَ كلامُ اللهِ، وأنه معجزةٌ مستمرةٌ إلى نهايةِ الكونِ، فلا أحدَ يخْطُر في بالِه أنّ نجماً ينفجر في السماءِ على شكلِ وردةٍ، تماماً كالوردةِ الجوريةِ، بأوراقِها الحمراءِ، وكأسِها في الوسطِ، وأوراقِها الخضراءِ، {فَإِذَا انشقت السمآء فَكَانَتْ وَرْدَةً كالدهان} .